الأحد 6 أيلول 2015

الأحد 6 أيلول 2015

06 أيلول 2015
 
 
الأحد 6 أيلول 2015 
 العدد 36
 
الأحد الرَّابِع عَشَر بعد العَنْصَرَة
 
اللَّحن الخَامِس      الإيوثينا الثَّالِثَة
 
 
* 6: تذكار أعجوبة رئيس الملائكة ميخائيل في كولوسِّـي. * 7: تقدمة عيد ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد صوزن، البارَّة كاسياني. * 8: ميلاد سيِّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة. * 9: تذكار جامع لجَدَّي الإله يواكيم وحنَّة، الشَّهيد سفريانوس. * 10: الشَّهيدات مينوذورة وميتروذورة ونيمفوذورة. * 11: البارَّة ثاوذورة الإسكندرانيَّة، أفروسينوس الطَّبَّاخ. * 12: وداع ميلاد السَّيِّدة، الشَّهيد في الكهنة أفطونومُس.
 
 
هكذا أَحَبَّ اللهُ العالم
بداية هذا الشَّهر المبارَك تهيّئنا لعيد رفع الصّليب الكريم، الّذي كان رمزًا للإهانة والتّحقير، ونحن الآن نمجّد رمز العار هذا. ماذا يعني ذلك بالنّسبة لنا نحن المسيحيين وسط كلّ المحن والأحزان الّتي تُصيب أرضنا الرّوحية؟ والّتي تذلّلنا (تجعلنا متواضعين)، فنغلب بالصّليب عدوّ القيامة. ماذا يريد المصلوب؟. يقول لنا من على الصّليب هذا: "يا أبتاه اغفر لهم لأنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا 23:24).
 
في الواقع، هل لا يعلمون ماذا يفعلون؟. هل يمكننا أن نشكّ في صدق كلمة الحقّ المتجسِّد؟. إنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون...
 
الَّذين صلبوا المسيح لم يعلَموا أنّ الله هكذا أحبّ العالم بواسطة الصّليب. "لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتّى إنّه بذل ابنه الوحيد" (يوحنّا 16:3). الصّليب هو علامة المحبّة بلا حدود. حبّ الله الآب الّذي لا يُقاس نحو البشر. الآب الّذي يُغدِق رحمته الكثيرة نحو البشر السّاقطين، بذل ابنه الوحيد بسبب محبّته للبشر. هذا الحبّ الآبويّ يشاركه إيّاه الابن بواسطة بسط يديه على الصّليب. فحبّ الابن يمتدّ نحو الآب الّذي يتشارك معه في الجوهر نفسه، وكذلك حبّ الابن يمتدّ نـحـو الـبـشـر الّـذيـن يـتـشـارك مـعـهـم بـشـريّـتـهـم مــا خـلا الـخـطـيـئـة. هـذا الـــحـــبّ يُــنــيــرنــا بــواســـطــة نـعمة الرّوح القدس فقط، الّذي كما الآب والابن كذلك الرّوح الـقـدس هو مـحـبّة بذاتها. ضمن هذا الواقع، إنّ الرّبّ الإله الثّالوث هو محبّة وهنا يكمن التّحدّي في أن نتّحد في محبّة الثّالوث القدّوس، متناولين من هذا الحبّ، مسمِّرين على الصّليب كلّ أهوائنا، شهوات هذا العالم وكلّ شيء يمنعنا من الصّعود إليه، كلّ أنانيّة، حبّ الذّات الّذي يفصل بيننا وبين الحبّ الحقيقيّ الّذي هو حبّ الله والقريب.
 
تحدِّينا هو أن نحبّ الله كما أحبّ الله العالم. فصليب المسيح هو صليب المحبّة، صليب الحبّ الإلهي المتواصِل بحبّ البشر.
 
الله الحاضر ليُصْلَبَ (بضمّ الياء وفتح اللّام) من أجل خلاصنا ومن أجل الخطأة ذلك لكي يُدخِل (بضمّ الياء) نوره إلى عالمنا المظلم. فالصّليب يُنير العالم بنور المسيح الظّاهر في طور ثابور الّذي هو شكل من أشكال محبّته للبشر، وهذا ما ينير عالمنا ويعطينا الغبطة. 
 
أيّها الأحبّاء، إذ تسجدون لصليب الرّبّ اطرحوا عنكم كلّ اهتمام دنيويّ مكبِّل لكم يمنعكم من الصّعود نحو المسيح في السّماء. لأنّه قال بأنّه سيجتذبنا إليه، مترفّعين ومرتفعين عن العالم المادّيّ، حاملين صليبه طوعًا، صليب الألم، ألم المحبّة للقيامة. آمين.
 
 
طروباريَّة القيامة  باللَّحن الخَامِس
لِنُسَبِّحْ نحنُ الْمُؤْمِنِينَ ونَسْجُدْ للكَلِمَة المُسَاوِي للآبِ والرُّوحِ في الأزليَّة وعدمِ الإبْتِدَاء، المولودِ من العذراءِ لخلاصِنَا. لأنَّهُ سُرَّ بالجسد أنْ يَعْلُوَ على الصَّلِيبِ ويَحْتَمِلَ الموت ويُنْهِضَ المَوْتَى بقيامَتِهِ المَجِيدَة.
 
طروباريَّة لرئيس الملائكة  باللَّحن الرَّابِع
يا زعيمَ الأَجنادِ السَّماويِّين، نتوسَّلُ إليكَ نحنُ غير المستَحِقِّين، حتَّى إِنَّكَ بِطَلِبَاتِكَ تكتَنِفَنَا بظِلِّ جناحَي مجدِكَ غير الهَيُولِي، حافِظًا إيَّانا نحنُ الْجَاثِينَ والصَّارِخينَ بغير فتور، أَنْقِذْنَا من الشَّدائدِ، بما أنَّكَ رئيسُ مراتِبِ القوَّاتِ العُلْوِيَّة.
 
قنداق ميلاد السَّيِّدة  باللَّحن الرَّابِع
إِنَّ يُوَاكِيمَ وَحَنَّةَ قَدْ أُطْلِقَا مِنْ عَارِ الْعُقْرِ، وآدَمَ وَحَوَّاءَ قَدْ أُعْتِقَا مِنْ فَسَادِ الْمَوْتِ، بِمَولِدِكِ الْمُقَدَّسِ أَيَّتُهَا الطَّاهِرَة. فَلَهُ أَيْضًا يُعَيِّدُ شَعْبُكِ، إِذْ قَدْ تَخَلَّصَ مِنْ وَصْمَةِ الزَّلَّاتِ، صَارِخًا نَحْوَكِ: اَلْعَاقِرُ تَلِدُ وَالِدَةَ الإِلَهِ الْمُغَذِّيَةَ حَيَاتَنَا.
 
 
الرِّسَالَة
2 كو 1: 21-24، 2: 1-4
 
أَنْتَ يَا رَبُّ تَحْفَظُنَا وَتَسْتُرُنَا مِنْ هَذَا الْجِيل
خَلِّصْنِي يَا رَبُّ، فَإِنَّ الْبَارَّ قَدْ فَنِي
 
يا إخوةُ إنَّ الَّذي يُثَبِّتُنَا مَعَكُم في المسيحِ وقد مَسَحَنَا هُوَ اللهُ، الَّذي خَتَمَنَا أيضًا وأَعْطَى عُربونَ الرّوحِ في قلوبِنَا. وإنّي أَسْتَشْهِدُ اللهَ على نَفْسِي أنّي لإِشْفَاقِي عليكُم لم آتِ أيضًا إلى كورنثُس. لا لِأَنَّا نَسُودُ على إيمانِكُم بل نحنُ أَعْوَانُ سُرُورِكُم لأنَّكم ثابِتُون على الإيمان، وقد جَزَمْتُ بهذا في نفسِي أن لا آتِيَكُم أيضًا في غَمٍّ لأنِّي إنْ كنتُ أَغُّمُكُم فَمَنِ الَّذي يَسُرُّني غَيرُ مَنْ أُسَبِّبُ لهُ الغَمَّ وإنَّما كتَبْتُ إليكم هذا بِعَينِهِ لِئَلَّا يَنَالَنِي عندَ قدومِي غَمٌّ مِمَّنْ كانَ يَنْبَغِي أنْ أَفرَحَ بِهِم وإنّي لواثِقٌ بِجَمِيعِكُم أنَّ فرَحِي هُوَ فَرَحُ جَمِيعِكُم. فإنّي من شِدَّةِ كآبَةٍ وكَرْبِ قَلبٍ كَتَبْتُ إليكُم بِدُموعٍ كثيرةٍ لا لِتَغْتَمُّوا بل لِتَعْرِفُوا ما عِنْدِي من المحبَّةِ بالأَكْثَرِ لَكُم.
 
 
الإنجيل
متَّى 22: 2-14 (متَّى 14)
 
قالَ الرَّبُّ هذا الْمَثَل: يُشْبِهُ ملكوتُ السَّمَاوَاتِ إنسانًا مَلِكًا صنعَ عُرْسًا لابنِهِ، فأَرْسَلَ عبيدَهُ لِيَدْعُوا الْمَدْعُوِّينَ إلى العُرْسِ، فلم يُريدُوا أنْ يأتُوا. فأرسَلَ أيضًا عبيدًا آخَرِينَ وقالَ: قولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ هُوَذَا غَدائي قد أَعْدَدْتُهُ. ثِيرَانِي ومُسَمَّنَاتِي قد ذُبِحَتْ وكلُّ شيءٍ مُهَيَّأٌ، فهَلُمُّوا إلى العُرْس، ولكنَّهُم تَهَاوَنُوا فذهبَ بعضُهُم إلى حَقْلِهِ وبعضُهُم إلى تِجَارَتِهِ والبَاقُون قَبَضُوا على عبيدِهِ وشَتَمُوهُم وقتلُوهُم. فلمَّا سمعِ الملكُ غَضِبَ وأَرْسَلَ جُنُودَهُ فَأَهْلَكَ أُولَئِكَ القَتَلةَ وأَحْرَقَ مَدِينَتَهُم. حينئذٍ قالَ لِعَبِيدِهِ: أَمَّا العُرْسُ فَمُعَدٌّ وأَمَّا الْمَدْعُوُّونَ فلم يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ، فاذْهَبُوا إلى مَفَارِقِ الطُّرُقِ وكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ فادْعُوهُ إلى العُرْسِ. فَخَرَجَ أُولَئِكَ العبيدُ إلى الطُّرُقِ فَجَمَعُوا كلَّ مَنْ وَجَدُوا مِنْ أشرارٍ وصالِحِينَ، فَحَفَلَ العُرْسُ بالْمُتَّكِئِينَ. فلَمَّا دخلَ الملِكُ لِيَنْظُرَ الْمُتَّكِئِينَ رأَى هناكَ إنسانًا لم يَكُنْ لابِسًا لِبَاسَ العُرْسِ، فقالَ لهُ: يا صَاحِ كيفَ دَخَلْتَ إلى هَهُنَا وليسَ عليكَ لِبَاسُ العُرْس. فَصَمَتَ. حينئذٍ قالَ الملكُ للخُدَّامِ أَوْثِقُوا يَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ وَخُذُوهُ واطْرَحُوهُ في الظُّلْمَةِ البَرَّانِيَّةِ، هناكَ يكونُ البُكَاءُ وصَرِيفُ الأسنانِ، لأنَّ الْمَدْعُوِّينَ كَثيرُونُ والْمُخْتَارِينَ قَلِيلُون.
 
 
في اللإنجيل
 
يُقْصَدُ هنا بالعرس الاتّحاد بين ابن الله والكنيسة من خلال بشريّته، بين ابن الله وبين الطّبيعة البشريّة. وقد وضَّحَهَا لنا الرّسول بولس عندما قال إنّ سرّ الزّواج عظيم، وأضاف: "لكنّني أنا أقولُ من نحو المسيح والكنيسة" (أفسس 5 :32). إذًا، العريس هو المسيح والعروس هي الكنيسة. والكنيسة هي كلّ نفسٍ بشريّةٍ آمَنَتْ بالمسيح واعْتَمَدَتْ، فالنّفْسُ مدعوّة لا أن تكون متفرِّجَة في هذا العرس بل هي العروس الّتي تتَّحِدُ بعريسها أبديًّا. إنّها دعوةُ فرحٍ وسلامٍ وتعزيةٍ من خلال الأسرار المقدَّسَة الّتي تُقام في الكنيسة. 
دَفَعَ العريس ثمن الدّعوة حياته الّتي بذلها على الصّليب، وأعطى لنا جسده مأكَلًا ودمه مشرَبًا. "هوذا غدائي قد أعددته"، ولكن بالمقابل يتطلّب من الإنسان أن يفتح قلبه للعريس الإلهيّ، وهذا ما لم يحصل عند كثيرين من المدعوّين بسبب قساوة قلوبهم وتهاونهم واهتماماتهم الدّنيويّة. فرفضوه ورفضوا تلاميذه. 
 
مع ذلك، إنّ المسيح ما زال يدعونا عبر رسله وكهنته وكلمات إنجيله (في العهد الجديد)، كما دعانا سابقًا عبر أنبيائه (في العهد القديم)، وهو واقِف الآن على الباب ويقرَع ... (رؤ20:3) منتظِرًا أن نسمع صوته فنفتح باب القلب ليَلِجَهُ ونجلس وإيّاه على مائدة العرس. "فيكون عندئذ فرح في السّماء بخاطئ واحد يتوب..." (لوقا 15 : 7).
 
والخطأة الّذين يأتون تائبين إلى المسيح سيُلْبِسُهُم الحُلَّةَ الأُولى كما مع الابن الضّالّ، فلا بُدّ لنا أن نلبس المسيح الّذي: "هو برّنا وقداستنا، وبدون القداسة لن نعاين الرّبّ" (عب 12: 14). يلبَسُون "المسيح ويكون لهم صورته من المحبّة والتّواضع، والوداعة والحكمة والطّهارة والبساطة" (رو 13: 14). بالمعموديّة نحصل على ثياب العرس، وبالتّوبة نحفَظُها. "أنتم الّذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم". 
 
ولكن هناك من يرتدي ثوب العرس ثم يخلعه مرّة أُخرى ويسلك طريق الخطيئة، بدل أن يصون لباسه بواسطة الرّوح القدس وجهاده وتوبته. فيرتدي لباسًا غريبًا، وتصبح له صورة العالم. هذا الإنسان قد رفض الحبّ وأَغْلَقَ قلبه، فلم تعد عيناه ناظرتَين ولا أذنيه سامعتَين ولم يعد يعرف أين يذهب ولا ماذا يفعل، لقد اختار الظّلمة الدّاخليّة بِمِلْءِ إرادته، بخطيئته انْغَلَقَتْ عيناه الدّاخليَّتان، فلم يعد قادرًا أن يرى الرّبّ بالرّوح، لذلك عقوبته أن ينال أيضًا الظّلمة الخارجيّة ويُحْرَم من أن "يعاين الله مثل القدّيسين" (1يو2:3)، فهذا امتداد لما صنعه بنفسه على الأرض. 
 
أمّا نحن أيّها الإخوة، لِنَلْبَسْ ثوب الخلاص ورداء البهجة عن طريق الإمساك والعفّة طارِحِين عنّا السُّكْرَ وإشباع البطن وشهوة الجسد، لنخلع إنساننا العتيق ونلبس الإنسان الجديد الّذي على صورة المسيح، الّذي هو عريس نفوسنا، له المجد مع الآب والرّوح القدس إلى الأبد، آمين.  
 
 
الـــــوعـــــــــــــــــظ
 
تُشَكِّلُ العِظَة، في كلّ خدمة من خدمنا اللّيتورجيّة، لا سيّما منها القدّاس الإلهيّ، حلقة أساسيّة مُكمِّلَة. القدّاس الإلهيّ هو مائدة الرّبّ، والكنيسة تُعلِّم أنّ خدمته ليست خدمة القرابين وحسْبُ، لكنّها، أيضًا خدمةُ الكلمة. فيكون، تاليًا، أنّ المؤمن، إذ يشترك في القدّاس، لا يتناول الأسرار المقدَّسَة جسدًا مكسورًا ودمًا مُهْرَاقًا وحسْبُ، بل يتناولها أيضًا، وبالمقدار نفسه، كلمة حيَّة ومُحيية. ولأنّ الوعظ يرتدي في عباداتنا هذه الأهمِّيَّة المركزيّة، فقد جَعَلَتْهُ الكنيسة مادّة أساسيّة في معاهد اللّاهوت يَدْرُسُهَا الطّالِب ليكتسب تقنيّات العظة النّاجِمَة ومقوِّمَاتِها.
 
مع ذلك، ربّما كان الوعظ موهبةً أُعْطِيَتْ للبعض ولم تُعْطَ للكلّ. لذلك، لا مانع، عند الحاجة، أن يستعين إِمَامُ الخدمة (كاهنًا أو أُسْقُفًا) بواعِظ آخَر يَثِقُ به وباستقامة رأيه، أو أن يقرأ، مثلًا، عظة تمّ اختيارها من كتابٍ مُعَيَّنٍ وهي ذات صلة وثيقة بالنّصّ الكتابيّ الّذي تُلِي. في كلّ حال، وكائنًا ما كان الحلّ، يُسْتَحْسَنُ ألّا تَمُرَّ خدمة (لاسِيَّمَا القدّاس الإلهيّ) بلا عظة. هذه "زوّادة" طيّبَة يحملها المؤمن معه إلى بيته، وتكون غذاءَه الّذي يَعْصِمُه من جوعٍ بانتظارِ الخدمةِ القادِمَة ... وهكذا.
 
في خدمة القدّاس الإلهيّ الّتي يَؤُمُّها الأسقف ندعو له أوّلًا قائلين: "أُذْكُرْ يا رَبُّ، أَوَّلًا، أبانا ورئيس كهنتنا (فلان) وهَبْهُ لكنائِسِكَ المُقَدَّسَة بسلامٍ، صحيحًا، مكرَّمًا... مُفَصِّلًا باستقامةٍ كلمةَ حَقِّك". نستنتج من هذا الدّعاء أنّ الواعظ يُفَصِّلُ كلمة الله الّتي تُلِيَتْ على المؤمنين (الرّسالة أو الإنجيل) ويوزّعها عليهم بحيث يأخذ منها كلّ واحد ما يحتاجه، في الحالة الّتي هو فيها، في الوضع الّذي هو عليه أو الظّرف الّذي يَمُرُّ فيه. في الأخير، تُشْبِهُ مائدةُ الكلمة مائدة شهيَّة طابَت أطباقها ويختار منها كلٌّ من المدعوّين ما يناسب ظرفه الصّحّيّ. إنّ كلمة الله الواحِدَة تُفَصَّلُ للمؤمنين وتُوزَّع عليهم بحسب حاجة كلّ واحد منهم، وتبقى واحِدَة.
 
عندما ذكرنا الأسقف أوَّلًا دَعَوْنَا له أن يحفظه الله بسلام وعافية ليفصِّل كلمة حقِّه، ويفصِّلها باستقامة. معنى هذا، أوَّلًا، إنّ على الواعظ أن يحرص على أن تأتي عظته موافِقَة لتعليم الكنيسة وليس فيها شَطَط، ومعناه، ثانيًا، أنّ كلمة الله لا تُسايِر ولا تُحابي الوجوه. ينبغي للكلمة أن تقع على أسماع المؤمنين وَقْع ما يُحْدِث فيهم تغييرًا، تغييرًا في نفوسهم وتغييرًا في عقولهم. يقول الرّبُّ في سفر إشعياء: "هكذا تكون كلمتي الّتي تخرُج من فمي. لا ترجِع إليّ فارغة بل تعمَلُ ما سُرِرْتُ به وتنجَحُ في ما أَرْسَلْتُهَا له" (إشعياء 55: 11).
يجب أن يخرج المؤمن من الخدمة على غير ما كان عليه حين الْتَحَقَ بها. يجب أن يخرج وقد لَمَسَ أنّ شيئًا ما إيجابيًّا قد تغيّر فيه، أو أنّه زاد على معرفته معرفةً. "هذا تغيير يمين العَلِيّ" (مز 77: 10)، هذا فعل الكلمة.
 
مع ذلك، الواعظ الفاهم والمحبّ (أسقفًا  أو كاهنًا)، إذا وقف ليعظ لا يستعلي. هو لا يعظ من عليائه لكونه يدرك تمامًا أنّ كلّ كلمة تخرج من فمه تدينه هو أوَّلًا قبل أن تدين سامعيها. إلّا أنّه، وبالتّأكيد، يعظ من علياء الكلمة الّتي فُوِّضَتْ إليه خدمتها، والّتي تَسُودُه وتسود سامعيها على السَّواء.
 
في هذا السّياق تخطُر بالبال أمور كثيرة نعتقد أنّ على الواعظ تحاشيها، لئلا تنحرف العظة عن الهدف الأساس الّذي من أجله كانت، والهدف هو التّعزية وبناءُ النّفوس. مُهِمٌّ جدًّا أن يخرج المؤمن من الكنيسة أكثر رجاءً ممّا كان حين دخلها، وأكثر فرحًا. مهمٌّ جدًّا أن يخرج المؤمن من الكنيسة وقد شعر فعلًا أنّ كثيرًا من الأعباء الّتي كانت ترهقه وتضغط عليه نفسًا وروحًا قد رُفِعَ عنه وانْزَاح، "تعالوا إليّ أيّها المتعبون والثقيلة أحمالهم وأنا أُريحكم" (متّى 11: 28). لذا رُبّما كان الاِنفعال المؤدّي إلى الغضب أخطر الأمور الّتي على الواعظ تحاشيها.
 
إنّ كلّ كلمة مشحونة بالاِنفعال ثمّ الغضب تتبدَّد قبل أن تبلغ آذان المؤمنين، وإذا بلغتها لا تتعدّاها إلى قلوبهم. والخوف كلّ الخوف أن يُحْدِثَ الغضب في نفوس المؤمنين جراحًا لا تندمل بسهولة، بينما جُعِلَتِ الكلمة لِبَلْسَمَةِ النّفوس الجريحة وبِنَاء الأُخرى الّتي يُعْوِزُهَا بِنَاء. إنّ كلمةً واحدةً بانِيَةً خَيْرٌ من صُروحٍ نبنيها وتبقى هياكل حجريّة لا حياة فيها. الإنسان، في إيماننا، هو هيكل الله الحيّ. هو الأَحَقّ بالبناء، وبكلمة الله الحَيَّة نَبْنِيه.
 
 
أخبارنا
 
مطرانيّة طرابلس والكورة وتوابعهما 
عيد ميلاد سيّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة
 
يترأَّس راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الاحترام صلاة الغروب الكبرى، وكسر الخبزات الخمس لمناسبة عيد ميلاد السّيّدة العذراء شفيعة دار المطرانيّة، وذكرى تأسيس جوقة الأبرشيّة، وإطلاق دورات المركز الرّعائي للتّراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ ٢٠١٥/٢٠١٦، وذلك يوم الإثنين في ٧ أيلول عند السّاعة الخامسة (5.00) عصرًا في قاعة كاتدرائيّة الظّهور الإلهيّ الملاصِقَة لدار المطرانيّة.
 
يعقب الصّلاة، من السّاعة 6.30 إلى 7.00، افتتاح القاعة الجديدة، واحتفال يتضمّن كلمات لكلّ من:
  1- راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس).
  2- كلمة جوقة الأبرشيّة للمتقدّم في الكهنة قدس الأب نقولا مالك.
  3- كلمة المركز الرّعائي للتّراث الآبائيّ، وإِطلاق دورة خريف 2015، يلقيها مدير المركز د. نبيل سمعان.
يعقب اللّقاء كوكتيل للمناسبة.
 
ملاحظة: الدّخول والخروج من وإلى القاعة يتمّ من المدخل الغربي للمشروع، الملاصق لطوارئ مستشفى النّيني، حيث مواقف السّيارات مؤمَّنَة في الطّابق السّفليّ الثّاني.
 
 
دير رقاد السّيّدة - بكفتين
بعد انتهاء أعمال ترميم كنيسَتَي رقاد السّيّدة والقدّيس جاورجيوس الأثريّتَين في دير رقاد السّيّدة – بكفتين، يترأَّس راعي الأبرشيّة صاحب السّيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الاحترام، الخدمة الإلهيّة في الدّير يوم السّبت الواقع فيه الثّاني عشر (12) من شهر أيلول 2015، حيث سيُدَشِّنُ سيادته الكنيستَين. تبدأ السّحريّة عند السّاعة الثّامنة صباحًا يليها خدمة التّدشين والقدّاس الإلهيّ. 
يلي الذّبيحة الإلهيّة مائدة محبّة.