الأحد 29 ايار 2011

الأحد 29 ايار 2011

29 أيار 2011

 

 
الأحد 29 ايار 2011    
العدد 22
أحد الأعمى
اللحن الخامس     الإيوثينا الثامنة
 
29: الشهيدة ثاودوسيا، ألكسندروس رئيس أساقفة الاسكندرية. * 30: البار اسحاقيوس رئيس دير الدلماتن، البارة إيبوموني. *31: الشهيد هرميوس. * 1: وداع الفصح، الشهيد يوستينوس الفيلسوف. * 2:خميس الصعود المقدّس، نيكيفورس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينية. *3: الشهيد لوكليانوس، الشهيدة باڤلا. *4: مطروفانس رئيس أساقفة القسطنطينية، مريم ومرتا اختا لعازر
أعمال الله والخطيئة الجَدّيّة!
 
اليوم أحد الأعمى. هذا وُلد أعمى. سأل التّلاميذ يسوع: "مَن أخطأ أهذا أم أبواه حتّى وُلد أعمى" (يو 19: 2)؟ السّؤال كان في التّداول بين النّاس، يومذاك، بشأن كلّ مَن أصابته علّة. البادي أنّ الاعتقاد كان أنّ علّة البدن سببها خطيئةٌ ما. ولكن إلى مَن تعود هذه الخطيئة؟ في سِفر الخروج أنّ الرّبّ الإله يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثّالث والرّابع من مبغضيه (20: 5). هذا الموقف الإلهيّ تعدَّل، في ما بعد، فقيل إنّ الأثيم بإثمه الّذي فعله يموت (حز 33: 13). ولكن ذاك الإنسان وُلد أعمى، إذًا لم يكن ممكنًا أن يكون قد أخطأ قبل عماه. فماذا يبقى؟ يبقى أنّه وُلد أعمى بخطيئة أبوَيه! هل هذا صحيح أم لا؟
     جواب الرّبّ يسوع، لأوّل وهلة، ملتبس: "لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه". إذًا طرحُ السّؤال بالطّريقة الّتي قال بها التّلاميذ طرحٌ غير صحيح! علل النّاس أو أمراضهم ليس سببها، بالضّرورة، خطايا شخصيّة تعود إليهم أو إلى ذويهم. هذا يتضمّن أنّها ليست عقابًا من الله، ولا هي، بالضّرورة، من الله. العمى، في حالة الإنسان المحكيِّ عنه في إنجيل اليوم، على الأقل، ليس من الله. النّاس، كثيرًا ما يتّهمون الله بما هو براء منه. يقولون، مثلاً، ما ذنب فلان حتّى خلقه الله أعمى؟ ولكن إذا لم يكن عمى هذا الإنسان من الله فمّمَن يكون؟ الله، في البدء، خلق كلّ شيء حسنًا جدًّا (تك 1: 31)! لذا ليس العَطَب الّذي أصاب خليقة الله منه. طبعًا ما زال الرّبّ الإله يعطينا الحيـــاة. الحيــاة منه. هذا صحيـح! لكن العِلل الّتي ضربت النّفوس والأجساد ليست منه! إذًا، لسبب ما غير الله، أصاب الخليقة، والإنسان بخاصّة، ما أصابها من العَطَب الّذي عانته البشريّة وما زالت!
العَطَب الّذي أصاب الجنس البشريّ متوارث. نحن نولد معطوبين بغضّ النّظر عن الخطايا الشّخصيّة الّتي لآبائنا وأجدادنا. العَطَب، في تاريخ الإنسان، بدأ في وقت من الأوقات. قبل ذلك لم يكن الإنسان معطوبًا. لا بدّ من أن يكون العَطَب قد بدأ بإنسان ما. في الكتاب المقدّس أنّه بدأ بآدم وحوّاء. آدم وحوّاء أخطأَا خطيئة شخصيّة كانت نتيجتها أنّ عطبًا أصابهما. المقصود بالعَطَب أنّهما صارا عرضة للمرض والألم والموت. عندما قال الرّسول بولس إنّه بالخطيئة دخل الموت إلى العالم (رو 5: 12)، كان يقصد الجدَّين الأوَّلين للبشريّة. هذا العَطَب انحدر إلينا منهما جيلاً بعد جيل. إذًا نحن ورثنا طبيعة بشريّة معطوبة. فمتى قلنا إنّنا ورثنا "الخطيئة الجَدّيّة" فنحن نقصد أنّنا ورثنا نتائج الخطيئة الّتي ارتكبها جدّانا الأوّلان. نحن لم نرث خطيئتهما بل نتائج خطيئتهما. ولكنْ ما الخطيئة الّتي ارتكبها جدّانا؟ خطيئتهما أنّهما سمعا للحيّة، الّتي هي رمز الشّيطان، وعملا بما أوحتْ لهما به، ولم يسمعا لله ولا عملا بما أوصاهما به. فضّلا "خدعة" الشّـيطـان على نصيحة الله لهما. ولأنّ الإنســان خلقه الله حرًّا تركه يفعل ما يشاء! هذا أدّى إلى ما نسمّيه "السّقوط"، أي إلى الحرمان من نعمة الله، ومن ثمّ إلى المرض والألم والموت. هذه الأخيرة، إذًا، هي من ثمار خطيئة الإنسان، ومن أعمال الشّيطان فيه.
    وعلى الرّغم من أنّ الله ترك آدم وحوّاء يسقطان فإنّه لم يتخلَّ عنهما. محبّته لهما بقيت كاملة لأنّ الله محبّة. لذلك كان في قلب الله أن يترك آدم وحوّاء يخطئان حتّى يعرفا أنّ الخطيئة لا تُشبِع، وأن نتائجها مؤلمة جدًّا، وحتّى، بتأديب الخطيئة، تعود البشـريّة إلى ربّها ولا تعود إلى الخطيئة في ما بعد. هذا معبَّر عنه جيِّدًا في مَثَل الابن الشّاطر. أمّا كيف سيحرِّر الله الإنسان، فهذا كان بتجسّد ابن الله وموته على الصّليب. الله نفسه يأتي مخلِّصًا لشعبه، ومحبّته تتجلّى على الصّليب. بإزاء خطيئة الإنسان كان لا بدّ لمحبّة الله من أن تظهر على الصّليب. الإنسان رفض الله والله أحبّ الإنسان، فقام الإنسان على الإله المتجسِّد وقتله! ولكنْ لأنّ الّذي مات هو ابن الله فقد غلب المصلوبُ الموت وقام في اليوم الثّالث!
    إذا كان يسوع قد قال لتلاميذه، في شأن الأعمى، "لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه"، فإنّه شاء أن يعطينا عربونًا من أعماله: شفاء الأعمى، علامة لشفائه البشريّة العمياء بخطاياها، من أعمال الشّيطان. لذا قال يوحنّا الحبيب، في رسالته الأولى: "لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1 يو 3: 8)!
طروبارية القيامة   باللحن الخامس
 
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمةِ المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّةِ وعدمِ الابتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصِنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامتِه المجيدة.
قنداق الفصح      باللحن الثامن
 
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلاّ أنكَ درستَ قوّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ الحاملاتِ الطيبِ قُلتَ: إفرحنَ. ووهبتَ رُسُلكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القيام.
الرسالة
أع 16: 16-34
 
أنتَ يا ربُّ تَحْفَظُنا وَتَسْتُرُنا في هذا الجيل
خلّصْني يا ربُّ فإنَّ البارَّ قَدْ فَنِي
 
في تلك الأيّام، فيما نحن الرسُّلَ منطلقون إلى الصلاةِ، استقبلَتْنا جاريةٌ بها روحُ عرافةٍ، وكانت تُكسِبُ مواليَها كسباً جزيلاً بعرافتها، فطفقت تمشي في إثر بولسَ وإثرنا وتصيح قائلة: هؤلاء الرجال هم عبيدُ الله العليّ، وهم يبشِّرونكم بطريق الخلاص. وصنَعت ذلك أيّاماً كثيرة، فتضجّر بولسُ والتفتَ إلى الروح وقال: إني آمُرُكَ بإسم يسوعَ المسيح أن تخرج منها. فخرج في تلك الساعة. فلمّا رأى مواليها أنه قد خرج رجاءُ مكسَبهم قبضوا على بولسَ وسيلا وجرُّوهما إلى السوق عند الحُكّام، وقدّموهما إلى الوُلاةِ قائلين: إنّ هذين الرّجلين يبلبلان مدينتنا وهما يهودّيان، ويناديان بعاداتٍ لا يجوز لنا قَبولُها ولا العملُ بها إذ نحن رومانيّون. فقام عليهما الجمعُ معًا، ومزّق الوُلاةُ ثيابَهما، وأمروا أن يُضرَبا بالعِصِيّ. ولمّا أثخنوهما بالجراح ألقَوهما في السجن وأوصَوا السّجَانَ بأن يحرسَهما بضبط. وهو، إذ أُوصِيَ بمثل تلك الوصيّة، ألقاهما فيالسجن الداخليِّ وضبط أرجُلهما في المِقطرة. وعند نصف الليل كان بولسُ وسيلا يصلّيان ويسبّحان الله والمحبوسون يسمعونهما، فحدث بغتةً زلزلةٌ عظيمةٌ حتّى تزعزعت أُسُسُ السجن، فانفتحت في الحال الأبوابُ كلُّها وانفكّت قيودُ الجميع. فلمّا استيقظ السَّجّان ورأى أبوابَ السجن أنها مفتوحة، استلَّ السيف وهَمَّ أن يقتل نفسه لظنه أن المحبوسين قد هربوا. فناداه بولس بصوت عالٍ قائلاً: لا تعمل بنفسك سوءاً، فإنَّا جميعَنا ههنا. فطلب مصباحاً ووثب إلى داخل وخرَّ لبولس وسيلا وهو مرتعد، ثم خرج بهما وقال: يا سيدي، ماذا ينبغي لي أن أصنع لكي أخلص؟ فقالا: آمن بالرب يسوعَ المسيحِ فتخلصَ أنت وأهلُ بيتك. وكلَّماه هو وجميع من في بيته بكلمة الرب، فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسل جراحهما، واعتمد من وقته هو وذووه أجمعون. ثم أصعدهما إلى بيته وقدَّم لهما مائدة وابتهج مع جميع أهل بيته إذ كان قد آمن بالله.
الإنجيل
يو 9: 1-38
 
في ذلك الزمان، فيما يسوعُ مجتازٌ رأى إنساناً أعمى منذ مولده، فسأله تلاميذه قائلين: يا ربّ، مَن أخطأ أهذا أم أبواه حتى وُلد أعمى؟ أجاب يسوع: لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أن أعمل أعمالَ الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دمتُ في العالِم فأنا نورُ العالِم. قال هذا وتفل على الأرض وصنع من تفلته طيناً وطلى بالطين عينَي الأعمى وقال له: إذهب واغتسل في بركة سِلوام(الذي تفسيرهُ المرسَل)، فمضى واغتسل وعَاد بصيراً. فالجيرانُ والذين كانوا يَروَنه من قبلُ أنه أعمى قالوا: أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي؟ فقبعضُهم: هذا هو، وآخرون قالوا: إنه يشبهه. وأمّا هو فكان يقول: إني أنا هو. فقالوا له: كيف انفتحت عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوعُ صنع طيناً وطلى عينيّ وقال لي إذهب إلى بركة سِلوامَ واغتسل، فمضيت واغتسلت فأبصرت. فقالوا له: أين ذلك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالذي كان قبلاً أعمى، إلى الفرّيسيّين. وكان حين صنع يسوعُ الطينَ وفتح عينيه يومُ سبت. فسأله الفرّيسيّون أيضاً كيف أبصر، فقال لهم: جعل على عينيَّ طيناً ثمّ اغتسلتُ فأنا الآن أُبصر. فقال قومٌ من الفرّيسيّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنّه لا يحفظ السبت. آخرون قالوا: كيف يقدر إنسانٌ خاطىءٌ أن يعمل مثلَ هذه الآيات؟ فوقع بينهم شِقاقٌ. فقالوا أيضاً للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيث إنه فتح عينَيك؟ فقال: إنّه نبيّ. ولم يصدّق اليهودُ عنه أنه كان أعمى فأبصر حتى دعَوا أبوي الذي أبصر وسألوهما قائلين: أهذا هو ابنُكُما الذي تقولان إنه وُلد أعمى؟ فكيف أبصر الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلم أنّ هذا وَلَدُنا وأنّه وُلد أعمى، وأمّا كيف أبصر الآن فلا نعلم، أو مَن فتح عينيه فنحن لا نعلم، هو كاملُ السنّ فاسألوه فهو يتكلّم عن نفسه. قال أبواه هذا لأنّهما كانا يخافان من اليهود لأن اليهود كانوا قد تعاهدوا أنّه إن إعترف أحدٌ بأنّه المسيحُ يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامل السنّ فاسألوه. فدعَوا ثانية الانسانَ الذي كان أعمى وقالوا له: أعطِ مجداً لله، فإنّا نعلمُ أنّ هذا الانسانَ خاطئ. فأجاب ذلك وقال: أخاطىءٌ هو لا أعلم، إنّما أعلم شيئاً واحداً، أنّي كنتُ أعمى والآن أنا أبصر. فقالوا له أيضاً: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أخبرتُكم فلم تسمعوا، فماذا تريدون أن تسمعوا أيضاً؟ ألعلّكم أنتم أيضاً تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟ فشتموه وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك. وأمّا نحن فإنّا تلاميذُ موسى. ونحن نعلم أنّ الله قد كلّم موسى، فأمّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجاب الرجلُ وقال لهم: إنّ في هذا عجبًا أنّكم ما تعلمون من أين هو وقد فتح عينَيّ، ونحن نعلم أنّ الله لا يسمعُ للخطأة، ولكنْ إذا أحدٌ اتقى الله وعمل مشيئته فله يستجيب. منذ الدهر لم يُسمع أنّ أحدًا فتح عينَي مولودٍ أعمى. فلو لم يكن هذا من الله لم يقدرْ أن يفعلَ شيئاً. أجابوه وقالوا له: إنّكَ في الخطايا قد وُلدتَ بجُملتك، أفأنتَ تعلِّمُنا؟ فأخرجوه خارجاً. وسمعَ يسوعُ أنّهم أخرجوه خارجاً، فوجده وقال: أتؤمن أنتَ بابن الله؟ فأجاب ذاك وقال: فمَن هو يا سيّدُ لأؤمن به؟ فقال له يسوع: قد رأيتَه، والذي يتكلم معكَ هوَ هو. فقال: قد آمنتُ يا ربُّ. وسجد له.
في الإنجيل
 
جاء في مطلع إنجيل يوحنّا أنّ يسوع، كلمةَ الله، قد "جاء إلى خاصّته، والذين هم خاصّته لم يقبلوه" (1: 11). جاء يسوع يدعو اليهود أوّلاً (كونهم مهيّئين أكثر من غيرهم لقبول دعوته)، ومن ثمّ سائر خرافه من كلّ الأمم، إلى أن يكونوا أبناء الله، الوارثين الحياة الأبديّة في ملكوت الله. ولكنّ رؤساء اليهود ومعظم الشعب لم يقبلوه مرسلاً من الله، أبيه؛ بل عمدوا إلى الحكم عليه بالموت.
ونلاحظ أنّ إنجيل يوحنّا، بخلاف الأناجيل الأخرى المتشابهة (مرقس ولوقا ومتّى)، لم يذكر محاكمة يهوديّة رسميّة ليسوع من قِبَل السنهدرين (مجلس اليهود الأعلى) بعد إلقاء القبض عليه، إذ اكتفى بإيراد مجرّد استجواب من حنانيّا رئيس الكهنة السابق؛ بل عمد الإنجيليّ يوحنّا إلى تصوير خدمة يسوع في أورشليم (على مدى الإصحاحات 5 و7 ـ 12) وكأنّها جلسات مرافعة في محاكمة انتهت بالحكم الذي نطق به رئيس الكهنة قيافا في اجتماع عقده رؤساء الكهنة والفرّيسيّون، والذي قضى بـ "أن يموت رجلٌ واحدٌ [أي بسوع] عن الشعب، ولا تهلك الأمّة بأجمعها" على يد الرومان (11: 5).
جلسات المرافعة هذه، قدّم فيها يسوع ثلاث معجزات كـ "آيات" على كونه مرسلاً من الله، أبيه، نورًا وحياة للعالم. والمعجزات الثلاث هي: شفاء المخلّع (الإصحاح 5)، شفاء الأعمى (الإصحاح 9)، إقامة لعازر (الإصحاح 11).
وإذا كانت جلسة المرافعة الأولى، التي بوشرت بشفاء المخلّع في السبت، قد انتهت من جهّة اليهود، بعد أن خاطبهم بقوله: "إنّ أبي يعمل بلا انقطاع، وأنا أيضًا أعمل"، بكونهم "ازدادوا، لذلك، طلبًا لقتله؛ ليس فقط لأنّه كان ينقض السبت، بل أيضًا لأنّه كان يدعو الله أباه، مساويًا نفسه بالله" (5: 18)؛ أمّا من جهّة يسوع، فقد ألقى مطالعة طويلة (19:5 ـ 47) منهيًا بها المجابهة القضائيّة الأولى.
ثمّ جاء عيد المظالِّ (الخِيَم)، في أيلول، وكانت جلسة المرافعة الثانية الطويلة (من الإصحاح 7 إلى منتصف 10)، التي تخلّلتها عدّة محاولات من اليهود ضدّ يسوع:
+ "فطلبوا عندئذ أن يقبضوا عليه" (30:7)،
+ "فأنفذ رؤساء الكهنة والفرّيسيّون شُرَطًا ليلقوا القبض عليه" (32:7)،
+ "وأراد بعضهم أن يُمسكوه" (44:8)،
+ "فأخذوا حجارة ليرجموه" (59:8)، بعد أن أعلن أنّه سابق لإبراهيم في الوجود ملمّحًا إلى مماثلته يهوه الله "الكائن".
ومباشرة بعد ذلك، جاءت رواية شفاء الأعمى منذ مولده (الإصحاح 9).     فضمن هذا الإطار، وبمقتضى هذه الخلفيّة، ينبغي أن نقرأ هذه الرواية ونتفقّه معانيها.
الشّراهة والسُّكر
 
... إنِّي لأَخجَلُ مِن ذِكرِ السَّيِّئاتِ الّتي يُسَبِّبُها السُّكرُ لِلنّاس، وأَترُكُ الحُكمَ لِضَمائِرِكُم الّتي تعرفُها بِشكلٍ أفضل.
    هَلْ هُناكَ أَسْوَأُ مِنَ السَّكرانِ الّذي يَتَجَوَّلُ مُتَرَنِّحًا هُنا وَهُناك، وَيُصبحُ سَبَبًا لِشَتْمِ عطايا اللهِ مِن قِبَلِ الأغبياء؟ لأنّني أَسمَعُ الكثيرينَ، عندما يَرَونَ أعمالَ السَّكارى، يَقولون: "لَيتَ الخَمرَ ما وُجِدَتْ". ما هذا الغَباء؟ الآخَرُونَ يُخطِئُون، وأنتَ تَدينُ عَطايا الله! هَلِ الخمرةُ هِيَ الّتي تَفعلُ السُّوءَ، أَم أُولئكَ الضّالُّونَ المُفرِطُونَ الّذينَ يُسيئُونَ تَعاطِيها؟ فالأَصَحُّ أن نَستَنكِرَ وُجُودَ السُّكرِ لا وُجُودَ الخَمر، وَإلاّ كانَ عَلَينا أن نقولَ أيضًا: ليتَ السِّكِّينَ ما وُجِدَتْ كي لا يَقتُلَ القَتَلَةُ، وليتَ الليلَ لَمْ يُوجَدْ كي لا يَسرِقَ السّارِقُون، وليتَ المرأةَ ما وُجِدَتْ كي لا نَسقُطَ في الزِّنا... وإذا سَلَكْنا بِهذا التّفكير، سنتمنّى ألاّ يُوجَدَ شيء.
    إذًا، لا تَدِنِ الخَمرَ بَلِ السُّكْرَ، وَكُلَّ ما يُحَوِّلُ الخَيرَ إلى شَرّ. وَعِندَما تَجِدُ السِّكِّيرَ هادِئًا اقتَرِبْ منهُ وَقُلْ لَهُ: إنَّ اللهَ أعطانا الخَمرَ لِكَي نَفرحَ، لا لِنَرتَكِبَ المَعاصي؛ وَلِكَي نَضحكَ لا لِنَجعلَ مِنْ أَنفُسِنا أُضحُوكةً؛ وَلِكَي نُحافِظَ على حياتِنا لا لِنَمرَض؛ وَلِكَي نُقَوِّيَ الجَسَدَ لا لِنُضِعِفَ نُفُوسَنا.
    إنَّ الخَمرَ القليلةَ تُعطي شُعُورًا بالسَّعادة، على حَدِّ قَولِ كاتبِ المزامير "تُفَرِّحُ قَلبَ الإنسان" (مز 15:103)، وهيَ نافعةٌ للصحّة، كما يُؤَكِّدُ بولسُ الرَّسولُ في نصيحتِه لتلميذِه تِيموثاوس: "تَناوَلْ قليلاً مِنَ الخَمرِ مِن أجلِ مَعِدَتِكَ وأسقامِكَ الكثيرة" (1تيم 23:5). وكأنِّي بالرَّسُولِ يَقُولُ لِكُلِّ واحدٍ مِنّا: لا تُكْثِرْ مِن تَناوُلِ الخمرِ، تَجَنُّبًا لِخَطَرِ الزِّنا وَبَذاءَةِ اللِّسانِ والرَّغَباتِ الشّرّيرةِ الّتي يُثِيرُها السُّكْرُ عادةً.
    ... إذًا، ليسَ سَيِّئًا أنْ نأكُلَ، ولكنّ السُّوءَ في الشَّراهة؛ وليسَ سَيِّئًا أنْ نَشرَبَ خَمرًا، ولكنّ السُّوءَ في الإفراطِ في شُربِ الخمر إلى حَدِّ السُّكْر.
    فَلْنَنتَبِهْ إلى أنْ نأكُلَ ونشربَ فقط ما يُوَفِّرُ حاجاتِنا وَيُغَذّي أجسادَنا، حتّى تكونَ قادرةً على إتمامِ وَصايا الله، وهكذا بنعمةِ اللهِ نَعبُرُ الحياةَ الحاضرةَ بِخَيرٍ، وَنَربَحُ الحياةَ الآتية.
أخبـــارنــــا
رعية كوسبا:  سهرانية وداع عيد الفصح
 
 تقيم رعيَّة كوسبا سهرانية وداع الفصح في كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس وذلك يوم الثلاثاء الواقع فيه 31/5/2011 إبتداءً من الساعة السابعة مساءً بمشاركة جوقة الأبرشية بقيادة الأب نقولا مالك