الأحد 12 حزيران 2016

الأحد 12 حزيران 2016

12 حزيران 2016
 
 
 
الأحد 12 حزيران 2016 
العدد 24
أحد آباء المجمع المسكونيّ الأوّل
اللَّحن السادس الإيوثينا العاشرة
 
* 12: البارّ أنوفريوس المصريّ، بطرس الآثوسيّ، * 13: الشهيدة أكيلينا، * 14: النبيّ أليشع، ميثوديوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، * 15: النبيّ عاموس، البارّ إيرونيمس،
* 16: تيخن أسقف أماثوس، * 17: وداع الصُّعود، الشُّهداء إيسفروس ورفقته، الشهداء مانوئيل وصابل وإسمعيل، * 18: سبت الأموات، الشهداء لاونديوس ورفقته.
 
ألوهيّة المسيح 
 
"كلّ ما هو لي هو لك وكلّ ما هو لك هو لي" (يوحنّا 17: 10).
 
هنا نصل إلى قمّة الخطاب الوداعيّ للسيّد: الربّ يسوع المسيح يصلّي إلى الآب ويقول: "أيّها الآب قد أتت الساعة" (يوحنّا 17: 1).هي ساعة الموت بل هي ساعة المجد. ينتقل من الأبديّة إلى الزمن ومن الزمن إلى الأبديّة: تيّارٌ دائريّ: "هذه هي الحياة الأبديّة أن يعرفوك أنت الإله الحقيقيّ وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنّا 17: 3).
 
معرفة الإله الحقيقيّ تجعلنا ندخل الأبديّة منذ الآن، على الرغم من وطأة البؤس والشقاء الحاضرين. نحسّ بحضور الأبديّة، ما يعزّينا ويَجلُونا.
 
كيف نعرف الله ونؤمن به إن لم نعرف المسيحَ ابن الله ونؤمن بكلامه؟!
 
"قد أتت الساعة" ساعة الصلب ساعة الموت، ساعة المجد: الآن مجّدني أنت أيّها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يوحنّا 17: 5). ترى ما هو هذا المجد الأزليّ الذي كان عند الله قبل إنشاء العالم؟! هنا تتّضح ألوهيّة الإبن بصورة كاملة. هذه الساعة هي ايضًا ساعة الذبيحة "الذبيحة لله روح منسحق". كلام الربّ يسوع كلام أسراريّ، كلام افخارستيّ Eucharistique Mystère، صلاة كهنوتيّة.
 
الربّ يسوع هو الحمل الذبيح قبل خلق العالم. المجد هو الصليب. الربّ مصلوب على الدوام قبل الخلق وبعد القيامة، بشكل سرّيّ، من أجلنا ومن أجل
العالم بداعي حبّه العظيم، لأنّ يسوع الإله محبّة. (راجع 1 بطرس 1: 19-20).
 
يتألّم من أجل الإنسان الذي خلقه وقبل أن يخلقه. أعطاه جسداً قابلاً للخطيئة والموت. أعطاه حرّيّة قابلة للسقوط مقابل حرّيّة الله الذي لا يستطيع إلاّ أن يُحبّ ما صنعته يداه.
 
* * *
 
من ثمّ يصلّي من أجل تلاميذه ويقول: "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم. كانوا لك وأعطيتهم لي وقد حفظوا كلامك" (يو 17: 6).
 
"كلّ ما هو لي هو لك وما هو لك هو لي وأنا ممجَّد فيهم.... ليكونوا واحداً كما نحن" (يوحنّا 17: 10-11). ما معنى هذا الكلام؟! أوّلاً هو تعبير فائق عن وحدة الآب مع الابن، ومن ثمّ وحدة الثالوث وشركة الأقانيم الثلاثة: شركة وحدة ومحبّة. ثانياً - وهذا ما يهمّنا نحن تلاميذ الربّ يسوع - تعبير عمّا يجب أن يكون عليه تصرّفنا نحن المخلوقين على صورة الله، صورة الثالوث، بعضنا تجاه بعض. ماذا تريدون أيّها الأخوة الأحبّاء أكثر وضوحًا من هذا في التعبير عن وحدتنا: "كلّ ما هو لي هو لك وكلّ ما هو لك هو لي".
هذا هو التصرّف المسيحيّ: نحن واحد في المسيح كما أنّ المسيح واحد مع الآب.
 
+ أفـــــرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريَّة القيامة  باللَّحن السادس
إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة. فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
 
طروباريَّة الصّعود باللَّحن الرّابع
صَعِدْتَ بمَجْدٍ أيُّها المسيحُ إلهُنا، وفرَّحْتَ تلاميذَك بموعِدِ الرُّوح القُدُس، إذ أيقَنُوا بالبَرَكَة أنَّكَ أَنْتَ ٱبنُ اللهِ المنْقِذُ العالَم.
 
طروباريَّة الآباء  باللَّحن الثامن
أنتَ أيُّها المسيحُ إلهُنا الفائِقُ التَّسبيح، يا مَنْ أَسَّسْتَ آباءَنا القدِّيسينَ على الأرضِ كواكِبَ لامِعَة، وبهم هَدَيْتَنَا جميعًا إلى الإيمانِ الحقيقيّ، يا جزيلَ الرَّحمةِ المجدُ لك.
 
القنداق باللَّحن السّادس
لـمَّا أَتْمَمْت َالتَّدبيرَ الَّذي من أجلِنا، وجعلتَ الَّذين على الأرض مُتَّحِدِينَ بالسَّمَاوِيِّين، صَعِدْتَ بمجدٍ أَيُّهَا المسيحُ إلهُنا غيرَ مُنْفَصِلٍ من مكانٍ بل ثابتًا بغيرِ ٱفتِرَاق وهاتِفًا: أنا معكم وليسَ أحدٌ عليكم.
 
 
الرِّسالَة
أع 20: 16-18، 28-36
مُبَارَكٌ أَنْتَ يا رَبُّ إلهُ آبائِنَا
فإنَّكَ عّدْلٌ في كلِّ ما صَنَعْتَ بِنَا
 
في تلكَ الأيَّامِ ارتأَى بولسُ أنْ يتجاوَزَ أَفَسُسَ في البحرِ لِئَلَّا يعرِضَ له أن يُبْطِئَ في آسِيَةَ. لأنَّه كان يَعْجَلُ حتَّى يكون في أورشليم يومَ العنصرةِ إِنْ أَمْكَنَهُ. فَمِنْ مِيلِيتُسَ بَعَثَ إلى أَفَسُسَ فاسْتَدْعَى قُسوسَ الكنيسة. فلمَّا وصَلُوا إليه قال لهم: ﭐحْذَرُوا لأنفُسِكُم ولجميعِ الرَّعِيَّةِ الَّتي أقامَكُمُ ﭐلرُّوحُ القُدُسُ فيها أساقِفَةً لِتَرْعَوا كنيسةَ اللهِ الَّتي ﭐقْتَنَاهَا بدمِهِ. فإنِّي أَعْلَمُ هذا، أَنَّهُ سيدخُلُ بينَكم بعد ذهابي ذئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشْفِقُ على الرَّعِيَّة، ومنكم أنفُسِكُم سيقومُ رجالٌ يتكلَّمُون بأمورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلامِيذَ وراءَهُم. لذلكَ، ﭐسْهَرُوا مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي مُدَّةَ ثَلاثِ سنينَ لم أَكْفُفْ ليلًا ونهارًا أنْ أَنْصَحَ كلَّ واحِدٍ بدموع. والآنَ أَسْتَوْدِعُكُم يا إخوتي اللهَ وكلمةَ نعمَتِه القادِرَةَ أَنْ تبنيَكُم وتَمْنَحَكُم ميراثًا مَعَ جميعِ القدِّيسين. إنِّي لم أَشْتَهِ فِضَّةَ أَحَدٍ أو ذَهَبَ أَحَدٍ أو لِبَاسَه، وأنتم تعلَمُونَ أنَّ حاجاتي وحاجاتِ الَّذين معي خَدَمَتْهَا هاتان اليَدان. في كلِّ شيءٍ بَيَّنْتُ لكم أنَّه هكذا ينبغي أن نتعبَ لنساعِدَ الضُّعَفَاء، وأن نتذكَّرَ كلامَ الرَّبِّ يسوعَ. فإنَّه قال: إنَّ العطاءَ مغبوطٌ أكثرَ من الأَخْذِ. ولـمَّـا قال هذا جَثَا على رُكْبَتَيْهِ معَ جميعِهِم وصَلَّى.
 
الإنجيل
يو 17: 1-13
 
في ذلكَ الزَّمان رَفَعَ يسوعُ عَيْنَيْهِ إلى السَّماءِ وقالَ: يا أَبَتِ قد أَتَتِ السَّاعَة. مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبنُكَ أيضًا، بما أَعْطَيْتَهُ من سُلطَانٍ على كُلِّ بَشَرٍ ليُعْطِيَ كُلَّ مَن أعطيتَه لهُ حياةً أبديَّة. وهذه هي الحياة الأبديَّةُ أن يعرِفُوكَ أنتَ الإلهَ الحقيقيَّ وحدَكَ، والَّذي أرسلتَهُ يسوعَ المسيح. أنا قد مجَّدْتُكَ على الأرض. قد أَتْمَمْتُ العملَ الَّذي أعطَيْتَنِي لأعمَلَهُ. والآنَ مَجِّدْني أنتَ يا أَبَتِ عندَكَ بالمجدِ الَّذي كانَ لي عندَك من قَبْلِ كَوْنِ العالَم. قد أَعْلَنْتُ ٱسْمَكَ للنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَهُمْ لي مِنَ العالم. هم كانوا لكَ وأنتَ أعطيتَهُم لي وقد حَفِظُوا كلامَك. والآنَ قد عَلِمُوا أنَّ كُلَّ ما أعطَيْتَهُ لي هو منك، لأنَّ الكلامَ الَّذي أعطَيْتَهُ لي أَعْطَيْتُهُ لهم. وهُم قَبِلُوا وعَلِمُوا حَقًّا أَنِّي مِنْكَ خَرْجْتُ وآمَنُوا أنَّك أَرْسَلْتَنِي. أنا من أجلِهِم أسأَلُ. لا أسأَلُ من أجل العالمِ بل من أجل الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي، لأنَّهم لك. كلُّ شيءٍ لي هو لكَ وكلُّ شيءٍ لكَ هوَ لي وأنا قد مُجِّدتُ فيهم. ولستُ أنا بعدُ في العالم وهؤلاءِ هم في العالم. وأنا آتي إليك. أيُّها الآبُ القدُّوسُ ٱحْفَظْهُمْ بـٱسمِكَ الَّذينَ أعطيتَهُمْ لي ليكُونُوا واحِدًا كما نحنُ. حينَ كُنْتُ معهم في العالم كُنْتُ أَحْفَظُهُم بٱسمِكَ. إِنَّ الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي قد حَفِظْتُهُمْ ولم يَهْلِكْ منهم أَحَدٌ إلَّا ٱبْنُ الهَلاكِ لِيَتِمَّ الكِتَاب. أمَّا الآنَ فإنِّي آتي إليك. وأنا أتكلَّمُ بهذا في العالَمِ لِيَكُونَ فَرَحِي كامِلًا فيهم.

 
في الإنجيل
 
هذا الأحدُ، الواقعُ بين عيدين كبيرين هما صعود ربّنا يسوع المسيح والعيد الخمسينيّ "العنصرة"، يسمّى "أحدَ آباء المجمع المسكونيّ الأوّل".
 
فيه تذكّرنا الكنيسة المقدّسة بدور آباء الكنيسة الذين وضعوا أسس الإيمان الأرثوذكسيّ، في دستور الإيمان الذي نتلوه نحن الأرثوذكسيّين لنعبّر عن إيماننا المستقيم الرأي، وهو أهمّ ما وضعوه في المجمع المسكونيّ الأوّل الذي انعقد في نيقية في العام 325 م.
 
هؤلاء الآباء الذين نعيّد لهم هم خلفاء الرسل الذين يوجّه لهم الربّ يسوع وصيّته "ليكونواواحداً كما نحن واحدٌ"… والرسل القديّسون وآباء المجمع المسكونيّ عملوا وعلَّموا، لذلك منهم عظماءُ في ملكوت المسيح.
 
إنجيل اليوم يخاطبنا نحن جميعًا، لأنّنا كلّنا يجب أن نكون رسلاً للمسيح، وآباء معلّمين، لنستحقّ العظمة التي تحدّث عنها الربّ يسوع، وتسجَّل أسماؤنا في السجلّ السماويّ، الخالد، لا الأرضيّ الزائل.
 
الربّ يسوع يعلّمنا أن نصلِّي لأنّه هو "تكلّم بهذا ورفع عينيه نحو السماء"… لنرفع نحن أعيننا إلى العرش السماويّ دائماً، وليكون بيننا وبينه حديث دائم. وبهذا يعلّمنا أن نصلِّي باستمرار، وإذا وقفنا لنصلِّي ألاّ نتطلّع فقط بأعيننا الجسديّة، بل نرفع أعين ذهننا ونركع من أجل أن نستحقّ قلبنا أيضاً. لأنّ المسيح لم يأتِ فقط ليظهر لنا نفسه، بل، وأيضاً، ليعلّمنا الفضيلة. والذي يعلّم لا يكتفي بالكلام بل يعلّم ويعمل.
 
يوصينا الربّ يسوع بأن "يكون الجميع واحداً"، فهو صلّى من أجل هذه الوحدة. يعلمنا أن نكون جميعاً واحداً بيسوع المسيح. وهذا يعني أن نكون واحداً في شهادتنا للمسيح، وأن نكون قلباً واحداً، وفماً واحداً، وننطق كلاماً واحداً. وهذه الوحدة تعني:
 
- أن يكون الجميع مندمجين في جسد واحد، "وكنيسة واحدة، جامعة مقدّسة رسوليّة" كما نصلِّي في دستور الإيمان الذي وضعه آباء المجمع المسكونيّ الأوّل الذين نعيّد لهم.
 
- أن نجعل جميعاً يسوع المسيح رأسنا الأوحد، لأنّه بنفسه أسّس الكنيسة المقدّسة التي اقتناها بدمه الكريم، ليجمع أبناء الله المتفرّقين إلى واحدٍ. وهكذا هو صلّى، ولهذه الغاية نفسها يجب أن نصلّي نحن أيضاً.
 
- أن نحيا جميعاً بالروح الواحد. وهذا ما يُفهم بوضوح من العبارة "ليكونوا هم أيضاًواحداً فينا". إنّ الاتّحاد بالآب والابن يتمّ بالروح القدس وبه وحده يدوم. "وأمّا من التصق بالربّ فهو روح واحد" (1 كور 6: 17). فلنُدمَغ كلُّنا بالصورة الواحدة، والكتابة الواحدة، ولنتأثّر بالقوّة الواحدة. ولنرتبط برباط المحبَّة والأخوّة، ولنكن قلباً واحداً، وهكذا "يكون الجميع واحداً".
 
وإذا ما عملنا بوصيّته نستحقّ المجد السماويّ الذي طلبه الربّ يسوع له ولنا: "والآن مجِّدني أنت أيّها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم (يوحنّا 17: 5).
هذا المجد سوف نتمتّع به نحن أيضاً، كلٌّ حسب قامته، إن كنّا منتبهين لذلك. يقول بولس الرسول: "إن كنّا نتألّم معه، لكي نتمجّد أيضاً معه" (رومية 8: 17).
 
لذلك يستحقّ الرثاءَ كلُّ الذين يرَون أمامهم مثل هذا المجد، وبسبب توانيهم وكسلهم يجلبون الشرَّ لأنفسهم. إذ، فيما باستطاعتهم أن يملكوا ويمجَّدوا مع ابن الله، نراهم يحرمون أنفسهم من الخيرات الكثيرة.
 
فقوِّنا يا ربّ لنحيا بك ولنموت معك، ونقوم بقيامتك، ونملك معك لأنّك تملك إلى جميع الأدهار. آمين.
 

أتّون بابل وأتّون أيّامنا
في الإصحاح الثالث من كتاب دانيال النبيّ، نقرأ حدث رمي الفتية الثلاثة في أتّون نار مستعرة إلى درجة كبيرة، أراد منها الملك نبوخذ نصّر أن تُهلك الفتية الذين خالفوا أمره ولم يسجدوا للتمثال الذي نصبه، متشبّثين بإيمانهم بالإله الحقيقيّ خالق السماء والأرض. وكلّما ازداد حنق الملك وغضبه وازداد سعير النار، كان الفتية يزدادون تمسّكًا بإلههم غير آبهين بتهديدات الملك.
 
لنسترجع قراءة هذه الرواية بانتباه وتفكير عميقين، ولنرَ ماذا حصل مع الفتية الصادقين في إيمانهم والواثقين بإلههم. ألم يرسل لهم تعزيته وهم في وسط لهيب النار التي صارت لهم بردًا وسلاما؟ ألم يغدُ لهم الأتّون فسحة للترتيل والتمجيد؟ وانضمّ إليهم رابع (شبيه بابن الآلهة) يشدِّدهم ويقوّيهم؟
 
أتأمّل في أيّامنا هذه فلا أراها سوى صورة عن ذلك الأتّون، نيران شرّيرة تحاصرنا من كلّ جانب وألسنة لهيب مستعرة تلسعنا مريدة إخماد الروح فينا. أحداث ومؤامرات ومخطّطات، حروب وقتل وتهجير، عنف وقسوة ووحشيّة، جوع وخوف وقلق، أيّام حالكة ونفق معتم مظلم لا أمل في الخروج منه ولا بصيص نور في نهايته!!!.
 
كما أنّ الحرب القائمة في أعماق نفوسنا، التي يشنّها علينا عدوّ الخير وخصم الصلاح، لا تقلّ شراسة عن الحرب الخارجيّة. وكلّها تسعى إلى هدف واحد، هو إبعادنا عن إيماننا بالإله الحقيقيّ الوحيد، ودفعُنا إلى السجود لأوثان المال والسلطة والشهوات، والخضوع لرئيس هذا العالم ولمخطّطاته الشيطانيّة، فيكون بهذا قد حقّق هدفه القديم والدائم وهو السيطرة على بني البشر، وانتزاعهم من يد الله ودفعهم إلى الهاوية التي لا قرار لها، حيث البكاء وصريف الأسنان. 
 
ونحن في أتّون هذه الأيّام وتحدّياتها، ليس لنا سوى أن نهتف مع النبيّ "وأمّا أنا وبيتي فنعبد الرب" (يش 24: 15)، وأن نشارك الفتية الثلاثة إيمانهم ورجاءهم بأن الله سيرسل ملاكه ويحوّل النار إلى ندى، وسوف ينقذنا من الأتّون سالمين.
 
وكيف لا، ونحن ما زلنا في أيّام قيامة ربّنا يسوع المسيح المجيدة، إلهِنا الذي نزل إلى أسافل الجحيم وحرّر المعتقلين هناك من قيود الموت والفساد ومنحنا إمكان الاتّحاد به إذ أعطانا جسده ودمه الإلهيّين في سرّ الشكر. هنا يأتي دورنا نحن لأنّنا لسنا عنصرًا سلبيًّا يتلقّى الفعل فقط، إنّما خلاصنا ونجاتنا يتوقّفان على ثباتنا في إيماننا بأنّ إلهنا قادر على أن ينجّينا من أتّون هذا العالم وأن يحفظنا سالمين إلى يوم مجيئه المجيد، ويرفعنا معه إلى ملكوته الأبديّ. لتكن مشيئتك يا ربّ.