الأحد 5 تشرين الأوَّل 2014

الأحد 5 تشرين الأوَّل 2014

05 تشرين الأول 2014
 
الأحد 5 تشرين الأوَّل 2014    
العدد 40
الأحد 17 بعد العَنْصَرَة
اللَّحن الثَّامِن    الإيوثينا السَّادِسَة
 
*5: الشَّهيدة خَارِيتِينِي، البارَّة ماثوذيَّة، البارّ إفذوكيموس. * 6: الرَّسول توما. *7: الشَّهيدان سرجيوس وباخوس، الشَّهيد بوليخرونيوس.   *8: البارَّة بيلاجيا، تائيس التَّائبة، سرجيوس رادونيج (25 أيلول ش). *9: الرَّسول يعقوب بن حلفا، البارّ أندرونيكس وزوجته أثناسِيَّا، إبراهيم الصِّدِّيق ولوط *10: الشَّهيدان إفلَمْبيوس وأخته إفلمبيَّة. * 11: الرَّسول فيلبُّس أحد الشَّمامسة السَّبعة، البارّ اسحق السِّريانيّ (28 أيلول شرقي)، ثيوفانِّس الموسُوم. *
 
الكاهن
 
الكاهن ليس موظَّفًا. خدمته ما هي إلَّا "علامة" لحضور الله. هو قبل كلّ شيء أيقونة المسيح الإله-الإنسان. كلمة أيقونة (icône) تعني صورة حيّة، مجسّدة، تشير إلى الأصل، إلى ما أو إلى "مَنْ" هو فوق. رعاية الكاهن ليست مجرّد خدمة اجتماعيّة، هي طريق ليصير هو نفسه أداة لإعلان الله، لظهور إلهيّ مستمرّ يتحقّق، على الأخصّ، في كلّ قدّاس إلهيّ، في شركة مع المؤمنين الحاضِرين في الكنيسة، وأيضًا، مع الملائكة والقدّيسين. الكهنة سلاسل أساسيّة لإيصال الحياة الإلهيّة إلى البشر، أداة تواصل بين السّماء والأرض.
 
الله "قدّوس"، فوق كلّ شيء، هو "غير المنظور، غير المدرَك، الدّائم وجوده، الثّابت الوجود". لكن، بداعي محبّته للبشر، أصبح إنسانًا ليصير "الكاهن الأعظم"، ويقيم الذّبيحة الإلهيّة غير الدّموية عن طريق الكاهن، الّذي هو صورته، أيقونته الحيّة.
 
* * *
 
من أجل ذلك، بالضّبط، على الكاهن أن يظلّ في أُلْفَةٍ مع الحقائق الإلهيَّة. الكاهن الحقيقيّ يتواصَلُ، دائمًا، مع الله، والله يحاكيه على الدّوام. هو ملاك لا إنسان. عليه، إذًا في الواقع، أن يلازِمَ الصَّلاة ومعاشَرَة الإنجيل، والمطالَعَات الرّوحيّة والآبائيَّة، طبعًا، إلى جانب خدماته الرّعائيّة.
 
هكذا، يصبح إنسانًا ملؤه الفرح، فرح الرّبّ، على الرّغم من ثقته أنّه خاطئ. هذا يعود، لا إلى قوّته الخاصّة، بل إلى نعمة الكهنوت (النّعمة الإلهيّة الّتي للنّاقِصِين تُكَمِّل)، وإلى حضور المسيح في فكره وقلبه، في حياته كلّها.
 
كيف له أن يقول للشّعب "السّلام لجميعكم"؟!، كيف ينقل السّلام والطّمأنينة للمؤمنين (خاصّة في هذه الأيّام الصّعبة)، إذا لم يكن حاصِلًا عليها في كيانه؟!. هذه الشّفافيّة تتطلّب منه تهيئة خاصّة قبل كلّ خدمة، قبل كلّ قدّاس إلهيّ، قبل كلّ زيارة، عظة أو حديث.
 
هذه التّهيئة من شأنها أن تساعده على الإبتعاد، وحتّى الإنفصال، عن العالَمِيَّات - "لنطرَحْ عنَّا كلَّ اهتمامٍ دنيويّ" - كونه يريد أن يسبَحَ في مجال الحُضور الإلهيّ، وينقل أريجه إلى النّاس الّذين يَوَدُّ أن يلاقيهم. الحياة الحَقَّة، الوجود الحَيّ، لا يتحقَّقان، غالِبًا، عن طريق الرّكض من هنا وهناك، عن طريق الإنشغال المتواصِل، بل، بالأحرى، يصيران بالإنفتاح الشّفّاف على الحضور الإلهيّ.
 
ما يساعِد، أيضًا، على إقتناء هذه الشّفافيّة، بخاصّة في القدّاس الإلهيّ، هو تمضية ليلة النّهار الفائت بهدوء وتأمّلات روحيّة وإنجيليّة، كما أنّ الصّوم أو، على الأقلّ، الطّعام الخفيف والسّهر في الصّلاة يساعدان جدًّا.
 
أخيرًا وليس آخِرًا، يقول القدّيس يوحنَّا الذّهبيّ الفم بأنّه على الكاهن أو الرّاعي أن يهتمّ بكلّ شيء، أن يعرف كلّ شيء، وأن يتّصل بكلّ واحِدٍ، وفي الوقت نفسه يجهد أن يبقى بعيدًا عن كلّ شيء، بعيدًا عن كلّ واحِدٍ (distant)، حتَّى يتّحد بالله وحده.
 
                                                                                                                  + أفرام
                                                                                                    مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّامِن
 
إِنْحَدَرْتَ من العُلُوِّ يا مُتَحَنِّن، وقَبِلْتَ الدَّفْنَ ذا الثَّلاثَةِ الأيَّام، لكي تُعْتِقَنَا من الآلام، فيا حياتَنَا وقيامَتَنَا، يا رَبُّ، المجدُ لك.
 
 
القنداق باللَّحن الثَّاني
 
يا شفيعَةَ المسيحيِّينَ غَيْرَ الخازِيَة، الوَسِيطَةَ لدى الخَالِقِ غيْرَ المرْدُودِة، لا تُعْرِضِي عَنْ أصواتِ طلباتِنَا نَحْنُ الخَطَأَة، بَلْ تَدَارَكِينَا بالمعونَةِ بما أَنَّكِ صالِحَة، نَحْنُ الصَّارِخِينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِرِي إلى الشَّفَاعَةِ وأَسْرِعِي في الطِّلْبَةِ يا والدةَ الإلهِ، المُتَشَفِّعَةَ دائمًا بمُكَرِّمِيكِ.
 
 
الرِّسَالَة 
2 كو 6: 16- 18، 7: 1
 
صَلُّوا وأَوْفُوا الرَّبَّ إِلَهَنَا   اللهُ مَعْرُوفٌ في أَرْضِ يَهُوذَا
 
يا إخوةُ، أَنْتُمُ هيكَلُ اللهِ الحيِّ كما قالَ الله: إنّي سأَسْكُنُ فيهم، وأَسِيرُ فيما بينَهم، وأكونُ لهم إلهًا، وهم يكونونَ لي شعبًا. فلذلِكَ اخْرُجُوا من بينِهِم واعتَزِلُوا، يقولُ الرَّبُّ. ولا تَمَسُّوا نَجِسًا فأَقبَلَكُم وأَكُونَ لكم أبًا، وتكونونَ أنتمُ لي بنينَ وبناتٍ، يقولُ الرَّبُّ القَدِير. وإذ لنا هذهِ المواعِدُ، أيُّها الأحبَّاءُ، فَلْنُطَهِّرْ أنفُسَنَا من كلِّ أَدناسِ الجسَدِ والرُّوحِ، ونكمِّلِ القداسَةَ بمخافَةِ الله.
 
الإنجيل
لو 6: 31-36 (لوقا 2)
 
قالَ الرَّبُّ: كما تُرِيدُونَ أنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بكم، كذلك افْعَلُوا أنتُم بهم. فإنَّكُم إنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذينَ يُحبُّونَكُم فَأَيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخَطَأةَ أيضًا يُحِبُّون الَّذين يُحِبُّونَهُم. وإذا أَحْسَنْتُم إلى الَّذين يُحْسِنُونَ إليكم فَأَيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخَطَأَةَ أيضًا هكذا يَصْنَعُون. وإنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذينَ تَرْجُونَ أنْ تَسْتَوفُوا منهم فأَيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخَطَأَةَ أيضًا يُقْرِضُونَ الخطأةَ لكي يستَوْفُوا مِنْهُمُ المِثْلَ. ولكِن، أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم وأَحْسِنُوا وأَقْرِضُوا غَيْرَ مُؤَمِّلِينَ شيئًا، فيكونَ أَجْرُكُم كثيرًا وتكونُوا بَنِي العَلِيّ. فإنَّهُ مُنْعِمٌ على غيرِ الشَّاكِرِينَ والأشرار. فكونُوا رُحَمَاءَ كما أنَّ أباكُم هو رَحِيمٌ.
 
 
في الإنجيل
تُظْهِرُ لنا قراءةُ اليوم الهدفَ الإلهيّ المُطْلَق، مُتَجَسِّدًا في كلامِ الرَّبِّ وفي سلوكه بيننا ومعنا، لكي يَنْطَبِعَ فينا ويصير، بالتالي، هدفنا. إنَّ حدودَ محبَّتنا الَّتي عليها نحن البشر، هي المحبّة المُتَبَادَلَة، عندما نُحِبُّ - وقد نُحِبُّ بصدق - ننتظِرُ أنْ يبادِلَنَا الآخَر هذه المحبّة، بطريقةٍ تُعْطِي لنا الطُمَأْنِينَة بأَنَّ محبَّتَنَا فاعِلَة حقًّا.
 
قد يظنُّ البعض منّا إنَّنَا على تعليم المسيح نَسْلُك، وأَنَّها المحبَّة الحُسْنَى. طبعًا، نشكر الله عليها.
 
لكن، المحبّة الّتي تأتي من فوق، محبّة الله، ليست بموازة محبَّتنا، وليست بقدرها "لأنّ اللهَ هكذا أحبَّ العالمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوحيد...".
لن أقول أنَّنا كلّنا تحت الخطيئة، وبالكاد يموت الإنسان من أجل البّار، فكيف، بالحَرِيِّ، إذا كان خاطئًا، كما يقول الرّسول بولس؟!... المشكلة أكبر من هذا، عندما أتانا الرَّبُّ متنازِلًا، متأنِّسًا، متألِّمًا، ومصلوبًا، ماذا فعلنا؟!... هل ترجَّيْنَاه أو طلبناه؟!... هل استغفرناه أو استدعيناه؟!...
 
لم نفعل شيئًا من هذه الأعمال، بل أبعدناه وطردناه، كَفَرنَا به، صلبناه، أَمَتْنَاهُ، وما زِلْنَا.
 
محبَّةُ الله الَّتي من فوق ليست بالمستوى نفسه، هي أكبر من أن نستعمل كلمة أعظم فيها، ولكن هكذا هي.
المحبَّة المتبادَلَة لم تكن هي المحبّة المطلوبَة فقط. المحبَّة الأعظَم، الّتي بدأها الله معنا، لا تتوقّف على القريب، أو النّسيب، أو الجار، أو الزّميل، انّما تتعداه إلى الّذي أَذَلَّنَا وأَغْضَبَنَا، ضَرَبَنَا واضطهَدَنَا، شرَّدَنَا وخطَفَنَا... هذه هي محبّة المسيح.
 
محبَّةُ المسيح هي أن تفعلَ أنت، أوَّلًا، للآخَر ما تريدُه وتتمنَّاه لنفسِك، دون مقابل، دون انتظارِ من سيبدأ بالمبادرة.
 
بادِرْ أنتَ أوَّلًا، فتكون إلهيًّا، لأنَّ اللهَ هكذا ارتضى: "هذا هو ابني الحبيب الّذي به سُرِرْت". رضيَ الله وسُرَّ أن يحبَّنَا ويخلِّصَنَا من دون أن ينتظر ردَّنا أو موافقتَنَا على فِعْلِ حبِّهِ الأعظَم.
 
 
سجود القلب
 
سَجَدَتِ الأجسادُ في عيد رفع صليب ربِّنا المقدَّس المُحْيِي. لكن هل سَجَدَتِ القلوب؟!...
 
نَدِينُ اليهودَ لأنَّهُم صَلَبُوا رَبَّ المجدِ مَرَّةً في التَّاريخِ، فيما نحن نصلبه كلّ يوم. نَسْخَطُ عليهِم لأنَّهُم هَزِئُوا به وهو على الصَّليب، ونحن نهزَأُ به باستمرار. نرى أنّهم قساة لأنّهم سَقَوْهُ خَلًّا فيما نحن نسقيه المُرّ. نعتبرهم مجرمين لأنّهم طعنوه بحربة بينما نرميه بالسّهام. نَصِفُهُم بالقُسَاة لأنّهم سمّروا يدَيْهِ بالمسامير، فيما نحن نَدُقُّ المسمار تِلْوَ الآخَر في جسدِه. نَثُورُ عليهم لأنَّهُم وضعُوا على رأسِه إكليل الشَّوك، فيما نحن نزرع الشَّوْكَ وننمِّيه. 
 
قد لا يَرُوقُ هذا الكلام للجميع. فيعتبرُهُ البعضُ تجنِّيًا، ويرى فيه البعض الآخَر ظُلْمًا للمسيحيّين، والكثيرون سوف يعتبرونه هُراءً وحَسْب.

المُتَدَيِّنُون سوف يقولونَ متى هَزِئْنَا بإلهِنَا، أو سَقَيْنَاهُ مُرًّا، أو رَمَيْنَاهُ بالسِّهَامِ، أو دَقَقْنَا المسامير في جسدِه، أو زَرَعْنَا الشَّوْكَ في دربِه؟!.
الجواب هو أنَّنا نصلبُ ربَّنَا في كلّ مرة نَحُلُّ فيها رباط المحبّة الأخويّة، لأنّه هو الّذي جمع الكلّ من المشارِقِ والمغارِبِ والشَّمالِ والجنوبِ في رباطِ محبَّةٍ وإيمانٍ واحِدٍ أرثوذكسيٍّ جامِعٍ مُقَدَّس. نهزَأُ منه في كلّ مرَّة نستمتِعُ فيها بالهَذَرِ والكلامِ البذيء. نسقيه المرّ في كلّ مرّة ننظر إلى أحد الإخوة الصِّغار نظرة استعلاء، وفي كلّ مرّة نجد لذّة وحلاوة في الأهواء والشَّهَوَات. نرميه بالسِّهام في كلّ مرّة نخالف قوانين كنيسته الّتي افتداها بدمه، ولنغطّي مخالفتنا ندَّعِي المحبَّة والإهتمام، فيما نحن نطلق العَنَانَ لمشيئاتنا الخاصَّة، ولتفرُّدِ آرائنا المُضَادَّة لمشيئته. نُسَمِّرُهُ بالمسامير عندما نترك الدُّنيويَّات تسمِّرُنا بمساميرها وتقيِّدُنا بقيود الأنانيّة. 
 
نحن، في سلوكنا اليوميّ، ننسى أنّ المسيح بَسَطَ يدَيْهِ على الصَّليبِ الَّذي سُمِّرَ عليه ليُسَمِّرَ الخطيئةَ ويشفي أيدينا الَّتي تمتَدُّ إلى ثمارها. ننسى أنَّ الدَّم والماء، اللَّذَيْنِ خرجَا من جنبِه، أَظْهَرَا الحقيقةَ الَّتي تَجَسَّدَتْ في كنيسَتِهِ وأسرارِهَا. يغيبُ عن بالِنَا أنَّ إكليلَ الشَّوْكِ، الَّذي وضعوهُ على رأسِهِ، هو من بذورِ الشَّرِّ الَّذي نزرعُهُ في هذا العالم بملءِ إرادتِنَا. نحن فَقَدْنَا ذلك العطش إلى الخلاص الَّذي لا يرتَوِي. لهذا السَّبب، قلوبنا لا تسجُدُ مع أجسادِنَا.
 
فَلِكَي تسجُدَ قلوبُنَا للصَّليب، علينا أن نشقّ أرضها، ونغرس فيها الصّليب بعزم ثابِتٍ، وحماسٍ للعيش بحسب روح الله، لأنّ إهمالَنَا وعدمَ اكتراثنا يغطِّيَان صليبَنَا، كمثل الَّذِين طَمَرُوا صليبَ السَّيِّد. فَبَدَلَ أن يكون مُنْتَصِبًا مرفوعًا في قلوبنا نُقصيه ونرميه. نحن بحاجة لأن نتذكَّر، دائمًا، قول القدّيس ثيوفانِّس الحبيس: "لنتصوَّرِ الصَّليبَ شجرةً، تكون الجذور منها الإيمان، الّذي منه يُفْرِعُ أوَّلًا إنكارُ الذَّاتِ، والعزم على الزُّهد بكلّ الأمور الفانِيَة، والتَّركيز على عَمَلٍ وحيدٍ هو خلاص النَّفس. ومِنْ إنكارِ الذَّاتِ تَتَوَلَّدُ المحبَّةُ المتأهِّبَة للإصغاء والطَّاعة.

ومن الطَّاعة ينمو الصَّبرُ المكلَّلُ بالرَّجاءِ، الَّذي يرمي بالإنسان إلى السَّماء وإلى القدس الداخِلِيّ... فحيث جميع هذه المواقِفِ لا تنتصبُ شجرةُ الصَّليبِ وحيدةً عارِيَةً، إنّما تتفرَّعُ إلى أَفْنَانٍ كثيرة من الفضائل المتنوِّعَة، فتكتَسِي أوراقَ جمالِ السِّيرَة، وتنتج ثمار الأعمال الصَّالِحَة بوفرة".

 
أخبــارنــا
 
 اشتراكات نشرة الكرمة
 
مع اقتراب نهاية العام الحاليّ، نذكِّرُ الرَّعايا، الّتي لم تسدِّد بعد ما تبقى عليها من اشتراكها في نشرة الكرمة عن العام 2014، بضرورة تسديد اشتراكاتها ودفع المبالغ المتبقِّيَة عليها قبل نهاية هذا الشّهر، وذلك حفاظًا على استمراريّة النّشرة في الصُّدور.
 
 
دير في أبوظبي يعود إلى القرن السَّابِع للميلاد
 
يفتح أمام الزّوار
 
 لقد افتتح للزّوار دير عمره 1400 سنة، وهو الموقع الأثريّ المسيحيّ الوحيد الّذي يعود إلى حقبة ما قبل الإسلام في تلك النّاحية.
 يقع الموقع في جزيرة صير بني ياس في أبوظبي ويعود إلى العام 600 للميلاد. لقد بنته شركة رهبانيّة من 30 إلى 40 راهبًا، وقد اتّضح أنّ رحّالة مسافرين من الهند قد شيّدوه.
 
تمّ الكشف، عام 1992، عن الكنيسة وكنيسة أخرى صغيرة وبرج خلال دراسة أثريّة في المنطقة. عملية التنقيب تستمرّ مع توافد الزوّار ابتداءً من 18 كانون الأوّل 2010.
 
الدكتور جوزيف إلدرز (Joseph Elders)، المسؤول عن المشروع، قال لصحيفة إماراتيَّة اسمها "ذي ناشيونال" (The National): "فَتْحُ الموقع للزّوار يشكل نقطة تحوّل في التّطوّر السّياحيّ للجزيرة، ونحن نحاول اكتشاف المزيد من الحياة السّابقة وأخبار النّاس الّذين كان لهم الدّور الأساسيّ في خلق تاريخها المدهش".
 
"منذ عشرين سنة، لم يكن لدينا فكرة أنّ المسيحيّة وصلت إلى الحدّ الجنوبيّ والشّرقيّ من الخليج العربيّ. هذا يُظهر أنّ المسيحيّة وصلت إلى أمكنة أبعد بكثير ممَّا كنّا نعرف قبلًا... ليس لدينا أديار كثيرة من هذه الحقبة". لقد انتشرت المسيحيّة في الخليج ما بين العامين 50 و350 ميلاديّ، وسكّان الدّير كانوا في أغلب الظّنّ من الكنيسة النّسطوريّة (الكنيسة السّريانيّة الشّرقية).
 
يضيف د. إلدرز أنّ أهميّة الموقع قد تعود إلى من أسّسه. قال إنّ فريقه كشف عن هيكل عظميّ واحد خلال عمليّات التّنقيب؛ وممّا هو ظاهر، يبدو أنّ الكنيسة بُنيت حول هذه الرّفات.
 
هذا ويُعتَقَد أنّ هذا الشّخص، الّذي ربما كان رجلاً قدّيسًا أو قدّيسًا محلّيًّا، هو السّبب في تكاثر الحجّاج إلى الجزيرة، إذ توجد غرفة مستقلّة للزّوّار لترك الهدايا.
 
كما عُثر أيضًا، في الدّير، على غرف مزيّنة بصلبان من الجصّ تؤدّي إلى كنيسة صغيرة، فيما بان موقع كان يقيم فيه الرّهبان، وكوّة للماء المقدّس، ومجمرة للطّهي.
 
يتضمّن تصميم الدّير صحن الكنيسة، والأجنحة الجانبيّة للهيكل، والجصّ، والمدفن، والبرج، وبيت الصّلاة، وغرف الرّهبان، إضافة الى مسكن رئيس الدّير.
 
وكُشف عن أكثر من 15 نوعًا من الفخّاريّات، إضافة إلى الزّجاجيّات والأواني المستخدَمَة في الاحتفالات والشّعائر الكنسيّة، وقطع من الجصّ المزخرف بعناية، ممّا يوفّر لعلماء الآثار كنزًا ثمينًا من المعلومات عن سكّان جزيرة صير بني ياس في القرن السّابع الميلاديّ وأنماط حياتهم .
 
رغم أنّ الموقع عمره أكثر من ألف سنة، إلّا أنّ أقدم أثر لتواجد الجنس البشريّ في صير بني ياس يعود إلى أكثر من 7500 سنة، مع مواقع تعود إلى العصرَين الحجريّ والبرونزيّ.
 
ويُظَنّ أنّ الدّير بقي مأهولًا إلى العام 750 للميلاد، رغم أنّ الإسلام كان قد انتشر في الخليج في ذلك الزّمان.
 
ويتابع د. إلدرز كلامه فيقول: "إنّ جزيرة صير بني ياس بقيت قائمة حتّى بعد انتشار الإسلام في الخليج، ممّا يشير إلى الانفتاح الفكريّ في تلك الحقبة. بقاء الدّير مأهولًا لقرن بعد وصول الإسلام يُظهر التّسامح الإسلاميّ في منطقة من إحدى أهمّ مناطق تواجدهم.

هذا ونعرف قصصًا كثيرة عن العيش بتناغم".