الأحد 13 كانون الثّانـي 2019

الأحد 13 كانون الثّانـي 2019

13 كانون الثاني 2019
 
الأحد 13 كانون الثّانـي 2019    
العدد 2
الأحد بعد الظّهور
 
 
اللّحن الثّامن  الإيوثينا الحادية عشرة
 
* 13: الشَّهيدان أرميلس واستراتونيكس، مكسيموس (كَفْسُوكاليفيا)، * 14: وداع عيد الظّهور، الآباء المقتولون في سيناء وريثو، * 15: البارَّان بولس الثيبيّ ويوحنَّا الكوخيّ، * 16: السّجود لسلسلة بطرس المكرّمة، الشّهيد دَمسكينوس، * 17 : القدّيس أنطونيوس الكبير معلّم البرّيّة، الشّهيد جاورجيوس الجديد (إيوانينا)،* 18 : أثناسيوس وكيرلّلس رئيسا أساقفةالاِسكندريّة، *19 : البارّ مكاريوس المصريّ، مرقس مطران أفسس.          
 
المناولة المقدّسة والعدوى
 
إنّ القدّاس الإلهيّ هو التقاءٌ بين السّماء والأرض، والمناولة المقدّسة ليست مجرّد مناولة روتينيّة كما يعتقد بعض النّاس خارج الكنيسة الأرثوذكسيّة، أو حتّى داخلها، الذين لا يؤمنون بالتحوّل الحقيقيّ للجسد والدّم الإلهيَّين. 
 
فنحن لسنا بعدُ نتناول خمرًا وماءً، إنّما جسد السّيّد المسيح ودمه الحقيقيّين.
 
للأسف الشديد، بعض الأرثوذكسيّين، إلى يومنا الحاضر، لا يؤمنون بهذا التحوّل الحقيقيّ، لذلك لا يتجاسرون على التقدّم إلى المناولة، خوفًا من انتقال الأمراض إليهم. 
 
ومنهم من يجلسون في المقاعد الأماميّة في الكنيسة لكي يكونوا أوّل المتقدّمين، كما أخبرتني حرفيًّا صديقةٌ لي: 
 
"أنا أقرف من المناولة من بعد شخصٍ آخر، فإمّا أن أكون الأولى أو لا أتناول أبدًا، لذلك لا أحبّ الذهاب إلى القدّاس".
 
في تاريخنا الكنسيّ العديد من المعجزات التي حدثت وما زالت تحدث كلّ يوم للمؤمنين في القدّاس الإلهيّ. 
 
نذكر ثلاث معجزاتٍ مرتبطةٍ بمرض السّلّ، الذي يُعدّ من الأمراض المعدية المنتقلة من خلال الفم.
 
في المعجزة الأولى، ذهب كاهنٌ واعظٌ إلى مستشفًى للسّلّ في إحدى المناطق ليقيم قدّاسًا لمرضى السّلّ، فأحضر إليه الممرّضون وعاءً فيه ملاعق كثيرة، وعندما سألهم ما يكون هذا، أجابوه: "طلب الطبيب أن تناول المرضى بهذه الملاعق مبتدئًا بأصحاب الإصابة الأخفّ، منتهيًا بذوي الإصابة الأثقل". فأجابهم: 
 
"لا حاجة لذلك، لديّ الملعقة المقدّسة". 
 
ثمّ ناولهم جميعًا كالعادة؛ وبعد الاِنتهاء تناول هو أيضًا من الكأس المقدّسة أمام الجميع حتّى يريهم الحقيقة.
 
حدثت معجزةٌ ثانية في ظروفٍ مشابهة في مستشفًى للسّلّ أيضًا، حيث لم يستوعب الطبيب الأمر وشكّ في أنّ الكاهن يرمي ما تبقّى من القدُسات في بالوعة المياه خوفًا من العدوى، فاقترح الكاهن عليه أن يقف في مكانٍ يستطيع فيه أن يراه كيف يتناول القدسات بعد المناولة. 
 
فحصل ذلك ورأى الطبيب كلّ شيء، كيف أنّ الكاهن يضع النبيذ في الكأس ويشرب منها مرّات عدّة كي لا يبقى فيها أيّ شيء. 
 
وهذا أدّى إلى إيمان الطبيب ومشاركته في المناولة مع المرضى بعد ذلك.
 
وفي معجزةٍ ثالثة، كان الكاهن يناول في مستشفى السّلّ أحد المرضى في فراشه، فبصق هذا الأخير من الدّم على الشرشف، فأخذ الكاهن بالملعقة المناولة التي بصقها المريض وأكلها، ثم طلب أن يُحرق الغطاء. 
 
شاهد الأطبّاء ذلك فخافوا وقالوا إنّه مجنون وسيمرض. إلّا أنّ تنبّؤاتهم باءت بالفشل ولم يُصِبِ الكاهنَ أيُّ مرض.
 
لو كانت المناولة تنقل العداوى لما رأينا كاهنًا واحدًا صحيحًا، إذ إنّ الكهنة يتناولون ما تبقّى من القدُسات بعد انتهاء كلّ مناولة. إنّ جسد الرّبّ ودمه "نارٌ تحرق وتُطهّر كلّ شيء".
 
"من شفاهٍ دنساتٍ وفؤادٍ من رجاسةْ 1 
*  من حشا نفسٍ رديئةْ ولسانٍ ذي نجاسةْ
*  يا مسيحي اقبلْ دعائي لا تخيّب لي رجائي
*  لا تردَّ اليوم قولي وسلوكي واجترائي....."
 
1 نشيد استعداد الروح - من الإفشين السّابع في صلاة المطالبسي
الإفشين ألّفه شعرًا باللّغة اليونانيّة القدّيس سمعان اللّاهوتي الحديث (949-1022م)
 
نظمه باللّغة العربيّة الأرشمندريت أندراوس مرقص
 
 
طروباريّة القيامة  باللّحن الثّامن 
 
إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثّلاثةِ الأيّام لكي تُعتقَنا من الآلام. فيا حياتَنا وقيامتَنا، يا ربُّ المجدُ لك.
 
 
طروباريّة الظّهور باللّحن الأوّل
 
باعتمادك يا ربُّ في نهرِ الأردنّ ظهرتِ السّجدةُ للثّالوث. لأنَّ صوتَ الآبِ تقدَّمَ لكَ بالشّهادة، مسمِّيًا إيّاكَ ابناً محبوبًا. والرّوح، بهيئة حمامة، يؤيّدُ حقيقةَ الكلمة. فيا مَن ظهرتَ وأنرتَ العالم، أيّها المسيح الإله المجد لك.  
 
قنداق الظّهور باللّحن الرّابع
 
اليومَ ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورُكَ قد ارتسمَ علينا نحن الذين نسبِّحُكَ بمعرفةٍ قائلين: لقد أتيتَ وظهرتَ أيُّها النورُ الذي لا يُدنى منه. 
 
 
الرِّسَالة
أف 4: 7-13
 
لِتَكُن يا ربُّ رحمَتُكَ عَلَينا كمِثلِ اتّكالنا عليك
ابتهِجوا أيُّها الصدّيقونَ بالرّبّ
 
يا إخوة، لكلِّ واحدٍ منّا أُعطيَتِ النعمةُ على مقدارِ موهبةِ المسيح. فلذلك يقول: لمّا صعِد إلى العُلى سبى سبيًا وأعطى الناسَ عطايا. فكونُهُ صعِد هل هو إلّا أنّه نزَل أوّلاً إلى أسافل الأرض؟ فذاك الذي نزَل هو الذي صعِد أيضًا فوق السَّموات كُلِّها ليملأَ كلَّ شيء. وهو قد أعطى أن يكونَ البعضُ رُسُلاً والبعضُ أنبياءَ والبعضُ مبشِّرين والبعضُ رُعاةً ومعلِّمين، لأجلِ تكميل القدّيسين ولعَمَلِ الخدمة وبُنيان جسدِ المسيح. إلى أن ننتهيَ جميعُنا إلى وَحدةِ الإيمانِ ومعرفة ابنِ الله، إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى مقدار قامةِ مِلءِ المسيح.
 
الإنجيل
متّى 4: 12-17 
 
في ذلك الزّمان، لمّا سمع يسوعُ أنّ يوحنّا قد أُسلمَ انصرف إلى الجليل، وترك الناصرة، وجاء فسكن في كفرناحومَ التي على شاطئ البحر في تُخومِ زبولونَ ونفتاليم، ليتمَّ ما قيل بإشعياءَ النبيِّ القائل: أرضُ زبولونَ وأرضُ نفتاليم، طريقُ البحرِ، عِبرُ الأردنّ، جليلُ الأمم. الشعبُ الجالسُ في الظّلمةِ أبَصر نوراً عظيماً، والجالسون في بقعةِ الموتِ وظلالِه أَشرقَ عليهم نور. ومُنذئذٍ اِبتدأ يسوعُ يكرِزُ ويقول: تُوبوا فقد اقترب ملكوتُ السَّموات.
 
 
في الإنجيل 
 
بعد أن شاركنا في الأعياد السيّديّة الكبيرة: ميلاد ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح وختانته بالجسد وظهوره الإلهيّ، نسمع اليوم هذه الدّعوة من الرّبّ: "توبوا فقد اقترب ملكوت السَّموات"،
 
 إنّها الدّعوة نفسها والصّرخة ذاتها التي ابتدأ يوحنّا المعمدان يهيّئ بها النّاس لقدوم المسيح من قبل أن يسلّم. 
 
والآن، بعد أن أُسلم السّابق، يكرز يسوع قائلاً الكلام عينه "توبوا فقدِ اقترب ملكوت السَّموات"  
 
يوحنّا مهّد الطّريق لمجيء المسيح عبر الدّعوة إلى التوبة، والآن المسيح (النّور الحقيقيّ الآتي إلى العالَم) يدعو بنفسه إلى التّوبة أي إلى تغيير جذريّ في سلوكنا وفي أفكارنا وأقوالنا وأفعالنا. يدعونا إلى... انقلاب داخل أنفسنا، إلى... ثورة كيانيّة...
 
لماذا؟ لأن ملك الله آتٍ إلى العالَم. لأنّ النّور الأزليّ سيشرق على الشعب الجالس في الظّلمة، وسيملك على النّاس، وبخاصّة الجالسين في بقعة الموت وظلاله، البائسين والمظلومين والمتروكين والمحرومين والمتألّمين... 
 
كيف سيملك؟ سيملك بالمحبّة لأنّه ملك المحبّة والسّلام، إذ إنّه "أحبّنا أوّلاً"... سيملك عبر بذل ذاته لأجل جميع البشر لأنّه رحيم ومحبّ للبشر...
 
كيف نعلَم بقدومه؟ لا يمكننا أن نعرف أنّه آتٍ إن لم نتغيّر ونَتُب؛ لذلك التّوبة هي الطّريق الوحيدة التي تؤهّلنا لاستقباله في قلوبنا النقيّة لكي يملك عليها وندخل معه في هذا الملك.       
 
لذلك، فالدعوة هي هي عند يوحنّا كما عند المسيح كما عند الرّسل والمبشّرين وعند الآباء في ما بعد... "توبوا" لأنّ المدخل إلى ملكوت الله هو من باب، وهذا الباب هو القلب التائب. "ملكوت الله في داخلكم"، "يا ابني أعطني قلبك".
 
من عاين نور المسيح أصبح من أبناء النّور، وأمّا من أغلق عينيه ولم يشاهده فهو ما زال غارقاً في الظّلام والجهل، وله عينان لا تُبصران، وأُذُنانِ لا تسمعان. 
 
"نور المسيح مضيءٌ للجميع: ومَن لم يعاين هذا النّور، أعمى عينيه عن معاينة الرّبِّ يسوع، وكأنّ الطّفلَ يسوع لم يولد بالنسبة إليه، وما يزال قابعًا في ظلام خطاياه ويتخبّط في جهله الرّوحيّ.   
 
 فإذا تاب كلٌّ مِنّا فإنّ الرّبَّ يفرح بعودتنا إليه، ويَضُمُّنا إلى صدره كما فعل والدُ الاِبنِ الشّاطر عندما عاد ابنُهُ الضّالُّ إليه. 
 
فهل نحن نعود بالتّوبة؟ هل نعود لكي يفرحَ الله بنا، ويجعلَنا من أبناء الملكوت السّماويّ الذي لا يزول، فنُثبتَ أنّنا حقًّا مِن أبناء الرّبِّ يسوع الذي احتَفَلْنا بأعياده الخلاصيّةِ المباركة؟ له المجد إلى الأبد، آمين.
 
حنّة النّبيّة والنّفس البشريّة 
 
صحيح أنّ الله لم يشأ أن ينتدب امرأة لكتابة الكتاب المقدّس أو أن يختار من النِّساء  رسولات، مع أنّه كان محاطاً بنساء لم يكنّ أقلّ من الاِثني عشر تلميذاً في المحبّة والتكرّس لخدمته والتّبشير بتعاليمه. لكنّ الجدير بالاِنتباه أنّ عدداً من أسمى الترانيم في كلمة الله قد انسكب من شفاه نساء مكرّسات وقدّيسات. فنشائد مريم أخت موسى وكذلك ديبورة وحنّة أمّ صموئيل ومريم أمّ يسوع تؤلّف كنزاً روحيًّا ثميناً.
 
نأخذ من بين تلك النشائد نشيد حنّة النبيّة الذي ورد في سفر صموئيل الأوّل الإصحاح الثّاني. وتُعتبر قصّة حنّة في العهد القديم من القصص الكتابيّة التي سجّلت تأثيراً على التقاليد المدوّنة إن كان بالقلم أو بالرّيشة، في الشّرق والغرب المسيحيَّين. فالرَّسّام البارع يشوع رينولدز، على سبيل المثال، منها استوحى لوحته الشّهيرة "صموئيل الصّغير" وهو يصلّي.
 
ثمّة تفاسير عديدة كُتبَت عن هذا المشهد العميق ولعلّ أهمّها ذلك الذي رأت فيه قصّة نادرة في تصوير طباع الناس وغرائزهم وعرض بديع لإدراك أخلاقهم الخفيّة، وذلك من خلال الأشخاص الملتفّين حول حنّة الحزينة ذات النفس المرّة التي كانت تسكب نفسها أمام الرّبّ بصمت وإيمان عميق، إلّا أنّ صلاتها الداخليّة كانت صراخاً أمام الله. 
 
نبدأ برئيس الكهنة عالي الذي ظنّ بحنّة وشكّ بها أنّها سكرى (1صمو: 1: 13)، مع أنّه يعلم أنّ السّكارى يضجّون عكس ما كانت حنّة تفعله. إنّ هذا الظّنّ يعبّر عن النفس القاسية، لا لأنّ القسوة من طباعها بل لأنّها، رغم ما قد تشتمل عليه من حبّ وعطف، تعوزها العين البصيرة المدرِكة لمنابع الألم وأعماقه؛ لهذا هو لم يميّز بين السّكارى والمصلّين الحقيقيّين. لكنّ ردّ حنّة الوديع كان سبب بركة لها ودعوة رئيس الكهنة لها واستجابة الرّبّ لطلبتها. 
 
أمّا فننة ضرّتها، التي كانت تغيظها دائماً لعقرها، فقد بدت في صورة النّفس البشريّة الوضيعة السّاخرة التي أضافت إلى حزن حنّة حزناً أكبر. وهي بعملها هذا تؤلِم الخالق والمخلوق معاً. تعيّر الخالق وتهين المخلوق. فكيف يكون هذا؟
 
نأخذ، على سبيل المثال، ولداً يتلعثم في نطقه ولسانُه متعثّر، فتخرج الكلمات من فمه متقلّبة، فنضحك عليه وعلى كلماته. ألا يكون ذلك استهزاءً بالذي خلقه؟ أضاعت فننة، بفعلتها هذه، الرّسالة التي وضعها الله أمامها وهي رسالة تشجيع المحروم، إعانة المعوَز وعضد الباكي… 
 
فمع أنّها كانت تذهب مع زوجها كلّ سنة إلى شيلوه (المعبد) ولم تتغيّب البتّة، ليسجدا ويذبحا لربّ الجنود (1صمو1: 3-4)، إلا أنّها لم تتوانَ لحظة عن إغاظة حنّة ضرّتها. فلا يظنَّنَّ أحدٌ أنّ الذهاب إلى الكنيسة يصنع بحدّ ذاته قدّيسين.
 
فلمَن تذهب هذه المرأة لتصلّي؟ كيف تستطيع أن تقترب من الإله العليّ؟ كيف سيقبل الرّبّ على مذبحه ذبيحة امرأة تتمتّع نفسها بألم الآخرين وحرمانهم؟
 
لنتأمّل لو أنّ فننة فعلت العكس، أي أنّها كانت تصلّي وتشكر الله على النِعم التي حُرِم منها كثيرون وأنّ بنيها وبناتها ليسوا سوى فضل النعمة المتنازلة السابغة عليها. لنتخيّل لو أنّها أتت هي وأولادها عند قدمَي الله وصرخت: لِمَ أنا يا ربّ؟ لماذا خصَصتني بهذه النّعمة وأنا أصغر بني جنسي؟ 
 
إنّ الإحساس بالشكر يزداد عندنا متى كانت لنا عيون مبصرة تدرك ظروفنا وظروف الآخرين. يزداد عندما تشكر الله على صحّتك بين المرضى، وعلى شبعك ساعة الجوع، وعلى خيرك حين ترى الشّقاء والألَم والحرمان والمذلّة تتربّص بملايين البشر.
 
لو ذكرَت فننة هذا لعرفَت كيف تحمد الله وأن يتّسع قلبها فتدرك أنّ الله، إذ يمنحها خيراته، فليس يمنحها لأجل استحقاقها ولا لأنّها أفضل من حنّة بل لأجل جوده وصلاحه هو. أو أنّها صلّت إلى الله قائلة: اغفر لي يا ربّ، لأنني لم أحبس في فمي صيحة الفرح والاِبتهاج وأختي أمامي متألّمة ودامعة، أو قالت يا ربّ أعطِ لها  ما أعطيتني…
 
لو فعلت فننة هذا لأضحت صلواتها مزامير وتراتيل خالدة في مسمع الله والإنسان كما أصبح نشيد حنّة في صلواتنا اللّيتورجيّة (كاطافاسيّات السّحر) بمقابل نشيد والدة الإله (لو1: 47 -55). هكذا انكسرت فننة المتشامخة فتَحطّم جبروتها، ذبلت بالرغم من إنجابها البنين، فقدت الحياة وصارت كَمَن هبط إلى الهاوية. 
 
افتقرت وانحطّت إلى التراب (1صمو:2: 5-7). على عكس حنّة التي تمنطقت قوّة من يد الله بروح الاِتّضاع وشبعت بعد الجوع، وأنجبت الكثيرين بعد العقر، تمتّعت بالحياة بعد أن كانت ميتة، رفعها الله وأغناها ووهبها كرامة، وما جعل رجلها تزلّ (2صمو:2: 9، مزمور:12: 13). لأنْ لا شيء يجعل الرِّجل تزلّ وتسقط إلّا الكبرياء؛ بينما المحبّة تحرّك للسَّير والتقدّم والصّعود.
 
وهكذا، إنّ حنّة، في موقفها من الألَم، درس إلهيّ وإنسانيّ رائع، فهي لم تفتح فمها لتدين ضرّتها بل لتسبّح بخلاص الله إذ تقول: "الرّبّ رفع قرن مسيحه، الرّبّ يدين أقاصي الأرض" (1صمو  2: 10). 
 
إنّ انفتاح لسان حنّة الدّاخليّ وبصيرتها الرّوحيّة وتجاربها العميقة مع عمل الله حمل انعكاسات على ابنها صموئيل الذي سمع صوت الرّبّ الهادئ في الهيكل دون أن يسمعه عالي رئيس الكهنة. 
 
لقد أرضعت ابنها حياة التجاوب مع عمل الله ومع دعوته وكلامه، الأمر الذي يُحرَم منه الكثيرون من أبنائنا لسبب انغلاق قلب الوالدين وعمى بصيرتهم الداخليّة وثقل لسانهم من الحديث مع الله والتسبيح له. بدأت حنّة تسبحتها بإعلان فرحها لا لمجرّد نوالها "صموئيل" كعطيّة وإنّما لتمتّعها بواهب العطيّة نفسها إذ تقول: "فرح قلبي بالرّبّ".
 
لقد اِمتلأت أعماقها الداخليّة بالله نفسه مصدر الفرح، على حدّ قول الرّسول بولس: "أمّا ثمر الرّوح فهو محبّةٌ وفرحٌ…" (غلا:5: 22).
 
هذا الفرح الدّاخليّ يهب للنّفس قوّة فلا تخور تحت أيّ ظرف إذ تقول "ارتفع قرني بالرّبّ". 
 
واستخدام القرن (قرن الثور) ككناية عن القوّة يعتبر شائعاً في الأدب العبريّ. ثمّ تضيف: "ليس قدّوس مثل الرّبّ". 
 
إن كان الله هو وحده القدّوس فقد جاء كلمة الله المتجسّد القدّوس (لو 1: 49) ليضمّنا إليه فنحمل حياة القداسة فينا.
 
 
أخبــارنــا
 
النّشاط الميلاديّ في المطرانيّة. 
 
ضمن نشاط السّوق الميلاديّ في دار المطرانيّة Charity christmas market من 15 كانون الأوّل 2018 لغاية 23 منه، والذي نظّمته دار المطرانيّة بالتعاون مع Association Chrétiens d’Orient ومؤسّسة الطوارئ التي ترأسها السيّدة مايا حبيب حافظ، أقيم النّشاط الأوّل للأطفال على صعيد الأبرشيّة، برعاية المتروبوليت أفرام كرياكوس وحضوره.
 
حضر هذا النّشاط أكثر من 450 طفلاً، ما فاق العدد المتوقِّع، أتوا من أطراف الأبرشيّة كافّة، وعبّروا عن فرحتهم وتفاعلهم بحضور راعي الأبرشيّة.
 
ابتداءً  أَحيت جوقة ضمّت خمسين طفلاً من مدرسة مار الياس الميناء أمسّية ميلاديّة، بقيادة قدس الأب رومانوس الخولي. بعدها قدّمت الشّابة الموهوبة لين الحايك باقة من أغاني الميلاد. واختُتم النشاط بعرض مسرحيّ مع توزيع الحلوى على الجميع.
 
شكر اللهَ جميعُ من ساهموا في إنجاح هذا النّشاط الميلاديّ لهذه السنة آملين أن تكون مطرانيّة طرابلس، برعاية راعيها ومساهمة كلّ الأيادي البيضاء التي نظّمت هذا العمل، قد زرعت فسحة أملٍ وبصيص رجاء في نفس كلّ من شارك ونظّم وساهم لكي تكون الكنيسة على صورة معلّمها كنيسة شركة ومحبّة.
 
 اجتماع كهنة الأبرشيّة
 
نذكّر كهنة الأبرشيّة بموعد اجتماعهم الذي يعقد نهار السبت الواقع فيه 26 كانون الثّاني 2019، في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس- طرابلس الزاهريّة، بحسب البرنامج  التالي: السّاعة الثّامنة صباحاً صلاة السَّحر، 9,00 القدّاس الإلهيّ، 10,30 لقاء حول مواضيع وتوصيات يطرحها صاحب السّيادة، وذلك في القاعة الملاصقة للكنيسة. يشدّد صاحب السّيادة على أهمّيّة الحضور، ابتداءً من صلاة السَّحريّة، للكهنة والشّمامسة عامّة.