الأحد 27 تشرين الأوّل 2024
24 تشرين الأول 2024
الأحد 27 تشرين الأوّل 2024
العدد 43
الأحد (18) بعد العنصرة
اللحن الأوّل، الإيوثينا السابعة
أعياد الأسبوع:
27: الشّهيد نسطر، بروكلا امرأة بيلاطس، 28: الشُّهداء ترنتيوس ونيونيلا وأولادهما، إستفانوس السابويّ، 29: الشَّهيدة أنستاسيّا الروميَّة، البارّ أبراميوس ومريم ابنة أخيه، 30: الشَّهيدان زينوبيوس وزينوبيا أخته، الرَّسول كلاوبا، 31: الرسول سطاشيس ورفقته،1: قزما وداميانوس الماقتا الفضَّة وأمّهما، البارّ داوود (آفيا) 2: الشُّهداء أكينذينوس ورفقته.
بركة العطاء
"مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ" (2 كو 9: 6)
نستعمل كثيرًا كلمة "بَرَكَة" ومشتقّاتها، ولكنّنا غالبًا ما ننسى قوّتها إذ صارت مجرَّد مجاملة أو تعبير عن نوع من الرغبة في الخير لمن نطلبها له، ولكن عمق المعنى صار غائبًا عن حياتنا.
منذ خمسين سنة أو أقلّ كان للبركة قيمة فعليّة في حياة النّاس، لأنّ الحياة كانت أبسط ممّا هي عليه الآن وبالتالي الإنسان كان أقرب إلى الإيمان أخلاقيًّا وحياتيًّا واجتماعيًّا.
كانت العائلات أكبر عددًا، والنّاس يؤمنون أنّ كلّ طفل تأتي رزقته معه، كان للبركة في حياة النّاس معنًى عمليٌّ وواقعيٌّ إنطلاقًا من الإيمان.
اليوم، تغيّر واقعنا كثيرًا بسبب التطوّرات المختلفة في العلم والاقتصاد والثقافة والمفاهيم الإيمانيّة والأخلاقيّة والإنسانويَّة.
إنسان الأمس كان أكثر امتدادًا نحو الآخَر بفعل العوامل الإيمانيّة والاجتماعيّة، إنسان اليوم أكثر انغلاقًا على نفسه بسبب مفاهيم الحرية والاستقلاليّة الّتي يُرَوَّج لها على أنّها تحقيق للذّات.
بالنتيجة إنسان اليوم أكثر انكماشًا على نفسه لأنّه يطلب ما لنفسه أوَّلًا وقبل كلّ شيء وعلى حساب أيّ شيء أو أيّ شخص...
لا يستطيع الإنسان أن يكون مسيحيًّا ما لم ينفتح كيانيًّا على الله وعلى الإنسان الآخَر، وهذا معناه أن لا يحيا لنفسه بل أن يُدرك أنّ حياته لا تقوم دون الله والآخَر كأنداد وشركاء، وكحاجة وجوديَّة، وإلّا يبقى متمحورًا حول نفسه مستهلِكًا لله وللآخَر...
من هنا، فالعطاء إمّا أن يكون بالبركة أو لا يكون، لأنّ العطاء ليس سوى صورة عن امتدادنا بالذّات كأشخاص نحو الآخَر، أي ليس هو عمل خارجيّ (لا يتعلَّق بكينونة الإنسان)، بل هو مرتبط جوهريًّا بشخص المعطي الَّذي يكون هو بذاته المُعطى في كلّ عمل محبّة وخدمة يقوم به...
هذا ما علّمنا إيّاه الرّبّ يسوع المسيح إذ بذل دمه لأجل خلاصنا وأعطانا أن نتّحد به باشتراكنا في جسده ودمه.
البركة هي النّماء والزيادة والسعادة والخير، وهذه كلّها مصدرها الله، لأنّه هو الكلّي البركة لأنّه محبّة، والمحبّة عطاء كلّيّ لا محدود لأنّ الله غير محدود، ومن يعطي ببركة أي بفيض يزيده الله بركات في هذا الدّهر وحياة أبديّة في الدّهر الآتي وينقذه من الموت ويغفر له خطاياه، "لأَنَّ الصَّدَقَةَ تُنَجِّي مِنَ الْمَوْتِ وَتَمْحُو الْخَطَايَا وَتُؤَهِّلُ الإِنْسَانَ لِنَوَالِ الرَّحْمَةِ وَالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ" (طو 12: 9)، ومن يعطي ببخل ينال جزاءً على قدر محبّته في هذا العالم لكن لا يستطيع أن يقبل الحياة الأبديَّة لأنّه منغلق على نفسه ومستعلٍ في داخله، فـ "لاَ أَحَدٌ أَقْبَحَ جُرْمًا مِنَ البَخِيلِ. لِمَاذَا يَتَكَبَّرُ التُّرَابُ وَالرَّمَادُ؟" (سي 10: 9).
أيّها الأحبّاء، هوذا زمن للعطاء والبذل والخروج من الذّات بالخدمة شهادة للرّبّ والتزامًا بمحبّته في طاعة كلمته. وكلمة الله حياة وفرح وغلبة على العالم الساقط وقوّة للمتمسّكين بها لأنّها مملؤة بروح النّعمة.
العالم يحتاج إلى المسيح، والمسيح جعلنا له شهودًا إلى أقصى المسكونة، فلنكمل كلمته ترسًا وروحه سيفًا لنطرد أرواح الشّرّ بقوّة المحبّة الإلهيَّة ونبثّ رجاء بإنسانيّة أفضل على صورة المسيح، هذه الصورة الّتي يجب أن تتجلّى فينا أفرادًا وجماعة حاملة فرح الرّجاء وقوّة الغلبة على روح الموت والخطيئة ببرِّ خدمتنا لإخوتنا في استقامة ونقاوة محبّة المسيح ولمجد اسمه القدّوس فيزيدنا الربّ بركة على بركة للفرح الأبديّ...
ومن له أذنان للسمع فليسمع....
+أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللحن الأوّل
إنّ الحجر لمّا خُتم من اليهود وجسدك الطاهر حُفظ من الجند، قمتَ في اليوم الثالثِ أيّها المخلّص مانحًا العالم الحياة. لذلك قوّاتُ السموات هتفوا إليك يا واهب الحياة: ألمجدُ لقيامتك أيّها المسيح، ألمجد لملكك، ألمجدُ لتدبيركَ يا مُحبّ البشر وحدك.
القنداق باللحن الثاني
يا شفيعَةَ المسيحيّين غَيْرَ الخازية الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودة، لا تُعْرضي عَن أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحة، نَحْنُ الصارخينَ إليكِ بإيمانٍ: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطلْبَةِ يا والدةَ الإلهِ، المتُشَفِّعَةَ دائمًا بمكرِّميك.
الرسالة: 2 كو 9: 6-11
لتكُنْ يا ربُّ رحمتُكَ علينا
ابتهِجوا أيُّها الصدّيقون بالربّ
يا إخوةُ إنَّ من يزرعُ شَحيحًا فشحيحًا أيضًا يحصُدُ، ومَن يزرَعُ بالبَركاتِ فبالبركاتِ أيضًا يحصُد. كلُّ واحدٍ كما نَوى في قلبه لا عَن ابتئاسٍ أو اضطرارِ، فإنَّ الله يُحبُّ المُعطي المتهلِّل. والله قادِرٌ على أن يَزيدَكم كُلَّ نِعمةٍ حتَّى تكونَ لكم كُلُّ كِفايةٍ كُلَّ حينٍ في كلِّ شَيءٍ فتَزدادوا في كُلِّ عَمَلٍ صالح كما كُتبَ: إنَّهُ بَدَّدَ، أعطى المساكينَ، فَبرُّهُ يدومُ إلى الأبد. والذي يَرزُقُ الزارعَ زرعًا وخُبزًا للقوتِ يَرزُقكم زرعَكم ويكثّرُه ويَزيدُ غِلالَ برِّكم فتَستَغنُونَ في كلِّ شيءٍ لكُلِّ سَخاءٍ خالِصٍ ينشئُ شُكرًا لله.
الإنجيل: لو 8: 41-56
في ذلك الزمان، دنا إلى يسوع إنسانٌ اسمه يايرُسُ، وهو رئيسٌ للمجمع، وخرّ عند قدمي يسوع وطلب إليه أن يدخل إلى بيته، لأنّ له ابنة وحيدة لها نحوُ اثنتي عشْرَة سنة قد أشرفت على الموت. وبينما هو منطلقٌ كان الجموع يزحمونه. وإنّ امرأة بها نزفُ دمٍ منذ اثنتي عشرَة سنة، وكانت قد أنفقت معيشتَها كلَّها على الأطبّاء، ولم يستطعْ أحدٌ أن يشفيَها، دنت من خلفه ومسّت هُدبَ ثوبه وللوقت وقف نزفُ دمِها. فقال يسوع: "من لمسني؟" وإذ أنكر جميعهم قال بطرس والذين معه: يا معلّم إنّ الجموع يضايقونك ويزحمونك وتقول من لمسني؟ فقال يسوع: "إنّه قد لمسني واحدٌ لأنّي علمت أنّ قوّة قد خرجت منّي". فلمّا رأت المرأة أنّها لم تخفَ جاءت مرتعدةً وخرّت له وأخبرت أمام كلّ الشعب لأيّة علّةٍ لمسته وكيف برئت للوقت. فقال لها: "ثقي يا ابنةُ، إيمانُك أبرأكِ فاذهبي بسلام". وفيما هو يتكلّم جاء واحدٌ من ذوي رئيس المجمع وقال له: إنّ ابنتَك قد ماتت فلا تُتعب المعلّم. فسمع يسوع فأجابه قائلًا: لا تخف، آمن فقط فتبرأ هي. ولمّا دخل البيت لم يدَع أحدًا يدخل إلّا بطرس ويعقوب ويوحنّا وأبا الصبيّة وأمّها. وكان الجميع يبكون ويلطمون عليها فقال لهم: لا تبكوا إنّها لم تمت ولكنّها نائمة. فضحكوا عليهِ لِعِلْمِهم بأنّها قد ماتت. فأمسك بيدها ونادى قائلًا: يا صبيّة قومي. فرجعت روحُها في الحال. فأمر أن تُعطى لتأكل. فدهش أبواها، فأوصاهما أن لا يقولا لأحدٍ ما جرى.
في الإنجيل
يايروس يهوديٌّ رئيسُ مجمع. ابنتُه تلفظُ أنفاسَها الأخيرة، لذلك جاءَ إلى يسوعَ يتوسّلُ إليهِ أن يأتيَ إلى بيتِه علَّهُ يستطيعُ أن يُنقذَها من الموت. إنّها حالةٌ طارئة، ولا تتحمّلُ التأجيل، فلماذا تباطأَ الرّبُّ يسوع في الذّهابِ إلى بيتِ يايروس؟
لكي نعرفَ الجواب، علينا أن نُقارِنَ بين يايروس وقائد المئة.
قائدُ المئة، الوثنيّ، كان إيمانُه أقوى من إيمان يايروس اليهوديّ، لأنّه قالَ ليسوعَ: أنا غيرُ مستحقّ أن تدخلَ تحت سقفِ بيتي، ولكن قُلْ كلمةً فقط فيبرأَ غُلامي. أمّا يايروس فأصرّ أن يأتيَ بيسوعَ إلى بيتِه ربّما استطاعَ أن يصنعَ شيئًا.
يسوعُ قَبِلَ أن يأتيَ مع يايروس إلى بيتِه، ولكنّه تباطأَ، كما تباطأ عندما عَلِمَ بِمَرضِ صديقِهِ لَعازر.
إنّه يَعلَمُ أنّ تأخُّرَهُ في الذّهاب يعني أنّ ابنةَ يايروس ستموت لأنّ وضعَها لا يتحمّل الانتظار.
فلو أنّه ذهبَ بِسُرعةٍ وشَفاها، لَما كان في ذلك بُرهانٌ ساطعٌ على أُلوهتِه.
أمّا إقامتُه إيّاها من الموت ففيها أعجوبةٌ أكبر.
فعندما لَمَسَته المرأةُ النّازفةُ الدّم، توقّفَ عن المسير وسألَ: مَن لَمَسَني؟
وفي هذا درسٌ لنا، أنّ الربَّ لا يهتمُّ بِذَوي المناصبِ دُونَ الناسِ البُسَطاء.
يهتمُّ برئيسِ المجمع وبالمرأةِ المسكينةِ على حدٍّ سَواء. وأكثرَ مِن ذلك، أظهرَ لَنا وَلِلجُموعِ المزدحمةِ حولَه، وليايروس، أنَّ لهذه المرأةِ إيمانًا عظيمًا، وأنّ إيمانَها هو الّذي أهّلَها لأنْ تنالَ قُوّةَ الشِّفاءِ من الرَّب.
في قَولِ الربِّ "مَن لَمَسَني" لم يَقصدْ محاسبةَ المرأةِ على مُخالفةٍ ما، بل أرادَ تَزكيتَها ورفعَ شأنِها والإطراءَ عليها أمامَ الجميع.
لذلك لم يتركْها تبرأُ في الخَفاء، بل أصرَّ على إشهارِها. فظهَرَ إيمانُها وظهرَت تَقواها، وأخبرَتِ الحاضرِينَ بكُلِّ ما حدثَ لها، شاهدةً للرَّبِّ وممجِّدةً قدرتَه.
وأعطاها الرّبُّ هديّةً عظيمة إذ قال لها: "ثقي يا ابنة، إيمانك قد شفاكِ، اذهبي بسلام".
لقد زادَها إيمانًا بِقَولِهِ "ثِقي"؛ وأعطاها البُنُوَّةَ بِقَولِه "يا ابنةُ"؛ ومجّدَها بِقَولِه "إيمانُكِ قد أبرأَكِ"؛ وأخيرًا قدّمَ لها هديّةَ السَّلام الروحيّ بِقَولِه "اذهَبي بِسَلام".
يايروُس الّذي اضطربَ في البداية خشيةَ التأخُّرِ على ابنتِه، امتلأَ إيمانًا من جرّاءِ ما حصلَ للمرأةِ النّازفةِ الدّم.
وهذا ما أرادَ الرَّبُّ أن يصنعَهُ معه، أن يُعطيَهَ جرعةً قويّةً من الإيمان، لكي يتحمّلَ الصّدمةَ الآتية، إذ جاءَ على الفَورِ مَن يخبرُه بأنّ ابنتَهُ ماتت. الرّبُّ يسوعُ الكلّيُّ الرأفة، لم يتركْهُ يرزحُ تحتَ وطأةِ الصّدمة، بل قالَ لَهُ على الفَور: "لا تخف، آمن فقط فتبرأَ هي".
الرَّبُّ يُقوّي إيمانَ الضُّعَفاء، وَيُزَكّي ذوي الإيمانِ القَويّ ويكافئُهم. له المجدُ إلى الأبد. آمين.
يا ربّ، أنت هو نصيبي
يا ربّ، أنتَ خلقتَ السماوات والأرض وكلّ ما فيهما. فكان الجمالُ وكان الحُسْنُ في أرضكَ وفي سماواتك. جمالٌ وحُسْنٌ يُبديان لنا بعضًا من جمالكَ وحُسْنِكَ.
يا ربّ، أنتَ خلقتَ الإنسانَ على صورتك، وجعلتَه سيَّدًا في الأرض، لكي يصونَ الحُسْنَ والجمالَ في أرضكَ، ولكي يملأَ أرضكَ خيرًا وسلامًا وعدلًا.
يا ربّ، يا ثالوثًا متحابًّا، أنتَ أبرزتَ الناسَ إلى الوجود على أرضكَ، ليعيشوا على مثالك في وحدةٍ وتحابّ.
خلقتَ الإنسان رجلًا وامرأة ليكونا على مثالك في وحدة وتحابّ، وليُثمرا ثمرًا طيّبًا، بناتٍ وبنين يعيشون معهم حياة مشتركة، حياةَ المشاركة والتحابّ. وإنْ كان الناسُ جماعات وأممًا فأنتَ أردتَ لهم أنْ يتعاونوا ويتآزروا، وأن يحيوا على مثالكَ حياة المشاركة والتحابّ، لتمتلئَ أرضكَ خيرًا وسلامًا وعدلًا.
يا ربّ، أنتَ أردتَ الإنسانَ شكورًا، يعيش وهو مملوء من الشعور بعطيّتكَ ونعمتكَ، فيرفعُ إليكَ الشكرَ والحمدَ على ما تُنعمَ عليه من الحياة وفي الحياة على أرضكَ. وبهذا يكون كاهنَ هذا الكون الذي خلقتَه والذي أوجدتَه فيه.
ولكنّ الإنسان عتا وتجبّر، وما شاءَ أن يحيا وفقَ إرادتكَ. أراد الأرضَ أن تكونَ أرضَه وحدَه.
ما شاءَ الإنسانُ أن يحيا على مثالك حياةَ مشاركةٍ وتحابّ، بل جعل الاستئثارَ والاستعبادَ والبغضاءَ شرعةً له.
فمنذ البدء، منذ أن قام قايينُ بقتلِ أخيه هابيل، واهمًا أنّه بذلك يستأثر برضاك، منذ تلك المعصيةِ والإنسانُ العاتي يملأ الأرضَ من دماء أخيه الإنسان.
منذ تلك المعصية ونمرودٌ بعد نمرودٍ ينتشي من الدماء والقهر ودَوْسِ أخيه الإنسان؛ ونمرودٌ بعد نمرودٍ ينتشي من الآهات التي يُطلقها الإنسانُ المسحوقُ على يد ذلك العاتي.
وأنتَ يا ربّ، وأنتَ من البدء عالمٌ ما في الإنسان، ومع ذلك أردتَ لذاتك الدخولَ في مغامرة منحِ الوجود لكائن حرّ قد يختار الاستئثارَ والبغضاءَ والدماءَ.
لقد أرسلتَ لبني آدم، إخوة قايين، كلمةً مؤنّبةً هاديةً على لسان أنبيائك، فما ارعوى العتاة عن غيّهم. فنبذوا أنبياءَك واستمرّوا يملؤون أورشليمَ وجميعَ مدن بني البشر ظلمًا وبطشًا ودماء.
صرخ إليك البائس المسكين، الذي سحقه الظالمون:
"إلهي إلهي لماذا تركتني؟"،
"إلى متى، يا ربّ، تنساني؟ أإلى النهاية؟".
صرخ إليك الذليلُ الذي يُعاني الاضطهاد والظلم، والذي لم يجِدْ له معينًا ولا نصيرًا بين البشر، ضارعًا: "أنتَ هو رجائي، أنت هو ملاذي، أنت هو نصيبي في أرض الأحياء".
وأنتَ يا ربّ، وأنت في سماواتك، كنت تئنّ ليس فقط من آلام المسحوقين، بل وأيضًا من قساوة قلوب العتاة الساحقين. فأتى ابنُكَ، وحيدُك، إلى الأرض صائرًا إنسانًا مسحوقًا على الصليب.
لقد أرسلتَ ابنَكَ إلى أرضِك، لتستعيدَها أرضًا لك، مفيضًا روحَكَ القدّوس على مَن تيقّن أنّ الغلبةَ في النهاية، ليست للتجبّر والمعصية، بل للمحبّة التي منك، للمحبّة المبذولة على الصليب.
شكرًا لك يا ربّ، لأنّك هديتنا وأعطيتنا أن نحيا واثقين أنّك أنت هو نصيبنا، ليس فقط "في أرض الأحياء" هذه التي أعطيتنا أن نعيش عليها اليوم، بل وأيضًا أنت نصيبنا في حياة أبديّة أعطيتنا أن نكون فيها شركاء في مجد مسيحك، الذي أنت مبارك معه ومع روحك القدّوس إلى الأبد، آمين.