الأحد 20 آذار 2022 

الأحد 20 آذار 2022 

16 آذار 2022
الأحد 20 آذار 2022 
العدد 12
الأحد الثّاني من الصوم

اللَّحن السادس   الإيوثينا السادسة
* 20: غريغوريوس (بالاماس)، الآباء الـ 20 المقتولون في دير القدّيس سابا، * 21: الأسقُف يعقوب المعترف، البارّ سِرابيون، * 22: الشَّهيد باسيليوس كاهن كنيسة أنقرة، * 23: الشَّهيد نيكن وتلاميذه الـ 199 المستشهدون معه، * 24: تقدمة عيد البشارة، أرتامُن أسقُف سلفكية، * 25: عيد بشارة والدة الإله الفائقة القداسة، المديح الثالث، * 26: عيد جامع لرئيس الملائكة جبرائيل، استفانوس المعترف. *
    
القدّيس غريغوريوس بالاماس  والحركة الهدوئيّة 

هو أبرز رهبان ولاهوتيّي القرن الرابع عشر XIV Siecle زعيم الحركة الروحيّة المعروفة باسم الهدوئيّة الآثوسيّة Hésychasme.
شهد القرن الرابع عشر بداية سقوط الإمبراطورية البيزنطيّة. في الوقت نفسه، ويا للعجب الإلهيّ، ازدهرت حركةُ القداسة المنطلقة من الجبل المقدّس، جبل آثوس. هذه الحركة مركّزة على ذكر اسم يسوع، بخاصّةٍ في الوسط الرهبانيّ:"أيّها الربّ يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ"! (1).

من هؤلاء القدّيسين القدّيس غريغوريوس بالاماس الذي أصبح مطراناً على مدينة تسالونيك في اليونان، ومنهم أيضًا القدّيس غريغوريوس السينائيّ الذي شارك مع تلاميذه في نشر الشعلة الهدوئيّة مع صلاة يسوع في بلاد بلغاريا، روسيا، رومانيا وصربيا. لكن القدّيس غريغوريوس بالاماس هو الذي، أكثر من غيره أسّس الحركة اللاهوتيّة الهدوئيّة مركّزة أيضًا على تألّه الإنسان المسيحي.

مركّزة على استنارة المؤمن المسيحيّ بالقوى غير المخلوقة   energies non créées الصادرة عن الروح القدس، هذه القوى صادرة عن شخص يسوع المسيح القائم من بين الأموات. هذا حصل قبلاً مع الرسل المستنيرين على جبل ثابور عن طريق وفعل الروح القدس، وملأ وغلّف آنذاك بشريّة المسيح، الشعلة النيّرة Flamme Lumineuse.

نشهد أيضاً في القرن الثامن عشر مثلَ هذه الحركة الهدوئيّة الجديدة، ذلك  حصل  مع القدّيسين بابيسيوس ومكاريوس الكورنثيّ ونيقوديموس الآثوسيّ الذين شاركوا في تأليف موسوعة الفيلوكاليا Philocalie أي "محبّة الجمال" أو "محبّة الصلاح"، التي تشمل كتابات الآباء القدّيسين الكبار عبر العصور.

هذه الشعلة، شعلة صلاة يسوع هي أيضًا من التراث الهدوئيّ المقدّس، وهي التي أوحت وحثّت العديدَ من الشهداء في القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر، شهداء الغزو الأجنبيّ والنظام الشيوعيّ.

(1)    هذه الحركة الهدوئيّة ليست فقط عقيدةً روحيّة خاصة بالرهبان بل هي تيّار ألْهم المجتمع المدنيّ. كثير من الرؤساء السياسييّن تأثروا واستوحوا من هذه الحركة ليقوموا بنهضة اجتماعيّة تخدم الفقراء والمعوزين عن طريق قوانين مناسبة.

+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

طروباريّة القيامة باللّحن السادس

إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقَّر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر، فسَبيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة، فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك. 

طروباريّة القدَّيس غريغوريوس بالاماس باللحن الثامن

يا كوكبَ الرأيِ المستقيم، وسَنَدَ الكنيسةِ ومعلِّمَهَا. يا جمالَ المتوحِّدينَ، ونصيراً لا يُحارَب للمتكلِّمينَ باللاهوت، غريغوريوسَ العجائبيّ، فخرَ تسالونيكية وكاروزَ النِّعمة، إِبْتَهِلْ على الدَّوامِ في خلاصِ نفوسِنا.

القنداق باللحن الثامن

إِنِّي أَنا عبدُكِ يا والدةَ الإله، أَكتُبُ لكِ راياتِ الغَلَبَة يا جُنديّة محامِيَة، وأُقَدِّمُ لكِ الشُّكْرَ كَمُنْقِذَةٍ مِنَ الشّدائِد. لكنْ، بما أَنّ لكِ العِزّةَ الّتي لا تُحارَبِ، أَعتقيني من صُنوفِ الشّدِائِد، حتّى أَصرُخَ إِليكِ: إِفرحي يا عروسًا لا عروسَ لها.

الرِّسَالة
عب 1: 10-14، 2: 1-3 
أنتَ يا رَبُّ تَحْفَظُنَا وتَسْتُرُنا في هذا الجيلِ 
خَلِّصْنِي يا رَبُّ فإِنَّ البارَّ قَد فَنِي


أنتَ يا ربُّ في البَدءِ أسَّستَ الأرضَ والسَّماواتُ هي صُنْعُ يديْكَ. وهي تزولُ وأنتَ تبقى، وكُلُّها تَبْلى كالثَّوب، وتطويها كالرِّداء فتتغيَّر، وأنتَ أنتَ وسِنُوك لنْ تَفْنَى. ولِمَنْ من الملائِكَةِ قالَ قَطُّ اجْلِسْ عن يميني حتَّى أَجْعَلَ أَعداءَكَ مَوْطِئاً لقَدَمَيْكَ. أَليسُوا جميعُهُم أَرواحاً خادِمَة تُرْسَلُ للخِدمةِ من أجلِ الَّذين سَيَرِثُون الخلاص. فلذلك، يجبُ علينا أَنْ نُصْغِيَ إلى ما سمعنَاهُ إِصغاءً أَشَدَّ لِئَلاَّ يَسْرَبُ مِنْ أَذْهَانِنا. فإِنَّه إِنْ كانَتِ الكلمةُ الَّتي نُطِقَ بها على ألسنةِ ملائِكةٍ قَدْ ثَبُتَتْ وكلُّ تَعدٍّ ومعَصِيَةِ نالَ جَزاءً عَدْلاً، فكيفَ نُفْلِتُ نحنُ إِنْ أَهْمَلنَا خلاصاً عظيماً كهذا، قد ابَتَدَأَ النُّطْقُ بِهِ على لسانِ الرَّبِّ، ثمَّ ثبَّتَهُ لنا الَّذين سمعُوهُ؟!.

الإنجيل
مر 2: 1-12


في ذلك الزَّمان، دخلَ يسوعُ كَفَرْناحومَ وسُمِعَ أَنَّهُ في بَيتٍ، فَلِلْوَقْتِ اجتَمَعَ كثيرونَ حتَّى إنَّهُ لم يَعُدْ مَوضِعٌ ولا ما حَولَ البابِ يَسَعُ. وكان يخاطِبُهُم بالكلمة. فَأَتَوا إليْهِ بِمُخلَّعٍ يَحمِلُهُ أَربعَة. وإِذْ لم يقدِروا أن يقترِبوا إليهِ لِسَببِ الجمعِ كَشَفوا السَّقْفَ حيث كان. وَبعدَ ما نَقَبُوهُ دَلَّوا السَّرِيرَ الَّذي كانَ الـمُخَلَّعُ مُضجَعًا عليه. فلمّا رأى يسوعُ إيمانَهم، قالَ للمُخلَّع يا بُنَيَّ، مغفورةٌ لكَ خطاياك. وكانَ قومٌ مِنَ الكتبةِ جالِسِينَ هُناكَ يُفكِّرون في قُلوبِهِم: ما بالُ هذا يتكلَّمُ هكذا بالتَّجْدِيف؟ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغفِرَ الخطايا إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ؟!! فَلِلْوقْتِ عَلِمَ يَسوعُ برِوحِهِ أَنَّهُم يُفَكِّرُونَ هكذا في أَنفُسِهِم، فقالَ لهُم: لِماذا تفَكِّرُون بهذا في قلوبِكُم؟ ما الأَيْسَرُ أَنْ يُقالَ مَغفورةٌ لكَ خطاياكَ أم أن يُقالَ قُمْ واحمِلْ سريرَكَ وامشِ؟ ولكِن لِكَي تَعْلَمُوا أَنَّ ابنَ البشرِ لَهُ سُلطانٌ على الأرضِ أَنْ يَغفِرَ الخطايا (قالَ للمُخَلَّع) لكَ أَقُولُ قُمْ واحمِلْ سَريرَكَ واذهَبْ إلى بَيتِكَ، فقامَ للوَقتِ وحَمَلَ سَريرَهُ، وخرَج أَمامَ الجميع، حتى دَهِشَ كُلُّهُم ومجَّدُوا اللهَ قائلينَ: ما رَأينا قَطُّ مِثلَ هذا. 

في الإنجيل
"قم واحمل سريرك وامشِ".


إلهنا إله الرحمة والخلاص. هو الذي تحنّن على الإنسان الذي خلقه على صورته ومثاله. هو الذي حمل أمراضنا وخطايانا عندما عُلّق على الصليب المقدَّس ليفتدينا من كلّ ألم ومرض وخطيئة وموت بدمه الكريم.

والربّ يسوع يرحم هذا الإنسان المُقعَد، المشلول الذي لا يقوى على الحركة، وإيمانُ مَن حولَهُ قويّ إلى حدّ أنّهم كشفوا السقف، وبعدها نقبوه، دلّوا السرير الذي كان المخلع مضطجعًا عليه. فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمخلّع: "يا بنيّ مغفورة لك خطاياك". وهنا يتوجّه يسوع إلى أعماق الإنسان متخطّيًا مرضَهُ الظاهر، ليُظهِرَ قدرتَهُ على الشفاء الروحيّ.

كان اليهودُ يعتقدون أنّ الأمراض والمصائب هي النتيجة المباشرة للخطيئة الشخصيّة أو الجماعيّة، وأنّ مغفرة الخطايا تعود لله وحده كما ذكر النبي أشعياء قول الله "أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها" (أشعيا 43-45). وكما يردّد الكتبة قائلين "من يقدر أن يغفر الخطايا إلّا الله وحده.

لا يريد الربّ يسوع أن يؤكّد المفهوم اليهودي الخاطئ عن سبب المرض، بل يؤكّد أنّه يقوم بالأعمال بسلطان إلهيّ أو، بكلامٍ أصحّ، بسلطان الله نفسه. لذلك لم يقل الربّ يسوع: أنا أغفر لك خطاياك، بل استعمل صيغة المجهول وقال: "مغفورة لك خطاياك" ليشير إلى أنّ الفاعل هو الله. هذا الأسلوب كان شائعاً في الأدب اللاهوتيّ اليهوديّ كطريقة للإشارة إلى الله دون لفظ اسمه. 

إذًا يسوع يعلن عن أمرٍ لا يتمّمه إلّا الله، ممّا يدلّ على أنّه يتمتّع بسلطان الله نفسه. وبكلمةٍ مِن فَمِ الربّ يسوعَ قام المخلّعُ وحملَ سريرَه وخرج أمام الجميع، حتّى دَهِشَ كلُّهم ومجّدوا الله قائلِين ما رأينا مثلَ هذا قَطُّ. وسبب ذلك يعود إلى أنّ العجيبة هي بمثابة جسر تعبر به إلى الله. 

وعندما تصبح في حضرة الله يطغى عليك التمجيد إذ تعاين ما يفوق الإحساس والإدراك. المؤمن لا يستوقفه الإنسان الذي يقيم الربّ العجيبة مِن خلاله، بل يتخطّاه ليرى حضور الله في الحدث. المؤمن لا يتهافت إلى العجائب، لأنّه على يقين من أنّ إصبع الله لا تَكُفُّ عن جذب البشر إلى الحضرة الإلهيّة.

ونحن في مسيرة الصوم الأربعنيّ المقدّس، نشعر بأنّ كُلًّا مِنّا بحاجة إلى مغفرة الخطايا لتشفى نفوسنا من الأمراض الروحيّة وليس من الأمراض الجسديّة فقط.

وإذا كان لنا الإيمان القويّ بالربّ يسوع المسيح فهو قادر أن يغفر خطايانا ويشفينا كما شفى هذا المخلّع. فهو حتمًا سيقول لنا "مغفورة لكم خطاياكم" فلنأتِ إليه، وَلْنُلْقِ عليه أحمالنا الثقيلة، لأنّه هو الذي قال: "تعالوا إليّ أيّها المُتعَبونّ والثقيلو الأحمال وأنا أريحكم".

فراحتُنا هي بيسوع المسيح. فلنلجأ إليه، وهو القادر أن يغفر خطايانا، له المجد إلى الأبد. آمين.

التألّه والقداسة
للقدّيس غريغويوس بالاماس


نشأ في القسطنطينيّة، ذهب إلى الجبل المقدّس جبل آثوس، ثمّ انتُخِبَ مطرانًا على مدينة تسالونيك. قِيل إنّ تألّهَ الإنسان ليس حاصلاً بالنعمة الإلهيّة بل بالاِجتهاد الفلسفيّ. ادّعى البعضُ أنّ كمال الإنسان حاصلٌ عن طريق العقل والاجتهاد الفكريّ.

أمّا القدّيس غريغوريوس بالاماس فكان يقول: إنّ تألّه الإنسان هو حصيلةُ اشتراكه بالقوى الإلهيّة غير المخلوقة Enérgies non créées ليس هو حدثًا أخلاقيًّا ناتجًا عن الفكر والفلسفة، لكنّه عُصارةُ كلّيّة الإنسان عقلاً ونفسًا وروحًا. بالنعمة الإلهيّة يصبح الإنسان واحداً مع الله، إبناً لله وهيكلاً للروح القدس. 

هذا يتطلّب أوّلاً إرادةَ الإنسان وممارسةً للجهادات النسكيّة المعروفة في كنيستنا. من جهة ثانية لا بدّ أن تتوفّر عنده النعمةُ الإلهيّة. مشاركةُ هذه النعمة للإرادة البشريّة تقود الإنسان إلى التألّه. لا يكفي أن يكون الإنسانُ طيّبًا أخلاقيًّا بنظر المجتمع. لا بدّ أن يمارسَ الصومَ والصلاة والسهرَ حسب ترتيب الكنيسة الأرثوذكسيّة.

يؤكّد القدّيس أنّ الإنسان لا يَخلُصُ بالاتّكال على نفسه فقط وعلى أخلاق إجتماعيّة سليمة. هو يَخلُصُ بداعي جهاده الروحي الذي يُلصقه بنعمة الروح القدس التي تشكّل قوّةً فعليّة.

الإنسان يقدّم أصوامَهُ وأسهارَهُ وسَجداتِه، أمّا النّورُ الإلهيّ فيأتي من نعمة الروح القدس الفاعل في الكنيسة.
الإنسانُ المتألّه ليس بالضرورةِ صانعَ عجائب.

من لحظة توبة الإنسان إلى الله وصلاته "أيّها الربّ يسوع المسيح ارحمني انا الخاطئ"، يبدأ عملُ نعمةِ الروح القدس. يمكن الإنسان أن يذوقَ قساوةً في قلبه.

هذا ما اختبره القدّيس بالاماس في عيشه ظلمةَ وجوده. كان يصلّي "أيها الربّ يسوع المسيح أنر ظلمتي". 

هكذا كان يشعر ويتوق إلى الإستنارة الإلهيّة "أنا هو نورُ العالم" عندما تحصل مثلُ هذه الإستنارة، عندها يتخطّى الإنسانُ كلَّ الوصايا والتعاليم،  يبقى الإحساسُ بالمحبّة واتّحادُ الإنسان الروحيّ بالله ومحبّته. 

أوّلاً يبدأ الإنسانُ بتطبيق الوصايا الإلهيّة وبممارسة صلاة يسوع "أيها الربّ يبسوع المسيح إرحمني أنا الخاطئ"، معها يأتي التواضع بعدها تأتي النعمة، يأتي المسيح. عندها تختفي الوصايا والتعاليم. تبقى المحبّة والوحدة مع الربّ.

القدّيس غريغويوس بالاماس علّمنا أن نبدأ بممارسة حياة الكنيسة النسكيّة: الصلاة الصوم وعمل الرحمة والإحسان، بعدها تأتي النعمةُ الإلهيّة وسط الكنيسة وحياتها.

الرّبُّ يُشرِقُ مِنَ الظّلمَةِ نورًا.!!.

وانطرحَ السُّؤالُ التّالي: "ما هو ضبطُ الفِكرِ".؟!!.    "ضبطُ الفكرِ، هو أَدَقُّ ما يُمكِنُ لأَيِّ إِنسانٍ تَعاطيهِ أَو معالجتُهُ في يومِيّاتِهِ".!!. "ضبطُ الفكرِ كنبضِ القلبِ".!!.

"وأُسائِلُكم: إِذا تَوَقَّفَ نبَضُ القلبِ، هل يتوقَّفُ مُوَلِّدُ الخيالِ تاليًا.؟!... بالطَّبعِ.!!. بل بكلِّ تأكيدٍ".!!.
ويتلو هذا التّسآل الجواب.!!.

كلُّ إِنسانٍ يسمَعُ.!!. منذ طفوليَّتِهِ يسمع؛ وإِذ يبدأُ بتعَلُّمِ الأَحرفِ، يبدأُ بربطِ الجواب، بما يَحياهُ من يومِيّاتِهِ.!!!.
الأُمُّ في المنزلِ تقودُ الشّاحنةَ المملوءَةَ إِجاباتٍ متعدِّدةٍ.!!. والطِّفلُ الواقِفُ معها أَو وراءَها ينظرُ، يتأَمَّلُ ويصغي، ليتعلَّمَ.!!. بل يحاوِلُ أَن يتعلَّمَ بَدْءًا.!!. تُعجبُهُ فكرةٌ ما، فيفرَحُ مُصفِّقًا لها ويردِّدُها مرّاتٍ ومرّاتٍ... هكذا يتَّسِعْ أُفُقهُ بالشّوقِ، فيتمخَّضُ الفِكرُ ويأخذُ الطِّفلُ بالفَهْمِ... والتَّسآلِ... ليَنمو.!!.

ويصمتُ الإِنسانُ.!!. عنده أَسئِلةٌ.!!. ولكن لا جوابَ لديهِ.!!.
أَيّامُنا يا أَحبَّةُ، هذه الأَيام، بل يا إِخوةُ، يتقاذَفُها الضّياعُ والموتُ.!!... ماذا يريدُ "مامونُ"، أَيّ الشِّريرُ، من كلٍّ منّا.؟!. نحن في حَيرة.!.. لا ندري كيف نفكِّر.؟!.

أَن يُبيدَ وَجْهَ المسيحِ عنِ الأَرضِ.!!!. يعني أَن يَقضي على كلِّ إِنسانٍ يسعى، لاستعادةِ بناءِ ما قد تهدَّمَ من معارفَ وأَفكارٍ وعلاقاتٍ وحياةٍ تتدافعُ ليحيا فيها الإِنسانُ.!!.

ثمَّ يَقَعُ الصَّمتُ مُريبًا.!!. ماذا علينا أَن نعملَ الآن.؟!.. يا ربَّنا.؟!.. ننظُرُ حوالينا، فماذا نرى.؟!...
كلُّ الكلِّ بَدَأَ يتحطَّم... يَذوي... وكلُّ الشّعوبِ تحملُ الغضبَ ويكدُّها الخوفُ.!!.
إِلى أَين نَذهبُ يا اللهُ.؟!...

مَن يُنقِذُنا منَ الجحيمِ الّذي رُمينا فيه.؟!. أَيسقطُ كلُّ الّذين لا حوْلَ ولا قوَّةَ لهم، بل كلُّ الّذين يَصرخونَ في صمتِ قلوبِهم وأَفكارِهم.!!!. أَعينونا.!!. بل أَعنّا يا إِلهنا.!!!... ولا... لا تترُكنا إِلى الاِنقضاءِ.!!.

لا تَصرِف وجهكَ عنّا.!!. لقد خَطِئْنا وأَثِمنا ولسنا بأَهْلٍ لأَن نرفعَ أَعينُنا وننظُرَ إِلى علوِّ السّماءِ.!!. نحن تركنا طريقَ عدْلِكَ... وعِشنا في أَهواءِ قلوبِنا وبذخِ حياتِنا... وما زلنا نتسابَقُ كي نربحَ لنغتني... فسامِحنا.!!!.
يا سيِّدُ... نحن.!!. بل كلُّنا نسيناكَ في الطُّرقاتِ وحيدًا، جائِعًا عُريانًا.!!!.

وما زلتَ تمرُّ تحت قصورِ الحكّامِ والأَغنياءِ.!!. والتُّجّارِ وكلِّ الّذين يبيعون لحومَ الأَطفالِ والأَراملِ والأُمَّهاتِ والعجزَةِ.!!..
ويتنامى الصّوتُ.!!. إِذبحوهم كلَّهم.!!!. لماذا نُبقي على كلِّ مَن لا حاجةَ لنا إِليه.؟!!.
 ولكن.؟... ماذا بعدُ.؟!... الرّبُّ يَرعاني.!!. فلا شيءَ يُعوزِني.!!!... يا إِلهي.!!. إِلى أَين نذهبُ.؟!.. كلامُ الحياةِ الأَبديّةِ عندكَ.!!.
لا تخافوا.!!. بل لا نخافَنَّ.!!!.
"الرّبُّ سيُشرِقُ من الظُّلمَةِ نورًا".!!... هكذا وعَدَ إِلهُنا.!!. وقال الإِلهُ لا تخافوا.!!. أَنا قد غلَبتُ العالمَ.!!.
تعالوا إِليَّ يا أَيُّها المتعَبون والثَقيلو الأَحمالِ، وأَنا أُريحُكم.!!.
آمين ربّنا.!!... وننتظِرُكَ إِلى المنتهى.!!.