الأحد 28 كانون الأوّل 2025 

الأحد 28 كانون الأوّل 2025 

26 كانون الأول 2025
الأحد 28 كانون الأوّل 2025 
العدد 53
الأحد بعد ميلاد المسيح
اللحن الرابع، الإيوثينا السابعة


أعياد الأسبوع:

28: الشُّهداء العشرون ألفًا الذين في نيقوميذية، يوسف خطيب مريم، 29: الأطفال الـ 14 ألفًا الذين قتلهم هيرودس، البارّ مركلُّس، الشَّهيدة في البارّات أنيسيَّة، 31: وداع عيد الميلاد، البارَّة ميلاني التي من رومية، 1: ختانة ربِّنا يسوع المسيح، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النزينزي والد غريغوريوس اللاهوتيّ، تقدمة عيد الظهور، سلبسترس بابا رومية، البارّ سارافيم ساروفسكيّ، 3: النبيّ ملاخيا، الشهيد غورديوس.

أقوال ذهبيّة في الميلاد

إنّه لمن أجمل ما قيل في زمن ميلاد المسيح هي عظة للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم رئيس أساقفة القسطنطينيّة.

من الواضح أنّ القدّيس كان يشاهد خلال وعظه هذا، رؤى في عظمة هذا العيد الإلهي العظيم الذي تسميه الكنيسة بالفصح الشتويّ. فكان القدّيس يعيش الميلاد على أنّه شاهد بنفسه على هذه المعجزة العظيمة، فبدأ عظته هذه بقوله "إنّني أشاهد". نعم القدّيس كان مشاهدًا لهذا العجب الغريب، فرأى الرعاة يسبّحون بنغم سماويّ والملائكة يهلّلون "الكلّ يعيّد مشاهدًا إلهًا على الأرض وإنسانًا في السماوات، ما هو فوق ينحدر بحسب التدبير وما هو تحت يرتفع بمحبّته للبشر". يطلب منّا القدّيس ألّا نسأل كيف حدث هذا الأمر العجيب لأنّ الكائن قبل الدهور يولد ويصير إنسانًا من دون أن يترك عرش ألوهيّته.

يطلعنا أيضّا على أن اليهود أنكروا الولادة الغريبة بالرغم من أنّ معلّميهم من الكتبة والفرّيسيّين هم الذين يحرّرون ويفسّرون الكتب الإلهيّة، ولكنّهم أقرّوا في النهاية لهيرودس بأنّ المسيح يأتي من بيت لحم اليهوديّة بحسب نبوءات الأنبياء. يقرّون بهذا الأمر ليس لأنّهم آمنوا بقدوم المسيح، ولكن لكي يوجّهوا هيرودس إلى أن يقتل الصبيّ.

لقد رأى القدّيس الجميع يسجدون للطفل الإلهيّ، الملوك لأنّه ملك المجد، أمّا النساء فلكي يَرين الذي ولد من امرأة، العذارى ليشاهدن العذراء، الأطفال ليسبّحوا الطفل، الرعاة أمام الراعي الصالح، الكهنة لرئيس الكهنة، العبيد للذي أخذ صورة عبد، الصيّادون للذي صيَّرَ تلاميذه صيّادي بشر. العشّارون للذي حوّل العشّار إلى مبشّر، الزناة أمام الذي قَبِلَ مسح قدميه بدموع الزانية. السامريّة تسارع إلى الينبوع، الكنعانيّة تقبل إيمانًا لا ريب فيه. الكلّ يرقصون، أراد القدّيس أن يُغنّي معهم ويحتفل مع الجميع. 

إنّه لن يحمل الآلات الموسيقيّة لكي يطرب ويحتفل، إنّما أقمطة المسيح التي اعتبرها قيثارته. يكمل القدّيس شرحه فيقول "إنّ هذا المولود من الآب قبل الدهور… وُلِد إلهًا حقًّا من إله حقّ أمّا اليوم فيولد إنسان حقّ من عذراء حقًّا… لا وجود لأمٍّ في ولادتِهِ العلويّة، كما من التجديف اعتبار وجود أب في ولادته الحاضرة". 

كما يعتبر القدّيس أنّه يفضّل الصمت عن طريقة الولادة احترامًا منه للعجب الحادث. يكمل شرْحَهُ قائِلًا: "إنّ المولود الوحيد قبل الدهور غير الملموس البسيط غير المتجسّد، يتّخذ جسدي الفاسد المنظور، وذلك لكي يعلّم الذين يروه ويقودهم بتعاليمه إلى ما لا يُشاهد.

الناس يثقون بنظرهم أكثر من سماعهم ويشكّون بما لا يشاهدونه. لذلك شاء عن طريق الجسد أن يكون منظورًا بالعين لكي يحلّ عنصر التشكيك".
يصف القدّيس الروح القدس بفنّان وجد مادّة مناسبة في غاية الجمال والنقاوة، أي العذراء مريم، وصنع منها آنية له. 

وهذا ما حصل مع المسيح الذي اتّخذ من والدته هيكلًا متنفّسًا. فالجابل الخليقة يجبل الإنسان في العذراء ويلبسه من دون خجل من بشاعة الطبيعة، فهو بدوره ألبس هذه الجبلة مجدًا عظيمًا. اليهود تكلّموا عن هذا الأمر في الأنبياء، ولكنّهم لم يؤمنوا به. أمّا نحن فآمنَّا، فاستلمنا اللؤلؤة ولبسنا الأرجوان واتّخذناه ثمرةً نغتذي بها فهو عنقود الحقّ الذي نشرب من نتاجه السرّيّ. المسيح زرع حبّة القمح في اليهوديّة أمّا الأمم فحصدت السنابل. 

اليهود فسّروا الحرفَ أما الأمم فقطفت ثمر الروح.
إنّ مبدع الخليقة وُلدَ بحال غريبة عن الطبيعة لكي يُظهِرَ بالرغم من أنّه إنسان تامّ أنّه لم يأت كإنسان، بل ولد كإله متخطّيًا سُنّة الزواج، فولادته كانت من عذراء من دون واسطة رجل وذلك لكي يسدّد للمرأة الدين الذي عليها لآدم الذي جاءت من جنبه من دون الحاجة لواسطة امرأة، فيقول "لذلك ولدت العذراء رجلًا من دون واسطة رجل آخر، لكي بتعادل العجيبة تظهر المساواة في الكرامة بين الجنسين، وكما أنّه أخرج ضلعًا من جنب آدم من دون أن ينقص شيئًا منه، هكذا فقد صنع هيكلًا متنفّسًا في العذراء من دون أن يحلّ شيئًا من عذريّتها. لقد بقي آدم سالمًا صحيحًا بعد أن انتزع الضلع منه، والعذراء بقيت من دون فساد بعد ولادة الطفل".

يوضح القدّيس أنّ هذا الملفوف بالأقمطة هو نفسه الذي يفكّ رباطات الخطيئة. مريم العذراء هي حوّاء الجديدة التي ولدت الكلمة الذي جلب لنا الحياة الأبديّة. 
أمّا حوّاء فقد ولدت كلمةً طلبت معها الموت وهذه الكلمة مشتقّة من فعل أكل. 

إنّ حوّاء أشارت إلى العود الذي به طُردَتْ هي وآدم من الفردوس. أمّا المسيح الذي ولد الآن من البتول فقد أعاد الإنسان إلى الفردوس بواسطة عود الصليب وأوّل من أعاده كان اللصّ الذي صُلِبَ معه. 

لقد ولد الإله من دون أن تشعر والدته بآلام المخاض حافظًا الجسد الذي وُلِدَ منه من دون ألم.
البشر الذين عبدوا الخليقة والأصنام التي تشبههم، يأتيهم اليوم كلمة الله الإله ويظهر لهم إنسانًا يشبههم لكي يعيد لنفسه العبادة الحقيقيّة.
فاللهمّ بشفاعات قدّيسك يوحنّا الذهبيّ الفم ارحمنا وخلّصنا آمين.

طروباريّة عيد الميلاد باللحن الرابع

ميلادُكَ أيّها المسيحُ إلهنُا قد أطلعَ نورَ المعرفةِ في العالم، لأنَّ الساجدين للكواكب به تعلَّموا من الكوكب السجودَ لك يا شمسَ العدل، وأن يعرفوا أنّك من مشارقِ العلوِّ أتَيْت، يا ربُّ، المجدُ لك.

قنداق الميلاد باللحن الثالث

اليومَ البتول تلدُ الفائقَ الجوهر، والأرضُ تقرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مقتربِ إليه. الملائكةُ مع الرعاة يمجِّدون، والمجوسُ مع الكوكب في الطريق يسيرون، لأنّه قد وُلِد من أجلنا صبيٌّ جديد الإلهُ الذي قبلَ الدهور.

الرسالة: غلا 1: 11-19
رتِّلوا لإلهنا رتِّلوا
يا جميعَ الأممِ صفِقوا بالأيادي


يا إخوةُ، أُعلِمُكم أنَّ الإنجيل الذي بشَّرتُ بهِ ليسَ بحسبِ الإنسانِ، لأنّي لم أتسلَّمْهُ أو أتعلَّمْه من إنسان،ٍ بل بإعلانِ يسوعَ المسيح. فإنَّكم قد سمعتُم بِسيِرتي قديمًا في مِلَّةِ اليهودِ أنّي كنتُ اضطَهِدُ كنيسةَ اللهِ بإفراطٍ وأدمِّرُها. 
وأزيدُ تقدُّمًا في ملَّةِ اليهودِ على كثيرينَ من أترابي من جِنسي بِكوني أوفرَ منهم غَيرةً على تَقليداتِ آبائي. فلمَّا ارتضى الذي أفرزني من جوفِ أمي، ودعاني بنعمتِه، أنْ يُعلِن ابنَهُ فيَّ لأُبشِرَ بهِ بينَ الأُمم،ِ لساعتي لم أُصغِ إلى لحم ودم،ٍ ولا صَعِدْتُ إلى أورشليمَ إلى الرسلِ الذين قبلي، بل انطَلَقتُ إلى ديارِ العربِ. وبعدَ ذلكَ رَجَعتُ إلى دِمشق. ثمَّ إني بعدَ ثلاثِ سنينَ صَعِدتُ إلى أورشليمَ لأزورَ بطرسَ. فأقمتُ عندَهُ خمسةَ عَشَرَ يومًا، ولم أرَ غيرَهُ من الرسلِ سوى يعقوبَ أخي الربّ.

الإنجيل: متّى 2: 13-23

لمّا انصرف المجوسُ إذا بملاكِ الربّ ظهر ليوسفَ في الحُلم قائلًا: قُمْ فخُذِ الصبيَّ وأمَّهُ واهرُبْ إلى مصرَ، وكُنْ هناك حتّى أقولَ لك، فإنَّ هيرودسَ مُزمِعٌ أنْ يطلبَ الصبيَّ ليُهلِكَهُ. فقام وأخذ الصبيَّ وأمَّهُ ليلًا وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس، ليتمَّ المقول من الربّ بالنبيّ القائل: من مصر دعوت ابني. حينئذٍ لمَّا رأى هيرودس أنَّ المجوسَ سخروا بهِ غضب جدًّا، وأرسل فقتل كلَّ صبيانِ بيت لحم وجميعِ تخومها من ابنِ سنتينِ فما دونَ، على حسب الزمان الذي تحقَّقهُ من المجوس. حينئذٍ تمَّ ما قالهُ أرمياءُ النبيُّ القائل: صوتٌ سُمع في الرامةِ، نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثيرٌ. راحيلُ تبكي على أولادها، وقد أبتْ أنْ تتعزَّى لأنَّهم ليسوا بموجودين. فلمَّا مات هيرودسُ إذا بملاكِ الربِ ظهر ليوسفَ في الحلمِ في مصر قائلًا: قُمْ فخُذِ الصبيَّ وأمَّهُ واذهبْ إلى أرض إسرائيلَ، فقد مات طالبو نفسِ الصبيّ. فقام وأخذ الصبيَّ وأمَّهُ، وجاءَ إلى أرض إسرائيل. ولمَّا سمع أنَّ أرْشيلاوس قد مَلك على اليهوديّة مكانَ هيرودس أبيهِ، خاف أنْ يذهبَ إلى هناك، وأُوحيَ إليهِ في الحلم، فانصرف إلى نواحي الجليل وأتى وسكن في مدينة تُدعىَ ناصرة ليتمَّ المقول بالأنبياء إنَّهُ يُدعَى ناصريًّا.


في الرسالة

في رسالته إلى أهل غلاطية، يفتح لنا بولس الرسول قلبه ليكشف عن سرّ تحوّله العجيب، وليؤكّد أنّ الإنجيل الذي يكرز به ليس فكرًا بشريًّا ولا تعليمًا مستمدًّا من الناس، بل هو عطيّة إلهيّة تلقّاها بإعلان مباشر من يسوع المسيح. 

إنّ هذا الإعلان لا يهدف إلى تمجيد شخص بولس، بل إلى تمجيد النعمة الإلهيّة التي تغيّر الإنسان من الداخل وتعيد صياغة حياته.
كان بولس في ماضيه رجلًا متشدّدًا في التزامه بالشريعة اليهوديّة، مملوءًا غيرةً على تقاليد الآباء، إلى حدّ أنّه اضطهد كنيسة الله بعنف وسعى إلى تدميرها. لم يكن إنسانًا متردّدًا أو باحثًا عن طريق جديد، بل كان ثابتًا في قناعاته، مقتنعًا بأنّه يخدم الله من خلال اضطهاد المؤمنين بالمسيح. ومع ذلك، فإنّ الله لم ينظر إلى ماضيه، بل إلى قلبه وقدرته على أن يتحوّل أداةً للنعمة.

وعندما ارتضى الله أن يعلن ابنه في بولس، لم يكن ذلك نتيجة استحقاق أو جهد شخصيّ، بل ثمرة دعوة إلهيّة سبقت أعماله، إذ يقول إنّ الله أفرزه من بطن أمّه ودعاه بنعمته. بهذه الدعوة، تحوّل مضطهِد الكنيسة إلى رسول للأمم، يحمل البشارة إلى من لم يعرفوا الله بعد. 

إنّها شهادة حيّة على أنّ النعمة قادرة على أن تغيّر المسار وتفتح آفاقًا جديدة للحياة والخدمة.

ويلفت بولس النظر إلى أنّ رسالته لم تُبنَ على استشارة بشر أو على تعليم بشريّ، إذ لم يسارع إلى أورشليم ليتلقّى شرعيّته من الرسل، بل انطلق حيث قاده الروح، إلى بلاد العرب ثمّ إلى دمشق. لم يكن ذلك تمرّدًا على الكنيسة، بل طاعة لدعوة الله التي سبقت وأرشدته. وبعد زمن، صعد إلى أورشليم والتقى بطرس ويعقوب، في علامة واضحة على وحدة الإيمان واحترام الشركة الرسوليّة.

إنّ رسالة بولس تحمل إلينا اليوم نداءً رعائيًّا عميقًا: الإيمان ليس مجرّد تقاليد نرثها أو معرفة نكتسبها، بل لقاء حيّ بالمسيح يغيّر القلب ويوجّه الحياة. فالإنجيل الحقيقيّ لا يُفرض بالقوّة ولا يُختزل بقوانين، بل يُعاش كنعمة تدعونا إلى التحوّل والشهادة.

في عالم يمتلئ بالأصوات المتناقضة والتعاليم المتعدّدة، يذكّرنا بولس بأن نعود إلى جوهر الإنجيل، إلى المسيح الذي يعلن نفسه لكلّ إنسان مستعدّ لأن يفتح قلبه. وهكذا، تصبح حياتنا نحن أيضًا رسالة حيّة، تشهد لنعمة الله العاملة فينا، وتدعونا إلى أن نكون شهودًا أمناء للمحبّة والحقّ في عالمنا اليوم.

الهروب إلى مصر

يتابع متّى في هذا المقطع الإنجيليّ سرد مصير الطفل المولود ويوازي فيه بين شخص موسى وشخص يسوع. الصليب حاضرٌ بقوّة في هذا السرد الإنجيليّ. 
يبدأ يسوعُ الملكُ المولودُ جديدًا حياتَه على الأرض بمواجهةٍ مع أقوياء هذه الأرض، كما هي حالُ موسى في مواجهته لفرعون والمصريّين. 

حالةُ يسوع أكثر مأساويّة لأنّ مضطهديه هم رؤساء شعبه. الشعب هنا متمثّلٌ بملكه هيرودوس ويسوعُ آتٍ ليحرّر هذا الشعب من خطاياه. هنا يشدّد متّى على تدخّل الله المباشر في تاريخ يسوع، تدخّل يحدّد بدقّة خطوات مسيرة يسوع في هذا العالم، فيسوع يسلك على هذه الأرض وفق توقيت دقيق.
الكلّ في هذه المسيرة يشير إلى الصليب ويتّجه نحوه. أمّا هنا فيسوع ينجو من أعدائه إلى حين اللحظات الكبرى، لحظات آلامه الأخيرة. 

نسمع، عبر هذا المقطع الإنجيليّ، طنينَها البعيد. حياة مسّيّا كانت مأساويّة منذ أيّامه الأولى بين البشر. لكن ما هو أكثر مأساويّة هو حالة شعب الله المختار الذي يضطهد مخلّصَه. مخالفة المجوس لأوامر هيرودوس تجعلُ المشهدَ أكثر توتّرًا.
هيرودوس الغاضب يجبر الطفلَ المسجودَ له من هؤلاء المجوس المستهزئين بأَوامره – على الهروب إلى مصر مهدَّدًا بالموت.

شخص يسوع هنا يجسّد مجمل شعب الله. لكنّ هذا الشعب، على عكس ذاك الشعب الذي أخرجه موسى من أرض مصر أرض الغُرْبة والعبوديّة، يهرب الآن من أرض الحرّيّة لاجئًا إلى أرض عبوديّته السابقة. وكما بقي الله مرافقًا لشعبه في برّيّة سيناء يبقى مجدّدًا مع ابنه متدخّلًا لينقذه ويقودَ خطوات يوسف في طريقه من بيت لحم إلى مصر. هذا لا يُبْطِل، بالتأكيد، مسؤوليّة الإنسان ومساهمته في هذا الإنقاذ.

تتجسّد هذه المسؤوليّة في بِرِّ يوسف وطاعتِه لله بملء حرّيّته رغم غرابةِ ما يُطلب منه وصعوبةِ تحقيقه. أمّا مكان لجوء العائلة فهو مصر. منذ أقدم الأزمنة كانت مصر ملجأً لكلّ الإسرائيليّين المضطَهَدين.
يطيع يوسف أمر الملاك ويرتحل مسرعًا إلى مصر، وهذا يشير إلى عجلةِ يوسف في تنفيذ أمر الله كون السفر في الليل غير مرغوب فيه على العموم. 

يذكر تقليدٌ لاحقٌ أنّ فترة إقامة العائلة في مصر حُدِّدتْ بين سنتَين وثلاث سنوات ونصف مستوحيًا ممّا ورد في سفر الرؤيا 12، 14: "فأُعطِيَتْ المرأةُ جناحَي نسر كبير لتطير بهما إلى البرِّيّة إلى ملجئها فتقتات هناك وقتًا ووقتَيْن ونصف وقت"، وممّا ورد في سفر دانيال 7، 25 – 27: "وينطق (المَلِك) بأقوالٍ ضدّ العليّ ويبتلي قدّيسي العليّ ويُخالُ أنّه يغيّرُ الأزمنة والشريعة. 

وسيُدفعون إلى يده إلى زمان وزمانَيْن ونصف زمان. ثمّ يجلسُ أهلُ القضاء فيُزالُ سلطانُه ويُدمَّر ويُباد على الدوام ويُعطى المُلْكُ والسلطانُ وعظمةُ المُلْك تحت السماء بأسرها لشعبِ قدّيسي العليّ وسيكون مُلْكُه مُلْكًا أبديًّا".

كالعادة يُنهي متّى سردَه بذكر نبوءة من العهد القديم ليُظْهِر للقارئ الأهمّيّة اللاهوتيّة لهذه الأحداث. "إذ كان إسرائيل صبيًّا أحببتُه ومن مصر دعوت ابني" (هوشع 11، 1). في نصوص العهد القديم إسرائيل هو ابن الله. 

هنا يحتلّ الطفلُ يسوع مكانة إسرائيل، وشعبُ الله يُخْتَصَر بالمختارين أو بالبقيّة البارّة وهذه البقيّة تتمثّل بشخصٍ واحد هو يسوع الهارب إلى مصر والذي سيدعوه اللهُ منها، كما تذكر نبوءةُ هوشع التي تأخذ الآن معناها الكامل.

أخبارنا
نشرة الكرمة في عامها الثاني والثلاثين


لمناسبة عيد الميلاد المجيد وحلول العام الجديد تتقدّم أسرة نشرة "الكرمة" من المؤمنين الكرام بالمعايدة، سائلة الربّ يسوع، المولود في مغارة لأجل خلاصنا، أن يغمرنا بنوره القدّوس وأن يُضيء قلوبنا بنعمته ومحبّته للبشر، فنهتدي جميعنا إليه متجسّدًا في قلوبنا ونفوسنا وأجسادنا كما اهتدى اليه المجوس وسجدوا له.

ونطلب من الرعايا كافّة تجديد اشتراكها في النشرة للعام 2026 وتحديد عدد النسخ الأسبوعيّة التي تريدها.
ميلاد مجيد وعام سعيد.