الأحد 24 آب 2025
20 آب 2025
الأحد 24 آب 2025
العدد 34
الأحد 11 بعد العنصرة
اللحن الثاني، الإيوثينا الحادية عشرة
أعياد الأسبوع:
24: الشَّهيد في الكهنة إفتيشيس، قزما الإيتوليّ، 25: عودة جسد برثلماوس الرَّسول، الرَّسول تيطس، 26: الشَّهيدان أدريانوس ونتاليا ورفقتهما، 27: البارّ بيمن، الشَّهيد فانوريوس، 28: البارّ موسى الحبشيّ، 29: قطع رأس يوحنَّا المعمدان (صوم)، 30: القدِّيسون ألكسندروس ويوحنَّا وبولس الجديد بطاركة القسطنطينيّة.
الأحد الحادي عشر بعد العنصرة
القراءة الإنجيليّة من متّى 23:18-35
المقطع الإنجيليّ اليوم يتكلّم على مَثل الملك الذي سامح عبده وترك له كلّ الدين الكثير، في حين أنّ العبد لم يسامح رفيقه على دَينه القليل.
يبدأ المثل بالقول: "إنسانًا ملكًا أراد أن يحاسب عبيده". في معظم الأمثال يُشير الربّ يسوع إلى ذاته بالقول "إنسانًا ملكًا" الربّ يسوع هو كلمة الله وملك الملوك الذي تأنّس (صار إنسانًا) لأجلنا. أراد أن يحاسب عبيده وفي هذا إشارة إلى يوم الدينونة حيث سيأتي بمجدٍ ليدين الأحياء والأموات.
لقد بدأ السيّد بالمحاسبة وأُحضر إليه عبد مدين له بعشرة آلاف وزنة، "الوزنة" وحدة قياس للوزن في ذلك الوقت وتمثّل قيمة كبيرة ليس من المتفّق كم هي بالتحديد، ولكن ربما تعادل ما قيمته نصف مليون ليرة ذهبيّة. لقد كان هذا دينًا هائلًا حتّى بالنسبة إلى بلد بأكمله فناهيك عن خادم عبد. أمّا العبد فكان دائنًا للعبد الآخر بمئة دينار فقط. أراد السيّد من هذا المثل المقارنة بين حجم الخطايا الكثيرة التي نرتكبها تجاه الله والخطايا القليلة التي نرتكبها بعضنا تجاه بعض.
لم يستطع هذا العبد أن يوفي هذا الدين الكبير، فأمر سيّده أن يُباع هو وامرأته وأولاده وكلّ ماله ويوفى عنه، في ذلك الوقت وبموجب كلّ من القانونين الرومانيّ واليهوديّ كان يتمّ بيع المديونين الفقراء للعبوديّة مع عائلاتهم (خروج 2:21 ولاويّين 39:25) وقد كان هذا حُكمًا عادلًا ومنصفًا.
إنّ بَيع العبد مع امرأته وأولاده يعني حرمانه من حياته وانفصاله عن عائلته، وبالتالي حرمانه من الفرح والمحبّة اللذين كان يتمتّع بها بوجوده مع عائلته في خدمة الملك.
وأمام هذا الحكم العادل، كان موقف العبد أنّه: "خرّ ساجدًا له قائلًا تمهّل عليّ، فأوفيك كلّ مالك". لاحظ أنّه لم يطلب من السيّد أن يَعفيه من الدين، بل أن يمهله مزيدًا من الوقت حتّى يوفي الدين.
أمام سجود هذا العبد وتوسّله يقول الإنجيل: "فرقّ سيّد ذلك العبد وأطلقه وترك له الدين". لم يمنحه مهلة زمنيّة فقط كما طلب، ولكن أطلق سراحه وسامحه بكامل الدين. يعلّق الذهبيّ الفم قائلًا: "هل ترى هذا العطف اللامتناهي؟ لقد طلب العبد مزيدًا من الوقت، ولكنّه حصل على أكثر ممّا طلب! المغفرة ومسامحة الدين بكامله. لقد كانت رغبة السيّد منذ البداية مسامحة هذا العبد، ولكنّه أراد من العبد أن يطلب المسامحة والرحمة، حتّى لا يكون في وهم البراءة الذاتيّة".
بعد نيله هذا الغفران والمسامحة، خرج ذلك العبد ووجد عبدًا من رفقائه مديونًا له بمئة دينار فأخذ يخنقه قائلًا: أوفني مالي عليك. لقد خرج من حضرة الملك وعلى الفور وجد صديقه العبد المديون له، ليس بعد وقت طويل حتّى ينسى ما حصل معه وكيف تمّت مسامحته وغفرانه، ولكن على الفور.
لقد رقّ قلب الملك على عبده عندما توسّل إليه وترك له الدين كاملًا، أما العبد فلم يُشفق على صديقه الذي يدين إليه بمائة دينار فقط. لم يُظهر أيّة رحمه أو مغفرة، بل ألقاه في السجن حتّى يُسدّد الدين. هذا السلوك الذي تصرَّف به الدائن تجاه زميله العبد المدين يتصرّفه الإنسان تجاه أخيه الإنسان وإنّ مثل هذا السلوك يحوّل رحمة الله إلى عدالة، عدالة مخيفة.
لمّا علم السيّد بتصرّف العبد دعاه وقال له: " أيّها العبد الشرير كلّ ما كان عليك تركته لك، لأنّك طلبت منّي، أفما كان ينبغي لك أن ترحم أنت أيضًا رفيقك كما رحمتك أنا؟".
لقد أعطى الملك للعبد درسًا في الغفران والمسامحة علّه يحذو حذوه ويعامل الآخرين بنفس الطريقة، وعندما فشل في ذلك فإنّ رحمة السيّد وغفرانه تحوّلا إلى غضب وعدالة مخيفه. "غضبَ سيّده ودفعه إلى المعذّبين حتّى يوفي جميع ما عليه". وفي هذا استحالة كون الدين كبيرًا جدّاً ويحتاج ليس فقط إلى حياة واحدة، بل إلى عدة حيوات حتّى يتمكّن من تسديد القليل منه.
ينتهي المقطع الإنجيلي بالقول: "هكذا أبي السماويّ يصنع بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كلّ واحد لأخيه زلّاته". هذه هي الرسالة الأساسيّة للمثل. يعلّمنا هذا المثل بوضوح أنّه إذا لم نغفر لإخوتنا الذين يخطئون إلينا دين خطاياهم، سوف نُدان نحن بنفس العقوبة.
لقد أعطانا السيّد له المجد أعظم درس في الغفران والمسامحة وهو على الصليب، قبل أن يُسلم الروح طلب من أبيه السماويّ قائلًا: "يا أبتي اغفر لهم لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون" (لوقا 34:23) ولكنّه أيضًا علّم تلاميذه، ونحن من بعدهم، أنّه كلّما صلّينا الصلاة الربانيّة، الصلاة التي نتلوها في كلّ خدمة وليتورجيا ونقول: "واغفر لنا ما علينا كما نغفر نحن لمن لنا عليه". إنّ غفران السيّد خطايانا عطيّة مجانيّة غير مشروطة، ولكنّه ينتظر منّا نحن أبناءه أن نغفر ونسامح بعضنا بعضًا حتّى نكون على مثاله ونعترف به إلهًا رحومًا ومحبًّا للبشر. آمين.
+ باسيليوس
متروبوليت أوستراليا، نيوزيلندا والفيليبين
طروباريّة القيامة باللحن الثاني
عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتك وعندما أقمتَ الأموات من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويِّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك.
قنداق تقدمة ميلاد السيّدة باللحن الرابع
إنّ يواكيم وحنّة من عار العقر أُطلقا، وآدم وحواء من فساد الموت أعتقا بمولدِك المقدَّس أيّتها الطاهرة. فله أيضًا يعيِّدُ شعبُكِ إذ قد تخلَّص من وصمة الزلّات، صارخًا نحوكِ: العاقرُ تلِد والدة الإله المغذية حياتنا.
الرسالة: 1 كو 9: 2-12
قوّتي وتسبحتي الربُّ
أدبًا أدَّبني الربُّ
يا إخوةُ، إنَّ خاتَمَ رسالتي هوَ أنتمُ في الربّ. وهذا هو احتجاجي عندَ الذينَ يفحصونَني. ألعلَّنا لا سلطانَ لنا أن نأكلَ ونَشَرب. ألعلّنا لا سلطانَ لنا أن نجولَ بامرأةٍ أختٍ كسائر الرسلِ وإخوةِ الربِّ وصفا. أم أنا وبَرنابا وحدَنا لا سلطانَ لنا أن لا نشتَغِلِ. مَن يتجنَّدُ قطُّ والنفقةُ على نَفسِه؟ مَن يغرِسُ كرمًا ولا يأكلُ من ثمرهِ؟ أو مَن يرعى قطيعًا ولا يأكُلُ من لَبَن القطيع؟ ألعلّي أتكلَّم بهذا بحسبِ البشريَّة، أم ليسَ الناموس أيضًا يقولُ هذا. فإنّهُ قد كُتبَ في ناموسِ موسى: لا تَكُمَّ ثورًا دارسًا. ألعلَّ الله تَهمُّهُ الثِيران، أم قالَ ذلك من أجلِنا، لا محالة. بل إنَّما كُتِبَ من أجلنا. لأنَّه ينبغي للحارثِ أن يحرُثَ على الرَجاءِ، وللدارسِ على الرجاءِ أن يكونَ شريكًا في الرجاءِ. إن كُنَّا نحنُ قد زَرَعنا لكم الروحيَّات أفيكونُ عَظيمًا أن نحصُدَ مِنكُمُ الجسديَّات. إن كانَ آخرونَ يشتركونَ في السلطان عليكم أفلَسنا نحنُ أولى. لكنَّا أولى. لكنَّا لم نستعملْ هذا السُلطان، بل نحتَمِلُ كلَّ شيء لئلاَّ نُسبِّبَ تعويقًا ما لِبشارةِ المسيح.
الإنجيل: متى 18: 23-35 (متى 11)
قال الربُّ هذا المثَل: يُشبِه ملكوتُ السماوات انسانًا مَلِكًا أراد أن يحاسِبَ عبيدَهُ. فلمَّا بدأ بالمحاسبةِ أحضِر إليهِ واحدٌ عليهِ عشَرَةُ آلافِ وزنةٍ. وإذْ لم يكنْ لهُ ما يوفي أَمَرَ سيدُهُ أن يُباعَ هو وامرأتُهُ وأولادُهُ وكلُّ ما لهُ ويُوفي عنهُ. فخرَّ ذلكَ العبدُ ساجدًا لهُ قائلاً: تمهَّلْ عليَّ فأوفيَكَ كلَّ ما لَك. فَرَقَّ سيّدُ ذلك العبدِ وأطلقَهُ وترك لهُ الدَّين. وبعدما خرج ذلك العبدُ وجدَ عبدًا من رُفَقائهِ مديونًا لهُ بمئةِ دينارٍ، فأمسَكَهُ وأخذ يَخْنُقُه قائلاً: أوفِني ما لي عليك. فخرَّ ذلك العبدُ على قَدَميهِ وطلبَ إليهِ قائلاً: تمهَّلْ عليَّ فأوفيَكَ كلَّ ما لَك. فأبى ومضى وطرحهُ في السجنِ حتّى يوفيَ الدَّين. فلمَّا رأى رُفقاؤُهُ ما كان حَزِنوا جدًّا وجاؤُوا فأعْلَموا سيّدَهم بكلِّ ما كان. حينئذٍ دعاهُ سيّدُهُ وقال لهُ: أيُّها العبدُ الشّريرُ، كلُّ ما كان عليك تركتُهُ لك لأنّك طلبتَ إليَّ، أفمَا كان ينبغي لك أنْ ترحَمَ أنتَ أيضًا رفيقَك كما رحمْتُك أنا. وغضِبَ سيّدُهُ ودفعهُ إلى المعذِّبينَ حتّى يوفيَ جميعَ ما لهُ عليهِ. فهكذا أبي السماويُّ يصنعُ بكم إنْ لم تَتْركوا من قلوبِكم كلُّ واحدٍ لأخيهِ زلاَّتِهِ.
في الإنجيل
سَمِعنا في تلاوةِ إنجيلِ اليوم من متّى مَثَلَ العبدِ العديمِ الشّفقة. أمثالُ الرَّبِّ يَسُوعَ تتميّزُ ببساطتِها وانطلاقِها من واقعِ حياةِ الإنسان، لنتعلّمَ منها دروسًا تتعلّقُ بِخَلاصِ نفوسِنا. فما هو الدَّرسُ الذي يُعطينا إيّاهُ الرَّبُّ مِن هذا المَثَل؟
ظاهرُ المَثَلِ يتمحوَرُ حولَ عبدٍ عليه ديونٌ كثيرةٌ للمَلِك لا يستطيعُ إيفاءَها، ويتدرَّجُ كالآتي:
- ارتعادُ العبدِ أمامَ المَلِكِ خوفًا من العقوبةِ المتأتّيةِ عن تأخُّرِهِ في إيفاءِ الدَّين.
- الْتِماسُ الرّحمةِ والحصولُ عليها.
- عدمُ الشَّفقة على العبدِ الآخَر.
- عِلْمُ الملِكِ بما حدث، وعودةُ العبدِ إلى وضعِهِ كَمَدِين.
كُلٌّ مِنّا هو العبدُ المَدِينَ الذي يتحدّث عنه المَثَل. والمَلِكُ هو الله. في كُلِّ اجتماعٍ لَنا مع الله، أي في الكنيسة، نُواجهُ اللهَ خائفِينَ مِن كثرةِ خطايانا، وطالبِينَ منه الرحمةَ والتمهُّلَ علينا لكي نتوبَ عن شرورِنا الكثيرة.
اللهُ يتحنَّنُ علينا عندما نطلبُ منه ذلكَ بتواضُع، لا سيّما إذا أقبَلْنا إلى سرّ الاِعتراف، فنخرجُ مرتاحينَ فَرِحِينَ لِحُصُولِنا على رحمتِهِ العظيمة.
إلّا أنَّ صِدقَ توبتِنا على المِحَكّ، ولا ينكشفُ إلّا في سُلُوكِنا بعدَ الحصولِ على الغفران. فإذا تعلَّمْنا مِن رحمةِ الله أن نَرحَمَ إخوتَنا، تكونُ توبتُنا صادقة، ونستحقُّ نعمةَ الله؛ أمّا إذا بَقِيَتْ قلوبُنا على قَسْوَتِها، فمعنى ذلك أنّ الأنانيةَ راسخةٌ في النَّفْس، وهي الّتي تجعلُ الواحدَ منّا يَفرحُ بتزكيةِ نفسِه أمامَ الله، وَيُرضِي غرُورَهُ وكبرياءَهُ الدَّفينةَ بهذه الطريقة، دونَ أن يُرِيدَ هذه النّعمةَ نفسَها لِلآخَرِين. وليس هذا ما يريدُه الله.
اللهُ يريدُ أن يرحمَني، ويتوقّعُ منّي أن أُعامِلَ الآخَرِينَ بالرّحمة.
والخلاصة: إذا أردْتَ أن تَخلُصَ، لا تَكُنْ دَيّانًا لِلآخَرِينَ، ولا راصِدًا لِذُنُوبِهِم.
العمق بدل السطح
"وغاص بطرس إلى العمق وقال: على كلمتك ألقي الشبكة" (لوقا 5:5)
نعيش في عالم يسحبنا باستمرار نحو السطح، سطحيّة في العلاقات، في المعرفة، في الإيمان... كلّ شيء سريع، مؤقّت، وعابر. لكنّ المسيح لا يدعونا إلى هذا النوع من الحياة. دعوته واضحة وصريحة: "ادخُلوا إلى العمق".
عندما قال الربّ لبطرس: "أبعد إلى العمق وألقِ شباكك" لم يكن يطلب منه مجرّد حركة جسديّة، بل كان يشير إلى سرّ الحياة الروحيّة الحقيقيّة: ألّا نكتفي بما هو خارجيّ، بل نغوص في ما هو أزليّ، ثابت ومُحيي.
ماذا يعني أن نغوص في العمق اليوم؟
أن نغوص في العمق يعني أن نرفض التديّن السطحيّ ونطلب علاقة حيّة مع المسيح.
ألّا نكتفي بحضور القدّاس، بل نسعى لفهم معانيه.
ألّا نصلّي بسرعة فقط لنؤدّي واجبًا، بل أن نوقِف الزمن ونُصغي إلى ما يقوله الله لنا.
ألّا نقرأ الإنجيل كمجموعة من القصص، بل ككلمة الله الحيّة التي تُخاطب قلوبنا اليوم.
الشبيبة، ليسوا مستقبل الكنيسة فقط، هم قلب الكنيسة اليوم. والمسيح لا يدعونا إلى حياة رماديّة، فاترة، بل إلى نارٍ تشتعل: "جئت لألقي نارًا على الأرض" إنّها نار الروح القدس التي تغيّر وتجدّد وتشفي وتبعث الحياة. لكنّ هذه النار لا تسكن القلوب الباردة أو المتردّدة. إنّها تسكن القلوب التي تغامر، التي تقول: "يا ربّ، لا أريد أن أعيش على السطح. خذني إلى العمق".
كيف نبدأ؟
• خصّص وقتًا يوميًّا للصلاة، ولو لبضع دقائق بصمت.
• شارك في حياة الكنيسة بصدق، في الليتورجيا، في الأسرار، في الخدمة.
• إقرأ الإنجيل كرسالة شخصيّة من الله إليك، وليس فقط ككتابٍ دينيّ.
• إبحث عن أب روحيّ يساعدك على تمييز طريقك.
العمق مخيف أحيانًا. لأنّه يعني أن نواجه ذواتنا، أن نُقلِق الراحة، أن نتغيّر. لكنّ العمق أيضًا هو مكان اللقاء الحقيقيّ مع المسيح. هناك فقط نختبر السلام الذي "يفوق كلّ عقل"، والفرح الذي لا يزول، والحرّيّة التي لا يقيّدها شيء.
فلنبتعد إلى العمق، لأنّ هناك يُصطاد الحبّ، وتُولد القداسة. آمين.