الأحد 28 كانون الثاني 2024

الأحد 28 كانون الثاني 2024

25 كانون الثاني 2024
الأحد 28 كانون الثاني 2024
 العدد 4
الأحد (14) من لوقا (الأعمى)
اللحن الأوّل، الإيوثينا الأولى

 
أعياد الأسبوع:
 
28: البارّ أفرام السريانيّ، البارّ بلاديوس، 29: نقل بقايا الشَّهيد في الكهنة إغناطيوس المتوشّح بالله، 30: الأقمار الثلاثة وأمّهاتهم: آميليا- نونة- أنثوسة، 31: كيرُس ويوحنَّا العادما الفضّة، الشَّهيدة أثناسيَّا وبناتها، 1: تقدمة عيد الدُّخول، الشّهيد تريفن، 2: دخول ربّنا يسوع المسيح إلى الهيكل، 3: سمعان الشيخ، حنة النبيَّة.
 
الرعايَة الدائِمَة
 
"إلى الآنَ أبي يَعمَل وأنا أعمَل" (يوحنّا 5: 17)، فالخَلقُ عندَ الله عَمَلٌ دائِم لأنَّه الخالِق، وكذلِك ولادَةُ المؤمِن هي مُستَمِرَّة لأنّ الرَبَّ يقودُ نَفسَهُ فتصير كنَبعٍ لا تَنقَطِع مياهُه (إشعياء 58: 11).
 
نِعمَةُ التَبنّي التي بِها صرنا أبناءً للعَليّ هي رعايةٌ لا نهاية لها: من خلالها نُؤمِن، وبها نُبصِرُ يَقينًا المرعى الخصيب ومياه الراحَة (المزمور 22)
 
الرعاية هي وصيّة القائم من بين الأموات لبُطرس بعد سؤاله ثلاثًا "أتُحِبُّني" (يوحنّا 21: 15-17)، صارَت له طريقَ توبَةٍ قبِلَها السيّد بعد أن أنكَرَه هامَة الرُسل ثلاثًا قبل صِياح الديك (مرقس 14: 72).
 
بُطرُس أُعتِقَ من نير الخَطيئة وما لَبِث أن حَرَّره الله مِن سلاسِل السُلطان الدُنيويّ وأخرجَهُ من سِجن أمور العالَم (أعمال الرسل 12: 7)، حينها فَهِمَ كيف يَسير على أمواج العناية بكنيسةِ المسيح، دون أن يَغرَق في بحرِ المشاكل والمماحَكات الهذيانيّة، بل تحوّل إلى صيّادِ بشرٍ يبني حجارَة اللهِ الحَيَّة.
 
وأما قدّيس اليوم، البارّ أفرام السريانيّ، فقد فهِم عَمَليًّا كلمة الرَبّ "إِرعَ خِرافي" وبَدأ من نفسِه، "الخروف الضال" (خدمة جنّاز العلمانيّين)، وترجم عُصارَة الوصيّة بصلاةِ التوبة التي نُكرّرها في الصَّوم الكبير:
 
"أعتِقني من روحِ البَطالَةِ"، أي الكَسَل وعدم الإنتاج، لأنّ الرعاية الدائمة هي منتوج قداسة لملكوت السَماوات؛ وبما أنّ "العملَ كثيرٌ والفَعَلةَ قليلون" (لوقا 10: 2)، يَعمل الراعي الصالح بلا كَلَل، فيبذُل نَفسَه ثمارًا تَليق بالتوبة (متّى 3: 8)، كي لا يكونَ مجرّد تينَةٍ مَغرورَة بأوراقها وبدونِ ثَمرٍ، بل سُنبلةً متواضعة تحني رأسها لأنّها تُقدّم لله ما هو له أصلًا.
 
الرعاية الدائمة تَحفظ الراعي لأنّ "المقَدِّس والمقَدَّسينَ هُم مِن واحِد" (عبرانيّين 2: 11)، وإن كُنّا نَرعى فلِلَّهِ نَرعى، وبِهِ نُرعى، نَرفَعهُ فيَرفَعُنا، نَعمَل مع النِّعمَة لنَأخُذ النِعمَة.
 
بهذا العمل المؤازِر، synergy، نَطلُب روح السَّلام فنفهم أن حبّ الرئاسة ما هو إلّا ثانويّ، والكلام البطّال لا مكان له في سعينا نحو الآخَر. حينها نَحيا بروح العِفَّة واتّضاع الفكر لأن الكمال ما هو إلا لله.
 
نَصبُرُ بالرعاية إذ نألَف المحبّة، نعرف ذنوبنا بالتوبة المستمرّة فلا نَدين لأن الديّان العادِل هو واحد.
 
فطوبى لِمَن يَعشَقُ باكِرًا عِشرَةَ الرَبّ.
 
 
طروباريّة القيامة باللحن الأوّل
 
إن الحجر لمّا خُتم من اليهود، وجسدك الطاهر حُفِظَ من الجند، قمت في اليوم الثالث أيّها المخلِّص، مانحًا العالم الحياة. لذلك، قوّات السماوات هتفوا إليك يا واهب الحياة: المجد لقيامتك أيّها المسيح، المجد لملكك، المجد لتدبيرك يا محبَّ البشر وحدك.
 
قنداق دخول السيّد إلى الهيكل باللحن الأوّل
 
يا من بمولِدَك أيّها المسيحُ الإلهُ للمستودع البتولِّيِّ قدَّسْتَ وليَدَيْ سمعانَ كما لاقَ باركْت، ولنا الآن أدركْتَ وخلَّصْتَ، إحفظ رعيَّتَك بسلامِ في الحروب، وأيِّدِ الملوك الذين أحبَبْتَهم، بما أنّك وحدَكَ محبٌّ للبشر.
 
الرسالة: 1 تيمو 1: 15- 17
(31 بعد العنصرة)

خلّص يا ربُّ شعبَكَ وبارِك ميراثك                          
إليك يا ربُّ أصرُخُ الهي

 
يا ولَدَي تيموثاوُسَ صادِقةٌ هي الكَلِمةُ وجديرةٌ بكلِ قَبولٍ. إنَّ المسيحَ يسوعَ إنَّما جاءَ إلى العالم ليُخلِّصَ الخطأةَ الذينَ أوَّلُهم أنا، لكنّي لأجلِ هذا رُحِمتُ ليُظهِرَ يسوعُ المسيحُ فيَّ أنا أوّلًا كلَّ أناةٍ مثالًا للَّذينَ سيؤمِنون بهِ للحياةِ الأبديَّة. فلِملكِ الدهور الذي لا يَعروهُ فسادٌ ولا يُرى اللهُ الحكيمُ وحدَهُ الكرامةُ والمجدُ إلى دهر الدهور. آمين.
 
الإنجيل: لو18: 35-43 (لوقا 14)
 
في ذلك الزمان، فيما يسوع بالقربِ من أريحا، كان أعمى جالِسًا على الطريق يستعطي. فلمَّا سمع الجمعَ مجتازًا سأل: ما هذا؟ فأُخبِرَ بأنَّ يسوعَ الناصريَّ عابرٌ. فصرخ قائلاً: يا يسوع ابنَ داودَ ارحمني. فزجرهُ المتقدِّمون لِيسكتَ فازداد صراخًا يا ابنَ داودَ ارحمني. فوقف يسوع، وأمر أنْ يُقدَّمَ إليهِ. فلمَّا قرُب سألهُ: ماذا تريد أن أصنَعَ لك؟ فقال: يا ربُّ أن أبصِر. فقال لهُ يسوع: أَبصِر. إيمانك قد خلَّصك. وفي الحال أبصَرَ، وتبعَهُ وهو يمجّد الله. وجميعُ الشعب إذ رأوا سبَّحوا الله.                       
 
في الإنجيل
               
في التلاوةِ الإنجيليّةِ اليومَ أعجوبةُ شِفاءِ أعمى أجراها الربُّ يسوعُ وهو سائرٌ في الطريقِ داخلًا إلى أريحا، لكي يعلِّمَنا أنّه يعملُ في كلّ وقت، وليس لديه وقتٌ لا يَعملُ فيه، حتّى وهو سائرٌ في الطريق.
               
صرخةُ الأعمى "يا يسوع ابنَ داود ارحمني" صلاةٌ فعّالةٌ رغمَ قلّةِ كلماتِها.
 
والسببُ في ذلك أنّها صلاةٌ ممزوجةٌ بِروحِ التواضع الذي يذكّرُنا بتواضعِ العشّار.
 
الصلاةُ الصادرةُ عن قلبٍ بسيطٍ متواضعٍ تكونُ فَعّالةً وتقتدرُ كثيرًا على استعطافِ السيّد.
 
ويلفتُنا كون طالب الرحمةِ هذه المرّةُ إنسانًا أعمى.
 
وفي هذا تعليمٌ كبيرٌ لنا نحن الذين نملكُ عيونًا تُبصِر، ألا وهو أنّ الغايةَ من هذه الحياةِ أن نمتلكَ بصيرةً داخليّةً نستطيعُ بواسطتِها أن نُعايِنَ الله.
 
وهذه الغايةُ لا تؤمّنُها لنا العيونُ الخارجيّة.
 
لم يَفهم المحيطون بالرّبّ موقفَ الأعمى ولم يقدِّروا إيمانَه، بل انتهروه لِيَسكت، لكنّه ازدادَ صُراخًا، أي راحَ يصرخُ أكثرَ مِن ذِي قَبل.
 
وهذه اللَّجاجةُ في الصَّلاةِ مطلوبةٌ ومُبارَكة، وَبِسَبَبِها أَوقفَ يسوعُ الموكبَ كُلَّهُ وطلبَ أن يَأتُوا بالرجلِ الأعمى، وسألَه عمّا يُريد.
 
إذًا عندما يُصَلّي الإنسانُ يسمعُ الله، لا سيّما إذا كانت الصلاةُ بِلَجاجةٍ، وإذا كانت مشفوعةً بقلبٍ متخشِّعٍ متواضع، وإذا جاهدَ الإنسانُ لكي لا يتركَ المجالَ لضجيجِ الدُّنيا أن يشغلَه عن غايتِه الروحيّة.
 
من جهةٍ ثانية، هؤلاء المحيطونَ بالأعمى والزاجرونَ له يرمزون إلى الشهوات الجسديّة والرذائل الكثيرة التي تعمل في قلوبنا، وتُشَتِّتُ أفكارَنا وتُفسِدُ صلواتِنا.
 
ونتعلّمُ من هذا الأعمى ألّا نَكُفَّ عن الصّلاةِ والتضرُّعِ متى كَثُرَ ضجيجُ أفكارِنا وزلّاتِنا، بل أن نزدادَ صلاةً وصراخًا إلى اللهِ المنقِذ.
 
هذه الصلاةُ الحقيقيّةُ لم تمنحِ الأعمى نعمةَ البَصرِ فقط، بل جعلَتْهُ تلميذًا للربِّ يسوع.
 
ونرى هذا في النصّ عندما يقول: "وفي الحال أبصرَ وتَبِعَهُ وهو يُمجِّدُ الله".
 
لقد انفتحَت بَصيرةُ الأعمى لِرُؤيةِ الربّ، وَانطلقَ لِسانُه لتمجيدِ الله، وكان عِلّةَ تسبيحِ جميعِ الشعب لله.
 
يا لَتَحَنُّنِ مُخَلِّصِنا! يُسْكِتُ الضَّجِيجَ مِن حَوْلِنا، وَيُقَرِّبُنا إليه، وَيُجْرِي مَعَنا حِوارًا خَلاصِيًّا؟
 
وَما أَعْذَبَهُ مِنْ لِقاء! وَما أَطْيَبَهُ مِن حِوار! فإذا رَذَلَنا النّاسُ لا نَخْشى سُوْءًا، بَلْ فَلْنُصَلِّ لأَنَّهُ مَعَنا بِلا شَكّ.
 
وَلا نَتَذَمَّرْ مِنْ تَباطُئِهِ عَن مَعُونَتِنا، لأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنّا بِدونِ شَكٍّ، وَيَنْتَظِرُ اللَّحظةَ المُناسِبَةَ لِيَتَدَخَّلَ وَيَنْتَشِلَنا، وَيَمْنَحَنا خَيراتٍ تُوازي أَضْعافَ ما عانَيْنا وما انتَظَرْنا.
               
وبهذا المعنى، يُعَلِّقُ الذَّهبيُّ الفَمِ قائلاً:
 
"حتّى ولو أَرْجَأَ اللهُ جَوابَهُ، أو وَجَدْنا حَواجِزَ أُخْرى، فَلا نَتَوَقَّفَنَّ عَنِ الطَّلَب، لأَنَّ هذهِ الطَّريقةَ حَصْرًا هِيَ الّتي تجعَلُنا نَحظى بِمَعُونَةِ الله.
 
أُنْظُرُوا في هذه الحالةِ كيف أنّ حالةَ الأَعمى وعَماهُ وإمكانَ عَدَمِ استِجابَةِ طَلَبِه، وَمُمانَعَةَ الجَمْعِ له، كُلّ ذلك لم يَمْنَعْهُ عَنْ عَزْمِهِ الكَبير. هكذا تَكُونُ النَّفسُ المُلْتَهِبَةُ بِالإِيمانِ والتّائِقَةُ إلى الفضيلة".
 
يسوع مسيحًا في بدايات إنجيل مرقس
               
لقد وضع الإنجيليّ مرقس في بداية إنجيله عنوانًا جاء فيه:
 
"بدء إنجيل يسوع المسيح"، وبذا يعرّفنا أنّ كتابه ما هو إلّا بُشرى (كلمة "إنجيل / آفنجيليون" باليونانيّة تعني "بُشرى" بالعربيّة) بأنّ المسيحَ المنتظر قد جاء وهو يسوع.
 
فوَعْدُ اللهِ على لسان أنبيائه بخلاص شعبه على يد مسيحٍ ملكٍ من نسل داود، يوطّد ملكوتَ (أي مملكة) اللهِ إلى الأبد، قد حقّقه اللهُ على يد مسيحِه يسوع الناصريّ.
               
إنّها لبُشرى عظيمة، لا بل البُشرى العظمى، لشعب الله بأنّ زمن الانتظار قد انتهى وأنّ الله قد حقّق وعده: المسيح قد جاء، إنّه بينكم وهو يسوع، وملكوت الله يعتلِن على يده.
               
سأركّز كلامي على مَسْحِ يسوع مسيحًا ملكًا بمسحة الروح القدس عند صعوده من مياه الأردنّ؛ وعلى غلبته الشيطان الذي كان يجرّبه.
               
هذان الحدثان هما لوحتان مترابطتان يشكّلان صورة واحدة، صورة المسيح الغالب.
 
+ إضاءات على مَسْحِ يسوع في الأردنّ   
               
يرد في بداية سفر المزامير مزمورٌ مخصّصٌ لاحتفال مَسْحِ الملك هو المزمور الثاني.
 
فحين يُمسح الملك "بزيت البهجة" يأتيه صوتُ الله في المزمور:
 
"أنت ابني وأنا اليوم ولدتُكَ". أمّا يسوع، إذ هو "المسيحُ" بامتياز، فقد أتاه صوتُ الآب مباشرة من السماء، هاتفًا نحوه: "أنت ابني".
               
ويسوع هو "الحبيب" عند الله، إنّه "داود" (كلمة "داود" العبريّة تعني "حبيب") الجديد، الذي على يده تُقام مملكة الله الجديدة.
               
ولكنّ الآب يُنصِّبُ يسوع ملكًا مسيحًا يتملّك متّبعًا خطى "عبد يهوه" (بحسب الأصل العبريّ) أو "عبد الربّ" (بحسب الترجمة اليونانيّة) الذي قال فيه النبيّ إشعيا (الثاني) أروعَ القصائد النبويّة، أربعة قصائد مفعمة رؤية نبويّة جديدة، وبخاصةٍ النشيد الرابع المذهل.
 
ففيه نجد "عبد الربّ" يُساق كشاة إلى الذبح، ولم يُعاند ولم يفتح فاه ولا بكلمة واحدة، بل بكلّ رضًى بذل حياته فاديًا إيّانا.
               
فالمقطع الأخير في كلمة الآب التنصيبيّة "الذي به سررتُ" نجد مثيله في الشطر الثاني من مطلع القصيدة الأولى في "عبد الرب":
 
"هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي به سُرَّتْ نفسي".
 
فـ "مسرّة الله" العظمى نَتَجَتْ عن بَذْلِ يسوعَ ذاتَه فداءً عن أحبّائه البشر، طاعةً لمشيئة الله الذي "سُرَّ أن يسحقه" كما قال النبيّ في النشيد الرابع.
               
هذا المسيح الجديد لم يُمسَح بزيت تلازمه مسحةٌ غيرُ منظورة بـ "روح الله وقوّته" كما في القديم، بل مُسح مباشرة بالروح القدس الذي حلّ عليه وحلّ فيه ملازمًا إيّاه.
 
+ إضاءات على غلبة المسيح على الشيطان
               
تتمظهرُ مَلَكيّةُ الملكِ من خلال مظهرين أساسيّين: المسحة والنصرة على الأعداء.
 
لذا فإنّ المسيح يسوع من بعد مَسْحِهِ ملكًا بروح الله يعتلِن مباشرة غالبًا الشيطان.
 
فقد قاده الروحُ "للوقت" (على الفور) إلى البرّيّة ليواجه الشيطانَ ويظفر به.
 
فاستعلان ملكوت الله يستلزم إبطالَ تملّكِ الشيطان وإنهاءَه.
               
وقد اهتمّ الإنجيليّ أن يوضح جليًّا أنّ الله قد مسح يسوعَ الناصريّ مسيحًا ملكًا، ليس ليُجابِهَ الرومان المتسلّطين على شعبه، بل ليُجابِهَ الشيطان المتسلّط على بني البشر.
               
اختيارُ البرّيّة مكانًا لتجربة يسوع يعود بنا إلى امتحان الله لشعبه في البرّيّة بعدما أخرجهم من مصر.
 
فقد سار الربّ بشعبه "في البرّيّة العظيمة الرهيبة حيث الحيّات اللاذعة والعقارب والعطش، وأنبع له ماءً من صخرة صلدة، وأطعمه المنّ"  (تث 8: 15ـ16).
 
فقد جاء أيضًا في ذلك الخطاب الموجّه إلى الشعب:  2 «(...)
 
سَارَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي البرّيّة المقفرة، لِكَيْ يُذِلَّكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلْبِكَ:
 
أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لاَ؟ 3 فَأَذَلَّكَ وَأَجَاعَكَ وَأَطْعَمَكَ الْمَنَّ، لِكَيْ يُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ يَحْيَا الإِنْسَانُ.
 
4 ثِيَابُكَ لَمْ تَبْلَ عَلَيْكَ، وَرِجْلُكَ لَمْ تَتَوَرَّمْ هذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً. ( ... )».
               
لقد جربّ الشيطانُ يسوعَ في البرّيّة أربعين يومًا، فصمد يسوع أمام جميع التجارب غالبًا الشيطان.
 
فعرف فيه الشيطانُ رجلًا خالصًا لله.
 
من هنا سنجد الشيطانَ الذي كان يسكن في الممسوس في كفرناحوم يصرخ مخاطبًا يسوعَ قَائِلًا: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!» (مر 1: 24).
 
"قدّوسُ اللهِ" تعني "المكرّس كُلّيًّا لله"، "الملازم كُلّيًا للحقّ والبرّ"، وقد أُطلِقَ على "المسيح" (لوقا 1: 35).
               
ولعلّ خير خلاصة لما أورده مرقس في بدايات إنجيله ما جاء على لسان بطرس في كلامه إلى كورنيليوس قائد المئة والذين معه: «(...) 37 أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ الْجَلِيلِ، بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. 38 يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ. » (أعمال 10).
 
خواطر رهبانيّة
 
كلّ من ابتدأ بالطاعة والتوبة ينتهي بصورة طبيعيّة إلى الصلاة من أجل العالم كلّه.
 
- طالعوا كلَّ ما يساعدكم على التوبة
 
في المسيحيّة لا محلّ للروح القوميّة nationalisme
 
طالعوا الأقوال المأثورة لدى آباء الصحراء les Péres du desert apophtegmes
عن طريق المسبحة نصلّي من أجل العالم كلّه... صلِ من أجلي!
 
- لن يفارقنا سلامُ الله  طالما نُطيع
 
- هناك ارتباط بين العقيدة والحياة
 
الاستعداد للتألّم حاضرٌ عنده على الدوام وهو مفتاح النموّ الروحيّ
 
-              بدون التوبة والندامة الدراسات لا قيمة لها
Sans le repentir ses etudes ne valent absulumemt rien
لاهوت النور غير المخلوق théologie de la lumiêre incréée الفقراء غير المُثقّفين incultes هم أقرب إلى الله. الندامة هي التي تعلّم وترشد، هي المحبّة التي باستطاعتها أن تَهدينا إلى المعرفة الحقيقيّة.
 
- صلاة الراهب تدور حول الخلاص الأبديّ لا التطوّر العلميّ والتكنولوجيّ.
 
الراهب الحقيقي هو الذي يشكر كلّ من أشار إلى خطاياه الخاصّة أي خطايا الراهب.
 
خلاصة النصائح للإنسان المعاصر: الصبر، كن صبوراً في كلّ الصعاب patience.