الأحد 11 تموز 2021

الأحد 11 تموز 2021

07 تموز 2021
الأحد 11 تموز 2021
العدد 28
الأحد الثالث بعد العنصرة
اللحن الثاني - الإيوثينا الثالثة


* 11: آفيميَّة المعظّمة في الشَّهيدات، القدِّيسة الملكة أولغا المعادلة الرُّسل، * 12: الشَّهيدان بروكلس وإيلاريوس، فيرونيكي النَّازفة الدم، باييسيوس الآثوسيّ، * 13: تذكار جامع لجبرائيل رئيس الملائكة، استفانوس السابويّ، الشَّهيدة مريم، البارَّة سارة، * 14: الرَّسول أكيلا، نيقوديموس الآثوسيّ، يوسف (تسالونيك)، * 15: الشَّهيدان كيريكس وامُّه يوليطة، * 16: الشَّهيد في الكهنة أثينوجانس ورفقته، * 17: القدّيسة الشَّهيدة مارينا. *

الإحسان
الركن الثالث للروحانيّة الأرثوذكسيّة


تنظر الكنيسة الأرثوذكسيّة إلى الصلاة والصوم والإحسان كأركان الروحانيّة الأرثوذكسيّة الثلاثة. ممارسة الإحسان تأخذ في هذه الأيّام الصعبة أهميّةً أكثر فأكثر في كلّ العالم. نتمنّى أن تكون ممارسته أكثر فأكثر روحانيّةً مع الحفاظ على اهتمامنا بالصلاة والصوم.

العالم اليوم بحاجة ماسّةٍ إلى عَيش الروحانيّة الأرثوذكسيّة المليئة بالروح القدس. الحضارة عطشى إلى مثل هذه الممارسة في عالمٍ أضحى أكثر فأكثر مادّيّاً ودهريّا secular world .

- النظرة إلى المال بحسب تعاليم الربّ يسوع.

لقد استخدم يسوع مناقشةَ المال بطريقة روحيّة تختلف عن نظرتنا المعتادة له، واعتبر أنّ الإحسان جزءٌ أساسيّ في تدبير الله الخلاصيّ. المال لا يقتصر رعائيّاً على جمع التبرّعات Fund Raising يُنظَرُ إليه في الكتاب المقدّس وفي الكنيسة من الناحية اللاهوتيّة.

 ولا بدّ من إدراج هذه النظرة في تدريب الكهنة وطلاب اللاهوت. لقد اعتبر الربّ يسوع التعليم عن المال من أعمق تعاليمه الروحيّة. عرض في متى 6 الأركان الروحيّة الثلاثة وأكّد بصورة خاصّة على المال والإحسان، أو الصدقة، كما يؤكّد عادة على المحبّة والطاعة والغفران. لقد قال مثلاً: "لا يقدر أحدٌ أن يعبدَ ربّين: الله والمال" (متى 6: 24).

أمّا في شان الإحسان فيقول: "متى صنعتَ صدقةً فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك" (متى 6: 3). وأيضًا: لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض بل في السماء لأنّه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك". (متى 6: 19 و21).

مرّة أخرى نقول: لا يتكلّم يسوع عن المال كما نعتاد أن نفعل عادة فقط من أجل إعانة الفقراء أو دعم ميزانيّة الرعيّة السنويّة.

كان للربّ يسوع نظرة روحيّة حول المال مختلفة جدّاً. على سبيل المثال لم يطلب الربّ من الشاب الغني أن يوزّع أمواله على الفقراء فقط. كان الهدف هو إزالة عقبة ماديّة تمنعه من أن يحظى بالحياة الأبديّة (راجع متى 19: 21).

إنّ موضوع الإحسان لا يشمل فقط العطاء للفقراء. كلمة إحسان أو صدقة في اليونانيّة éléimosini تشير أيضًا إلى أعمال الرحمة، ممّا يعني أنّ الإحسان عطاءٌ رحيم" طوبى للرحماء لأنّهم يُرحمون".

يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم "الأغنياء موجودون من أجل الفقراء، والفقراء موجودون لخلاص الأغنياء ". يقول القدّيس غريغوريوس النيصصيّ في خطابه "حول محبّة الفقراء": "الرحمة ومحبّة الإحسان أعمال يحبّها الله. إنّها تؤلّه أولئك الذين يمارسونها وتطبع فيهم مثالَ الصلاح حتى يُصبحوا صورة الكائن الإلهيّ".
والرسول بولس يقول عن عطاء يسوع: "من أجلكم افتقر وهو غنيٌّ لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2 كور 8: 9).

ويُضيف:"إن أطعمتُ كلَّ أموالي ولكن ليس لي محبّة فلا أنتفع شيئاً" (1كور 13: 3). فيكون العطاء بدافع المحبّة وليس لدوافع أنانيّة.

+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما 


 طروبارية القيامة باللّحن الثاني

عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك. وعندما أقمتَ الأموات من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 
طروباريّة القدّيسة آفيمية باللّحن الثالث 

أنتِ بهجةُ الرأيِ القويمِ، وتذلُّلُ الرأي الوخيمِ، يا جميلةَ العذارى أوفيمية.فقد أثبتِّ صوابَ رأيِ الآباء، آباءِ المجمعِ الرابعِ الحُكماء. فاشفعي بنا للربِّ لكي يرحمنا، أيتها الشهيدة المجيدة العظمى.


القنداق باللّحن الرَّابع 

يا شفيعة المَسيحيّين غَيرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِقِ غيرَ المردودةِ، لا تُعرِضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ نحوَكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعة، وأسرِعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائمًا بمكرِّميك.

الرِّسَالة 
2 كو 6: 1-10
الربُّ يُعطي قوّةً لشعبه
قدِّموا للربِّ يا أبناء الله 


يا إخوةُ، بما أنَّنا معاوِنونَ نَطلبُ إليكم أنْ لا تقبلُوا نِعمة اللهِ في الباطل، لأنَّهُ يقول إنّي في وقت مقبول استجبتُ لكَ وفي يومِ خَلاصٍ أعنْتُك. فهوذا الانَ وقتٌ مقبول. هوذا الآن يومُ خلاص. ولسنا نَأتي بمعثرةٍ في شيءٍ لئلّا يلحَقَ الخدمة عَيبٌ، بل نُظهرُ في كلِّ شيءٍ أنفسَنا كخدَّامِ اللهِ في صبرٍ كثير، في شَدائدَ، في ضروراتٍ، في ضيقاتٍ، في جلداتٍ، في سُجون، في اضطرابات، في أتعاب، في أسهارٍ، في أصوامٍ، في طهارةٍ، في معرفة، في طولِ أناةٍ، في رفقٍ في الروح القُدُس، في محبَّةٍ بلا رياء، في كلمةِ الحقِّ، في قُوّةِ اللهِ، بأسلحَةِ البرِّ عَن اليمين وعَن اليسار. بمجدٍ وهَوانٍ، بسُوءِ صيتٍ وحُسنِه. كأنَّا مُضلُّون ونحنُ صادقون، كأنَّا مجهولون ونحنُ مَعروفون، كأنَّا مائتون وها نحن أحياءٌ. كأنَّا مؤدَّبُون ولا نُقتل، كأنا حِزانٌ ونحنُ دائماً فَرحون، كأنَّا  فقراءُ ونحنُ نُغني كثيرين. كأنَّا لا شيء لنا ونحنُ نملكُ كلَّ شيءٍ.


الإنجيل
متى 6: 22-33 (متى 3) 


قال الربُّ: سراجُ الجسدِ العينُ. فإنْ كانت عينُك بسيطةً فجسدُك كلُّهُ يكونُ نيِّرًا. وإن كانت عينُك شرّيرةً فجسدُك كلُّهُ يكونُ مُظْلماً. وإذا كان النورُ الذي فيك ظلاماً فالظلامُ كم يكون! لا يستطيع أحدٌ أنْ يعبُدَ ربيَّنِ لأنُّهُ إمَّا أنْ يُبغِضَ الواحِدَ ويُحِبَّ الآخَرَ، أو يلازِمَ الواحِدَ ويَرْذُلَ الآخر. لا تقدرون أن تعبُدوا اللهَ والمالَ. فلهذا أقولُ لكم: لا تهتمُّوا لأنفسِكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادِكم بما تلبَسون. أليستِ النفسُ أفضلَ مِنَ الطعامِ والجسَدُ أفضَلَ من اللباس؟ أنظروا إلى طيور السماءِ، فانَّها لا تزرعُ ولا تحصدُ ولا تخزُنُ في الأهْراءِ وأبوكم السماويُّ يَقوتُها. أفلستم أنتم أفضلَ منها؟ ومن منكم، إذا اهتمَّ ، يقدِرُ أنْ يَزيدَ على قامتهِ ذراعاً واحدة؟ ولماذا تهتمّونَ باللباس؟ اعتبِروا زنابقَ الحقلِ كيف تنمو. إنَّها لا تتعبُ ولا تَغْزِل، وأنا أقولُ لكم إنَّ سليمانَ نفسَه، في كلِّ مجدِه، لم يلبَسْ كواحِدَةٍ منها، فاذا كان عشُب الحقلِ الذي يُوجَدُ اليومَ وفي غدٍ يُطرَحُ في التنُّورِ يُلبِسهُ الله هكذا أفلا يُلبِسُكم بالأحرى أنتم يا قليلي الإيمان؟ فلا تهتمّوا قائلينَ: ماذا نأكلُ أو ماذا نشربُ أو ماذا نلبَسُ، فإنَّ هذا كلَّهُ تطلُبهُ الأُمم. لأنَّ أباكم السماويَّ يعلمُ أنَّكم تحتاجون إلى هذا كلِهِ. فاطلبوا أوّلاً ملكوتَ اللهِ وبِرَّهُ، وهذا كلُّهُ يُزادُ لكم.

في الرسالة والإنجيل 

دعتِ الكنيسةُ في الأحد الماضي كلَّ واحدٍ مِنّا، نحن الذين اعتمدنا على اسم الثالوث القدّوس، للعمل في حقل الربّ. فكان ذلك اليوم، أي يوم العماد، يومَ خلاصٍ لكلّ شخص.


واليوم تُذكّرُنا الكنيسةُ أن لا نقبل نعمة الله في الباطل، أي أن لا نطمر تلك الوزنة التي أُعطيت لنا لمّا قَبِلْنا مسحةَ الروح القدس بعد المعموديّة، لئلايبطل عمل الله فينا، وبالتالي نصبح كالأممين الذين إلههم هو بطونهم.


إن أردتَ أن تكون رسولاً للمسيح  يجب أن يكون اعتمادك عليه فقط دون المال. والكلام صريح في النص الإنجيلي "لا تقدرون أن تعبدوا ربين الله والمال؟"
ففي العالم الآن تسيطر شهوة العيون  وتَعظم المعيشة. لذلك سبق الربّ وحذر أبناءه من هذا.
الله هو إلهنا قبل الدهور صنع الخلاص في وسط الأرض ليجمع كل المسكونة اليه. أما المال فهو وسيلة وُجدَت في العالم لنسبّح الله من خلالها لا لتصير همنا الشاغل كما في هذه الأوقات الصعبة التي نعيش فيها متناسين أن إلهنا هو الذي يعطي القوّة لشعبه.
من أخذ هذا القوة أصبح ابناً لله كما يقول مطلع الرسالة "الرب يعطي قوة لشعبه، قدموا للرب يا أبناء الله" 
هذه العطية أي أبوّة الله لنا هي منحة مجانية من الله وليست من قولنا. أصبحت ابناً لله، إذاً تستطيع ان تقدّم للرب. ولكن ماذا تقدّم؟ ذبيحة؟!
الله لا يريد ذبيحة بل رحمة. وبالتالي يجب أن تكون حياتك بكاملها ذبيحة مرضية لدى الرب وعندها تستطيع أن تميز بين النور والظلام.
النور يأتي من الله لأنه نور، يقول الرب في الإنجيل "أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة أي ملكوت الله.
إذن منذ الآن ينمو فيكم ملكوت الله. فلا تدع المال يعيق نموّه، وعِشْ كخدام الله في صبر كثير... كأنك لا شيء وأنت تملك كل شيء.

لا تطفِئوا الروح. (1تس 5: 19) 

نقرأ كلمة "أطفأ- يطفئ" فيتبادر إلى ذهننا صورة نار متّقدة ولهب متصاعد. يتكلّم هنا على الروح، "لا تطفئوا الروح"،فهل الروح نار هو؟
"وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نار واستقرّت على كلّ واحد منهم وامتلأ الجميع من الروح القدس". (أع 2: 3-4). " وأما أنتم فستعمَّدون بالروح القدس. (أع 11: 16).

لقد حصلت معمودية الرسل بالروح القدس في عليّة صهيون، وقد تجلّى الروح آنذاك على شكل ألسنة نارية، وهي واحدة من تجليّات وصوَر حضور الروح القدس المختلفة، فانتزعت الخوف من قلوبهم وملأتها قدرة ومعرفة وشجاعة وإيمانًا، فانطلقوا يواجهون العالم الذي كانوا يخشونه قبلًا ويختبئون منه خوفًا.

 لقد خلقت نار الروح طاقة جبّارة لدى الصيادين، الأُمّيين قبلًا، الضعفاء منهم والأقوياء، المندفعين والجبناء، فجاءت بهم إلى أصقاع المسكونة، وقلبت مجتمعاتٍ وأُممًا وممالكَ وإمبراطوريّات، ومحت معتقدات كانت سائدة لقرون طويلة، ورسّخت إيمانًا بالإله الحقيقيّ، وساهمت في إعادة البشر إلى طريق العودة إليه، بعد غربة طويلة وظلمة حالكة. 

لذلك يقول في أشعياء 9: 2 "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيما"، هذا النور هو أحد تجلّيات الروح، لأنه من خصائص النار إلى جانب بث الدفء والتطهير والتنقية، هناك النور الذي ينشره الروح بحضوره مبدِّدًا الظلمة التي تغلق أذهان البشر وبصائرهم عن معرفة الكلمة الإلهية التي تدعوهم إلى السلوك بحسب مشيئة الآب السماويّ "الذي يريد أنّ جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يقبلون" (1 تي: 2- 4)، لأنّهم مدعوّون بحسب محبته وتدبيره إلى الحياة الأبديّة، "وهذه هي الحياة الأبديّة، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقيّ وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3).

يقول بولس الرسول في (غلا 5: 22)، وأما ثمر الروح فهو، محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف.

إن ثمر الروح الذي يذكره الرسول يزدهر وينمو ويتكاثر بقوّة طاقة يولّدها حضوره (الروح) في الكنيسة وحلوله على المؤمنين، في نفوسهم وأذهانهم، فيصيّرهم آنية مختارة طاهرة لفعله ومواهبه، لذلك إذ ينهى الرسول عن إطفاء الروح، فهو إنما ينبّه إلى نتائج إخماد تلك الشعلة: ظلمة حالكة، غربة قاتلة، هاوية لا قرار لها، عذاب أبديّ.

لذلك علينا الإبقاء على جذوة الروح حيّة مضطرمة فينا لكي ننجو من الموت الروحيّ، وكما يقول القدّيس في الرسالة عينها وفي الإصحاح ذاته الآية 16، فلا تكملوا شهوة الجسد، لأنّ الجسد يشتهي ضدّ الروح. وفي الآية الثامنة من الإصحاح السادس، يؤكّد: لأنّ من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادًا، ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية.

نحن مدعوّون للحفاظ على شعلة الروح حيّة متّقدة فينا بالتصاقنا بالكلمة الإلهية المحيية وبالتحرر قدر الإمكان من قيود الحياة الدنيوية، بمعونة ومؤازرة الثالوث القدوس الذي خلقنا للحياة لا للموت.

لتكن مشيئتك يا رب...