الأحد 11 أيّار 2025
06 أيار 2025
الأحد 11 أيّار 2025
العدد 19
أحد المخلّع
اللحن الثالث، الإيوثينا الخامسة
أعياد الأسبوع:
11
: تذكار إنشاء القسطنطينيَّة، الشَّهيد موكيوس، كيرلّلس ومثوديوس المعادلي الرُّسل، إبيفانيوس أسقُف قبرص، جرمانوس رئيس أساقفة القسطنطينيَّة، 13: الشَّهيدة غليكارية ولاوذيسيوس، 14: انتصاف الخمسين، إيسيذورس المستشهد في خيو، ثارابوندُس أسقُف قبرص، 15: بخوميوس الكبير، أخليوس العجائبيّ(لارسا)، 16: البارّ ثاوذورس المتقدِّس، 17: الرَّسولين أندرونيكوس ويونياس
.
القيامةُ: غَلَبَةُ الموتِ
لا شَكَّ في أنَّ قيامةَ السَّيِّدِ المسيحِ من بينِ الأمواتِ هي قلبُ الإيمانِ المسيحيِّ وأساسُ الرَّجاءِ المسيحيِّ. لقد انتصرَ المسيحُ بقيامتِهِ على الموتِ وانتزعَ "شَوْكَةَ الموتِ" التي كانت تُخيفُ البشَرَ منذُ سقوطِ آدمَ. ما أعظمَها من غَلَبَةٍ: القبرُ الفارغُ يَشهدُ أنَّ الموتَ لم يَعُدْ يَملِكُ السُّلْطانَ الأخيرَ، وأنَّ للحياةِ كلمةً أخيرةً أقواها القيامةُ المجيدةُ
.
إنَّ قيامةَ المسيحِ ليست حادثةً تاريخيَّةً عابرةً فحَسْب، بل هي حدثٌ كونيٌّ يُبدِّلُ مصيرَ البشريَّةِ بأسرِها. بها تصالحَ اللهُ مع الجنسِ البشريِّ وانهزمَ عدوُّ الخَيْرِ الأخيرُ: الموتُ. إنَّها» نصرةُ الحياةِ على الموتِ«، كما نُرتِّلُ في كنائسِنا في زمنِ الفصحِ المجيدِ: »المسيحُ قامَ من بينِ الأمواتِ، ووَطِئَ الموتَ بالموتِ، ووَهَبَ الحياةَ للذينَ في القبورِ«. بهذه القيامةِ الباهرةِ، أشرقَ نورُ الخلاصِ في ظُلْمَةِ القبورِ، وتفجَّرَ يَنْبوعُ الحياةِ من صَخْرَةِ القبرِ، واهبًا البشريَّةَ معنًى جديدًا ومصيرًا مجيدًا
.
لقد غيَّرت القيامةُ نظرةَ المؤمنِ إلى الحياةِ والموتِ تغييرًا جذريًّا. فالمؤمنُ بفضلِ قيامةِ المسيحِ لَم يَعُدْ يَخشى الموتَ كفاجعةٍ سوداءَ بلا رجاءٍ، بل باتَ يَنظُرُ إليه كَجِسْرٍ يَعبُرُ عليه إلى الحياةِ الأبديَّةِ. فالموتُ في مفهومِنا المسيحيِّ ليس فناءً، وإنَّما »رُقادٌ مُؤقَّتٌ« يَنتَظِرُ صوتَ المسيحِ القائلِ: »أَنا هُوَ القيامةُ والحياةُ. مَنْ آمَنَ بي ولَوْ ماتَ فَسَيَحْيا
«
إنَّ فَرَحَ القيامةِ الذي مَلأَ قلوبَ الرُّسُلِ والتلاميذِ يومَ التقاهم المسيحُ القائمُ من الموتِ، يَملأُ اليومَ أيضًا قلوبَ المؤمنينَ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ. هذا الفرحُ هُو قوَّةٌ روحيَّةٌ تَدفَعُ المؤمنَ إلى عَيْشِ حياتِهِ اليوميَّةِ بمعنًى جديدٍ وثقةٍ عميقةٍ. فإنْ كانَ المسيحُ قد غلبَ الموتَ، فلا شيء إذًا يستطيعُ أنْ يَسلبَنا الرَّجاءَ أو يَفصِلَنا عن محبَّةِ اللهِ. تحوَّلَت أحزانُنا إلى أفراحٍ بفضلِ القيامةِ، وصارَ الصليبُ – رمزُ الألمِ والتَّضحيةِ – طريقًا إلى المجدِ والظَّفرِ. هكذا يَغدو كلُّ ضيقٍ أو تجربةٍ في حياتِنا فُرصةً للتشبُّهِ بالمسيحِ المصلوبِ والقائمِ، واستقبالِ نعمةِ القوَّةِ والنَّصرِ التي يَمنَحُها لنا الرَّبُّ القائمُ
.
إنَّ دعوةَ القيامةِ موجَّهةٌ إلى كلِّ مؤمنٍ كي يَعيشَ "حياةَ القيامةِ" في واقعِهِ اليوميِّ. فلا تَكفي الاحتِفالاتُ والطُّقوسُ في الفصحِ المجيدِ إنْ لم تَتحوَّلْ إلى حياةٍ تَشهدُ للقيامةِ على مدارِ العامِ. المؤمنُ مَدعوٌّ إلى أنْ يَكونَ ابنًا للقيامةِ، يَحملُ نورَ المسيحِ القائمِ إلى عالَمٍ مُثْقَلٍ باليأسِ والخوفِ. علينا أنْ نُظهِرَ بُشرى القيامةِ في ابتسامتِنا، وفي كلماتِ التَّعزيةِ والتَّشجيعِ التي نُوجِّهُها إلى المحزونينَ، وفي مُساعَدةِ المتألِّمينَ والمُحتاجينَ. فحيثُما يُوجَدُ إيمانٌ بالقيامةِ يُوجَدُ رجاءٌ، وحيثُما يَملِكْ رجاءُ القيامةِ تَتبدَّدْ ظِلالُ الموتِ ويَظهَرْ أَلَقُ الحياةِ
.
في ضوءِ القيامةِ، يَغدو معنى الحياةِ مختلفًا. فحياتُنا الأرضيَّةُ لم تَعُدْ رحلةً إلى القبرِ بل إلى الملكوتِ. وكلُّ يومِ حياةٍ هُو عطيَّةٌ ثمينةٌ لِنَشهَدَ فيه للمسيحِ القائمِ بالمحبَّةِ والبذلِ والفَرَحِ. إنَّ قيامةَ الرَّبِّ يسوعَ تَدعونا إلى أنْ نَكونَ شَعبًا مُتفائلًا، لا يَعرِفُ اليأسَ طريقًا إليه، لأنَّ إلهَنا حيٌّ ليس إلهَ أمواتٍ بل إلهُ أحياءٍ. فَلْنَحمِلْ إذًا بُشرى القيامةِ في قُلوبِنا وعلى شِفاهِنا، ولنَترنَّمْ مع كنيستِنا: »المسيحُ قام، وحقًّا قام«، ولْنَجعلْ من حياتِنا عيدَ قيامةٍ دائمًا نُمجِّدُ فيه الإلهَ الواهَبَ الحياةَ
.
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّالِث
لتفرحِ السَّماويَّات، ولتبتهجِ الأرضيَّات، لأنَّ الربَّ صنع عِزًّا بساعده، ووطئ الموت بالموت، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالمَ الرحمةَ العُظمى
.
قنداق الفصح باللَّحن الثَّامِن
وَلَئِنْ كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلّا أنَّكَ درستَ قوّة الجحيم، وقمتَ غالبًا أيّها المسيحُ الإله. وللنِّسْوَةِ الحاملاتِ الطِّيبِ قُلتَ: افْرَحْنَ، ولِرسلكَ وَهبتَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعينَ القِيام
.
الرِّسالة:
أع 9: 32-42
رتِّلُوا لإِلهِنا رتِّلُوا
يا جميعَ الأُممِ صَفِّقُوا بالأيادِي
في تلكَ الأيَّامِ، فيما كانَ بُطُرسُ يَطوفُ في جَميع الأماكِنِ، نَزَل أيضًا إلى القدِّيسينَ السَّاكِنينَ في لُدَّة، فوَجَدَ هناكَ إنسانًا اسمهُ أَيْنِيَاس مُضَطجِعًا على سريرٍ مِنذُ ثماني سِنينَ وهُوَ مُخلَّع. فقالَ لهُ بطرُسُ: يا أينِياسُ يشفيكَ يسوعُ المسيحُ. قُمْ وافتَرِشْ لنفسِك. فقام لِلوقت. ورآه جميعُ الساكِنين في لُدَّة وسارُونَ فَرَجَعوا إلى الربّ. وكانت في يافا تِلميذَةٌ اسمُها طابيِتا الَّذي تفسيرُهُ ظَبْيَة. وكانت هذه مُمتَلِئةً أعمالًا صَالحةً وصَدقاتٍ كانت تعمَلُها. فحدَثَ في تِلكَ الأيامِ أنَّها مَرِضَتْ وماتَتْ. فَغَسَلوها ووضَعوها في العِلِّيَّة. وإذ كانت لُدَّةُ بقُربِ يافا، وسَمعَ التَّلاميذُ أنَّ بطرُس فيها، أَرسَلوا إليهِ رَجُلَيْن يسألانِهِ أنْ لا يُبطِئَ عن القُدُوم إليهم. فقام بطرُسُ وأتى مَعَهُمَا. فَلمَّا وَصَلَ صَعدوا بهِ إلى العِلِّيَّة. ووقَفَ لديِه جميعُ الأرامِلِ يَبْكِينَ ويُرِينَهُ أَقْمِطَةً وثِيابًا كانت تَصنَعُها ظَبيَةُ معَهَنَّ. فأخرَجَ بُطرُسُ الجميعَ خارِجًا، وجَثَا على رُكبَتَيْهِ وصَلَّى. ثمَّ التَفَتَ إلى الجَسَدِ وقالَ: يا طابيتا قُومي. فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. ولـمَّا أَبْصَرَتْ بُطرُسَ جَلَسَتْ، فناوَلَها يَدَهُ وأنهضَها. ثمّ دعا القدِّيسيِنَ والأرامِلَ وأقامَها لَديهمِ حيَّةً. فشاعَ هذا الخبرُ في يافا كلِّها. فآمَنَ كَثيرون بالرَّبّ
.
الإنجيل: يو 5: 1-15
في ذلك الزَّمان، صَعِدَ يسوعُ إلى أورشليم. وإنَّ في أورشليم عند باب الغَنَمِ بِرْكَةً تُسَمّى بالعبرانيّة بيتَ حِسْدَا لها خمسةُ أَرْوِقَة، كان مُضطجعًا فيها جمهورٌ كثيرٌ من المرضى من عُمْيَانٍ وعُرْجٍ ويابِسي الأعضاء ينتظرون تحريكَ الماء، لأنَّ ملاكًا كان يَنْـزِلُ أَوَّلًا في البِرْكَة ويحرِّكُ الماء، والَّذي كان ينـزِلُ أوَّلًا من بعد تحريك الماء كان يَبْرَأُ من أَيِّ مرضٍ اعتَراه. وكان هناك إنسانٌ به مرض منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. هذا إذ رآه يسوع ملقًى وعلم أنَّ له زمانًا كثيرًا قال له: أتريد أن تبرأ؟ فأجابه المريض: يا سيِّدُ ليس لي إنسانٌ متى حُرِّك الماء يُلقيني في البركة، بل بينما أكون آتِيًا ينـزل قَبْلي آخَر. فقال له يسوع: قُمْ احْمِلْ سريرَك وامْشِ. فللوقت بَرِئَ الرَجُلُ وحمل سريرَه ومشى. وكان في ذلك اليوم سبتٌ. فقال اليهودُ للَّذي شُفِيَ: إنَّه سبتٌ، فلا يحلُّ لكَ أن تحمل السَّرير. فأجابهم: إنّ الَّذي أَبْرَأَني هو قال لي: احْمِلْ سريرَك وامشِ. فسـألوه: من هو الإنسان الَّذي قال لكَ احملْ سريرَك وامشِ؟ أمّا الَّذي شُفِيَ فلم يكن يعلم مَن هو، لأنَّ يسوعَ اعتزل إذ كان في الموضع جمعٌ. وبعد ذلك وَجَدَهُ يسوع في الهيكل فقال له: ها قد عُوفِيتَ فلا تَعُدْ تُخْطِئ لِئَلّا يُصِيبَكَ شرٌّ أعظم. فذهب ذلك الإنسانُ وأخبرَ اليهودَ أنَّ يسوع هو الَّذي أَبْرَأَهُ
.
في الإنجيل
صعد يسوع إلى أورشليم ولم يحدّد الإنجيليّ زمان هذا الصعود وهدفه. الصعود كان بمناسبة العيد أو الفترة الممتدّة بين الفصح والعنصرة. والسبب كان ليكرز ببشارة الملكوت فيصنع الأعجوبة أو بالأحرى العجائب دلالةً على ذلك شافيًا كلّ مرضٍ وكلّ ضعفٍ في الشعب؛ ولذلك كان يسوع في كثيرٍ من الأحيان يختار الأعياد حيث يجتمع العدد الأكبر من الناس ليتمّم رسالته بشكلٍ أوسع، وبخاصّة لأنَّ نهاية رسالته على الأرض قد قرُبت
.
في كلِّ مرّةٍ نرى المرضى ينادونه، لكي يصنع لهم العجائب وأحيانًا كثيرة كانوا يتوسّلون إليه. أمّا هنا فنرى أنّه قد بادر وسأل المخلّع عمّا إذا كان يريد الشفاء. لقد اختاره الربّ من بين المئات من المرضى المصابين بأمراض مختلفة والمنتظرين تحريك الماء ليلقوا بأنفسهم فيه، بعد تحريكه في البِركةِ من قِبل الملاك، ليشفى مَن ينزل فيها أوّلًا
.
لقد علم يسوع إيمان هذا المخلّع وصبره، ومع هذا سأله إن كان يرغب في الشفاء، لا ليعلم هو بل الحاضرون كم هو مؤمنٌ وصبورٌ هذا المخلّع، وكم يتحلّى باللياقة الكلاميّة. لقد بادر الربّ بقوله:"يا سيّد" ليس من إنسان إذا حُرِّك الماء يلقيني... فما كان من يسوع إلّا أن قال له :"قم احمل سريرك وامشِ" فهنا أعظم من الملائكة؛ أعظم من الماء الراكد. فقام المخلّع للحال
.
الربّ يسوع يأتي إلى كلّ واحد منّا، شرط أن نطلب بثقة وبإيمانٍ بأنّ يسوع يحبّنا ولا يعطينا إلّا ما هو الأفضل والأنسب لنا، أوليس هو القائل: "اطلبوا ملكوت الله وبِرَّه والباقي يُزاد لكم"؟ وأيضًا: "كلّ ما تطلبونه بإيمان في الصلاة تنالونه"؟ فليكن لنا إيمان هذا المخلّع وصبره، نحن الذين قد خلّعتنا الخطيئة وأبعدتنا عن الأحضان الأبويّة. آمين
أنت والقانون
الزواج
القصد من الزواج:
يعرّف قانون الأحوال الشخصيّة الزواج في المادّة 17 منه كما يلي: "الزواج سرّ من أسرار الكنيسة به يتمّ اتّحاد رجل وامرأة ليتعاونا على الحياة الزوجيّة وحمل أعباء العائلة وتربية الأولاد
".
ولكن كما يراه القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم وبحسب قول الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (1كو 7: 2). "إنّ من لا يتزوّج يفعل حسنًا ولكي تتجنَّبوا الزنى فليكن لكلّ واحد امراته
".
إن القدّيس بولس يتكلّم هنا على الزواج ونواميسه بكلّ صراحة ورصانة والربّ يسوع شرّف الزواج بحضوره بنفسه عرس قانا الجليل، ولم يتأخّر عن تقديم الهديّة إلى العرس وهي عجيبة تحويل الماء إلى خمر
.
فلا نُهِنْ إذًا الزواج بمحافل الشيطان بل نتشبّه بأهل عرس قانا الجليل الذين دعوا المسيح إلى عرسهم وأجلسوه في وسطهم، قد تقولون كيف يكون هذا وليس المسيح عندنا؟ ولكن عندكم كهنة (من قبلكم فقد قبلني) (متّى 10: 4) فإذا أنتم أبعدتم الشيطان ومواكب الشيطان عن أعراسكم أعني أغانيه الفاحشة وأشعاره البذيئة ورقصه الخليع وكلامه الشائن وفجوره المخجل وضحكه السفيه. وإذا أنتم أحللتم مكانه خدّام المسيح فتكونون قد استقبلتم المسيح ذاته في وسطكم مع والدته وتلاميذه لأنّه قال: "إنّ من يعمل إرادة أبي فذاك حقًّا هو أخي وأختي وأمّي" (متّى 12: 50). والعادة السيّئة يجب قطعها، فحيث يُخشى اقتراف الخطايا ليس من ثبات لأيّة عادة. وإذا كان هناك من شرّ فمهما تكن العادة قديمة يجب أن نغيّرها وعلى العكس من هذا، إذا كان هناك تصرّف ليس فيه إثم، لنتصرّفه ولنكرّسه عُرفًا ولو كان لا يطبّقه أحد بعد. والبرهان تجدونه في أعراس إسحق ورفقة ويعقوب وراحيل، فلا يدخل فيها شيء من هذا. كانت تولم وليمة أجمل من هذه الولائم، وكانوا يدعون الأقرباء. ولكن من غير تزمير وتطبيل وأهازيج ومراقص، وكلّ ما هو في المآدب الحاليّة البذيئة. اليوم نسمع الأغاني التي تدور حول الزنى والعشق والإثم، وألحانًا وكلامًا بذيئًا ومهاترات. وفي حالة الشعر الشنيع وفي فيض الكلام وفي مجال الخلاعة يزفّون العروس الفتاة على عين الملأ وسمعهم، وهذا يناقض الطهارة والعفّة ومبادئ الأخلاق. كيف نقدر حتّى أن نأتي بكهنة المسيح إلى العرس حين يجب علينا غداة العرس أن نعرض هذا المسرح الوثنيّ؟
أُدعوا الفقراء وأقيموا لهم محفلًا فعندما تُدخِلونهم إلى منازلكم، إنّما تُدخلون المسيح نفسه، فلا يدخل إليها الشيطان ويدير الرقص فالربّ يكافئكم لا الشيطان وتجنون منها أفراحًا أبديّة وسيكون منبع نعمة لبنيك. كما وإنّها ستهيّئ لك ولامرأتك عمرًا طويلًا وشيخوخة صالحة
.
لقد شفيت الصبيّة بصلوات الفقراء المجتمعين حولها، إنّ صلوات الفقراء ودموع الأرامل هي أفضل من البغايا ورقص المهرّجين. وفي هذا لذّة عابرة باطلة، وفي تلك مكافأة خالدة
.
إنّ الزواج لم يؤسّس لأجل الزنى والفحش، بل على العكس ليُحفظ منهما وقد وضع الزواج لسببين رئيسيّين
:
1
- ضبط وتعديل الميل الحسيّ (الجنسيّ)
2
- إنجاب البنين
والسبب الأوّل هو الأهمّ. فمنذ أن ظهر الميل الجنسيّ وضع الزواج لضبط هذا الميل، وليحمل الإنسان على الاكتفاء بامرأة واحدة
.
أمّا إنجاب الأولاد، فإنّه ليس هدفًا للزواج على الإطلاق. وإنّما يتجاوب الزواج مع قول الله "انموا واكثروا واملأوا الأرض"( تك 1: 28) وبرهان ذلك الزيجات الكثيرة التي لا يكون فيها إنجاب أولاد. ولهذا فإنّ السبب الأوّل للزواج هو ضبط الميل الجنسيّ، ولا سيما وقد ملأ اليوم الجنس البشريّ الأرض بأسرها
.
لقد كانت الرغبة قبلاً في إقامة النسل تفهم كما يلي: إنّ كلّ واحد كان يريد أن يترك ذِكرّا وأثرًا لحياته حين لم تكن مسألة القيامة موجودة، وحتّى كان يبدو وكأنّ كلّ شيء ينتهي بالموت، وحين كان المائت لا يرى له شيئًا باقيًا بعد هذه الحياة. حينذاك أعطى الله هذه التعزية أن يكون للإنسان أولاد يتركون صورة الراحلين ويحفظون الجنس البشريّ ويقدّمون إلى الذين على حافّة الموت وإلى أقاربهم فرح الحياة بأعقابهم. وهذا ما عبّرت عنه امرأة أيّوب بعد أن أصيبت بتلك النوازل واحدة بعد الأخرى فقالت: "انظر، إنّ بنيك وبناتك فقدوا، ولم يبق لك أثر على الأرض" (أيّوب 18: 17). وهذا ما عبّر عنه أيضًا شاول حين قال لداود: "احلف لي بأنّك لا تبيد ذريّتي ولا اسمي بعد موتي" (1 ملو 24: 22)
.
أمّا الآن وقد أشرق علينا نور القيامة، وبقينا ننتظرها فقد أصبح الموت حادثاً عرضيًّا لا خاتمة لحياتنا، ونرجو بعد هذه الحياة حياة أفضل لم يعد فيها لإقامة النسل الأهمّيّة ذاتها وقد أصبحت الولادة الروحيّة هي الأهمّ وتستطيع أن تربّي للأيّام الأخيرة من شيخوختك أولادًا وتتركهم بعدك، ويكونوا لك سندًا وفخرًا أفضل من أبناء الدهر
.
وعلى هذا فلا يكون بعد للزواج من غاية سوى اجتناب الزنى، ولهذه الغاية وضع الزواج قبل غيرها من الغايات وإذا عاد الإنسان بعد زواجه إلى البغايا فالأحرى ألّا يتزوّج لأنّ زواجه لا ينفعه في شيء. وبالعكس فإنّه يشدّد عليه الحكم بالعقاب
.
إنّ من كان بغيًّا قبل زواجه يكون فعله غير فعل من يأتيها بعد زواجه. ففي الحالة الأولى يسمّى فعله بغاء، وأما في الحالة الثانية فيسمّى زنى (خيانة زوجيّة). وعاقبة الزنى تقع على الزاني والزانية معًا
.
يقول بولس الرسول "ليقض الرجل المرأة حقّها"، وهذا يعني أنّه يترتّب على الزوج الاكتفاء بامرأة واحدة والحفاظ على طهارتها. إنّ جسد الرجل ليس ملكه بل ملك امرأته فعليه أن يحفظه سالمًا نقيًّا صحيحًا غير مدّنس كأنّه أمانة ووديعة. لأنّ الرسول يقول "إنّ جسد المرأة ليس ملكًا لها بل لرجلها، كما أنّ جسد الرجل ليس ملكًا له بل لامرأته". من هنا فالمساواة كاملة بينهما، المرأة ليست متسلّطة على جسدها بل الرجل. كذلك الرجل ليس متسلّطًا على جسده، بل المرأة هي المتسلّطة. والأمر هنا أمر طهارة وأمانة، وليس من فرق بين الرجل والمرأة. وفي هذا المعنى يقول الرسول بولس "من يحتقر فلا يحتقر إنسانًا بل الله الذي حلّ روحه القدوس أيضًا فينا
".
عقاب الزنى قاس جدًّا. فهناك النار لا تطفأ والدود لا ينام. "إنّ شفتي الزانية تقطران شهدا وحنكها ألين من الزيت لكنّ عاقبتها مرّة، مرّة مثل العلقم، حادّة كسيف ذي حدين" (أمثال 5: 3-4). وفي قبلة البغي سمٌّ خفيّ. وإنّ الذين يفعلون الزنى ويخونون العهد الزوجيّ بعد زواجهم لهم دينونة أعظم، وقصاص أفظع. ذلك أنّهم يكونون أشدّ إجرامًا بكثير من الأوّلين لأنّه يحقّ لهم أن يستمتعوا بملذّات محلّلة لهم يتركونها ليستمتعوا بملذّات محرّمة ويقعوا في الزنى والخيانة الزوجيّة.