الأحد 13 تموز 2025

الأحد 13 تموز 2025

10 تموز 2025
الأحد 13 تموز 2025
العدد 28
أحد آباء المجمع المسكونيّ الرَّابع
اللحن الرابع، الإيوثينا الخامسة


أعياد الأسبوع:

13: تذكار جامع لجبرائيل رئيس الملائكة، استفانوس السابويّ، الشَّهيدة مريم، البارَّة سارة، 14: الرَّسول أكيلَّا، نيقوديموس الآثوسيّ، يوسف رئيس أساقفة تسالونيك، 15: الشَّهيدان كيريكس وأمُّه يوليطة، 16: الشَّهيد في الكهنة أثينوجانس ورفقته، 17: القدِّيسة الشَّهيدة مارينا، 18: الشَّهيد إميليانوس، البارّ بمفو، 19: البارَّة مكرينا أخت باسيليوس الكبير، البارّ ذِيُّس.
 
أحد آباء المجمع الرابع

نُعيّد اليوم لآباء المجمع المسكونيّ الرابع المنعقد في خلقدونيا سنة 451 (تركيا) وقد أكّدت الكنيسة في هذا المجمع إيمانها المستقيم بوحدة شخص المسيح وبالطبيعتين الإلهيّة والإنسانيّة فيه.
 إنّ المسيح واحد مع الآب في الجوهر وواحد مع البشر أيضا أي شبيه بنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة، وعليه فإنّ المسيح لم ينفصل ولم ينقسم إلى شخصين بل هو واحد بطبيعتيه الإلهيّة والإنسانيّة. هو طبيعتان متّحدتان دون اختلاط ولا تحوّل، دون انفصال ولا انقسام.

 في المقطع الإنجيليّ اليوم نقرأ ''أنتم نور العالم''، إنّ كلمات يسوع هذه، تعني بكلّ بساطة أنّه علينا أن نكون نموذجًا للآخرين ومثالًا لهم.
 لقد ساوانا يسوع بنفسه ولم يعد هناك فرق بينه وبيننا، بخاصّة عندما قال: "أنا نور العالم" ومن ثم "أنتم نور العالم" لذلك، لا يحقّ لنا أن نحجب نور الإنجيل عن نور أخينا.

وهنا، نطرح السؤال، كيف نكون نورًا وأبناء للنور؟ كلّ من يعمل السيّئات يبغض النور ولا يأتي إلى النور لئلّا يُفضح وتوبّخه أعماله، أمّا من يعمل الحقّ فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله لأنّها صنيعة الله ومن أعمال يديه.

 وعلى هذا الأساس، من أراد أن يكون نورًا مشعًّا عليه أن يعيش الفضيلة، أن يمارس الوداعة والتواضع، المحبّة والبساطة، العدل والإنصاف، أن يحمل قلبًا طاهرًا مسالمًا، أن يتبع يسوع المسيح ويعيش الحقّ، أن يحفظ كلام المسيح ويجعل حياته مرآة لهذا الكلام، وأخيرًا أن يشهد ويستشهد من أجل إيمانه الصحيح.
لذلك، كلّ من يحمل اسم يسوع المسيح هو تلميذ للمسيح، وكلّ مسيحيّ يحمل هذا الاسم ولا يعمل وفق مستلزماته يكون اسمه دينونة له وسيفًا مسلطًا على عنقه، لأنّ المسيحيّ لا يكون مسيحيًّا لذاته فقط، بل يكون كذلك أينما كان وحيثما حلّ. لأنّ النور لا يضيء لذاته بل يشعّ على الآخرين ويكون المسيح نوره، فإن عمّ ضياؤه الكونَ كان تلميذًا حقيقيًّا ليسوع، وابنًا للنور يضيء كالشمس بهاء؛ فهل بإمكان أيّ إنسان أن يحجب نور الشمس؟

هكذا هي السيرة الصالحة، لا تخفى على أحد لأنّ الفضيلة كالنور تشعّ، تخترق الظلام تمحوه وتفضح سواده. والمسيحيّ يعيش الفضيلة لا لذاتها بل لأنّها طريقه إلى الله. والمسيحيّ إنسان مُشعٌّ، ينير سبيل الآخرين ويهديهم لأنّ حياته كلّها إنجيل، يعلّم الناس بحياته وبسيرته. إنّها مَهَمَّةٌ صعبة جدًّا، وهناك كثيرون قد اجتازوها بنجاح وقد سُمّوا قدّيسين وأبرارًا وشهداء، لأنّهم أدركوا عمق الكلمة المزروعة في نفوسهم، وعملوا على تنميتها بجهادهم وصبرهم وصاروا قدوة، نعم! صاروا بحياتهم موعظة.

 إنّ الآباء القدّيسين الذين نُعيّد لهم اليوم احترقوا بنور المسيح بدافع إيمانهم الصحيح والعميق به، ومحبتهم غير المحدودة له، لذلك، تلألأوا، وتمجّد فيهم الله. نُعيّد لهم لأنّهم حافظوا على الوديعة، وديعة الإيمان القويم وبيّنوا العقيدة الصحيحة، فعلّموها وماتوا من أجلها وكانوا أنوارًا للعالم أجمع.
 فلنؤمن بالمسيح إلهنا الحقيقيّ إيمانًا صحيحًا بعيدًا من الهرطقات والمُماحكات الناموسيّة والخصومات ولنحفظ وصاياه ونسلك كأبناء للنور كما يوصينا الرسول بولس في رسالته إلى أفسس ''اسلكوا كأبناء للنور'' ولنتخلّ عن ضعفاتنا وخطايانا وأهوائنا ولا نرجو إلا نور وجهه نستمدّ منه الضياء لنعكسه على الآخرين.

+  الأسقف قسطنطين
رئيس دير مار الياس شويا البطريركيّ
 
طروباريّة القيامة باللحن الرابع

إنّ تلميذات الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
 
طروباريّة الآباء باللحن الثامن
أنتَ أيها المسيح الإله الفائق التسبيح، يا من أسستَ آباءَنا القدّيسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هدَيتنا جميعًا إلى الإيمان الحقيقيّ، يا جزيل الرحمة المجد لك.
 
القنداق باللحن الثاني
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
 
الرسالة: تيطس 3: 8-15
مباركٌ أنت يا ربُّ إله أبائنا،
لأنَّك عدلٌ في كلّ ما صنعتَ بنا


يا ولدي تيطُس صادقةٌ هي الكَلِمةُ وإيَّاها أُريدُ أن تقرِّرَ حتَّى يهتمَّ الذين آمنوا باللهِ في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمالُ الحسنةُ والنافعة. أما المُباحَثات الهذَيانيَّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمماحكاتُ الناموسيَّة فاجتنِبْها. فإنَّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُل البدعَةِ بعدَ الإنذار مرَّةً وأُخرى أعرِض عنهُ، عالِمًا أنَّ مَن هو كذلك قدِ اعتَسفَ وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسلتُ إليكَ أرتِماسَ أو تِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عزمتُ أن أُشتيَ هناك. أما زيناسُ معلِّم الناموس وأبُلُّوسُ فاجتَهد في تشييعهما متأهّبين لئلّا يُعوزَهما شيءٌ، وليتعلَّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصالِحةِ للحاجاتِ الضَّروريَّة حتَّى لا يكونوا غيرَ مثمرين. يسلّمُ عليكَ جميعُ الذين معي، سَلِّمْ على الذين يُحبُّوننا في الإيمان. النّعمةُ معكم أجمعين.
 
الإنجيل: متّى 5: 14-19

قال الربُّ لتلاميذه: أنتم نورُ العالَم. لا يمكنُ أن تَخفْى مدينةٌ واقعةٌ على جبلٍ، ولا يُوقَد سِراجٌ ويُوضَعُ تحتَ المكيال لكِنْ على المنارة ليُضيءَ لجميع الذين في البيت. هكذا فليُضئ نورُكم قدَّام الناس ليَروا أعمالكم الصالحةَ ويُمَجدوا أباكم الذي في السماوات. لا تَظُنّوا أنّي أتيتُ لأحُلَّ الناموسَ والأنبياءَ، إنّي لم آتِ لأحُلَّ لكن لأُتممّ.
الحقَّ أقول لكم إنَّهُ إلى أن تَزولَ السماءُ والأرضُ لا يزولُ حَرْفٌ واحدٌ أو نُقطةٌ واحِدةٌ من الناموس حتّى يَتمَّ الكلُّ. فكلُّ مَن يَحُلُّ واحدةً من هذه الوصايا الصغار ويُعَلّمُ الناسَ هكذا، فإنَّهُ يُدعَى صغيرًا في ملكوتِ السماوات. وأمَّا الذي يعمَلُ ويُعلّم فهذا يُدعى عظيمًا في ملكوت السماوات.
 
في الإنجيل
                بالنعمة نسلُك ونَخلُصُ
رُبّ سائلٍ يسأل: يا ترى ما هي أعظم عطيّة منحها الله للإنسان؟

 عندنا نحن المسيحيّين الجواب حاضر دائمًا بلا تردّدٍ، فإنّ أعظم عطيّة غنمها الإنسان، هي أنّ الله الآب، الباثق الروح، أرسل لنا روحه القدّوس ليسكن فينا. هذا الروح الساكن فينا يُرافقُنا، يُساندنا ويجهّزنا للعرس السماويّ! فهو يَعمَل على تجديدنا حتّى نكون على صورة المسيح، مُذ دُفنّا وقُمنا معه بالمعموديّة.

بداية طريقنا نحو العرس السماويّ تكون بالإيمان بهذه العطيّة، بهذه النعمة التي حُزناها في جرن المعموديّة. فبالإيمان نسعى إلى الحفاظ على هذه النعمة الساكنة فينا، وذلك بسلوك دروب الصلاة وعيش حياة ملؤها المحبّة التي هي أوّل الوصايا. وهذه المحبّة تظهر من خلال تعاطينا مع محيطنا بهدوء وسلام بعيدًا من المشاحنات والنقاشات الغبيّة، وهذا ما يطلبه رسول الامم في رسالة اليوم من تلميذه تيطس.

نَعَم إنّها نقاشات غبيّة لأنّ معظم الناس يدخلونها إنطلاقًا مِن حُبِّ الظهور وإبرازًا للأنا. يدخلونها ليس بهدف اكتساب المعرفة الحقيقيّة المؤدّية إلى طريق الخلاص وليس بهدف إعلان مجد الله، إنّما لتحقيق مجدٍ ذاتيّ. نحن مدعوّون اليوم إلى ترك هذا النوع من النقاشات لأنّها تُفقِدُنا هدوءنا وسلامنا، لأنّها لا تُنتِجُ سوى الخصومات التي تَنتفي معها المحبّة. فالخصومات والمشاحنات هي تعب بلا جدوى لأنّها تشبه محاولة الزرع في الصخر، فعلى كلّ مؤمن الابتعاد عن مناقشة الإنسان الجاحد العنيد المتمسّك برأيه، الإنسان الّذي متى كلّمه أحدهم بكلام الحقّ ازداد عِناده وأضمرَ الحقدَ في نفسه.

علينا أن نتذكّر دائمًا أنّنا بالمعموديّة نلبس ثوب النقاوة الأبيض ولكنّ سواد هذا العالم وشرّه يلوّثان هذه النقاوة، فنحن نعيش في هذا العالم ونتأثّر بالشرّ بِفِعل شهوات الجسد انطلاقًا مِن حواسّنا. وهنا نسمع بولس الرسول يدعونا إلى أن نَغتَسِلَ دائمًا بالنعمة وأن نحافظ على نقاوة اللباس بالتوبة، إنّه يطلب مِنّا أن نؤمن بأنّ الروح القدس يُساعدنا على غسل الأوساخ البهيميّة الفاسدة لِنَلبَسَ عدم الفساد فنسلك في هذه الأرض لابسين النور المحيي عابرين باتّجاه أورشليم العلويّة الجديدة.

أيّها المؤمنون، إنّ الخلاص يكون بفضل نعمة الروح القدس الّتي بها تَقَرّرَت القوانين في المجامع المقدّسة وبهذه النعمة ننال روح الفهم والحكمة والتمييز، فتأتي جميع أعمالنا لنشر المحبّة والوداعة في عالمنا أينما حَلَلنا، ومن دون هذه النعمة تكون كلّ أفعالنا وأقوالنا مجَرّد صُنج يطنّ ونحاس يرنّ. فلنجعل ضمائرنا نقّية مِن صدأ الخطيئة وليهدف كُلّ ما يَصدر عنّا مِن أقوالٍ وأفعالٍ إلى إعلان مجد الله لِنحصد فرحة اللقاء الأبديّ مع إلهنا السرمديّ، له وحده المجد إلى أبد الدهور، آمين.
 

المجمع المسكونيّ الرابع

نعيّد اليوم لتذكار المجمع المسكونيّ الرابع، أي مجمع خلقيدونيّة. وقد كان تذكار مجمع خلقيدونيّة بالذات أوّل احتفال عقائديّ في ليتورجيّة الكنيسة، وقد فرضه الشعب المؤمن أوّلًا. لذا وجب علينا أن نعرف نحن المؤمنين تاريخ هذا المجمع باختصار، وتحديداته الإيمانيّة وما تعنيه لنا نحن المسيحيّين اليوم.
انعقد المجمع المسكونيّ الكبير المقدّس الرابع في خلقيدونيّة عام ٤٥١ م.، وشارك فيه ٦٣٠ أبًا، معظمهم من الأبرشيّات الشرقيّة. وعلى رأسهم القدّيس أناطولوس Anatolius  القسطنطينيّ (عيده في ٣ تموز)، وممثلو بابا روما القدّيس لاون  Leonمكسيموس الأنطاكيّ، والقدّيس جوفينال Juvenal الأورشليميّ (عيده في ٢ تمّوز). عُقد هذا المجمع، وهو الأكبر الذي عرفته الكنيسة حتّى ذلك الحين، بدعوة من الإمبراطورين التقيَّيَن مركيانوس والقدّيسة بولخرياPulcherie  (عيدها في ١٧ شباط)، بهدف إعادة السلام والوحدة اللذَين زعزعهُما مجمع أفسس اللصوصيّ (٤٤٩ م.)، ولإدانة بدعة أفتيخيس Eutyches.

تاريخيًّا، بعد المجمع المسكونيّ الثالث (431 م.)، الذي انعقد في أفسس، توصّل أنصار المدرستين اللاهوتيّتين في الإسكندريّة وأنطاكيّة بصعوبة إلى تفاهم حول صيغة الإيمان المتعلّقة باتّحاد الطبيعتين الإلهيّة والبشريّة في المسيح.

كان الأرشمندريت أفتيخيس، وهو رئيس دير قرب القسطنطينيّة، أحد معاوني القدّيس كيرلّس الإسكندريّ. وفي سعيه إلى محو كلّ آثار النسطوريّة، متمسكًا بعقيدة هذا الأب الكبير في الإيمان (كيرلّس)، أكّد أنّ الطبيعتين، الإلهيّة والإنسانيّة، لم يعد من الممكن التمييز بينهما بعد التجسّد، كأنّ الطبيعة البشريّة للمسيح قد "امتصتها" طبيعته الإلهيّة بطريقة ما.

بينما فصل نسطوريوس الطبيعتين فصلًا تامًّا، سقط أفتيخيس، بسبب كبريائه، في بدعة معاكسة وتحدّث عن "خلط" أو "اندماج الطبيعتين في واحدة: الطبيعة الإلهيّة". يؤدّي هذا المفهوم، الذي دُعِيَ "الطبيعة الواحدة" monophysisme، إلى الاستنتاج أنَّ إمّا المخلّص ليس حقًّا من طبيعة الآب والروح القدس، أو أنّه لم يتّحد مع طبيعتنا البشريّة.

بعد أن اكتشف يوسابيوس أسقُف دوريليوم في آراء أفتيخيس بدعةً تُبطل سرّ الخلاص بأكمله، عُقد مجمع محلّيّ في القسطنطينيّة برئاسة القدّيس فلافيانوس Flavianus ، سنة 448 م.، وأدان أفتيخيس. لكن بفضل الدعم الذي لأفتيخيس في بلاط الإمبراطور ثيوذوسيوس الثاني من جهة، وتدخّل رئيس أساقفة الإسكندريّة، ذيسقوروس، نجح الهرطوقيّ في قلب الأمور لصالحه. 

عُقِدَ في أفسس بطلب من الإمبراطور وذيوسقوروس مجمع سنة 449 م، وعن طريق القوّة والعنف والإجبار، أعيد اعتبار أفتيخيس، وأدين القدّيس فلافيانوس وعزل، وقد توفّي بعد ذلك بوقت قصير متأثّراً بسوء المعاملة التي لحقت به. وقد دُعي هذا المجمع في التاريخ "مجمع أفسس اللّصوصيّ".
عند وفاة ثيوذوسيوس الثاني، اعتلت العرش الإمبراطوريّ أخته القدّيسة بولخريا وزوجها ماركيانوس. وبالتوافق مع القدّيس لاون الكبير بابا روما، دعيا الأساقفة إلى مجمع مسكونيّ لتحديد الإيمان الأرثوذكسيّ، ولرفع الظلم واستعادة السلام. انعقد أوّلًا في نيقيّة في أيلول عام 451 م.، ثمّ نُقِلَ إلى مدينة خلقيدونيّة، في بازيليك القدّيسة أوفيميا (عيدها في 11 تموز).

خلال ستّ عشرة جلسة، من 8 تشرين الأوّل إلى 1 تشرين الثاني، عمل الآباء أوّلًا على إدانة لصوصيّة مجمع أفسس، وعزل قادته، أفتيخيس وذيسقوروس، وإعادة الاعتبار إلى القدّيس فلافيانوس ولو بعد وفاته؛ ثمّ كرّروا إدانة نسطوريوس التي أعلنها قبلًا مجمع أفسس المسكونيّ، وركّزوا بشكل خاصّ على دحض هرطقة أفتيخيس المونوفيزيتي.

باستخدام نفس الأسلوب التوافقيّ الذي استخدمهُ القدّيسان كيرلّس الإسكندريّ ويوحنّا الأنطاكيّ (433 م.)، نجح آباء مجمع خلقيدونيّة في التوفيق بين وجهات النظر المختلفة للإسكندريّة وأنطاكية وروما وأكملوا عمل المجمع المسكونيّ الثالث من خلال تحديد دقيق لعقيدة شخص المسيح المخلّص (العقيدة الخريستولوجيّة).

وبعد أن درس الآباء حجج أفتيخيس، على ضوء الكتاب المقدّس وقرارات المجامع السابقة، حرموا كلّ من أضاف أو نقص شيئًا من إيمان المجامع المسكونيّة الثلاثة الأولى، واستنادًا إلى رسالة القدّيس ليون إلى فلافيانوس، الذي اعتبروه عمودًا من أعمدة الأرثوذكسيّة، وضعوا تعريفًا للإيمان، أُعلن رسميًّا، بحضور الإمبراطور، في الجلسة السادسة، في 22 تشرين الأوّل:

"بناءً على الآباء القدّيسين، فإنّنا جميعًا نُعلِّم بالإجماع أنّنا نعترف بابنٍ واحدٍ ربّنا يسوعَ المسيح، هو نفسُه كاملٌ في لاهوتِه وكاملٌ في ناسوتِه، هو نفسُه إلهٌ حقيقيٌ وإنسانٌ حقيقيّ، مؤلَّف من نفسٍ عاقلةٍ وجسد، واحدٌ (متساوٍ) في الجوهرِ مع الآب حسب لاهوتِه، وهو نفسُه واحدٌ في الجوهر معنا حسبَ الناسوت، مِثلَنا في كلِّ شيءٍ ما عدا الخطيئة؛ مولودٌ من الآبِ قبل الدهورِ حسبَ اللاهوت، وهو نفسه، في الأزمنةِ الأخيرة، مولودٌ من العذراء مريم، والدة الإله، من أجل خلاصِنا بحسبِ الناسوت: هو نفسُه المسيح، الابن، الربّ، الوحيد Monogène، معروفٌ أنَّه في طبيعتين، بلا اختلاط، بلا تحوّل (تغيير)، بلا انقسام، بلا انفصال، لا يُلغَى اختلافُ الطبيعتين بأيِّ شكلٍ من الأشكال بسبب الاتّحاد، بل يُحافَظُ على خاصّية كلٍّ منهُما وتلتقي بالأُخرى في شخصٍ واحدٍ وأقنومٍ واحد؛ هو نفسُه المسيح، الذي لا ينقسم ولا يتجزّأ إلى شخصين، بل هو الربُّ الواحدُ يسوعُ المسيح، الابنُ الوحيد، الله الكلمة، كما أَعلن الأنبياء القدماء، وكما علَّمَنا يسوعُ المسيح نفسه، وكما سلَّمنا إيّاه قانون إيمان الآباء."

عند سؤال الإمبراطور مركيانوس عن تأكيد هذا الإعلان، صاح الجميع: "نحن جميعًا نؤمن بهذا. إيمانٌ واحد، وحكمٌ واحد. كلُّنا على رأيٍ واحد. لقد وافقنا جميعًا بالإجماع. كلُّنا أرثوذكسيّون. هذا هو إيمان الآباء. هذا هو إيمان الرسل. هذا هو الإيمان الذي خلّص العالم" (استخدم ناظمو سينوذيكون الأرثوذكسيّة هذا التعبير مجدّدًا سنة 843 م. في احتفال أحد الأرثوذكسيّة).

بهذا التعريف للإيمان، الفريد في عمقِه ودقّتِه، أَقرَّ الآباء القدّيسون بالاتّحاد الحقيقيّ للطبيعتين - الإلهيّة والإنسانيّة - في شخصِ كلمةِ الله الواحد. وبفضلِ إيمان خلقيدونيّة، الذي أوضحَهُ لاحقًا آباءٌ مثل القدّيس مكسيموس المعترف والقدّيس يوحنّا الدمشقيّ، نفهمُ نحن الأرثوذكس أنَّهُ بالعيشِ في المسيح "الإله-الإنسان"، يمكننا أنْ نتَّحِدَ بالله، مُؤَلَّهين، دونَ أن نفقد هويّتَنا الطبيعيّة (الإنسانيّة).

إنَّ الاتّحادَ غير المختلَط بين الألوهيّةِ والإنسانيّةِ في المسيح، بحسب الأقنوم، يُصبحُ اتّحادًا غيرَ مختلَط بين الطبيعَتَين في المسيحيّين المؤمنين، البشريّة من جهة والإلهيّة بنعمة الروح القدس من جهة أخرى. إنَّ هدف الكنيسة، التي هي فعلًا استمرار المسيح الإله-الإنسان بيننا إلى نهاية الزمان، هو أن تقودنا إلى مقدار ملء المسيح (أفسس 4: 13)، أي إلى "تأليه-الإنسانيّة" الكامل.

كلّ تقليدِنا الإيمانيّ الأرثوذكسيّ ينبعُ من شخصِ المخلّص ويعودُ إليه، كلّ شيءٍ هو "إلهيّ-إنسانيّ": العقيدة، الأسرار، الأخلاق، النسك والصلاة، الليتورجيا، فنّ الأيقونات، والموسيقى الكنسيّة. كلّ شيء هو إنسانيّ، حِسّيّ وتاريخيّ، وفي الوقت نفسه يتألَّه بالكامل بقوّة الروح القدس، بحيث يكون المسيح هو الذي "يحيا" حقًّا في كلّ واحد منّا وفي كلّ وجه من وجوه جسده السرّيّ. لذا، فإنّ الإله-الإنسان، كما حدّده مجمع خلقيدونيّة، هو بالنسبة إلينا، نحن المسيحيّين الأرثوذكس، "القيمة العُليا والمعيار النهائيّ للحقيقة"، لأنّه فيه ومن خلاله نصل إلى الله وننال كرامة أبناء الله.

لذلك تشكّل المعموديّة المستقيمة وبالتالي الإيمان المستقيم بالإله-الإنسان المنطلق الوحيد للمناولة المقدّسة في سرّ الإفخارستيّا، أي للاتّحاد بجسده في الكنيسة.
للأسف، لأسباب عقائديّة وتاريخيّة وقوميّة، رفض السّريان والأقباط (مع الأثيوبيّين) والأرمن قرارت هذا المجمع، وانفصلوا عن إيمان الكنيسة المستقيم، مشدّدين بعناد من جهة، وبعدم وضوح من جهة أخرى، على أنّ كلمة الله بعد تجسّده له طبيعة واحدة فقط. رغم أنّهم دَعوا أنفسهم "أرثوذكس" (لكي يتميّزوا عَمَّنْ التحق منهم باللّاتين في القرن الثاني عشر)، إلّا أنَّهم انحرقوا عن الإيمان وليسوا بمستقيمي الرأي.

ورغم أنّ بعض الأوساط في كنيستنا تزعم أن الفرق بيننا وبينهم هو لفظيّ فقط، إلّا أنّه أعمق بكثير، ويطال مفهوم التألّه الذي لم يفهموه وما زالوا يرفضونه حتّى اليوم. حاليًّا، لا يمكن أن تتمّ وحدة إيمانيّة بين كنيستنا والمونوفيزيت إلّا بقبولهم تحديدات المجمع المسكونيّ الرابع أي بإقرارهم بإيمان مستقيم وواضح بشخص يسوع المسيح في طبيعتين، الذي هو جوهر إيمان الكنيسة كما أشرنا. نأمل أن يعود الوفاق إلى الإيمان الواحد المستقيم، عبر مجمع مسكونيّ مستقيم مستقبليّ، وليس من خلال آراء شخصيّة فرديّة.
 
أخبارنا
رعيّة أميون عيد القدّيسة مارينا


- الاثنين ١٤ تمّوز: صلاة براكليسي القدّيسة مارينا الساعة ٦:٣٠ مساءً تخدمها جوقة الأبرشيّة مع جوقة الرعيّة، يليها الزيّاح بالذخائر والتبرّك منها.
- الثلاثاء ١٥ تمّوز: أمسية تراتيل لجوقة الأبرشيّة للأولاد الساعة ٦:٣٠ مساءً.
- الأربعاء ١٦ تمّوز: صلاة الغروب الاحتفاليّة تخدمها جوقة الأبرشيّة الساعة ٦:٣٠ مساءً.
- الخميس ١٧ تمّوز: صلاة السّحريّة الساعة ٨:٣٠ صباحًا يليها قدّاس العيد الساعة ٩:٣٠ برئاسة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام.