الأحد 27 نيسان 2025

الأحد 27 نيسان 2025

24 نيسان 2025
الأحد 27 نيسان 2025
العدد 17
أحد توما - الإيوثينا الأولى
 

أعياد الأسبوع:

27: الشَّهيد في الكهنة سمعان نسيب الرَّبّ، 28: التسعة المستشهدون في كيزيكوس، 29: الرَّسولان ياسنوس وسُوسِيباترس ورفقتهما، 30: الرَّسول يعقوب أخو يوحنَّا الثاولوغوس، 1: النبيّ إرميا، البارّة إيسيذورة، 2: نقل جسد القدِّيس أثناسيوس الكبير، 3: الشَّهيدان تيموثاوس ومفرة.
 
إستنيروا وتجدّدوا فأورشليم جديدة
 
نسمّي الأسبوع الأوّل بعد أحد الفصح، أسبوع التجديدات، الذي فيه نجدّد تذكار قيامة ربّنا، وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح من بين الأموات. كما نعتبر هذا الأسبوع بأكمله، يومًا واحدًا، لأنّ نور القيامة المنبعث من القبر الخلاصيّ لا يعروه مساء.

التعييد للتجديدات عادة قديمة، كانت تجري في القديم، فعند حدوث أمر مهمّ أو فعل مشهور، كان يتمّ تجديد ذكراه في السنة التالية. وهذا ما حدث مع الشعب اليهوديّ عندما احتفلوا بتجديدات الفصح أي عبورهم من أرض مصر إلى أرض الميعاد، وذلك أيّام النبيّ يشوع كما يذكره الإصحاح الخامس من سِفره، فحلّ بنو إسرائيل في الجلجال وعملوا الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر مساء(يشوع ٥: ١٠) وكذلك كانت تتمّ التجديدات، في تذكارات تملّك الملوك لديهم وغيرها من المناسبات الهامّة.

أما إذا أردنا التحدّث عن فصحنا الجديد بالمسيح، أيّ عبورنا من الأرض إلى السماء، فهو أمر أعظم وأشرف، لأنّ قيامة الربّ هي أهمّ من جميع الأفعال السابقة التي حدثت في العالم، لأنّها تفوق العقول والأذهان. القيامة المجيدة لا نذكرها فقط في أحد الفصح وفي الأسبوع الذي يليه، وإنّما في كلّ يوم أحد خلال العام نقيم هذا التذكار الشريف ونجدّده.

هذا العيد الكبير يسمّى بالعبرانيّة"Peshekh"   كما نقول نحن بلغتنا العاميّة "فشخ" أي عبر.

فالفصح بلغتهم يعني العبور، أيّ اليوم الذي جاز فيه الشعب الإسرائيليّ البحر الأحمر وأنقذه الربّ من يد فرعون عدوّه.
أمّا بالنسبة إلينا نحن شعب الله الجديد، المتجدّد بالقيامة المقدّسة، فقد حصل العبور الأوّل الخلاصيّ، عندما انحدر الابن من السماوات وسكن في بطن الدائمة البتوليّة. وأمّا العبور الثاني فهو الانحدار وتحرير نفوس المؤمنين بالمسيح، من عمق أقصى الجحيم وإصعادها إلى السماوات. فهذا الفصح أعتق نفوس الصدّيقين، الذين ضبطهم الجحيم منذ الدهر.

في هذا العيد، نتّحد نحن المؤمنين على الأرض بالسماء، غافرين لأعدائنا ومرتّلين" لنصفح لمبغضينا عن كلّ شيء في القيامة" وذلك من أجل أن نكون متهلّلين مع الله والملائكة أيضًا فيكون فصحنا بالحقيقة، استنارة وضياء قداسة، متّحدين بالقدّوس الواحد وسائر القدّيسين.
 
طروباريّة الأحد الجديد باللحن السابع
إذ كان القبرُ مختومًا أشرقتَ منه أيّها الحياة، ولما كانتِ الأبوابُ مغلقة، وافيْتَ التلاميذَ أيّها المسيحُ الإلهُ قيامةُ الكلّ. وجدّدتَ لنا بهم روحًا مستقيمًا، بحسب عظيم رحمتك.

القنداق باللحن الثامن
ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوّةَ الجحيم، وقُمتَ غالبًا أيُّها المسيحُ الإله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قُلتَ افرحنَ، ولِرسلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانح الواقعينَ القيام.
 

 الرسالة: أع 5: 12-20
عظيم هو ربُّنا وعظيمة هي قوّتُه             
سبِحوا الربَّ فإنَّه صالِحٌ


في تلكَ الأيّام جَرَتْ على أيدي الرُّسُل آياتٌ وعَجائبُ كثيرةٌ في الشَّعب. (وكانوا كلُّهُم بِنَفْسٍ واحِدَةِ في رِواقِ سُليمان، ولم يكُنْ أحَدٌ من الآخَرينَ يَجترِئُ أنْ يُخالِطَهُمْ. لكنْ كانَ الشَّعبُ يُعظِّمُهمُ. وكانَ جماعاتٌ مِنْ رجال ونِساء ينضَمُّونَ بِكَثَرَة مُؤمِنينَ بالربِّ) حتّى إنَّ الناسَ كانوا يَخرُجونَ بالمرضى إلى الشَّوارِع ويضعونهُم على فرُشٍ وأَسِرَّةِ ليَقَعَ ولَوْ ظِلُّ بطرسَ عنِدَ اجتيازِهِ على بعْضٍ منهم. وكانِ يجْتمِعُ أيضًا إلى أورَشَليمَ جُمهورُ المدُنِ التي حوْلها يَحمِلون مرضًى ومعذَّبينَ مِنْ أرواح نَجِسة. فكانوا يُشْفَوْنَ جَميعُهُم. فقامَ رئيسُ الكهَنةِ وكلُّ الذينَ معهُ وهُمْ مِن شيعَةِ الصدُّوقِيّينَ، وامتلأوا غَيرةً، فألقوا أيدِيَهُم على الرُّسُلِ وجَعَلوهُم في الحبسِ العامّ، ففَتَحَ ملاكُ الربِّ أبوابَ السِّجنِ ليلًا وأخرَجَهُم وقالَ امْضُوا وَقفِوا في الهيكلِ وكَلِّموا الشَّعبَ بِجميع كلِماتِ هذه الحياة.

الإنجيل: يو 20: 19-31

لمّا كانت عَشيَّة ذلِكَ اليومِ، وَهُوَ أوَّلُ الأُسبوع والأَبوابُ مُغلَقةٌ حيثُ كانَ التلاميذُ مجتمِعينَ خوفًا مِنَ اليهودِ، جاءَ يسوعُ ووقفَ في الوَسْط وقالَ لَهم: السلامُ لكم. فلمَّا قالَ هذا أراهم يَدَيهِ وجَنبَهُ. ففرِحَ التلاميذُ حينَ أبصَروا الربَّ وقال لهم ثانية: السلامُ لكم. كما أرسَلني الآبُ كذلكَ أنا أرسِلُكم. ولما قالَ هذا نَفَخَ فيهم وقالَ لهم خذوا الروحَ القُدُسِ، مَن غفرتُم خطاياهم تُغْفَرْ لهم، ومَن أمسكتُم خطاياهم أُمسِكَتْ. أمَّا توما أحَدُ الاثنيَ عشرَ الذي يقالُ لهُ التوأَم فلم يكنْ معَهم حينَ جاءَ يسوع. فقالَ لهُ التلاميذُ الآخرونَ إنَّنا قد رأيْنا الربَّ. فقالَ لهُم إنْ لم أُعايِنْ أثرَ المساميرِ في يدَيْهِ وأضَعْ إصبَعي في أثرِ المساميرِ وأضَعْ يدي في جَنبِهِ لا أُومنِ. وبعدَ ثمانيةِ أيّامٍ كانَ تلاميذهُ أيضًا داخِلًا وتوما معَهم، فأتى يسوعُ والأبوابُ مُغلقَة، ووقفَ في الوَسْطِ وقالَ السلامُ لكم. ثمَّ قالَ لتوما: هاتِ إصبَعَكَ إلى ههنا وعَاينْ يَدَيَّ. وهاتِ يَدَكَ وضَعها في جَنبي ولا تَكُنْ غيرَ مُؤمنٍ بَل مؤمنًا.
أجابَ توما وقالَ لهُ رَبِّي وإلهي. قالَ لهُ يسوعُ لأنَّكَ رأيتني آمنت. طوبى للذينَ لَمْ يَرَوا وآمنَوا. وآياتٍ أُخرَ كثيرة صَنَعَ يسوعُ أمامَ تلاميذِهِ لم تكتَبْ في هذا الكتاب، وأمَّا هذهِ فقد كتبَتْ لتُؤمِنوا بأنَّ يسوعَ هو المسيحُ ابنُ الله. ولكي تكونَ لكم إذا آمنتم حياةٌ باسمِهِ.
 

في الإنجيل

الأحد الأوّل بعد قيامة ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح من بين الأموات يُسمّى "الأحد الجديد" أو "أحد توما".
وعبارة الأحد الجديد تعني أنّنا بقيامة الربّ يسوع من بين الأموات قد تجدّدنا، وأصبحنا نعيش حياة جديدة بيسوع المسيح القائم من بين الأموات، لأنّه قد نقلنا من الموت إلى الحياة.

والمقطع الإنجيليّ المخصّص لهذا اليوم يدور حول حدث ظهور الربّ للتلاميذ أوّلًا، ثمّ لتوما ثانيًا، ليزيل الشكّ من نفسه، ومن نفوس أولئك الذين حاولوا إخفاء قيامة الربّ يسوع ونكرانها، زاعمين بغباوتهم الزائدة أنّهم يستطيعون أن يخفوها. هؤلاء هم أعداء المسيح الألدّاء الذين دفعوا كميّة وافرة من النقود إلى الجنود الذين كانوا يحرسون قبره لكي يذيعوا كذبًا وبهتانًا أنّ تلاميذه قد سرقوه. فلأجل هذا شاء ربّ البرايا بأسرها، وسيّدها الجزيل الحكمة، أن يحقّق قيامته من الأموات، قد أعطى عليها براهين كثيرة إلهيّة وبشريّة وأهمّها ما يتضمّنه هذا النصّ الإنجيليّ الشريف.

كان التلاميذ مجتمعين "عشيّة ذلك اليوم وهو أوّل الأسبوع" أي أحد القيامة مساءً. كانوا عشرة فقط، لأنّ توما كان غائبًا، ويهوذا قد شنق نفسه. الأبواب مغلقة خوفًا من اليهود، خاف الرسل أن يأتي الجند ويعتقلوهم ويُحاكَموا ويُعدَموا كمعلّمهم. فجأة ظهر يسوع نفسه بينهم وقال لهم "السلام لكم" ليس هذا مجرّد تحيّة، يسوع القائم من بين الأموات يحمل السلام إلى تلاميذه ومنهم إلى العالم أجمع. وهذا السلام يختلف عن أيّ سلام دنيويّ، وهو السلام الذي نرجوه ونطلبه في كلّ صلاة، وهو "السلام الذي من العلى" هو السلام الذي قال عنه يسوع المسيح في سياق كلامه على موعد الروح القدس "سلامًا أترك لكم، وسلامي أعطيكم لا كما يعطيه العالم أعطيكم" (يوحنّا 14: 27).

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أربع نقاط أساسيّة عندما نتمعّن مليًّا في هذا النصّ وهي:
لماذا جاء الربّ يسوع في أوائل الليل؟

فقد جاء في أوائل الليل، لأنّ الرسل خوفًا من اليهود كانوا يجتمعون في منزلهم عند المساء. ومن ثمّ فقد جاء السيّد إليهم مساءً لكي يجدهم جميعًا مجتمعين

1- لماذا دخل والأبواب مغلقة؟
إنّه دخل والأبواب مغلقة،
أوّلًا: لئلّا يطرق الأبواب فيزعج التلاميذ ويذعرهم.
وثانيًا: حتّى عندما يشاهد تلاميذه تلك الأعجوبة يؤمنوا بقيامته من الأموات.
وثالثًا: ليعلّمنا نحن أنّه إنّما أتى إلى أولئك الناس الذين يغلقون أبواب نفوسهم، أي مشاعر أجسادهم لئلّا تدخلها الخطيئة. وقد حدث هذا بقوّة لاهوته.

2- لماذا وقف في الوسط؟
وقد وقف في الوسط ليراه جميع الحاضرين بلا مانع ويعاينوا يديه وجنبه.
ولكي يبيّن أنّه يحبّ الجميع على السواء ويعتني بالجميع، وكذلك يريد خلاص الجميع.

3- لماذا قال سلام لكم؟

وقد قال لهم "سلام لكم" لأنّه إنّما جاء إلى العالم ليتمّم عمل السلام.
فقد نقض حائط السياج المتوسّط، وجمع المتفرّقات وصالح الإنسان مع الله، كما صرّح بذلك بولس الرسول قائلًا: "لأنّه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحدًا. ونقض حائط السياج المتوسّط" (أفسس 2: 14).

صرخة توما: "ربّي وإلهي" اعتراف صريح منه بعد شكّه، بأنّ الربّ يسوع المسيح نفسه، هو إله وإنسان معًا. وهذا ما يدعونا جميعًا إلى أن نعترف نحن بيسوع المسيح ربًّا وإلهًا، حتّى نستحقّ الطوبى "طوبى للذين لم يروا وآمنوا". يجب أن نؤمن بألوهيّته، نؤمن بأنّه هو الله الربّ الواحد، ونخضع له وحده، وألّا نعبد آلهة غيره، وأن نخضع له في القول والعمل، لا بالكلام فقط، حينئذٍ نتذوّق حلاوة القيامة ونحيا حياة جديدة، يتمجّد فيها الله القائم من بين الأموات، وله المجد إلى الأبد. آمين.
 
أفكار الشكّ في الزواج
والعلاقات الشخصيّة


يَذكُرُ الشيخ تدّاوس الصربيّ: "أفكارنا شريرة ولهذا نحن لا نعطي ثمارًا جيّدة. علينا أن نتغيّر، على كلّ إنسان أن يتغيّر، ولكن المؤسف أنّنا نفتقد لنماذج نقتدي بها سواء في عائلاتنا أم في المجتمع". الأفكار السلبيّة تسمّم الحياة والعلاقات بين الناس، وبخاصّة بين الأزواج، حيث يأتي كلٌّ من الرجل والمرأة إلى الزواج بأفكار مسبقة، مبنيّة على خبرات متنوّعة، وتسبّب هذه الأفكار توقّعات غير صحيحة حول الآخر ويشكّ به. وقد سرد الشيخ باييسيوس هذه القصّة. رجلٌ ابنه مريض، قرّر أن يضحّي بالتدخين من أجل شفاء ابنه. فترك ولّاعته وسجائره في منتصف الكنيسة، تحت أيقونة المسيح. وبعده، دخل شابّ إلى الكنيسة ليتكلّم مع الشيخ، ومن ثمّ خرج ليُشعل سيجارة. فقال له الشيخ: "لا يمكنك التدخين هنا، يا بنيّ. ابتعد قليلًا." فأجابه: "لكن يمكن التدخين في الكنيسة؟" لقد رأى علبة السجائر والولّاعة التي تركها والد الطفل المريض، فوسوست له أفكاره بأنّ الشيخ يدخّن. فقال الشيخ: "تركته وشأنه مع فكرته. أعني، حتّى لو كنت أدخن، هل سأفعل ذلك في الكنيسة؟ هل رأيت ما تفعله الأفكار السلبيّة؟"

أحيانًا يكون دخول الشكّ سهلًا. ولكن خروجه يكون صعبًا جدًا. وقد يترك أثرًا مخفيًّا، ما يلبث أن يظهر بعد حين. ولكن إن نقصت المحبّة، حينئذ تنقص الثقة. فيكون القلب مستعدًّا للشكِّ، والأذن مفتوحة لكلام الوشاة. تدخل أفكارٌ شريرةٌ مصدرها روح المجرّب لبثّ التفرقة والخصام، وتشويش العقل وانقباض القلب من أجل إحداث الانقسام. إنّ أفكار الشكّ تتلف الأعصاب، تربك الفكر. وتولّد أفكارُ الشكّ الأرق، إذ تجعلنا نعتقد بأنّ الآخر يخدعنا ويوهمنا. يشعر الواحد بأنّ الآخر لديه نيّة غير صافية، كنيّة الإيذاء أو الانتقام. يبدأ الواحد بالبحث عن نيّات سلبيّة تجاه الآخر وراء كلّ ما يقوله الآخر، وكلّ ما يفعله أو لا يفعله، ويسمح الإنسان لنفسه بوضع خطط دفاعيّة أو هجوميّة، إن جَعْلَ سلوكُ الآخرين وتصرّفاتهم محور شكّنا يتحوّل إلى إدانة قاسية ويبطل الحبّ. وكلّ هذه العمليّة ستضرّ بروحنا بشكل كبير. عندما يصبح الآخر تهديدًا لنا بسبب أفكار الشكّ لدينا، فأين سنجد مكانًا للحبّ والمودّة تجاه الآخر، أو دافعًا للتسامح، والغفران؟ عندما نشعر بأنّه، إذا سامحنا الآخرين، فسوف يستغلوننا ويتصرّفون بشكل أكثر سوءًا في المستقبل، يصبح هذا أساسًا لتفكّك العلاقات الزوجيّة. فكيف يمكننا بعد ذلك أن نحافظ على وصايا الإنجيل التي تتلخّص في "اترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه"؟ النتيجة هي أن يفقد الإنسان سلامه الداخليّ، ويكون مُضطربًا في نفسه وفكره، فاقدًا للثقة. وهكذا يصير الشكّ جحيمًا للفكر والقلب معًا.

وقد يحدث الشكّ أحيانًا بين زوجين. فيشُكّ الزوج في أنّ زوجته تخونه، حتّى بالعاطفة وليس بالفعل، أو تشُكّ الزوجة في أنّ زوجها يخونها. وقد يكون سبب ذلك كلمة إعجاب بريئة أو ابتسامة، أو حتّى تعليقًا على أحد مواقع وسائل التواصل الاجتماعيّ. وقد يحدث أحيانًا أن تسمع الزوجة أنّ شخصًا ما خان زوجته خلال إقامته البعيدة بسبب العمل. ثمّ يصادف سفر زوجها أيضًا، فيحاربها الشكّ وتقول له: "لن تسافر وحدك. رِجلِي على رِجلِك. في سفري معك أكون حصنًا لك يحميك من أيَّة امرأة تحاول اجتذابك إليها". إنَّ هذا الشكّ بين الزوجين، قد يكون سببه الغيرة وعدم الثقة بالنفس. فإنَّ الزوجة التي تثق بنفسها وبعلاقتها بزوجها، لا تظنّ السوء.

وإذا استمرّ الشكّ، من السهل أن يتحوَّل إلى مرض وإلى عُقدة لها انعكاساتها على علاقات الإنسان، فيصبح الشكّ طبعًا فيه. قد يكون الشكّ نتيجة الغيرة أو عدم وجود صدق في القول أو الفعل وعدم المصارحة وضعف في الاتّكال على الربّ. لذا، توصي الكنيسة بالحياة الروحيّة كدواء لمعالجة الشكّ. توصي بالاعتراف بهذه الأفكار لدى الأب الروحيّ، وبالصلاة إلى الربّ ليزيل عنّا هذه الأفكار، وكذلك باحترام حرّيّة الآخرين. هنا، نسترشد من القدّيس باييسيوس الآثوسيّ لمعرفة كيفيّة مداواة أفكار الشكّ. سئل مرّة، ما الذي يساعد على التخلّص من الشكّوك؟ فأجاب: "هل الأمور دائمًا كما تراها؟ ضع دائمًا علامة استفهام بعد كلّ فكرة تخطر في بالك، لأنّك عادةً ما تنظر إلى الأمور من زاوية سلبيّة [أي للعثور على الأخطاء].

ويمكنك أيضًا أن تضيف فكرة إيجابيّة أو اثنتين عن الآخرين، حتّى لا تخطئ في أحكامك. إذا وضعت علامتي استفهام، فسيكون ذلك أفضل. وإذا وضعت ثلاثًا، فسيكون الأمر أفضل بكثير. وبهذه الطريقة، تحافظ على هدوئك وتفيد نفسك. كما أنّك تفيد الشخص الآخر أيضًا. أمّا إذا تعاملت مع الأمور بأفكار سلبيّة، فستشعر بالغضب والضيق والقلق، ممّا يضرّك روحيًّا. عندما تتعامل مع ما تراه بأفكار إيجابيّة، ستكتشف قريبًا أنّ الأمور حقًّا كما تراها".
 
 
التطهّر في العالم وفرح القيامة

تعلّمنا الكنيسة الأرثوذكسيّة أنّ هناك ثلاث مراحل يمرّ بها الراهب في الدير، وكلّ إنسان مسيحيّ مؤمن ومجاهد خارج الدير من أجل نيل النعمة الإلهيّة. المرحلة الأولى هي العمل Praxis والثانية هي الاستنارة والثالثة هي التألّه.

كما إنّ المراحل التي يمرّ بها الإنسان على هذه الأرض من ولادته إلى نهاية حياته ليست سوى العيش كما في أتون النار من أجل التطهّر من الأهواء. اللهمّ إذا عرف المؤمن كيف يستفيد منها في الحياة الروحيّة.

عند ولادة أيّ إنسان يتهلّل كلّ أهل بيته ويفرحون، لأنّ ولادة الطفل هي عمليّة تساعد الخالق على الخلق وتغيّر حياة العائلة بأكملها فيصبح لكلّ فرد كنية محورها الطفل المولود.

يترعرع الطفل في كنف العائلة ويكتسب عاداتها وعادات المجتمع من فضائل ورذائل.
وعندما يبلغ سنّ المراهقة وسنّ الرشد ويتزوّج ليبني عائلة جديدة، يتعرّض للكثير من المشاكل والصعوبات والأمراض الجسديّة والنفسيّة كون جسدنا ضعيفًا وساقطًا. وليست هذه المسيرة إلّا بركة إذا عرف الإنسان المؤمن كيف يستفيد منها. وذلك إذا كثّف من الصلاة والتقوى والإيمان من خلال اللجوء إلى الاعتراف والإرشاد الروحيّ واليقظة الروحيّة.

 هذه الأسواء كلّها تصيب الإنسان لخيره إذا استطاع أن يقرأها من الناحية الروحيّة صابرًا على احتمالها كما صبر أيّوب على كلّ النوائب التي أصابته ولم يكفر أو ينكر إيمانه بالله. المعنى الروحيّ لهذه كلّها هو التطهّر من الأهواء واكتساب الفضائل بدلًا من الرذائل وذلك من أجل اقتناء النعمة الإلهيّة أي الاستنارة ومن ثَمّ التألّه.

وإذا ما استأهل الإنسان واكتسب هذه النعمة فليس هناك أيّ معنى للبكاء والنحيب عند فقدان هذا المؤمن لأنّ منزلته بعد الموت تكون ملاقاة الله وجهًا لوجه والعيش في النعيم معه، في ملكوته.

يجب إن نبكي على واقعنا الحاليّ ونلجأ إلى التوبة والنحيب على خطايانا فقط وليس أمام الموت لأنّ هذا الأخير ليس إلّا معبرًا إلى حياة أفضل.
إنّ المعايير يجب أن تتغيّر، وأن نلجأ إلى الحزن المفرح ونسعى جاهدين في هذه الحياة إلى التطهّر والصبر على الأسواء واختبار الصليب من أجل أن نتذوّق فرح القيامة سواء في هذه الدنيا أم في الآخرة.