الأحد 7 كانون الأوّل 2025

الأحد 7 كانون الأوّل 2025

04 كانون الأول 2025

الأحد 7 كانون الأوّل 2025
العدد 49
الأحد 26 بعد العنصرة
اللحن الاول، الإيوثينا الرابعة


أعياد الأسبوع:

7: أمبروسيوس أسقُف ميلان، عمُّون أسقُف نيطريَّا، 8: البارّ بتابيوس المصريّ، 9: حبل القدِّيسة حنَّة جدَّة الإله، تذكار التَّجديدات، حنَّة أم صموئيل النَّبيّ، 10: مينا الرَّخيم الصوت، أرموجانُس وأفغرافُس، 11: البارّ دانيال العاموديّ، لوقا العاموديّ، الشَّهيد برسابا، 12: إسبيريدنُس العجائبيّ أسقُف تريميثوس، 13: الشُّهداء الخمسة إفستراتيوس ورفقته، الشَّهيدة لوكيَّا البتول.
 
السبت القديم والجديد

يوم السبت الحقيقيّ، يوم الراحة الحقيقيّة، نهار الأحد هو يوم قيامة المسيح. هو يوم الاستراحة في المسيح القائم من الموت الظافر على كلّ خطيئة. يستريح الإنسان من كلّ أعماله العاطلة ويفرح في المسيح الظافر على كلّ خطيئة وكلّ أثم. هذا كلّه لأنّ سرّ السبت القديم قد اكتمل عن طريق قيامة المسيح.

نهار الأحد نلتقي ونعيش راحةَ المسيح الحقيقيّة.

في هذا النهار نهتمُّ بالمعنى الروحيّ لحياتنا sens spiritual ، نقرأ الإنجيل، نتأمّل في معانيه، في وصاياه ونغتذي بها نسعى لفهمها وتطبيقها في حياتنا.

كلّ أحد ما هو إلّا استباق للحياة الأبديّةanticipation ، الاستراحة الأبديّة للراقدين، الفرح الحقيقيّ.

 حياتنا كلّها ينبغي أن تكون دخولًا في راحة المسيح.

السبت ما هو إلّا صورة عن حياة المسيحيّ كلّها.
استراحة في المسيح: المسيح هو سلامناnotre Paix ، هو فرحناnotre Paix .
كلّ اضطراب في نفوسنا يأتي من أهوائنا الضارّة:

مشاغل الدنيا كلّها تجعلنا نسعى لشفاء أمراضها عن طريق إرشادات المسيح وحضوره في حياتنا. هو حضور السبت الحقيقيّ والثبات في الراحة الحقيقيّة: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم... تعلّموا منّي لأنّي وديعٌ ومتواضع القلب فتجدوا راحةً لنفوسكم" (متّى 11: 28-29).
السكينة، الهدوء الداخليّ، نهار الأحد ما هو إلّا سكينة السبوت الذي فيه نجد الراحة الحقيقيّة ونمجّد الله لأنّ غاية الخليقة هي تمجيد الله.

فليكن نهار كلّ أحد يومًا مكرّسًا لله إلى جانب الاشتراك في القدّاس الإلهيّ، مطالعة الكتاب المقدّس وسير الآباء القدّيسين مع الصلاة القلبيّة، تمجيد الله في حياتنا.

 +أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

طروباريَّة القيامة باللَّحن الأوَّل

إنَّ الحجرَ لمّا خُتِمَ من اليهود، وجسدَكَ الطَّاهِرَ حُفِظَ من الجُنْد، قُمْتَ في اليومِ الثّالِثِ أَيُّها المُخَلِّص مانِحًا العالمَ الحياة. لذلك، قُوَّاتُ السَّماواتِ هَتَفوا إليكَ يا واهِبَ الحياة: المجدُ لقيامَتِكَ أيُّها المسيح، المجدُ لمُلْكِكَ، المجدُ لتَدْبيرِكَ يا مُحِبَّ البشرِ وحدَك.
 
قنداق تقدمة الميلاد باللحن الثالث

اليومَ العذراء تأتي إلى المغارَة لتَلِدَ الكلمَة الَّذي قَبْلَ الدُّهور ولادَةً لا تُفَسَّر ولا يُنْطَقُ بها. فافرَحي أيَّتُها المسكونةُ إذا سَمِعْتِ، ومَجِّدي مع الملائكةِ والرُّعاة الَّذي سيظهَرُ بمشيئتِهِ طفلًا جديدًا، الإلهَ الَّذي قبل الدّهور.

الرِّسَالة: أف 5: 8-19
لِتَكُنْ يَا رَبُّ رَحْمَتُكَ عَلَيْنَا                                       
ابْتَهِجوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بالرَّبّ


يا إخوةُ اسلُكُوا كأولادٍ للنُّور (فإنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هو في كلِّ صّلاحٍ وبِرٍّ وحَقٍّ)، مُخْتَبِرينَ ما هو مَرْضِيٌّ لدى الرَّبّ، ولا تشتَرِكُوا في أعمالِ الظُّلْمَةِ غيرِ المُثْمِرَةِ بل بالأحرى وَبِّخوا عليها، فإنَّ الأفعالَ الَّتي يفعلونها سِرًّا يقبُحُ ذِكْرُهَا أيضًا، لكنَّ كلَّ ما يُوبَّخُ عليهِ يُعلَنُ بالنّور، فإنَّ كلَّ ما يُعلَنُ هو نورٌ. لذلكَ يقولُ: استَيْقِظْ أيُّهَا النَّائِمُ وقُمْ من بين الأمواتِ فَيُضِيءَ لكَ المسيح. فانظُروا، إذَنْ، أنْ تسلُكوا بحَذَرٍ لا كجُهَلاءَ بل كَحُكماءَ مُفْتَدِينَ الوقتَ فإنَّ الأيَّامَ شِرِّيرَةٌ. فلذلك، لا تكونوا أغبِياءَ بل افهَموا ما هي مشيئَةُ الرَّبِّ. ولا تسكَروا بالخَمْرِ الَّتي فيها الدَّعارَة بل امْتَلِئُوا بالرُّوحِ مُكَلِّمينَ بعضُكُم بعضًا بمزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، مُرَنِّمين ومُرَتِّلينَ في قلوبِكُم للرَّبّ.
 
الإنجيل: لو 13: 10-17 (لوقا 10)

في ذلك الزَّمان، كانَ يسوعُ يُعَلِّمُ في أَحَدِ المجامِعِ يومَ السَّبت، وإذا بإمرأةٍ بها رُوحُ مَرَضٍ منذ ثماني عَشْرَةَ سنةً، وكانَتْ مُنْحَنِيَةً لا تستطيعُ أنْ تنتصبَ البَتَّة. فلمَّا رآها يسوعُ دعاها وقال لها: إنَّكِ مُطْلَقَةٌ من مرضِك. ووضعَ يدَيْهِ عليها، وفي الحال استقامَتْ ومجَّدَتِ الله. فأجابَ رئيسُ المجمعِ وهو مُغْتَاظٌ لإِبْراءِ يسوعَ في السَّبتِ وقالَ للجميع: هي سِتَّةُ أيَّامٍ ينبغي العملُ فيها. ففيها تأتونَ وتَسْتَشْفونَ لا في يوم السَّبتِ. فأجابَ الرَّبُّ وقالَ: يا مُرَائيّ، أَلَيْسَ كلُّ واحدٍ منكم يَحُلُّ ثورَهُ أو حمارَهُ في السَّبتِ مِنَ المِذْوَدِ وينطلِقُ بهِ فَيَسْقِيه؟، وهذه ابنَةُ إبراهيمَ الَّتي رَبَطَها الشَّيْطَانُ منذُ ثمانِي عَشْرَةَ سنةً، أَمَا كانَ ينبغي أَنْ تُطْلَقَ مِن هذا الرِّباط يومَ السَّبت؟!. ولمّا قالَ هذا خَزِيَ كلُّ مَن كان يُقاوِمُهُ، وفَرِحَ الجَمْعُ بجميعِ الأمورِ المَجِيدَةِ الَّتي كانَتْ تَصْدُرُ مِنْهُ.
 
 
في الإنجيل

ونحن في بركة صوم ميلاد ربّنا يسوع المسيح بالجسد نسمع عن هذه الحادثة الإنجيليّة التي ترد في الإصحاح الثالث عشر من بشارة لوقا، والتي تأتي من بعد الكلام على التوبة وضرورة ممارستها وعدم تأجيلها: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون". وأيضًا بعد مثل التينة غير المثمرة التي قرّر صاحبها أن يقطعها فأقنعه المزارع بتركها قائلاً: "يا سيّد اتركها هذه السنة أيضًا، حتّى أنقب التربة من حولها وأضع سمادًا، فلعلّها تنتج ثمرًا، وإلّا فبعد ذلك تقطعها".

يريد الربّ أن يقول إنّ الخطيئة تُضعف الإنسان وتحنيه إلى الأسفل، لذلك أعطانا نموذج المرأة المنحنية الظهر، رمزًا للإنسانيّة الرازحة تحت ثقل نتائج الخطيئة، والمحتاجة إلى من يشفيها ويجعلها تستقيم. كما يريد أن يظهر لنا ذاته كمخلّص لهذه الإنسانيّة المعذَّبة. أعجوبة شفاء هذه المرأة قد تبدو في ظاهرها عاديّة: امرأة منحنية الظهر، لا تستطيع أن تنتصب البتّة، استقامت بكلمةٍ من يسوع. طبعًا لأنّه لا شيء يستحيل عند الربّ يسوع، ولكن ما هو غير عاديّ ويلفت انتباهنا هو المحبّة الكبيرة التي يخصّ بها الربّ يسوع كلّ واحد منّا.

"ابنة ابراهيم" كما دعاها الربّ، دعاها بنفسه هذه المرّة. لم ينتظر أن تأتي بنفسها لتطلب الشفاء، كما هي العادة في كلّ مرّة. "إبراهيم" أبو المؤمنين، هل يقارن بالحيوان؟ حاشا. الفرّيسيّون حلّلوا إطعام الثور والحمار يوم السبت، لكنّهم لم يحلّلوا الشفاء لابنة إبراهيم.

والسبت بحسب الشريعة الموسويّة هو يوم راحةٍ يُحرَّم على اليهود العمل فيه. إنّه يومٌ للعبادة فقط. والشريعة تقول إنّه "في ستّة أيّام فقط ينبغي العمل ففيها تأتون وتستشفون لا في يوم السبت" (تثنية 5: 13) لم يخرق الربّ الشريعة بإبرائه امرأةً يوم الربّ، بل حافظ على السبت يومًا للتعبّد والصلاة. كان يعرف أنّه "سبت عطلة مقدّس للربّ" (خروج 31: 15)، ولكنّ الربّ يسوع أراد تحرير الإنسان من حرفيّة الناموس وإدخاله في ناموس الروح" الحرف يقتل ولكنّ الروح يحيي". (2 كور 3: 6). لم يفهم اليهود، كما رئيس المجمع، عمل السيّد الروحيّ بل أشاروا إلى أنّه كسر الوصيّة بتحريره ابنة إبراهيم والتي هي ابنة الإيمان من رباطها.

في الختام، ونحن نجوز هذا الصوم الميلاديّ المبارك، نستذكر ما يقوله الرسول بولس:"يسوع هو هو أمس واليوم والى الأبد". (عب 13: 8)، الله لا يتغيّر ولا يتبدّل، وقد سُرَّ منذ البدء أن يكون الإنسان في شركة محبّة متبادلة معه. "الله محبّة، ومن ثبت في المحبّة، ثبت في الله، وثبت الله فيه". (1 يو 4: 16). وهذه المحبّة جعلته يتأنّس ويتجسّد، آخذًا صورة عبدٍ، لكي يعيد للإنسان جمالَه الأوّل وصورته الأولى. عمل الرحمة هو فعل محبّة. وبما أنّ الله محبّة كان لا بدّ له من أن يتحنّن ويرحمنا كما رحم هذه المرأة المنحنية، له المجد الى الأبد، آمين.

 
التواضع والاتّكال على الربّ

لا يخفى على المؤمنين أنّ سمة التواضع هي صفة من يمتلك بسريرته ما هو جدير بالعظمة ولا يفاخر به بل يعتبر نفسه ترابًا أو أدنى من الآخرين، فداود الملك بكلّ مكانته كشف عن نفسه قائلًا :"أنا دودة لا إنسان، عار عند البشر ومحتقر عند الشعب" (مز6:22)، ولم يكن يتذلّل بتذكّر أخطائه، وإن كان هذا عملًا مبرورًا إلّا أنَّه تخلّى واستغنى عن كلّ الوسائل التي يقتنيها، ليرتميَ بين أحضان الله كطفلٍ بين ذراعَي أمِّه.

فالتواضع قوّة خفيّة، يسمّيها الآباء القدّيسون "وشاح الألوهة" وذلك لأنّ الكلمة المتجسّد تسربله وكلّمنا عنه من خلال أجسادنا، ودعانا كلّنا إلى أن نماثله وذلك بقوله: "تعلّموا منّي فإنّي وديع ومتواضع القلب" (مت 29:11)، هو ملك الملوك وربّ الأرباب وُلد في مذود البهائم وقبل أن يتألّم ويموت حُبًّا بمن خَلَق. وعلى مثاله يكون الراغبون في أن يكونوا أبناء السماء.

هذه الفضيلة يقتنيها المؤمن عبر الأسرار المقدّسة التي فيها القوّة التي تكمّل كلَّ شيء فيه، وتشمل كلّ عمل من أعمال الفضيلة. والنعمة الإلهيّة هي التي تدرّب المؤمن في الأمور الخفيّة وتكشف له مكائد الأفكار، من اليمين ومن اليسار، إن أراد أن يخلي ذاته ويلقي اتّكاله بالكلّيّة على الرّب، متجرّدًا من كلِّ معونةٍ منظورة وكلّ رجاء بشريّ ويتبع الله بإيمانٍ وقلبٍ نقيٍّ.

يقول القدّيس إسحق السريانيّ: "إذا آمنتَ بالربّ القادر على حفظك وسرت وراءه فلا تهتمّ بل قل لنفسكَ: "إنَّ الذي سَلّمتُه ذاتي يكفيني في كلِّ شيءٍ وأنا لستُ بموجودٍ بل هو الذي يعرف كلّ ما أحتاج إليه"، وأردف عند كلِّ فكرٍ ما علّمنا إيّاه الربّ في الصلاة وتمّمه في وقتِ ضيقه: لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض... ولا تكن مشيئتي بل مشيئتك يا ربّ في كلّ شيء". ومتى شرعت بالصلاة اقترب من الله بفكر الطفل فتشعر حينها بالعناية الإلهيّة الأبويّة التي تظلّلك وتحفظك من كلّ ضرر هذا الجيل وإلى الأبد. آمين


 
التجسّد محبّة الآخر

بدأنا في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني صوم الميلاد، ودخلنا بالتالي في أجواء هذا العيد. وعيد الميلاد هو عيد التجسُّد. وكلمة تجسُّد تتكرّر كثيرًا في تعاليمنا وصلواتنا.

فرادة المسيحيّة في التجسُّد، في أنّ الإله أصبح إنسانًا واتّخذ جسدًا وعاش بيننا. والتجسُّد يعني أنّ الإله لم يعُدْ إلهًا متعالِيًا بعيدًا عن الإنسان، إلهًا ينظر من فوق ويتحكّم بمخلوقاته. إلهنا نحن المسيحيّين إله متجسِّد، إله خالَطَ الناسَ وعايشهم لِكَي يكون مثالًا لنا وطريقًا للقداسة.

ماذا يعني هذا الكلام على الصعيد العمليّ والحياتيّ؟

هذا يعني أنّ إيماننا ليس بالكلام وليس بالشعائر والطقوس. هذا يعني أنّ إيماننا ليس في علاقة عموديّة بين إنسان عَبْد على الأرض وإلهٍ سيّد في السماء.
الله محبّة. هكذا علّمنا يوحنّا الرسول الإنجيليّ. في المحبّة كلُّ تعاليمنا وإيماننا. ولكنْ، على أيّة محبّة نتكلّم؟

الإجابة في يسوع المسيح الذي أحبّ الإنسان وتجسّدَ وشابهنا في كلّ شيء (ما عدا الخطيئة). أنّه بذل نفسه من أجل حياة الإنسان، أنّه علّم وأطعم الجياع وشفى المرضى وأقام الموتى.

إلهنا إله متجسّد يُعاش في الجسد، ويُعاش في علاقتنا مع الآخرين. لذلك يقول الرسول يوحنّا إنّ الذي يقول إنّه يحبّ الله وهو لا يحبّ أخاه الإنسان، فهو كاذب.
كما أنّ الربّ يسوع في إنجيل الدينونة علّمنا أنّ الله سيُحاسبنا على مدى خدمتنا الإنسان، وليس على أيّ شيء آخر.

ماذا تنفعنا الصلاة إذا كنّا متخاصمين مع الناس؟ ماذا ينفعنا الصوم إذا كنّا نسيء إلى الناس؟ ماذا تنفعنا السجدات والتضرّعات المختلفة إذا تخلَّفنا عن خدمة الذين حولنا؟

فعيد الميلاد، عيد التجسّد، يذكّرنا بأن نفحص ذواتنا على ضوء هذه التعاليم: هل أحبّ الناس وأضحّي بما عندي من أجلهم؟ هل أحبّ الناس وأعطيهم من مالي وأحرم نفسي وعائلتي من أجلهم؟ هل أحبّ الناس وأتفقّدهم وأسمع لهم وأساعدهم؟ هل أحبّ الناس وأكون خادمًا لا سيِّدًا، شفوقًا لا ديَّانًا...؟
أنا أؤمن بالمسيح، إذًا أنا أحبّ. والمحبّة لا تُعاش إلاّ مع الآخر، الآخر المختلف عنّي.