الأحد 1 أذار 2020

الأحد 1 أذار 2020

01 آذار 2020


الأحد 1 أذار 2020
العدد 9
 
أحد مرفع الجبن
 
اللَّحن الرابع الإيوثينا الرابعة
 
 
* 1: الشهيدة افذوكيَّا، البارَّة دومنينا، * 2: بدء الصَّوم الكبير، الشَّهيد إيسيخيوس، * 3: الشُّهداء افتروبيوس وكلاونيكس وباسيليسكس، * 4: البار جراسيموس النَّاسك في الأردن، * 5: الشَّهيد قونن، البار مرقس النَّاسك،* 6: الإثنان والأربعون شهيداً الذين في عمُّورية، البار أركاديوس، المديح الأول، * 7: العظيم في الشهداء ثاوذورس التيروني (عجيبة القمح المسلوق) الشُّهداء أفرام ورفقته أساقفة شرصونة، بولس البسيط. *

 
 
رسالـة الصوم
 
يُطالعُنا النبيُّ إشعيا بقوله منذ القديم: "أليسَ هذا هو الصوم الذي آثَرتُه: حلُّ قيودِ النفاق، وفكُّ رُبُطِ النِّير، وإطلاقُ المضغوطين أحرارًا، وكَسْرُ كُلِّ نير! أليس هو أن تَكسرَ للجائعِ خُبزَك، وتُدخِلَ البائسين المطرودين بيتَك، واذا رأيتَ العُريانَ أن تكسُوَه، وأن لا تَتوارى عن لحمك" (إشعيا 58: 6-7).
 
أمّا الربُّ يسوعُ المسيحُ نفسُه، فقد واجه الشيطان بعد صومِ أربعين يومًا وقال له: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله" (متى 4: 4). صحيح أنّ فترة الصوم تقوم على الجهادات الروحيّة، لكنّها تبدأ بالتحرّر من شهوة الطعام الغالبة، هذا لأن الصوم مبنيٌّ على وحدة الإنسان جسدًا نفسًا وروحًا.
 
الصوم ترويض على نقاوة الجسد والنفس أربعين يوماً من أجل يقظة الإنسان كاملاً.
 
الصوم يغذّي أيضًا وخصوصًا حرارة الإيمان، ويجعل الإنسان مشحونًا بالروح القدس ممّا يُمكّنُه مِن جلبِ الكثيرين إلى الإيمان والخلاص.
في هذا الصوم وفي هذه الأحوال المعيشيّة الصعبة التي نعيشها اليوم علينا أن نتواضع، أن نتقشّف، أن نتألّم قليلاً بداعي خطايانا وخطايا الآخرين، هذا لكي يُنعم علينا الربّ بالفرج مادّيًّا وبالغفران روحيًّا وبالتنعّم بفرح الفصح.
 
الإنسان غارق اليوم في ملذّات وشهوات هذه الدنيا، يحيا غالباً بعيداً عن الله.
 
الحضارة اليوم حضارةُ عبوديّةٍ بإمتياز.
 
صار فيها الإنسان عبداً للمال وللاستهلاك المتزايد، عبداً للجسد، للشهوات والمخدّرات. تظهر الرذيلة عنواناً للحريّة حضارةَ الموت والفساد.
 
تدعونا الكنيسة في هذا الصوم إلى أن نُعود إلى حضن الآب السماويّ على مثال الابن الشاطر الذي اكتسب بعودته الحريّةَ الحقيقيّة، العودة الى محبّة الله ورحمته. يقول بعض الآباء إنّ الحياة الأبديّة قائمة في كلّ لحظة نشعر بمحبّة الله فيها أيضًا يخلقنا الله الآب الذي يعطش إلى محبّة ابنه وإلى محبّة كلّ واحد منّا يقول سفر الأمثال "هنائي، نَعيمي يكون مع بني البشر" (أمثال 8: 31).
 
+ افرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريّة القيامة باللّحن الرابع
 
إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
 
 
قنداق أحد مرفع الجبن باللّحن السادس
 
أيُّها الهادي إلى الحكمةِ والرازقُ الفَهْمَ والفِطنة، والمؤَدِّبُ الجهّال والعاضِدُ المساكين، شدَّدْ قلبي وامنحْني فَهْمًا أيّها السيَّد، وأعطِني كلمة يا كلمة الآب، فها إنّي لا أمنعُ شَفتيَّ من الهُتافِ إليك: يا رحيمُ ارحَمْني أنا الواقِع.
 
الرِّسَالة
رو 13: 11-14، 14: 1-4
 
رتّلوا لإلِهِنا رتّلوا
يا جميعَ الأُممِ صَفِقّوا بالأيادي
 
يا إخوة، إنّ خَلاصَنا الآنَ أقربُ مِمّا كان حينَ آمَنا. قد تَناهى الليلُ واقتربَ النهار، فَلْنَدَعْ عَنّا أعمالَ الظُّلمةِ ونَلْبَسْ أسلِحَةَ النور. لِنَسْلُكَنَّ سُلوكاً لائقاً كما في النهار، لا بالقصُوفِ والسُّكْرٍ، ولا بالمضاجع والعَهَرِ، ولا بالخِصامِ والحَسَد. بَل البَسُوا الرَّب يسوعَ المسيحَ، ولا تهتمّوا لأجسادِكُم لِقَضاءِ شَهَواتِها. مَنْ كان ضعيفاً في الإيمان فاتَّخِذوهُ بغير مباحَثةٍ في الآراء. مِنَ الناس مَن يعتقْدُ أنَّ لهُ أن يأكلَ كلَّ شيءٍ، أمّا الضَّعيف فيأكُلُ بُقولاً. فلا يَزْدَرِ الذي يأكل من لا يأكل، ولا يَدِن الذي لا يأكل من يأكل، فإن الله قدِ اتخّذّهُ. مَنْ أنت يا من تَدينُ عبداً أجنبياً؟ إنّه لمَولاهُ يَثبتُ أو يَسقُط. لكنَّه سيُثبَّتُ، لأنّ الله قادِرٌ على أن يُثبَّتهُ.
 
الإنجيل
متى 6: 14-21
 
قال الربُّ: إنْ غَفَرْتُم للناسِ زَلاتِهمْ يَغْفر لكم أبوكُمُ السَّماويُّ أيضاً. وإنْ لم تَغْفِروا للناسِ زلاتِهم فأبوكُمْ لا يغفرْ لكم زلاتِكُمْ. ومتى صُمتُمْ فلا تكونوا معبسِّين كالمُرائين، فإنّهم يُنكِّرون وُجوهَهْم ليَظهَروا للناسِ صائمين. الحقَّ أقولُ لكم إنّهم قد أخذوا أَجْرَهم. أمّا أنتَ فإذا صُمتَ فادهَنْ رَأسَكَ واغْسِلْ وَجْهَكَ لئلا تَظْهرَ للناس صائماً، بل لأبيكَ الذي في الخِفيةَ، وأبوكَ الذي يرى في الخِفيةِ يُجازيكَ عَلانية. لا تَكنِزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث يُفسِدُ السُّوسُ والآكِلةُ ويَنقُبُ السّارقون ويَسرِقون، لكنْ اكنِزوا لَكمْ كُنوزاً في السّماء حيث لا يُفسِد سوسٌ ولا آكِلَةٌ ولا يَنْقُب السّارقون ولا يسرِقون. لأنه حيث تكونُ كنوزُكم هناكَ تكونُ قلوبُكم.
 
في الإنجيل
 
هذا الأحَدُ هوَ الأحَدُ الرّابِعُ مِنْ آحادِ التَّهيِئَةِ للصَّومِ الأربَعينيِّ المُقَدَّسِ وَهوَ يُنهي الجزءَ الأوَّلَ مِنْ فَترَةِ التّريودي، إذْ يَومُ غَدٍ هوَ بَدءُ دُخولِنا في خَضَمِّ جِهادِنا الروحيِّ ألا وَهوَ الصَّومُ الأربَعينيُّ المُقَدَّس، وَهوَ الجزءُ الثّاني مِنَ التّريودي وَيَنتَهي بِسَبتِ لعازَرَ.
 
في أحَدِ الفرّيسِيِّ وَالعَشّارِ يَفتَحُ المَسيحُ أبوابَ التَّوبَةِ عَبرَ التَّواضُعِ، وَنَدخُلُ الطَّريقَ المُؤَدِّيَةَ إلى الصَّومِ. وَفي أحَدِ الابنِ الضّالِّ نُثَبِّتُ نَظَرَنا إلى الآبِ غايَةِ الصَّومِ، وَفي أحَدِ الدَّينونَةِ (مرفعِ اللَّحمِ) نَتَأَمَّلُ في أَهَمِيَّةِ القَريبِ، لأنَّ مَعَهُ سَتَتِمُّ أعمالُ المَحَبَّةِ. وَهُنا في أحَدِ الغفرانِ نُقَبِّلُ القَريبَ قُبْلَةَ المَحَبَّةِ لِنَدخُلَ الصَّومَ فَرِحينَ، مُتَصالِحينَ مَعَ اللهِ وَالقَريبِ وَبالتّالي مَعَ ذَواتِنا.
 
ما هُوَ الرّابِطُ بينَ الصَّومِ وَالغفرانِ؟
 
هُناكَ مِحوَرانِ يَجِبُ التَّكَلُّمُ عَنْهُما هذا الأحَدَ. المِحوَرُ الأَوَّلُ هُوَ تَذْكارُ نَفي آدمَ مِنَ الفِردَوسِ، الَّذي جَلَسَ هُناكَ يَبكي لأنَّ الإنسانَ خُلِقَ لِيَعيشَ في الفِردَوسِ بِحَياةِ شركَةٍ مَعَ اللهِ، لكِنَّ خَطيئَتَهُ حَرَمَتْهُ مِنَ اللهِ. وَالمِحوَرُ الثّاني هُوَ الغُفرانُ، أي طَلَبُ الغُفرانِ مِنَ اللهِ وَوَهْبُ الغُفرانِ للقَريبِ، وَهذانِ المِحوَرانِ يَلتَقِيانِ عِندَ مَوضوعٍ واحِدٍ ألا وَهُوَ الصَّومُ.
 
ألمْ يَكُنُ غِيابُ الصَّومِ هُوَ سَبَبَ المُخالَفَةِ مَعَ اللهِ، وَعِصيانُهُ سَبَبَ طَردِ آدَمَ مِنَ الفِردَوسِ؟ وَالصَّومُ هُوَ الأَداةَ الَّتي سَتُعيدُ المُصالَحَةَ بَينَ الآدَمِيّينَ وَاللهِ، الصَّومُ إذَنْ سَيَمْنَحُنا الغُفرانَ بَدَلَ المَعصِيَةِ.
 
أحَدُ الغُفرانِ يُذَكِّرُنا بِحَدَثَينِ، الأَوَّلُ طَردُ آدَمَ مِنَ الفِردَوسِ بِسَبَبِ حَلِّ الصَّومِ، وَالثّاني هُوَ شِبهُ إعلانٍ عَنْ غُفرانِ اللهِ الَّذي يَشتَرِطُ أنْ نَغفِرَ للنّاسِ وَهذِهِ لَحظَةُ "المُصالَحَةِ" مَعَ اللهِ. سَنَتَصالَحُ إذًا مَعَ اللهِ بِالصَّومِ الَّذي عَلَينا أَنْ نَبدَأَهُ بِالغُفرانِ لِلقَريبِ وَالمُسامَحَةِ. قَدْ يَكونُ مِنَ السَّهلِ أَنْ نُساعِدَ فَقيرًا وَنُحسِنَ إِلى إنسانٍ غَريبٍ وَلكِنَّ الأَصعَبَ هُوَ أَنْ نُسامِحَ الإنسانَ القَريبَ. المُصالَحَةُ هِيَ المَحَبَّةُ الَّتي تَفوقُ مَحَبَّةَ الذّاتِ وَالكَراماتِ.
 
النَّصُّ الإنجيلِيُّ بَعدَ كَلامِهِ عَنْ ضَرورَةِ الغُفرانِ لِلقَريبِ لِنُوْهَبَ غُفرانُ الله، يَنتَقِلُ إلى الكَلامِ عَنِ الصَّومِ، الَّذي يَجِبُ أَنْ تَظهَرَ مَعَهُ عَلاماتُ الفَرَح. نَعَم، إنَّ الصَّومَ لَيسَ فَترَةَ تَعذيبٍ لِلذّاتِ وَلا هُوَ فَترَةَ مُعاقَبَةٍ لَها، الصَّومُ هُوَ الفَترَةُ الَّتي تَسودُها المَحَبَّةُ الأَخَوِيَّة.
 
نُرَتِّلُ مَساءَ هذا الأحَدِ في صَلاةِ الغُفرانِ، حَيثُ نُصافِحُ بَعضَنا بَعضًا مَعَ قُبلَةٍ أَخَوِيَّةٍ "لِنَبتَدِئَنَّ في أَوانِ الصِّيامِ بِحُبورٍ، باذِلينَ ذَواتِنا للجِهاداتِ الرّوحانِيَّةِ، فَلْنُنَقِّ النَّفسَ وَنُطَهِّرِ الجَسَدَ صائِمينَ عَنْ أهوائِنا كَصَومِنا عَنِ الأَغذِيَةِ مُتَنَعِّمينَ بِفَضائِلِ الرّوحِ". ها أَوانُ التَّوبَةِ نَبدَؤُهُ بِكَلِمَةِ "اِغفِرْ لي يا أخي"، وَلْنَدخُلْ مَعًا الصِّيامَ بِقُبلَةِ السَّلامِ. آمين.
القلب
 
ورد في العهد القديم من الكتاب المقدّس، في سِفر الأمثال، جملة "يا بُنَيَّ أعطني قلبك".
ونورد هنا أمثلة موجزة من الكتاب المقدّس أيضًا يُذكر فيها القلب:
 
المزمور الخمسون، "قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا الله"،
ويقول في متى: 5، 8 "طوبى لأنقياء القلب لأنّهم يعاينون الله".
وفي لو 24: 25 "أيها الغبيّان والبطيئا القلوب في الإيمان".
24: 33 "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلّمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟".
 
وآيات كثيرة لا حصر لها، في الكتاب المقدّس، تتحدّث عن القلب على أنّه مركز الإحساس بالله، والاستجابة إلى دعوته، والفرح بلقائه.
 
بالمقابل، يُذكر القلب في المواقف السلبيّة الّتي يتّخذها الإنسان من الله. ففي حادثة شفاء الإنسان ذي اليد اليابسة، نجد الربّ يغضب من موقف الحاضرين من شفاء يد ذلك الإنسان، لأنّه كان يوم سبت. مر:3- 5 "فنظر حوله بغضب حزينًا على غلاظة قلوبهم".
 
وبعد حادثة تكثير الخبز والسمك، ومجيئه إليهم ماشيًا على المياه، فظنّوه خيالًا. مر:6، 52. لأنّهم لم يفهموا بالأرغفة، إذ كانت قلوبهم غليظة.
 
كما نجد في (لوقا:1، 51) نشيد الفائقة القداسة لدى زيارتها لأليصابات "شتَّت المتكبّرين بذهن قلوبهم".
 
هذا في الكتاب المقدّس، وكذلك آباء الكنيسة يشيرون دائمًا إلى القلب على أنّه مركز الشعور والاحساس والتفاعل مع الدعوة الالهيّة إيجابًا أو سلبًا إذا كان بعيدًا عن الله، فيصفونه بالقلب الغليظ والقاسي.
 
أمّا إذا استقصينا ما يقوله الفلاسفة والمفكّرون، فسوف نجدهم يشيرون إلى القلب على أنّه مصدر الشعور، أو مسكن الروح.
 
إذن، قلوبنا ليست عضلة لحميّة ساكنة في صدورنا، وظيفتها ضخّ الدم إلى أعضاء الجسد لإبقائه على قيد الحياة، لكنّه أيضًا، كما سبق وذكرنا، مركز الشعور والفرح والإحساس بالعالم الخارجيّ والتفاعل معه. وقد استخلصنا من الآيات القليلة التي أوردناها، أنّه أيضًا مركز الصلاة. ألم يطلق الآباء تسمية الصلاة القلبيّة على الصلاة الذهنيّة الدائمة، صلاة يسوع "ربّي يسوع المسيح يا ابن الله ارحمني".
 
هنا نفهم قول الأمثال: "يا بُنيّ أعطني قلبك".
 
هلمّ بنا لنتّجه بهذه الصلاة، بكياننا كلّه، بخفقات قلوبنا ونبض شراييننا. لتحملْ كلُّ قطرةِ دمٍ منّا كلمةً من هذه الصلاة، وَلْتَسْرِ في جسدِنا، لكي يصير كيانُنا كلُّه وحدةً متكاملةً متفاعلةً بِذِكرِ ربِّنا يسوع المسيح وطلبِ رحمتِه وغُفرانِه، خاصّةً وأنّنا نَعبُر أيام الصوم المبارك.
 
إنّ الله خلقنا ونفخ من روحه في كياننا كلّه، وإليه علينا أن نعود بكلّ هذا الكيان، لا بعقلنا وحده ولو فكّرنا فيه ليل نهار، ولا بلساننا فقط ولو تمتمنا صلواتنا باستمرار، ولا بحضور أجسادنا في الكنيسة.
 
إذا كان القلب كما قلنا، هو المحرّك البيولوجيّ الأساس في الإنسان، وهو أيضًا مركز الشعور والانفعال والتفاعل والتعبير، فعلينا أن نتوجّه به إلى الله ونقدّمه إليه عملًا بكلمته: "يا بُنَيَّ أعطني قلبك"، ولكن كيف؟
 
نقرأ في (لو 12: 34)، لأنّه حيث يكون كنزكم، هناك يكون قلبكم أيضًا. إنّ أشياء هذه الحياة تأخذ قيمتها من نظرتنا إليها واكتراثنا بها، هي بذاتها لا قيمة حقيقيّة لها إلّا بِقَدْرِ سَعْيِنا وراءها وتعلُّقِنا بها، وَربّما نضحّي بالكثير من أجل الحصول عليها وامتلاكها، بالإضافة إلى انصرافنا إلى العناية بها وإهمالنا، بالمقابل، لأمور أكثر أهمّيّةً وضرورةً لخلاصنا.
 
ولكنْ لا بُدَّ أن تأتي علينا لحظةٌ في حياتنا نكتشف فيها أنّ ما سعَينا إليه وبذلنا في سبيل الحصول عليه جهدًا وطاقة وأموالًا، إن كان مستوى اجتماعيًّا أو مركزًا سياسيًّا أو ثروة ...
 
كلّ هذه، ربّما تُشعِرُنا بالأمان أو الاكتفاء والرضى، ولكنّها بالنهاية تظهر هباء لا قيمة له. ألا يقول كاتب سفر الجامعة "باطل الأباطيل كلّ شيء باطل". ليس هو فقط من قال هذا، وإنّما كلّ إنسان على هذه الأرض تعب وكدَّ وجاهد لكي يحقّق أمورًا ظنّ أنّ فيها راحته واطمئنانه إلّا أنّه في لحظاته الأخيرة يعترف بهذه الحقيقة قائلًا القول ذاته: "باطل الأباطيل كلّ شيء باطل".
 
هل من مناصٍ إذن لكي لا نصل إلى اللحظة الأخيرة ونكتشف بطلان كلّ شيء على الأرض؟
 
إنّ المؤمنين بالله الآب خالقهم، وبالمسيح يسوع مخلّصهم، وبالروح القدس منيرهم ومرشدهم، الإله الواحد، يتّخذون الكنيسة أمًا لهم، وقدّيسيها وآباءَها ونُسّاكَها معلّمِين لهم، يَهتدُون بخبرتهم ويستنيرون بتعاليمهم، ويتبعون خطواتهم، في ممارسة الصلاة القلبيّة بشكل رئيس "ربّي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ".
 
نحن الآن في فردوس الصيام الأربعيني المبارك، إنّه ميدان التدريب على اقتناء الفضائل والتقرُّب إلى الآب السماويّ، والعودة إليه كالابن الضالّ، لكي ننال رضى أُبُوّتِه ونحظى عند انتقالنا إلى الحياة الدائمة، الحياة الحقيقيّة، على نعمة معاينته مع قدّيسيه وأبراره. "قلبًا نقيًا اخلق فيّ يا الله"
 
أخبارنا
 
كنيسة ميلاد السيّدة في المطرانيّة
 
تقام صلاة النوم الكبرى كلّ إثنين وخميس بدءاً من الإثنين 2 آذار لغاية 9 نيسان 2020 الساعة الخامسة مساءً في دار المطرانيّة في طرابلس.