الأحد 2 تشرين الأوّل 2016

الأحد 2 تشرين الأوّل 2016

02 تشرين الأول 2016
 
الأحد 2 تشرين الأوّل 2016 
العدد 40
الأحد 15 بعد العنصرة
اللَّحن السادس الإيوثينا الرابعة
 
* 2:الشّهيد في الكهنة كبريانوس، الشّهيدة إيوستينة، * 3: الشّهيد في الكهنة ديونيسيوس الأريوباغيّ أسقف أثينا، * 4: إيروثاوس أسقف أثينا، البارّ عمُّون المصريّ، * 5: الشّهيدة خاريتين، البارّة ماثوذيَّة، * 6: الرّسول توما،�* 7: الشّهيدان سرجيون وباخُوس، الشّهيد بوليخرونيوس، * 8: البارّة بيلاجيا، تائيس التائبة، سرجيوس رادونج.
 
الموت الرحيم
ما هو الموت الرحيم؟
مريض لا يشفى، يتألّم طويلاً ويعاني أهله من هذا العذاب المبرّح. فيضع المريض حدّاً لعذابه بالإنتحار أو بتدخّل طبّي (نزع النباريش مثلاً) لإنهاء حياته رحمة وشفقة بها.
 
ما هو موقف الكنيسة في هذه الحال؟ الكنيسة تعتبر الموت الرحيم جريمة قتل لأنّها تؤمن أنّ الله وحده هو سيّد الحياة والموت، على الرغم من كلّ رحمة أو شفقة تأتي من صفة "الرحيم" لتخفيف العذاب والألم.
الإنتحار في نظر الكنيسة قتلٌ. فكرة العالم المعاصر عامّة تناقض الوصيّة الإلهيّة "لا تقتل" كما في الإجهاض والموت الرحيم.
ما هو المقياس بالنسبة لنا نحن المسيحيّين في هذه الحال؟ هل هو الشرائع الإجتماعيّة السياسيّة؟ أم القواعد الإلهيّة الأدبيّة؟! لا شكّ في أنّ للعامل الإقتصاديِّ دوراً كبيراً في هذه المسألة. هذا في وضع المرض الشديد أو الإعاقة الدائمة.
 
العنصر المادّيّ بالنسبة للأهل، وحتّى الدولة، يشكّل عاملاً هامّاً لأنّ الأهل يتمنّون عدم إرهاقهم� بالتكاليف الباهظة، كما أنّ المجتمع المعاصر يستثقل زيادة عدد المسنّين والمتقاعدين والمعوقين.
 
ماذا نفعل نحن المسيحيّين والحالة هكذا؟! علينا أوّلاً، وبقدر إمكاناتنا، وعلى الرغم من الصعوبات الإنسانيّة والمادّيّة، علينا أن نوفّر المهدِّئات والأدوية المخفّفة للألم للمريض الذي يعاني. نحن لا نفتّش عن الألم ونعتبره كفّارة لخطايانا إلاّ إذا كان لا إراديّاً، عندها يفيدنا من أجل التوبة والصبر عليه. المريض المتألّم بحاجة، على كلّ حال، إلى أحد يرافقه بمحبّة ورعاية مادّيّة ومعنويّة، بخاصّة في حالة الفقر والتخلّي والوحدة، لأنّ القلق والتشنّج النفسيّ يرافقان مثل هذه الحالات.
أخيراً وليس آخراً، بعد كلّ هذه المحاولات التخفيفيّة للآلام والضغوط الإجتماعيّة والمادّيّة، تبقى - وهذا هو الأهمّ - الصلاة إلى الله لكي يكشف عن تدبيره في استمرار الحياة أو الموت. على كلّ حال، القرار النهائيّ متروك، عمليّاً، لضمير المريض والأهل وليس للقوانين الإجتماعيّة فقط.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن السادس
إنّ القوَّات الملائكيّة ظهروا على قبرِك الموقَّر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريم وقفت عندَ القبرِ طالبةً جسدَك الطاهر، فسبَيتَ الجحيمَ ولم تجرَّبْ منها، وصادفتَ البتولَ مانحاً الحياة. فيا مَن قام من بين الأموات، يا ربُّ، المجد لك.
 
القنداق باللحن الرّابع
يا شفيعَةَ المسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودة، لا تُعرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نَحْنُ الصارخينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطلْبَةِ، يا والدةَ الإلهِ المُتشَفِّعَةَ دائماً بمكرِّميك.
 
الرِّسالَة
2 كو 4: 6-15
خلّص يا ربُّ شعْبَك وبارِك ميراثَك
إليكَ يا ربُّ أصْرُخُ إلهي
يا إخوة، إنّ الله الذي أمرَ أن يُشرق من ظلمةٍ نورٌ، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارةِ معرفةِ مجدِ الله في وجهِ يسوعَ المسيح. ولنا هذا الكنزُ في آنيةٍ خزفيّة ليكون فضلُ القوّةِ للهِ لا مِنّا. متضايقين في كلّ شيءٍ ولكن غيرَ منحصرين، ومتحيّرين ولكن غير آثمين، ومضطَهَدين ولكن غير مخذولين، ومطروحين ولكن غير هالكين، حامِلين في الجسد كلَّ حين إماتةَ الربّ يسوعَ لتظهر حياةُ يسوعَ أيضًا في أجسادِنا. لأنّنا نحن الأحياءَ نسلَّمُ دائماً إلى الموت من أجل يسوعَ لتظهر حياةُ المسيح أيضًا في أجسادنا المائتة.
فالموتُ إذاً يجري فينا والحياة فيكم. فإذ فينا روحُ الإيمانِ بعينه على حسبِ ما كُتِب (إنّي آمنتُ ولذلك تكلّمت) فنحن أيضًا نؤمن ولذلك نتكلّم. عالمين أنّ الذي أقام الربَّ يسوعَ سيقيمُنا نحن أيضًا بيسوعَ فننتصبُ معكم. لأنّ كلّ شيء هو من أجلكم لكي تتكاثر النعمةُ بشكر الأكثرِين، فتزدادَ لمجدِ الله.
 
الإنجيل
لو 6: 31-36 (لوقا 2)
قال الربُّ: كما تريدونَ أن يفعلَ الناسُ بكم ،كذلك افعلوا أنتم بهم. فإنَّكم إنْ أحببتُمُ الذين يُحبُّونكم فأيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخطأةَ أيضاً يُحبُّون الذين يحبُّونهم. وإذا أحْسنتم إلى الذين يُحسِنون إليكم فأيّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخطأةَ أيضاً هكذا يصنعون. وإن أقرضْتُمُ الذينَ تَرْجُونَ أن تَستوفُوا منهم فأيّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخطأةَ أيضاً يُقرضونَ الخطأة لكي يستوفُوا منهمُ المِثلَ. ولكِن، أحِبُّوا أعداءَكم وأَحسِنوا وأَقرِضوا غيرَ مؤَمِّلين شيئاً فيكونَ أجرُكم كثيراً وتكونوا بني العليّ. فإنَّهُ منعِمٌ على غير الشاكرينَ والأشرار. فكونوا رُحماءَ كما أنّ أباكم هو رحيمٌ.
 
في الإنجيل
يكلّمنا الربّ يسوع المسيح في إنجيل اليوم على طريقة حياة جديدة. تضعنا كلمة الله في مواجهة طريقة تفكيرنا. هل نحن على استقامة إيمان واستقامة مسيرة، أم أنّ ما كُتب في الإنجيل إنما كتب لشعب معيّن مرّ عليه الزمن؟ كلمة الله تحاكي الإنسان في كل زمن لأنْ فيها تكمن الروح والمحبّة.
 
إنجيل اليوم يطلب منّا التغيير: تغيير الزمن "تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رومية 12: 2)، يأتمننا على فعل المحبّة غير المشروطة. المحبّة هي عطاء، بذل ذات، تضحية، تفانٍ، قبول للآخر وحوارٌ معه. المحبّة هي فيض داخليّ متفجّر في أعماقنا. "إن أحببتم الذين يحبّونكم فأيّة منّة لكم، وإن أحسنتم...، وإن أقرضتم..."، هذه نواميس بشريّة لا تمتّ للمحبّة بصلة. أَعطِني لكي أعطيك! المحبّة عند البشر تغذّي المصالح الضيّقة، أمّا عند الله فهي عطاء مستمرّ"أحبّوا اعداءَكم وأحسنوا وأقرضوا غير مؤمِّلين شيئاً". الله أغنانا بمحبّته الكبيرة عندما أعطانا الربّ الكلمة مرشداً إيّانا إلى الحقّ.
 
المحبّة بالربّ يسوع تقودنا إلى الحقّ، "وما هو الحقّ؟" قال بيلاطس للمسيح. الحقّ هو أن نعرف الله وأن نشترك معه "إذا ثبتّم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحقّ، والحقّ يحرّركم" (يوحنّا 8: 31-32). إذا ثبتّم في كلامي... تعرفون الحقّ. المؤمن مدعوّ شخصيّاً إلى معرفة الحقّ. الحقيقة الإلهيّة تجعلك إنساناً جديداً "الذين هم للمسيح يسوع هم خليقة جديدة" (2 كو 5: 17). التجديد الذهنيّ مطلوب منّا لكي نتحوّل إلى أشخاص يعكسون خبراتهم الروحيّة في المجتمع والعائلة.
الربّ محبوب، ولكن في دواخلنا ناموس يحاربنا، يجرّنا إلى إشباع الأنا. الربّ يريدنا أن نتماسك، أن نتكاتف... لكي نكون كنيسته. "وصيّةً جديدة أنا أعطيكم، أن تحبّوا بعضكم بعضاً. كما أنا أحببتكم... " (يوحنّا 13: 34). إن لم تستطع أن تذهب إلى الذي أساء إليك فلا تحقد عليه في قلبك، والربّ سينير طريقك وطريقه. أنظر إليه بعينَيِ الرحمة لكي تُرحم من الله، عند ذاك تستطيع أن تدعو الله أبانا.
من العالم الآخَر
"لقد يبست أجسادنا بالكلّيّة وما زلنا لا نفهم ما هو التواضع أو حُبّ المسيح... والرجل المتكبّر لا يعرف الحبّ الإلهيّ، بل هو بعيد عن الله. وهو متشاوف كونه غنيًّا أو متعلّمًا أو عظيمًا معروفًا، لكنّ هذا الشقيّ يجهل فقره وسقوطه في عدم معرفة الله. إنَّ السيِّد يعضد الذي يجاهد ضدَّ كبريائه حتّى يغلب هواه" هذا ما يعلّمنا إيّاه القدّيس سلوان الآثوسيّ. وكأنّ هذه الكلمات اليوم تأتينا من عالم آخر، لا يمتّ بصلةٍ إلى عالمنا اليوم والواقع الذي نعيشه. وربّما يتساءل البعض عن فحوى الكلمات الآبائيّة في عالم الروبوتات والأقمار الاِصطناعيّة والتمدّن الباهر.
 
العالم اليوم يسلك منحًى انعزاليًّا، يتقنّع بقناع التواصل ويستخدم تقنيّاته، لكنّه يُغرق الأجيال الحاليّة ويهيِّئ القادمة إلى مزيد من الضجر والضياع والقلق والاِنفصال، وهذه الثمار ليست في الواقع سوى نتيجة الكبرياء التي هي أصل كلّ الشرور وبابها. إنسان اليوم، بسبب من ضعف الطبيعة البشريّة، ودهاء سيّد هذا العالم، يتلذّذ بما يدغدغ مشاعره ومجده الباطل.
 
الحياة الحقّة هي الحياة مع الله، والنفس التي لم تختبر عذوبة الروح القدس تجد فرحها في الكبرياء وفي مجد هذا العالم، في الغنى أو السلطة أو في القوّة. أمّا النفس التي عرفت الله بالروح القدس فتلتهب بحبِّه ليل نهار، ولا يمكنها الاِلتصاق بأيّ شيء آخر على الأرض.
"كثيرا ما نتمسّك بثمار الذكاء، وامتلاك الفهم، وتطغى المخيّلة على الواقع غير المنظور الذي يعيشه الإنسان فينحدر من سيِّئ إلى أسوأ، وكثيرًا ما يصل إلى كره الحياة نفسها، مدركًا فراغ فحواها ولكنه، بالمقابل، لا يعرف بديلاً ينتشله من حالته هذه.
العودة إلى التأمّل بالكلام الآتي من "العالم الآخر"، كتأمّل الاِبن الضالّ، تحرِّك فيك الحنين إلى الأحضان الأبويّة وتضرم فيك التوبة التي تحرِّرك من سلطة الأهواء والتخيّل.
 
هذا كلام آباء كنيستنا وهذا تعليمها لأبنائها، يأتي لينير ظلمة عقولنا ويشعل شرارة الروح في القلوب، لتستطيع أن تفهم معنى وجودها وتكتشف الفرح الذي تبحث عنه والسعادة الحقيقيّة المرتجاة.
 
السامريّ الشفوق
مثل السامريّ هو أحد الأمثال التي نعرفها جيّداً. ومع ذلك أعتقد أنّنا، في كثير من الأحيان، لا ننتبه إلى ما هو قمّة هذا المثل.
ما هو معنى المثل؟ هل هو في الخلاف بين موقف كلٍّ من الكاهن واللاويّ السلبيّ وتحنّن العلمانيّ الإيجابيّ الذي يعتبره الكاهن واللاويّ غيرَ مناسب؟ أم هو في أنّ السامريّ يعبرّ عن الخلافات القوميّة ويعتني باليهوديّ الجريح؟ أم هو أيضًا في إلقاء الضوء على هذه الحقيقة: "قريبنا" هو أقرب شخص لنا مباشرة والذي وضعه الله في طريقنا؟
 
هذه الإعتبارات كلّها صحيحة. لكن سموّ المثل هو في مكان آخر.
 
لا يكتفي السامريّ بإنهاض اليهوديّ بعد أن عرّاه اللصوص وجرّحوه، لا يكتفي بتضميد جراحات هذا المجهول وصبَّ الزيت والخمر عليها. لا يكتفي كذلك بوضعه على دابّته، بالإتيان به إلى فندق وبالاِعتناء به طول الليل. يفعل أكثر من ذلك. هنا يكمن، على ما أعتقد، الشيء الرئيس:
 
"في الغد، لمّا مضى، أخرج دينارين وأعطاهما لصاحب الفندق وقال له اعتنِ به ومهما أنفقتَ أكثر فعند رجوعي أوفيك" (لوقا 10: 35).
ومهما أنفقت أكثر... لا يتردّد السامريّ في الاِرتقاء في المجهول وكأنّه يُعطي صاحب الفندق "شكًّا" مفتوحاً. يعِدهُ بأن يدفع لهُ، عند العودة، التكاليف الإضافيّة مهما بلغت قيمتها.
لا يحدّد مبلغاً معيّناً، لا يضع أيّ شرط، أيّة حدود. يتخطّى. هنا يكمن، حسب اعتقادي، سرّ المثل هذا. وللناموسيّ الذي طرح عليه السؤال في البداية "من هو قريبي" قال يسوع، في نهاية المثل، "اذهب أنت أيضًا واصنع هكذا"
اصنع هكذا... هذه الكلمات موجّهة لنا كما هي موجّهة لمعلّم الناموس. أن يعطي بما هو "أكثر" شيء آخر. فإنّ الربّ يسوع المسيح يطلب منّا هذا الأكثر غير المحدود، لا فقط في نطاق المساعدة الخيريّة، أعني كلّ ما هو "تخطٍّ للحدود".
دعوة الإنجيل تأتي هكذا: أن نتخطّى حدود الأشياء، أن لا نفكّر ضمن نطاق ضيّق، ضمن منطقٍ خُلُقيٍّ محصور، أن نفتح الأبواب المغلقة. أن نطأ حدود الأشياء، لا لكي نحصل على تسهيلات أكبر، بل لنتجاوز حدود الأشياء، لنحطّم أنفسنا كلّ مرّة نحطّم فيها باباً مغلقاً. يقول المسيح "اتبعني" على الدروب غير المنتظرة. 
من كتاب Visage de Lumière
Un moine de l’Eglise d’Orient