الأحد 15 أيلول 2024
12 أيلول 2024
الأحد 15 أيلول 2024
العدد37
الأحد بعد رفع الصليب
اللحن الثالث، الإيوثينا الأولى
أعياد الأسبوع:
15: الشّهيد نيقيطا، سمعان التسالونيكيّ، 16: العظيمة في الشَّهيدات آفيميّة، مرتينوس أسقُف رومية، 17: الشَّهيدات صوفيا وبناتها بيستي وآلبيذي وأغابي، 18: أفمانيوس العجائبيّ أسقُف غورتيني، 19: الشُّهداء تروفيموس وسبَّاتيوس ودوربماذُن، 20: الشُّهداء آفسطاثيوس وزوجته ثاوبيستي وولديها أغابيوس وثاوبيستوس، 21: وداع عيد الصليب، الرسول كُدْراتُس، النبيّ يونان.
"من أهلك نفسه من أجلي
ومن أجل الإنجيل يُخلّصها"
يتناول النصّ الإنجيليّ اليوم مأساة الإنسان المعاصر، ألا وهي: "الفراغ الداخليّ". الحديث هنا هو عن القيمة الحقيقيّة للحياة الإنسانيّة ليس فقط ببعدها الزمنيّ، بل ببعدها الإسخاتولوجيّ، الأبديّ. الضلال الكبير اليوم: مَن يعطي الحياة الإنسانيّة قيمتها، العالم أم المسيح؟ هذا هو صراع البشر الداخليّ اليوم.
المسيح هو بارئ الحياة، وخالق النفس والجسد. تطال عنايته الإلهيّة الإنسان من يوم ميلاده إلى يوم مماته. الإشكاليّة في تحديد كرامة الحياة الإنسانيّة هي الإنسان نفسه، وبشكل أدقّ: "الحرّيّة البشريّة"، التي بدورها تختار طريقة العيش وفلسفته. قيمة حياة الإنسان في أنّها هبة إلهيّة مجّانيّة، لمرّة واحدة لا تتكرّر يأتي الإنسان إلى هذه الحياة، وعندما يغادرها لا يموت بل يستمرّ حيًّا، ولكن المآل هو مختلف، في ملكوت الله أو خارجه. الملكوت السماويّ كمآل نهائيّ لكلّ البشر هو رغبة الله وسعيه، ولكن تحديد هذا المآل واغتصابه هو عمل البشر في هذه الحياة الحاضرة.
مشكلة البشر اليوم هي إيمانهم بمعايير العالم وتقدّماته في تحديد كرامة الإنسان وليس بالمسيح ومعاييره الإنجيليّة. تحرّك الإنسان في نطاق العالم وخارج نطاق يسوع، جعله يعيش على صعيد اللحظة أوهامًا عابرة وكأنّها أبديّة، منشغلًا بعلوم العالم واهتماماته ومتعه إلى حدّ الثمالة من دون أن يرتوي داخله.
وباعتبار أنّ نطاق العالم غنيٌّ وخلَّاق بالجديد دومًا، يغرق الإنسان أكثر في محاولة التجديد الداخليّ من دون جدوى. هذه الحركة الحصريّة ضمن نطاق العالم واستسلام الإنسان تشوّه الإنسان، لأنّها تختزل كيان الإنسان وتحصره ضمن نطاق الجسد بيولوجيًّا وعاطفيًّا، بينما تتنكّر للقسم الأسمى فيه وهو الروح. كمن يحيا في أجزاء تعزّز الجسد وتجهض الروح. من هذا المنطلق يصبح الإنسان شبه إنسان. من هنا يفقد إنسان اليوم عنصري الفرح الدائم والسلام الداخليّ من حياته. غياب رؤيا الموت عن تفكير الإنسان المعاصر جعله يرى الحاضرات وكأنّها أبديّات. كما غياب الرؤيا لما بعد الموت من تفكير الإنسان شلَّ في الإنسان تفكيره بأنّه مخلوق ذو مدى أبديّ أوسع بكثير من الحياة الحاضرة.
إنجيل اليوم يوقظ الإنسان المعاصر إلى حقيقة أنّه مخلوق أبديّ المدى. من الجرم أن يأسر الإنسان كيانه ضمن نطاق الحياة الحاضرة، وينغلق على الحياة الأخرى. من هنا لا بدّ لإنسان اليوم من أن ينتقل مُتحرّكًا من نطاق العالم إلى نطاق يسوع وأن يحيا هناك. نطاق يسوع لا يرفض العالم، بل يعطي العالم قيمته الحقيقيّة.
هذه النقلة من نطاق دنيويّ يرفض يسوع إلى نطاق يسوع هو الصليب الذي تكلّم عنه الربّ في إنجيل اليوم. ولماذا يُسمي تلك النقلة صليبًا؟ لأنّها لا تخلو من الصعوبة. ولكن في البداية فقط. لأنّه على الإنسان أن يعيش بروح مختلفة وبطريقة تفكير مغايرة لما اعتاد عليه سابقًا. تغيير فلسفة العيش هو تغيير داخليّ وجدانيّ، فيه يعلن الإنسان الحرب والصراع ضدّ أهوائه التي اعتادت أن تتحرّك وفقًا لرغباتها غير آبهة بنواميس الله وبوصاياه، والآن عليها أن تعتادها وأن تلتزم بها.
قيمة الحياة الإنسانيّة لا تتوقّف فقط على بعدها الأبديّ، ولكن أيضًا إذا خسرناها، لا يمكن الاستعاضة عنها بأيّ شيء، لا بأموال ولا بممتلكات ولا حتّى بحياة أخرى. عند موت الإنسان لا يمكن أن يقدّم الإنسان أيّ فدية حتّى تعود تلك النفس إلى الحياة مجدّدًا. من هنا، يُعلّمنا إنجيل اليوم أنَّ قيمة الإنسان الحقَّة هي تجدّده على صورة المسيح، وانتهاك هذه القيمة هو تقييدها بمعايير عالميّة مُوَقَّتة، تنتهي مع هذه الحياة، وتحرمها أبديًّا في الحياة الأخرى رؤيا وجه يسوع، له المجد إلى أبد الدهور، آمين.
+ يعقوب
مطران بوينس آيرس وسائر الأرجنتين
طروباريّة القيامة باللحن الثالث
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزًّا بساعده، ووطئَ الموتَ بالموتِ، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالم الرحمةَ العُظمى.
طروباريّة عيد رفع الصليب باللحن الأوّل
خلِّص يا ربّ شعبَكَ وبارك ميراثك، وامنح عبيدَكَ المؤمنين الغلبة على الشرير، واحفظ بقوة صليبك جميعَ المختصيّن بك.
قنداق عيد رفع الصليب باللحن الرابع
يا من ارتفعتَ على الصليبِ مختارًا أيّها المسيحُ الإله، إمنح رأفتكَ لشعبك الجديدِ المسمّى بك، وفرِّحْ بقوّتك عبيدكَ المؤمنين، مانحًا إيّاهُمُ الغلبةَ على مُحاربيهم. ولتكن لهم معونتُكَ سِلاحًا للسّلامة وظفَرًا غيرَ مقهور.
الرسالة: غلا 2: 16-20
ما أعظمَ أعمالَكَ يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ
صنَعتَ باركي يا نفسي الربّ
يا إخوة، إذ نعلم أنّ الإنسان لا يُبرَّر بأعمال الناموس بل إنّما بالإيمان بيسوع المسيح، آمنَّا نحن أيضًا بيسوع لكي نُبَّرر بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس، إذ لا يُبرَّر بأعمال الناموس أحد من ذوي الجسد. فإن كنّا ونحن طالبون التبرير بالمسيح وُجدنا نحن أيضًا خطأة، أفيَكون المسيح إذًا خادمًا للخطيئة؟ حاشا. فإنّي إنْ عدتُ أبني ما قد هدمت أجعل نفسي متعدّيًا، لأنّي بالناموس متُّ للناموس لكي أحيا لله. مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبّني وبذل نفسه عنّي.
الإنجيل: مر 8: 34-38، 9: 1
قال الربُّ: من أراد أن يتبعَني فليكفُرْ بنفسِه ويحمِلْ صليبَهُ ويتبَعْني. لأنَّ من أراد أن يخلِّصَ نفسه يهلكها، ومن أهلك نفسه من أجلي من أجل الإنجيل يخلِّصها. فإنّه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه، أم ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟ لأنّ من يستحي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يستحي به ابن البشر متى أتى في مجد أبيه مع الملائكة القدّيسين. وقال لهم: الحقّ أقول لكم إنّ قومًا من القائمين ههنا لا يذوقون الموت حتّى يروا ملكوت الله قد أتى بقوّة.
في الرسالة والإنجيل
"متُّ للناموس لكي أحيا لله. مع المسيحِ صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياهُ في الايمان، إيمان ابن الله الذي أحبّني وبذل نفسه عنّي"
من المعروف تاريخيًّا أن بولس الرسول، لم يمُت مصلوبًا بل بقطع الرأس، لأنّه كان مواطنًا رومانيًّا، فكيف يقول: مع المسيح صُلبتُ؟! قوله هذا يدلُّنا بوضوح أنَّ الصليب، وإن كان أداة إعدامٍ استخدمتها الدولة الرومانيّة، وارتضى الربّ يسوع المسيح أن يموت عليها متحمِّلاً الآلام الرهيبة، إلّا أنَّ الصليب في عمقه، هو ليس مجرَّد أداة، ولا هو فقط ما نرتديه على صدورنا، أو نضعه في داخل الكنائس أو على قببها! إنَّما الصليب في عمقه، هو نهج حياةٍ داخليّة نعيشها في أعماق نفوسنا، إن أردنا! إنّه تلك الحرب اللامنظورة التي عاشها وتحدَّث عنها القدّيسون، وبإمكاننا نحن أن نعيشها، إن أردنا! فيها نموت عن العالم، ويموت العالم فينا، لنحيا لله وليحيا الله فينا.
وكما أنَّ الميت لا يتجاوب مع أيّ مؤّثراتٍ خارجيّة، إذ لا يسمع ولا يتكلّم ولا يرى وبالتالي لا يخطئ، هكذا فإنَّ بولس الرسول مات عن ناموس العهد القديم، ليحيا شريعة المسيح، التي هي المحبّة والتضحية والقداسة.
ونحن أيضًا، إن أردنا أن نموت عن العالم، علينا ألّا نتأثَّر بأفكاره أو مغرياته أو طريقة عيش الكثيرين، بل نسير عكس تياره باتّجاه الربّ يسوع المسيح، فنصلب رغباتنا، شهواتنا، كبرياءَنا، حبَّنا للمجد الباطل والسلطة، وكلّ شرٍّ فينا، أي نُميتَ كلَّ هذه الأهواء السلبيّة، ونُميتَ العالم فينا، ليحيا المسيح فينا ونحيا لله. أمّا حياتنا في الجسد، من أكلٍ وشرب وزواج وعمل، فنحياها بما يتوافق مع إيماننا بيسوع المسيح ابن الله، الذي أحبّنا وبذل نفسه عنّا، وبما يتلاءم مع مبادئنا وقيَمِنا المسيحيّة.
هذا الموت عن العالم، وعن الخطيئة، هو ليس موتًا قسريًّا، بل هو قرارٌ اختياريٌّ، "من أراد أن يتبعَني، فليكفُرْ بنفسِه ويحمِلْ صليبَهُ ويتبَعْني"، ناتجٌ ليس فقط عن تقوى بل عن ذكاء وحكمة وفطنة، يُفترض أن تكون عندنا، لأنّه "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه!" وأيضًا هو ناتجٌ عن علاقة حبّ متبادلة بين الربّ وبيننا، نجد فيها الراحة والسلام، بعيدًا عن القلق والاضطراب، فنربح نفوسنا، ونربح حياتنا، هذا هو الموت المحيي! وكما قال أحد القدّيسين: من مات قبلَ أن يموت لن يرى الموت أبداً! إنّه موت حبة الحنطة التي تثمرُ سنابلَ كثيرة!
الصّليب وحياتنا
عيد الصّليب الّذي نحتفل به نحن أبناء اليوم ليس هو مجرّد تكرار لتقليد تاريخيّ كنسيّ عريق وراسخ في القدم فحسب، بل هو مشاركتنا نحن المؤمنين اليوم بالإيمان الواحد الّذي يجمعنا بالإخوة الّذين سبقونا وأوصلوا إلينا معنى إكرام الصّليب المقدّس. وهو من ناحية أخرى عيش لمعنى الصّليب في حياتنا، ليس الصّليب علامة الألم والعذاب والموت، إنّما علامة الانتصار الّذي أعطانا إيّاه المسيح بانتصاره هو على الموت، وبانتصار الرجاء على اليأس.
"ما من حبٍّ أعظم من أن يهب الإنسان نفسه في سبيل أحبّائه"، عبارة قالها الرّب وطبّقها من أجلنا حبًّا بنا ورغبةً في خلاصنا، هي عمل حبّ وفعل تضحية ولا أعظم، حقّقها الرّب مجّانًا لأنّه يحبّنا. الصّليب بالنسبة إلينا هو ضمانة حبّ الله المجّانيّ لكلّ واحد منّا، ولا بدّ من أن يصير علامة حبّنا للآخرين وخدمتنا لهم وتضحيتنا من أجلهم. إن لم نضع منطق التضحية والخدمة وبذل الذات موضع التطبيق، يصبح الصّليب عقيمًا في حياتنا، لا يعطي ثمار الخلاص لإخوتنا الّذين هم في العالم.
الصّليب هو حبّ الله الآب لنا، آب تألّم هو أيضًا من أجلنا، إذ بذل ابنه الوحيد حبًّا بنا. بالصليب نختبر بنوّتنا للآب السماويّ ونوقن أنّه هو أبونا. علامة الصّليب التي نكرّمها في كنائسنا، ونضعها فوق أبوابنا وفي صدر بيوتنا وعلى صدورنا فوق قلوبنا، هي العلامة التي أعلم من خلالها أنّني ابن ملك سماويّ أحبّني، أراد أن يجعلني ابنًا له بالتبنّي.
هو رمز الحبّ الّذي يضحّي، يبذل أثمن ما يملك في سبيل الحبيب: الصّليب هو علامة حبّ الآب لنا، الّذي لم يبخل على العالم بابنه في سبيل الخلاص. هو علامة التضحية التي يتعلّم من خلالها كلّ والد ووالدة حسّ التضحية ومعنى أن يكرّسا وجودهما وحياتهما في سبيل أولادهم.
في منطق أبينا السماويّ تجد التربية المسيحيّة معناها وغايتها، منه نتعلّم أن تكون حياتنا كلّها مكرّسة لتربية أولادنا، لا من الناحية الجسديّة والثقافيّة فقط، بل من الناحية الروحيّة بالمرتبة الأولى. كلّ عطيّة لنا هي من الله، الّذي لم يكتفِ بأن يعطينا الغذاء والمعرفة، بل أعطانا في المقام الأوّل أن نحيا بعدنا الرّوحي، فلا يكون وجودنا مقتصرًا على وجود ماديّ جسديّ مائت، بل أعطانا أن نعي اختلافنا عن المخلوقات الأخرى من ناحية كوننا مخلوقين على صورة الله ومثاله.
من خلال الوحي والأنبياء والمرسلين أفهمنا الله قيمتنا، ورغم خطيئتنا بقي وفيًّا، إلى أن أرسل ابنه الوحيد متجسّدًا، ليقاسي الموت من أجل خلاصنا، هكذا بقي لنا الصّليب علامة حبّ الآب لنا، وضمانة قيمة وجودنا، لا ككائنات حيوانيّة، بل كمخلوق يأخذ ملء كرامته من حقيقة وجوده كابن لله، مخلوق على صورته ومُفتدى بدم الابن. لقد صار الصّليب علامة هذه القيمة، وتعبيرًا عن حبّ الله لنا.
فكيف نربّي نحن الّذين آمنوا بالصليب أولادنا؟ هل نقدّم إليهم منطق الآب السماويّ؟ هل نجعلهم يعون قيمتهم كأبناء لله أم أنّهم يكبرون واهمين أنّ الحياة هي اللّهو واللّذة والمادّة؟ هل نضع وجودنا في خدمتهم كرسالة وكمسؤوليّة من الله، كما أنّ الله وضع كلمته في خدمة خلاصنا وأحبّنا فلم يبخل علينا بابنه؟ هل نعلّمهم قيمة الصّليب كفعل محبّة وبذل الذّات في سبيل المحتاج والمتألّم أم نربّيهم على الفرديّة والأنانيّة وعدم الاكتراث بالآخر؟ هل نحيا الصّليب في حياتنا أم نجعله مجرّد أداة زينة في أعناقنا؟ هل نجعل الصليب يثمر خلاصًا للإنسانيّة في أيّامنا وبواسطتنا، أم صار مجرّد لحظة تاريخيّة تذكّرنا بحدث قديم انتهى وعبر؟
أخبــــــــــــارنا
المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ
لقاء في الضنّية حول موضوع "وحدة العمل في الكنيسة"
ضمن نشاطات المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ التابع لأبرشيتنا، تمّ لقاء في 31 آب في الضنّية شَمَلَ شبابًا وصبايا وأعضاء من فروع حركة الشبيبة من رعايا أقضية الضنيّة والمنية وزغرتا، بحضور سيادة المتروبوليت أفرام كيرياكوس، راعي الأبرشيّة.
ابتدأ اليوم بقدّاس إلهيّ في كنيسة رعيّة سير، ثمّ انتقل المجتمعون إلى قاعة كنيسة رعيّة الخرنوب حيث أكملوا النهار في بحث موضوع "وحدة العمل في الكنيسة".
قدّم الموضوع سيادة المطران أفرام، ثمّ عرض الأب سمعان سمعان الأساس الآبائيّ للوحدة في الكنيسة. عرض الأب سمعان فكر القدّيس نيقولاوس كاباسيلاس عن الوحدة، حيث شدّد القدّيس أنّ الوحدة لها أعمدة ثلاث: المائدة المقدّسة التي ينبع منها كلّ سرّ في الكنيسة وبخاصّةٍ سرّ الشكر؛ الأسقف الذي يقدّس بالميرون المائدة والذي يقيم سرّ الشكر على المائدة؛ والقدّيسون وبخاصّةٍ الشهداء الذين توضع بقاياهم في المائدة. وبذلك، يشكّل سرّ الشكر، أيّ شخص المسيح الربّ والاتّحاد به، مع الالتفاف حول الأسقف أساس الوحدة في الكنيسة. كما ذكر أنّ الوحدة في الكنيسة هي صورة (أيقونة) عن وحدة أقانيم الثالوث القدّوس، وكما أنّ الله الآب مصدر الألوهة هو ضامن هذه الوحدة، فالأسقف هو صورة الآب ضامن وحدة الكنيسة.
كما عرض الأب نقولا داود مفهوم الوحدة والعمل الجَماعيّ من خلال الكتاب المقدّس، وبخاصّةٍ رسائل القدّيس بولس الرسول، وشددّ على أنه لا يمكن أن يكون في الكنيسة الواحدة مجموعة "لبولس"، ومجموعة أخرى "لأبولس"، وأخرى "لصفا". وعرض الأب أنطونيوس نصر مبدأ الوحدة في الجوقة، وكيف أن الجوقة تهدف إلى تمكين الشعب من الصلاة بصوت واحد وقلب واحد، رغم اختلاف المدارس الموسيقيّة وتنوّعها.
ثمّ ناقش المجتمعون ضمن مجموعات أسئلة هدفها تطبيق عمليّ لموضوع وحدة العمل في الكنيسة. وقد اتّفق المجتمعون على أنّ الهدف الواحد لكل عمل تعليميّ، صلاتيّ، ورعائيّ في الكنيسة، في مختلف الفرق، الأسر والفروع الحركيّة هو الاتّحاد بالمسيح، أي تقديس الإنسان. ويمكن الوصول إلى هذا الهدف عبر تقديم تقليد الكنيسة المستقيم الرأي للناس، أطفالاً، شبيبة، وعائلات. وتوافقوا أيضاً على أنّ هناك صعوبات ومعوقات أمام بلوغ هذا الهدف، أهمّها عدم التواضع وقبول الآخرين الذين يعملون في حقل الربّ من جهة، وعدم معرفة العاملين في الكنيسة بتقليدها الآبائيّ. لذلك اتّفق المجتمعون على أن الوجه العمليّ لتحقيق الوحدة هو التوبة والتواضع، أي تقبّل الآخرين بكلّ تنوّعهم، والالتفاف حول الأسقف، والإلمام بشكل عميق بتراث كنيستنا الأرثوذكسيّة وتقليدها.
وقد لخّص سيادة المتروبوليت أفرام الفكرة الرئيسيّة لإتمام الوحدة في الكنيسة، ألا وهي الاتّحاد بالمسيح.
انتهى اللقاء بتأكيد الأب نكتاريوس عطيّة أن المركز الرعائيّ فرصة متاحة للجميع للتعرّف إلى تراث كنيستنا الأرثوذكسيّة وتقليدها.