الأحد 25 أيلول 2022 

الأحد 25 أيلول 2022 

21 أيلول 2022

الأحد 25 أيلول 2022 
العدد 39 
الأحد 14 بعد العنصرة 
اللحن السادس، الإيوثينا الرابعة 
 

 أعياد الأسبوع: 

25: البارّة آفروسيني ووالدها بفنوتيوس، 26: انتقال الرّسول يوحنّا الإنجيليّ الثاولوغوس، 27: كَلّيستراتُس والـ 49 المستشهدون معه، 28: خاريطن المعترف، النبيّ باروخ والبارّ إسحق السّريانيّ، 29: كرياكُس السّائح، 30: الشّهيد غريغوريوس أسقُف أرمينية العظمى، الشّهيد ستراتونيكوس، 1: الرّسول حنانيا أحد السّبعين، رومانوس المرنّم.
 
 فكر المسيح 

عندما نجتمعُ في كلّ قدّاس إلهيّ لكي نُصغيَ إلى كلمة الآب ونُـجيبَ عنها، ثمَّ لكي نستقبلَ الاِبنَ الحبيبَ ونُفسِحَ له مكانًا في قلبِنا، نواجهُ تحدّيًا كبيرًا بأن نُعيدَ النظرَ في حياتِنا ونضعَ فيها النقاطَ على الحروف.
 
ولكنْ، عندما نجتمعُ في كلّ قدّاسٍ إلهيّ لا نكوّنُ الكنيسةَ فحسب، بل نصبحُ الكنيسة، لأنّ اللهَ حاضرٌ معنا في وسطـِنا. وهُنا علينا أن نـُجيبَ الربّ يسوع، كما أجابَ بطرسُ في المقطع الإنجيليّ اليوم: "بكلمتـِك أُلقي الشبكة"، بالرغم من كلّ شيء إني أضعُ ثقتي فيك يا رب.
 
عندئذٍ يـتغيّر كلُّ شيءٍ في داخلِنا، وكلُّ شيءٍ يُعطى معناه وحياتَه. علينا أن نرفعَ المرساةَ ونفكَّ أربطةَ مركبِنا ونتقدّمَ إلى عرض البحر ونُلقيَ الشِّباك.
 
وهذا يعني أن نحيا، أن نتقدّمَ إلى العمق ونتركَ الشاطئ ونُلقيَ شِباكَنا، أي أن نتركَ حُدودَنا الضيّقةَ وندخلَ في قلبِ إلـهِنا ونقطعَ كلَّ ما يُبقينا أسرى ذَواتِنا، أن نتخلّصَ من "الأنا" الفارغة فينا وننطلقَ إلى عمقِ حضوره لنحيا معه ومنه.
 
إذ ذاك، نحن الذين تعمّدنا على اسم الآب والاِبن والروح القدس ولبسنا المسيح، لم نعدْ إلى جانبه وبقربه بل يكون هو فينا ونحن مسكنه الحيّ. نعم!
 
هو فينا ونحن فيه. هو حياةُ حياتِنا؛ لأنّ مسيحَنا في جميع البشر الذين يبحثون عنه بإيمان وثقة.
 
فإذا أدركنا هذه الحقيقة، علينا أن نكونَ في يقظة دائمة، رغم الهذَيان الدائم الذي نعيش فيه، لأنّه ما من شكّ أنّ همومَ الدنيا تسكن فينا. إلاّ أنّ الربّ يُنادينا ويَحثُّنا على أن نذهبَ إلى المياه العميقة، أن نذهبَ إلى الأبعد في كلّ ما نحن عليه، وفي كلّ ما نعيشُه. ولكنْ فَلْننتبِهْ لأنّه لا يمكننا أن نتبعَ يسوع إن كنا نتبعُ آخرين في الوقت عينه، فهذا التَّركُ أساسيٌّ لأنّه لا يمكننا أن نلتزمَ سيّدَين ونعبدَ ربَّين.
 
فَلْنستأصلِ الأشواكَ والعوائقَ ونسعَ وراءَ المسيح. لِنَسعَ إلى أن نمتلكَ "فكر المسيح"، كما يدعونا الرسول بولس، حتّى تصبحَ أقوالُنا وأفعالُنا أقوالَ المسيحِ وأفعالَه، ويتمجّدَ المسيحُ فينا. هذا يعني أنّنا أصبحنا تلاميذَ يسوعَ وَرُسُلَه.

+  الأسقُف قسطنطين
رئيس دير مار الياس شويّا البطريركيّ
 
 
 طروبارية االقيامة باللحن السادس 

إنّ القوّات الملائكيّة ظهروا على قبرك الموقّر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريم وقفت عند القبر طالبة جسدَك الطاهر، فسبَيتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة. فيا مَن قام من بين الأموات، يا ربّ، المجد لك.
 
 القنداق باللحن الرابع 

يا شفيعة المسيحيّين غَيرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيرَ المردودِة، لا تُعرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نَحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشّفاعة، وأسَرعي في الطلبة، يا والدة الإلهِ المُتشفعةَ دائماً بمكرِّميك.
 
الرسالة: 2 كو 4: 6-15
خلّص يا ربُّ شعْبَك وبارِك ميراثَك
إليكَ يا ربُّ أصْرُخُ إلهيّ


يا إخوة، إنّ الله الذي أمرَ أن يُشرق من ظلمةٍ نورٌ، هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارةِ معرفةِ مجدِ الله في وجهِ يسوعَ المسيح. ولنا هذا الكنزُ في آنيةِ خزفية ليكون فضلُ القوّةِ للهِ لا مِنّا. متضايقين في كلّ شيءٍ ولكن غيرَ منحصرين، ومتحيّرين ولكن غيرَ آثمين، ومضطَهَدين ولكن غير مخذولين، ومطروحين ولكن غيرَ هالكين، حامِلين في الجسد كلّ حين إماتة الربّ يسوعَ لتظهر حياةُ يسوعَ أيضًا في أجسادِنا. لأنّنا نحن الأحياءَ نسلّمُ دائماً إلى الموت من أجل يسوعَ لتظهر حياةُ المسيح أيضًا في أجسادنا المائتة. فالموتُ إذًا يَجري فينا والحياةُ فيكم. فإذ فينا روحُ الإيمانِ بِعَينِه، على حسبِ ما كُتب "إنّي آمنتُ ولذلك تكلّمت"، فنحنُ أيضًا نؤمن ولذلك نتكلّم. عالمين أنّ الذي أقام الربّ يسوعَ سيُقيمُنا نحن أيضًا بيسوعَ فننتصبَ معكم. لأنّ كلّ شيء هو من أجلكم. لكي تتكاثر النعمةُ بشكر الأكثرين، فتزدادَ لمجدٍ الله.
 
الإنجيل: لو 5: 1-11 (لوقا 1)

في ذلك الزمان، كان يسوع واقفاً عند بحيرة جَنّيسارَت، فرأى سفينتَين واقفتين عند شاطئ البحيرة وقد انحدر منهما الصيّادُونَ يَغسِلُون الشِّباك. فدخل إحدى السفينتَين، وكانت لسمعان، وسألَهُ أن يتباعد قليلاً عن البَرّ، وجلس يُعلِّمُ الجُمُوعَ من السفينة. ولمّا فَرَغَ من الكلام قال لسمعان: تَقدَّمْ إلى العُمقِ وألقُوا شِباكَكُم للصَّيد. فأجاب سمعان وقال له: يا معلّم، إنّنا قد تَعِبنا الليلَ كُلَّهُ ولم نُصِبْ شيئًا، ولكنْ بِكَلمَتِكَ أُلْقي الشَّبكة. فلما فعلوا ذلك احتازوا من السمك شيئاً كثيراً حتى تخرّقت شبكتهم، فأشاروا إلى شركائهم في السفينة الأُخرى أن يأتوا ويعاونوهم. فأتوا وملأوا السفينتين حتى كادتا تغرقان. فلما رأى ذلك سمعان بطرس خرّ عند ركبتَي يسوع قائلاً: أخرج عني يا ربُّ فإنّي رجلٌ خاطئ، لأنّ الاِنذِهالَ اعتَراه هُوَ وكُلُّ مَن مَعَهُ لِصَيدِ السَّمَكِ الذي أصابوه، وكذلك يعقوبُ ويوحنّا ابنا زبدى اللذان كانا رفيقَينِ لِسِمعان. فقال يسوعُ لِسِمعانَ لا تَخَفْ، فإنّكَ مِنَ الآنَ تَكُونُ صائداً للناس. فلما بلغوا بالسفينتين إلى البرّ تركوا كلَّ شيءٍ وتبعوه.
 
في الإنجيل

الكنيسة هي جسدُ المسيحِ والمسيحُ رأسُها، وأعضاء الكنيسة هم أعضاء في جسد المسيح. الكنيسة ليست مؤسّسةً بشريّة، إنّما هي الجسد الإلهيّ- الإنسانيّ للمسيح. رسالة الكنيسة خلاص البشر.

الربُّ يسوع المسيح هو الإلهُ المخلّص. يقول القدّيس إقليمُس الإسكندريّ: "كما أنّ إرادتَه هي عمل ويُسمّى عالماً، هكذا قَصدُه هو خلاص العالم ويسمّى كنيسة".

تكلّم الربّ يسوع وعلّم. وما علّمه هو ما سَمِعَهُ مِنَ الآبِ القُدُّوس: "وما رآه وسمعه به يشهد وشهادته ليس أحد يقبلها" (يوحنا 3: 32)، تعاليم الربّ هي الحقيقة الإلهيّة التي بُنِيَ عليها الإيمان. تأسّستِ الكنيسة على تعاليم الله لا على تعاليم البشر! لذلك نسمّي الكنيسة جسد المسيح الإلهيّ- البشريّ، والمؤمنون مرتبطون أسراريًّا بجسد المسيح ويَحيَون بِقُوّةِ النعمة الكامنة فيهم.

إنجيل اليوم يُلخّصُ هذا التعليمَ العقائديّ، إذ يَكتبُ لنا لوقا البشير:
 
"وكان يسوع يعلّم الجموع من السفينة". السفينة ترمز إلى الكنيسة، التي كما قلنا سابقاً، دَعوَتُها أن تجذب البشر إلى حظيرة المسيح، إلى الملكوت الحاضر فيها، والمرتجى في آخر الأزمنة. الربُّ يسوعُ عَلَّمَ ويُعلِّم، وسيَبقى يُعلّم، لأنّه يريد أبناءَ له!
 
الله أبونا ونحن أبناؤُه، فسبيلُنا أن نسمع لنصيرَ أبناءَ مؤمنين. يقول الرسولُ بولس في هذا الصدد: "الإيمان يأتي من السماع والسماع لكلمة الله" (رومية 10: 17). ويكتب الإنجيليّ يوحنا الحبيب: "الذين سمعوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أبناء الله" (بوحنا 1: 12).

الربُّ لم يَبقَ معنا لكنّه سَلَّمَ الإيمانَ كوديعةٍ للرُّسل، ومنهم إلى الأساقفة ومن ينتدبونهم للخدمة الكهنوتيّة. الكنيسة كنيسة الآباء. الخدمة الرسوليّةُ أتت مِنَ التَّرك "تركوا كل شيء وتبعوه"، مِن تَركِ الأمورِ العالميّةِ والثَّبات على البشارة الإنجيليّة! الاِستقرار الذاتي لا يأتي من روح العالم بل من الطاعة لمشيئة الربّ فينا.

ومشيئتُه في كُلِّ الأجيال هي قداسةُ الإنسان "كونوا قديسين لأني انا قدوس"، (1 بطرس 1: 16) القداسة فينا، هي نعمة الله الثابتة في كياننا. الله يعمل معنا وفينا لتنمو الكنيسة. بطرس الرسول عندما شعر بقداسة الربّ في سفينته "خرّ عند ركبته وقال: أخرج من سفينتي يا ربُّ لأنّي رجل خاطئ".
 
يتّضحُ مِن إنجيل اليوم أنّ قوّةَ الله تقدر أن تفعل كلَّ شيءٍ في حياتنا حين تكون قوّةُ الإنسان قد عجزت من عمل أيّ شيء. حين نسمع صوت المسيح وهو يخاطبنا، يُهيِّئُنا لتقبُّلِ كلمتِه كما هيّأ الرسلُ السامعِينَ فتكلّلَ تعبُهم بالنجاح. هل نحن أيضًا قد عرفنا المسيح؟
 
*أهميّة الأسرار*
 
إنّ الربّ يسوع المسيح، قدّس الزمن بتجسُّدِه، وفتح لنا أبواب الملكوت بقيامته من بين الأموات. فلا خلاص لنا إلّا باتّحادِنا به، هذا الاِتّحاد لا يكون إلّا بعيشنا الأسرار، التي لا يمكن حصرها بعدد مُعيّن، وفيها تُقَدّس الكنيسة المؤمنين ويَلمُسُ الله بقواه غير المخلوقة حياتنا فيطهّرُها ويقدّسها.

 في الحقيقة إنّ كلّ افشين أو صلاة يتلوها الكاهن فيها استدعاء لنعمة الروح القدس هي عملٌ أسراريّ.

 يجب على الإنسان المسيحيّ الحَقّ أن يَضَعَ نُصْبَ عينَيه هدفًا أساسيًا ألا وهو الوصول إلى الكمال. والكمال هنا ليس مجرّدَ فكرة، إنّما هو تحوُّلٌ كيانيّ، فالله يَهَبُ والإنسان يتلقّى، فتتحوّل حياتُه ويتحرّر من الخطيئة ومن الخضوع لسيطرة الشرير، وبهذا التحرُّرِ يصبحُ الإنسانُ إلهًا، لأنّ الإله صار إنسانًا، وكلُّ ذلك يتمّ بالنعمة المعطاة لنا من خلال الأسرار.

الأسرار هي استعلانُ علاقة غيرِ المخلوق بالمخلوق، فهي ليست عمليّةً ميكانيكيّةً سِحريّة، إنّها مشاركةُ الإنسانِ في المعرفةِ والحياةِ الالهيّة، بالاِستنادِ إلى أُمورٍ مادّيّة كما يقولُ القدّيسُ يوحنّا الذهبيُّ الفم: "إنّنا ننظرُ إلى شيء لكنّنا نؤمن بشيء آخر"، فالربُّ يسوع المسيح سَكَن المادّة وحلّ بينَنا بتجسُّدِه.

إنّ خادم السرّ (الكاهن) يُعيرُ يدَيهِ ولسانَهُ لله، فالخادم يفتح فاه فيما الكاهن الأعظم ينطق، لهذا يستعمل الكاهن صيغة الغائب: يُعمّد، يُمسَح، يُناول... لأن قوّة الأسرار مرتبطة بقوّة الروح لا بمُقيم السرّ أو بمن يتقبّله، فقوّة السرّ هي من الله لا من البشر، وبمقدار ما يُفسحُ لها المؤمن المجال تفعل فيه، فيَحيا حياته بوحدة مع الله.

إنّ المؤمن مَدعُوٌّ لإفساح المجال للأسرار المُعطاة لنا من الله، لكي تفعل فيه فيصل إلى الخلاص والاِتّحاد مع الخالق:
- فالمعموديّة هي باب الدخول إلى الكنيسة والحياة المسيحيّة: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت: 28: 19).

- الأفخارستيّة هي المشارَكة في مائدة الملكوت والاِتّحاد مع الرب: "اصنعوا هذا لذكري" (لوق: 22 : 19).

- التوبة والاِعتراف للشفاء والعودة ثانيةً إلى الله: "فتوبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الربّ" (اع: 3: 19). اعترفوا بعضُكم لِبَعضٍ بالزلّاتِ وصلُّوا بعضُكم لأجل بعضٍ لكي تشفوا (يع: 5: 16).

- مسحة الزيت دواء لأمراضنا: "أمريض أحد بينكم فليدعُ شيوخَ الكنيسة فيصلّوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الربّ" (يع: 5: 15)

- الكهنوت وهو تاج الأسرار، فبدونه لا يمكن للكنيسة أن تستمرّ ولا يمكن لأحد أن ينال مواهب الروح القدس. "احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعيّة التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع 20 :28).

من المؤكّد أن الكنيسة واجهت بحزم جميع الهرطقات وبدع الهلاك التي كانت تسعى للنيل منها، وهي اليوم تقف سدًّا منيعًا أمام كلّ محاولة تهدف للاِنتقاص من قيمة الأسرار المقدّسة التي هي حياة الكنيسة، والتي تُجسِّدُ كُلَّ تجدّد وإنتصار ضدّ كلّ القوى التي تُفسد الخليقة.
 
*تذكار أمّنا البارّة إفروسيني (بهيجة)*

عاشت القدّيسة إفروسيني في أيّام الإمبراطور ثيودوسيوس الصغير. بقي أبواها مدّةً طويلةً من الزمن بلا ولد، فقدّما النذور ورفعا الصلوات الحارّة وصنعا الإحسانات الكثيرة علّ الله يتحنّن ويمنّ عليهما بثمرة البطن. أخيراً، وبعد انتظارٍ طويل، مَنّ عليهما بمولود أنثى أسمياها إفروسيني (بهيجة).

نشأت إفروسيني على محبّة المسيح. وقد تُوفّيت والدتها وهي طفلة، فتعلّقَ بها والدُها تعلُّقًا شديداً، وكان من أشراف مدينة الإسكندريّة، غنيًّا جدّاً.

وكبرت الفتاة وصارت في سنّ الزواج، فأراد والدُها أن يزوّجَها فأَبَتْ، فألحَّ، فرضَخَت. لكنّها، ساعة زواجها، قامت فتزيّت بزيّ الرجال وخرجت من البيت سرّاً، وذهبت فالتصقت بدير للرجال مُدَّعِيَةً أنّها خصيّ وأنّ اسمَها "سماراجد".

كانت إفروسيني ملتهبةً بِحُبِّ الربِّ يسوع، وقد أقبلَتْ بِهِمّةٍ كبيرةٍ على النُّسكِ وبالَغَتْ فيه حتّى تعذَّرَ، بعد وقت قصير، أن يتبيّنَ الناظرُ إليها أنّها امرأة، لأنّ بَدَنَها يَبِسَ وملامحَ وجهِها تغيَّرَتْ. ويبدو أنّ سماراجد فاقَ أقرانَهُ من الرهبان في الأتعاب والأصوام والصلوات والأسهار، وأضحى مثال الطاعة والخدمة واللطافة والتواضع.

أمضت إفروسيني ثمانيًا وثلاثينَ سنةً في نُسكٍ شديد، ثمّ مرضت واشتدّ عليها المرض. كان كثيرون يأتون إليها ويسترشدون. ومن الذين قصدوها سائلين التعزية والنصح بفنوتيوس، والد إفروسيني.
 
هذا جاء إلى رئيس الدير فأحاله على الراهب سماراجد. وعرفت أفروسيني والدها ولم يعرفها، فكانت تشدّدُه بسبب حزنه الكبير على ضياع ابنته، وتقولُ له إنّ الربّ الإله سوف يفتقدُه برؤيتها في هذا الدهر.

وأشرفت إفروسيني على الموت، فكشفَتْ لوالدِها عن نفسها، ثمّ طلبت إليه أن يترك للديرِ ميراثَهُ ويهتمَّ بدفنِها. وبعدما رأت أنّ كلّ شيءٍ قد تمّ أسلمَتِ الروح.
 
كلُّ هذا مَرَّ أمامَ عينَيْ بَفنُوتيوس وطرقَ أُذُنَيهِ بِسُرعة، فلم يَعِ أَفي حُلمٍ كان أم في يقظة! دهشتُه وحزنُه كانا عظيمَين، وقد بكى بكاءً مُرّاً. ثُمّ أنّ همَّه، أمامَ ابنتِه الراقدة، بات أن يتمّمَ ما أوصَتْهُ به، فقام ووزّعَ ثروتَهُ على الفقراء والدير، وعاد فترهّبَ وسكنَ في قلّايةِ الراهب سماراجد (إفروسيني) عشر سنوات، رقد في الربّ بعدها رُقادَ القدّيسين.
 
*أخبارنا*
*+ اشتراكات نشرة الكرمة*
 
نذكّر الرعايا التي لم تسدِّد بعدُ ما تبقَّى عليها من اشتراكها لنشرة الكرمة للعام 2022 بضرورة تسديد اشتراكاتها خلال شهر تشرين الأول 2022 بدفع المبالغ المتبقّية عليها، وذلك حفاظاً على استمراريّة النشرة في الصدور.