الأحد 26 شباط 2012

الأحد 26 شباط 2012

26 شباط 2012

 

الأحد 26 شباط 2012    
العدد 9
أحد مرفع الجبن
اللحن الرابع       الإيوثينا الرابعة
26:  بورفيريوس أسقف غزّة، فوتيني السامرية، البار ثاوكليتُس. * 27: بروكوبيوس البانياسي المعترف، ثلالاوس السوري، بدء الصوم الكبير. * 28: باسيليوس المعترف، البارتان كيرا ومارّانا. *29: البار كاسيانوس الروماني.  *1: البارة في الشهيدات آفذوكيا، البارة دومنينا.      *2: الشهيد إيسيخيوس، المديح الأول . *3: العظيم في الشهداء ثاوذورس التيروني (عجيبة القمح المسلوق)، الشهداء افطروبيوس وكلاونيكس وباسيليكس. * 
الصومُ من أجل تنقيةِ القلب
أيُّها الأحبَّاء، في بدايةِ الصوم، نحن موضوعونَ أمامَ هذا الجهادِ الذي يأتي إلينا مجدَّدًا، بسرورٍ وحبورٍ نستقبلُهُ وبنشاطِ القلب، ونستعدُّ له منذُ أكثَرَ مِن شهر. وينبغِي أن نكونَ مُستعدِّينَ للجهادِ طَوالَ حياتنا. فالصومُ بحدِّ ذاتِهِ لا يعنِي شيئًا، إن لَم يَكُن قناةً تُوصِلُنا إلى الالتصاقِ بالمسيح. فإذا لم تأكل، تَضعَفُ صحَّتُكَ وتموت. وعندما تقتبلُ هذا الصوم، إذًا أنتَ تقتبلُ أنَّكَ تموت. ولكن أنتَ تموتُ من أجلِ محبَّةِ المسيح، عندَ ذاك تُؤكِّد لنفسِكَ أنَّ الحياةَ مصدرُها المسيح، وليسَ الأكل والمُقتنيات والمَلذَّات التي في هذه الأرض.
*    *    * 
ولذلكَ تأتي الكنيسةُ اليومَ لكي تُعلِّمَنا ما قالَه السيِّد: أنتَ إذا صُمتَ، فاغسِل وجهَكَ وادهَن رأسَك، ولا تظهَر للناسِ أنَّك صائمٌ معبِّسٌ، كأنَّك تُربِحُ الناسَ جميلَكَ هذا، ذلك أنَّ عبادَتَك ينبغي أن تكونَ في القلب. وعبادةُ القلب لا تنفِي العبادةَ الخارجيَّة. كالذين يقولون: لا تَصُم، بل فليَصُم لسانُك، هذه عباراتٌ لا معنَى لها. إنْ كنتَ تصوم، فكلُّ كيانِكَ يصوم، ليسَ فقط لسانُكَ ولا مَعِدَتُك. كلُّ كيانِكَ يبتعدُ عن الخطيئة.
فلنجتهد من أجل تنقيةِ قلوبنا، حتّى يؤهِّلَنا الربُّ لملكوتِهِ، بعد هذه الحياة التي نقضيها هنا بجهادٍ ونشاطٍ، لكن عن محبَّة، وليس عن قَرَفٍ أو تَعبٍ أو استثقال. بفرحٍ وبنشاطٍ نُقبِلُ إلى الصيامِ والجهاد. وأوَّلُ أمرٍ نسلكه أو نُتمِّمُه من أجل أن تتنقَّى قلوبُنا، هو أن نغفرَ للناس، أن نعذُرَهم لأنَّهم قد تصرَّفوا بطريقةٍ خاطئةٍ معنا. وبالمقابل،
نطلبُ نحن منهم أن يغفروا لنا، حتَّى نتحرَّر من هذه المطالب التي نتطلَّبُها الواحدُ منَّا للآخر. ولكنَّنا لن نتمتَّعَ بغفرانِ اللهِ تمتُّعًا جيِّدًا، ما لم تَكُن قلوبُنا نقيَّةً كمثلِ قلبِه، وغافرةً كمثلِ غفرانِه. فإنَّه لا يعودُ يذكرُ تلكَ الإساءات التي صنعناها إليه، وعدم التكريم الذي عوَّضناه له عندما أهنَّاه بخطايانا.
*    *    *
ليس الهدفُ إذًا أن نأكلَ مآكلَ صياميَّة، بقدر ما نعبِّرُ، بتحمُّلنا لهذه المآكل ومشقَّتِها، عن شوقِنا وجوعِنا إلى المسيح. بالمقابل نجلسُ إلى طاولتنا، نأخذ الكتاب المقدَّس ونقرأه بتمعُّنٍ، بشغفٍ، بشوقٍ حتَّى نأكلَه ونشبعَ منه. وبالتالي، متى اكتشفنا كلَّ هذا الغنى والوفرة والمحبَّة العظيمةالتي يُقدِّمها لنا المسيح، لا نستطيع في ما بعد أن نحتفظَ بحقدٍ أو بكراهيَّةٍ أو بصعوبةٍ في قلبنا أن نتقبَّلَ الآخَر. فنغفر ونصرخ إليه: "واترك لنا ما علينا، كما نترك نحن لمن لنا عليه". اغفِر لنا خطايانا، كمَا نغفِرُ نحنُ للذينَ أخطأوا إلينا، فتنسجِمُ هذه العلاقةُ الداخليَّة بينَنا وبينَ المسيح.
فليؤهِّلنا الربُّ القدُّوس أن نقتبلَ غفرانَ خطايانا وتنقيةَ قلوبِنا من كلِّ حقدٍ وكراهيَّةٍ وشهوةٍ ضارَّة، حتَّى نشتهيهِ هوَ بالذَّات، فنمتلِكَه في قلوبِنا كنزًا لا يفنَى إلى الأبد. آمين.
*    *    *
طروبارية القيامة باللحن الرابع
إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى
قنداق أحد مرفع الجبن باللحن السادس
أيُّها الهادي إلى الحكمةِ، والرازقُ الفَهْمَ والفِطنة، والمؤَدِّبُ الجهّالَ، والعاضِدُ المساكين، شدَّدْ قلبي وامنحْني فَهْمًا أيّها السيَّد، وأعطِني كلمةً يا كلمة الآب، فها إني لا أمنعُ شَفتيَّ من الهُتافِ إليك: يا رحيمُ ارحَمْني أنا الوا
الرسالة
رو 13: 11-14، 14: 1-4
رتّلوا لإلِهِنا رتلوا        يا جميعَ الأُممِ صَفِقّوا بالأيادي 
يا إخوة، إنّ خَلاصَنا الآنَ أقربُ مِمّا كان حينَ آمَنا. قد تَناهى الليلُ واقتربَ النهار، فَلْنَدَعْ عَنّا أعمالَ الظُّلمةِ ونَلْبَسْ أسلِحَةً النور. لِنَسْلُكَنَّ سُلوكاً لائقاً كما في النهار، لا بالقصُوفِ والسُّكْرٍ، ولا بالمضاجع والعَهَرِ، ولا بالخِصامِ والحَسَدِ. بَل البَسُوا الرَّب يسوعَ المسيحَ، ولا تهتمّوا لأجسادِكُم لِقَضاءِ شَهَواتِها. مَنْ كان ضعيفاً في الإيمان فاتَّخِذوهُ بغير مباحَثةٍ في الآراء. مِنَ الناس مَن يعتقْدُ أنَّ لهُ أن يأكلَ كلَّ شيءٍ، أمّا الضَّعيف فيأكُلُ بُقولاً. فلا يَزْدَرِ الذي يأكل من لا يأكل، ولا يَدِن الذي لا يأكل من يأكل، فإنّ الله قدِ اتخّذّهُ. مَنْ أنت يا من تَدينُ عبداً أجنبياً؟ إنّه لمَولاهُ يَثبتُ أو يَسقُط. لكنَّه سيُثبَّتُ، لأنّ الله قادِرٌ على أن يُثبَّتهُ.
الإنجيل
متى 6: 14-21
قال الربُّ: إنْ غَفَرْتُم للناسِ زَلاتِهمْ يَغْفرُ لكم أبوكُمُ السَّماويُّ أيضاً. وإنْ لم تَغْفِروا للناسِ زلاتِهم فأبوكُمْ لا يغفرُ لكم زلاتِكُمْ. ومتى صُمتُمْ فلا تكونوا معبسِّين كالمُرائين، فإنّهم يُنكِّرون وُجوهَهْم ليَظهَروا للناسِ صائمين. ألحقَّ أقولُ لكم إنهم قد أخذوا أجْرَهم. أمّا أنتَ فإذا صُمتَ فادهَنْ رَأسَكَ واغْسِلْ وَجْهَكَ لئلاّ تَظْهرَ للناس صائماً، بل لأبيكَ الذي في الخِفيةَ، وأبوكَ الذي يرى في الخِفيةِ يُجازيكَ عَلانية. لا تَكنِزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث يُفسِدُ السُّوسُ والآكِلةُ ويَنقُبُ السّارقون ويَسرِقون، لكنْ اكنِزوا لَكمْ كُنوزاً في السّماء حيث لا يُفسِد سوسٌ ولا آكِلَةٌ ولا يَنْقُب السّارقون ولا يسرِقون. لأنه حيث تكونُ كنوزُكم هناكَ تكونُ قلوبُكم
في الإنجيل
"إن غفرتم للناس زلاتهم...".
بدأ كلام الربّ في إنجيل اليوم بهذا القول الذي يرفع الانسان من هشاشة وضعه المادّي والنفسي والاجتماعي... إلى مرتبة الألوهة نفسها. إذ مَن الذي يقدر أن يغفر للناس زلاتهم وخطاياهم إلا الله وحده؟
ولكن، ألم يكن هدف التجسّد أصلاً أن يصير الإنسان إلهاً؟
هذا الأحد المبارك المسمّى "أحد الغفران" يشكّل المنعطف البارز في حياتنا المسيحيّة الحقّة، التي نبغيها توسّلاً لغفران الله زلاتِنا وهفواتِنا جميعِها. 
أن يُذكِّرنا ربّنا اليوم، وقبل البدء بالصوم الأربعيني المقدّس، بأرقى خطوة مسلكيّة وأسمى فضيلة يمكن لإنسان أن يمارسها، أعني المغفرة، لهو أمر مخوف جدًّا ومرهوب، إذ كيف يستطيع الواحد منّا أن يتفكّر في نفسه بأنّه يستطيع أن يغفر للناس زلاّتهم؟ كيف يستطيع أيّ أحدٍ منّا أن يتفكّر بذلك ونحن متخَمون بشتّى أنواع التكبّر والأنانيّة وتصلّفِ القلب وانغلاقِه على كلّ فرصةٍ من فرص المحبّة والرحمة الإنسانيّة؟ هل نُدرك ما قيمة أن يطلب منّا الربّ اليوم أن نغفر بعضنا لبعض؟
علينا أن ننظر إلى قيمة فعل المغفرة هذا من باب أهمّيّته وسموّه، وخصوصًا من باب فائدته للإنسان الغافر نفسه، إذ لا يقدر أن يستطيع أحدٌ أن يفكّر بمسامحة الآخرين ما لم يتواضع حتى النهاية، متجرّدًا عن كلّ هوى، متخليًّا عن أنانيّته التي تحجب بسماكتها شفافية محبّة الله ليتمكّن من تجسيد هذه المحبّة بالمغفرة التي هي الفضيلة الأسمى المطهّرة للقلب والنفس، والتي بدونها لا يستطيع الإنسان أن يستمرّ في جهاده في هذا الصوم المبارك ليتوصّل الى التطهير الكامل جسدًا وروحًا معًا.
المغفرة لم تعد أمراً مستحيلاً على البشر، إذ إنّ مثالَنَا ونموذجنا في السلوك والمحبّة، الربَّ يسوعَ المسيح، قال يومًا وهو على الصليب: "اغفر لهم يا أبتاه..."، وكان يقصد صالبيه. ونحن اليوم، وقد نكون أحيانًا الصالبين، هل نمتلك هذه المحبة في قلوبنا لنقول لمن أخطأ إلينا: "الله يغفر لك يا أخي في المسيح"؟. إن كان من الصعوبة أن تخرج هذه العبارة من أفواهنا قبل اليوم، فليكن هذا اليوم المبارك فرصة لنجرؤ ونقول، كلّ واحد للآخر: "سامحني يا أخي بكلّ ما أحزنتك به، وأنا من جهتي أطلب إلى الله أن يغفر لك ولي زلاتنا"، حتى بهذا التطهّر والنقاء نستأهل في نهاية هذا الموسم المبارك أن نقول: المسيح قام".
أَحد الغفران
"قال الرّبّ. إن غفرتم للنّاس زلاّتهم يغفر لكم أَبوكم السّماويّ أَيضًا"
هكذا ساوى الرّبّ الإنسان المؤمن بذاته... هو الإله الّذي يغفر للنّاس زلاّتهم، إذا تابوا، طالبين منه المسامحة على ما اقترفوه من آثام وخطايا. وهم، عليهم، تاليًا، أن يجتمعوا في شركة المحبّة مع الآخرين، حول الرّبّ يسوع آخذين منه نعمة الحبّ والغفران ومعطينها أو مستعملينها لصدق الحياة واستقامتها أَمام المسيح، ليدخلوا معه في شركة المحبّة الّتي أَوصى بها تلاميذه قبل صعوده إلى أَبيه السّماويّ... "أَحبّوا بعضكم بعضًا ليعرف العالم أَنّكم تلاميذي" (يو13: 35)
"وإن لم تغفروا للنّاس زلاّتهم، فأَبوكم أَيضًا لا يغفر لكم زلاّتكم"
الآب والابن والإنسان المؤمن هم ختم المحبّة وإخلاء الذّات، ليتمكّن الإنسان بتلمذته للرّبّ يسوع أن يدخل حلبة الصّوم الأَربعينيّ المقدّس، كما كلّ صوم، مفرِغًا قلبه وكيانه من الأَهواء والخطايا الّتي تتراكم في زوايا النّفس البشريّة، إذ يعيش الإنسان في هذا العالم الّذي قال لنا فيه الرّبّ يسوع: "أَنتم لستم من هذا العالم".         فكيف نحيا إذًا؟!
بالصّلاة الخارجة من قلب وديع متواضع، لا يساير ولا يُحابي الوجوه ولا يدين قريبه. فإذا صارت الصّلاة مرساتنا في بحر الحياة أو الكنيسة المتلاطم، ندخل الصّوم الّذي ينقّي الأَشواك من قلبنا، فينزل الرّوح القدس بصمت الكلمة وبصمت المحبّة، ليسكن فينا موصلاً إيّانا إلى فجر نور الحياة الحقّ، إلى القيامة المطلّة علينا ببدء مسيرة الصّوم اليوم. فعلى رجاء القيامة، للحياة الأَبديّة، ننحني كلّنا مستغفرين بعضنا بعضًا، وتائبين أَمام ربّنا والآخر، ليمنّ علينا بفرح الجهاد الرّوحيّ، فنلقى القيامة ممتدّة من إلهنا يسوع المسيح على الصّليب، إلى فرح لقيا كلّ أخ يحيا على هذا الرّجاء، فنخلص كلّنا ببركات قيامة ربّنا ومخلِّصنا العظيمة. آمين
الموت كحقيقة
"أيُّها المسيح، بقيامتك من بين الأموات لم يَعُد للموت سبيلٌ لأن يسودَ الراقدين " عشية الجمعة قبل سبت مرفع اللّحم
ما هذا السرُّ الحاضر؟! كيف دُفِعنا إلى الفساد، وكيف أصبح مصيرنا يؤول إلى الفناء!!؟ 
الموتُ حقيقةٌ لا مفرَّ منها، وجدارٌ يصطدم به الإنسان في آخرِ حياته، عندما سيكتشف أنَّ نهايته هي فسادٌ ودودٌ، ثمَّ انحلالٌ فتراب! لذا هيَّا يا محبِّي المسيح - قبل الانقضاء - لننظرْ إلى تُرابِيَّتنا، متأمِّلين ضُعف طبيعتنا، ونعاينْ عاقبةَ تمرُّدنا وانفصالنا عن الله، ولا نبكِ فقط على من فارقونا ورحلوا من هذه الحياة، بل لِنبكِ ونرثِ لحالنا
هذه البشرة المخلوقة من الله، يسلبها الموتُ، فتُمسي في الضريح عادمة النسمة! يا لشقاء الإنسان ويا لتعاستهِ، إذ فضَّلَ الموتَ على السُّكنى مع الله، حيث الحياة التي لا يسودها ظلام القبور
 أيُّها الأحبَّاء، هذا الكلام ليس لإثارة مشاعركم أو اشمئزازكم، بل لمواجهة الحقيقة الكبرى التي دخلت حياة الإنسان، والتي اسمها "الموت"، والذي لن ينجو منه أحد
 في الموت يرى الإنسان محدوديَّتهُ، فإن كانَ هو الكبيرُ، الغنيُّ، الظالمُ، حاكم ُالكلِّ، أو الفقيرُ، يرى نفسهُ حفنةً من تراب لا تُساوي قيمتها شيءٌ
أمام الموت لا كبيرٌ ولا صغيرُ، في لحظة واحدة يأسرُ من يشاء، فلا تسأل ولا تُعاتب ربّك إذا فقدت وحيدكَ أو حبيبكَ، في عُمرٍ طريّ أو في شيخوخة، بل ردِّد مع أيّوب "الربُّ أعطى والرب أخذ ، فليكن اسم الرب مباركا"
هذا الراقد أمامنا قد انتقل، فلنصلِّ من أجله، لأنَّهُ بحاجةٍ لصلاتنا، أكثر من نحيبِنا وعويلِنا، هو ليس بحاجةٍ إلى زهورنا، ولا حتى أن نُقيمَ له محفلَ عزاء - كما صار سائداً - هو بحاجةٍ لصلاتنا ولذكرانيةٍ نقوم بها مع أهل بيته ورعيته، ومع الكاهن، نقدِّمُها من أجله على مذبح الربّ، لتكون نفسه في راحةٍ أكثر وسلامٍ أوفَر
القديس "نيقوديموس الآثوسي" يوضِحُ فكرةَ الحزن الواردة في رسالة القديس بولس إلى أهل تسالونيك (1 تسا 4: 13) قائلاً : "يُمكن لغير المؤمنين أن يحزنوا من أجل أمواتهم، أما أنتم المسيحيِّين فلكم رجاءٌ بالقيامة، بلا فسادٍ وبمجد"
أما القديس "يوحنا الذهبي الفم" فينتقد أولئك النِّسوة النادبات ويسأل: "أيها المسيحي لماذا تبكي بمرارةٍ إخوتك وتحزن أكثر مما يلزم؟ ألا ترى كم أن الكنيسة تنشدُ تسابيحَ وشكراً لله في خدمة القديسين الراقدين، كيف نُشعل المصابيح ونتقدمُ الراقدين عند خروجهم من العالم كمجاهدين ومجنَّدين، بالتسابيحِ والتراتيلِ نرافق الراقدين لكي نُظهر بهذه الطريقة الشكر للسيد المسيح من أجل رقادهم، نُلبِسهم الثياب الجديدة دلالة على لباس عدم الفساد، نَدهنهم بالزيت معتقدين أنَّ ذلك يُساعدهم في دربهم نحو الحياة، نُرافقهم بالمصابيح الشاعلة مُشيرين إلى أنَّهم تحرَّروا من الظلمة ونتانة الحياة الحاضرة، مُتجهين نحو النور الحقيقي والرائحة الزكية الأبدية. قبرُهم نحو الشرق وكذلك جسدهم، رمزاً للقيامة التي سوف يحظون بها"
أخي المؤمن، إن أردت أن تبكي، ابكِ باعتدال، ولا تُحوِّل حزنك إلى يأس. وحدَهُ الرَّجاء يُعزِّي. نحن أبناء القيامة، وإلاّ فلماذا المسيح قام؟! 
أيضاَ إن كانَ لا بُدَّ  لك أن تبكي، فابكِ على نفسك واسلُك درباً جديداً في حياتك. فإن كنتَ ظالماً، اعفُ عمَّن ظلمته، وإن كنتَ قد غبَنتَ أحداً، رُدَّ له أضعاف ما سلبتَهُ، وإنْ كنتَ خاطئاً عُدْ بالمسوح إلى ربِّك، لكي تسمعَه قائلاً لك ولكلِّ التائبينَ إخوتك، تِلكَ النَّغمةَ الشجيَّةَ: "هلمَّ يا مباركي أبي رِثوا المُلك المُعدَّ لكم"
هكذا نجِد أنَّه، وإن كان ما من حقيقةٍ إلا الموت، إلا أنَّ الحقيقةَ الكُبرى هي أنَّ الموتَ لم يعُدْ موتاً وفناءً واضمحلالاَ فقط، بل صارَ غلبةً وانتصاراً. لقد حوَّلَ الرب يسوع المسيح رائحة الفسادِ النَّتِنة، إلى رائحةِ غارِ نصرٍ وغلبة.  فلا تخَفْ أيُّها المسيحي، لأنَّكَ منذ طفوليَّتك، عندما وُلدِّتَ من جرن المعمودية، أنت غالبٌ الموت، إذ مُتَّ مع المسيح وقمتَ معه
الموت حقيقةٌ ثابتة، وليس من مفرّ منهُ، ففي أية لحظةٍ ينزل الموت كالسيف، ويسرق الحياة منَّا، لكنَّ الأمر المهم في المسيحية، هو أنَّ الحياة لا تنتهي وراء القبر ولا تتوقَّف في تلكَ اللحظة، بل تبدأ حياةٌ جديدة، فكثيراً ما كان القدّيسون يشتهون ساعة الموت، لرؤية المعشوق الدائم الذي اشتهوه طيلة حياتهم. 
هذه الحياة عابرة صحيح، لكنَّها جميلة أيضاً، وتستطيع فيها تحقيق الملكوت منذ الآن، فلا تضيِّعها بمساعي باطلة، ولا تجعلها جحيماً، بسبب خطيئتك وأهوائك، بل عِشْ توبتك وكنْ حاملاً راية المسيح المنتصر الغالب
أخيراً نقول: في هذا الصوم الآتي، لندِفن أعمالنا الرديئة، ولنلبس أسلحةً من نور صانعين الفضائل، لكي نؤهَّل لنور القيامة البازغ من القبر
المسيح غلبَ الموت، حقاً لقد غلبهُ. آمين.
أخبـــارنــــا
كتاب موسيقيّ جديد
أصدر الأب نقولا مالك المجلّدَ الأوّل من سلسلة "صنوج التهليل" بطبعته الثانية المزيدة والمنقّحة.  وهو كتابٌ موسيقيٌّ يضمّ تراتيل فترة التريودي، ويقع في 500 صفحة من القطع المتوسّط، بغلافٍ فنّيّ. سعر النسخة 20000 ل.ل. يُطلَب من ملحّنِه ومن دار المطرانيّة ومن جميع المكتبات الكنسيّة
‏عيد القديس كسيانوس في رعية بدبا
بمناسبة عيد القدّيس كسيانوس الروماني يترأس صاحب السيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) خدمة قداس البروجزماني في دير الشفيعة الحارة – بدبا وذلك مساء الأربعاء الواقع فيه 29 شباط 2012 الساعة الخامسة مساءً
‏سلسلة أحاديث روحية في الأبرشية
    
 المتروبوليت أفرام  كرياكوس  أوجه الصوم ١آذار تجلي الرب- شكا5.30
الأسقف غطاس هزيم تأمل في إنجيل أحد الغفران ١آذار كنيسة السيدة-  بشمزين5.30 
الأب منيف حمصي العائلة كنيسة، مشاكل وحلول ٢٨شباط5.30 سرجيوس وباخوس كوسبا