الأحد 8 نيسان 2018

الأحد 8 نيسان 2018

08 نيسان 2018

الأحد 8 نيسان 2018           
  العدد 14

 

أحد الفصح العظيم المقدّس

 

* 9: إثنين الباعوث، الشّهيد آفبسيشيوس، رافائيل ونيقولاوس وإيريني (ميتيليني) ، * 10: ترانتيوس ويومبيوس ورفاقهما، *  11: الشّهيد أنتيباس أسقف برغامس، *  12: باسيليوس المعترف، أكاكيوس الآثوسيّ، *  13: ينبوع الحياة، مرتينوس المعترف بابا رومية، *  14: أريسترخس وبوذس وتروفيمس وهم من الرُّسل السَّبعين.

 

رسالة الفصح

القيامة والحياة

الفصح عبور من الموت إلى الحياة، من الأرض إلى السماء. كلّ منّا يولد إنساناً قابلاً للموت، يحمل طبيعة قابلة للمرض والسقوط. لذا كلّ طفل بحاجة إلى تطعيم، إلى لقاح ضدّ المرض، ضدّ اهتراء الخلايا، ضدّ الموت. هذا لأنّ خلايا جسدنا تبدأ بالاِهتراء والموت منذ لحظة الولادة، فهي بحاجة متواصلة إلى التجدّد.

 

هذا كلّه ضعف جسديّ، نفسيّ وروحيّ. من هنا أهمّيّة سرّ المعموديّة في أبكر وقت ممكن، إذ في هذا السرّ زرع إلهيّ، طُعم الرّوح القدس ولقاحه. إنّ قوّة المسيح القائم من بين الأموات، هذه الطاقة الإلهيّة غير المخلوقة، هي وحدها القادرة على أن تجدّد خلايانا المعطوبة.

"دُفنّا معه في المعموديّة للموت حتّى، كما أقيم المسيح من الأموات... هكذا نسلك نحن أيضًا في جدّة الحياة (رومية 6: 4 وكولوسّي 2: 12). "لنا هذا الكنز في آنية خزفيّة" (2كورنثوس 4: 7).

 

خلال حياتنا في العالم نحيا ونختبر، في كثير من الأحيان، شيئاً من الموت: عبر الأمراض، التجارب، الحروب، والفقر الشديد... هذه البذرة الإلهيّة، بذرة القيامة التي أخذناها في المعموديّة، تتغذّى وتتجدّد في سرّ الأفخارستية باشتراكنا في المناولة المقدّسة. يقول الكاهن، عند مناولته المؤمنين: "يُناول عبدالله فلان
جسد ودم ربّنا يسوع المسيح لمغفرة خطاياه وحياة أبديّة". هذا هو جسد المسيح القائم من بين الأموات المحيي حياتنا المائتة. يقول القدّيس باسيليوس الكبير: "إنّ جسد المسيح ودمه الكريمين يدخلان في كلّ أعضاء الإنسان وثناياه، يتسرّبان في عروقه حتّى أطراف الحواسّ". هكذا تصبح العين عينَ المسيح ونظرات الإنسان نظر المسيح والسَّمع سمعَ المسيح، وحتّى الفكرُ يُصبح فكرَ المسيح... الغاية هي أن يشتعل الإنسان، أن تلتهب الطبيعة البشريّة بالنار الإلهيّة كما يشتعل الحديد بالنار ويلتهب بها.

 

المسيح القائم يصير فينا ونحن نصير فيه؛ هذه هي الحياة في المسيح.

 

الحياة في المسيح هي القيامة. منذ الآن، ونحن على الأرض، نتذوّق مسبقاً طعم الملكوت. خطيئة الإنسان المعاصر هي أنّه يبغي أن يكون مكتفياً بذاته بدون علاقة مع الله. هكذا يعيد ويكرّر في نفسه خطيئة آدم، وهذا ما يشكّل موته الحقيقيّ.

المسيح قام!

 

+ أفرام

مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامس

 

المسيحُ قام من بين الأموات، ووطئَ الموتَ بالموت ووهب الحياةَ للَّذين في القبور.

 

 

الإيباكويي (الطّاعة) باللَّحن الرابع

 

سَبَقَتِ الصُبحَ اللّواتي كنَّ مع مريم، فوجدْنَ الحجَرَ مُدحرَجاً عَن القَبْرِ، وَسَمِعْنَ الملاكَ قائلاً لهنَّ: لِمَ تَطلُبْنَ مع الموتى كإنسانٍ الذي هُوَ في النورِ الأزليّ؟ أُنظُرنَ لفائفَ الأكفانِ وأَسرِعْنَ واكرِزْنَ للعالَم بأنَّ الربَّ قَد قامَ وأماتَ الموتَ، لأنَّه ابنُ اللهِ المخلِّصُ جنسَ البشر.

 

القنداق باللَّحن الثامن

ولَئِن كنتَ نزَلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله؛ وللنّسوةِ حاملاتِ الطِّيب قلتَ افرحنَ، ولِرسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.

 

الرِّسالَة

أع 1: 1-8

 

 

هذا هُوَ اليَوْمُ الذي صَنَعَهُ الربّ. فَلْنَفْرَحْ ونَتَهلَّلْ بِهِ

اعْتَرِفُوا للرَّبِّ فإنَّهُ صالحٌ وإنَّ إلى الأبدِ رَحْمَتَهُ

 

إنّي قد أنشأتُ الكلامَ الأوّلَ يا ثاوفيلُس في جميع الأمورِ التي ابتدأ يسوع يعملها ويُعلِّمُ بها، إلى اليومِ الذي صَعِدَ فيهِ، من بعدِ أن أوصى بالروح القدُسِ الرسلَ الذينَ اصطفاهم؛ الذين أراهُمْ أيضاً نفسَهُ حيًّا، بَعْدَ تألُّمهِ، ببراهينَ كثيرةٍ وهو يتراءَى لهم مدَّةَ أربعينَ يوماً ويُكلِّمُهُم بما يختصُّ بملكوتِ الله. وفيما هو مجتمعٌ معهم أوصاهم أن لا تَبرحوا من أورشليمَ بل انتظروا موعِدَ الآب الذي سمعتموهُ منّي؛ فإنَّ يوحنّا عمَّدَ بالماء وأمَّا أنتم فستعمَّدون بالروح القدس، لا بعدَ هذه الأيّام بكثيرٍ. فسألهُ المجتمعونَ قائلينَ: يا ربُّ أفي هذا الزمان تردُّ الملكَ إلى إسرائيلَ؟ فقالَ لهم: ليس لكم أن تَعْرِفوا الأزمنةَ أو الأوقاتَ التي جعلَها الآبُ في سلطانِه، لكنَّكم ستنالونَ قوَّةً بحلولِ الروح القدس عليكُمْ، وتكونونَ لي شهوداً في أورشليمَ وفي جميع اليهوديَّةِ والسّامرة، وإلى أقاصي الأرض.

 

الإنجيل

يو 1: 1-17

 

في البدءِ كانَ الكَلِمةُ والكَلِمةُ كانَ عندَ الله وإلهاً كانَ الكَلِمَة. هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. كُلٌّ بهِ كانَ وبغيرِهِ لم يكُنْ شَيءٌ ممَّا كُوّن. بهِ كانتِ الحياةُ والحياةُ كانَتْ نُورَ الناس والنورُ في الظلمَةِ يُضيءُ والظلمَةُ لم تُدْرِكْهُ. كانَ إنسانٌ مُرسَلٌ مِنَ اللهِ اسمُهُ يُوحَنَّا. هذا جاءَ لِلشَّهادَةِ ليشهد للنُّور، لكي يؤمنَ الكلُّ بِواسطتِهِ. لم يكنْ هوَ النورَ بل كان ليشهَدَ للنورِ. الكلمةُ هو النورُ الحقُّ، الآتي إلى العالم والمُنيرُ كُلَّ إنسانٍ. في العالمِ كان والعالَمُ بهِ كُوِّنَ والعالـمُ لَمْ يعرفهُ. إلى خاصَّتِهِ أتى وخاصَّتهُ لم تقبَلهُ. فأمَّا كلُّ الذينَ قَبِلوهُ فقد أعطاهُم سُلطاناً أن يكونوا أولاداً للهِ، وهُمُ الذينَ يؤمنون باسمِهِ، الذينَ لا مِن دَمٍ ولا مِنْ مشيئةِ لحمٍ ولا مِن مشيئةِ رَجُلٍ لكنْ مِنَ الله وُلِدوا. والكلمَةُ صارَ جسداً وحلَّ بيننا، وقد أبْصرْنا مجدَهُ مجدَ وحيدٍ من الآب مملوءًا نِعمةً وحقّاً، ويُوحَنَّا شَهِدَ لهُ وصرَخَ قائلاً: هذا هُوَ الذي قلتُ عَنهُ إنَّ الذي يَأتي بَعدي صارَ قبلي لأنَّهُ مُتَقدِّمي. ومن مِلئِهِ نحنُ كلُّنا أخَذْنا ونعمةً عوضَ نعمةٍ. لأنَّ الناموسَ بموسى أُعطِيَ، وأمَّا النِّعمَةُ والحقُّ فبِيسُوعَ المسيحِ حَصَلا.

 

في الإنجيل

 

 ها قد وصلنا، بنعمة الله، إلى عيد الأعياد وموسم المواسم، عيد انتصار المسيح على الموت بموته وقيامته.

يسوع أتى إلى العالم مطيعاً للآب القدّوس حتّى الصلب والموت، عندما اتّخذ صورة عبد وصار في شبه الناس. يسوع أتى إلى العالم مائتاً وحيًّا. نقول في اللّاهوت إنّه ولد مائتاً لخلاص البشر. هو الذي أراد أن يموت عن الإنسان لخلاصه، هو الذي سُرَّ أن يفتديه من لعنة الخطيئة بحيث أضحى لا خلاصَ له إلّا بإلهه. كان لا بدّ من موت الإله- الإنسان لفداء من خلقهم على صورته ومثاله، كما صرخ داود مرّة: "لا يستطيع أخ أن يفتدي أخًا". يسوع المسيح تجسّد ومات لخلاصٍ فهمناه بقيامته عندما انسكبت علينا أنواره يوم العنصرة.

 

على الجلجة غسَل الرّبّ خطايا البشريّة بدمه المسفوك لحياة جديدة. الصليب عبَر بالبشريّة إلى قوّة القيامة، ولكنّه بقي محجوباً عن أبصار العالم الذين لم يؤمنوا؛ لهذا، صرخ بولس الرّسول: "إنّ كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أمّا عندنا نحن المخلّصين فهي قوّة الله".

 

لقد أراد المسيح أن يكون مخلّصاً، أن يُعتِق الإنسان من ما يُفسدُه، لقد أراده حرًّا من المرض والحزن، ومن الخوف بتعبير آخر. لقد أراده الله أن يذوق الحياة الأبديّة هنا، في الكنيسة، هذه التي تأتينا من المسيح القائم من بين الأموات.

فالقيامة غيّرت البشريّة في العمق. القائمون أدركوا أنّهم، بآلام الرّبّ وموته وقيامته، أصبحوا محبوبين، وأدركوا أيضًا أنّهم تعافَوا... الحياة الجديدة هي الملكوت المسكوب علينا في الزمن، إذ، كما قال الرّبّ يسوع، "ملكوت السموات في داخلكم". فإذا صار الملكوت فينا نشعر أنّنا أصبحنا واحداً بالمسيح، نذوق القيامة كلّ يوم.

 

مرارة الجحيم 

 

الجحيم كلمة ترافق الإنسان منذ طفولته. وللأسف، قلّما نلتقي بالتفسير الحقيقيّ لهذه الكلمة والمستنِد إلى فهم روحيّ. ففي أغلب الأحيان تُرعِب هذه الكلمة الصغار والكبار معاً، بسبب التصوّرات والأفكار الخاطئة والأوهام المزروعة في الأذهان والنفوس. فمفردات الجحيم والحبّ والخير والجمال، وغيرها من الكلمات التي تتعلّق بعمق حياة الإنسان، - وقد كُتِب عنها الكثير من المؤلّفات والأساطير والملاحم والمثولوجيّات والفنون - ما زالت، إلى اليوم، تشكّل مادّة مهمّة لصناعات المرئيّ والمسموع ذات التأثير الكبير على الشعوب.

 

اختلفت الشعوب، في بعض الأحيان، وتلاقَت في غيرها، في تصوير الجحيم. فمنهم مَن رأى أنّه دار الأموات أو مقرّهم، أو مملكة الأموات المظلمة، أو الهاوية التي لها قوّاتها التي تندفع منها إلى الأرض لتلتهم الأحياء وما إلى هنالك… حتّى الكتاب المقدّس، بعهدَيه القديم والجديد، يشير إلى الجحيم بمقاطع كثيرة. بالتأكيد، لم يقبل الكتاب المقدّس أيًّا من تصوّرات الأمم عن الجحيم. ويبقى السؤال: لماذا الحديث عن الجحيم فيما نحن نفرح ونتهلّل بعيد الفصح؟ إنّ الهدف في هذا المقال هو عرض تعليم التقليد الكنسيّ عن الجحيم وإبادته. بالطبع، نحن نحتفل بقيامة المسيح، والكنيسة تعلّمنا أنّ احتفالنا بالفصح يبدأ في لحظة نزول المسيح إلى الجحيم. ما معنى هذا؟

 

الجحيم، في التقليد الأرثوذكسيّ، ليس مجرّد مكان بل هو سلطان الموت والشّيطان وسيادتهما. من هنا أنّ جوهر القيامة هو موت الموت وإبادة الشيطان. هذا ما فعله المسيح إذ، بنزوله إلى الجحيم، غلب الموت وحطّم الشيطان وملأ كلّ الأشياء برؤية ألوهيّته، فغفر للخطأة وأنار أعين العميان الذين على الأرض، و، في الوقت نفسه، سطع نوره على الساكنين في الظلمات وظلال الموت. ولعلّ من أروع الصوّر التي نجدها مراراً في خدمة الفصح تلك التي تصوّر الجحيم منادياً، متأوّهاً وصارخاً بخوف. نذكر، على سبيل المثال، كانين الأودية الرابعة: “أيّها الكلمة إنّ الجحيم لـمّا استقبلك تمرمر، لمشاهدته إنساناً متألِّهاً يُوسَم بالكلوم، مع أنّه القادر على كلِّ شيءٍ، فمن هذه الصورة الغريبة صاح مرتاعاً”. فالمسيح، مع كونه مثخَناً بالجراح، إلّا أنّه كان لا يزال كلّيّ القدرة بسبب ألوهيّته، مع استحالة أن تكون الجراح لألوهيّته إنّما لنفسه التي تألّمت مع جسده.

 

هذا ينطبق أيضاً على نفس الإنسان هنا والآن، وليس بعد الموت وحسب. الذين يرتكبون أموراً شرّيرة عادمة الضمير، فإنّ صورة أعمالهم، عندما يتفطّنون لها، تثير الرعب في نفوسهم أكثر من الذي يثيره الظلام والنار الأبديّة، حيث إنّ رؤية المسيح القائم تكشف عيوب الإنسان، كما يكشف النور الظلام. هذا هو الجحيم الداخليّ بعينه: أن يرى الإنسان عيوبه على نور المسيح. لكنّ المسيح لا يكشف لنا نوره لنتعذّب بل لنتوب. من جهة أخرى، يعاني الكثيرون اليوم من تسلّل الجحيم من خارج نفوسهم إلى داخلها. فما يحيط بالإنسان وما يراه ويمرّ به ويعانيه ويتأثّر بنتائجه، في داخل الكنيسة وخارجها، يثير فيه الإحباط، فتصير رؤية المسيح والنور أصعب. هذا يبعد البعض عن الكنيسة، فيما يتوهّم البعض الآخر أنّه قياميّ ويتغنّى بفرح القيامة، ولا يميّز فعليّاً بين الحقيقة والوهم.

 

لكي يرى الإنسان المسيحَ القائم عليه أن يختبر التوبة التي تؤدّي إلى التطهّر والسلام الداخليّ، وبراءة النفس التي تنتج الفضائل وتبعد، بالاتّضاع، كلّ هوًى. هذه الحالات، عندما يختبرها الإنسان بسلوكه حسب تعليم الكنيسة، يصير فيها قادراً على النزول إلى جحيم قلبه، فيغلب الموت فيه ويرى ملاك الرّبّ، أي ضميره، يدحرج له الحجر ويخبره بأنّ الفضيلة التي ماتت في قلبه سوف تُقام وتؤهّله للمعرفة التي تمنحه أن يرى المسيح القائم ممرمِراً الجحيم.

 

أخبـــارنــــا

 

صاحب السّيادة يتقبّل التهاني بالعيد

 

لمناسبة عيد الفصح المجيد يتقبّل راعي الأبرشيّة سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الاِحترام التهاني،  وذلك نهار أحد الفصح المقدَّس من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر حتّى الواحدة بعد الظهر، ومن الساعة الرابعة عصرًا حتّى السابعة مساءً، في القاعة الملاصقة لدار المطرانيّة.

المسيح قام... حقّاً قام