الأحد 9 أيار 2021 

الأحد 9 أيار 2021 

05 أيار 2021

الأحد 9 أيار 2021
العدد 19
أحد توما
الإيوثينا الأولى


* 9: النبيّ إشعيا، الشّهيد خريستوفورس، * 10: الرّسول سمعان الغيور، البارّ لَفرنديوس، البارّة أولمبيّا، تذكار إنشاء القسطنطينيّة، الشّهيد موكيوس، كيرلّس ومثوديوس المعادلا الرُّسل، * 12: إبيفانيوس أسقف قبرص، جرمانوس رئيس أساقفة القسطنطينّة، * 13: الشّهيدة غليكارية ولاوذيسيوس، * 14: إيسيذورس المستشهد في خِيو، ثارابوندُس أسقف قبرص،
* 15: بخوميوس الكبير ، أخلّيوس العجائبيّ (لاريسا) . ***

رَبّي وإِلهي 

يا توما "هَاتِ يَدَكَ وَضَعهَا في جَنبي"(يوحنا 20: 27). البَشريّة بشخص الرّسول توما تَلمُسُ بِلَمسِ اليَد قيامَة المَسيح. صَرخَةُ توما الرَّسول عند رؤيَتِه المَسيحَ القائِمَ من بين الأموات، أتَت بعد شَكٍّ وإيمانٍ مُرتَبطَين بالعَقلِ والحَواسّ، لهَذا كان سؤال الربّ له: "لأنَّكَ رأيتَنِي آمَنتَ؟" وتَلتهُ التَطويبَة القِيامِيّة: "طُوبَى لِلَّذينَ آمَنُوا ولَم يَرَوا" (يوحنا 20: 29).

"وأمّا الإِيمانُ فهو الثِّقةُ بما يُرجَى والإيقانُ بأمُورٍ لا تُرى"(عبرانيّين 11: 1)، إيمانُنا حيٌّ لأنّ الذي نؤمنُ نحن بهِ حَيٌّ هُوَ (مزمور 42: 2)، وإلهُ أحياء (متّى 22: 32). هو يَنقُلنا إلى حضرةِ اللّه، فنصبحَ خُطباء: نتحاور معه، نسمعه ويسمعنا. هذه الصِّلة، الصَّلاة، لا تصير إلّا بالإيمان. والصَّلاة الصّادقة تَنبع من إيمانٍ حقيقيٍّ بأنّ الكائِنَ قبل الدُّهور، هو نفسه حاضرٌ الآن مَعي، وسيُبقيني معه إلى الأبد.

بالإيمانِ سَمِعَ موسى الرَبَّ وخَرجَ من مصر، شقّ البَحر الأَحمر وعَبَر مع الشَّعب من العبوديّة إلى الحريّة. وبالإيمانِ تَخطّى بُطرس محدوديّة طبيعتِه البشريّة، ومَشى على المِياه إذ كانت عيناهُ شاخِصَتَين نحو ضابط الخليقة بأسرها في قبضته؛

ولكن لمّا شكَّ، شاحَ بنظره عن السيّد، وبدأ يَغرق في البحر الهائج.

الخطيئَةُ تُلهينا عن الربّ وعن العَيش بمشيئته، تُبعِدُنا عن القائِمِ من بَين الأموات وغَلَبَته، تضع حدّاً فاصلاً بيننا وبينه، تُحوّل نظرنا إلى ما هو أرضيّ، فنُشبِع حَواسَّنا بما يُرضيها ونَغرق في مَعاثر الحياة. وأمّا العَقلُ فلَيس مكانًا لله لأنّ الرب يُريد قَلبنا عَرشًا له (أمثال 26: 23).

خلال فترة الصَّوم تَهيّأنا للقاءِ الخَتن، والدخولِ معه إلى أورشليم العُلويّة. فَرحُ اللّقاءِ يُلغي الصَّوم، وهذا ما أكّده السيّد بقوله: "حينَ يُرفَعُ العَريسُ عنهم (أي التلاميذ)، فحينَئِذٍ يَصُومُون" (متّى 9: 15). بالتالي في كلّ مرّة يكون العريس موجودًا نَفرَح ولا نَصوم، ونحن نسعى دائمًا لأن نلتصِق به.

المسيحُ قام، حقًّا قام! والقيامَةُ حَصلَت، الموتُ قد أُميتَ والجحيمُ تَمَرمَرَت، هذا حَصَل وتَمَّ، لا مفرّ منه. يبقى لنا أن نختارَ الشكّ أو الإيمان، ونتأهّل للدخول في هذا الفرح، في هذا العرس البهيّ، ونستكين... عرسُ القائِم من بَين الأموات.

طروبارية الأحد الجديد باللّحن السابع

إذ كان القبرُ مختوماً أشرقتَ منه أيّها الحياة، ولمّا كانتِ الأبوابُ مغلقة، وافيتَ التلاميذَ أيّها المسيحُ الإلهُ قيامةُ الكلّ. وجدّدتَ لنا بهم روحًا مستقيمًا، بحسب عظيم رحمتك.

القنداق باللّحن الثامن 

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلا أنَّك درستَ قوَة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الاله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قلتَ افرحنَ، ولِرسلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.

الرِّسَالة 
أع 5: 12-20
عظيم هو ربُّنا وعظيمةٌ هي قوّتُه 
سبِّحوا الربَّ فإنَّه صالِحٌ 

 
في تلكَ الأيّام جَرَتْ على أيدي الرُّسُل آياتٌ وعَجائبُ كثيرةٌ في الشَّعب. (وكانوا كلُّهُم بِنَفْسٍ واحِدَةِ في رِواقِ سُليمان، ولم يكُنْ أحَدٌ من الآخَرينَ يَجترِئُ أنْ يُخالِطَهُمْ. لكنْ كانَ الشَّعبُ يُعظِّمُهمُ. وكانَ جماعاتٌ مِنْ رجال ونِساء ينضَمُّونَ بِكَثَرَة مُؤمِنينَ بالربِ) حتّى إنَّ الناسَ كانوا يَخرُجونَ بالمرضى إلى الشَّوارِع ويضعونهُم على فرُشٍ وأَسِرَّةِ ليَقَعَ ولَوْ ظِلُّ بطرسَ عنِدَ اجتيازِهِ على بعْضٍ منهم. وكانِ يجْتمِعُ أيضاً إلى أورَشَليمَ جُمهورُ المدُنِ التي حوْلها يَحمِلون مرضىً ومعذَّبينَ مِنْ أرواح نَجِسة، فكانوا يُشفَونَ جَميعُهُم. فقامَ رئيسُ الكهَنةِ وكلُّ الذينَ معهُ وهُمْ مِن شيعَةِ الصدُّوقِيّينَ، وامتلأوا غَيرةً، فألقوا أيدِيَهُم على الرُسُلِ وجَعَلوهُم في الحبسِ العامّ، ففَتَحَ ملاكُ الربِّ أبوابَ السِّجنِ ليلًا وأخرَجَهُم وقالَ: امْضُوا وَقفِوا في الهيكل، وكَلِّموا الشَّعبَ بِجميع كلِماتِ هذه الحياة.

الإنجيل
يو 20: 19-31


لمّا كانت عَشيَّة ذلِكَ اليومِ، وَهُوَ أوَّلُ الأُسبوع والأَبوابُ مُغلَقةٌ حيثُ كانَ التلاميذُ مجتمِعينَ خوفاً مِنَ اليهودِ، جاءَ يسوعُ ووقفَ في الوَسْط وقالَ لَهم: السلامُ لكم. فلمّا قالَ هذا أراهم يَدَيهِ وجَنبَهُ. ففرِحَ التلاميذُ حينَ أبصَروا الربّ. وقال لهم ثانيةً: السلامُ لكم. كما أرسَلني الآبُ كذلكَ أنَا أرسِلُكم. ولما قالَ هذا نَفَخَ فيهم وقالَ لهم خذوا الروحَ القُدُسِ، مَن غفرتُم خطاياهم تُغْفَرْ لهم، ومَن أمسكتم خطاياهم أُمسِكَتْ. أمّا توما أحَدُ الاثنيَ عشرَ الذي يقالُ لهُ التوأَمُ فلم يكنْ معَهم حينَ جاءَ يسوع. فقالَ لهُ التلاميذُ الآخرونَ إنَّنا قد رأينا الربَّ. فقالَ لهُم إنْ لم أُعايِنْ أثرَ المساميرِ في يدَيهِ وأضَعْ إصبَعي في أثرِ المسامير، وأضَعْ يدي في جَنبِهِ لا أُومِن. وبعدَ ثمانيةِ أيّامٍ كانَ تلاميذهُ أيضًا داخِلاً وتوما معَهم، فأتى يسوُعُ والأبوابُ مُغلقَة، ووقفَ في الوَسْطِ وقالَ السلامُ لكم. ثمَّ قالَ لتوما: هاتٍ إصبَعَكَ إلى ههنا وعَاينْ يَدَيَّ. وهاتِ يَدَكَ وضَعها في جَنبي ولا تَكُنْ غيرَ مُؤمنٍ بَل مؤمنًا. أجابَ توما وقالَ لهُ رَبِّي وإلهي. قالَ لهُ يسوعُ لأنَّكَ رأيتَني آمنتَ! طوبىَ للذينَ لَمْ يَرَوا وآمنَوا. وآياتٍ أُخَرَ كثيرةً صَنَعَ يسوعُ أمامَ تلاميذِهِ لم تُكتَبْ في هذا الكتاب، وأمّا هذهِ فقد كُتبَتْ لتُؤمِنوا بأنَّ يسوعَ هو المسيحُ ابنُ الله، ولكي تكونَ لكم إذا آمنتم حياةٌ باسمِهِ.

في الإنجيل 

الأحد الأوّل بعد قيامة ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح من بين الأموات يُسمّى "الأحد الجديد" أو "أحد توما".

وعبارة الأحد الجديد تعني أنّنا بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات قد تجدّدْنا، وأصبحنا نعيشُ حياةً جديدةً بيسوعَ المسيحِ القائمِ من بين الأموات، لأنّه قد نقلنا من الموت إلى الحياة.

والمقطع الإنجيليُّ المخصَّصُ لهذا اليوم يدور حول حدث ظهور الربّ للتلاميذ أوّلًا، ثُمّ لتوما ثانية، لِيُزيلَ الشكَّ من نفسه، ومن نفوس أولئك الذين حاولوا إخفاءَ قيامةِ الربِّ يسوعَ ونُكرانَها، زاعمين بغباوتهم الزائدة أنّهم يستطيعون أن يُخفُوها. 

هؤلاء هم أعداءُ المسيحِ الأَلِدّاءُ الذين دفعوا كمّيّةً وافرةً من النقود إلى الجنود الذين كانوا يحرسون قبره لكي يذيعوا كذباً وبُهتانًا أنّ تلاميذَه قد سرقوه. فلأجل هذا شاءَ ربُّ البرايا بأسرها، وسيّدُها الجزيلُ الحكمة، أن يحقّقَ قيامتَه من الأموات، قد أعطى عليها براهينَ كثيرةً إلهيّةً وبشريّة، وأهمُّها ما يتضمّنُه هذا النصُّ الإنجيليُّ الشريف.

كان التلاميذ مجتمعين "عشيّةَ ذلك اليوم وهو أوّلُ الأُسبوع" أي أحد القيامة مساءً. كانوا عشرةً فقط، لأنّ توما كان غائبًا، ويهوذا قد شنق نفسه. الأبوابُ مُغلقةٌ خوفاً من اليهود، خاف الرسلُ أن يأتي الجندُ ويَعتقلوهم ويُحاكَموا ويُعدَموا كمعلّمِهم. فجأة ظهر يسوعُ نفسُه بينهم وقال لهم "السلام لكم". 

ليس هذا مجرّدَ تحيّة. يسوع القائم من بين الأموات يحمل السلام إلى تلاميذه ومنهم إلى العالم أجمع. وهذا السلام يختلف عن أيّ سلام دنيويّ، وهو السلام الذي نرجوه ونطلبه في كلّ صلاة، وهو "السلام الذي من العلى" هو السلام الذي قال عنه يسوع المسيح في سياق كلامه عن موعد الروح القدس "سلاماً أترك لكم، وسلامي أعطيكم لا كما يعطيه العالم أعطيكم" (يوحنا 14: 27).

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أربع نقاط أساسيّةٍ عندما تتمعّن مليًّا في هذا النصّ وهي:

1- لماذا جاء الربُّ يسوع في أوائل الليل؟
فقد جاء في أوائل الليل، لأنّ الرسل كانوا، خوفًا من اليهود يجتمعون في منزلهم عند المساء. ومِن ثَمَّ فقد جاء السيّدُ إليهم مساءً، لكي يجدَهم جميعًا مجتمعين.

2- لماذا دخل والأبواب مغلقة؟
إنّه دخلَ والأبوابُ مغلقة، لكي عندما يشاهدَ تلاميذُه تلك الأُعجوبة فيؤمنوا بقيامته من الأموات. وليعلّمَنا نحن أنّه إنّما أتى الى أولئك الناس الذين يغلقون أبواب نفوسهم، أي مشاعر أجسادهم لئلّا تدخلها الخطيئة. وقد حدث هذا بقوّة لاهوته.

3- لماذا وقف في الوسط؟
وقد وقف في الوسط ليراه جميعُ الحاضرين بلا مانع ويعاينوا يدَيه وجنبَه. ولكي يبيّنَ أنّه يحبّ الجميع على السواء ويعتني بالجميع، وكذلك يريد خلاص الجميع.

4- لماذا قال سلام لكم؟
وقد قال لهم "سلام لكم" لأنه إنما جاء إلى العالم ليتمم عمل السلام. فقد نقض حائط السياج المتوسّط، وجمع المتفرّقات وصالح الإنسان مع الله، كما صرّح بذلك بولسُ الرسولُ قائلاً: "لأنّه هو سَلامُنا الذي جعل الإثنين واحدًا. ونقض حائطَ السياج المتوسّط" (أفسس 2: 14).

صرخة توما: "ربّي وإلهي" اعترافٌ صريح منه بعدَ شَكِّه، بأنّ الربّ يسوع المسيح نفسه، هو إله وإنسان معًا. وهذا ما يدعونا جميعاً بأن نعترف نحن بيسوع المسيح ربًّا وإلهاً، حتّى نستحقَّ الطوبى "طوبى للذين لم يروا وآمنوا". يجب أن نؤمن بألوهيته، نؤمنَ بأنّه هو اللهُ الربُّ الواحد، ونخضعَ له وحده، وألّا نَعبدَ آلهةً غيره، وأن نَخضع له في القول والعمل، لا بالكلام فقط، حينئذٍ نتذوّق حلاوة القيامة ونحيا حياة جديدة، يتمجّد فيها الله القائم من بين الأموات، وله المجد إلى الأبد. آمين.

ثبات الإيمان 

تشكّلُ القيامة مركز أعياد الكنيسة الأرثوذكسيّة، وفيها نذوق طعم الفرح الحقيقيّ، لأنّ فيها غلب المسيح الموت ودعانا أن نكون معه (حاملين الظفر)، بدونها لا يوجد معنى لأيّ عيد وهي أساس إيماننا بالمسيح كإلهٍ حقيقيٍّ وعليها يستند وجودنا كأبناءٍ لله وأعضاءٍ في جسده الذي هو الكنيسة.

تأخذُ القيامة شكل حدثٍ تاريخيٍّ يُعاشُ في الكنيسة يوميًّا وليس لمرّةٍ واحدة، أثبته المسيح بظهوره عدّة مرّاتٍ وللعديد بعد قيامته من بين الأموات، وبذلك أزال كلَّ شكٍّ بحدوثها. وقد ظهر المسيح للتلاميذ مرّتين، الأوّل بدون توما الرسول والثاني بحضوره، وتمّ الظهور الثاني لكي يؤكّد لتوما ولنا جميعًا أنّ القيامة قد تمّت، فيبدّد الشكّ بهذا الحدث.

يقول القدّيس والبشير يوحنّا الإنجيليّ عن الظهور الثاني للمسيح لتلاميذه وبحضور توما الرسول: "وبعد ثمانية أيّامٍ كان تلاميذه أيضًا داخلاً وتوما معهم فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط وقال: السَّلامُ لكم.  ثمّ قال لتوما: 
هاتِ إصبعك إلى هنا وعاين يديّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمنًا" (يو26:20-27).

أمّا في المقطع الإنجيليّ الذي تلي علينا في هذا اليوم كما يرويه لنا البشير يوحنا: عندما شكّ توما وطلب أن يراه مثل بقيّة الرسل، حضر أمام التلاميذ وتوما معهم وتوجّه نحو توما متحدّثًا وطالبًا منه أن يضع إصبعه في جنبه كي يزول الشكّ، وعندها صرخ مؤمنًا "ربّي وإلهي" وهكذا نجد أنّ تثبيت إيمان توما بقيامة المسيح اقتضى حضوره جسديًّا وحديثه معه ليرى الجنب المطعون.

عند هذه الدرجة من الشكّ والتي قادت توما إلى الإيمان كما يقول القدّيس غريغوريوس النيصصي: لمّا عاين توما المسيح ولمس الجنب وموضع المسامير لم يصرخ "يا معلّم" ولم يؤمن بجسدٍ قائمٍ وإنّما صرخ "ربّي وإلهي". 

فلمّا أدرك توما باليد والعين انطلق إلى الإيمان بالربّ والإله. اعتمد توما على العقل والحواس ومنهما صعد إلى درجة الإيمان بألوهيّة السيّد. لم يلمس توما جنبًا فآمن بجسدٍ حيٍّ وحسب، بل لمس مواضع الجراح وصرخ "إلهي". 

وهذه هي الدرجة العامّة من الإيمان لأغلب المسيحيّين. حيث نريد عمومًا أن نفهم ونقتنع ثمّ "نؤمن" بالمعنى الثاني للكلمة.

لنطرح عنّا الشكّ لأنّه من عمل وتدبير الشيطان، فلا ثمر أو نموّ في حياة الذين يخضعون للشكّ ويرفضون التحرير من عبوديّته، ولأنّ الشيطان يرغب في أن يحرم الإنسان، بالشكّ، من بركاتٍ كثيرة، لذا فمن الحكمة ألا ندع للشكّ مكانًا في داخلنا بل بالحريّ علينا أن نقطع الشكّ باليقين في كلّ مرّةٍ نصطدم فيها بالحيرة وعدم معرفة الحقيقة، والذين درّبوا أنفسهم على مقاومة أفكار الإدانة والتحرّي عن الحقائق بدقّة وتأنّي هم أكثر الناس حفظًا من الوقوع في الشكّ وآثاره المتعبة.

أحبّائي نعيش في هذه الفترة فرح القيامة ونقول مخاطبين بعضنا بعضًا "المسيح قام". إنّ القيامة حدث تاريخيّ كما ذكرنا سابقًا تتجاوز كلّ الأحداث، أكّدها التلاميذ عندما رأوا السيّد وتكلّموا وأكلوا وتمشّوا معه جنبًا لجنب، وكلّ ذلك كان هبةً من السيّد ليثبت إيمان تلاميذه. 

وفي غمرة تعييدنا لعيد القيامة البهيّ والمبهج لنفوس المؤمنين في كلّ أنحاء المعمورة، نضرع إلى الإله الناهض من القبر والذي وهبنا الحياة أن ينعم أيضًا بجزيل تحنّنه ورحمته الواسعة على هؤلاء الذين يشكّون في قيامته، أن ينير عيونهم ويفتح أذهانهم لكي يهلّلوا بإيمانٍ منقطع النظير ويصرخوا معنا "حقًّا لقد قام الربّ".