الأحد 29 حزيران 2025

الأحد 29 حزيران 2025

26 حزيران 2025

الأحد 29 حزيران 2025
العدد 26
بطرس وبولس هامتا الرُّسل
اللحن الثاني، الإيوثينا الثالثة
 

أعياد الأسبوع:

29: بطرس وبولس هامتا الرُّسل، 30: تذكار جامع للرُّسل الاثني عشر،1: الشَّهيدان قزما وداميانوس الماقتا الفضَّة، 2: وضع ثوب والدة الإله في فلاشرنس، 3: الشَّهيد ساكنش، أناطوليوس رئيس أساقفة القسطنطينيَّة، 4: القدِّيس أندراوس الأورشليميّ رئيس أساقفة كريت، أندره روبلاف، 5: البارّ أثناسيوس الأثوسيّ، لمباذوس العجائبيّ.
 
عيد القدّيسين بطرس وبولس
كنيسة الرسل
في العنصرة نحتفل بنزول الروح القدس، عيد تتميم التدبير الخلاصيّ: موت المسيح وقيامته وبداية حياة الكنيسة ممّا يكوّن عنصرةً دائمة.
الأحد الأوّل بعد العنصرة مخصّص للاحتفال بعيد جميع القدّيسين وفيه يتمّ تجلّي الإنسانيّة.
بعد ذلك يبدأ صوم الرسل ويستمرّ حتى الاحتفال بعيد الرسولين بطرس وبولس، ممّا يجعلنا نركّز على سرّ آخر للكنيسة أعني العملَ الرسوليّ الذي فيه شهادةٌ للقيامة ومهمّةٌ اصطياد البشر.
هذا كلّه يجعلنا نطرح السؤال عن ماهيّة الكنيسة ومهمّتها وضرورتها: لماذا الكنيسة ما هي أهمّيّتها.
بالنسبة إلى حياتنا الروحيّة؟! ألا نستطيع أن نذهب مباشرة الى الله دون وساطة الكنيسة؟!
الجواب يأتي أوّلًا من جواب المسيح لبطرس: "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي" (متّى 16: 18).
هناك شهادة على صلة الله بأعضاء شعبه. "أمّا أنتم فجنسٌ مختار وكهنوت ملوكيّ، أمّة مقدّسة، شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب" (1 بطرس 2: 9).
وأيضًا بولس نفسه في رسالته الى أهل أفسس يعود إلى صورة الصخرة الأساسيّة مؤكّدًا رسالة الكنيسة الرسوليّة: لستم إذًا بعدُ غرباء ونزلًا بل رعيّة مع القدّيسين وأهل بيت الله مبنيّين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أفسس 2: 19-20).
الكنيسة ليست مؤسّسةً اجتماعيّة: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" (يو 15: 5)، إنّها أعضاء جسد المسيح وهو الرأس.
ليست الكنيسة مجرّد مؤسّسة اجتماعيّة. نحن أعضاء جسد المسيح. يوحّدنا روح المسيح، ممّا يجعلنا ننزع عنّا أنانيّتنا égoisme تجمعنا نفسٌ واحدة وقلب واحدٌ.
الكهنة والأساقفة ما هم إلّا أيقونات حيّة للمسيح.
"الذي يسمع منكم يسمع منّي والذي يرذلكم يرذلني ويرذل الذي أرسلني" (لوقا 10: 16).
اقبلوا الروحَ القدس، من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت" (يو 21: 22-23).

 +
أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريّة القيامة باللحن الثاني
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك وعندما أقمتَ الأموات من تحتِ الثرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 
طروباريّة الرسولين بطرس وبولس باللحن الرابع
أيّها المتقدّمان في كراسي الرسل، ومعلِّما المسكونة، تشفَّعا إلى سيّد الكلّ أن يمنح السلامة للمسكونة، ولنفوسنا الرحمة العظمى.
 
القنداق باللحن الثاني
يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشفاعةِ وأسَرعي في الطلبَةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفعةَ دائمًا بمكرِّميك.
 
الرسالة: 2 كو 11: 21-33، 12: 1-9
إلى كلِّ الأرضِ خرج صوُته                    
السماواتُ تُذيعُ مجدَ الله


يا إخوةُ مهما يَجترِئ فيهِ أحدٌ (أقولُ كجاهلٍ) فأنا أيضًا أجترِئُ فيهِ، أعبرانيُّونَ هم فأنا كذلك. (أإسرائيليّون هم فأنا كذلك). أذريَّةُ إبراهيمَ هم فأنا كذلك. أخدَّامُ المسيح هم (أقول كمختلِّ العقل) فأنا أفضل. أنا في الأتعابِ أكثرُ وفي الجلدِ فوقَ القياسِ وفي السجونِ أكثرُ وفي الموتِ مرارًا. نالني من اليهودِ خمسَ مراتٍ أربعون جلدةً إلّا واحدةً. وضُربتُ بالعِصيّ ثلاثَ مرَّاتٍ ورُجمتُ مرّةً. وانكسرتْ بي السفينةُ ثلاثَ مرَّاتٍ. وقضيتُ ليلًا ونهارًا في العُمق. وكنتُ في الأسفارِ مرَّاتٍ كثيرةً وفي أخطارِ السيول وفي أخطارِ اللصوص وفي أخطارٍ من جِنسي وأخطارٍ من الأُممِ وأخطارٍ في المدينة وأخطارٍ في البرّيَّة وأخطارٍ في البحرِ وأخطارٍ بينَ الإخوةِ الكَذَبة، وفي التَّعب والكدِّ والأسهارِ الكثيرة والجوع والعطش والأصوامِ الكثيرة والبردِ والعُري، وما عدا هذه التي هي من خارجٍ ما يتفاقَمُ عليَّ كُلَّ يومٍ من تدبير الأمور ومنَ الاهتمام بجميع الكنائس فمن يضعف ولا أضعف أنا أو من يُشكَّك ولا أحترِق أنا؟! إن كانَ لا بدَّ منَ الافتخار فإنّي أفتخرُ بما يَخُصُّ ضُعفي. وقد علمَ الله أبو ربِّنا يسوعَ المسيح المبارَكُ إلى الأبدِ أنّي لا أكذب. كانَ بدمشقَ الحاكمُ تحتَ إمرةِ الحارثِ يحرُسُ مدينةَ الدمشقيّينَ ليقبِضَ عليَّ، فدُلّيت من كوَّةٍ في زِنبيلٍ منَ السور ونَجوتُ من يديه. إنَّهُ يوافقني أن أفتخِرَ فآتي إلى رؤى الربِّ وإعلاناتِه. إنّي أعرِفُ إنسانًا في المسيح مُنذُ أربعَ عشرَةَ سنةً (أفي الجسدِ لستُ أعلمُ أمْ خارجَ الجسدِ لستُ أعلم. الله يعلم) اختُطِفَ إلى السماءِ الثالثة. وأعرِفُ أنَّ هذا الإنسانَ (أفي الجسَدِ أم خارجَ الجسدِ لستُ أعلم. الله يعلم)، اختُطِفَ إلى الفردَوسِ وسمعَ كلماتٍ سرّيَّةً لا يحلُّ لإنسانٍ أن ينطق بها، فمن جِهِةِ هذا أفتخر. وأمَّا من جهةِ نفسي فلا أفتخرُ إلّا بأوهاني فإنّي لو أردتُ الافتخارَ لم أكُنْ جاهلًا لأنّي أقولُ الحقَّ. لكنّي أتحاشى لئلّا يظنَّ بي أحدٌ فوق ما يَراني عليه أو يسمَعُهُ مِنّي، ولئلّا أستكبِر بفَرطِ الإعلاناتِ أُعطيتُ شوكةً في الجسَدِ ملاكَ الشيطانِ ليَلطمِني لئلّا أستكبر ولهذا طلبتُ إلى الربِّ ثلاث مرّاتٍ أن تُفارقني فقالَ لي تكفيك نِعمتي، لأنَّ قوَّتي في الضُّعفِ تُكمَل. فبكُلِّ سرورٍ أفتخرُ بالحَريّ بأهاوني لتستقِرَّ فيّ قوَّةُ المسيح.
 
الإنجيل: متّى 16: 13-19
في ذلك الزمان، لمَّا جاءَ يسوع إلى نواحي قيصريّةِ فيلبُّسَ سأل تلاميذَهُ قائلًا: مَنْ يقولُ الناسُ إنّي أنا ابنَ البشر؟ فقالوا قومٌ يقولون إنَّك يوحنّا المعمدان وآخرون إنَّك إيليَّا وآخرون إنَّك إرميا أو واحدٌ من الأنبياءِ. فقال لهم يسوع وأنتم مَن تقولون إنّي هو، أجاب سمعانُ بطرسُ قائلًا أنت المسيح ابنُ اللهِ الحيّ، فأجاب يسوع وقال لهُ طوبى لك يا سمعانُ بنُ يونا. فإنَّه ليس لحمٌ ولا دمٌ كشف لك هذا لكِن أبي الذي في السماوات. وأنا أقول لك أنت بطرسُ وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وسأُعطيكَ مفاتيحَ ملكوتِ السماوات. وكلُّ ما حَلَلْتَهُ على الأرض يكونُ محلولاً في السماوات.
 
في الرسالة

الرسل هم أتباع المسيح فهم نور العالم وملح الأرض ويجب على كلّ مسيحيّ أن يشترك في العمل الرسوليّ. كلٌّ من موقِعِه وحسب موهبته وعمله مقتدين ببطرس وبولس وسائر الرسل القدّيسين. من نصّي الرسالة والإنجيل نلاحظ أنه بمقدار ما نحبّ يسوع بمقدار ما علينا أن نهتمّ بالآخرين وبخدمتهم. أي يجب أن نحيا بالصلاة والخدمة. الصلاة تجعل يسوع ساكنًا في قلوبنا وبالخدمة نترجم محبّتنا ليسوع بالأعمال الصالحة.
في الرسالة يعدّد بولس الرسول أتعابه التي بذلها ليكون أمينًا لمحبّة يسوع ومحبّة الناس. نعم دون هذه الأتعاب أو ما يشابهها نكون مقصّرين بالأمانة لرسالتنا كمسيحيّين.

الرسوليّة ليست الكهنوت فقط وتعليم الدين بشكله المؤسّساتيّ، الرسوليّة هي للجميع، لأنّ الجميع قادرون حيثما كانوا ومهما عملوا أن يرعوا ويساعدوا مَن حولهم ويعبّروا عن محبّتهم للربّ.

الأمّ التي تصليّ وترفع قلبها لله من جهة، وتنتبه جيّدًا لأولادها ودراستهم وتربيتهم الروحيّة والعلميّة، هذه تتعب فتخدم أولادها فتحبّ يسوع فعلًا.
العامل والخادم والموظّف وكلّ مهنة هي أداة وطريقة أوّلًا لتزيد حرارة صلاتنا إلى الربّ يسوع وثانيًا لكي نحيا فيها لخدمة من حولنا وليس لخدمة ذواتنا.
سرّ الرسوليّة هو المحبّة. المحبّة التي تصلّي أوّلًا وتنتبه للآخر وترعاه ثانيًا.

 إحياء ذكرى القدّيسين يعني الاقتداء بهم.
نعم نحبّك يا يسوع وسنكون أمينين لك. آمين.
 

بطرس وبولس والعبرة

"بأيّة تسابيح بهيّة نمدح بطرس وبولس المنفصلَين بالأجساد والمتّحدَين بالروح المتقدّمَين على من كرزوا بالله؟ فالواحد بما أنّه زعيم الرسل والآخر بما أنّه تعب أكثر من الآخرين. هذان توّجَهما عن جدارةٍ تامّة بإكليل المجد غيرِ البالي المسيحُ إلهُنا المالكُ الرحمةَ العظمى."
 إيذيوميلا لصلاة الغروب.

في ذكرى عيد هامتَي الرسل بطرس وبولس دَينٌ واجب علينا أن نقدّم لهما اعترافنا بجميلَيْهما على الكنيسة جمعاء، لمساهمتهما الجبّارة في نشر البشارة الخلاصيّة في العالم، وأن نوجّه لهما التكريم اللائق بهما آخذين العبر من هذه الذكرى.

هذه الذكرى ليست كمثيلاتها لباقي الرسل والقدّيسين عمومًا، فالكنيسة، عادةً، تحدّد يومَ استشهادهم أو رقادهم يومَ تعييدٍ لهم. أمّا اليوم فهناك قصّة أخرى لعيد هامتي الرسل. ففي 29 حزيران من العام 258 نقل البابا SIXTUS  الثاني رفاتهما إلى سرداب القدّيس سيباستيان في روما وحدّد هذا اليوم عيدًا جامعًا لهما. وبسرعة انتشر هذا العيد في العالم المسيحيّ.

إن أردنا أن ندرك عمق معاني هذا العيد علينا أن نقرأ ما كتبه الفنّ الأيقونيّ عن هذين الرسولين. بدءًا نلحظ ندرة الأيقونات التي تصوّر كلًّا منهما منفردًا – إذا استثنينا أيقونات مصفّ الرسل التي تزيّن القسم الأوسط من الأيقونسطاس – وندرةَ الكنائس التي تشاد على اسم واحد منهما بل تكون، بعامّة، على اسمهما معًا أو على اسم الرسل جميعهم.

في الأيقونة المخصّصة لهما مجتمعَين نقرأ نموذجَين. الأوّل يتضمّن هامتَي الرسل منتصبَين حاملين مجسّمًا للكنيسة وذلك للدلالة على دورهما المميّز في نشر بشرى الكنيسة الخلاصيّة في العالم أجمع. بطرس يرمز إلى بشارة اليهود وبولس إلى بشارة الأمم الوثنيّة، وفي هذا تعبيرٌ عن وحدة الإيمان ووحدة الكنيسة التي تضمّ شعوبًا متنوّعة الأجناس والثقافات والحضارات.

ما يعنينا هنا هو أن لا نغلّب الانتماء القوميّ أو الوطنيّ على الانتماء الإيمانيّ. كلّ غلبةٍ للأوّل على حساب الثاني تهدّد وحدة الكنيسة ووحدة إيمانها وهذا ما نلحظه اليوم، للأسف، في مجمل الكنائس الأرثوذكسيّة.

أمّا النموذج الثاني فيصوّر لنا الرسولين متعانقين. هذه ظاهرة فريدة في التدوين الأيقونيّ لا نلحظه في مجمل الأيقونات ولا بدّ من الوقوف عندها لأخذ العبرة. الكلّ يُجمع على الخلاف الذي ظهر في حقبة الرسل بين بولس من جهة وبطرس ويعقوب أخي الربّ من جهة أخرى حول شرعيّة تبشير الوثنيّين وحول ضرورة تمسّكهم بالشريعة بعد اعتمادهم، وكاد هذا الخلاف أن يقسّم الكنيسة ويوقف عملها البشاريّ لولا يقظة الرسل وتواضعهم وإصغاؤهم إلى حكمة الروح القدس الذي انسكب عليهم يوم العنصرة.

هذا النموذج الأيقونيّ يجسّد لنا المحبّة والوفاق بين الرسولين رغم اختلاف الآراء بينهما. وهذا ما يجب أن يحكم بين أبناء الكنيسة الواحدة في حال وقوع خلاف وتباين بينهم.
الحوار المتواضع والإصغاء المحبّ هما السبيل الوحيد لتخطّي الخلافات بين من جمعهم الروح القدس الواحد، ولتحويلها إلى تنوّعٍ يُغني كنيستنا دون أن يمسّ جوهر إيمانها.

فلنعتبر من أعيادنا لتكون هذه الأخيرة فرصةً لنا لنقيّم سلوكنا الكنسيّ على ضوء هذه العبر، ولنحذر أن ينطبق علينا قول الربّ على لسان النبيّ عاموس: " لقد أبغضتُ أعيادكم ورذلتُها ولم تَطُبْ لي احتفالاتكم" (عا 5 ، 21 ).