الأحد 29 آب 2021

الأحد 29 آب 2021

25 آب 2021

الأحد 29 آب 2021
العدد 35
قطع رأس يوحنّا المعمدان
اللحن الأول الإيوثينا العاشرة

 

* 29: قطع رأس يوحنّا المعمدان (صوم)، * 30: القدِّيسون ألكسندروس ويوحنّا وبولس الجديد بطاركة القسطنطينيّة، * 31: تذكار وضع زنّار والدة الإله، * 1: ابتداء السّنة الكنسيّة، البارّ سمعان العموديّ، الصدّيق يشوع بن نون، الشّهيد أيثالا، كاليستي ورفيقاتها، * 2: الشّهيد ماما، يوحنّا الصّائم بطريرك القسطنطينيّة،
* 3: الشّهيد في الكهنة أنثيمُس، البّار ثاوُكْتِيستُس، القدّيسة فيفي، نقل عظام القدّيس نكتاريوس، * 4: الشّهيد بابيلا أسقُف أنطاكية وتلاميذه الثّلاثة، النّبيّ موسى. *

القدساتُ سيفٌ ذُو حدَّين وَوَحدةٌ مع الكنيسة الظافرة 

"مَنْ يَأْكُل جَسَدِي وَيَشْرَب دَمِي يَثْبُت فِيّ وَأَنَا فِيهِ." (يوحنا 6: 56).
المناولة المقدّسة، تعني اتّحادَنا بالربِّ يسوعَ نفسِه، مِن خلالِ تَناوُلِنا جسدَه ودمَه المقدَّسَين. 

إنّ هذا الأمر هو القِمّة، حين نَحْوِي القُدُساتِ في داخلِنا ونصبحُ بيتًا حقيقيًّا للقربان المقدّس. 

ذلك كلُّه مشروطٌ بأمرٍ واحدٍ فقط، أن نكون متهيّئينَ ومستعدّينَ لكي نتقدّمَ باستحقاقٍ لا بِتَهاوُن. 

التّهاوُنُ لَهُ عواقِبُ كبيرة، يُحذِّرُنا منه الرّسولُ بولسُ في رسالتِه إلى أهل كورنثوس، واصفًا كلَّ مَن يتقدّمُ إلى القرابين المقدّسة بدون استحقاق، بأنّه "مُجْرِمٌ إلَى جَسَدِ الربِّ وَدَمِهِ" ويتابع "إِنّ مَنْ يَأكُلُ وَيَشْرَبُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، إنّمَا يَأكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ... لِذَلِكَ كَثُرَ  فِيكُمُ المَرْضَى والسُّقَام وكَثِيرُونَ رَقَدُوا." (1 كور11: 27-30).

لذلك، وحِرصًا على سلامةِ نُفوسِكم وأجسادِكم، لا تتقدّموا إلى المناولةِ المقدّسةِ لِمُجرّدِ كَونِكُم أرثوذُكسيّينَ على الهُوِيّة!

لا تتقدّموا لمجرّدِ أنّ الأجدادَ، الأهلَ، الزَّوجَ أو الأقاربَ هم أُرثوذُكسيّونَ حقيقيّونَ لا غِشَّ فيهم! لأنّ المطلوب منكم أنتم شخصيًّا أنْ تكونوا كذلك!
لا تتقدّموا إلى المناولةِ المقدّسةِ لِمُجرّدِ انسجامِكُم 
معَ القدّاس، أو لأنَّ التّراتيلَ والخدمةَ الإلهيّةَ أعجبَتْكُم!

مِن هُنا يأتي حِرصُ الآباءِ الأَجِلّاءِ على عَدَمِ مُناوَلَةِ غيرِ المؤمنين، وغيرِ المستعدّينَ مِنَ المؤمنين، وذلك محبّةً ورأفةً بهم لكيلا تتأذّى نفوسُهم وأجسادُهم.

إنّ المناولةَ الإلهيّةَ هي اتِّحادُ أعضاءِ جسدِ المسيحِ بعضِهم بِبَعض.

 أيضًا، هي ليسَت اتّحادَ المتناولينَ الجسدَ بعضُهم بِبَعضٍ فقط، وإنّما أيضا اتِّحادَهم معَ جماعةِ الكنيسةِ السّماويّةِ الظّافرة، أي الرّاقدينَ الذين نذكرُهم حتّى بعدَ الاِنتهاءِ مِنَ المناولة، عند وضع الأجزاءِ في الكأس. فيقول الكاهن: "اغْسِلْ يَا رَبُّ بِدَمِكَ الكَرِيمِ، خَطَايَا عَبِيدِكَ المَذكُورِينَ ها هُنا". 

وقِسمٌ مِن هذه الأَجزاءِ لِلأحياءِ وقِسمٌ منها لِلرّاقِدين.

الرّاقدونَ لا يَنفصِلُونَ عن حياةِ الكنيسة. فالقدّاسُ الإلهيُّ مُتمِّمٌ لِخَلاصِ الأحياءِ إنْ تناوَلُوا الجسدَ والدَّمَ المقدَّسَينِ عن إيمانٍ وبِاستحقاق؛ وفي الوقتِ عينِه، هو رحمةٌ وغفرانٌ لِخَطايا الرّاقدين.

مِن هُنا يَظهرُ جَلِيًّا كيف يجب علينا أن نُجاهدَ ونَصلبَ الشَّهَواتِ لكي نحيا بواسطةِ جسدِ المسيح، فنتّحدَ بِه. 

بِحيثُ يُصبحُ المسيحُ هو الفاعلَ فينا في الحياة وعند الرّقاد. 

إنّ هذا الأمر يُذكّرُنا بِقَولِ بولسَ الرّسول: "مَعَ المَسِيحِ صُلِبْتُ فَأَحيا لا أَنا بَلِ المسيحُ يَحيا فِيّ." (غَلا 2: 20)

طروبارية القيامة باللّحن الأوّل

إنّ الحجرَ لمّا خُتِمَ من اليهود. وجسدَك الطاهرَ حُفِظَ من الجُند. قمتَ في اليوم الثالثِ أيّها المخلِّص. مانحاً العالمَ الحياة. لذلك. قوّاتُ السماوات. هَتفوا إليكَ يا واهِب الحياة. المجدُ لقيامتِكَ أيّها المسيح. المجدُ لملكِكَ. المجدُ لتدبيرِكَ يا محبَّ البشرِ وحدَك.

طروباريّة القدّيس يوحنّا المعمدان باللّحن الثاني

تذكارُ الصدّيقِ بالمديح، أمّا أنتَ أيّها السّابق فتَكفيكَ شهادةُ الربّ، لأنّكَ ظهرتَ بالحقيقةِ أشرفَ مِن كُلِّ الأنبياء، إذ قد استأهلتَ أن تُعمِّدَ في المَجاري مَن كَرَزوا هُم بهِ، وَمِن ثَمَّ إذ جاهدتَ عن الحقِّ مسرورًا، بشَّرتَ الّذينَ في الجحيم بالإلهِ الظّاهرِ بالجسد، الرّافعِ خطيئةَ العالَم، والمانحِ إيّانا الرحمةَ العُظمى.

قنداق ميلاد السيّدة باللّحن الرابع

إنَّ يُواكِيمَ وَحَنّةَ مِن عارِ عارِ العُقْرِ أُطْلِقا، وَآدمَ وَحوّاءَ مِن فَسادِ المَوتِ بِمَولِدِكِ المُقَدَّسِ يا طاهرةُ أُعتِقا. فَلَهُ يُعيِّدُ شعبُكِ وقد تَخلّصَ مِن وَصْمَةِ الزلّات، صارِخًا نَحوَكِ: العاقِرُ تَلِدُ والدةَ الإلهِ المُغَذِّيَةَ حَياتَنا.

الرِّسَالة 
أع 13: 25-33
يَفرحُ الصدّيقُ بالرَّبّ    استَمِعْ يا اللهُ لِصَوتي 


في تلك الأيّام، لمّا بلغَ يوحنّا قَضاءَ سَعيِه، طَفِقَ يقولُ: مَن تَحسَبون أنّي أنا؟ لستُ أنا إيّاه. ولكنْ هُوَذا يأتي بعدي مَن لا أَستحِقُّ أنْ أحُلَّ حِذاءَ قدَمَيه. أيُّها الرجالُ الإخوةُ بَنِي جِنسِ إبراهيمَ والذين يتّقُونَ اللهَ بينَكُم، إلَيكُم أُرسِلَتْ كَلِمةُ هذا الخلاص، لأنَّ الساكنِينَ في أورشليمَ ورؤساءَهم، مِن حيثُ أنّهم لم يَعرِفوهُ ولا أقوالَ الأنبياء التي تُتلى في كُلِّ سَبتٍ، أتَمُّوا بالقضاءِ عليهِ. ومع أنّهم لم يَجِدُوا عليهِ ولا علّةً للموت، طَلَبُوا مِن بِيلاطُسَ أن يُقتَل. ولمّا أتمُّوا كلَّ ما كُتبَ عنهُ أنزلُوهُ عَنِ الخَشَبةِ ووضعوهُ في قبرِ. لكنّ الله أقامَهُ مِن بينِ الأموات. وتراءَى أيّامًا كثيرةً لِلّذِينَ صَعِدوا معهُ من الجليل إلى أورشليمَ وهم شُهودٌ الآنَ عند الشعب. ونحن نبشِّرُكم بالموعِدِ الذي كان للآباءِ بأنّ الله قد أتّمهُ لنا نحنُ أولادَهم إذ أقامَ يسوع.


الإنجيل
مر 6: 14-30


في ذلك الزمان سمِع هيرودس الملكُ بِخَبَرِ يسوعَ (لأنّ اسمَهُ كان قد اشتهر)، فقال إنّ يوحنّا المعمدانَ قد قام من بين الأموات. من أجل ذلك تُعمَلُ بهِ القوّات، وقال آخَرون إنّهُ إيليّا وآخَرون أنّهُ نبيٌّ أو كأحدِ الأنبياء. فلمّا سمع هيرودسُ قال إنّما هذا هو يوحنّا الذي قطعتُ أنا رأسَهُ، إنّهُ قد قام من بين الأموات. لأنّ هيرودسَ هذا نفسَهُ كان قد أرسلَ وأمسك يوحنا وأوثقَهُ في السجن من أجل هيروديّا امرأةِ أخيهِ فيلبُّسَ لأنّهُ كان قد تزوّجها. فكان يوحنّا يقول لهيرودسَ أنّهُ لا يحِلُّ لك أن تكون لك امرأةُ أخيك. فكانت هيروديّا حانِقةً عليهِ تُريدُ قتلَهُ فلم تستطع، لأنّ هيرودس كان يخاف من يوحنّا لِعلِمهِ بأنّهُ رجلٌ بارٌّ وقِدّيسٌ، وَيُحافِظُ عليهِ. وكان يصنعُ أمُورًا كثيرةً على حسبِ ما سمع منهُ، وكان يسمعَ منهُ بانبساطٍ. ولمّا كان يومٌ موافِقٌ وقد صنع هيرودس في مولدهِ عشاءً لعُظَمائهِ وقوّادِ الألوفِ وأعيانِ الجليل، دخلت ابنةُ هِيرُودِيّا هذه ورقصتْ فأعجبتْ هيرودسَ والمتّكئين معهُ. فقال الملكُ للصبيّةِ اطلُبي منّي مهما أردتِ فأُعطِيَكِ. وحَلَفَ لها أنْ مهما طلبْتِ منّي أُعطيكِ ولو نصفَ مملكتي. فخرجَت وقالت لِأُمِّها ماذا أطلب؟ قالت: رَأسَ يوحنّا المعمدان. ولِلوَقتِ دَخَلَتْ على الملكِ بِسُرعةٍ وطلبَتْ قائلةً: أُريدُ أنْ تُعطِيَني على الفَور رأسَ يوحنّا المعمدانِ في طَبَقٍ. فاستَحْوَذَ على الملكِ حُزنٌ شديد، ولكنّهُ مِن أجلِ اليمينِ والمتّكئينَ معَهُ لم يُرِدْ أنْ يَصُدّها. وَلِساعَتِه أَنْفَذَ سَيّافًا وأمر أنْ يُؤتى برأسهِ. فانطلق وقطع رأسَهُ في السجن وأتى برأسِه في طبقٍ وأعطاهُ للصبيّةِ والصبيّةُ أعطتهُ لأُمِها. وسَمِعَ تلاميذُه فجاءُوا ورفَعوا جُثّتَهُ ووضعوها في قبرٍ. واجتمَعَ الرُّسلُ إلى يسوعَ وأخبروهُ بِكُلِّ شيءٍ، كُلِّ ما عمِلوا وكلِّ ما عَلَّمُوا.

في الإنجيل 

"من أجل اليمين والمتئكئين معه لم يُرد أنّ يصُدّها، ولساعته أنفذَ سيّافًا وأمر أن يؤتى برأسه"

الكنيسة الأرثوذكسيّة تعيّد اليوم لقطع رأس النبي يوحنّا المعمدان السابق. وهو يوم صومٍ كامل في أيِّ يومٍ وقع.

ويروي الإنجيليُّ مرقسُ هذا الحَدَثَ لِأَهمّيّةِ هذا النبيِّ ودَورِهِ في الكنيسة، لِكَونِهِ قد تحقَّقَتْ فيه نبوءةُ مَلاخي :" هاءَنذا مُرسِلٌ مَلاكي أمامَ وجهي يُهيِّئُ الطريقَ أمامي"، ويَعمَلُ بِرُوحِ إيليّا وَقُوَّتِه، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآباءِ إلى الأبناء، والعُصاةَ إلى حِكمةِ الأبرار، ويُهَيِّئَ لِلرَّبِ شَعبًا مُستعِدًّا. 

هذه النبوءاتُ عَنِ النبيِّ يُوحنّا تُظهِرُ بِوُضُوحٍ مَدى تأثيرِهِ في المجتمع، وأهميّةَ الخدمةِ المُوكَلَةِ إليه. وهي بالتالي تَكشِفُ مَدى التزامِ هذا النبيِّ بالكلمةِ الإلهيّةِ التي أُوكِلَ إليه أَمرُ نَقْلِها لِكُلِّ أبناءِ عَصرِه. وتَكشِفُ كذلك ما تميَّزَ بهِ مِن شجاعةٍ في نُطْقِ كلمة الحقِّ أمامَ الباطل، لِكَونِ مهمّةِ النبيِّ أنْ يُنبِئَ بإرادةِ الله في كُلِّ ما يَحصل، ويَكشِفَ الباطلَ ويوبِّخَ عليه، "ولو على قَطْعِ رأسِه".

هذه المِيزَةُ عندَ القدّيسِ يوحنّا كانت مَدْعاةً لِلمُقارَنَةِ عند هيرودسَ الملكِ بينَ المعمدانِ والربِّ يَسُوع. فالروحُ القُدسُ هو الناطقُ في الأنبياء، ولهذا تعكسُ كلمةُ النبيِّ قُوّةَ اللهِ وَسُلطتَه.

تَعامُلُ الإنسانِ معَ الكلمةِ الإلهيّةِ يُشبِهُ إلى حدٍّ بعيدٍ تعامُلَ هيرودسَ الملكِ معَ النبيِّ يوحنّا. الإنسانُ يَعتبرُ الكلمةَ الإلهيّةَ تَحمِلُ نعمةَ اللهِ وتُنشِئُ قِدّيسِين، تارةً يَخافُ من تأنيبِها وطَورًا يَسعى للمحافظةِ عليها ويتمسّكُ بِها. يسمعُها بِانبِساطٍ وفَرَح، ولكنّه يُسقِطُها مِن حِساباتِهِ حِينَ تأتي الأهواء، فيَجعلُها تَسُودُ عليه وتتحكّمُ به. وينسى أنّ الاِنكِبابَ على كلمةِ الله يَخلُقُ فينا حكمةَ الأبرارِ ويَجعلُ قلوبَنا مَسكِنًا لروح الله.

كثيرةٌ هِيَ أَهواءُ الإنسانِ وضُعفاتُه، يَخضَعُ المرءُ لِبَعضِها فَيشعرُ باللذّةِ الآنيّةِ والفَرَح، وبعدَما ينتهي منها يشعرُ بالألمِ والتوبيخ. وبعضٌ آخَرُ يتعلّقُ بإعلانِ مشيئةِ اللهِ أمامَ الظُّلمِ والتسلُّط، فيَغُضُّ الطرفَ عن الأَذى الذي يحصلُ للناسِ كَي لا تَتشوّهَ صُورتُهُ أو يَخسَرَ احترامَ الآخَرِين. 

"مِن أجلِ المتكِّئِينَ" قَطَعَ هِيرُودسُ رأسَ يُوحنّا. مِن أجلِ كَلامِ الناسِ علينا، نَقبَلُ أن تموتَ الكلمةُ الإلهيّةُ فِينا.المهمُّ عندَنا أنْ لا نَموتَ بِعُيونِ البَشَر. لكيلا تَطالَنا أَلْسِنَتُهم، نتنازلُ نحنُ عَن كُلِّ كلمةٍ في الكتاب المقدَّس، فتصبحُ طاعةُ الناسِ أَوْلى مِن طاعةِ الله. ذلك مِن أجلِ المُتَّكِئِينَ معنا، أو نحن معَهم، وللأسف كثيرًا ما نَزِيدُ على عدمِ صَدِّ الباطلِ السَّعيَ إلى قَطْعِ رأسِ العدلِ أيضًا.

هيرودسُ أدركَ في نهايةِ الأمرِ أنّ الحقيقةَ لا بُدَّ أن تنجلي، وأنَّ الحقَّ لن يموت، وأنَّ الحياةَ تبقى أقوى من الموت. وَمِنَ البُؤسِ أن يَخسَرَ الإنسانُ نفسَهُ مِن أجلِ أن يتمتّعَ بِلَذَّةٍ عابِرَةٍ أو يَكتَسِبَ تصفيقَ أهلِ العالَم.

صرخةُ شعبٍ إلى الله 

يَمُرُّ لُبنانُ بِمِحنةٍ كبيرةٍ ويَئِنُّ الشعبُ مِنَ الضيقِ المادّيِّ والمعنَوِيّ والأوضاعِ الاِقتصاديّةِ والسياسيّةِ المتردِّية. يُعاني الإنسانُ الآلامَ الكثيرة، إذْ باتَ مِنَ الصَّعبِ عليهِ تأمينُ المأكلِ والمَشرَب بسببِ الغلاءِ الفاحش. كذلك يَصعُبُ عليهِ تأمينُ الأدوِيَةِ الضروريّة بسببِ ارتفاعِ أسعارِها، هذا إنْ وُجِدَتْ. والكارثةُ الكُبرى هي ما آلَتْ إليهِ أوضاعُ المُستشفَياتِ التي باتَتْ تُعاني مِن شِحٍّ في المَعَدّاتِ والمُستَلزَماتِ الطبّيّة. وتأتي فوقَ كُلِّ ذلكَ أزمةُ المحروقاتِ التي خَلَقَتْ كارثةً على صعيدِ المُواصَلاتِ والتنقُّلاتِ والكهرَباءِ ذاتِ الأهمّيّةِ الكُبرى في تأمينِ عَمَلِ الأدواتِ المنزليّة والموادّ الأوّليّة والاِستشفائيّة والأوكسيجين...
والكورونا التي تَفتُكُ بالعالَمِ بِأَسْرِهِ وتُقَوقِعُ الناسَ وتَمنعُهم مِنَ الاِختلاطِ بعضهم بِبَعض. والاِنفِجاراتُ، وأبرَزُها انفِجارُ المرفأ، والقَتلُ والسَّرِقاتُ التي تَفتُكُ بالناس.

كُلُّ هذا يُذَكِّرُني بالحقبةِ التاريخيّةِ التي عاشها شعبُ اللهِ المختارُ حِينَ استعبَدَهُ فِرعَون، فَوَصَلَ صُراخُ هذا الشَّعبِ وأَنِينُهُ إلى مَسامِعِ اللهِ الذي استَجابَ لَهُ وبَعَثَ له مُوسى مُخَلِّصًا وَمُحَرِّرًا إيّاهُ، الذي قادَهُ إلى الحرّيّة، إلى الفِصح، إلى أرضِ الميعاد.
نصرخُ إليكَ يا الله، في خِضَمِّ هذه الظروفِ الراهنةِ التي نعيشُها ويعيشُها العالَمُ بأسرِه، أنْ اِرْأَفْ بِشَعبِكَ واستَمِعْ إلى مُعاناتِهِ وَصُراخِه، وخَلِّصْنا بِرَحمتِكَ اللامُتناهية. فإنّه ليس لنا مخلِّصٌ سِواكَ يا رَبَّ القوّات. فإنّكَ قادرٌ على إنقاذِنا مِن عذاباتِنا بواسطةِ والدتِكَ والدةِ الإلهِ القدّيسة. فيا عذراءُ لا تَكُفّي عن الشفاعةِ مِن أجلِنا لدى ابنِكِ الحبيب، وخلِّصِينا مِن كُلِّ شِدَّةٍ وَسُوء، لأنّنا عليكِ وَضَعْنا كُلَّ رجائِنا. لكي نُسبِّحَكُما ونُمَجِّدَكُما ونُعَظِّمَكُما إلى أَبَدِ الآبدِين. آمين.

النبيّ يوحنّا المعمدان 

النبيّ يوحنّا المعمدان هو ابنُ النبيِّ زخريّا، وهو خاتمةُ أنبياءِ العهدِ القديمِ وباكورةُ الرُّسُل، لأنّه سَبَقَ حُضورَ المسيح، فكانَ الوسيطَ بينَ عهدَيِ اللهِ القديمِ والجديد. وقد تنبّأَ عنه بعضُ أنبياءِ العهدِ القديم، كإشَعيا ومَلاخيا، فقالوا إنّه الصَّوتُ الصّارِخُ في البرّيّة. إنّه الملاكُ الذي أرسَلَهُ اللهُ أمامَ ماسيّا المتجسِّد، وسابِقُ حُضورِهِ إلى العالَم، والمُعِدُّ لَهُ الذي بِنَوعٍ عجيبٍ حُبِلَ بِهِ وَوُلِدَ وَامتَلأَ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ وَهُوَ في بَطنِ أُمِّه. 

فعاشَ عِيشةَ أهلِ البراري، ولَبِسَ لِباسَ النُّسْكِ وكَرزَ بالتوبة، وحَثَّ الشعبَ على معموديّةِ التوبةِ بِأَمرٍ مِنَ الله. فعَمّدَ في مجاري الأُردنِّ كثيرين، وظلَّ هكذا إلى يومِ ظُهورِ السيِّدِ لَهُ، فاستحقَّ أن يُعمِّدَهُ في الأُردنّ. فَشَهِدَ لِلمُخَلِّصِ حينئذٍ مُشِيرًا إليه قائلًا: "هُوَذا حَمَلُ اللهِ الرّافِعُ خطيئةَ العالَم".

تُكرِّمُه الكنيسةُ المقدَّسةُ إكرامًا فائقًا، فتضعُ أيقونتَهُ دائمًا في الكنيسةِ بجانبِ أيقونةِ السيّد، لِلدَّلالةِ على أنّه هُوَ الذي سَبَقَ حُضُورَ الرَّبِّ إلَينا. فتَدعُوهُ "سابِقَ الرَّبِّ"، أي سابِقَ مجيئِه إلَينا، وتدعوه أيضًا "صابِغَ الرَّبِّ"، لأنَّ الرَّبَّ اصطبَغَ على يَدِهِ، أي تعمّدَ على يدِهِ في نَهرِ الأُردنّ.

تُقِيمُ لَهُ الكنيسةُ عِدّةَ أعيادٍ أَهمُّها عيدُ مَولدِهِ مِن والدَينِ عاقرَينِ في الرابعِ والعِشرينَ مِن شهرِ حزيران، وتذكارُ قطعِ رأسِهِ في التّاسعِ والعِشرينَ مِن شهرِ آب، يومَ قدّمَ نفسَهُ ضحيّةً نقيّةً بِسَفْكِ دَمِهِ وَقَطْعِ رأسِه، لِيُؤَكِّدَ صِدْقَ أقوالِهِ وتعاليمِه. ونقرأُ قِصّةَ استشهادِهِ في إنجيلِ مَرقُس، الأصحاح السادس. وكثيرون مِنَ المؤمنينَ يتسمَّونَ بِاسمِ يُوحنّا الذي معناه "المملوء نعمةً"، ويتّخِذُونَهُ شفيعًا لهم ويشيدونَ على اسمِهِ الكنائسَ والأديرة. عسى اللهُ بشفاعاتِهِ يرحمُنا ويخلِّصُنا ويملأُنا مِن نعمتِه. آمين.

أخبارنا

 مدرسة الموسيقى الكنسيّة
تفتح مدرسة الموسيقى الكنسيّةِ بابَ التسجيلِ لِلطُّلّابِ القُدامى والجُدُد (من عمر 12سنة وما فوق) عبر الرابط الإلكتروني التاليّ: sem.archtripoli.org

عِلمًا أنّ الدروسَ تبدأ يومَ السبت 4 أيلول 2021 في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر حضوريًّا، ولمرّةٍ واحدةٍ فقط في ثانويّة سيّدة بكفتين الأرثوذكسيّة، ثمّ تكمل الدروس عن بُعد في السبت الذي يليه.