الأحد 13 تشرين الأوّل 2024 

الأحد 13 تشرين الأوّل 2024 

09 تشرين الأول 2024

الأحد 13 تشرين الأوّل 2024 
العدد 41
أحد آباء المجمع المسكونيّ السابع
اللحن السابع، الإيوثينا الخامسة


أعياد الأسبوع:

13: الشُّهداء كرْبُس وبابيلس ورفقتهما، 14: الشُّهداء نازاريوس ورفقته، قزما المُنشئ أسقُف مايوما، 15: الشَّهيد في الكهنة لوكيانوس المعلّم الإنطاكيّ، 16: الشَّهيد لونجينوس قائد المئة ورفقته، 17: النبيّ هوشع، الشَّهيد أندراوس، 18: الرسول لوقا الإنجيليّ، 19: النبيّ يوئيل، الشَّهيد أوَّارس.

كلمةُ الحياة

تخرج الكلمة من الفم عبر الشفاه وتستقرّ في العقل من خلال الأذنين. تَعبُر الفكرة من عقلٍ إلى آخر، وتَصِل دائمًا ناقصة لأنّ الكلمات غالِبًا ما تخونها. 

أن يَضيعَ هدفُ الرسالة بسبب سوءِ التواصل هو من أهمّ أسباب المشاكل العائليّة، والتربويّة، والاجتماعيّة، وحتّى اللاهوتيّة؛ ناهيك عن أسلوب التواصل، وطريقة التعبير، ونبرة الصوت، ولغة جسد المتكلّم، كما وخلفية المــُتَلقّي أو أحكامه المــُسبَقة. 

أن يُخاطب القلبُ القلبَ الآخر هو انتقال من هذا العالم إلى الملكوت. هذا ما عبّر عنه بطرس الرسول بقوله «يا رَبُّ إلى من نَذهَب وكلامُ الحياةِ الأبديَّةِ عِندَك» (يوحنّا 6: 68)، وبه أَدرَكَ أنّ دَرب العقل يبقى ناقِصًا من دون القَلب، عرش الله، حيث الملكوت الداخليّ (لوقا 17: 21). 

تلميذا عمواس فَهِما أنّ الحوار مع الربّ هو صَلاة، صِلَةُ القَلبِ مع السَيِّد القائم من بين الأموات، فقال الواحد للآخَر «ألَم يَكُن قَلبُنَا مُلتَهِبًا فينا إذ كان يُكَلِّمُنَا في الطريقِ وَيُوضِحُ لنا الكُتُب؟» (لوقا 24: 32).

كلّما قلّ الكلام، كلّما زادَت قيمَتُه. الكلمة التي تهدم سهلة، أمّا التي تبني فهي أصعب بكثير، فيها محبّة مع ألَم، محبّة لخير القريب، وألَم لمصلحته وخلاصِه. 

هي كلمة صادقة لأنّها من صميمٍ غالِبٍ للمَوت. هي البَصَر للعُميان لأنّ فيها بَصيرة، هي استقامَة عرج الأهواء لأنّها تعليميّة، فيها الطهارة من بَرَص الخطيئة، وقيامة للنفوس المائتة بيأس الحياة وغياب الرجاء في زمن الضيقات. 

الكلمة الحيّة تُبشّر المساكين لأنّها مقرونة بفعل إيمان يتأجّج عشقًا إلهيًّا.

الحقُّ رآه بيلاطس حين وقف الربّ الكلمة "كنَعجَةٍ صامِتَةٍ أمامَ جازّيها لم يَفتَح فَاه" (أشعياء 53: 7)، سمِعها الشعب على الصَّليب تغفر للذين "لا يَعلَمونَ ماذا يَفعَلون" (لوقا 24: 32)، وفهمها المؤمنون في العنصرة، كُلٌّ بِلُغَته لأنّها دَخَلت قلوبهم.

اللقاء الحقيقيّ مع الله يتحقّق من خلال القريب، أيقونة المسيح وصورته، حين تَجِدُ الكلمةُ طريقَها من القلب إلى القلب، تتجسّد فيه كلمةَ حياةٍ، عُلَّيقةً مُشتعلةً بنعمة الرّوح القدس، الربّ المــُحيي. حينها تتوقّف لغة الكلام.


طروباريّة القيامة باللحن السابع

حطمتَ بصليبكَ الموتَ وفتحتَ للّصّ الفردوس، وحوَّلتَ نوحَ حاملاتِ الطيب، وأمرتَ رسلك أن يكرزوا بأنّكَ قد قمتَ أيّها المسيح الإله مانحًا العالم الرحمةَ العظمى.

طروبارية الآباء باللحن الثامن

أنتَ أيّها المسيحُ إلهُنا الفائقُ التسبيح، يا من أسّستَ آباءَنا القدّيسينَ على الأرضِ كواكبَ لامعة، وبهم هديتَنا جميعًا إلى الإيمانِ الحقيقيّ، يا جزيلَ الرحمةِ المجدُ لك.

القنداق باللحن الثاني

يا شفيعَةَ المسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودِة، لا تُعرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نَحْنُ الصارخينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِري إلى الشَّفاعَةِ، وأسَرعي في الطلْبَةِ يا والدةَ الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.

الرسالة: تيطس 3: 8-15
مبارَكٌ أنتَ يا ربُّ إلهُ آبائنا
لأنّك عدلٌ في كلِّ ما صنعتَ بناك


يا ولدي تيطس، صادقةٌ هي الكلمة، وإيّاها أريد أن تقرِّرَ، حتّى يهتمّ الذين آمنوا بالله في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمال الحسنة والنافعة. أمَّا المُباحثات الهذيانيَّة والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسيَّة فاجتنبها، فإنَّها غير نافعة وباطلة. ورجل البدعة بعد الإنذار مرَّة وأخرى أعْرِض عنه، عالمًا أنَّ مَنْ هو كذلك قد اعتسف وهو في الخطيئة يقضي بنفسه على نفسه. ومتى أرسلتُ إليك أرتماس أو تيخيكوس فبادِر أن تأتيَني إلى نيكوبوليسَ لأنّي عزمتُ أن أُشتِّيَ هناك. أمَّا زيناس معلِّم الناموس وأبلّوس فاجتهد في تشييعهما متأهِّبين لئلّا يعوزهما شيء. وليتعلَّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصالحة للحاجات الضروريَّة حتّى لا يكونوا غير مُثمِرين. يسلِّم عليك جميع الذين معي. سلِّم على الذين يحبّوننا في الإيمان. النعمة معكم أجمعين. آمين.

الإنجيل 8: 5-15 (لوقا 4)

قال الربُّ هذا المثَل. خرج الزارِعُ ليزرعَ زرعَهُ، وفيما هو يزرع سقط بعضٌ على الطريق فوُطِئَ وأكلتهُ طيورُ السماءِ، والبعض سقط على الصخر فلمَّا نبت يَبِسَ لأنَّهُ لم تكنْ له رُطوبة، وبعضٌ سقط بين الشوك فنبت الشوكُ معهُ فخنقهُ، وبعضٌ سقط في الأرضِ الصالحة، فلمَّا نبت أثمر مئَةَ ضعفٍ. فسأله تلاميذهُ: ما عسى أنْ يكونَ هذا المثّل. فقال: لكم قد أُعطيَ أنْ تعرِفوا أسرارَ ملكوت الله. وأمّا الباقون فبأمثالٍ لِكَيْلا ينظروا وهم ناظِرونَ ولا يفهموا وهم سامعون. وهذا هو المثَل: الزرعُ هو كلمةُ الله، والذين على الطريق هم الذين يسمعون، ثمَّ يأتي إبليس وَيَنْزعُ الكلمةَ من قلوبهم لئلّا يؤمنوا فيخلُصوا. والذين على الصخر همُ الذين يسمعون الكلمةَ ويقبلونها بفرحٍ، ولكن ليس لهم أصلٌ، وإنَّما يؤمِنون إلى حين وفي وقت التجربة يرتدُّون والذي سقط في الشوك هم الذين يسمعون ثمَّ يذهبون فيختنِقون بهمومِ هذه الحياةِ وغناها ومَلذَّاتِها، فلا يأتون بثمرٍ. وأمَّا الذي سقط في الأرض الجيّدة فهم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيّدٍ صالحٍ، ويُثمرون بالصبر. ولما قال هذا نادى: مَن لهُ أُذنان للسمع فليسمعْ.

في الإنجيل

 كثيرةٌ هي الأمثال التي تكلّم بها الربّ في الكتاب المقدّس ليُبرِزَ كلامه بشكلٍ بَهيّ وليحفره في أذهان سامعيه بعمقٍ كبير ليوقظنا ويوقظ فينا حُبّ المعرفة والسعي لاكتشاف أسراره. 

تكلّم ليُثير فضولنا ويَشُدّ انتباهنا فنصغي إليه بأذهاننا وليس بآذاننا. الإنسان في أغلب الأحيان يَرى ولكن من دون بصيرة، يسمع ولكن من دون فهمٍ، لهذا كان السّامعون قليلين، فقلب هذا الشعب غليظ وقد ثقّل أُذُنيه وأطمس عينيه لئلّا يُبصر بعينيه ويسمع بأُذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفى.

الزارع، في إنجيل اليوم، هو صديقنا السماويّ المالئ الكُلّ، إنّه الزارع الذي يغرِسُ البِذار، وفي الوقت عينه هو البذار الّذي يُلقى في القلب. 

صديقنا خَرَجَ ليزرع، اقترب منّا بتجسّده ليهبنا إمكانيّة الخلاص ويُمزّق الصكّ المكتوب علينا بسقوط الجدّ الأوّل، فبالسقوط وبسبب كثرة خطايانا خسرنا إمكانيّة الدخول معه إلى خدره السماويّ.

خَرَج الزارع وكان يُلقي البِذار على كُلّ الأرض بطريقة متساوية دون تمييز، الربّ لا يُميّز بين أبنائه، إنّه يُلقي كلامه على الجميع، فالإنسان يُمثّل الأرض التي تستقبل كلام الربّ، وهنا يأتي دور كلّ واحد منّا، بحسب إرادتنا واستعداد قلوبنا لنقتبّل كلمة الله، فنحن من يختار ومن يُحدّد نوعيّة الأرض التي تستقبل البِذرة، وبحسب استعدادنا واختيارنا سوف يأتي الثَمَر.

من المُمكن أن يكون الإنسان الطريق التي تُرمى عليها البذور فتأكلها طيور السماء، وهنا يُجسّد النفس البشريّة الغارقة في الكذب والضلال والشكليّات التي تجعل قلوبنا فارغة خالية من محبّة الله فنكون عرضة للطيور، أي للشرّير الذي يَسهُل عليه سرقة البذور التي استقبلناها فنسقط أمام أوّل تجربة لنا في الحياة. 

كما يُمكن للإنسان أن يكون أرض الصخر التي يتحكّم بها المنطق البشريّ الّذي يَرفُضُ إمكانيّة انبثاق زرع لا أصل له، عندها يرفض هذا الإنسان المنطق الإلهيّ، يرفض حقيقة أنّ الله يستطيع تحويل السيّئ إلى صالح شرط أن يقتبّل النعمة بملء إرادته، عندها فقط يتحرّر ويتجدّد.

بعض البشر يختار أن يكون أرض الشوك، وهي النفس التي تستقبل كلام الله بفرح ولكنّها سرعان ما تغرق في هموم الحياة ناسيةً غاية خلقِها.

وأخيرًا يختار البعض أن يكون الأرض الجيّدة، يختار أن يكون النفس البشريّة الفرِحة بكلمة الله تسمعها وتعيش بملء إرادتها الوصيّة الإلهيّة، فتسلك بمخافته واثقة بحكمه، ترمي أثقالها وأحمالها عليه وهي على يَقين أنّه وحده سندها وعضدها فتأتي بالثمر الجيّد وتستحقّ أن تكون ابنةً لله العَليّ.

المشكلة إذًا، لا تكمن في الزارع أو في البذار إنّما في النفس البشريّة التي لا تطيعه، فتصمّ سمعها عن صوت الله وتصغي فقط إلى همسات الشهوة والأنانيّة وحبّ الانغماس في الأهواء، عندها تختنق النعمة الساكنة فينا ويصبح الإنسان عرضة للسقوط في فخاخ العدوّ المخادِع ويفقدُ إمكانيّة الخلاص ورؤية وجه ربّنا وإلهنا يسوع المسيح له المجد إلى أبد الدهور، آمين.


آباء الفيلوكاليا

كل خبرة الروحانيّة الأرثوذكسيّة التي خطّها آباء الرهبنة الهدوئيّة انسكبت في مجموعة كتابات سُمّيت الفيلوكاليا. 
الفيلوكاليا، ومعنى الكلمة اليونانيّة "محبّة الجمال"، وهنا يتكلّم بالطبع على الجمال الروحيّ، هي مجموعة من النصوص الآبائيّة كُتبت بين القرنين الرابع والرابع عشر، وهي تتكلّم على خبرة الجهاد الروحيّ الداخليّ ضدّ الأهواء ولأجل اقتناء الفضائل. 

فيها التعليم حول الحرب الروحيّة، والأهواء الثمانية، والصراع ضدّ الأفكار وهجمات الشياطين، وتتكلّم أيضًا على درجات المعاينة الإلهيّة المختلفة وعلى الصلاة النقيّة. 
فالحركة الفيلوكاليّة هي حركة اليقظة الهدوئيّة، إنّها صراع الذهن ضدّ أفكار الكبرياء وأنواع التخيّلات كلّها. تكشف عن العمق الروحيّ الّذي ينبغي أن يدخل فيه المجاهدون. النسك وحياة الصلاة هما وسيلتان لاستعادة الحالة الملائكيّة واقتناء محبّة الله.

لا يوجد في الأرثوذكسيّة روحانيّتان، كما لا يوجد عقيدتان.
العقيدة واحدة ومُلزمة للجميع، وهكذا أيضًا الروحانيّة والجهاد الروحيّ هو واحد للجميع، لكنّ جهاد كلّ واحد يكون حسب قدرته وظروفه. 
سنتكلّم على القليل من الآباء الّذين من جهاداتهم المقدّسة تكوّنت جمالات الفيلوكاليا.

القدّيس أنطونيوس الكبير (250-356):

 كان أوّل الهدوئيّين، مارس النسك بقسوة كبيرة. وكان كلّ يوم يبحث عن النموّ الروحيّ بغيرة جديدة. كان يُردّد بتواتر كلمة الرسول: أنسى ما وراء وأمتدّ إلى قدّام" (فيل13:3). 
في الهدوئيّة القاسية في الصحراء الجرداء كانت الأبالسة تحاول أن تُعطّل هدوء أنطونيوس. لكنّه بالصلاة المتواترة والتواضع كان ينمو في الهدوئيّة وسلام النفس. 
اقتنى موهبة تمييز الأرواح، ومعرفة حركاتهم وطرق مقاومتهم. "ليس فقط لم يكن يُخدع منهم، لكن كان يُعزّي بكلامه كلّ أولئك الّذين يتعذّبون من الأفكار التي تُهاجمهم، ويكشف لهم ضعف حبائل أعدائنا الكثيرة".
 
ذياذوخوس أسقف فوتيكيس:

كان رئيس جماعة رهبانيّة في فترة انعقاد المجمع المسكونيّ الرابع سنة 451، قبل أن يُصبح أسقف فوتيكيس في الأبيروس (اليونان). 
يُعالج المراحل المختلفة من الحرب الروحيّة اللامنظورة، وانسحاب النعمة الإلهيّة التدبيريّ، وأهميّة الذكر الدائم لاسم الربّ يسوع المسيح. 
اليقظة الروحيّة ضروريّة لأجل النموّ الروحيّ، ولأجل تذوّق الإنسان نعمة الله بقوّة.

القدّيس مرقس الناسك:

كان ناسكًا في بدايته ثمّ رئيس دير خلال القرن الخامس. ينقل إلى جيله المعاصر له عمق الخبرة الروحيّة التي هي خبرة الآباء القدماء الرهبانيّة. 
"كلّ إنسان مُعمّد بالإيمان الأرثوذكسيّ يتلقّى بطريقة خفيّة ملء النعمة. لكن لا يحصل على ملء اليقين إلا بالعمل بالوصايا. لا شيء أقوى من الصلاة للحصول على القوى الإلهيّة. 
تطبيق الوصايا كلّه موجود في الصلاة. لأنّ لا شيء أرفع من محبّة الله".

الأنبا فيليمون:

لا معلومات لدينا عن حياته غير النصّ الموجود عنه في الفيلوكاليا، ونعلم من بعض الإشارات أنّه عاش بين سنوات 470-550. 
كتاباته هي خلاصة لامعة للروحانيّة الهدوئيّة كلّها، كما كانت تُعاش في الصحراء في القرنين الرابع والخامس. 
يُعتبر الأوّل الّذي أعطى الصيغة الكاملة لصلاة يسوع: "يا ربّي يسوع المسيح، ابن الله، ارحمني".

القدّيس بطرس الدمشقيّ:

لا نعرف الشيء الكثير عن القدّيس بطرس الدمشقيّ. 
هناك أسقف لدمشق بهذا الاسم عاش حوالي سنة 775، جاهد ضدّ الإسلام والمانويّة، وانتهى به الأمر بأن قُطع لسانه بأمر الخليفة ونُفي إلى العربيّة حيث مات هناك. 

القدّيس نيقوديموس الآثوسي 

ينسب إلى هذا الأسقف الأعمال الموجودة في الفيلوكاليا تحت هذا الاسم. لكن الأرجح بأنّها لأحد الرهبان الّذي عاش بين القرنين العاشر والحادي عشر. 
لكن يبقى ما يقوله القدّيس نيقوديموس الآثوسي عن أعمال بطرس الدمشقيّ صحيحًا: "إنّها دائرة ضمن دائرة، إنّها فيلوكاليا داخل فيلوكاليا كبيرة".

نيكيفوروس المتوحّد:

 عاش في القرن الثالث عشر، من أصل إيطاليّ اهتدى إلى الأرثوذكسيّة وتنسّك في جبل آثوس. كتب عن طرق الصلاة المقدّسة واليقظة. 
أغنى الخبرة الروحيّة حول الطريقة النفس-جسديّة في الصلاة، كما كانت تُمارس في أوساط النسّاك في جبل آثوس.

ثيوليبتوس الفيلادلفيّ

 (1250-1322): ولد في نيقية، كان متزوّجًا لكنّه انفصل عن زوجته لكي يعتنق الحياة الرهبانيّة. صار تلميذًا لنيكيفوروس المتوحّد، وواجها معًا السياسة الوحدويّة للإمبراطور ميخائيل الثامن باليولوغوس، الّذي حاول الحصول على مساندة اللاتين له على حساب الإيمان الأرثوذكسيّ. 
لهذا السبب نُفي الاثنان مع رهبان آخرين آثوسيّين إلى جزيرة في بحر إيجه. 
بعد موت ميخائيل الثامن سنة 1282، اختير ثيوليبتوس مطرانًا على فيلادلفيا سنة 1284، وكان له تأثير كبير على السياسة الدينيّة للإمبراطوريّة.
"يُظهر المسيح نفسه للنفوس المجاهدة ويسكب عليها فرحًا في القلب لا يوصف. ما من لذّة أرضيّة أو ألم يمكن أن ينزع منه هذا الفرح الروحيّ".

كاليستوس أنغليكوزيس (1325-1395):

يُعتبر من أهمّ الهدوئيّين في الربع الأخير من القرن الرابع عشر. نسك في منسك قرب مدينة Melenicon في مقدونية شمالي سيريس Serres. 
لقد كان كاليستوس أبًا روحيًّا ولاهوتيًّا، وضع مقالة ضدّ توما الأكوينيّ، فكانت العمل الوحيد لدحض مبادئ الطريقة السكولاستيكيّة بسبب استخدامها المُفرط للعقل في اللاهوت.
عملاه الروحيّان هما اثنان هامّان: 
التعليم الهدوئيّ والتعزية الهدوئيّة. 

لا يوجد في كتاباته ترداد ويتكلّم من خبرته الشخصيّة. 
الإنسان يُحقّق دعوته على الأرض حين يشترك بقوى الروح القدس. يستند إلى القدّيس غريغوريوس بالاماس في تمييزه بين الجوهر والقوى غير المخلوقة، التي هي إشعاعات الجوهر الإلهيّ. 
الذهن البشريّ، يتجلّى بهذه القوى، ويُحقّق ملء "طبيعته الفيلوكاليّة"، ويبلغ إلى معاينة الجمال الإلهيّ.

القدّيس غريغوريوس السينائيّ (1255-1346):

يُعتبر المحرّك الأوّل للنهضة الهدوئيّة في القرن الرابع عشر، وأعماله من أهمّ الكتابات الموجودة في الفيلوكاليا. 
وُلد في منطقة سميرنا سنة 1255، أصبح راهبًا في قبرص، ثمّ انتقل إلى سيناء، حيث مارس حياةً نسكيّة قاسية ومضطرمة بمحبّة الله. 
انتقل إلى آثوس حيث انضمّ إلى بعض الرهبان الّذين يُمارسون الصلاة الهدوئيّة في منسك ماغولا Magoula، قرب دير الفيلوثيو. وتقدّم في الحياة النسكيّة وأصبح في وقت قصير مُعلّم الصلاة الهدوئيّة الأكثر شهرة في آثوس. 
بسبب غارات الأتراك، ترك آثوس عام 1325 مع بعض التلاميذ إلى منطقة جبليّة في باروريا، على الحدود بين تراقيا وبلغاريا، حيث ساعده ملك بلغاريا أرسن على تأسيس مركز رهبانيّ مهمّ.
اجتمع حوله تلاميذ يونان وبلغار وصرب ورومان، من بينهم الراهب ثيودوسيوس، الّذي أسّس بعد رقاد غريغوريوس دير جبل Kelifarevo، قرب مدينته تيرنوفو. 

من هذا الدير شعّت الروحانيّة الهدوئيّة في العالم السلافيّ كلّه. وظهر تأثيره في القرن اللاحق مع ممثّل الهدوئيّة الروسيّة، القدّيس نيلوس سورسكي (1433-1508)، الّذي تشرّب بقوّة عقيدة القدّيس غريغوريوس السينائيّ الهدوئيّة.

إنّ انتشار الهدوئيّة في البلقان، في رومانيا، وفي روسيّا، لم يقتصر على المتوحّدين، لكنّه جدّد أيضًا الحياة الهدوئيّة في الأديار الشركويّة. 

وهذه الحركة أثّرت أيضًا في حياة العلمانيّين، كما تشهد كتابات القدّيس نيقولاوس كاباسيلاس، "الحياة في المسيح"، والحلقات التي كان يُقيمها القدّيس بالاماس في تسالونيكي لتعليم العلمانيّين ممارسة الصلاة الذهنيّة.

ممارسة الحياة الهدوئيّة لا تنفصل عن حياة التواضع والطاعة المعاشة وسط الجماعة الرهبانيّة، بقيادة أب روحيّ مُختبر. من دون هذه القواعد لا يجني الهدوئيّ أيّ ثمر. 

في النسخات الأولى للفيلوكاليا اليونانيّة هناك تفسير لصلاة الربّ يسوع، "ربيّ يسوع المسيح ارحمني"، وهو عمل القدّيس مرقس الأفسسيّ. 
هذا التفسير يختصر رسالة الفيلوكاليا كلّها. إنّها الدخول في سرّ تدبير الخلاص. 
إنّها وعي الإنسان حالته الخاطئة وبؤسه، وفي الوقت ذاته الثقة برحمة الربّ، والدخول في سرّ التقديس والتألّه.
في زمن الفيلوكاليا، كان الإيمان الأرثوذكسيّ الحيّ مهدّدًا بالتحوّل إلى إيمان نظريّ عقلانيّ من قِبل مروّجي حركات النهضة الإنسانويّة، التي كانت حركات وثنيّة مُلحدة بغطاء مسيحيّ.

آباء الفيلوكاليا واجهوا هذه الهجمة الإنسانويّة بالعودة إلى التقليد العقائديّ الّذي اعتمدته الكنيسة في دفاعها عن الإيمان، وعلى التقليد الهدوئيّ الروحيّ الّذي ترافق مع هذا الالتزام الإيمانيّ العقائديّ.

في الأرثوذكسيّة حفظ العقائد لا يمكن أن يوجد من دون حياة روحيّة هدوئيّة.
الإيمان الأرثوذكسيّ هو هذه المحبّة للجمال الإلهيّ، إنّه فيلوكاليا مقدّسة تعكس جمال الملكوت السماويّ. لأولئك المستمرّين في خطّ آباء الكنيسة القدّيسين.

أخبارنا
عيد القدّيس لوقا في رعيّة كفرعقا


ببركة صاحب السيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس)، الجزيل الاحترام وحضوره يسرّ رعية كفرعقا دعوتكم للمشاركة في سهرانيّة القدّيس لوقا الإنجيليّ وذلك مساء الخميس الواقع فيه 17/10/2024 ابتداء من الساعة السادسة في كنيسته العامرة.