الأحد 29 كانون الأوّل 2024

الأحد 29 كانون الأوّل 2024

27 كانون الأول 2024
الأحد 29 كانون الأوّل 2024
العدد 53
الأحد بعد ميلاد المسيح
اللحن الثاني، الإيوثينا الخامسة


أعياد الأسبوع:
 
29: الأطفال الـ /14/ ألفًا الذين قتلهم هيرودس، البارّ مركلّس، يوسف خطّيب مريم، 30: تذكار الشّهيدة أنيسيَّة، 31: وداع عيد ميلاد المسيح، البارَّة ميلاني الّتي من رومية، 1: ختانة ربّنا يسوع المسيح، باسيليوس الكبير، غريغوريوس النزينزيّ والد القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ، 2: تقدمة عيد الظهور، سلبسترس بابا رومية، البارّ سارافيم ساروفسكي، 3: النبيّ ملاخيا، الشّهيد غورديوس، بارامون الظهور، 4: تذكار جامع للسبعين رسولًا، البارّ ثاوكتيستثس.
 
غياب المسيح في احتفالات الميلاد

الطرقات مزدحمة والمحالّ التجاريّة ملأى بالناس الّذين يشترون الزينة والأطعمة، ويُقنع الناس أنفسهم بأنّهم يريدون استقبال المسيح بأبهى الحلل، ولكنّ الواقع هو غير ذلك لأنّ المسيح المولود غاب بالكلّيّة عن احتفالات البشر.

يؤلمنا أنّ من احتفلنا بعيد ميلاده لم يكن حاضرًا، كان مُغيّبًا. الاحتفالات كلّها وما تضمّنته من مآكل وهدايا وعبارات مجاملة وغيرها، لم تكن بالأصل من أجل صاحب الذكرى. المسيح المولود في بيت لحم من أجل خلاصنا مهمّش في نفوس أحبّائه وخاصّته.
نحن احتفلنا بأنفسنا وليس بميلاد المسيح إلهنا، احتفلنا باللباس الجديد، والمآكل والهدايا والزينة. احتفلنا بالعيد بليلة سهر طويلة وربّما صاخبة، وبهذا نكون قد استبدلنا المسيح صاحب العيد بكلّ شيء لا يمتّ إليه بصلة.

عيد الميلاد يعني عيد التجسّد الإلهيّ، عيد حلول الله بيننا، عيد تنازل الله إلى أرضنا ليرفعنا ويؤلّهنا ويجعلنا مواطني السماء. عيد الميلاد مناسبة لنتأمّل في مغزى التنازل الإلهيّ، لا لنركّز على دفء العائلة والهدايا والملبس والمشرب والمأكل.
التعييد الصحيح والاحتفال الكبير بعيد الميلاد هو تعييدنا بضمير نقيّ وقلبٍ متخشّع مشبع بحرارة العطاء ليس فقط لقريبنا باللحم والدم، بل للمحتاج الذي أوصانا به الربّ يسوع، فإنّه هو القريب.

الأمور كلّها الّتي ذكرناها وغيرها من الّتي لا يمكننا ذكرها، تحصل بمناسبة عيد التجسّد الإلهيّ، يفعلها بعض المسيحيّين لأنّها تضفي على العيد جوًّا مميّزًا برأيهم. لكن السؤال الأهمّ هل نعي حقًّا مَنْ هو صاحب العيد؟

جوّ العيد، والعيد بالنسبة إلى المؤمنين هو من خلال الصلاة والصوم، وفرحة العيد تكتمل بفرح مَنْ حولنا، أي أنّه علينا أن نقرن بين الصلاة والصوم وأعمال الرحمة. كنائسنا خالية من المسيحيّين وبخاصّة فئة الشباب في هذه المواسم المباركة، عيد الميلاد وختانة الربّ يسوع المسيح (رأس السنة)، وذلك بسبب ساعات السهر التي يقضونها بالرقص والمأكل والمشرب. المسيح في أيّامنا هذه يأتي في مرتبة أخيرة ومتأخّرة. الصلاة لم تعد تناسب الشبيبة!
نحن لا نقصد أنّ المأكل والملبس والزينة والهدايا خطيئة، حاشا. ولكن إيّاكم أن تخلطوا بين القشرة والثمرة، بين الظاهر والجوهر، بين الغلاف والهديّة. المهمّ، أحبتي، أن لا نبقى في الخارج، المهمّ أن "نذوق وننظر ما أطيب الربّ" (مز ٢٤: ٨). المسيح هو الهديّة المجّانيّة الممنوحة لنا. وكوننا مؤمنين فنحن لا نريد أن نربح العالم ونخسر أنفسنا. المسيح أتى من السماوات ليرفعنا إليه. فلنرتّل له ونسبّحه ونمجّده مع الملائكة قائلين "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلامة وفي الناس المسرّة" (لوقا ٢: ١٤).

الأسقف  قسطنطين
رئيس دير مار الياس شويّا البطريركيّ

طروباريّة القيامة باللحن الثاني

عندما انحدرتَ إلى الموت، أيُّها الحياةُ الذي لا يموت، حينئذٍ أمتَّ الجحيمَ ببرقِ لاهوتِك، وعندما أقمتَ الأمواتَ من تحتِ الثَّرى، صرخَ نحوكَ جميعُ القوَّاتِ السَّماويّين: أيُّها المسيحُ الإله معطي الحياةِ، المجدُ لك.
 
طروباريّة عيد الميلاد باللحن الرابع

ميلادُكَ أيّها المسيحُ إلهنا قد أطلعَ نورَ المعرفةِ في العالم، لأنَّ الساجدين للكواكب به تعلَّموا من الكوكب السجودَ لك يا شمسَ العدل، وأن يعرفوا أنّك من مشارقِ العلوِّ أتَيْت، يا ربُّ، المجدُ لك.
 
طروباريّة القدّيس يوسف باللحن الثاني

يا يوسف بشّر داود جدَّ الإله بالعجائب الباهرة، لأنّكَ رأيتَ بتولًا حاملًا، فمع الرعاة مجَّدت، ومع المجوس سجدت، وبالملاك أوحي إليك، فابتهل إلى المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.
 
قنداق الميلاد باللحن الثالث

اليومَ البتول تلدُ الفائقَ الجوهر، والأرضُ تقرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مقتربٍ إليه. الملائكة مع الرعاة يمجِّدون، والمجوس مع الكوكب في الطريق يسيرون، لأنّه قد وُلِد من أجلنا صبيٌّ جديد، الإلهُ الذي قبلَ الدهور.
 
الرسالة: غلا 1: 11-19
رتِّلوا لإلهنا رتِّلوا                     
يا جميعَ الأممِ صفِّقوا بالأيادي


يا أخوةُ، أُعلِمُكم أنَّ الإنجيل الذي بشَّرتُ بهِ ليسَ بحسبِ الإنسانِ، لأنّي لم أتسلَّمْهُ أو أتعلَّمْه من إنسان،ٍ بل بإعلانِ يسوعَ المسيح. فإنَّكم قد سمعتُم بِسيِرتي قديمًا في مِلَّةِ اليهودِ أنّي كنتُ أضطَهِدُ كنيسةَ اللهِ بإفراطٍ وأدمِّرُها. وأزيدُ تقدُّمًا في ملَّةِ اليهودِ على كثيرينَ من أترابي من جِنسي بِكوني أوفرَ منهم غَيرةً على تَقليداتِ آبائي. فلمَّا ارتضى الذي أفرزني من جوفِ أمّي، ودعاني بنعمتِه، أنْ يُعلِن ابنَهُ فيَّ لأُبشِّرَ بهِ بينَ الأُمم،ِ لساعتي لم أُصغِ إلى لحم ودم،ٍ ولا صَعِدْتُ إلى أورشليمَ إلى الرسلِ الذين قبلي، بل انطَلَقتُ إلى ديارِ العربِ. وبعدَ ذلكَ رَجَعتُ إلى دِمشق. ثمَّ إنّي بعدَ ثلاثِ سنينَ صَعِدتُ إلى أورشليمَ لأزورَ بطرسَ. فأقمتُ عندَهُ خمسةَ عَشَرَ يومًا، ولم أرَ غيرَهُ من الرسلِ سوى يعقوبَ أخي الربّ.
 
الإنجيل: متّى 2: 13-23

لمّا انصرف المجوسُ، إذا بملاكِ الربّ ظهر ليوسفَ في الحُلم قائلًا: قُمْ فخُذِ الصبيَّ وأمَّهُ واهرُبْ إلى مصرَ، وكُنْ هناك حتّى أقولَ لك، فإنَّ هيرودسَ مُزمِعٌ أنْ يطلبَ الصبيَّ ليُهلِكهُ فقام وأخذ الصبيَّ وأمَّهُ ليلًا وانصرف إلى مصر، وكان هناك إلى وفاة هيرودس، ليتمَّ المقول من الربّ بالنبيّ القائل: من مصر دعوت ابني. حينئذٍ لمَّا رأى هيرودس أنَّ المجوسَ سخروا بهِ غضب جدًّا، وأرسل فقتل كلَّ صبيانِ بيت لحم وجميعِ تخومها من ابنِ سنتينِ فما دونَ، على حسب الزمان الذي تحقَّقهُ من المجوس. حينئذٍ تمَّ ما قالهُ أرمياءُ النبيُّ القائل: صوتٌ سُمع في الرامةِ، نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثيرٌ. راحيلُ تبكي على أولادها، وقد أبتْ أنْ تتعزَّى لأنَّهم ليسوا بموجودين. فلمَّا مات هيرودسُ إذا بملاكِ الربِّ ظهر ليوسفَ في الحلمِ في مصر قائلًا: قُمْ فخُذِ الصبيَّ وأمَّهُ واذهبْ إلى أرض إسرائيلَ، فقد مات طالبو نفسِ الصبيّ. فقام وأخذ الصبيَّ وأمَّهُ، وجاءَ إلى أرض إسرائيل. ولمَّا سمع أنَّ أرْشيلاوس قد مَلك على اليهوديّة مكانَ هيرودس أبيهِ، خاف أنْ يذهبَ إلى هناك، وأُوحيَ إليهِ في الحلم، فانصرف إلى نواحي الجليل وأتى وسكن في مدينة تُدعى ناصرة ليتمَّ المقول بالأنبياء إنَّهُ يُدعى ناصريًّا.
 
في الإنجيل

في هذا الأحد المبارك الذي نعيّد فيه لأوائل شهداء المسيح أي أطفال بيت لحم الّذين قتلهم هيرودس الملك خوفًا على ملكه من الربّ يسوع، نقرأ في الكنيسة هذا المقطع الإنجيليّ من بشارة الرسول متّى الإنجيليّ الّذي يتحدّث عن هذه الجريمة البشعة، وعن هروب يوسف ومريم مع الطفل يسوع إلى مصر، والرجوع منها بعد فترة إلى الناصرة حيث عاش الربّ طفولته مع يوسف ومريم ودعي ناصريًّا.

مشهد اليوم ذبح لصبيان أبرياء، وحصد لرؤوس أطفال لم يرتكبوا إثمًا ولا ضررًا. يقتلهم هيرودس الملك الظالم بقرار همجيّ بسبب الخوف. وممّ الخوف؟ من خسارة السلطة والتسلّط على الناس واستعبادهم.

وأمثال هيرودس من الحكّام والسّاسة، ظلمهم مصدره الخوف. لذا فهو تعبير عن نفس ضعيفة مرتبكة هالعة مرتعبة.
هذا الخوف هو هروب من حقيقتهم، لذلك يمارسون هذا الظلم الشديد دون رأفة بالبشر.
قتل هيرودس الأطفال، وكم من شهيد يقتله حكّام اليوم في بلادنا وبلاد العالم. يقتلونه بدم بارد، لا يرفّ لهم جفن، فيعتادون على صناعة الموت ويتفنّنون بهذه الصناعة.

لذلك في غمرة هذا العيد لا يسعنا إلّا إن نتضرّع إلى هؤلاء الأطفال الشهداء القدّيسين أن يشفعوا بنا أمام الله ليرفع عنّا البلاء والضرر في هذه الأيّام الشريرة، ويعطف علينا بشفاعتهم ويخرجنا من الضيق الذي رمتنا فيه طغمة المتسلّطين الفاسدين، أمثال هيرودس، ونرنّم مع الكنيسة جمعاء في نشيد العيد ونقول: "يا ربّ، بأوجاع قدّيسيك الّتي تكبّدوها من أجلك، تعطّف واشفِ أوجاعنا كلّها نحن المتضرّعين إليك يا محبّ البشر وحدك.
 
الرجاء المفقود

في خضم فترة التغييرات التي تشهدها المنطقة، وهي تغييرات سريعة ومتقلّبة، وتنحو بالشرق الأوسط وربّما بالعالم كلّه إلى مسارٍ لا يفقه أمره إلّا مَن يخطّط له! مَن كان يظنّ أنّه باقٍ وقائم يكتشف اليوم هزالته وزواله، مَن يظنّ أنَّ الإنسان يستطيع أن يحدّد مصير حياته المستقبلة، يكتنفه اليأس لأنَّ ما بناه يراه يتهدّم أمام ناظريه وكأن لا آفاق مفتوحة وواضحة على المدى القريب.

العالم كلّه يخضع للتغيّرات والتحوّلات، وعلى الأصعدة كلّها، على الصعيد الجغرافيّ والديموغرافيّ سيرى الناس متحوّلات، ليس في الشرق فحسب وإنّما في أصقاع العالم كلّها. وعلى الصعيدين الأخلاقيّ والنفسيّ بدأ الناس يراقبون الانزلاقات في المبادئ والقيم الأخلاقيّة، يرقبون التحوّل إلى عالمٍ جديدٍ بمقاييس عالميّةٍ، بنظامٍ يُخطّط له بأن يسود عليه أمير هذا العالم كما يسمّيه القدّيس أفرام السريانيّ، فينقلب الحقّ باطلًا والباطلُ حقًّا، وكذا الصدق والكذب، لكون الشرّ يتحرك دومًا بمكرٍ مستترًا تحت مظاهر الخير. والشذوذ والانحرافات صورة جليّة عن هذا العالم المنشود.

إنّ شلّالات الإلحاد وسيادة الشرائع القديمة تجرف البشريّة إلى هاوية الموت الروحيّ، تقتل الروح لكونها تقتل المحبّة في القلوب.
الكون يغلي ويهتزّ، وربّما يكون على شفير حرب عالميّة ثالثة، والإنسان يبحث عن بصيص نورٍ لحياة فيها من كرامة وحقّ وسلام ولكنَّ رجاءه مفقود.
عالم اليوم أكثر ما يحتاج إلى الصلاة، صلاة تنبع من القلب، صلاة بلا انقطاع. يحتاج إلى دموع توبة صادقة لتحلَّ نعمة الروح القدس، كما يحتاج إلى رؤى مفكّرين ومعلّمين مستنيرين بنور المسيح ليكشفوا الحقّ الذي بحسب نور إنجيل المسيح ليضيء عتمة مغارة عالمنا.

يقول القدّيس سلوان الآثوسيّ:" إنَّ البشر يسعون بكلّ قدرتهم لاقتناء الخيرات الأرضيّة. ولقد أضاعوا الحبّ الإلهيّ، لذلك لم يعد هناك سلامٌ على الأرض. كثيرون من الناس يمضون حياتهم في البحث، مثلًا، عن كيف تكوّنت الشمس (أو ما يجدّ بكلِّ لحظة من أخبار)، ولا هاجس عندهم في معرفة الله. في حين أنَّ السيّد كشف لنا الله وملكوت السماوات، أمّا نحن فنحيا على وجه البسيطة ولا نرى ولا نستسيغ أن نراه".

وها نحن يقبل علينا عيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح، شمس العدل، ونور الحقّ، لا بزينة وهدايا فقط وإنّما بالتأكيد، على حدث التجسّد ومعانيه، بأنَّ الله نفسه حاضرٌ معنا، فيما بيننا، يضيء سبلنا. ولو عرف البشر المسيح فقط لعرفوا دعوته لهم إلى ملء الحياة الإلهيّة، لعرفوا أنّه صار بشرًا ليصيروا هم آلهةً، وامتلأت قلوبهم سلامًا لا يُنتزع، وحياتهم ملؤها الرجاء الذي لا يخيب، حينها يصلّون بقلوبٍ متّصلةٍ بالله، على غرار القدّيس يوحنّا كرونشتادت قائلين: "يا سيّد امنح سلامك لشعبك. يا ربّ أنا أريد أن يحلّ سلامك على جميع الشعوب. أنت أحببتهم من دون حدود وأعطيتهم ابنك الوحيد حتى يخلص العالم كلّه به. يا سيّد، أعطهم نعمتك حتّى يعرفوك ويحبّوك بالسلام والحبّ". فتترنّم الأرض كلّها "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة". آمين
 
أخبارنا
نشرة الكرمة في عامها الحادي والثلاثين


لمناسبة عيد الميلاد المجيد، وحلول العام الجديد تتقدّم أسرة نشرة "الكرمة" من المؤمنين الكرام بالمعايدة، سائلة الربّ يسوع، المولود في مغارة لأجل خلاصنا، أن يغمرنا بنوره القدّوس وأن يُضيء قلوبنا بنعمته ومحبّته للبشر، فنهتدي جميعنا إليه متجسّدًا في قلوبنا ونفوسنا وأجسادنا كما اهتدى إليه المجوس وسجدوا له.
ونطلب من الرعايا كافّة تجديد اشتراكها في النشرة للعام 2025 مع تسديد ما تبقّى عليها من اشتراكات السنة الفائتة وتحديد عدد النسخ الأسبوعيّة الّتي تريدها.
ميلاد مجيد وعام سعيد.