الأحد 20 تشرين الأوّل 2024 

الأحد 20 تشرين الأوّل 2024 

17 تشرين الأول 2024
الأحد 20 تشرين الأوّل 2024 
العدد 42
الأحد (17) بعد العنصرة
اللحن الثامن، الإيوثينا السادسة


أعياد الأسبوع:

20: الشهيد أرتاميوس، جراسيموس الناسك الجديد، 21: البارّ إيلاريون الكبير، القدّيسة مارينا التي من رايثو، 22: أفيركيوس المعادل الرُّسل، الفتية السبعة الذين في أفسس، 23: يعقوب الرسول أخو الرب وأوّل أساقفة أورشليم، 24: الشهيد أريثا (الحارث) ورفقته، الشهيدان مركيانوس ومرتيريوس، تابيثا الرحيمة التي أقامها بطرس، 26: العظيم في الشُّهداء ديمتريوس المفيض الطيب، الزلزلة العظيمة.

الأبوّة الروحيّة

يقول الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: "إن كان لكم ربواتٌ من المرشدين في المسيح لكن ليس آباءٌ كثيرون. لأنّي أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل فأطلب إليكم أن تكونوا متمثّلين بي" (1كور 4: 15-16).

الأب الروحيّ هو بمثابة طبيب يشفي أمراضَ النفس بصبر كثير ومحبّة فائقة.
الأب الروحيّ يقود الآخرين إلى الخلاص. ولدهم بالروح القدس وغذّاهم بالكلمة الإلهيّة.

يشرح القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم موضحًا الفرق بين المعلّم والأب: تعليم الأب الروحيّ لا يأتي منه بل من المسيح: "أنا ولدتكم في المسيح يسوع" ينسب العمل البشاريّ إلى المسيح.

أنا ولدتكم يعني أنا أحببتكم وأعتني بكم من دون انقطاع.
هذا هو الفرق بين المعلّم المرشد، المربّي وبين الأب.
يُفترض على كلّ كاهن أن يكون أبًا روحيًّا فيُصبح أيقونةً للمسيح.
لا يعود مجرّد موظّف يقتصر عمله على تتميم الأسرار الكنسيّة، القدّاس الإلهيّ، المعموديّة...

هو طبيب روحيّ فتصبح الكنيسة مستشفى لجراح المريض وخطاياه Healing
هذا كلّه يجعل الكاهن يتجنّب في خدمته الرتابة Routine.

يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ: على الإنسان أن يطهّر نفسه قبل أن يُطهّر نفوس الآخرين، عليه أوّلاً أن يستنير بالروح القدس وبكلمة الله قبل أن ينيرَ الآخرين ويعلّمهم.
ويقول أيضًا إرشاد الآخر هو فنُّ الفنون وأسمى من كلّ العلوم.

أمّا الرسول بولس فيقول لتلميذه تيموثاوس:"كن قدوة للمؤمنين... أعكف على القراءة والوعظ والتعليم لاحظ نفسك والتعليم" (1 تيمو 4: 12-16).

هناك فرق بين الطبيب النفسيّ والأب الروحيّ. الطبيب النفسيّ يجتهد في إعادة الحالة الطبيعيّة.
أمّا الطبيب الروحيّ فهو يجتهد في مصالحة الخاطئ مع الله يحاول أن يُدخل عامل التوبة لكي يسلك المريض الخاطئ لا سلوكًا طبيعيًّا فحسب بل سلوكًا روحيًّا إلهيًّا حتّى ولو بقي مريضًا جسديًّا.

ممارسة الأبوّة الروحيّة تتطلّب أن تتوفر عند الأب الروحيّ فضيلةُ التمييز diacrisis
الأب الروحيّ يقود إلى السرّ الإلهيّ Mystagegue non legislator
المُسارّ إلى الله ليس مجرّد إنسان قانونيّ، بل هو يقود إلى سرّ النعمة الإلهيّة، المسارّ إلى الله هو قدر الإمكان صائر إلى اللاهوى apatheia
لديه دالّة عند الله Parrisia
يتمتّع بروح الفقر والزهد askisis paverty
يمارس الصلاة القلبيّة، يشتعل بحبّ الخليقة كلّها، قلبه يحترق حبًّا: "المحبّة تطرد الخوف خارجًا".

+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

طروباريّة القيامة باللحن الثامن

إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكِي تُعتقنا مِن الآلام. فيا حياتَنا وقيامَتنا، يا ربّ المجد لك.

القنداق باللحن الثاني

يا شفيعَةَ المسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودِة، لا تُعرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نَحْنُ الصارخينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِري إلى الشَّفاعَةِ، وأسَرعي في الطلْبَةِ يا والدةَ الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.

الرسالة: 2 كو 6: 16- 18، 7: 1
صلُّوا وأوفُوا الربَّ الهَنا
الله معروفٌ في أرضِ يهوذا


يا إخوة، أنتمُ هيكلُ الله الحيّ كما قالَ الله إنّي سأسكُنُ فيهم وأسيرُ بينَهم وأكونُ لهم إلهًا وهم يكونون لي شعبًا. فلذلك اخرُجوا من بينهم واعتزلوا يقولُ الربُّ ولا تَمسُّوا نجسًا فأقبَلكم وأكونُ لكم أبًا وتكونون أنتمُ لي بنين وبَناتٍ يقولُ الربُّ القدير. وإذ لنا هذهِ المواعِدُ أيُّها الأحبَّاء فلنُطِهّر أنفُسنا من كلّ أدناسِ الجسَدِ والروحِ ونكمِلِ القداسة بمخافةِ الله. 

الإنجيل: لو 8: 27-39

في ذلك الزمان، أتى يسوعُ إلى كورَةِ الجِرجِسييّنَ، فاستقبَلهُ رجُلٌ منَ المَدينَةِ بِه شياطينُ مُنذُ زَمانٍ طويلٍ، ولم يكن يلبَسُ ثوبًا ولا يأوِي إلى بَيتٍ بل إلى القبور. فلمّا رأى يسوعَ صاحَ وخرَّ وقالَ بِصوتٍ عظيم ما لي ولكَ يا يسوعُ ابْنَ اللهِ العليّ. أطلُبُ إليكَ ألّا تُعَذّبَني. فَإنَّهُ أمَرَ الروحَ النَجِسَ أن يَخرُجَ منَ الإنسانِ لأنَّهُ كانَ قد اختطفَهُ مُنذُ زَمانٍ طويلٍ، وكانَ يُربَطُ بسلاسِلَ ويُحْبَسُ بِقُيودٍ فيقطعُ الرُّبط ويُساقُ مِنَ الشيطانِ إلى البراريّ فسألَهُ يسوعُ قائلًا ما اسمُك. فقالَ لجيَون لأنَّ شياطينَ كثيرينَ كانوا قد دَخلوا فيهِ وطلبوا إليهِ أن لا يأمُرَهُم بالذهابِ إلى الهاوية. وكانَ هُناكَ قَطيعُ خنازيرَ كثيرةٍ ترعى في الجبلِ فَطَلَبوا إليهِ أن يأذنَ لهم بالدخولِ فيها فأذِن لهم، فخَرَج الشياطينُ من الإنسانِ ودخَلوا في الخنازيرِ فوَثبَ القطيعُ عَن الجُرْفِ إلى البُحَيْرةِ فاختنقَ. فلمَّا رأى الرُّعاةُ ما حَدَثَ هَرَبوا فأخبَروا في المدينةِ وفي الحقول فخرجوا ليَروا ما حَدَث وأتوا إلى يسوعَ فوَجدوا الإنسانَ الذي خَرَجَ مِنهُ الشياطينُ جَالِسًا عندَ قدَمَي يسوعَ لابِسًا صحيحَ العقل فَخافوا. وأخبَرَهُم الناظِرونَ أيضًا كيْف أُبْرِئَ المجنونُ. فسألَهُ جمِيعُ جُمهورِ كُورَةِ الجرجسِيّينَ أن ينصَرِفَ عَنهم لأنَّهُ اعْتَراهم خوفٌ عَظيم. فدَخَلَ السفينةَ ورَجَعَ، فسَألَهُ الرجُلُ الذي خرَجَت مِنه الشياطينُ أن يكونَ مَعَهُ. فَصَرَفهُ يسوعُ قائلًا ارجع إلى بيتِكَ وحَدِّث بما صَنعَ الله إليك. فذهَبَ وهُوَ ينادي في المدينة كُلِّها بما صَنعَ إليهِ يَسوع.

في الإنجيل
 
كورة الجرجسيّين هي منطقة وثنيّة، تقع في شرق بحيرة طبريّة، أهلها لا يعرفون الله، ولا نوره بعد، يعيشون في ظلام دامس في عبوديّة للشياطين، وللمال.

هذا الرجل الذي يعيش في القبور يسكنه جيشٌ من شياطين الكبرياء، الشراهة، عدم العفّة، النجاسة، الكراهية، الحقد، الانعزال، الشراسة...  أصبح تحت العبوديّة الكاملة ولم يعد يستطيع أن يخرج بمفرده من براثن الخطيئة ومن قبضة الشياطين، لا قوّة له للانعتاق من القوّة الشرّيرة... 

من يستطيع إذًا أن ينقذه؟ 

لم يشأ إلهنا الحنون أن تتشوّه إنسانيّة هذا الإنسان بهذا الشكل المخيف وهو الذي خلقه في أجمل طلعة، على صورته ومثاله، ولا أن يظلّ تحت سلطة الشياطين المعادية، التي همّها الأوّل أن تستعبد الإنسان وتجرفه نحو الموت الأزليّ، وهو المدعوّ إلى الحياة الأبديّة.
 
لذلك أراد يسوع، وهو النور الحقيقيّ، أن يأتي بخاصّة إلى هذا الإنسان المستعبد ويحرّره و"يعيد له الحلّة الأولى" مسترجعًا إيّاه من براثن العدوّ. 
"الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور" (متّى 4: 16). 

لماذا سمح يسوع للشياطين بالدخول في قطيع الخنازير؟
لأنّها حيوانات نجسة أوّلًا، "... والخنزير ... فهو نجس لكم، من لحمها لا تأكلوا وجثتها لا تلمسوا، إنّها نجسة لكم" (لاويين11 :1-8)، وكذلك في (تثنية14 :3-8).

ثانيًا لكي يرى الناظرون مدى شراسة الشياطين وأذيّتهم. "... ذاك كان قتّالًا للناس منذ البدء، ولم يثبت في الحقّ لأنّه ليس فيه حقّ..." (يو8 :44)، 
ثالثًا لكي يعرف الجميع أن المسيح أقوى من الشياطين وهو يأمرها بكلمة فترتعد منه. "ثقوا فإنّي قد غلبت العالم"
رابعًا لكي يعرف الجميع أنّ كرامة الإنسان وحياته وخلاصه هي غاية الربّ المتجسّد. "...وأمّا أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل" (يو 10 :10) 

كيف أصبح الإنسان بعد الشفاء؟
بعد خروج الشياطين أصبح الإنسان "لابسًا صحيح العقل وجالسًا عند قدمي يسوع"، لقد أَبرأ يسوع هذا "المجنون". ولحظة شفائه عرف ربّه، خالقه ومخلّصه، فجلس عند قدميه، وهذا يذكّرنا بمريم التي "كانت جالسة عند قدمي يسوع تسمع كلامه" بعد أن "أخرج منها سبعة شياطين". 

لا شكّ في أنّ فرح تلاميذ الربّ كان عظيمًا، كيف لا وهذا الإنسان كان "ميتًا فعاش"، وكان مستعبدًا فتحرّر.  

لكنّ هذا الشفاء لم يعجب رعاة الخنازير ولا سكّان كورة الجرجسيّين، لأنّهم لم يفهموا أنّ همّ الله هو شفاء الإنسان وتحريره وخلاصه. لذلك خافوا وطلبوا إليه الانصراف عنهم. لأنّهم لا يهتمّون بالإنسان بل همّهم رعاية الخنازير وبيعها وإحصاء العائدات الماليّة ومقدار الربح المادّيّ، كما في كلّ زمان وفي كلّ عصر. 

لقد خافوا أن يتحرروا هم أيضًا لأنّهم "أحبّوا الظلمة أكثر من النور"، لذلك يصحّ قول إشعياء النبيّ: "أعمى عيونهم، وأغلظ قلوبهم، لئلّا يبصروا بعيونهم، ويفهموا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم" (يو 12: 40)  

هذا المقطع الإنجيليّ يقول لنا اليوم إنّ الوقت قد حان لطرد الشياطين من داخلنا بقوّة المحبّة، فلنتحرّر يا أحبّاء بالتوبة والاعتراف ونحدّث من هم حولنا بكلّ ما صنعه يسوع إلينا.

القدّيس الرسول والإنجيليّ لوقا
احتفلنا، في الثّامن عشر من هذا الشّهر، بذكرى الرَّسول والإنجيليّ لوقا. 

تدعوه الكنيسة، في الخدمةِ الليتورجيَّة، سماءً ونجمًا سماويًّا. يا له من لقب عظيم! فقد مُنِحَ الرسولُ لوقا الحكمة الإلهيَّة من المسيح، بعدما استنارَ قلبُه الطَّاهر والمقدَّس بالنورِ الإلهيّ. وهو قد كابد، مثله مثل بقيَّة الرسل، كثيرًا في سبيل البشارة. 

نسأل هنا: لماذا كانت لتبشيرِ الرُّسل القدِّيسين قوَّة عظيمة؟ لعلّ ذلك لأنّهم لم يُبشِّروا بكلمتهم الخاصَّة، بل بكلمة الله الَّتي هي أمضى من كلِّ سيف ذي حدين: "نَافِذٌ حَتَّى مَفْرِقِ النَّفْسِ والرُّوحِ والأوصَالِ وَالمِخَاخِ وَمُمَيِّزٌ لأفكَارِ القَلْبِ وَنيَّاتِهِ " (عب 12:4). 

كان للإنجيليِّين، عدا أعظم الفضائل المُشتركة مع جميع الرسل، فضيلةٌ مميَّزة، إذ هُم حازوا شرفَ كتابة الإنجيل الإلهيّ؛ لذلك نكرِّمهم إكرامًا خاصًّا. 
هكذا، كان القدِّيس لوقا يتمِّم عمله بإيمانٍ عميقٍ في الرَّبِّ يسوع المسيح، وبتقديرٍ عظيمٍ له، وبمحبَّةٍ لا حدود لها. امتلكَ فكر يسوع المسيح، وأصبح قلبُه هيكلًا للروح القدس الّذي كان ملهمَه. ومن هذا القدّيس نتعلَّم أمورًا لم يذكرها إنجيليُّون آخرون. 

فهو يكتب، مثلًا، عن بشارة الملاك النبيّ زخريا بميلاد ابنه، سابق الربّ، ويكتب أيضًا عن بشارة أمِّ الله. ومنه وحدهُ نعرف كيف قامت العذراء، بعد أن حملَت في بطنها كلمة الحياة، بالرّحلة البعيدة إلى يهوذا لزيارة قريبتها إليصابات، أمِّ السابق. ومنه نتعلَّم النشيد الذي أنشدته الطاهرة مع إليصابات (انظر لوقا 1 :5-55). 

وفي إنجيله وحده نقرأ الأمثال الكثيرةَ الأهمّيّة الّتي أعطاها المسيح: السامريّ الصالح، الغنيّ ولعازر الفقير، الابن الضالّ، الفريسيّ والعشارّ. هذا هو الإرث المميّز الذي تركه الرسول للعالم أجمع.

كذلك، كانت له فضائل رسوليّة أخرى مُشرقة؛ فقد كان رفيقًا للرّسول العظيم والمشهور بولس، جديرًا به ومخلِصًا له في جميع أسفاره في بلدان آسيا الصغرى، بل وفي أوروبّا أيضًا. كما كان حاضرًا عند تنفيذ حكم الإعدام بمعلّمه في روما. 

وبعد الفراق عنه، بشَّر القدِّيس لوقا بإنجيل المسيح فترةً طويلة في دول مختلفة: في إيطاليا، مقدونيا، اليونان، ومصر حيث كان أسقفًا. اخُتِتَمتْ حياتُه شهيدًا، معلَّقًا على شجرة، في سنّ متقدِّمة، عن خمس وثمانين سنة.

يدعو بولسُ الرسولُ لوقا بطبيبه المحبوب، إذ كان معالجًا ماهرًا جدًّا. كما عُرف عنه أنَّهُ رسّام ماهر. وقد جاء في التقليد أنَّه رسم أيقونة والدة الإله، وهي بعدُ على قيد الحياة، فوافقت عليها قائلةً: "ستبقى نعمتي مع هذه الأيقونة إلى الأبد."

فلنكرّم هذا الرسول، حسبَ الواجب، ولنسأله العونَ فنجوزَ صعابَ هذه الحياة ونسلكَ الطَّريقَ الضيِّقةَ المؤدِّيةَ إلى ملكوت السماوات.

آباء الفيلوكاليا (2)

تكملة الموضوع الذي نُشر في العدد السابق في نشرة الكرمة

نيكيفوروس المتوحّد:
 
عاش في القرن الثالث عشر، من أصل إيطاليّ اهتدى إلى الأرثوذكسيّة وتنسّك في جبل آثوس. كتب عن طرق الصلاة المقدّسة واليقظة. أغنى الخبرة الروحيّة حول الطريقة النفس-جسديّة في الصلاة، كما كانت تُمارس في أوساط النسّاك في جبل آثوس.

ثيوليبتوس الفيلادلفيّ (1250-1322):

ولد في نيقية، كان متزوّجاً لكنّه انفصل عن زوجته لكي يعتنق الحياة الرهبانيّة. صار تلميذًا لنيكيفوروس المتوحّد، وواجها معًا السياسة الوحدويّة للإمبراطور ميخائيل الثامن باليولوغوس، الّذي حاول الحصول على مساندة اللاتين له على حساب الإيمان الأرثوذكسيّ. 
لهذا السبب نُفي الاثنان مع رهبان آخرين آثوسيّين إلى جزيرة في بحر إيجه. بعد موت ميخائيل الثامن سنة 1282، اختير ثيوليبتوس مطرانًا على فيلادلفيا سنة 1284، وكان له تأثير كبير على السياسة الدينيّة للإمبراطوريّة.
"يُظهر المسيح نفسه للنفوس المجاهدة ويسكب عليها فرحًا في القلب لا يوصف. ما من لذّة أرضيّة أو ألم يمكن أن ينزع منه هذا الفرح الروحيّ".

كاليستوس أنغليكوزيس (1325-1395): 

يُعتبر من أهمّ الهدوئيّين في الربع الأخير من القرن الرابع عشر. نسك في منسك قرب مدينة Melenicon في مقدونية شمالي سيريس Serres. 
لقد كان كاليستوس أبًا روحيًّا ولاهوتيًّا، وضع مقالة ضدّ توما الأكوينيّ، فكانت العمل الوحيد لدحض مبادئ الطريقة السكولاستيكيّة بسبب استخدامها المُفرط للعقل في اللاهوت.

عملاه الروحيّان هما اثنان هامّان: 
التعليم الهدوئيّ والتعزية الهدوئيّة. لا يوجد في كتاباته ترداد ويتكلّم من خبرته الشخصيّة. الإنسان يُحقّق دعوته على الأرض حين يشترك في قوى الروح القدس. 

يستند إلى القدّيس غريغوريوس بالاماس في تمييزه بين الجوهر والقوى غير المخلوقة، التي هي اشعاعات الجوهر الإلهيّ. الذهن البشريّ، يتجلّى في هذه القوى، ويُحقّق ملء "طبيعته الفيلوكاليّة"، ويبلغ إلى معاينة الجمال الإلهيّ.

القدّيس غريغوريوس السينائيّ (1255-1346):

يُعتبر المحرّك الأوّل للنهضة الهدوئيّة في القرن الرابع عشر، وأعماله من أهم الكتابات الموجودة في الفيلوكاليا. وُلد في منطقة سميرنا سنة 1255، أصبح راهبًا في قبرص، ثمّ انتقل إلى سيناء، حيث مارس حياة نسكيّة قاسية ومضطرمة بمحبّة الله. انتقل إلى آثوس حيث انضمّ إلى بعض الرهبان الّذين يُمارسون الصلاة الهدوئيّة في منسك ماغولا Magoula، قرب دير الفيلوثيو. وتقدّم في الحياة النسكيّة وأصبح في وقت قصير المُعلّم الأكثر شهرة للصلاة الهدوئيّة في آثوس. ترك آثوس عام 1325 مع بعض التلاميذ بسبب غارات الأتراك وانتقل إلى منطقة جبليّة في باروريا، على الحدود بين تراقيا وبلغاريا، حيث ساعده ملك بلغاريا أرسن على تأسيس مركز رهبانيّ مهمّ.

اجتمع حوله تلاميذ يونان وبلغار وصرب ورومان، من بينهم الراهب ثيودوسيوس، الّذي أسّس بعد رقاد غريغوريوس دير جبل Kelifarevo، قرب مدينته تيرنوفو. 

من هذا الدير شعّت الروحانيّة الهدوئيّة في العالم السلافيّ كلّه. وظهر تأثيره في القرن اللاحق مع ممثّل الهدوئيّة الروسيّة، القدّيس نيلوس سورسكي (1433-1508)، الّذي تشرّب بقوّة عقيدة القدّيس غريغوريوس السينائيّ الهدوئيّة.

إنّ انتشار الهدوئيّة في البلقان، في رومانيا، وفي روسيّا، لم تقتصر على المتوحّدين، ولكن جدّدت أيضًا الحياة الهدوئيّة في الأديار الشركويّة. وهذه الحركة أثّرت أيضًا في حياة العلمانيّين، كما تشهد كتابات القدّيس نيقولاوس كاباسيلاس، "الحياة في المسيح"، والحلقات التي كان يُقيمها القدّيس بالاماس في تسالونيكي لتعليم ممارسة الصلاة الذهنيّة للعلمانيّين.

ممارسة الحياة الهدوئيّة لا تنفصل عن حياة التواضع والطاعة المعاشة وسط الجماعة الرهبانيّة، بقيادة أب روحيّ مُختبر. من دون هذه القواعد لا يجني الهدوئيّ أيّ ثمر. 

في النسخ الأولى للفيلوكاليا اليونانيّة تفسير لصلاة الربّ يسوع، "ربيّ يسوع المسيح ارحمني"، وهو عمل القدّيس مرقس الأفسسيّ. 

هذا التفسير يختصر رسالة الفيلوكاليا كلّها. إنّها الدخول في سرّ تدبير الخلاص. إنّها وعي الإنسان حالته الخاطئة وبؤسه، وفي الوقت ذاته الثقة برحمة الربّ، والدخول في سرّ التقديس والتألّه.

في زمن الفيلوكاليا، كان الإيمان الأرثوذكسيّ الحيّ مهدَّدا بالتحوّل إلى إيمان نظريّ عقلانيّ من قِبل مروّجي حركات النهضة الإنسانويّة، التي كانت حركات وثنيّة مُلحدة بغطاء مسيحيّ. آباء الفيلوكاليا واجهوا هذه الهجمة الإنسانويّة بالعودة إلى التقليد العقائديّ الّذي اعتمدته الكنيسة في دفاعها عن الإيمان، وعلى التقليد الهدوئيّ الروحيّ الّذي ترافق مع هذا الالتزام الإيمانيّ العقائديّ. 

في الأرثوذكسيّة، حفظ العقائد لا يتمّ من دون حياة روحيّة هدوئيّة. الإيمان الأرثوذكسيّ هو هذه المحبّة للجمال الإلهيّ، إنّه فيلوكاليا مقدّسة تعكس جمال الملكوت السماويّ لأولئك المستمرّين في خطّ آباء الكنيسة القدّيسين.