الأحد 5 كانون الثاني 2014

الأحد 5 كانون الثاني 2014

05 كانون الثاني 2014
 
الأحد  5 كانون الثاني  2014
 العدد 1
الأحد قبل الظهور
اللَّحن الثالث   الإيوثينا السادسة
 
* 5: الشهيدان ثاوبمبتوس وثاوناس، البارّة سنكليتيكي. * 6: الظهور الإلهي المقدّس. * 7: تذكار جامع للنبي السابق يوحنا المعمدان. * 8: البارة دومنيكة، البار جرجس الخوزيبي * 9: الشهيد بوليفكتوس، البار افستراتيوس. * 10: غريغوريوس أسقف نيصص، دومتيانوس أسقف مليطة. *  11: البار ثاودوسيوس رئيس الأديرة، البار ﭬيتاليوس.
 
الظهور الإلهيّ
 
هذا هو العنوان الرّسميّ لهذا العيد السيّديّ، بحسب شهادة الكنيسة وخبرة آبائها القدّيسين عبر العصور.
 
لماذا تطلق الكنيسة هذا الاسمَ على العيد، ولا تكتفي بكلمة "الغطاس" الشعبيّة المعبِّرة والحلوة جدّاً؟! 
 
هذا لكي تُبرز أوّلاً الصورة الإلهيّة الحقيقيّة، صورةَ الثالوث القدّوس، وهي العقيدة الأساسيّة في إيماننا المسيحيّ.
 
لا ينفي هذا الأمر أبداً صورةَ ابن الله المتألّم، الحبيب عند الله أبيه وعندنا أيضًا، إذ "غطس" في المياه مشيرًا إلى موته من أجل خلاص البشر.
 
جاءَ في إنجيل متى: "فلمّا اعتمد يسوع، صعد للوقت من الماء، وإذا السمواتُ قد انفتحَتْ له، فرأى روحَ الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه، وصوتٌ من السماء قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررتُ" (متى 3: 16-17).
 
"انفتحت السموات"، أي كلّ ما هو فوق، حتى لا يعتقد أحدٌ أنّ هناك شيئاً باقياً يَعلُوه. لماذا يقول متّى "انفتحَتْ"، بينما يَذكر مرقس أنّها "انشقَّتْ"؟ (مر1: 10). يفسّر القديس غريغوريوس بالاماس هكذا: "السرّ مزدوجٌ: انفتحت أيْ كانت مقفلةً قبلاً بسبب الخطيئةِ ومعصيةِ آدم... عندما قال له الله أنت تُرابٌ وإلى التراب تعود" (تك 3: 19). من جهة ثانية انشقّت لأن قوّة الروح وطاقته الإلهيّة (énergie divine) نزلَتْ كلُّها على المسيح بالجسد. هذه القوّة لم تَسَعْها السموات، لذا انشقّت، فصدَقَ القولُ "السموات غير نقيّة في عينيه" (أيوب 15: 15).
 
السموات، أي الملائكة، غير نقيّة أمام إله السموات. رغم استنارتها، تبقى منقوصةً من الطهارة الكاملة. وحدَها طبيعتُنا في المسيح تحوي الطهارة الكاملة، التي هي كامنة في قوّة الروح وطاقته الإلهيّة (énergie divine). من هنا نفهم كيف أنّ الظهور الإلهيّ "عيد الغطاس" يعنينا جميعاً: إنّه ظهورُ الله فينا بهذه القوّة الروحيّة القادرة على تأليه طبيعتنا الحقيرة. هل تَعقِلُ أيّها المعمَّد، الاِبنُ الحبيب لله، أنّك تملكُ مثل هذه القوّة  في داخلك؟ أم أنّك لا تريد أن تُميتَ أعضاءَ الخطيئة في داخلك وتَنعمَ بفرح القيامة؟ تذكّر قولَ الرّسول: "أوَتَجهلون أنّنا، وقد اعتمدنا جميعاً في يسوع المسيح، إنّما اعتمدنا لموته، فدُفِنّا معه بالمعموديّة للموت، حتّى كما أُقيم المسيحُ مِنَ الأمواتِ بِمَجدِ الآب، هكذا نسلك نحن أيضًا في جِدّة الحياة" (رومية 6: 3-4).
 
 
                                  + أفرام
                 مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروبارية القيامة باللحن الثالث
 
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزًّا بساعده، ووطئَ الموتَ بالموتِ، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقذَنا من جوفِ الجحيم، ومنح العالمَ الرحمةَ العُظمى.
 
طروبارية تقدمة الظهور باللحن الرابع
 
إنّ نهرَ الأردنِّ قد انكفأ راجعًا قديماً، بِوِشاحِ أليشع عند صعود ايليا، وانشقَّ الماء إلى هذه الجهة وإلى تلك، فحصلت لهُ المادّةُ الرّطْبَةُ طريقاً يابسة. فكان ذلك رسماً للمعموديّةِ حقّاً، الّتي بِها نَجُوزُ سبيلَ العُمرِ الزائل. المسيح ظهرَ في الأردن ليقدِّس المياه.
 
قنداق تقدمة الظهور باللحن الرابع
 
اليومَ حضرَ الرّبُّ في مجاري الأردن، هاتفاً نحو يوحنّا وقائلاً: لا تَجزَعْ مِن تَعميدي، لأنّي أتيتُ لأُخلِّصَ آدمَ المجبولَ أوّلاً.
 
 
الرِّسَالَة
2 تيمو 4: 5-8
 
خلّص يا ربُّ شعبك وبارك ميراثك
إليك يا ربُّ أصرخ إلهي
 
 
يا ولدي تيموثاوُس، تيقَّظْ في كُلِّ شيء، واحتمِلِ المشقَّاتِ، واعمَلْ عملَ المبشِّر، وأَوفِ خِدمَتَك. أمّا أنا فقد أُريقَ السَّكِيبُ عليَّ، ووقتُ انحلالي قَدِ اقتَرب. وقد جاهدتُ الجِهادَ الحسَن، وأتممتُ شَوطي، وحفَظتُ الإيمان. وإنمَّا يبقى محفوظاً لي إكليلُ العدلِ الّذي يَجْزِيني بهِ في ذلكَ اليومِ الرّبُّ الديَّانُ العادل، لا إيّايَ فقط، بل جميعَ الذينَ يُحبّونَ ظهورَه أيضاً.
 
الإنجيل
مر 1: 1-8
 
بدءُ إنجيلِ يسوعَ المسيح ابنِ الله. كما هو مكتوبٌ في الأنبياءِ: هاءَنذا مُرسِلٌ ملاكي أمام وجهِك يُهيِّئُ طريقَك قدَّامك، صوتُ صارخٍ في البريَّة أعِدُّوا طريقَ الرّبّ، واجعَلوا سُبلهُ قويمة. كان يوحنّا يُعَمِّدُ في البرّيَّة، وَيَكرِزُ بمعموديَّةِ التّوبةِ لغفرانِ الخطايا. وكان يَخرجُ إليه جميعُ أهلِ بلد اليهوديّةِ وأوُرشليمَ، فيعتمدونَ جميعُهم منهُ في نهرِ الأردُنِّ معترفينَ بخطاياهم. وكان يوحنّا يَلبَسُ وَبرَ الإبلِ، وعلى حَقْوَيْهِ مِنطقةٌ من جلدٍ، ويأكلُ جراداً وعسلاً برّيًّا. وكان يكرِزُ قائلاً: إنَّهُ يأتي بعدي مَن هو أقوى منّي، وأنا لا أستحقُّ أن أنحنيَ وأحُلَّ سَيْرَ حِذائِه. أنا عمَّدتُكم بالماء، وأمَّا هو فيُعَمِّدُكم بالرُّوحِ القُدُس.
 
في الإنجيل
 
في القديم، عندما كان ملكٌ يَنوي زيارة منطقة بعيدة في مملكته، كان يرسل خدّامه قبله ليهيِّئوا الطريق التي سيسلك عليها، فيحاولون خفضَ مستوى الآكام ورَدمَ الأوديةِ وترتيبَ الأماكنِ الوَعرة، ليسلكَ الملك بسهولة فيَصلَ الى المكان الذي يقصده.
 
في هذا الأحد الذي قبل عيد الظهور الالهيّ وبدء بشارة الربّ يسوع، اتّخذ القدّيسُ يوحنّا المعمدان مهمّة أساسيّة، ألا وهي تهيئة طريق الرّبّ، كما يصف عملَه الإنجيليُّ مرقس، كتحقيق لكلمات النبيّ أشعيا كالآتي: "صوتُ صارخٍ في البرّيّةِ أعدّوا طريقَ الرّبّ، قوّموا في القفرِ سبيلًا لإلهنا. كُلُّ وادٍ يرتفع، وكُلُّ جبلٍ وأكَمةٍ ينخفض، ويصير المُعوَجُّ مستقيمًا والوعرُ سهلًا. فيُعلَنُ مجدُ الرّبِّ ويَراه كُلُّ بَشَرٍ جميعًا، لأنّ فَمَ الرّبِّ تكلّم" (أشعيا 40: 3-5). 
 
كيف نُهَيِّئُ طريقَ الرّبّ الظاهرِ بالجسدِ مِن أجل خلاصنا؟ كان يوحنَّا المعمدان يدعو الناس صارخاً: "تُوبوا... وَاصنَعُوا ثِمارًا تَليقُ بالتوبة" (متى 3: 2،8) سألته الجموع من العشارين والجنود: ماذا تعني هذه التوبة فعليًّا؟ فأجاب وقال لهم:"من له ثوبان فليُعطِ مَن ليس له، ومن له طعامٌ فليفعل هكذا... لا تستوفوا أكثر مِمّا فُرضَ لكم... لا تَظلموا أحدًا ولا تَشُوا بأحد واكتفُوا بمُرتَّباتِكم" (لوقا 3: 10-14). دعاهم الى التوبة، إلى إجراء تغييرٍ جذريٍّ في منهج حياتهم، كتمهيد لنَيلِ مغفرة خطاياهم من الرّبّ يسوع. بمعنى آخر، دعاهم الى أن يجعلوا سُبُلَ حياتِهم مستقيمة، حتّى يَدخلَها الرّبُّ مِن غير إعاقة (أوريجنّس، في الأناجيل، الموعظة 21). الاستعداد لقبول الرّبّ، يكون في أعماق القلب، في النوايا الداخليّة والميول. طريق ملكوت الله في داخلنا، فلنُصلحِ الطّريق، مُزِيلِينَ كلَّ ما يشكّلُ حائلًا كبيرًا دون مجيء الملك! الله لن يأتيَ إلى مكان تعلو فيه جبالُ الكبرياءِ وَتِلالُ الاعتدادِ بالنّفس، والكبرياء والزهو. وَلْنُقَوِّمْ بالتوبة الطُّرُقَ الملتويةَ غيرَ الصّادقة، والنوايا المنحرفة. لِنُسَوِّ الأرضَ الوعرةَ الخشنةَ البعيدةَ عن اللطف والوداعة. لِنَردُمْ أوديةَ الفُتورِ والفزع، هذه الأودية ليست سوى الخوف الذي يحملنا إلى اليأس. الفرح كبير لأنّ رجاءنا بنيل الغفران أكيد. أعدّوا طريق الرب! أزيلوا العوائق على طريق الرب! يحثّنا أعظم الأنبياء يوحنّا المعمدان على الاعتراف بخطايانا والرجوع عنها، لا لنُعاقب، بل لننال بسهولة أكبر الغفران بعد ذلك. (القدّيس يوحنّا الذهبي الفم، تفسير إنجيل متّى ، الموعظة 2،10). هكذا، يدخل المسيح الملك عبر طرقٍ معبَّدةٍ بالمحبّةِ والتواضعِ والتقوى والإيمان.
 
كانت المسيحيّة في بداياتها تدعى "الطريق". طريق التوبة نهج حياة يسلكه الإنسان من معموديّتِه وحتّى مماته، ليصلَ الى القداسة. أي أن يدخل الله في قلب الإنسان ويتّحد به. الدعوة مجدَّدًا في عيد الظهور أن نُعِدَّ هذه الطريق، في قلوبنا، وفي أحاسيسنا، وفي أنفسنا، بالتوبة. 
 
 
الغطاسيّة
 
تُحّددُ الكنيسةُ لأبنائِها محطّاتٍ أساسيّةً في حياتهم الإيمانيّة، تُبْرِزُ من خلالها أوجهاً متعدَّدةً من مضامينِ إيمانها وعقائدِها. وقد سُمِّيت هذه المحطّاتُ أعيادًا. فالأعيادُ ليستْ فقط ذكرى لحوادثَ من حياة يسوعَ والقدّيسين، تُعْرَضُ أمامَنا لنتذكَّرَها فحسب، بل هي تأكيدٌ لاِستمراريّةِ مفاعيلِ هذه الحوادثِ التي أنتجتْ وتُنتجُ للعالم خلاصًا وتقديسًا. الأعيادُ دعوةٌ إلى عيشِ حقيقةِ مضمون هذا العيد من خلال الجهاد والتنقية والاِستنارة، بُغيةَ التزوُّدِ مِن نِعَمِ الرُّوحِ القُدُسِ النابعةِ مِن هذا الحضور الإلهيِّ في العالم. جوهرُ الأعيادِ في الكنيسة، أصلاً، يُستقى مِن هذا الحضورِ الإلهيّ في الزمنِ والتاريخ. سَعَتِ الكنيسةُ، دَومًا، إلى تثبيتِ هذه الأعياد حِسِّيًّا في حياة مؤمنيها عن طريقِ الإيقوناتِ والشعر والموسيقى والطقوسِ والعادات الشعبيّةِ والطعام والحلوى وغيرها، لتؤكّدَ لهم إمكانيّة عيش حقائقِ هذه الأعياد حتّى في تفاصيل حياتهم اليوميّة. فلا يبقى قطاعٌ من قطاعات حياةِ الإنسان غريباً عن حضور الله وحضور روحه القدّوس.
من هنا جاءَ، خلال فترة عيد الظهور الإلهيّ، طقسُ تقديسِ الماء الكبير، وتقديسِ المنازل والممتلكات به. أقولُ طقساً وليس عادةً. يَشملُ هذا الطقسُ خدمة ما يُسمَّى بتقديسِ الماءِ الكبير التي تقامُ في الكنيسةِ إضافةً إلى خدمة تقديس المنازل والممتلكات التي تمتّد من الكنيسة، بعد تقديسِ المؤمنين فيها ونضحِهم بالماءِ المقدّس، إلى تقديسِ منازلهم. قد يخطرُ ببالِ البعض أن يَعتبرَ ما يُسمّى بـ "الغطاسيّة" عادةً. نرجو أن يُصحَّحَ هذا الاِعتبارُ وأن ندعوها "طقساً كنسيًّا" أو بالأحرى خدمةً أسراريّةً، لأنّها امتدادٌ لطقس أو سِرِّ تقديس الماء الكبير. غريبٌ عن تراثِنا الأرثوذكسيِّ القديمِ حصرُ أسرارِ الكنيسةِ بسبعة، كما اعتَدْنا أن نُعَلِّمَ خطأً. فكلُّ تَلاقٍ بين الله وبيننا هو سرٌّ. روعةُ هذا السرِّ الكنسيِّ، الذي يُقامُ خلال عيد الظهورِ الإلهيّ، أنّه يتخطّى جدرانَ المعبدِ ليحوِّلَ البيئة كلَّها إلى معبدٍ كونيّ يُعبدُ فيه اللهُ بالروح والحقِّ، وتتقدّسُ فيه كلُّ العناصر. إنّه يجسّدُ، حسيًّا، مفاعيل ظهورِ الله بالجسد بينَنا، فلا يبقى مَرئيٌّ أو غيرُ مَرِئيٍّ غريباً عن فعل التقديس الإلهيّ. حتّى البهائم والمحاصيلُ والعرباتُ كلّها تتقدّسُ. تتقدَّسُ لكونِها بتصرّف الإنسانِ الذي سَخَّرَ اللهُ لأجله كلَّ الكونِ وجعله سيِّداً على كلِّ المخلوقات. كلُّ ما يستخدمُه الإنسانُ يتقدّسُ ليخدم مخطّط الله الخلاصيَّ للكون بأسره.
 
انطلاقاً من هذه الرؤية التقديسيّة الشاملة لـ "الغطاسيّة"، لا بدّ من أن نتوقّف عند بعض الملاحظاتِ التي نرجو أن تُؤخذَ بعين الإعتبار عند ممارسةِ هذا "السر"، من قِبَلِ الرّعاة والمؤمنين على السواء.
 
1-على المؤمنين أنْ يتصرّفوا كما يليق بأبناء للكنيسة، واعِينَ أبعادَ هذه الخدمة أو هذا السرِّ وأهميّتها في حياتهم. لا بدّ، أوّلًا، مِنَ التّعليمِ والتّوجيهِ اللَّذَينِ يَجبُ أن يكونا من أولويّات المهامّ الكنسيّة لدينا. المعرفة ضروريّة، وبدونها لا لَومَ على أحدٍ ولا استقامةَ في الفكر والحياة. في "الغطاسيّة"، عند دخول الكاهن حاملًا الصليبَ وناضِحًا بالماء، يجب أن يُدركَ كُلُّ مؤمنٍ أنّ منزله وحقله وكلَّ ما يملك يتحوّلُ إلى كنيسة، يَظهر فيها اللهُ. عند يهود عصرِ المسيح، لا يحضرُ اللهُ ولا يظهرُ إلّا في الهيكلِ. لكنّ الربَّ شاءَ أن يكونَ ظهورُه في الطبيعة، في برّيّةِ الأردنِّ، عند النهر. أصبح الخلاءُ هيكلًا لله. يجب أن ندركَ أنّ الكنيسة خَلَعَتْ عنها الجدران وتمدّدتْ إلينا، إلى مكانِ حضورِ كلٍّ منّا. عندها يدركُ كلّ ربِّ بيتٍ أنّه يجبُ عليه أن يكونَ حاضراً في منزله، منتظراً، بشوقٍ، هذا التحوّل، فلا موسيقى ولا أغانيُّ ولا تلفازٌ يضجُّ، ولا أحاديثُ وجلساتُ سَمَرٍ، ولا تدخينٌ وكحولٌ ولا خادمةٌ تنوبُ عن ربّةِ المنزلِ وربِّ العائلة، ولا تهرُّبٌ مِنَ الكاهن لأنيّ على خلافٍ معه لسببٍ أو لآخر، بل ترتيلٌ وصلاةٌ وعَبَقُ بخورٍ ولباسٌ محتشمٌ لائقٌ وترتيبٌ ونظافة، كما لَو كُنتُ في الكنيسة. يجب أن يُدركَ المؤمنُ أنّ "الغطاسيّة" هي كَسْبٌ له لا يُقدَّرُ بمالٍ، وليست مناسبةً مُكلِفَةً تُفقِدُه بعضاً من ماله. هي منزلٌ يتحوَّلُ هيكلاً لحضورِ الله، وهي تقديسٌ له ولأهلِ بيته ولكلّ مقتنياتِه.
 
2- "الغطاسيّةُ" ليست زيارةً رعائيّة. ربّما يستغربُ كثيرون هذه الملاحظة. لكن انطلاقاً من أسراريّةِ هذه الخدمة، يمكننا أن نتفهّمَ هذه الملاحظة. رشُّ المنازِل بالماءِ المقدّس هو صلاةٌ وسرٌّ كنسيٌّ وليس مجالاً لاِفتقاد أبناءِ الرعيّة. فَلْتُنظَّمْ زياراتٌ رعائيّةٌ في ظَرفٍ آخر. إنّ عدمَ التقيُّدِ بِهذه الملاحظةِ سيَجعلُ تقديسَ جَميع منازلِ الرعيّة مستحيلاً خلال فترةِ عيد الظهور الإلهيِّ، بخاصّةٍ في الرعايا الكبيرة، وستمتدُّ، على الأقل، لِمُدَّةِ شَهرٍ بِكامِلِه، ونكونُ قد ابتعدنا عن أجواء العيد. ولا يحقُّ لنا أن نُمَيِّزَ بين منزلٍ وآخر فيما خصّ الوقتَ الّذي نُمضيهِ في هذا البيتِ أو ذاك. بكلامٍ أوضح، لِيَعتَبِرِ الكاهنُ نَفسَهُ أنّه في الكنيسة يَجولُ فيها لينضحَ المؤمنين بالماءِ المقدّسِ مترافقاً مع الصلواتِ والتراتيل، وهكذا فَلْيَمُرَّ مُرورَ الكِرام.
 
3- إنْ أردنا أن نُعِيدَ "للغطاسيّةِ" طابعَها الكنسيَّ التقديسيَّ الذي كثيراً ما يُغَيِّبُه جمعُ المالِ خلالها، فلا بدّ أن يَغيب المالُ عن هذه الخدمة. لا نقول هذا تعفّفاً عن المال. فالمالُ ذاتُه يتقدّس إذا وُضِع في خدمة تقديسِ المؤمنين، ولكنّنا لا نريد أن يُصبحَ المالُ سبباً لاِمتناع بعضِ أبنائنا عن استقبال الكاهن، أو للضغط على مَن هُم فِعلًا غيرُ قادرين على الاِستغناءِ عنه بسبب ضيقٍ معيشيٍّ، أو ربّما يُشعرُهم بدونيّة مقارنةً مع مَن يَدفعون، يمكننا أن نَتَفَهَّمَ الظُّروفَ الّتي أدّت إلى استغلالِ هذه المناسبةِ وغيرِها لِجَمْعِ المال، بُغيةَ تأمين معيشة ِكاهن لا يَملكُ دَخْلًا ثابتًا. لقد آن الأوانُ لتنظيمِ هذه الأمور، التي هي بدورهِا مقدّسة، بطريقةٍ أكثر ترتيباً ولياقةً.
 
هذا غَيضٌ من فَيض، نرجو أن يُسهِمَ في فهمٍ أفضلَ وعيشٍ أعمقَ لأعيادنا.
 
 
أخبـــارنــــا
 
عيد الظّهور الإلهيّ
لمناسبة عيد الظهور الإلهيّ، يترأّس راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) قدّاس العيد وصلاة تقديس الماء، نهار الإثنين الواقع فيه 6/1/2014 السّاعة التاسعة صباحًا في كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في طرابلس.