الأحد 26 أيار 2024

الأحد 26 أيار 2024

23 أيار 2024
الأحد 26 أيار 2024
العدد21
أحد المخلّع
اللحن الثالث، الإيوثينا الخامسة

 
أعياد الأسبوع:

26: تذكار الرسول كَرْبُس أحد السبعين، القدّيس يعقوب بن حلفى، 27: الشّهيد في الكهنة ألاذيوس، يوحنّا الروسيّ، 28: أفتيشيوس أسقُف مالطية، إندراوس المتباله، 29: إنتصاف الخمسين، الشّهيدة ثاودوسيَّا، ألكسندروس رئيس أساقفة الإسكندريّة، 30: البارّ إسحاقيوس رئيس دير الدلماتن، البارّة إيبوموني، 31: الشّهيد هرميوس، 1: الشّهيد يوستينوس الفيلسوف.
 
أحد المخلَّع

(يو 5: 1- 15)
"شفاء مخلَّع بيت حسدا"

يحدّثنا، يا أحبّة، إنجيل اليوم عن مخلّع مريض منذ ثمانية وثلاثين عامًا. لم يجد خلالها أحدًا، ولا حتّى واحدًا على الأقلّ، يلقيه في البركة عند تحريك الماء، على حسب قوله: "بل بينما أكون آتيًا ينزل قبلي آخر"، بمعنى عندما أهمّ بالنزول يسبقني الآخرون، وأحدٌ ما لم يرأف بحالي.

إنجيل اليوم يطرح موضوع المرض ويصوّر لنا أنواع المرضى. حسب إنجيل اليوم لدينا نوعان من المرضى: النوع الأوّل، هم المرضى على غرار المخلّع، والنوع الثاني، هم المرضى على غرار جيران المخلّع الذين كانوا ينزلون قبله إلى البركة.

غالبًا ما يضع المرض الإنسان على محكّ التجربة. يسمح به الله، لا لكي يعذب الإنسان بل لكي يعود إلى نفسه ويعي عميقًا أنّه كعشب الأرض يذوي وييبس، وأنَّه لا شيء من دون رحمة الله.

من دون شكّ، يُمحِّص المرض أيضًا إيماننا ومحبّتنا تجاه الله. هل سنبقى ثابتين وأمينين في محبّتنا لله أم لا؟ هل سنصبر شاكرين أو سنكفر مجدّفين؟ شكر المخلّع وإيمانه برزا من خلال الإجابة التي توجّه بها إلى المسيح:

ففي البداية، المخلّع لم يجدّف أو يكفر معتبرًا الله سبب شقائه كحال الكثيرين من المرضى الذين غالبًا ما ينسبون مرضهم إلى الله الذي ظلمهم أو تناساهم.
ثانيًا، المخلّع لم يغضب مستنكرًا سؤال المسيح له: "أتريد أن تبرأ؟"، معتبرًا سؤال المسيح سخفًا وسخرية، ولا سيّما أنّ الإنجيليّ يخبرنا بوضوح أنّ المسيح، عندما رآه ملقًى، "علم أنّ له زمانًا كثيرًا".

فكيف يمكن للمسيح أن يطرح مثل هذا السؤال البديهيّ جدًّا على مريض ينتظر بشوق الشفاء منذ ثمانية وثلاثين عامًا: "أتريد أن تبرأ؟".
من البديهيّ جدًّا أن يكون جواب المخلّع وجواب أيّ مريض له زمان في مرضه: "نعم أريد أن أبرأ". لكن، إذا تأمّلنا في جواب المخلّع للمسيح: "يا سيّد، ليس لي إنسان متّى حُرّك الماء يلقيني في البركة، بل بينما أكون آتيًا ينزل قبلي آخر"، لفهمنا السبب في طرح المسيح سؤالًا بديهيًّا كهذا، ألا وهو أن يُبرز للعيان أمام الملأ فضيلته العظيمة.

كم كان المخلّع يتّصف بالحلم والتواضع، وذلك عندما توجّه إلى المسيح، وأجابه بكلّ وقار: "يا سيّد، ليس لي إنسان". أيضًا، لا يقتحم الربّ يسوع حرّيّة البشر عنوةً. من هنا، كان لا بدّ من سؤاله المخلّع، ومن سماع موافقته. لا يجترح المسيح المعجزات في حياتنا رغمًا عنَّا.

ثالثًا، لم يتذمّر المخلّع من رفاقه الآخرين من عميان وعرج ويابسي الأعضاء الذين كانوا يسبقونه وينزلون قبله إلى البركة وينالون الشفاء، بل جُلّ ما فعله، هو أنّه كشف له عن عذاب الوحدة. فبعبارة "ليس لي إنسان" يكشف لنا المخلّع عن العزلة القاتلة التي كان يعيشها مدّة ثمانية وثلاثين عامًا، ومع هذا كلّه، لم ييأس، ولم يقع في الإحباط، بل أظهر صبره ورجاءه وطول أناته تجاه الآخرين من رفاقه المرضى، الذين كانوا يعيشون بجواره ولكنّهم لم يُبالوا بوجوده.

لم ينغلق المخلّع على ذاته ويفكّر في نفسه فقط. كلّ ما حاول أن يفعله المخلّع حين سأله المسيح هل تريد أن تبرأ، هو أنّه عرض ألمه وحاله، من دون أن يتّهم أحدًا، من دون أن يتذمّر من أحد، لا من الله ولا من الآخرين. رغم أنّه على مدار ثمانية وثلاثين عامًا من الشلل ومن معاناته، كان يرى وفي كلّ سنة آخرين يشفون لمجرد أنّهم كانوا يقتنصون فرصته في الشفاء، ومع هذا كلّه لم يفقد محبّته ولم ييأس.

لم يكن يرى أنانية الآخرين وقلّة محبّتهم تجاهه سببًا حتّى ينفر منهم، بل من خلال ألمه العميق ومعاناته مع المرض كان يشعر بمأساة الآخرين ويتحسّس ضعفهم ويتفهّم السبب في أنّهم كانوا يسبقونه إلى البركة. على مدى ثمانية وثلاثين عامًا كان يشعر بألمهم أكثر بكثير ممّا كان يرى في فعلهم أنانيّة.
صبر المخلّع مذهل. انتظر ثمانية وثلاثين عامًا ولم يفقد صبره. السؤال الذي يطرح ذاته هنا: لماذا ترك المسيح المرضى الآخرين واقترب من المخلّع تحديدًا؟

ليس فقط لأنّه علم أنّ له زمانًا طويلًا في المرض، بل لأنّه عالمٌ بصبره الطويل، ولهذا فقد سأله هو تحديدًا دون سواه، كي يبرز لنا فضيلته كنموذج تعليميّ يحثّنا من خلاله على الاقتداء به. الأمر الآخر المميّز في المخلّع عن سواه هو إيمانه.

كما يخبرنا الإنجيليّ، عندما كان يسوع يُحدِّث المخلّع، المخلّع لم يعرفه من هو: "أما الذي شُفي لم يكن يعلم من هو"، أي أنَّه كان يتكلَّم مع يسوع، ومع هذا فقد ظهر إيمانه به حين استجاب بسرعة كبيرة لطلب غريب جدًّا من شخص غريب: "قم احمل سريرك وامش"، "وللوقت برئ وحمل الرجل سريره ومشى".
وقد يتساءل المرء: لماذا لم يقل له المسيح فقط "قم" طالما الشفاء هو الناحية الهامّة هنا، بل قال له: "احمل سريرك"، ما الداعي لحمل السرير؟ حتّى يُثبت المسيح للجميع أنّ الشفاء كامل، ويُقدّم لهم برهانًا بأمّ العين أنّه شُفي بالكلّيّة وأعضاؤه اليابسة صارت قوّية جدًّا.

إنجيل اليوم، يا أحبّة، يعلّمنا أمرين:

الأوّل، إنّ مصائب الحياة لا يسمح بها الله كي يعذّبنا أو يعاقبنا بل كي نزيد من تقوانا، وحتّى نشاطر الآخرين آلامهم ونشعر معهم، ونصبر على أنانيّتهم، بكلمات أخرى: حتّى لا نحيا ظاهريًّا بعضنا مع بعض، وبالعمق نكون منعزلين بعضنا عن بعض في سجون اهتماماتنا ومصائبنا وطموحاتنا. الإصرار في محبّة الآخر والصبر عليه هما علاج نزعة عالم اليوم الجامحة نحو الفرديّة المريضة.
والأمر الآخر هو بأيّ صبر يجب علينا أن نواجه مصائب هذه الحياة وأهوالها؟ أو بالأحرى، ما هو الصبر الذي يمكن أن يؤهّلنا لأن يأتي المسيح إلينا على غفلة كي يشفي تخليع نفوسنا وأجسادنا؟ له المجد إلى أبد الدهور، آمين.

+ يعقوب
مطران بوينس آيرس وسائر الأرجنتين
 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّالِث
 
لتفرح السَّماويَّات، ولتبتهج الأرضيَّات، لأنَّ الرَّبَّ صنع عِزًّا بساعده، ووطئ الموت بالموت، وصارَ بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
 
قنداق الفصح باللَّحن الثَّامِن

وَلَئِنْ كنتَ نزلتَ إلى قبرٍ يا من لا يموت، إلّا أنّكَ درستَ قوّة الجحيم، وقمتَ غالبًا أيّها المسيحُ الإله. وللنِّسْوَةِ الحاملاتِ الطِّيبِ قُلتَ: افْرَحْنَ، ووهبتَ رُسُلَكَ السَّلام، يا مانِحَ الواقِعينَ القِيام.
 
الرِّسالة:
أع 9: 32-42
رتِّلُوا لإِلهِنا رتِّلُوا                          
يا جميعَ الأُممِ صَفِّقُوا بالأيادِي

 
في تلكَ الأيَّامِ، فيما كانَ بُطُرسُ يَطوفُ في جَميع الأماكِنِ، نَزَل أيضًا إلى القدِّيسينَ السَّاكِنينَ في لُدَّة، فوَجَدَ هناكَ إنسانًا اسمهُ أَيْنِيَاسَ مُضَطجِعًا على سريرٍ مِنذُ ثماني سِنينَ وهُوَ مُخلَّع. فقالَ لهُ بطرُسُ: يا أينِياسَ يشفِيكَ يسوعُ المسيحُ. قُمْ وافتَرِشْ لنفسِك. فقام لِلوقت. ورآه جميعُ السَّاكِنين في لُدَّة وسارُونَ فَرَجَعوا إلى الرَّبّ. وكانت في يافا تِلميذَةٌ اسمُها طابيِتَا الَّذي تفسيرُهُ ظَبْيَة. وكانت هذه مُمتَلِئةً أعمالاً صَالحةً وصَدقاتٍ كانت تعمَلُها. فحدَثَ في تِلكَ الأيامِ أنَّها مَرِضَتْ وماتَتْ. فَغَسَلُوها ووضَعُوها في العِلِّيَّة. وإذ كانت لُدَّةُ بقُربِ يافا، وسَمعَ التَّلاميذُ أنَّ بطرُس فيها، أَرسَلُوا إليهِ رَجُلَيْن يسألانِهِ أنْ لا يُبطِئَ عن القُدُوم إليهم. فقام بطرُسُ وأتى مَعَهُمَا. فَلمَّا وَصَلَ صَعدوا بهِ إلى العِلِّيَّة. ووقَفَ لديِه جميعُ الأرامِلِ يَبْكِينَ ويُرِينَهُ أَقْمِطَةً وثِيابًا كانت تَصنَعُها ظَبيَةُ معَهَنَّ. فأخرَجَ بُطرُسُ الجميعَ خارِجًا، وجَثَا على رُكبَتَيْهِ وصَلَّى. ثمَّ التَفَتَ إلى الجَسَدِ وقالَ: يا طابيتا قُومي. فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. ولـمَّا أَبْصَرَتْ بُطرُسَ جَلَسَتْ، فناوَلَهَا يَدَهُ وأنهضَها. ثم دعا القدِّيسيِنَ والأرامِلَ وأقامَها لَديهمِ حيَّةً. فشاعَ هذا الخبرُ في يافا كلِّها. فآمَنَ كَثيرون بالرَّبّ.
 

الإنجيل: يو 5: 1-15

في ذلك الزَّمان، صَعِدَ يسوعُ إلى أورشليم. وإنَّ في أورشليم عند باب الغَنَمِ بِرْكَةً تُسَمَّى بالعبرانية بيتَ حِسْدَا لها خمسةُ أَرْوِقَة، كان مُضطجعًا فيها جمهورٌ كثيرٌ من المرضى من عُمْيَانٍ وعُرْجٍ ويابِسِي الأعضاء ينتظرون تحريكَ الماء، لأنَّ ملاكًا كان يَنْـزِلُ أَوَّلاً في البِرْكَة ويحرِّكُ الماء، والَّذي كان ينـزِلُ أوَّلاً من بعد تحريك الماء كان يَبْرَأُ من أَيِّ مرضٍ اعتَرَاه. وكان هناك إنسانٌ به مرض منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. هذا إذ رآه يسوع ملقًى وعلم أنَّ له زمانًا كثيرًا قال له: أتريد أن تبرأ؟ فأجابه المريض: يا سيِّدُ ليس لي إنسانٌ متى حُرّك الماء يُلقِيني في البركة، بل بينما أكون آتِيًا ينـزل قَبْلِي آخَر. فقال له يسوع: قُمْ احْمِلْ سريرَك وامْشِ. فللوقت بَرِئَ الرَجُلُ وحمل سريرَه ومشى. وكان في ذلك اليوم سبتٌ. فقال اليهودُ للَّذي شُفِيَ: إنَّه سبتٌ، فلا يحلُّ لكَ أن تحمل السَّرير. فأجابهم: إنّ الَّذي أَبْرَأَنِي هو قال لي: احْمِلْ سريرَك وامشِ. فسـألوه: من هو الإنسان الَّذي قال لكَ احملْ سريرَك وامشِ؟ أمّا الَّذي شُفِيَ فلم يكن يعلم مَن هو، لأنَّ يسوعَ اعتزل إذ كان في الموضع جمعٌ. وبعد ذلك وَجَدَهُ يسوع في الهيكل فقال له: ها قد عُوفِيتَ فلا تَعُدْ تُخْطِئ لِئَلَّا يُصِيبَكَ شرٌّ أعظم. فذهب ذلك الإنسانُ وأخبرَ اليهودَ أنَّ يسوع هو الَّذي أَبْرَأَهُ.
 
في الإنجيل

"قُمْ احْمِلْ سريرَك وامْشِ". خمس كلمات غيّرت حياة هذا المخلّع منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. خمس كلمات أعطته الشفاء وحرّرته من مرضه. لم يعد في حاجة إلى إنسان يلقيه في البركة لينال الشفاء من الملاك، فسيّد الملائكة تكلّم، وحيث تكون كلمة الربّ يكون الشفاء وتكون الحرّيّة.
أمران يلفتان النظر في هذا المخلّع:

إيمانه وصبره. فهو على الرغم من مرور ثمانٍ وثلاثين سنةً على مرضه، لم يفقد إيمانه، وبقي واثقا من أنّه إذا ألقي في البركة فإنّه سيشفى لذلك انتظر هذه المدّة كلّها لكي يجد من يلقيه في البركة لينال الشفاء.

وها هو ينال ما أراده، إنّه لم يتردّد عندما سمع كلام السيّد بل للوقت "حمل سريرَه ومشى" لقد آمن بكلمة الربّ المحيية التي لا تشفي من المرض فحسب، بل تحرّر الإنسان من خطيئته وموته.

فيا أيّها المسيح القائم من الموت امنحنا إيمان هذه المخلّع وصبره لكي نكون مستحقّين أن نسمع كلمتك ونعمل بها فننال التحرّر من خطايانا ونقوم معك صارخين: المسيح قام حقًّا قام.
 
رعيّة أبو ظبي الأرثوذكسيّة
رسالةُ سلامٍ ومسيرةٌ من نور

إنّ رعيّة أبو ظبي الأرثوذكسيّة هي من الرعايا الأنطاكيّة الموجودة في منطقة الخليج، ضمن دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. وكنائس الإمارات العربيّة المتّحدة هي معتمديّةٌ بطريركيّة، أي تتبع مباشرةً بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق، وتضمّ كنيسة سيّدة البشارة للروم الأرثوذكس في جبل علي-دبي، ورعيّة الشارقة، ورعيّة أبو ظبي والعين.

        في أبو ظبي رعيّة العين (قيد التأسيس)، ورعيّة أبو ظبي التي تضمُّ كنيسة القدّيس نيقولاوس العجائبيّ، وهي الأقدم، تأسّست في النصف الأوّل من ثمانينيّات القرن الماضي على عهد مطران بغداد والكويت والجزيرة العربيّة آنذاك المثلّث الرحمات قسطنطين (باباستيفانو) (✥٢٠١٦)، الذي أسّس كنائس الإمارات كرسولٍ آخر، منذ أواخر سبعينيّات وأوائل ثمانينيّات القرن الماضي. خدم كنيسة القدّيس نيقولاوس عددٌ من الكهنة، منهم قدس الأرشمندريت برنابا الذي يخدم اليوم  كنيسة سيّدة البشارة في جبل علي، والمثلّث الرحمة الأسقف لوقا (الخوري)، أسقف صيدنايا والمعاون البطريركيّ الذي رقد بالربّ في كانون الثاني (✥٢٠٢١).

أمّا خادم الرعيّة اليوم، وهو الركن الأساسيّ في ما آلت إليه الرعيّة، فهو قدس الأرشمندريت استفانوس (نعيمة) الذي تعب في بناء الرعيّة حجرًا وبشرًا منذ أوائل تسعينيّات القرن الماضي حتّى اليوم. وتضمّ الرعيّة أيضًا كاتدرائيّة النبيّ إيليّا في المصفح، التي شيّدت على عهد صاحب الغبطة يوحنّا العاشر، خلال رئاسة صاحب السيادة غريغوريوس (الخوري) أسقفيّة الإمارات، وهو متروبوليت حمص الحاليّ. وقد جرى تدشينها بشكل مهيبٍ بحضور فعاليّات الدولة في كانون الثاني ٢٠١٨.

        إنَّ كاتدرائيّة النبيّ إيليّا هي مجمّعٌ متكاملٌ يتضمّن الكنيسة وملحقاتها من قاعات ومسرح ومبنًى للسكن، وكلّ ما يلزم لتأمين خدمة أفضل وأشمل لأبناء الرعيّة كافّة. تجري النشاطات في هذا المجمّع على مدار السنة لجميع الأعمار، منها مدارس الأحد للطفولة، ونشاطات الشبيبة والعائلات...

رعيّة أبو ظبي خليّةٌ من العمل لا تنام، واليوم نحن هنا لتعزيز هذا العمل وتفعيله وتطويره. على الكنيسة الأرثوذكسيّة، أينما وُجدَت، أن تقوم بدَورها على صعيد البشارة والبناء الروحيّ لشعبها من جهة، وأن تكون من جهةٍ أخرى منفتحةً على البيئة الموجودة فيها، مع الحفاظ على القيَم والأسُس التي تُميّزها عن باقي الكنائس.   
            

        الكنيسة هي الأمّ التي تجمع أبناءَها تحت جناحيْها، بغضّ النظر عن البيئة التي ينحدرون منها. ففي رعيّة أبو ظبي، ترى ابن بيروت مع الذين أتوا من منطقة السويداء في سوريا، كذلك ابن وادي النصارى مع ابن الكورة في لبنان. في الكنيسة، ثمَّة تخطٍّ لكلّ حدود الجغرافيا والأيديولوجية، فيها أبناء الإيمان الواحد المستقيم، لأنّ ما يجمعنا هو الكأس الواحدة، كما يقول الرّسول بولس إلى أهل غلاطية: "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غل٢٨:٣).

        إنَّ أبناء الجاليَتين اللبنانيّة والسوريّة، فضلًا عن الجاليتَين الأردنيّة والفلسطينيّة، قد أتوا إلى هنا إلى بلاد الخليج بعامّة، والإمارات بخاصّة، حيث فُتحَت أمامهم فرصٌ للعمل، لأنّ في هذه البلاد ثورةٌ عمرانيّةٌ وإنمائيّةٌ واقتصاديّة. ومنهم مَن أتى بسبب الضائقة الاجتماعيّة وظروف الحرب، لكي يؤسّسوا مستقبلاً عجزوا عن تحقيقه في بلادهم الأمّ. هنا في دولة الإمارات المتّحدة، يشعر الإنسان بكرامته المفقودة في بلاده بسبب الظروف القاسية التي عاناها شعبنا، وسوء إدارة البلاد، وفساد الحكّام والانقسام السياسيّ والطائفيّ. ولكن يجب ألّا ننسى أنّ شرارة المسيحيّة قد بدأت من الشرق ومنها امتدّت إلى العالم أجمع.

        يواجه العمل الكنسيّ في هذا العصر تحدّياتٍ جمّة، لذا وجبَ علينا أن نكون سنَدًا لأبناء كنيستنا، دون تمييزٍ في ما بينهم. وأطلب جاهدًا أن نُبرز وجه يسوع، ذلك الوجه العذب، أمام العالم كلّه، لأنّ المسيحيّة هي ملح الأرض الذي تحتاج إليه. العالم الساقط مقسومٌ عموديًّا وأفقيًّا، لذلك هو مِللٌ وطوائف؛ أمَّا الأرثوذكسيّة الحقّ فتتخطّى كلّ هذه المحدوديّة، لأنّها تعيش خبرة التسلسل الرسوليّ عبر آبائها وقدّيسيها ومعلّميها، واضعةً الإنجيل نُصب عينَيها.

        المسيحيّة جهادٌ مستمرٌّ ضدّ كلّ ضعفٍ وخطيئة. هذه هي الأرثوذكسيّة، هي كنيسةٌ تحثُّ شعبها على التَّوبة، مُصلّيةً لكي يُمطرَ الله نعمَه عليها. أصلّي إلى الربّ لكي يعطينا كلّ حكمةٍ لإدارة شؤون الشعب المؤمن وحاجاته.

        هذا ما نصبو إليه خلال خدمة هذه الرعيّة، أن نستفيد من خبرة الذين سبقونا، لكي نُكمل المسيرة حتى الرمَق الأخير. الهدف المرجوّ هو الاهتمام بالجيل الصاعد لأنّه مستقبل الكنيسة، لذا سوف ننمّي كلّ موهبةٍ عندهم لخدمة الكنيسة لأنّ التحدّي كبير.

        المسيحيّة ليست ضعفًا، إنّها تعيش القيامة في كلّ يومٍ وكلّ ساعةٍ من حياتها. تُجاهد الكنيسة في الصَّوم، وتدخل الأسبوع العظيم مُسمِّرةً عينَيها على يسوع، ومتّبعةً خطواته حتّى الصلب والدفن. لذلك نحن ندفق الطيب، لأنّنا مُتنا معه وسنقوم معه، وهذا سوف يرافقنا كلّ حياتنا آمين.