الأحد 23 نيسان 2017

الأحد 23 نيسان 2017

23 نيسان 2017
 
الأحد 23 نيسان 2017 
العدد  17
أحد توما
الإيوثينا الأولى
 
* 23: أحد توما، العظيم في الشّهداء جاورجيوس اللّابس الظفر، * 24: البارّة أليصابات العجائبيَّة، الشّهيد سابا، * 25: الرّسول مرقس الإنجيليّ ، * 26: الشهيد فاسيلافس أسقف أماسية، * 27: الشَّهيد في الكهنة سمعان نسيب الربّ، * 28: التسعة المستشهدون في كيزيكوس، * 29: الرَّسولان ياسنوس وسُوسيباترس ورفقتهما.
 
الشكّ واليقين 
 
 "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ" (يو 20: 25). هذا كان تصريح توما عندما بشَّرَه إخوته بقيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات.
 
المسيحيّة إيمان ثابت بالقيامة. "طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا" (يو 20: 29). القيامة عندنا يقين. لذلك، انتشرت المسيحيّة بشهادة الدّم. وما القدّيس جاورجيوس، العظيم في الشهداء، سوى نموذج عن هؤلاء المسيحيّين الّذين "آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا"، الّذين لا يطلبون حكمًا أو حضورًا في هذا العالم "لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ" (عب 13: 14).
 
 كلّ مسألة الإيمان تتعلّق بحياة الدّهر الآتي. لأنّه، إذا كان الله موجودًا، فلا بدّ أن يكون صالِحًا وإلّا فيجب عدم عبادته. وبما أنّ الله صالح فلا يمكن أن يترك العالم تحت ربقة الخطيئة والظّلمة والظّلم. لذلك، أتى الربّ بنفسه في ابنه وحمل أوجاعنا وكابد مظلوميّتنا ليمنحنا رحمته وعدله.
 
من لا يؤمن بالحياة الأبديّة والقيامة فلا قيمة لحياته. لأنّ قيمة الإنسان ليست من ذاته بل من الله الّذي خلقه على صورته. من يُشكِّك بالقيامة لا إيمان عنده. الإيمان بالله مرتبط بالإيمان بـ"قيامة الموتى والحياة في الدّهر الآتي" (دستور الإيمان).
 
إيماننا يقينيّ بشهادة الشهداء والشهود الّذين حملوا هذا الإيمان وتكبّدوا لأجله الموت والألم والضيقات المتنوّعة (أنظر الرسالة إلى العبرانيّين الإصحاح 11)، " فهؤلاء كلّهم، مشهودًا لهم بالايمان، لم ينالوا الموعد إذ سبق الله فنظر لنا شيئًا أفضل لكي لا يُكمَلوا بدوننا" (عب 11: 39 – 40).
 
نحن سلالة هؤلاء الشهداء والشهود، إيماننا مبنيّ على اعترافهم بالرّبّ وعلى قوّة الله الّتي ظهرت فيهم وما زالت مستمرّة في رفاتهم وأيقوناتهم، والتي تشهد على حقيقة القيامة.
 ما زال يوجد "سبعة آلاف لم يحنوا ركبة لبعل". هؤلاء هم شهود الربّ يسوع وقيامته؛ عسانا نجاهد لنكون منهم، لأنّنا قد أُعطينا هذه النعمة. فهل من يدرك ويكشف؟!...
 
+ أنطونيوس
 متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
 
طروباريَّة الأحد الجديد باللَّحن السابع
 إذْ كان القبرُ مختوماً أشرقْتَ منهُ أيُّها الحياة. ولمَّا كانَتِ الأبوابُ مُغْلَقَة، وافيْتَ التلاميذَ أيّها المسيحُ الإلهُ قيامةُ الكلّ. وجدَّدْتَ لنا بهم روحًا مستقيماً، بحسبِ عظيمِ رحمتك.
 
القنداق باللَّحن الثامن
 ولَئِن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قلتَ افرحنَ، ولِرسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.
 
الرِّسالَة
أع 12: 1--11
يفرحُ الصدّيق بالربّ
 استمع يا الله لصوتي
 
في ذلك الزمان ألقى هيرودسُ الملكُ الأيادي على قومٍ من الكنيسة ليُسيءَ إليهم، وقتلَ يعقوب أخا يُوحنَّا بالسيف. ولمَّا رأى أنَّ ذلك يُرضي اليهودَ عاد فقبضَ على بُطرس أيضًا (وكانت أيّامُ الفطير). فلمَّا أمسَكَهُ جعلَهُ في السجن وأسلَمهُ إلى أربعة أرابعَ من الجُند ليحرُسُوهُ وفي عَزمِه أن يقدِّمَهُ إلى الشعب بعد الفصح، فكان بطرُسُ محبوساً في السجن وكانتِ الكنيسة تصلّي إلى اللهِ من أجلِه بلا انقطاع. ولمَّا أزمَعَ هيرودسُ أن يُقدِّمهُ كانَ هو في تلك الليلةِ نائماً بين جُنديَّينِ مقيَّداً بسلسِلتين وكان الحرَّاسُ أمامَ الأبواب يحفظون السجن. وإذا ملاكُ الربِّ قد وقف به ونورٌ قد أشرقَ في البيت فضرب جنبَ بطرُسَ وأيقظهُ قائلاً قُمْ سريعاً. فسقطت السِلسِلتان من يديه، وقال لهُ الملاكُ تمنطق واشدُدْ نَعليْك، ففعل كذلك. ثمّ قال لهُ البَس ثوبَك واتبعني، فخرج يتبعهُ وهو لا يعلم أنَّ ما فعلَهُ الملاكُ كان حقًّا بل كان يظنُّ أنّهُ يرى رؤيا. فلمَّا جازا المحرسَ الأوّلَ والثاني انتهيا إلى بابِ الحديدِ الذي يؤدّي إلى المدينة فانفتحَ لهما من ذاتِه. فخرجا وتقدَّما زُقاقاً واحداً، وللوقتِ فارقهُ الملاك. فرجَعَ بطرُسُ إلى نفسه وقال: "الآن علمتُ يقيناً أنَّ الربَّ أرسلَ ملاكَهُ وأنقذني من يد هيرودس ومن كلِّ ما تربَّصَهُ بي شعبُ اليهود".
 
الإنجيل
يو 20: 19--31
لمّا كانَتْ عَشيَّةُ ذلِكَ اليومِ، وَهُوَ أوَّلُ الأُسبوع، والأَبوابُ مُغلَقةٌ حيثُ كانَ التلاميذُ مجتمِعينَ خوفاً مِنَ اليهودِ، جاءَ يسوعُ ووقفَ في الوَسْط وقالَ لَهم: السلامُ لكم. فلمَّا قالَ هذا أَراهُم يَدَيهِ وجَنبَهُ. ففرِحَ التلاميذُ حينَ أبصَروا الربَّ. وقال لهم ثانية: السَّلامُ لكُم. كما أرْسَلَني الآبُ كذلكَ أنَا أُرسِلُكُم. ولمَّا قالَ هذا نَفَخَ فيهم وقالَ لهم: "خُذُوا الرُّوحَ القُدُسَ، مَن غَفَرْتُم خطاياهُم تُغْفَرُ لهم، ومَن أمسَكْتُمْ خطاياهُم أُمسِكَتْ". أمَّا توما أحَدُ الاثنيَ عشرَ، الذي يقالُ لهُ التوأَم، فلم يكنْ معَهُم حينَ جاءَ يسوع. فقالَ لهُ التلاميذُ الآخَرونَ إنَّنا قد رأيْنَا الربَّ. فقالَ لهُم: "إنْ لم أُعايِنْ أثرَ المساميرِ في يدَيْهِ وأضَعْ إصبَعي في أثرِ المساميرِ وأضَعْ يدي في جَنبِهِ لا أُومِنْ". وبعدَ ثمانيةِ أيّامٍ كانَ تلاميذُهُ أيضاً داخِلاً وتُوما معَهم، فأتى يسُوعُ والأبوابُ مُغلقَةٌ، ووقفَ في الوَسْطِ وقالَ: "السلامُ لكم". ثمَّ قالَ لتوما: "هاتِ إصبَعَكَ إلى ههنا وعَاينْ يَدَيَّ. وهاتِ يَدَكَ وضَعها في جَنبي ولا تَكُنْ غيرَ مُؤمنٍ بَل كُن مؤمناً".
 
أجابَ توما وقالَ لهُ: "رَبِّي وإلهي". قالَ لهُ يسوعُ: "لأنَّكَ رأيتَني آمنت. طوبىَ للّذينَ لَمْ يَرَوا وآمنُوا". وآياتٍ أُخَرَ كثيرةً صَنَعَ يسوعُ أمامَ تلاميذِهِ لم تُكتَبْ في هذا الكتاب، وأمَّا هذهِ فقد كُتبَتْ لتُؤمِنوا بأنَّ يسوعَ هو المسيحُ ابنُ الله، ولكي تكونَ لكم، إذا آمنتم، حياةٌ باسمِهِ.
 
 قراءة في شكّ القدّيس توما الرّسول (الأحد الأوّل بعد القيامة)
يخبرنا الإنجيل أنّ الربّ زار الرّسل بعد قيامته من بينِ الأموات وتوما لم يكن معهم. وهذا لم يكن صدفة، فالربّ فعل هكذا كي يثبّت توما أيضًا وكلّ الذين يسمعون بحدث القيامة بعد توما أيضًا.
 
 توما اعتبر أنّ عدم وجوده بين الرّسل، عند حضور الربّ، هو نقصان لتلمذته ورسوليّته. وهكذا حضر الربّ في زيارة ثانية للرّسل، وكان توما معهم، وقال: يا توما هاتِ يدك وضعها في جنبي وفي يديّ ورجليّ ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا. فصرخ توما صرخته الشهيرة: "ربّي وإلهي". فاعترف وآمن.
 
الشكّ بقيامة الربّ من بين الأموات هو رفيق الطبيعة البشريّة. نحن معظمنا، كتوما، نشكّ. ولكنّ قيامة الربّ من بين الأموات هي، عند بولس الرّسول، حجر الزاوية في موقفنا من الربّ. نحن نحتاج إلى إيمان وثقة بما جرى حقًّا من أجلنا. وهذا الإيمان ليس إيمانًا عاطفيًّا، إنّه محبّة الربّ من كلّ القلب، والثقة بما جرى من أجلنا ومن أجل خلاصنا.
الشكّ بقيامة الربّ هو بسبب ضعف طبيعتنا البشريّة، وبسبب عبوديّتنا للخطيئة أيضًا. من لا يعِش في الفضيلة لا يرسخْ فيها، وهو عرضة، كلّ حين، للوقوع في الاِرتياب والشكّ بقيامة الربّ. وتكريس الحياة لمحبّة الربّ يحمينا من الشكّ ويوطّد حياتنا في الربّ وفي كلّ ما جرى من أجلنا. بهذا المعنى ليس الإيمان في القلب محافظة على قطعة أثريّة لا أكثر.
 
الإيمان الحقيقيّ يختلف عن هذا بكثير؛ إنّه يتضمّن المحافظة على أمر ثمين، وأيضًا السّعي للنموّ والتقدّم فيه وفي معرفته والاِلتزام به. وكيف يتقدّم المرء في الايمان ويتعمّق فيه في قلبه؟
 
ليس من شكّ، وقد اجتزنا مسيرة الصّوم، في أنّ الإنتباه إلى الذات، إلى السلوك، إلى الأفكار، السهر على النقاوة الداخليّة، المناولة المقترنة بالاِعتراف من كلّ القلب بخطايانا وعيوبنا، نجاح التواصل مع الآخرين من أجل محبّتهم ومن أجل تقدّمنا وسلامتنا، كلّها تساعدنا ليس فقط في أن نتقدّم ليس فقط في الإيمان العميق بالربّ والثقة به، بل، أيضًا، في أن نتعمّق في العيش معه.
 
نصلّي إلى الربّ أن يثبّت عدم إيماننا، وضعف إيماننا، ويجعل أرجلنا في طريق الفضيلة والقداسة كي نقتدي به كلّ حين، آمين.
في مساءِ ذلكَ اليوم!
 
ذلك اليوم هو يوم الأحد، أي يوم القيامة الذي في صباحه، باكراً جدّاً، اكتشفت النسوة أنَّ الحجرَ قد دُحرجَ، "فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. فَقَالَ لَهُنَّ: "لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ" (مر 5:16-6).
 
في ذلكَ اليومِ ارتبكَ العالم وتناقَلت الألسنُ ما حدثَ في أُورشليم، وأنّه، بينَ الشكِّ واليقينِ، دخلَ يسوع على التلاميذِ (على الأَرجَح في العُلِّيّةِ حيثُ أَكلوا الفِصحَ مع الربّ) والأبوابُ مغلَقة خوفاً من اليهود. جاءَ يسوعُ ووقفَ في الوسْطِ وقالَ لَهم: "السلامُ لَكم" (يو19:20). ما حدثَ ذلكَ اليومَ يفوقُ الوصْفَ والتصديقَ بحسبِ قُدرةِ استيعابِ البشرِ.
 
كيفَ لإنسانٍ أن يموتَ ويُقالَ عنهُ الآنَ إنَّهُ قامَ وإنَّ يوحنّا الحبيب "رأى وآمنَ" عندما رأى القبر فارغاً واللفائفَ مرميّةً (يو8:20).
 
في خضمِّ هذهِ البلبلةِ حضر يسوع مساءَ ذلكَ اليومِ وأَعطاهم "السلام" مُؤكِّداً لهم أنَّ من ظهرَ عليهِم هو "يَسوعُ المصلوب" كما سمّاه الملاك للنسوةِ، هوَ هوَ يسوع الذي صُلبَ وأثرُ المساميرِ ظاهر في يديه ورجليه وطعنةُ الجنبِ لا زالت معالمها واضحةً!
 
هذا القائم هو الذي عاشَ معهُم، هو ليس روحًا إِنّما لهُ لحمٌ وعظمٌ كما أكّدَ لهم "اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي. وَحِينَ قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ" (لو 39:24-40). يسوع القائم ظهرَ عشيَّةَ ذلكَ اليومِ ففرحَ التلاميذُ إذْ رأوا الربَّ، وأَعطاهُم السَّلام الذي كانَ مَفقوداً تماماً كما هلّل الملائكةُ في يومِ مولده (لو 14:2).
 
إِلهُ السّلام هذا أفرغَ القبور وأبادَ الموت فلم يعد للموت من سُلطَة. ها اليومَ يُعطي السلامَ لكي لا نضطرِبَ باطِلاً، ويقولُ لنا وللتلاميذِ أنا غلبتُ، (يوحنّا 16: 33) وغالِبٌ منذُ إِنشاءِ العالمِ وأنتم غالبونِ أَيضًا منذُ الآنَ: "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يوحنّا 14: 27)، كما تنبّأ داود قائلاً: الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا"(مز 85: 10-14). بعد أن أعطَاهم السَّلام نفخَ فيهِم الرُّوح القدُس. هذا هوالعربون الأوّل لكي يقتبلوا الروح القدس كاملاً في العنصرة. نفخَ فيهم تماماً كما فعلَ في التكوينِ قديماً. ها الله يُجدِّدُ في قيامتهِ الخليقةَ التي فَسُدَت، وينفخُ فيها من روحِهِ كما نفخَ في خلقِ الإنسانِ قديماً. إِنَّها القيامةُ التي أعادَت خلقَ الإِنسانِ من جديد لكِن، هذهِ المرَّة، روحيّاً، وأُعيدَت الحياة لنفوسٍ كانت عطشى ومائتةً بسببِ الخطيئةِ والموت! ها الرّبّ الناهضُ من القبرِ كمِن خدرٍ يُعيد زفَّنا من جديد لكي نكونَ عروسًا لهُ، أي كنيسةً، "لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءَ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ رسالة (أفسس 5: 27). ها هو دورُ الكنيسةِ التي تُحاولُ في خبرتِها أن توجِّهنا نحوَ الكمالِ الذي دُعينا إليهِ منذُ إعادةِ خلقِنا في المعموديّةِ وخَتمِنا بالدُّهنِ الشهيّ أي بالميرونِ المُقدَّس. ها الرَّبّ بقيامتهِ يُعلنُ لنا تدشينَ الملكوتِ لأنّه قامَ في اليومِ الثامنِ. هذا هو اليوم الذي صنعهُ الرَّب، وهذا ما تقومُ به الكنيسة في كلِّ قدّاسٍ في اليومِ الثامنِ مع كلِّ إِعلانِ "مُباركةٌ مملكةُ الآبِ والاِبنِ والروحِ القدس".
 
عهدُ النِّعمةِ ابتدأَ، ونحنُ اليومَ تخطَّينا الناموسَ بالإيمانِ؛ أمّا توما الذي يُدعى التوأم فلم يكن هناك في ذلك اليوم، فشَكَّ بالقيامةِ، لكنَّ الرّبَ عادَ وأكّد لهُ القيامةَ بعدَ ثمانيةِ أَيّامٍ ليؤَكِّدَ لهُ أنَّ ما حصلَ قبلَ ثمانيةِ أَيّامٍ مستمرٌّ إلى أبدِ الدُّهورِ!.
 
نحن في الكنيسةِ نعيشُ اليومَ الثامنَ فنخرجُ من عالمِنا ونشتَركُ في عمقِ سرِّ تجسّدِ المسيحِ، ونحاوِلُ أن نعيشَ على قدرِ جهادِنا يومَ القيامةِ، لأنَّنا "رأينا قيامةَ المسيحِ" بأعينٍ
روحيّةٍ. لذا نحنُ مدعوّونَ أن نُجدِّد قيامةَ المسيحِ فينا كلّ يوم نتوبُ فيهِ!.
يا أيّها الشّعبُ الوادّ المسيح، انهَض وتسَربَل حُللاً بيضاءَ واخلَع عنكَ نومَ الكسلِ واليأسِ وظلمةِ الخطيئة! يا أيّها الشّعب الوادّ المسيح، العيدُ الحاضرُ أَوسَعُ وأَكبرُ مِمّا تستوعبهُ! المسيحيّةُ ضميرٌ حيّ، فكُنْ أَميناً، لأنَّ القيامةَ حاصلةٌ فيكَ. لا تتعلَّل بِعلَلٍ واهيةٍ. الكنيسةُ ليست مبنيّةً على رملٍ إِنّما على صخرةِ الإيمانِ بالإلهِ الحقّ، لذلك لن تتزعزع أبداً. كلّ ما هو حولكَ قاتِمٌ، لا رجاءَ إلّا بالقيامةِ، ولا خلاصَ إِلّا بعد موتٍ. اللهُ أبطلَ الموتَ فصارَ الموتُ في سرابٍ. نورُ القيامةِ عَمَّ البرايا بأسرِها، فلا تغلبَنَّك بعدَ اليومِ خطيئةٌ، لا بل اغلِبها بتواضعِكَ، باعترافكَ، بكلِّ جهادٍ رتّبَتهُ لكَ الكنيسةُ لخلاصِكَ. ليسَ من قوّةٍ أَعظمَ من ظَفرِ المسيحِ. الشيطانُ خَزيَ وخَسِئ."السلامُ لكم" يقولُ لنا المسيح. لنعِش حقيقةَ هذا السَّلام.
 
 بشكِّ توما دُعينا أن نؤمنَ، لأَن بالإيمانِ ننقُلُ الجبالَ، أي جِبالَ خطايانا وضُعفِنا وكلِّ ما يُعيقُ حركَة نهوضِنا!
 
لِيكنْ لنا هذا الفصحُ إِعادةَ ثقةٍ بأنّ إِيماننا جبَّارٌ قادرٌ على أن يُطفئ لهيبَ الأتُّون كما حصلَ معَ الفتيةِ. علينا أن نُروِّضَ وثباتِ الجسدِ، أي أهواءَنا، تلكَ الوحوشَ العقليّةَ التي تَنهَشنا وتُطيش عقلنا!.
 
تجديدُ قيامةِ المسيحِ تجديدٌ لكلِّ مسيرةِ حياتِنا، فلا نُضيِّعنَّ أيّامَنا سَراباً، ولا نعيّدنَّ كالوثنيّينَ من الخارجِ فقط، ولا تغلبَنَّنا أيَّةُ خطيئةٍ أو ضُعفٍ، لأنَّ المسيحَ قامَ وأفرغَ القبور!.