الأحد 4 أيّار 2025

الأحد 4 أيّار 2025

30 نيسان 2025
الأحد 4 أيّار 2025
العدد 18
أحد حاملات الطيب
اللحن الثاني، الإيوثينا الرابعة


أعياد الأسبوع:

4:  الشَّهيدة بيلاجيا، البارّ إيلاريوس العجائبيّ، 5: الشَّهيدة إيريني، الشّهيد أفرام الجديد، 6: الصدِّيق أيّوب الكثير الجهاد، 7: علامة الصليب التي ظهرت في أورشليم، 8: يوحنَّا اللاهوتيّ الإنجيليّ، أرسانيوس الكبير، 9: النبيّ أشعياء، الشَّهيد خريستوفورس، 10: الرّسول سمعان الغيور، البارّ لَفرنديوس، البارّة أولمبيا.
 
حاملات الطيب

بستان عدن هو المكان الذي منه دخل الموت إلى العالم، وقبر المسيح هو المكان الذي منه دخلت الحياة والقيامة إلى العالم.
بدل آدم وحواء نرى الآن نيقوديمس ويوسف الراميّ وبخاصّة النسوة القدّيسات يحملن الطيوب لِدهن المسيح. يأتين بدل الملاك وسيفه الناريّ الذي أقفل باب الفردوس أمام آدم وحواء.
نرى ملائكة القيامة يعلنون أنّ السماء انفتحت وأنّ الفردوس صار مستعدًّا لأن يتقبّل الإنسان بفضل قيامة المسيح.
من هنا، فإن موائد كنيستنا في الهيكل، تذكّرنا بقبر المسيح، وبالقيامة، حيث تنحدر نارُ الروح القدس على القرابين جاعلةً إيّاها جسدَ المسيح القائم من بين الأموات.

تُرى ماذا تمثّل النسوةُ حاملات الطيب؟!
هنّ بمثابة حواء مع آدم، علامات بل تجسيد للكنيسة العروس.
الرجل والمرأة عند الخلق كانا يمثّلان اتّحاد المسيح بالكنيسة:
الكنيسة عروس المسيح  : L’Eglise Epouse du Christ
المسيح والإنسانيّة التي تألّهت وخلصت:
حاملات الطيب يمثّلن الكنيسة التي خلّصت بقوّة الروح القدس.

عيد حاملات الطيب يذكّرنا بسرّ اتّحادنا نحن أيضًا بالمسيح. لا نعود نحن نحيا بل المسيح يحيا فينا.
كلّ شيء في حياتنا يصبح تعبيرًا عن اتّحاد محبّة في المسيح. Union d’amour avec le Christ
الطيب لدى حاملات الطيب، يصبح عطر الروح القدس الذي يعترينا داخليًّا بحياة إلهيّة. عندئذ علينا أن ننقل هذا العطرَ لا إلى القبر بل إلى جسد المسيح الحي أي إلى أعضائنا، وهو عطر فضائلنا الذي كان آباؤنا القدّيسون يدعونه شذا الروح القدس.

إلى جانب أسرار الكنيسة فإنّ قراءةَ الإنجيل عليها أن توقظ فينا مثل هذا الحسّ الإلهيّ، حسّ الروح القدس.
هذا كلّه لكي نحيا حياةَ المسيح القائم من بين الأموات، هذه الإنسانيّة المجيدة في المسيح. مع ذلك كلّه نستطيع أن نقول "مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غلا 2: 20).

إنّ حاملات الطيب وأولاهُنّ القدّيسة مريم المجدليّة وبخاصّةٍ والدة الإله التي بحسب التقليد كانت الأولى التي شاهدت المسيح قائمًا، أقولُ إنّ صورتهنّ تمثّل الكنيسة عروس المسيح القائم من بين الأموات.

  + أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريّة القيامة باللحن الثاني

عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك. وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويّين: أيُّها المسيحُ الإله، معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 

قنداق الفصح باللحن الثامن

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلّا أنّكَ درستَ قوّة الججيم، وقُمتَ غالبًا أيّها المسيحُ الإله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قُلتَ: افرحنَ، ووهبتَ رُسُلَكَ السلام، يا مانحَ الواقِعين القيام.
 

الرسالة: أع 6: 1-7
قُوَّتي وتسبِحَتي الربُّ،
أدبًا أدّبني الربُّ وإلى الموت لم يُسْلِمني

في تلك الأيّام، لمّا تكاثر التلاميذ، حدثَ تذمّرٌ من اليونانيّين على العبرانيّين بأنّ أرامِلَهُم كُنَّ يُهْمَلْنَ في الخدمة اليوميّة. فدعا الإثنا عَشَرَ جُمهورَ التلاميذ وقالوا: لا يَحسُنُ أن نتركَ نحن كلمة اللهِ ونخدم الموائد، فانتَخِبوا أيُّها الإخوةُ منكم سبعةَ رجالٍ مشهودٍ لهم بالفضل، ممتَلِئِين من الرُّوح القدس والحكمة، فنقيمَهُم على هذه الحاجة، ونواظِبَ نحن على الصَّلاة وخدمةِ الكلمة. فَحَسُنَ الكلامُ لدى جميع الجمهور، فاختاروا استفانُسَ رجلًا ممتلئًا من الإيمان والرُّوح القدس، وفيلبُّسَ وبروخورُسَ ونيكانُورَ وتيمنَ وبَرمِناسَ ونيقولاوُسَ دخيلًا أنطاكيًّا. وأقاموهم أمام الرُّسُل، فصلَّوا ووضعُوا عليهم الأيدي. وكانت كلمةُ الله تنمو وعددُ التلاميذِ يتكاثَرُ في أورشليمَ جدًّا. وكان جمعٌ كثيرٌ من الكهنةِ يطيعونَ الإيمان.
 
الإنجيل:
مر 15: 43-47، 16: 1-8

في ذلكَ الزمان، جاء يوسفُ الذي من الرامة، مشيرٌ تقيٌّ، وكان هو أيضًا منتظرًا ملكوت الله. فاجترأ ودخلَ على بيلاطُس وطلب جسدَ يسوع. فاستَغْرَبَ بيلاطُسُ أنَّه قد ماتَ هكذا سريعًا، واستدعى قائدَ المئةِ وسأله: هل له زمانٌ قد مات؟ ولمّا عرف من القائد، وَهَبَ الجسدَ ليوسف. فاشترَى كتّانًا وأنزله ولفَّهُ في الكتّان، ووضعه في قبرٍ كان منحوتًا في صخرةٍ، ودحرج حجرًا على باب القبر. وكانت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يوسي تنظران أينَ وُضِعَ. ولمّا انقضى السبتُ، اشترت مريمُ المجدليّةُ ومريمُ أمُّ يعقوب وسالومةُ حَنوطًا ليأتين ويدهنَّه. وبكّرنَ جدًّا في أوّل الأسبوع وأتينَ القبر وقد طلعتِ الشمس، وكُنَّ يَقُلنَ في ما بينهنّ: من يدحرجُ لنا الحجرَ عن باب القبر؟ فتطلّعن فرأين الحجر قد دُحرج لأنّه كان عظيمًا جدًّا. فلمّا دخلن القبرَ رأين شابًّا جالسًا عن اليمين لابِسًا حُلَّةً بيضاءَ فانذَهَلْنَ. فقال لهنّ: لا تنذهلن. أنتنّ تطلبنَ يسوع الناصريّ المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضعُ الذي وضعوه فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذِه ولبطرس إنّه يسبقُكُم إلى الجليل، هناك تَرونَهُ كما قال لكم. فخَرجْنَ سريعًا وفررن من القبر وقد أخذتهنَّ الرِّعدة والدَّهش. ولم يَقلنَ لأحدٍ شيئًا، لأنّهنَ كُنَّ خائفات.
 

في الرسالة والإنجيل

اليوم ونحن في غمرة فرح القيامة، نقرأ مقطعًا من أعمال الرسل، يُظهِر لنا أهمّيّة التنظيم في العمل الكنسيّ، فالتنظيم لا يتعارض مع الاهتمام بالروحانيّات، بل يكمِّله. ففي أيّام الرسل ومع انطلاق عمل الكنيسة، قام الرسل بتحديد خدمتين: خدمة الكلمة وخدمة الموائد. وفرزوا لكلٍّ منهما الأشخاص المناسبين.
الخدمة الأولى يقوم بها الرسل الاثنا عشر، أي التبشير والوعظ ونشر الإيمان المسيحيّ، وهذا يكشف لنا أهمّيّة الوعظ والشرح وتفسير الإنجيل للشعب المؤمن، وعدم الاكتفاء بالطقوس والصلوات العباديّة من دون فهم، وضرورة أن لا يكون الوعظ ارتجاليًّا، بل هادفًا ومحضَّرًا بشكل جيّد، ليؤتيَ ثماره في نفوس السامعين.

أمّا خدمة الموائد، فهي الاهتمام بحاجات المحتاجين من الأرامل والفقراء واليتامى والمساكين... وممّا يدلّ على أهمّيّة هذه الخدمة الرعائيّة وعلى قدسيَّتها، وعلى أنّها ليست نشاطًا اجتماعيًّا أو عملًا إنسانيًّا فحسب، بل هي عملٌ روحيّ مقدَّس يساهم في نشر الإيمان، تمامًا كخدمة الكلمة، هو أنّ الذين أقاموهم لهذه الخدمة، كان مشهودًا لهم ومملوئين من الروح القدس والحكمة. هذا يؤكّد أنّنا نستطيع أن ننقل المسيح الكلمة من خلال عمل المحبّة، فيتعرَّف إليه الكثيرون، بدليل أنَّ بعد هذا الإجراء الرسوليّ ذُكِرَ أنَّ كلمة الله كانت تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًّا في أورشليم، وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان.

إنَّ خدمة الأرامل والمحتاجين هذه، هي امتداد لما قامت به النسوة حاملات الطيب اللواتي خدمنَ الربّ يسوع في حياته، ولم يتركنه وهو على الصليب، وبعد أن مات ووضع في قبرٍ، أتينَ ليخدمنَ جسده المائت، ويطيِّبنه بالطيوب. كم هو عجيبٌ هذا الإخلاص والوفاء للربّ! وكم نفتقده بيننا نحن البشر!
هذا الاهتمام بجسد الربّ الحيّ والميت، يمكن أن يأخذ عدّة أشكال، من تكريمنا له في الأيقونات والإنجيل، إلى تكريمنا له في أيقوناته الحيّة أي المحتاجين، والمرضى، والشيوخ، والمستضعفين والمهمَّشين والفقراء (1كور1: 27-28؛ يع2: 5).

مع الانتباه إلى أنَّ التكريم لا يكون بالكلام بل بالفعل. فإن شئنا أن نطيّبَ جسد الربّ، فلنفتح جيوبنا وقلوبنا للمحتاجين والمهمَّشين والضعفاء، ولنعاملهم باحترام ورحمة في مؤسّساتنا الكنسيّة كلّها، ولنضعهم في صلب اهتماماتنا وهواجسنا، بطريقةٍ عمليّة مشابهة لقرارات الرسل بعيدًا من الكلام، ولنبادر جميعًا في بيوتنا وعائلاتنا ونقدّم شهريًّا نسبةً مئويّة من مدخولنا نخصّصه لتطييبِ جسد الربّ، وتعزيةِ المحتاجين، ولتبادر الكنيسة أيضًا في كلّ مطرانيّاتها ومؤسّساتها، من مشافٍ ومدارس وجامعات ومحاكم روحيّة وصناديق تعاضد، وتخصّص جزءًا من مداخيلها "العشر" للعناية بجسد الربّ المجرَّح والمعلَّق على صلبان الحياة، وما أكثرها!

كلُّنا علمانيّين ورهبانًا وكهنةً ومطارنة ومجمعًا مقدَّسًا، علينا أن نفعل هذا، لأنّه بهذا الإجراء، وليس بغيره، يكون الابتهاج والفرح الحقيقيّ بالقيامة، وعند هذا فقط يسمح الربّ أن نعاين ونلمس عمله وتدخُّله في حياتنا وفي حياة الكنيسة، وكالنِّسوة اللواتي رأينَ الحجر قد دُحرِجَ، نرى الربَّ يدحرجُ لنا صعوبات الحياة لنعاين قيامته حقًّا في حياتنا.
 
التحدّيات التي تواجه الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة في الخليج ودورها في العمل المسكونيّ بين الواقع والرجاء
 
١.التحدّيات الروحيّة والثقافيّة

الحفاظ على الإيمان الأرثوذكسيّ الأصيل في ظلّ الحداثة والعلمانيّة
               
إنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة ليست مجرّد مؤسّسة اجتماعيّة، بل هي جسد المسيح الحيّ الممتدّ عبر العصور. لذا، فإنّ الحفاظ على الإيمان القويم "المُسلَّم مرّة للقدّيسين" (يهوذا ٣:١) في زمنٍ تزداد فيه الانشغالات الدنيويّة وتتعمّق النزعة الاستهلاكيّة، يشكّل تحدّيًا حقيقيًّا للكنيسة. فمن الضروريّ أن تسعى إلى ترسيخ الحياة الروحيّة الأصيلة القائمة على الصوم، والتوبة، والأسرار الإلهيّة، والجهاد الروحيّ اليوميّ.

تحدّيات جذب الشباب إلى الكنيسة
            
    إنّ الإعلام الحديث والمغريات المادّيّة أصبحت من العوامل التي تشتّت الشباب عن الجوهر الروحيّ للحياة الأرثوذكسيّة. وهنا يكمن دور الكنيسة في استعادة مكانتها الرعائيّة، عبر تعليم الإيمان القويم بأساليب مستنيرة مستمدّة من الروح القدس والتقليد الرسوليّ. فالكنيسة لا تشيخ، بل تتجدّد دائمًا بالروح القدس الذي يرشِد إلى الحقّ. وكما ألقى بطرس الشبكة بأمر المسيح بعد ليلٍ طويل من الفشل، كذلك نحن نُلقي شبكة الإنجيل متّكلين على كلمة الربّ، إذ قال: "يَا مُعَلِّمُ، قَدْ تَعِبْنَا اللَّيْلَ كُلَّهُ وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئًا، وَلَكِنْ عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ" (لو٥:٥).

التعدّد الثقافيّ داخل الكنيسة
                في الخليج، تتكوّن الكنيسة من مؤمنين ينتمون إلى خلفيّات ولغات مختلفة، ممّا يشكّل تحدّيًا أمام تحقيق الوحدة الأرثوذكسيّة الحقيقيّة، والتي يجب أن تقوم لا على العرق أو اللغة، بل على الانتماء الواحد لجسد المسيح.

٢. التحدّيات الاجتماعيّة والاقتصاديّة

الاغتراب وفقدان الهويّة الروحيّة
           
     معظم أبناء الكنيسة في الخليج هم مغتربون، ممّا يفقدهم الشعور بالاستقرار والانتماء إلى كنيسة محليّة حاضنة. فالضغوط الاقتصاديّة وطبيعة العمل تجعل الكثيرين يغيبون عن الحياة الليتورجيّة والجماعيّة، ممّا يؤثّر على التماسك الروحيّ للمجتمع. لذا، ينبغي أن تبقى الكنيسة مصدر رجاء، تجمع أبناءها حول نعمة التوبة، تمامًا كما تاب العشّار وضرب على صدره طلبًا للرحمة.

الهجرة المستمرّة للمسيحيين من الشرق
           
     إنّ كنيسة أنطاكية هي كنيسة هذا الشرق المتألّم، الذي يعاني من الحروب والعنف والهجرة القسريّة. فقد أدّى النزوح المستمرّ لآلاف المسيحيّين إلى تراجع الوجود الكنسيّ في المنطقة، ممّا يستوجب وقفةً جادّةً لاستنهاض الإيمان، وتعزيز التمسّك بالتراث الأرثوذكسيّ الأصيل.

٣. العمل المسكونيّ بين التحدّيات والفرص

المشاركة في لقاء كنائس الخليج – رؤية أرثوذكسيّة
              
  أتيحت لي الفرصة للمشاركة في اللقاء السنويّ لكنائس الخليج، الذي يجمع ممثّلين عن الكنائس المختلفة في المنطقة. ومن خلال هذا اللقاء، تمكّنت من استعراض الدور الأرثوذكسيّ الفعّال في الخليج، مؤكّدًا أنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة ليست مجرّد جزء من المشهد المسيحيّ العامّ، بل هي الكنيسة الرسوليّة الأصيلة، الحاملة وديعة الإيمان منذ أيّام الرسل.

إيجابيّات العمل المسكونيّ
١. تعزيز التعاون بين المسيحيّين في الخليج لمواجهة التحدّيات المشتركة.
٢. تنظيم مبادرات اجتماعيّة وخيريّة مشتركة لخدمة المحتاجين والمغتربين.
٣. إبراز الحضور الأرثوذكسيّ كركيزة أساسيّة في المسيحيّة المشرقيّة.

مخاطر العمل المسكونيّ
١. إمكانيّة التساهل العقائديّ في سبيل تحقيق وحدة شكليّة، وهذا يتناقض مع التقليد الرسوليّ الذي يُلزِمُنا بـ"التمسّك بالتقاليد كما تسلّمناها" (٢ تس ١٥:٢).
٢. خطر فقدان الهويّة الأرثوذكسيّة بسبب الضغوط للاندماج في فكر لاهوتيّ غريب عن التراث الآبائيّ.
٣. إحتمال تحوّل الحوار المسكونيّ إلى مجرّد إطار دبلوماسيّ فارغ من الروحانيّة الحقيقيّة.

إنّنا كأرثوذكس لا نرفض الحوار المسكونيّ، لكنّنا نؤمن بأنّ الوحدة الحقيقيّة لا تُبنى إلّا على الإيمان المستقيم، المترسّخ في التقليد الآبائيّ الرسوليّ.
٤. الطريق إلى النهضة الروحيّة – العودة إلى الجذور

التمسّك بالتقليد الرسوليّ
         
       يجب أن تكون رسالة الكنيسة واضحة: النهضة الروحيّة لا تتحقّق إلّا بالعودة إلى التقليد الرسوليّ، المُسلَّم إلينا من الرسل والآباء القدّيسين. هذه العودة ليست مجرّد شعارات، بل حياة معاشة في الصلاة، والصوم، والتوبة، وممارسة الفضائل المسيحيّة.

العودة إلى الإنجيل كأساس للحياة
                الإيمان ليس مجرّد كلمات، بل هو فعل حياة، كما يقول الرسول يعقوب:"كُونوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ، خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ" (يع ٢٢:١).
فإنّ الكنيسة التي لا تشهد للمسيح بأعمالها، تتحوّل إلى مؤسّسة بلا روح، والمسيحيّة التي لا تُمارس روح الإنجيل تصبح مجرّد تقليد اجتماعي خاوٍ.

رفض التساهل في الحياة الروحيّة
                إنّ المسيحيّة لا تُبنى باللامبالاة، بل هي دعوة إلى الجهاد الروحيّ المستمرّ. يقول الرسول بولس: "جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَامْتَلِكِ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ" (١ تي ١٢:٦).

فإنّ الكنيسة التي تتساهل في إيمانها تفقد قوّتها الروحيّة، وإذا تحوّل الإيمان إلى مجرّد طقس خارجيّ بلا روح، فإنّه يفقد قدرته على تغيير النفوس.

الخاتمة: الأرثوذكسيّة شهادة حيّة وليست مجرّد فكر

                نحن أبناء الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة، كنيسة الرسل والشهداء والقدّيسين، لسنا مجرّد طائفة بين الطوائف، بل نحن الشهادة الحيّة للمسيح في هذا العالم. وسط التحدّيات والاضطهادات والهجرات، تبقى كنيستنا منارةً للنور الإلهيّ، تمامًا كما قال الربّ: "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ، لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ"(مت ١٤:٥).

            إنّ النهضة الحقيقيّة لا تتحقّق إلّا بالعودة إلى الإيمان الرسوليّ، والجهاد الروحيّ، وحياة القداسة. وحدها النعمة الإلهيّة العاملة فينا قادرة على تجديد الكنيسة، وتجديد المؤمنين، وجعلنا مستحقّين لدعوتنا كمسيحيّين أرثوذكس، أبناء القيامة وأبناء الرجاء.