الأحد 20 تموز 2025
16 تموز 2025
الأحد 20 تموز 2025
العدد 29
الأحد السادس بعد العنصرة
للحن الخامس، الإيوثينا السادسة
أعياد الأسبوع
20: النبيّ إيلياس التسبيتيّ، 21: البارَّان سمعان المتباله ويوحنَّا رفيقه في النُّسك، 22: مريم المجدليَّة المعادلة الرُّسل، الشهيدة في العذراى مركيلا، 23: نقل عظام الشهيد في الكهنة فوقا أسقُف سينوبي، النبيّ حزقيال، 24: الشهيدة خريستينا، 25: رقاد القدِّيسة حنَّة أم والدة الإله الفائقة القداسة، 26: الشهيد في الكهنة أرمولاوس، الشهيدة باراسكيفي.
شفاء المخلّع
يسوع في كفرناحوم المدينة التي يسكن فيها فإذا بمفلوج يقدّمه الشعب إليه.
فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج "مغفورةٌ لك خطاياك" (متّى 9: 2).
هنا يُرينا الربّ أنّ مصيبة الإنسان والإنسانيّة ليست كامنة في المرض الجسديّ بل في الخطيئة التي من شأنها وحدها في كلّ زمن أن تخلقَ خرقًا وفراقًا بين الله والإنسان.
القدّيس أنطونيوس نفسه قبل أن يموت كان يقول "لم أتعلّم بعد أن أتوب".
ممّا يشير الى أهمّيّة التوبة عن خطايانا قبل الموت. هنا نجد أنّ إيمان الشعب بيسوع هو الذي دفعه إلى أن يشفي المخلّع.
إنّ رواية المخلّع منذ البداية محورُها غفران الخطايا. الخطيئة هي التي تفصل الإنسان عن الله وهي لهذا سببُ كلّ مرض.
الإنسان يطلب الشفاء الجسديّ ويسوع يتحدّث عن غفران الخطايا. لذلك عند متّى الإنجيليّ الشفاء مرتبط بالإيمان بيسوع المسيح.
"ما الأيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك أم أن يُقال قم وامشِ؟!" (متّى 9: 5).
بهذا السؤال يفترض يسوع أنّ غفران الخطايا أصعب من الشفاء الجسديّ.
يسوع هو ابن الإنسان الذي تحدّث عنه دانيال النبيّ (دانيال 7: 12) أعطاه الله كلّ سلطان ممّا في السماء وما على الأرض (متّى 28: 18) هذا السلطان الأبديّ يتحقّق على الأرض بغفران الخطايا.
حينئذ بعد كلّ هذا يتوجّه الى المخلع حتّى يظهر قوله بالفعل. الجموع التي رأت هذا كلّه تعجبّت واندهشت. هذه الدهشة سببها الحضورُ الإلهيّ.
و"مجّدوا الله الذي أعطى "الناس" سلطانًا مثل هذا (متّى 9: 8).
والمقصود هنا "بالناس" يسوع ومن خلاله الذين أعطاهم سلطان غفران الخطايا.
"ما تحلّوه على الأرض يكون محلولًا في السماء وما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء" (متّى 18: 18).
رواية متّى ورواية مرقس المشابهة (مر 2: 1-12) تهدفان الى إرساء سلطان الكنيسة في غفران الخطايا، هذا السلطان الذي أخذته من مؤسّسها.
+ افرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللَّحن الخامِس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المُساوي للآبِ والرُّوحِ في الأزليَّة وعدمِ الابتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصِنا. لأنَّه سُرَّ بالجسدِ أن يَعْلُوَ على الصليبِ ويَحْتَمِلَ المَوْت، ويُنْهِضَ المَوْتَى بقيامَتِهِ المَجِيدَة.
طروباريّة النبيّ إيلياس باللَّحن الرَّابِع
أَيُّها الملاكُ بالجِسْمِ، قاعدَةُ الأنبياءِ ورُكْنُهُم، السَّابِقُ الثَّاني لحضورِ المسيح، إيلياسُ المجيدُ المُوَقَّر، لَقَدْ أَرْسَلْتَ النِّعْمَةَ مِنَ العُلَى لأَلِيشَع، لِيَطْرُدَ الأَسْقَامَ ويُطَهّرَ البُرْصَ، فلذلكَ يُفِيضُ الأَشْفِيَة لمُكَرِّمِيهِ دائمًا.
القنداق باللَّحن الثَّاني
يا شفيعَةَ المَسيحيِّينَ غَيْرَ الخازِيَة الوَسِيطَةَ لَدَى الخَالِقِ غَيْرَ المرْدُودَةِ، لا تُعْرِضِي عَنْ أصواتِ طلباتِنَا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تَدَارَكِينَا بالمعونَةِ بما أَنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصَّارِخِينَ إليكِ بإيمان: بادِرِي إلى الشَّفَاعَةِ وأَسْرِعِي في الطِّلْبَةِ يا والِدَةَ الإِلهِ، المُتَشَفِّعَةَ دائِمًا بمُكرِّمِيكِ.
الرِّسالة: يع 5: 10-20
أَنْتَ الكَاهِنُ إلى الدَّهْرِ على رُتْبَةِ مَلْكِيصَادَق
قالَ الرَّبُّ لرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حتَّى أَجْعَلَ أعداءَكَ موطِئًا لِقَدَمَيْك
يا إخوةُ، اتَّخِذُوا الأنبياءَ الَّذين تكلَّمُوا باسمِ الرَّبِّ قُدْوَةً في احتمالِ المَشَقَّاتِ وفي طولِ الأناة، فإِنَّا نُطَوِّبُ الصَّابِرِين، وقد سَمِعْتُم بصبرِ أيُّوبَ ورأيتُم عاقِبَةَ الرّبّ. لأنَّ الرَّبَّ مُتَحَنِّنٌ جِدًّا ورَؤُوفٌ. وقَبْلَ كُلِّ شيءٍ يا إخوتي لا تحلِفُوا لا بالسَّماءِ ولا بالأرضِ ولا بقسَمٍ آخَر. ولكن، لِيَكُنْ كلامُكُم نَعَم نَعَم ولا لا لِئَلَّا تَقَعُوا في الدَّينونة. هل فيكم أحدٌ في مَشَقَّاتٍ فَلْيُصَلِّ أو في سُرُورٍ فَلْيُرَتِّل.
هل فيكم مريضٌ فَلْيَدْعُ قُسُوسَ الكنيسةِ وَلْيُصَلُّوا عليهِ ويَدْهَنُوهُ بزيتٍ باسمِ الرَّبّ، فإِنَّ صلاةَ الإيمانِ تُخَلِّصُ المريضَ، والرَّبُّ يُنْهِضُهُ، وإنْ كانَ قد ارْتَكَبَ خطايا تُغْفَرُ لهُ.
اعْتَرِفُوا بعضُكُم لبعضٍ بالزَّلَّات وصَلُّوا بعضُكُم لأجلِ بعضٍ لِكَي تُبْرَأُوا. إنَّ طِلْبَةَ البارِّ تَقْتَدِرُ كثيرًا في فِعْلِهَا.
كانَ إيليَّا إنسانًا قابِلَ الآلامِ مِثْلَنَا. وقدْ صَلَّى أنْ لا يَنْزِلَ المطرُ فَلَمْ يَنْزِلْ على الأرضِ مُدَّةَ ثلاثِ سنين وستَّة أشهُرٍ. ثمَّ عادَ وصلَّى فَأَمْطَرَتِ السَّماءُ وأَخْرَجَتِ الأرضُ ثمرَهَا. أَيُّهَا الإخوةُ، إنْ ضَلَّ أَحَدٌ بينَكُم عن الحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ الَّذي رَدَّ خَاطِئًا عن ضلالِ طريقِهِ قد خَلَّصَ نَفْسًا مِنَ الموتِ وسَتَرَ جَمًّا من الخَطَايَا.
الإنجيل: متّى 9: 1-8 (متى 6).
في ذلك الزَّمانِ دخلَ يسوعُ السَّفينَةَ واجتازَ وجاءَ إلى مدينَتِهِ، فإِذَا بِمُخَلَّعِ مُلقًى على سَريرٍ قَدَّمُوهُ إليهِ: فلمَّا رأى يسوعُ إيمانَهُم قالَ للمُخَلَّع:
ثِقْ يا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لكَ خطايَاك. فقالَ قَوْمٌ من الكَتَبَةِ في أَنْفُسِهِم: هذا يُجَدِّف. فَعَلِمَ يسوعُ أَفْكَارَهُم فقالَ: لماذا تُفَكِّرُونَ بالشَّرِّ في قلوبِكُم؟، ما الأَيْسَرُ أَنْ يُقَالَ مَغْفُورَةٌ لكَ خطاياكَ أَمْ أَنْ يُقَالَ قُمْ فَامْشِ؟ ولكِنْ لكي تَعْلَمُوا أنَّ ابنَ البَشَرِ لهُ سُلْطَانٌ على الأرضِ أنْ يَغْفِرَ الخَطَايَا. (حينئذٍ قال للمُخَلَّع) قُمْ احْمِلْ سريرَكَ واذْهَبْ إلى بيتِك. فقامَ ومضَى إلى بيتِه. فلمَّا نظرَ الجموعُ تعجَّبُوا ومَجَّدُوا اللهَ الَّذي أعطَى النَّاسَ سُلْطَانًا كَهَذَا.
في الإنجيل
في إنجيل هذا اليوم، الذي يُتلى أيضًا في الأحد الثاني من الصوم الكبير، نقرأ بتفصيل أوسع ما سلّمه إلينا الإنجيلي مرقس. ففي هذا الحدث، تتّحد الخطيئة بالمرض، والشفاء بالخلاص؛ وهذا الاتّحاد جوهريّ كالعلاقة التي تربط بين السبب والنتيجة. أمّا متّى الإنجيليّ فيورد القصّة نفسها باختصار. فبينما كان المسيح يعلّم في بيتٍ في كفرناحوم، قدم إليه بعض الرجال برجلٍ مفلوج مضّجع على سرير. وإذ لم يستطيعوا الاقتراب من يسوع بسبب الجمع الكثير، صعدوا إلى السطح وفتحوا كوّة في السقف وأنزلوا السرير أمام المسيح. فتعجّب يسوع وأثنى على إيمانهم.
يقول النصّ: «فلمّا رأى يسوع إيمانهم». المفلوج لم يكن قادرًا على أن يأتي بنفسه إلى الربّ، ولهذا السبب حمله الآخرون.
لكنّ المسيح رأى أيضًا إيمان المفلوج نفسه، لأنّه لو لم يكن يؤمن، لما سمح لنفسه أن يُحمل أمام الجمع. فالإيمان الذي رآه الربّ هو ثمرة مشتركة بين المفلوج ومُحبّيه. وعندئذ، قال له يسوع مباشرة: «ثِق يا بنيَّ مغفورةٌ لك خطاياك».
هذا الحدث الإنجيليّ يجب أن يُقرأ من خلال البعد الإيمانيّ والاجتماعيّ معًا. فالإيمان المسيحيّ يدعو الإنسان إلى أن يتجاوز حدود فرديّته وأن يخرج من سجن الأنا، ليتحوّل من فرد إلى "شخص"، أي إلى كائن يلتقي الآخر بفهمٍ ومحبّة واحترام.
فالمؤمن الحقيقيّ لا يستطيع أن يكتفي بخلاصه الذاتيّ، بل يخرج من ذاته ليحمل أخاه. إنّ الإبداع الذي أظهره الرجال الذين حملوا المفلوج يعلّمنا أنّ الإيمان الحقيقيّ لا يرضخ للعقبات، بل يتحدّى الصعوبات، ويبتكر ويجاهد ويصلّي، حتّى يجد الطريق نحو المحبّة الفاعلة.
لقد جاء المسيح ليشفي الإنسان لا فقط من أوجاع الجسد، بل أوّلًا من داء النفس: الخطيئة.
قال في موضع آخر: «ما دمت في العالم فأنا نور العالم»، وكأنّه يقول هنا: "أنا حاضر لا فقط لأُبرئ الجسد، بل لأشفي القلب، لأحرّر النفس من ثقل الخطيئة".
ولا ينبغي لأحد أن يشكّ في أنّ الربّ، إن رأى إيماننا، فسوف يستجيب فورًا، ويمنحنا الغفران، شرط أن نصل إلى النقطة التي نقول فيها: «يا إلهي، لا أريد أن أخطئ بعد الآن».
أي أن نكره الخطيئة ونمقتها، لا بدافع الخوف، بل بدافع الحبّ الحقيقيّ لله، كما علّمنا القدّيسون.
حين ننظر حولنا، نشعر أحيانًا بخيبة أمل، من الناس ومن أنفسنا. فكم مرّة دعانا الإنجيل إلى الكمال، ونحن انسحبنا؟ كم مرّة نادانا المسيح إلى الجهاد، ونحن تهرّبنا؟ قليلةٌ هي فضيلة التضامن في زمننا، رغم أنّها يجب أن تكون علامة حيّة لكنيسة المسيح.
أيّها الإخوة الأحبّاء، لنسعَ إلى قراءة كلمة الله وتأمّلها، لا كتعليم نظريّ، بل كجهاد روحيّ، نعيشه يوميًّا في هذه الحياة، ساعين إلى أن نقوّي إيماننا، ونحمل إخوتنا معنا نحو المسيح. آمين
أيّوب الساجد لحكمة الله من دون أن يستوعبها
"أيّوب الصدِّيق" بالنسبة إلينا هو مثال الرجل الصابر في الشدائد الساحقة. وهذا ما شدّدت عليه "رسالة يعقوب" الذي قدّم أيّوبَ لقرّائه كنموذج للصبر (5: 11).
وهذا هو الذكر الوحيد لـ "أيّوب" في العهد الجديد. فكاتب الرسالة إلى العبرانيّين لم يذكر أيّوبَ ضمن رجالات الإيمان الذين قدّمهم إلينا (عب 11).
السؤال الأساسيّ في تناولنا سفر أيّوب هو: ماذا أراد كاتب السفر، الملهَم من الله، أن يقول لقرّائه من خلال تقديمه إليهم "قصّة أيّوب" الشائعة في تلك العصور ككتاب إلهيّ مُلْهَم؟
ونحن نقرأ العهد القديم يجب ألّا يغيب عنّا الاعتقادُ السائد في تلك المرحلة أنّ الحياةَ، كلَّ الحياة، إنّما هي الحياة على هذه الأرض "أرض الأحياء" كما يُسمّيها صاحب المزمور؛ ومن بعدها عودة الجسد إلى التراب ونزول النفس إلى الجحيم (شيئول)، إلى مثوى الأموات في باطن الأرض، إلى موضع عدم الوعي (النسيان) حيث ليس مَنْ يُسبّح الله، وحيث الوجودُ أشبه بـِعَدم الوجود، إنّه "الوجود العدميّ".
لذا كان الاعتقاد أنّ ثواب الله وعقابه يكونان فقط في هذه الحياة. فكان المبدأ الطبيعيّ في هذه الحال: أن يسعد البارّ في حياته على هذه الأرض بالبنين والخيرات والصحّة وطول الحياة وأن يُبْلى الشرّير بحرمانه وبنيه من الخيرات وبابتلائه بالأمراض والمصائب والموت المبكِّر. هذا هو المبدأ الطبيعيّ الذي كانوا يظنّون أنّه ينسجم مع "عدالة الله". وهذا ما أكّدت عليه أقوال كثيرة واردة في العهد القديم.
وفي المقابل، نجد أنّه كثيرًا ما يؤكّد لنا أنّ الأمور تجري بخلاف هذا المبدأ: فهوذا البار يُبتلى وهوذا الشرّير وبنوه ينعمون. فلماذا؟ ولماذا؟ أين هي "عدالة الله"؟
تناول كاتب سفر أيّوب قضيّة ابتلاء البارّ بالمصائب والنكبات. فأيّوب الصِّدّيق الذي كان يحيا في مرضاة الله وينعم بالبنين والقطعان ابتلاه المجرِّبُ بكلّ الويلات، الواحدة تلو الأخرى، فحُرِمَ القطعان والبنين وابتُلي بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ. وقد أظهر أيّوبُ بِرَّه بالقول «عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ.
الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا». ويُعلّق الكاتب مضيفًا بعد إيراده هذا القول:" فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ وَلَمْ يَنْسِبْ للهِ جِهَالَةً". وبعد ابتلائه بالمرض قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: «أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!».
فَقَالَ لَهَا: «تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَلْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟». ويُعلّق الكاتب ثانية: "فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ".
وجاء ثلاثة من معارفه يجادلونه ويؤكّدون له أنّه ابتُليَ بسبب الإثم الذي ارتكبه. وجرى الحوار بينهم شعرًا من خلال قصائد نطقوا بها.
ولكنّ أيّوب رفض مزاعم محاوريه وتمسّك ببرّه الذي لا يستوجب الويل بل الطوبى من الله. إنّه لم يفعل إثمًا لينال العقاب. ها هو يعدّد أعمال البرّ التي يواظب عليها:
24 «إِنْ كُنْتُ قَدْ جَعَلْتُ الذَّهَبَ عَمْدَتِي، أَوْ قُلْتُ لِلإِبْرِيزِ: أَنْتَ مُتَّكَلِي.
25 إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْتُ إِذْ كَثُرَتْ ثَرْوَتِي وَلأَنَّ يَدِي وَجَدَتْ كَثِيرًا.
26 إِنْ كُنْتُ قَدْ نَظَرْتُ إِلَى النُّورِ حِينَ ضَاءَ، أَوْ إِلَى الْقَمَرِ يَسِيرُ بِالْبَهَاءِ،
27 وَغَوِيَ قَلْبِي سِرًّا، وَلَثَمَ يَدِي فَمِي،
28 فَهذَا أَيْضًا إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ، لأَنِّي أَكُونُ قَدْ جَحَدْتُ اللهَ مِنْ فَوْقُ.
29 «إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْتُ بِبَلِيَّةِ مُبْغِضِي أَوْ شَمِتُّ حِينَ أَصَابَهُ سُوءٌ.
30 بَلْ لَمْ أَدَعْ حَنَكِي يُخْطِئُ فِي طَلَبِ نَفْسِهِ بِلَعْنَةٍ.
31 إِنْ كَانَ أَهْلُ خَيْمَتِي لَمْ يَقُولُوا: مَنْ يَأْتِي بِأَحَدٍ لَمْ يَشْبَعْ مِنْ طَعَامِهِ؟
32 غَرِيبٌ لَمْ يَبِتْ فِي الْخَارِجِ. فَتَحْتُ لِلْمُسَافِرِ أَبْوَابِي.
33 إِنْ كُنْتُ قَدْ كَتَمْتُ كَالنَّاسِ ذَنْبِي لإِخْفَاءِ إِثْمِي فِي حِضْنِي.
34 إِذْ رَهِبْتُ جُمْهُورًا غَفِيرًا، وَرَوَّعَتْنِي إِهَانَةُ الْعَشَائِرِ، فَكَفَفْتُ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنَ الْبَابِ».
وها هو يعلن مبتغاه من الله، ألا وهو أن يحصل على الجواب من الله: «35 مَنْ لِي بِمَنْ يَسْمَعُنِي؟ هُوَذَا إِمْضَائِي. لِيُجِبْنِي الْقَدِيرُ».
وحقّق الله طلب أيّوب وظهر له مكلّمًا إيّاه وسائلًا إيّاه أين كان حين صنع الله بحكمته أعمال الخلق العظيمة وأعمال عنايته بخليقته معدّدًا إيّاها عملًا عملًا.
فَأَجابَ أَيُّوبُ الرَّبَّ وَقَالَ: «هَا أَنَا حَقِيرٌ، فَمَاذَا أُجَاوِبُكَ؟ وَضَعْتُ يَدِي عَلَى فَمِي (...) بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي. 6 لِذلِكَ أَرْفُضُ وَأَنْدَمُ فِي التُّرَابِ وَالرَّمَادِ».
لم يُقدّم لنا سفر أيّوب جوابًا منطقيًّا عن مشكلة تألّم البارّ.
ليس للمؤمن إلّا أن يتقبّل ما يصدر عن الحكمة غير المدركة وإن بدت له عصيّة على الاستيعاب: هذه هي رسالته للمؤمن. دعِ المنطق البشريّ والحكمة البشريّة جانبًا واتّخذِ اللهَ نصيبًا لك في أرض الأحياء وثِقْ بخلاصه.
بطرس: أنتَ صخرٌ.
قال يسوع لبطرس في أوّل مرّة التقاه فيها: «أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعى صَفا» الَّذي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ. (يوحنّا 1: 42)
اسم "صفا" يُلفظ في أصله الآراميّ "كيفا"، ويعني "حجرًا أملس" أو "صخرًا تمّ تنعيمه أو نحته" بفعل العوامل الطبيعيّة أو بفعل الإنسان. تُرجم لفظًا إلى اليونانية "Κηφᾶς كِيفاس"، وإلى اللاتينية "Cephas"، أمّا كمعنى، فقد تُرجم إلى اليونانيّة "Πέτρος بيتروس" بطرس، وهو اسم علم مذكّر يعني "صخر"، مأخوذ من الكلمة اليونانيّة "πέτρα بيترا" التي تعني "صخرة"؛ أي كتلة كبيرة، ثابتة، ومتينة تُستعمل كأساس. وهي تختلف عن "الحجر "λίθος ليثوس"، القابل للنقل والمُستخدم للبناء أو الرجم.
اسم "سمعان" عبريّ، ومرتبط بالفعل "شمع shama‘" أي "سَمِعَ" و"الاستماع ". لكن، هل أدرك سمعان قصد الربّ فعلًا؟
في المفهوم الساميّ، يعطى الناس ألقابًا توافق بنيتهم الجسديّة وشخصيّتهم. وبطرس كان صاحب بنية جسديّة قويّة، وهذا ما تظهره الجداريّات منذ القرون المسيحيّة الأولى.
لكنّ قول الربّ له كان نبوءة، ظهرت جليًّا عندما سأل يسوع تلاميذه في قيصريّة فيلبّس: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فأجاب سِمعان بطرس وقال: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ، ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!» (متّى 16: 15-16).
عندها غبّطه الربّ، مؤكّدًا له أنّ ما قاله لم يكن من وحي البشر، بل كشفًا إلهيًّا من الآب السماويّ. وأضاف: «أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.» (متى 16: 18).
لم يقل الربّ لبطرس إنّه هو صخرة الكنيسة، لأنّ يسوع نفسه هو "الصخرة". بل قال له: أنت "صخر Petros"، وعلى هذه "الصخرة Petra" أبني كنيستي.
الفرق بين الكلمتين واضح جدًّا في النصّ اليونانيّ، وكذلك في لغات أخرى كالفرنسية: "Tu es Pierre, et sur cette pierre je bâtirai mon Église"، وفي الإنكليزية: "You are Peter, and on this rock I will build my Church".
لكن ما لبث بطرس أن عارض صلب يسوع، فقال له الربّ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي.» (متّى 16: 23).
وهذا يدلّ على أنّ كلّ من يعترف بأنّ يسوع هو ابن الله الحيّ، يكون "صخرًا"، وأمّا من يعاكس عمل الربّ، فيُماثِل "الشيطان".
أمران مهمّان:
- مهما سَمَتْ منزلةُ الإنسان، فلا أحد معصوم من الشوائب والنقص إلّا الربّ يسوع المسيح، فهو وحده صخرة الكنيسة، وسلطته منزّهة عن كلّ هوى أو نقص.
- إن الربّ يريدنا أحجار أساس في كنيسته، وصخورًا ثابتة في الطريق إلى الملكوت السماويّ، لنثبت فيه، ونثبّت إخوتنا، لأنّه هو «الطريق» (يوحنّا 14: 6).
إلى الربّ نطلب.
أخبارنا
أمسية أناشيد لجوقة الأبرشيّة
ببركة وحضور صاحب السيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس)، الجزيل الاحترام، تُقدِّم جوقة أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس، أمسية أناشيد دينيّة بعنوان "بِوَصايا إنجيلكَ أحيا"، وذلك نهار الثلاثاء 29 تموز 2025 الساعة السابعة مساءً، في قاعة كنيسة القدّيس سمعان العمودي - فيع – الكورة.