الأحد 9 تمّوز 2023
07 تموز 2023
الأحد 9 تمّوز 2023
العدد 28
الأحد الخامس بعد العنصرة
اللحن الرابع، الإيوثينا الخامسة
أعياد الأسبوع:
9: بنكراتيوس أسقُف طفرومانيّة، * 10: يوسف الدّمشقيّ، الشُّهداء الـ 45 المستشهدون في أرمينية، * 11: القدّيسة المعظّمة في الشَّهيدات آفيمية، القدّيسة الملكة أولغا المعادلة الرُّسل، * 12: تذكار الشّهيدين بروكلس وايلاريوس، القدّيسة فيرونيكي النّازفة الدم، القدّيس باييسيوس الآثوسيّ، * 13: تذكار جامع لجبرائيل رئيس الملائكة، القدّيس استفانوس السابويّ، الشَّهيدة مريم، البارّة سارة، * 14: تذكار الرسول أكيلا، القدّيس نيقوديموس الآثوسيّ، القدّيس يوسف رئيس أساقفة تسالونيك، * 15: الشّهيدان كيريكس وأمّه يوليطة.
الفقر شرط القداسة
"طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ" (لو 6: 20)
في إنجيل لوقا يقابل التطويبات ويلات، وفي هذا نمط لا نفكِّر فيه عادة، أي أنّنا إن لم نسلك في الوصيّة لننال البركات فإنّنا عند مخالفتها نحصد اللعنات.
عادة ما نتعاطى مع وصايا المسيح على أنّها غير ملزمة، ولهذا قد يختار الإنسان ما يناسبه من الوصايا ليطبّقه حسب مزاجيّته وظروفه، في حين أنّ الوصيّة واجبة في كلّ حين وبخاصّة عند صعوبة تطبيقها.
في الحقيقة، لا يستطيع الإنسان أن يطبّق وصيّة الله بقوّة نفسه، لأنّ الوصيّة تقول:
"بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا" (يو 15: 5) وأيضًا:
"أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي" (في 4: 13).
في مقابل التطويبة:
"طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ" (لو 6: 20) نجد الويلة:
"وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ" (لو 6: 24).
المساكين هنا هم الفقراء إلى المال، وما يؤكّد ذلك هو الآية المقابلة الّتي تتحدّث عن الأغنياء.
هل الله ضدّ الأغنياء أو يكرههم؟!...
حاشا!... في الآيتين أعلاه، يقابل العزاء المادّيّ في هذا العالم ملكوت الله.
المقصود، إذًا، أنّ الَّذي يعتبر أنّ غناه هو تعزيته الوحيدة ومصدر حياته سيتنعّم بما يملك فقط في هذا الدّهر، وسيخسر التنعّم في الحياة الآتية، لأنّه لم يعش ليطلب ملكوت الله بل ليحيا مجد هذا العالم ولذائذه حصرًا.
أمّا الإنسان الَّذي يحيا في الدّنيا فقر المال ولكنّه متنعِّم بالإيمان بالله والاتّكال عليه وهو يقبل الفقر طوعًا لأجل ربح ملكوت الله، فهذا هو السالك في وصيّة الربّ والطالب ملكوته أوَّلًا متيقِّنًا أنّ كلّ شيء آخَر يُعطى ويزاد...
القضيّة الجوهريّة في حياة المؤمن هي أن يكون ابنًا للملكوت منذ الآن ليقتنيه في الدهر الآتي.
والفقر مسألة جوهريّة في هذا المسعى أو الجهاد، لأنّ تعلُّق الإنسان يجب أن ينصبّ على حياة الدهر الآتي الأبديَّة وليس على حياة هذا الدهر الزائلة.
من هنا يصير الفقر والغنى كلاهما وسيلة لتحقيق هذا الهدف.
الفقر يهدف إلى التّحرُّر من التعلّق بالعالم ومن الاتّكال على المال لتثبيت المؤمن في الثقة بالله وطلب السعادة الأبديَّة، أمّا الغنى فيستحيل أداة لخدمة الله في الإنسان أي في التعبير عن محبّة الله من خلال محبّة الإنسان وبذل المال لأجل المحتاج الَّذي وحّد الرب ذاته معه (راجع مت 25: 31 – 46).
في كلّ حال الفقر مطلوب من المؤمن، لأنّه إن لم يُخلِ الإنسان ذاته كما فعل المعلّم (راجع في 2: 5 – 11) لا يمكنه أن يستقبل الله فيه، أي أن يصير مسكنًا للنعمة.
الفقر، أو أن يدرك الإنسان أنّه فقير إلى الله، أي أنّ حاجته الكيانيّة الجوهريّة هي فقط إلى هذا الـ "واحد" (راجع لو 10: 42)، هو الحاجة الأولى والمطلب الأوّل الَّذي على الإنسان أن يسعى إليه إن كان يريد اقتناء الحياة الأبديّة وتذوّقها منذ الآن.
في الكنيسة نماذج كثيرة من القدّيسين الّذين سبقونا، والَّذين أظهَروا لنا بمثالهم قوّة سرّ الفقر في تجلِّي مجد الله في الإنسان هنا في هذا العالم.
ومجد الله هو راحة البشر وفرحهم، وراحة البشر تُختَبر في عِشرة الودعاء والمتواضعين، لأنّ الرّبّ قال لنا صراحة:
"اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت 11: 29).
من هنا الفقر الطّوعي أي التّحرُّر من سلطة العالم عبر طلب ملكوت الله وبرّه أوّلًا هو شرط القداسة للمؤمن...
وويل لمن يهمل هذا الشّرط...
من له أذنان للسمع فليسمع...
+ أنطونيوس
متروبوليت زحلة وبعلبك وتوابعهما
طروبارية القيامة باللحن الرابع
إنّ تلميذاتِ الربّ تعلّمْنَ من الملاك الكرزَ بالقيامةِالبهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيّ، وخاطبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومَنَحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.
القنداق باللحن الثاني
يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تُعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسَرعي في الطلبَةِ، يا والدةَ الإلهِ المتَشفعةَ دائمًا بمكرِّميك.
الرسالة: رو 10: 1-10
ما أعظمَ أعمالَك يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ صنَعت
باركي يا نفسي الربَّ
يإ إخوةُ، إن بغيةَ قلبي وابتهالي إلى الله هما لأجلِ إسرائيلَ لخلاصِه، فإنّي أشهدُ لهم أنَّ فيهم غيرةً لله إلّا أنّها ليست عن معرفةٍ لأنّهم، إذ كانوا يجهَلون بِرَّ الله ويطلبون أن يُقيموا بِرَّ أنفسِهم، لم يخضَعوا لبرِّ الله، إنَّما غايةُ الناموس هي المسيحُ للبِرِّ لكلِّ من يؤمن. فإنَّ موسى يصِفُ البرَّ الذي من الناموسِ بأنَّ الإنسانَ الذي يعمل هذه الأشياءَ سيحيا فيها، أمَّا البرُّ الذي من الإيمان فهكذا يقولُ فيه: لا تقُل في قلبك من يصعدُ إلى السماءِ، أي ليُنْزِلَ المسيحَ أو مَن يهبط إلى الهاوية، أي ليُصعِدَ المسيحَ من بين الأموات. لكن ماذا يقول؟ إنَّ الكلمة قريبةٌ منك في فمِك وفي قلبك، أي كلمةَ الإيمان التي نبشّرُ نحن بها، لأنّك، إنِ اعترفتَ بفمِك بالربّ يسوع، وآمنتَ بقلبك أنَّ الله قد أقامهُ من بين الأموات، فإنّك تخلُص. لأنَّه بالقلبِ يؤمَن للبرّ وبالفم يُعترفُ للخلاص.
الإنجيل: متّى 8: 28-34، 9: 1 (متّى 5)
في ذلك الزمان، لمَّا أتى يسوعُ إلى كورةِ الجُرْجُسِيّينَ استقْبَلَهُ مجنونانِ خارجانِ مِنَ القبْورِ شَرِسانِ جدًّا، حتّى إنَّهُ لم يكنْ أحدٌ يقدِرُ على أن يجتازَ من تلكَ الطريق. فصاحا قائلَيْنِ: ما لنا ولك يا يسوعُ ابنَ الله، أجئتَ إلى ههنا قبل الزمانِ لِتُعذِّبَنا؟ وكان بعيدًا منهم قطيعُ خنازيرَ كثيرةٍ ترعى، فأخذ الشياطينُ يطلبون إليه قائلينَ: إنْ كنتَ تُخرِجنا فَأْذَنْ لنا أن نذهَبَ إلى قطيعِ الخنازير. فقال لهم: اذهبوا. فخرجوا وذهبوا إلى قطيع الخنازير. فإذا بالقطيعِ كلّه قد وثبَ عَنِ الجُرْفِ إلى البحرِ ومات في المياه. أمَّا الرُّعاةُ فهربوا ومضَوا إلى المدينةِ وأخبروا بكلّ شيءٍ وبأمرِ المجنونَينِ، فخرجَتِ المدينةُ كلُّها للقاءِ يسوعَ. ولمَّا رأَوهُ طلبوا إليهِ أن يتحوَّلَ عن تُخومِهم، فدخل السفينةَ واجتازَ وأتى إلى مدينتهِ.
في الإنجيل
في الإنجيل حسب متّى، نجد رواية مذهلة تكشف عن قوّة يسوع المسيح ورحمته.
يروي المقطع لقاء يسوع مع رجلَين مسكونَين من الشياطين في منطقة الجرجسيّين.
كان هذان الرجلان يعانيان من عذاب شيطانيّ وتعذيب نفسيّ شديدين.
هذان الرجلان، المعذَّبان بقوى شيطانيّة، يجدان نفسيهما يتحرّران بقوّة المسيح وسلطته، إذ يأمر الشياطين بالمغادرة ويسمح لها بدخول قطيع خنازير.
يسلّط هذا المقطع الضوء على الصراع الكونيّ بين الخير والشر، والذي يتجلّى في الصراع بين الربّ يسوع والقوى الشيطانيّة.
حضور الشياطين يشهد لحقيقة الحرب الروحيّة والطبيعة المتدهورة للبشريّة.
ومع ذلك، يكشف أيضًا عن سيادة المسيح على القوى كلّها، سواء أكانت دنيويّة أم فائقةً على العالم.
فالأرواح تعترف بسلطته وتطلب منه ألّا يعذّبها قبل وقته المحدّد.
بالفعل، يسمح يسوع لها بالدخول في الخنازير ويجعلها تهرب في النهاية وتغرق في البحر.
علاوة على ذلك، يؤكّد هذا المقطع على رحمة يسوع، حيث يمدّ يده بالشفاء والتحرير لأولئك الذين يعانون من الاستعباد الشيطانيّ.
من خلال منح الحرّيّة للرجلين المقيَّدينِ من الشياطين، يُظهر يسوع مَهمَّتَه الفدائيّة لإطلاق سراح البشريّة من أشراك الخطيئة والشرّ.
يسوع جاء لينقذ البشريّة من القِوى الشريرة وليعطيَ الحرّيّة للمستضعَفين المنكَسري القلوب.
كأتباعٍ للمسيح، يذكّرنا هذا المقطع بأنّ يسوع هو الإله والفادي والقائد الروحيّ الذي ينتصر على الشرّ والأرواح الشريرة.
ويدعونا إلى الثقة في قوّته وإلى أن نَلتجِئ إليه لنجد الشفاء والتحرّر من كلّ أشكال الظلمة والأذى الروحيّ، وإلى أن ندركَ أنَّه يسعى دومًا لتحريرنا من قيودنا الروحيّة الخاصّة، فنعترف به كمصدر التحرير الأخير. كما يشجّعنا على تمتين رحمته للآخرين،
وتقديم الأمل والشفاء إلى أولئك الذين ينحصرون بسلطة الظلام.
من خلال هذاكلّه، ندرك الحقائق اللاهوتيّة العميقة المتجسّدة في هذا المقطع الإنجيليّ، ممّا يلهمنا لاحتضان قوّة المسيح التحويليّة ومشاركتها مع العالم.
القدّيس يوسف الدمشقيّ
في العاشر من هذا الشهر نعيِّد للشهيد في الكهنة يوسف الدمشقيّ رجل النَّهضة الأوَّل والمستشهد سنة 1860 في دمشق.
لمعَ هذا القدّيس نجمًا أنطاكيًّا جديدًا بعلمه وتقواه. فهو نموذجٌ حيٌّ كاملٌ للكاهن الأمين في كنيسةِ المسيح.
جمع القدِّيس يوسف بين العلم والعمل، فشغفه بتحصيل المعرفة لم يكن مجرَّد محبَّةٍ للعلم وتحصيلٍ للشهادات إنَّما عطشًا للغوص في تراث الكنيسة وتعمُّقًا في أسرارهها بهدف وضع ما حصَّل من معرفةٍ في خدمة المؤمنين وتثقيفهم الروحيّ.
وقد تجلَّى هذا الأمر في نسخه للمخطوطات وتدقيقها على الأصل اليونانيّ، أو في عظاته الذهبيَّة، فشُبِّه بالذهبيّ الفم وضارع بعلمه القدِّيس يوحنّا الدمشقيّ.
القدّيس يوسف الدمشقيّ هو معلِّم المعلِّمين ومنوِّر المؤمنين وداحضُ الهراطقة. فقد تصدَّى للمرسَلين الأجانب ودعاة البروتستانتيَّة وقد تميَّز بقوَّة الحجَّة والدِّقَّة في الإقناع حتَّى إنَّه كاد أن يسترجع الروم الكاثوليك إلى حضن الكنيسة الأرثوذكسيَّة لولا استشهاده.
لكنَّ قديسنا لم يكتف بتحصيله العلم فقط بل ترجمه في العمل مشابهًا بولس الرسول في خدمة الرعيَّة وسهره عليها.
وقد تألَّم مع المتألِّمين وآسى الحزانى وعضد الفقراء واندفع زمن الوباء بلا خوف لخدمة المرضى ودفن الموتى.
كما أنَّه كان أمينًا على الرعيَّة فلم تُغْرِه المناصب أو الأموال بترك أبنائه بل ظلَّ ملتصقًا بالرعيَّة، خادمًا إيَّاها وقد عاشَ فقيرًا لكنَّ نعمة الله جعلته غنيًّا بشتَّى المواهب، وأعدَّته ليرتقيَ إلى أعلى درجات سلَّم المحبَّة أي الاستشهاد محبَّةً بسيِّده.
فإكليلُ الاستشهاد كان تتويجًا لحياته في المسيح.
ولمَّا أتت الساعة لم يجزع بل شدَّدَ الرعيَّة وعندما أدرك أنَّه سيستشهد تناولَ زادَ الحياة الأبديَّة أي جسدَ الربِّ ودمه اللذين حملهما في صدره فاتَّحد بمحبوبه إلى الأبد بعد احتماله التقطيع بالفؤوس والموت الشَّنيع.
هكذا برز يوسف كرجل النَّهضة الأوَّل بتقواه وتواضعه ونشاطه وعمله الدَّؤوب واستقامته وشجاعته وبذله لذاته وموته الاستشهاديّ. فيا ليته يكون نموذجًا لكهنتنا:
- العلماء منهم ليقدِّموا علمهم للدفاع عن استقامة الرَّأي، ولخدمة المجتمع والكنيسة لا طلبًا لأمجاد أرضيَّة وتباهيًا بالشهادات بل لخدمة مبدأ الحكمة.
- وللعاملين منهم ليكونوا مثالًا ليخدموا بنشاطٍ ساهرين على الرعيَّة حتَّى النهاية وعدم التخلِّي عنها رغم الضغوطات والصعوبات التي تلمّ بنا.
- ولجميعهم كي يعرفوا أنَّ قداستهم لن تكتمل إلّا على صليب الاستشهاد الذي وإن لم يكن دمويًّا فإنّه استشهادٌ يوميٌّ سيكابدونه في هذا العصر،عبر شهادتهم للحقّ وعيشهم بأمانةٍ وصايا الإنجيل.
نسأل القدِّيس يوسف الشَّفاعة الحارَّة لدى الثالوث القدُّوس لكي يحفظَ كنيسته الأنطاكيَّة، وينهضها لتعود مشرقةً بالفعل فلا تكتفي بالتغنِّي بأمجاد قدِّيسيها القدماء فقط بل تهيِّئ آخرين جُدُدًا وتبرزهم، فتكون كنيسةً حيَّةً فاعلةً بالروح القدس.
أخبارنا
رسامة الأخ سمير فارس شمّاسًا إنجيليًا
ترأّس راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) في كنيسة القدّيس جاورجيوس- أميون غربي خدمة السحريّة والقدّاس الإلهيّ نهارَ الأحد الواقع فيه 18 حزيران 2023 حيث تمّت سيامة الأخ سمير شماسًا إنجيليًّا باسم سيرافيم، فالشماس الجديد متأهِّل وله ولد.