أحد المخلّع

أحد المخلّع

19 أيار 2019
 
أحد المخلّع
 
اللَّحن الثّالث الإيوثينا الخامسة
 
* 19: الشّهيد باتريكيوس أسقف برصة * 20: الشّهداء ثلالاوس ورفقته، نقل عظام القدّيس نيقولاوس، ليديا بائعة الأرجوان * 21: قسطنطين وهيلانة المعادلا الرُّسل، * 22: انتصاف الخمسين، الشّهيد باسيليسكوس، * 23: ميخائيل المعترف، مريم التي لكلاوبا حاملة الطّيب، سوسنَّا، الشّهيدة ماركياني، * 24: البارّ سمعان الذي في الجبل العجيب، * 25: العثور على هامة السّابق ثالثاً.
 
الشّفاعة 
 
الشَّفاعة هي التوسّل لأجل الآخرين أو الصّلاة من أجل الآخرين. موقف الشّفاعة هو موقف محبّة. تتجلّى المحبّة في أن نصلّي بعضنا لأجل البعض. الرّبّ صلّى لأجل المؤمنين به كي يكونوا واحداً (يوحنّا 17: 11).
 
إنّ قول الرّسول بولس "يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والنّاس الإنسان يسوع المسيح" (1 تيموثاوس 2: 5) صحيح، ولا يتعارض مع مبدأ الشّفاعة. هنا الوسيط يعني الذي تمّم الفداء.
 
 من لا يؤمن بالشّفاعة هو إنسان بعيد جدًّا عن الفهم العميق للمحبّة الجامعة بين أعضاء جسد المسيح.
 
أمّا القول إنّ شفاعة القدّيسين لا قيمة لها لأنّهم أموات (ما يزعمه شهود يهوه) فيدحضُه قول الرّبّ "إنّ الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب وهو إله أحياء وليس إله أموات" (لوقا 20: 37 و38).
 
القدّيسون، ومنهم وأعظمهم والدة الإله، لا عبادة لهم. نتوجّه إليهم تكريماً وتوسّلاً. هم سطوع مجد المسيح، هم أحبّاؤه ولهم قوّة الشّفاعة في السّماء من أجل أهل الأرض. القدّيسون من محبّتهم لنا هم يصلّون لأجلنا أكانوا أحياءً أم أمواتًا.
 
إنّ مريم العذراء، من جراء محبّتها، توسّطت لدى ابنها عندما فرغت الخمر في عرس قانا الجليل.
 
قالت أمّ يسوع له "ليس عندهم خمر". ثمّ قالت، بعد ذلك، للخدّام:  "مهما قال لكم فافعلوه" (يوحنّا 2: 3-5).
 
إذاً، عندما يقول الرّسول بولس "لأنّه يوجد إله واحد وسيط واحد بين الله والنّاس الإنسان يسوع المسيح" (1 تيموثاوس 2: 5)، هذا لا يعني أنّ مريم العذراء أو القدّيسين لم يعودوا شفعاء لنا، إذ يبقى الرّبّ يسوع المخلّصَ الوحيد والقدّيسون، وأُولاهم العذراء مريم، لهم الدّالة  "المَونة" لدى الرّبّ يسوع الإله، في التوسّط والصّلاة من أجل أيّ إنسان يحتاج إلى معونة الله. 
 
هذا هو مفهوم الجماعة الكنسيّة، صمامة العذراء والقدّيسين، الذين يصلّون ويتوسّلون من أجل خلاص المؤمنين وجميع النّاس، هذا الخلاص النّابع من الرّبّ يسوع المسيح الذي وحده افتدى العالَم بدمه على الصّليب.
 
من لا يؤمن بشفاعة القدّيسين هو، من حيث لا يدري، غريب عن مفهوم المحبّة الإلهيّة. الأغلب أنّ هذا الموقف ناشئ من منطق عقلانيّ. 
 
أمّا من يحيا حياة روحيّة فيعرف حقيقة الشّفاعة وقيمتها في حياته.
 
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثّالث
 
لتفرحِ السَّماويَّات، ولتبتهجِ الأرضيَّات، لأنَّ الرَّبَّ صنع عِزًّا بساعده، ووطئ الموتَ بالموت، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
 
 
قنداق الفصح باللَّحن الثّامن
 
ولَئِن كنتَ نزَلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله. وللنِّسوةِ حاملاتِ الطِّيب قلتَ افرحنَ، ولِرسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.
 
 
الرِّسالَة
أع 9: 32-42
 
رتِّلُوا لإِلهِنا رتِّلُوا،
يا جميعَ الأُممِ صَفِّقُوا بالأيادِي
 
 
في تلكَ الأيَّامِ، فيما كانَ بُطُرسُ يَطوفُ في جَميع الأماكِنِ، نَزَل أيضًا إلى القدِّيسينَ السَّاكِنينَ في لُدَّة، فوَجَدَ هناكَ إنسانًا اِسمُهُ أَيْنِيَاسُ مُضَطجِعًا على سريرٍ مِنذُ ثماني سِنينَ وهُوَ مُخلَّع. فقالَ لهُ بطرُسُ: يا أينِياسُ يَشفِيكَ يسوعُ المسيحُ، قُمْ وافتَرِشْ لنفسِك؛ فقام لِلوقت. ورآه جميعُ السَّاكِنين في لُدَّةَ وسارُونَ فَرَجَعوا إلى الرَّبّ. وكانت في يافا تِلميذَةٌ اِسمُها طابيِتَا الَّذي تفسيرُهُ ظَبْيَة. وكانت هذه مُمتَلِئةً أعمالاً صَالحةً وصَدَقاتٍ كانت تعمَلُها. فحدَثَ في تِلكَ الأيّامِ أنَّها مَرِضَتْ وماتَتْ. فَغَسَلُوها ووضَعُوها في عُلِّيَّة. وإذ كانت لُدَّةُ بقُربِ يافا، وسَمعَ التَّلاميذُ أنَّ بطرُسَ فيها، أَرسَلُوا إليهِ رَجُلَيْن يسألانِهِ أنْ لا يُبطِئَ في القُدُومِ إليهم. فقام بطرُسُ وأتى مَعَهُمَا. فَلمَّا وَصَلَ صَعِدوا بهِ إلى العُلِّيَّة. ووقَفت لديِه جميعُ الأرامِلِ يَبْكِينَ ويُرِينَهُ أَقْمِطَةًوثِيابًا كانت ظَبيَةُ تَصنَعُها معَهنَّ. فأخرَجَ بُطرُسُ الجميعَ خارِجًا، وجَثَا على رُكبَتَيْهِ وصَلَّى. ثمَّ التَفَتَ إلى الجَسَدِ وقالَ: يا طابيتا قُومي. فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. ولـمَّا أَبْصَرَتْ بُطرُسَ جَلَسَتْ، فناوَلَهَا يَدَهُ وأنهضَها. ثم دعا القدِّيسيِنَ والأرامِلَ وأقامَها لَديهم حيَّةً. فشاعَ هذا الخبرُ في يافا كلِّها. فآمَنَ كَثيرون بالرَّبّ.
 
الإنجيل
يو 5: 1-15  
 
في ذلك الزَّمان، صَعِدَ يسوعُ إلى أورشليم. وإنَّ في أورشليمَ عند باب الغَنَمِ بِرْكَةً تُسَمَّى بالعبرانيّة بيتَ حِسْدَا، لها خمسةُ أَرْوِقَة، كان مُضطجعًا فيها جمهورٌ كثيرٌ من المرضى من عُمْيَانٍ وعُرْجٍ ويابِسِي الأعضاء ينتظرون تحريكَ الماء، لأنَّ ملاكًا كان يَنْـزِلُ أَحيانًا في البِرْكَةِ ويحرِّكُ الماء، والَّذي كان ينـزِلُ أوَّلاً من بعد تحريك الماء كان يَبْرَأُ من أَيِّ مرضٍ اِعتَرَاه. وكان هناك إنسانٌ به مرض منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. هذا، إذ رآه يسوع مُلقًى وعلم أنَّ له زمانًا كثيرًا، قال له: أتريد أن تَبرأ؟ فأجابه المريض: يا سيِّدُ ليس لي إنسانٌ متى حُرِّك الماء يُلقِيني في البركة، بل، بينما أكون آتِيًا، ينـزلُ قَبْلِي آخَر. فقال له يسوع: قُمِ احْمِلْ سريرَك وامْشِ. فللوقت بَرِئَ الرَجُلُ وحمَل سريرَه ومشى. وكان في ذلك اليوم سبتٌ. فقال اليهودُ للَّذي شُفِيَ: إنَّه سبتٌ، فلا يحِلُّ لكَ أن تحملَ السَّرير. فأجابهم: إنّ الَّذي أَبْرَأَنِي هو قال لي: احْمِلْ سريرَك وامشِ. فسـألوه: من هو الإنسان الَّذي قال لكَ احملْ سريرَك وامشِ؟ أمّا الَّذي شُفِيَ فلم يكن يعلم مَن هو، لأنَّ يسوعَ اعتزل إذ كان في الموضع جمعٌ. وبعد ذلك وَجَدَهُ يسوعُ في الهيكل فقال له: ها قد عُوفِيتَ فلا تَعُدْ تُخْطِئُ لِئَلَّا يُصِيبَكَ شرٌّ أعظم. فذهب ذلك الإنسانُ وأخبرَ اليهودَ أنَّ يسوعَ هو الَّذي أَبْرَأَهُ.
 
في الإنجيل 
 
في هذا النّصّ الإنجيليّ يروي لنا الرّسول يوحنّا حادثة شفاء المخلّع، هذا الإنسان الذي أقعده المرض زماناً طويلاً: 
 
"إنسان به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة. إنّ ذكر المدّة الزمنيّة هو لتأكيد  أنّ المرض استفحل بهذا الإنسان وأنّ الشّفاء قد أصبح مستحيلاً. 
 
يأتي الرّبّ يسوع ويطرح عليه السّؤال: "أتريد أن تبرأ"؟ 
 
يسأله كي يمتحن رجاءه فيأتي جواب المخلّع مظهراً إحباطه الكبير، هذا الإحباط الذي أصابه بسبب عدم مساعدة أيّ إنسان له طيلة هذا الزّمان، فيقول: "ليس لي إنسان يساعدني". 
 
فيأتيه الرّبّ يسوع بالشّفاء الفوريّ وبلا واسطة أحد قائلاً له: "قم اِحمل سريرك وامشِ". وهذا دليل على أنّ الرّبّ يسوع يأتي إلينا ونحن في ذروة الإحباط الذي، في كثير من الأحيان، نقع فيه، فينتشلنا من عمق الإحباط مقيماً إيّانا كما من موت لتَعتلن فينا الحياة كما اعتَلت بالمخلّع الذي حمل سريره ومشى أمام الجميع.
 
إنّ أهمّ ما نتعلّمه من هذا الفصل الإنجيليّ أن لا نقع في الإحباط. الإنسان المسيحيّ لغة الإحباط يجب أن لا تكون موجودة في حياته، لأنّنا أبناء الرّجاء بالرّبّ يسوع الذي يقيمنا في الوقت المناسب والزّمان والمكان المناسبَين عندما نقع في تجربة الإحباط هذه.
 
لكن، يبقى الأهمّ، إذا شُفينا من مرض جسديّ، أن نسعى للسّلوك بحياة الاِستقامة والبرّ والقداسة، لأنّ هذا يتحقّق بقرار داخليّ منّا لا نعجز عن اتّخاذه إذا وضعنا رجاءنا على الله.
 
ألا قوّانا الله بسلوكنا أن لا نقع في الإحباط ونجعله ينال منّا، فيهزمنا الشرّير ونفقد الحياة الأبديّة مع المسيح.
 
"تعالَوا إليَّ يا جميعَ المتعَبين"
 
بعدما أعلن الرّبّ أنَّ الله يكشف أسراره للبسطاء والأطفال، نادى المهمومين والمتعبين بقوله لهم "تعالَوا إليَّ يا جميع المتعَبين والرّازحين تحت الأحمال الثقيلة، وأنا أريحكم. 
 
احملوا نيري عليكم، وتتلمذوا على يديَّ، لأنّي وديع ومتواضع القلب، فتجدوا الرّاحة لنفوسكم" (مت 28:11-29)
 
كثيرًا ما يحسّ المرء بالاضطراب والقلق، وبالضّيق والعوز، فيطغى الحزن على القلوب ويقرع اليأس أبواب الحياة. 
 
وبالمقابل، الأوضاع الاجتماعيّة والهموم المعيشيّة التي دعانا السيّد إلى تجنّبها أضحت أكثر إلحاحًا في أوساطنا. وكأنّ كلّ الأجواء تجرّنا إلى جحيمٍ لا نفقه مداها. ويشعر الإنسان وكأنّه وحيدٌ ووحده يتخبّط في مشاكلَ لا حدود لها.
 
لكنّ المسيح إلهنا، الذي قال فيه الإنجيليّ يوحنّا: 
 
"فيه كانت الحياة، والحياة هذه كانت نورَ النّاس. والنّورُ في الظلمة يُضيء..." (يو 4:1)، قد نزل إلى أعماق الجحيم وحطّم أقفالها بنور قيامته، وبقوّة سلطانه على الموت. 
 
وأصبحت القيامة سببًا لوجودنا كمسيحيّين، وأصبحنا بها شهودًا لغلبة السيّد على كلِّ ضعفٍ وخنوعٍ وتقهقر ويأس. ودُعينا بأبناء الرّجاء على ما يقول بطرس الرّسول.
 
نتائج القيامة وفعاليّتها فينا لا تنكشف نورًا يضيء للّذين في الظّلام إلّا من ثمار هذا الإيمان الذي نحياه. 
 
بأعمالنا يشعُّ إيماننا، ليس بالأقوال والشّعائر والتبجّح بالعدد والقدرات، بل بأوجه الشّبه التي للبسطاء والأطفال، أيّ التّواضع والمحبّة والخدمة.
 
القدّيس يعقوب الرّسول، الذي عاين المصلوب قائمًا، واحتمل الموت طوعًا على غرار معلّمه لأجل إيمانه، يُعلِّمنا بقوله "هل ينفع أحدًا أن يدَّعي أنّه مؤمن وليست له أعمال تثبت ذلك؟ هل يقدر إيمانٌ مثل هذا أن يخلِّصه؟" (يع 2 : 14).
 
ويعطينا مثلاً رائعًا عن حقيقة الإيمان عَبر المحبّة الفاعلة للمحتاجين ومساعدتهم عمليًّا وليس بترداد الأقوال المطمئنة لهم دون مَدِّهم بما يحتاجون إليه، مدركًا أنّ كلّ التّقديمات التي يتمُّ تقديمها ليست سوى نتاج خيرات السيّد الذي لا يُهمل المتّكلين عليه.
 
حقيقة القيامة هي معنى وجود الكنيسة وفحوى كرازتها. 
 
هي تتضمّن اليَقين أنّنا، بالسّيّد ومعه، سنكون بسلام ولو طغت هموم الكون على دنيانا، وأنّ الكنيسة، بتكاتف أعضائها وتعاضدهم ومحبّتهم بعضهم بعضًا، وبصلوات الآباء القدّيسين، تستطيع تخطّي أقصى الصّعوبات، حتى لا يكون فيما بين أبنائها محتاج. 
 
وإن لم يكن أعضاء الكنيسة واثقين بقدرة السّيّد على الغلبة فسيبقَون يعرجون بين الماء والنّار، وبين الله والمال، وبين اليأس والفرح الدنيويّ العابر، وسيبدون كأنّهم سائرون إلى إيمان ينضح بالمشاعر وأشكال التقوى وهو من الدّاخل فراغٌ يأكله الصّدأ.
 
إنّ عودة أبناء الكنيسة وخدّامها وقادتها ومؤسّساتها إلى أحضان السيّد وتعاليمه، والاِقتداء به وحملَ نير صليبه، والإيمان الحقّ والخدمة بتواضعِ العبيد البطّالين وانسحاقهم، والاتّكال الكلّيّ على مَن قال "تعالَوا إليّ"، هذه كلّها تجعلنا نرى ثمار القيامة التي فينا تتجلّى على وجوه المتعَبين والمحتاجين، فنستطيع معًا الهتاف  بحقٍّ: " المسيح قام".
 
 
إسمُ "مسيحيّ"
مِن عِظَةٍ
لِنيكِيفورُس ثيوطوكُس
 
بِما أَنَّ يَسُوعَ، الكُلِّيَّ الصَّلاحِ وَالكُلِّيَّ المَحَبَّةِ لِلبَشَر، طَهَّرَنا بِدَمِهِ الخاصّ، وجَدَّدَ فِينا صُورَةَ اللهِ المَلِكِ خالِقِنا، فقد عادَ هكذا وَجَعَلَنا مِن جَدِيدٍ مُلُوكًا كَما كُنّا قَبْلاً عِندَ الجَبْلَة. لذلكَ ارتَضى بِرَحْمَتِهِ أن نُدعى مَسيحِيِّينَ على اسمِه "المَسيح" أَيِ المَلِك.
 
وَبِما أَنَّنا، نحنُ المؤمنين، قد عُدْنا مُلُوكًا في مَلَكُوتِهِ السَّماوِيّ، لذلكَ أُعطِينا اسمًا مَلَكِيًّا فَخرًا وَمَجدًا لَنا يَفُوقُ كُلَّ الأَمجادِ والكَراماتِ الأَرضيّة. "مَسيحِيّ" هُوَ اسمٌ يَفُوقُ مَجدًا الأسماءَ كُلَّها. 
 
فَمَثَلاً يَفُوقُ الرَّئيسَ والقائدَ والسَّيِّدَ والمَلِكَ وكُلَّ اسمٍ شَهِيرٍ آخَر. 
 
أَرَأَيتَ رَحمةَ الإلهِ الإنسانِ وَمَحَبَّتَهُ لِلبَشَر؟ كَما أَنَّ اللهَ الآبَ "أعطاهُ اسمًا يَفُوقُ على كُلِّ اسمٍ" (في 9:2)، كذلك أَعطانا هُوَ، بِواسِطَةِ الرُّسُل، اسمًا يَفُوقُ كُلَّ الأسماءِ والمراتِبِ الأرضيّة، أعني اسمَ "مَسِيحِيّ".
 
لذلك، عندما سَمِعَ الشَّيطانُ أَنَّ تَلامِيذَ المسيحِ دُعُوا مَسيحِيِّين، أَشعَلَ نِيرانَ غَضَبِهِ في قُلُوبِ الطُّغاةِ وَالمُضْطَهِدِين. 
 
وَأَثارَ مِنَ الضَّغِينَةِ وَالكَراهِيَةِ ما جَعَلَ مُجَرَّدَ تَسميةِ "مَسيحِيّ" سَبَبًا كافِيًا لِلعَذابِ وَالمَوت.
 
ولكنْ، هل يَكفي هذا الاِسمُ للخَلاص؟ 
 
إِنْ كُنتَ تتمتَّعُ بالحكمةِ في الفِكر والجُرأَةِ في النَّفس، وَبالعِفّةِ في الخُلُق، وَبِمَحَبَّةِ القَريبِ، وَبِالعَدلِ في سائرِ الأعمال، إِنْ كانت لكَ أعمالٌ مَلَكِيَّةٌ جَدِيرَةٌ بالاسم، عندَ ذلك يَكفي الاِسمُ للمَجدِ وَلِخَلاصِك. 
 
أَمّا إذا كُنتَ تُدعى "مَسيحِيًّا"، أَي مَلِكًا، وأنتَ جاهلٌ تتصَرَّفُ كَمَريضٍ وَجَبانٍ، تُسَمّى مَلِكًا وتَجلسُ في الملاهي وتُفسِدُ نفسَكَ في الزِّنا والضَّلال؛ تُدعى مَلِكًا وتَسحَقُ قَرِيبَكَ، تَسرقُ وتَظلمُ وتَفعَلُ كُلَّ عملٍ عِدائِيٍّ سَيِّئٍ، عند ذلك الوَيلُ لَك! لأَنَّ هذا الاِسمَ سوفَ يَدينُكَ. 
 
جَعَلَكَ اللهُ بِهِ مَلِكًا وأنتَ أَنكَرتَ حَقَّهُ عَلَيكَ وازدَرَيتَه. 
 
أنتَ صُورةُ اللهِ الضّابطِ الكُلّ، على شَبَهِهِ وَمِثالِه، فلماذا لم تَعقِلْ ماهِيَّةَ سُلطانِك؟ آهِ! الوَيلُ لَكُم أيُّها الأشقياءُ! 
 
لماذا لا تَرفَعُونَ أَعيُنَكم إلى السَّماءِ وتَنظُرُونَ إلى عَطايا اللهِ العَظيمةِ الباهرة، بل مِثلَ الخَنازِيرِ لا تَنظُرُونَ إلاّ إلى أَسفَل وتتمرَّغُونَ في الوَحل؟ هكذا نتمرَّغُ دائمًا في وَسَخِ خَطايانا. 
 
الوَيلُ لَنا! لأَنَّ الاِسمَ لا يُمَجَّدُ هكذا، بل "يُجَدَّفُ عليهِ بِسَبَبِكُم بَينَ الأُمَم" (رو 24:2).