الأحد 21 حزيران 2015

الأحد 21 حزيران 2015

21 حزيران 2015
الأحد 21 حزيران 2015
العدد 25
الأحد الثَّالِث بعد العَنْصَرَة
اللَّحن الثَّاني الإيوثينا الثَّالِثَة
 
* 21: الشُّهيد يوليانوس الطَّرسوسيّ. * 22: الشَّهيد آفسابيوس أسقف سميساط، البارّ إيسيخيوس رئيس دير العُلَّيْقَة في سيناء. * 23: الشَّهيدة أغريبينا ورفقتها. * 24: مولد يوحنَّا المعمدان، تذكار لزخريَّا وأليصابات. * 25: الشَّهيدة فبرونيَّة، الشُّهداء أورنديوس وإخوته السِّتَّة. * 26: البارّ داوود التّسالونيكيّ. * 27: البارّ شمشون مضيف الغرباء، يُوَنَّا امرأة خُوزِي.
 
المَسِيحِيُّونَ الشَّرقِيُّون
يتكلّم الكلّ، اليوم، عن السَّلام في الشَّرق الأوسط، وما زالت الحرب مستمرَّة ومعها الخراب والضَّياع. الحرِّيَّة الدِّينيَّة مهدَّدَة، والتَّشنُّج الدّينيّ والمذهبيّ آخِذٌ في ازدياد. كانت هناك حركات قوميَّة وأحزاب تدعو إلى الصُّمود في الوطن والاِنخراط في العمل والتَّنمية الاِجتماعية في سبيل نهضة الشُّعوب. كذلك، تدعو إلى عدم الاِستسلام إلى الإرهاب وإلى القوى الظّلاميَّة الَّتي تبغي تمزيق البلاد، نافية أهدافها الشَّيطانيَّة الهدَّامَة للإنسان. هنا يقف المسيحيُّون الشَّرقيُّون ومعهم المسلمون "المعتَدِلُون" ضدّ التَّطرُّف وضدَّ التَّعصُّب الدِّينيّ الَّذي لا يخدم الوطن ولا الإنسان مهما كانت هويَّته واعتقاداته.
* * *
قضيّة المجتمع المَدَنِيّ مطروحَة، وستظلّ مطروحَة، إلى أن يسود حكمٌ وطنيٌّ يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات، ويبقى فيه الاِعتقاد الدّينيّ شأنًا شخصيًّا حرَّةٌ ممارسته لكلّ واحد ولكلّ فئة من المواطنين. صيغة أهل الذِّمَّة قد وَلَّت بدون رَجْعَة، وهي لا تخدم حال الشّعوب ومصالحهم المعاصِرَة، لقد تجاوَزَها الزَّمن.
* * *
ترى بماذا يتميّز المسيحيّون الشّرقيّون في الشّرق الأوسط بخاصَّة؟. هم يرفضون أوَّلًا العَلْمَنَة المتطرِّفَة حتَّى الإلـحـاد، والسَّـائـدة في الـغـرب، كـما يرفضون
الموجَة الإسلاميّة التّكفيريّة الَّتي تغذِّيها بعض الأطراف لأغراضٍ سياسيَّة ومصالِح اقتصاديَّة واضِحَة.
المسيحيُّ الشَّرقِيُّ يفهم نفسيّة إخوته المنتمين إلى أديان ومذاهب أُخرى، وهو يتعايش معهم بسهولة، لا بل بمحبّة فائقة، تغدو مِثالًا يُقْتَدَى به لتعايشٍ مشتَرَك، تسود فيها الحرّيّة في الممارسة، كما تسود المساواة الحقوقيّة أمام القانون العامّ في الوطن الواحِد. هناك تكامُل بارِزٌ وبنَّاءٌ يضمن شخصيّة بشريّة نامية ومتوازنة وخلَّاقة تُمَجِّد الخالق والخليقة.
* * *
يظنّ الكثيرون أنّ مِثَالَ العيش المُجْتَمَعِيّ والحضاريّ متوفِّر في البلاد الغربيّة. كيف يكون ذلك ونحن نشهد انحرافات جنسيّة وعُقْمًا واضِحًا في الزّواج والإنجاب، ممّا يؤدّي إلى الانقراض البشريّ، بل إلى أمراض نفسيّة حتَّى الاِنتحار.
نحن، في كلّ هذا، لا ننفي التّقدّم التّكنولوجيّ في نواحيه الإيجابيّة ممّا يبرهن على قدرات الإنسان الدّماغيّة غير المحدودَة.
المسألة هي في الحفاظ على توازن الشّخصيّة الإنسانيّة وتكاملها، وهذا لا يتمّ إلَّا بالرُّجوع إلى الله والقِيَم الرُّوحيّة الّتي تفوق الحدود البشريّة.
* * *
العالم اليوم في تمخّص كبير شرقًا وغربًا، يدفع الثّمن الكبير من دماء أبنائه. لقد حان الوقت أن يَعِي الظَّالِم والمظلوم مَغَبَّة حساباته، ويوسِّع عقله وقلبه، ساجِدًا لله خالقه الّذي أحبّنا حتّى الموت، وساوى بين الفقير والغنيّ وبين المثقَّف والأُمِّيّ.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّاني
عندما انْحَدَرْتَ إلى الموت، أَيُّها الحياةُ الَّذي لا يموت، حينَئِذٍ أَمَتَّ الجحيمَ بِبَرْقِ لاهوتِك، وعندما أَقَمْتَ الأمواتَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى صَرَخَ نَحْوَكَ جَمِيعُ القُوَّاتِ السَّمَاوِيِّين: أَيُّها المسيحُ الإله، مُعْطِي الحياةِ، المجدُ لك.
القنداق باللَّحن الثَّاني
يا شفيعَةَ المَسيحيِّينَ غَيْرَ الخازِيَة، الوَسِيطَةَ لدى الخالِقِ غيْرَ المَرْدُودَة، لا تُعْرِضِي عَنْ أَصْوَاتِ طَلِبَاتِنَا نَحْنُ الخَطَأَة، بَلْ تَدَارَكِينَا بالمَعُونَةِ بِمَا أَنَّكِ صَالِحَة، نَحْنُ الصَّارِخِينَ إِلَيْكِ بإيمانٍ: بَادِرِي إلى الشَّفَاعَةِ، وأَسْرِعِي في الطَّلِبَةِ يا والِدَةَ الإِلهِ، المُتَشَفِّعَةَ دائمًا بِمُكَرِّمِيكِ.
الرِّسَالَة
رو 5: 1-10
قوَّتي وتَسْبِحَتِي الرَّبُّ 
أَدَبًا أَدَّبَنِي الرَّبُّ وإلى الموتِ لم يُسْلِمْنِي
يا إخوةُ، إذ قد بُرِّرْنا بالإيمانِ فَلَنَا سَلَامٌ معَ اللهِ بربِّنا يسوعَ المسيح، الَّذي بهِ حصَلَ أيضًا لنا الدُّخولُ بالإيمانِ إلى هذه النِّعمةِ الَّتي نحنُ فيها مُقِيمُونَ ومُفْتَخِرُونَ في رجاءِ مجدِ الله. وليسَ هذا فقط بل أيضًا نفتَخِرُ بالشَّدائِدِ، عَالِمِينَ أنَّ الشِّدَّةَ تُنْشِئُ الصَّبْرَ، والصَّبْرُ يُنْشِئُ الاِمتحانَ، والاِمتحانُ الرَّجاءَ، والرَّجاءُ لا يُخْزِي. لأنَّ محبَّةَ اللهِ قد أُفِيضَتْ في قلوبِنَا بالرُّوحِ القُدُسِ الَّذي أُعطِيَ لنا. لأنَّ المسيحَ، إذ كُنَّا بعدُ ضُعفاءَ، ماتَ في الأوانِ عن المُنَافِقِين، ولا يَكَادُ أَحَـدٌ يـمـوتُ عـن بارٍّ، فَلَعَلَّ أحدًا يُقْدِمُ على أن يموتَ عن صالِح. أما اللهُ فَيَدُلُّ على محبَّتِهِ لنا بأنَّهُ إذ كُنَّا خَطَأَةً بَعْدُ ماتَ المسيحُ عَنَّا. فَبِالأَحْرَى كثيرًا إذ قد بُرِّرْنَا بدمِهِ نَخْلُصُ بهِ من الغَضَبِ، لأنَّا إذا كُنَّا قد ُصولِحْنَا معَ اللهِ بموتِ ابنِهِ ونحنُ أعداءٌ فبالأحرى كثيرًا نَخْلُصُ بحياتِهِ ونحنُ مُصَالَحُون.
الإنجيل
متَّى 6: 22-32 (متَّى 3)
قالَ الرَّبُّ سِرَاجُ الجسدِ العينُ. فإنْ كانَتْ عينُك بسيطةً فجسدُكَ كلُّهُ يكونُ نَيِّرًا. وإنْ كانَتْ عينُكَ شرِّيرَةً فجسدُكَ كلُّهُ يكونُ مُظْلِمًا. وإذا كانَ النُّورُ الَّذي فيكَ ظلامًا فالظَّلامُ كَمْ يَكُون. لا يستطيعُ أحَدٌ أنْ يعبُدَ رَبَّيْنِ لِأَنُّهُ إمَّا أنْ يُبغِضَ الواحِدَ ويُحِبَّ الآخَرَ أو يلازِمَ الواحِدَ ويَرْذُلَ الآخَر. لا تَقْدِرُون أنْ تعبُدُوا اللهَ والمالَ. فلهذا أقولُ لكم لا تَهْتَمُّوا لِأَنْفُسِكُم بما تَأْكُلُونَ وبما تَشْرَبُونَ ولا لأجسادِكُم بما تَلْبَسُون. أَلَيْسَتِ النَّفْسُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ والجَسَدُ أَفْضَلَ من اللِّبَاس. أُنْظُرُوا إلى طيورِ السَّماءِ فإِنَّهَا لا تزرَعُ ولا تحصِدُ ولا تخزُنُ في الأهْراءِ وأبوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَفَلَسْتُم أَنْتُم أفضلَ منها. ومَنْ مِنْكُم إذا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ على قامَتِهِ ذراعًا واحِدَة. ولماذا تَهْتَمُّونَ باللِّباس. اعْتَبِرُوا زنابِقَ الحقلِ كيف تَنْمُو. إنَّها لا تَتْعَبُ ولا تَغْزِل، وأنا أقولُ لكم إنَّ سليمانَ نفسَه، في كلِّ مجدِه، لم يلبَسْ كواحِدَةٍ منها، فإذا كانَ عُشُبُ الحقلِ الَّذي يُوجَدُ اليومَ وفي غَدٍ يُطرَحُ في التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ هكذا أَفَلَا يُلبِسُكُم بالأَحْرَى أنتم يا قليلِي الإيمان، فلا تَهْتَمُّوا قائِلِين ماذا نأكُلُ أو ماذا نشرَبُ أو ماذا نَلْبَسُ فإنَّ هذا كلَّهُ تطلُبهُ الأُمَم. لأنَّ أباكُمُ السَّماوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُم تحتَاجُونَ إلى هذا كلِّهِ. فاطلُبُوا أوَّلًا ملكوتَ اللهِ وبِرَّهُ وهذا كلُّهُ يُزادُ لكم.
في الإنجيل
يُقْرَأُ هذا الإنجيل بعد العنصرة، أي بعد حلول الرُّوح القدس على الرُّسُل وانتشارهم في العالم حامِلِين الكلمة أمانَة ليودِعُوها في نفوسٍ تائقة الى الرَّبّ.
"فاطلُبُوا أوَّلًا ملكوتَ اللهِ وبِرَّهُ وهذا كلُّهُ يُزادُ لكم"، هي دعوة وجَّهَهَا الرَّبّ يسوع لتلاميذه الرُّسل أوَّلًا، ونراهم بعد العنصرة قد عملوا بها. لم يهتمّ التّلاميذ بالأكل والشُّرب واللِّباس، همُّهم الوحيد أن يتعرَّف العالم الى الرَّبّ يسوع. آمَنُوا أَنَّ الحياة الأبديّة هي الأَوْلَى والأهَمّ. لذلك، عَمِلُوا لها بكُلِّ جهدٍ وتعبٍ حتَّى نالوها.
الحياةُ الحاضِرَةُ فانِيَةٌ. نعملُ ونجدُّ لنعيش سبعين سنة، على الأكثر، وإن تخطّاها أحدُنا فهي بأوجاعٍ وتعب...
لا يدعونا الرَّبّ الى ترك الحياة العالميّة، الوقتيّة، إنّما إلى عدمِ الاهتمام بها لدرجة العبادة (أَوَلَيْسَ أكثرنا منغَمِس، بوعي أو بدونه وبقصد أو عن غير قصد، بتفاهات هذه الحياة؟؟).
أليس تفكيرنا ونمط حياتنا بعيد عن الله وقريبٌ من المال بأغلب الأوقات؟.
طبعًا!، البداية المال من أجل الاستمرار بالعيش الكريم، ومن ثَمَّ يبدأ الغرق في الأفكار والاهتمام الدّنيويّ.
نحن الخليقة المفضَّلّة عند الله، نحن مَن أبدعه الله: "مَنْ هو الإنسانُ حتَّى تَذْكُرَهُ أو ابنُ البشر حتَّى تفتقِدَه... بالمجد والكرامة كلَّلْتَه، أنقصْتَهُ قليلًا عن الملائكة..." (عب 6:2).
وهذا ما يتَّضِحُ حين يقارِنُ الرَّبُّ يسوع مجد سليمان بزنابق الحقل، الّتي تُطرَح في التَّنُّور عند اليباس أما قبل ذلك فتكون من أجمل الزّهور، حتّى سليمان لم يلبس ثيابًا أجمل منها.
ما أراده الرَّبُّ يسوع قوله في أنَّ الزنابق تُطرَح في التَّنُّور عند اليباس أمَّا الإنسان فلا يُطْرَحُ في التَّنُّور عند موته، هو أنّ روحه ترجع إلى الخالِق يوم رقاده ويكون في انتظار القيامة العامَّة.
هذه هي المقارَنَة بين الإنسان وسائر مخلوقات الله. أَحَبَّ اللهُ الإنسانَ وسَخَّرَ كلَّ شيء لخدمته. فما كان من الإنسان إلَّا أنَّه تخلّى عن الله في كلّ العصور وما يزال.
النِّداء لنا اليوم وفي كلِّ يوم وإلى آخِرِ يومٍ من حياتنا هو "أن نطلب ملكوت الله" وكلّ شيءٍ آخَر يَزَاد لنا.
النِّعْمَةُ الَّتِي تُحَرِّكُنَا
منذ فترة وَجِيزَة عَيَّدْنَا للعنصرة، وفي وَعْيِنَا الجماعِيّ أنّ هذا العيد هو عيد تأسيس الكنيسة، لأنّه مِنْ بَعْدِهَا انطلقَ الرُّسل بتبشيرهِم إلى العالم مُمْتَلِئِين من الرُّوح القدس الَّذي حَلَّ عليهم. وفي لاهوتنا أنّ ما بعد العنصرة هو "زمن الرُّوح القدس"، إن جاز التّعبير، لأنّه هو من يعطي المواهب ويعطي الكلّ أن يعملوا كجسدٍ واحِدٍ من خلال خِدَمِهِم الخاصّة. وتُذَكِّرُنا الكنيسةُ بهذا الأمر في اليوم الَّذي يلي العنصرة والمُسَمَّى "إثنين الرُّوح القدس". تَذْخَرُ القطع الَّتي نرتِّلُها، في هذه المناسبة، بالتَّعليمِ حول عمل الرُّوح القدس، ليس فقط في الكنيسة كجماعة بل أيضًا في كلّ واحِدٍ مِنَّا، لأنَّه هو موزِّعُ المواهِب، وهو مصدر النِّعمة الَّتي تُعْطِي هذه المواهِب فعاليَّتها. رغم هذا البُعْد الجماعِيّ المتعلِّق بالمواهِب وتفعيلها، لا بدَّ وأن نتذكّر أيضًا هنا مثل الوزنات الَّتي أعطاها السّيّد لعبيده ليستثمرُوها. هذه الوزنات هي بمثابة المواهِب الّتي سُكِبَتْ علينا في سرّ الميرون، والَّتي نحن مسؤولون عن إعطائها بُعْدًا تَجَسُّدِيًّا. سـيـحاسـبُـنَـا اللهُ لـيـس عـن ماذا سـننتج، بل على سـعينا لتفعيل المواهب، أي وضعها في خدمة المشروع الخَلَاصِيّ. يأتي هنا دور تجاوبـنـا مـع عـمـل الـرّوح فـي كـلٍّ مِـنَّـا. فـالـصُّـورة الَّـتـي يـمـكـن أن نــعـطـيـهـا هــي صـورة الـدّم الّذي يجري في عروق الجسد والّذي يسمح له بأن يتنفّس، ويتحرّك، ويفكِّر. صورة الجسد، الَّتي أعطاها بولس الرَّسول، لا تقتصِرُ على أعضاء تتكامَل مهامُّها الخَدَمَاتِيَّة، بل تتضمَّنُ، أيضًا بشكل غير مُعْلَن، صورة أعمق، وهي حركة الجسد ككلّ بفضل الدّم الّذي يجري في عروقه، أي نفخة الرّوح. أنت لا تشعر بالدّم الّذي يجري فيك. وأنت لا تَعِي في كلّ ثانية من حياتك أنّه لو نَفَذَ الدَّمُ من أيّ عضو من أعضائك لَبَطُلَت حركته. هكذا هو الرّوح القدس، يحرِّكنا من حيث لا ندري، لأنَّ نعمتَهُ مُعْطَاة لنا مجّانًا. المهمّ هو أن نَعي ذلك وجودِيًّا وليس ذهنيًّا. القناعة الذِّهنيَّة، على أهمّيّتها، لا تكفي. من الضّرورة بمكان أن تصبح هذه القناعة جزءًا من "لا وَعْيِنَا" الفَرْدِيّ والجَمَاعِيّ. فتصبح الثّقة بحضور الرّوح وعمله فينا عنوانًا لعلاقة وجودِيّة مع النّعمة الإلهيّة. تَكْمُنُ أهمّيّةٌ أُخْرَى لصورة الدَّم هذه بعمله الَّذي لا يتوقَّف أبدًا. فالدَّورة الدّمويّة الّتي تُجَدِّدُ الدّم عمليّة لا متناهيَة، وكذلك عمل الرّوح في كلٍّ مِنَّا، وفي الكنيسة ككلّ. أنت تستفيد من عمل الرُّوح الدّائِم من حيث لا تدري. تستفيد منه في الصَّلاة، كما تستفيد منه لتساعد القريب، ولتشهد لإيمانك في مجتمعك. من حيث لا تَعِي، عندك الثّقة بأنّه، كما يجري الدّم في عروقك، هكذا يقوّيك الرّوح ويشدِّد خُطَاك لتدافع عن الرّجاء الّذي فيك. 
هناك أهميّة أخرى لصورة الدّم هذه، ألا وهي قرارك الشّخصيّ في ما يعود إلى حِرَاكِ جسدك. فوجود الدَّم فيك لا يعني أنّك تتحرّك بالضَّرورة. هو طاقة مخبَّأة، وبدونها تخسر فعاليتك. هكذا هو الأمر مع تثمير عمل الرّوح. إذا لم نُفَعِّل خِدَمَنَا الـخـاصّــة، فـلا لـوم عـلـى الـرّوح الــقــدس، بــل علينا لأنّنا لـم نُـعـط حـضـوره فـيـنـا كـلّ أبـعـاده. هذا التّفاعل هو ما يؤدّي إلى ثمار الرّوح الّتي تكلَّم عليها الكتاب المقدّس (أنظر غلاطية 5: 22). لكن، رغم أوجه الشّبه هذه، هناك فرق هامّ للغاية ألا وهو أنّه لا يمكن نزع الرُّوح القدس منك، حتَّى لو أردتَ ذلك. فمحبّة الله لكَ تجعل هذا الرّوح يجري فيك من دون حاجة لعروق. هو جزء من إنسانيّتك، هو جزء من حضورك في العالم، هو جزء من تواصلك مع الآخَرين. ليست العنصرة عيد تأسيس الكنيسة فقط، بل هي عيد ترسيخ عيشنا "بالرّوح القدس" إذا ما فتحنا له قلوبنا، وأذهاننا. يتطلّب هذا الأمر جهدًا جماعيًّا متواصِلًا، والتصاقًا حميمًا بالكتاب المقدّس، ووعيًا متجدِّدًا لفعالية الأسرار فينا. ألا كانت العنصرة عنصرة لأشخاصنا وللكنيسة نتجدَّد بها باستمرار.
أخبارنا
✞ دورة موسيقى كنسيَّة في الضّنّيّة
برعاية صاحب السّيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) الجزيل الاِحترام، تدعوكم مدرسة الموسيقى في الأبرشيّة إلى دورتها الصّيفيّة للمستويَين الأوّل والثّاني، في منطقة الضّنّيّة.
مكان إقامة الدّروس: كنيسة القدّيس نيقولاوس في حقل العزيمة.
الزّمان: الإثنين والخميس من كلّ أسبوع، اِبتداءً من يوم الخميس الواقع فيه 25 من حزيران 2015، في تمام السّاعة السّادسة مساءً.
على كلّ راغبٍ بالإنتساب إلى هذه الدّورة، أن يُعلِمَ منسّق البرنامج في رعيّته قبل يوم الثّلاثاء في 23 حزيران. 
للإستعلام يُرجى الإتصال بالسّيّد الياس داود على الرقم: 208897/70.