الأحد 9 كانون الثّاني 2022      

الأحد 9 كانون الثّاني 2022      

06 كانون الثاني 2022
الأحد 9 كانون الثّاني 2022
العدد 2
الأحد بعد الظّهور الإلهي
اللَّحن الرابع الإيوثينا السابعة


* 9:  تذكار الشّهيد بوليافكتوس، البارّ إفستراتيوس، * 10:غريغوريوس أسقُف نيصص، القدّيس دومتيانوس أسقُف مليطة، * 11: البارّ ثيودوسيوس رئيس الأديرة، البارّ فيتاليوس، *  12: الشهيدتان تتياني وإفستاسيّا، البارّ فيلوثاوس الإنطاكيّ، * 13: الشّهيدان إرميلس وسْتراتونيكوس، البارّ مكسيموس (كفسوكاليفيا)، * 14: وداع عيد الظهور الإلهيّ، الآباء المقتولون في سيناء وريثو، * 15: البارّان بولس الثيبي ويوحنّا الكوخي . 
    
أخلاق النُّسك في الأرثـوذكسيّة

كلمة نُسْك ascèse ليست إماتة بل هي بمعنى تمرين exercise أو جهاد من أجل تخطّي ضعفنا البشري في سبيل الاِشتراك بمحبّة الله للبشر.

لقد سمحت "الكورونا" لنا أن نذوق ثمار الهدوئيّة hésychia وهي: الخلوة الصمت والصلاة من أجل العالم كلّه.

ما يجذب في الحياة الهدوئية، المسيحيّة، الإنجيليّة هو البساطة، الصدق، خبرة الملكوت من خلال سرّ الكنيسة وهو الحقيقة الجوهريّة في حياتنا ontologique.

 هذا هو السرّ Mystère أن نرى حقيقةً إلهيّةً ظاهرةً في جسدٍ أرضيّ. هذه هي الأيقونة في كتاب أقوال آباء الصحراء Sentenses des Pères du Désert. يُحكى أنّ ثلاثة آباء زاروا القدّيس أنطونيوس سائلين إيّاه عن الأفكار وخلاص النفس. 

واحدٌ منهم بقي صامتاً. فسأله الأب القدّيس لماذا لم تسألني شيئاً فأجاب: "يكفي لي أن أرى وجهك" يا أبي.

يلعب القدّيس دور الوسيط médiateur بين الله والبشر. هو بمثابة قناة أو سلّم للنعمةِ الإلهيّةِ بين الأرض والسماء. إنّه أيقونةٌ حيّة. الموهبة المشتركة بين القدّيسين المتنوّعين هي فضيلة التمييز acribia، وذلك في تطبيق وصايا الله محبّةً بالمسيح.

في الأرثوذكسيّةِ ليس من "روحانيةٍ" للرهبان وأُخرى للعلمانييّن. هناك تقليد روحانيٌّ واحد فيما يختصّ بالصوم والصلاة، يسلكُ بموجبه الإنسانُ بحسب إمكاناته ودرجتِه. 

هذا ما يشكّل ديناميّةَ الحياة الروحيّة ووحدة الكنيسة. هكذا فإنّ الزُّوّارَ لا يتفاجأون عندما يأتون إلى زيارة الأديار. 

عندما يعترفون لدى أبٍ روحيٍّ راهب، يوصيهم بصلاة يوميّة على غرار صلاة الرهبان. 

عندنا مثال حيّ عن مثل هذه الأخلاقية النسكيّة عند الشعوب الأرثوذكسيّة حيث أنّ يعض العلمانيّين ينتهجون حياةً صلاتيّةً أقسى من برنامج الرهبان. 

من أجل ذلك لم يسمح الأساقفة المجتمعون في مجمع كريت سنة 2016 بتغيير قواعد الصوم الكبير.

الحياة المسيحيّة الحقّة تبقى حُرّةً وشخصيّةً جواباً لمقتضيات الإنجيل. ما هي إلا نزعة روحيّة تتحوّل شيئاً فشيء إلى لَهَبِ حُبٍّ يلتهمُ كلّ ما عند الإنسان من أرضيّ وجسديّ: هذا هو النُّسك.

+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما


طروباريّة القيامة باللّحن الرابع

إنّ تلميذات الربّ تعلّمْنَ من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجّدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنحَ العالمَ الرَّحمةَ العُظمى.

طروباريّة الظّهور باللّحن الأول

باعتمادك يا ربّ في نهرِ الأردن ظهرت السجدةُ للثالوث، لأنّ صوتَ الآب تقدّمَ لكَ بالشهادة، مسميّاً إياكَ ابناً محبوباً، والروح بهيئة حمامة يؤيّدُ حقيقةَ الكلمة. فيا مَن ظهرتَ وأنرتَ العالم، أيّها المسيح الإله المجد لك.


قنداق الظّهور باللّحن الرّابع

اليومَ ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورُكَ قد ارتسمَ علينا نحن الذين نسبِّحُكَ بمعرفةٍ قائلين: لقد أتيت وظهرتَ أيُّها النورُ الذي لا يُدنى منه.

الرِّسَالة
أف 4: 7-13 


لِتَكُن يا ربُّ رحمَتُكَ عَلَينا
ابتهِجوا أيُّها الصدّيقونَ بالربّ

 
يا إخوة، لكلِّ واحدٍ منّا أُعطيَتِ النعمةُ على مقدارِ موهبةِ المسيح. فلذلك يقول: لمّا صعد إلى العُلى سبى سبيًا وأعطى الناسَ عطايا. فكونُهُ صعد هل هو إلاّ أنّه نزل أوّلاً إلى أسافل الأرض. فذاك الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق السماوات كلِّها ليملأ كلّ شيء. وهو قد أعطى أن يكونَ البعضُ رُسُلاً والبعضُ أنبياءَ والبعضُ مبشِّرين والبعضُ رُعاةً ومعلِّمين. لأجلِ تكميل القدّيسين ولعَمَلِ الخدمة وبُنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعُنا إلى وحدة الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى مقدار قامةِ مِلءِ المسيح.

الإنجيل
متى 4: 12-17


في ذلك الزمان، لمّا سمع يسوع أنّ يوحنا قد أُسلم انصرف إلى الجليل، وترك الناصرة، وجاء فسكن في كفرناحوم التي على شاطئ البحر في تخوم زبولون ونفتاليم، ليتمّ ما قيل بإشعياء النبي القائل: أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر، عَبرُ الأردن، جليلُ الأمم. الشعبُ الجالسُ في الظلمة أبصر نوراً عظيماً، والجالسون في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم نور. ومنذئذ ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.

في الإنجيل 

يُظهر إنجيل أحد ما بعد الظهور ثلاث أحداث مهمة تمت بعد معمودية السيد، وهي سجن يوحنا المعمدان "لما سمع يسوع أن يوحنا أُسلم انصرف" وتوجه المسيح إلى كفرناحوم "وأتى فسكن كفرناحوم" وبدء تعليمه "من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز" (متى 12:4-17).

يُخبرنا متّى الإنجيليُّ في الحَدَثِ الأوّل أنّ المسيحَ سَمِعَ بأنّ يوحنّا قد قُبضَ عليه وحُبِس. يرى البعضُ في هذا الحَدَثِ محاولةً من القوى الشيطانيّةِ لإسكاتَ صوتِ الحقّ وإطفاء العدل وإضعاف قوّة النور واغتصاب كلمة الحقيقة والعدالة؛ ذلك أنّ يوحنّا كان يوبِّخُ ممارسات هيرودُس اللاأخلاقيّة جهارًا، لا سيّما زوجةَ أخيه هيروديا، وأخوهُ بعدُ حَيّ. وكان هذا التوبيخُ سببًا للقبضِ على يوحنّا ثمّ قطع رأسه، بهدفِ إسكاته وإخفاء الحقيقة.

لا يُشكّلُ الحَدَثُ الثاني، أي خروج المسيح إلى كفرناحوم، حركةَ أمانٍ للمعلّم، بل يأخذ تفسيراً آخَرَ أكثرَ عُمقاً وهو تصحيح معنى شعب الله المختار. 

فلم يعد ذلك الذي ينحدر من إبراهيم وموسى بل أصبح مع المسيح الذي يسمع كلمة الله ويحفظها. لذلك لم يتوجّه أوّلاً إلى أورشليم بل إلى كفرناحوم التي عاشت فيها شعوبٌ من أُمَمٍ مختلفة، بالإضافة إلى لشعب اليهوديّ، لِيَنشرَ فيها بشارتَه الجديدة ودَعوتَه لِخَلاصِ النفس، وذلك لتكون بذرة كلمتِه الأُولى ليس فقط وسط الشعب اليهوديّ، بل وسط كُلِّ أبناء الله. “لأنّي أقول لكم إنّ الله قادرٌ أن يُقيمَ من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم” (متى 9:3). فشعب الله المختار هو كلُّ أبناء الله المدعوّين إلى قبول بشارة المسيح بالملكوت السماويّ.

يبدأ الحدَثُ الثالث، أي بدء تعليم السيّد المسيح، فورَ انتهاءِ عظة يوحنّا عن التوبة واقتراب ملكوت السماوات. وتعليم المسيح هذا كان رؤيويًّا وخلاصيًّا، فهو يكشفُ محبّةَ الله لأبنائه، كما أنّه يوضح إرادته في خلاص الكلّ.

جاء المسيح مرسلاً من عند الآب ليخلّص البشر من الخطايا المميتة ومن رباطات الشيطان الكثيرة ومن الفساد والموت الروحيّ، وحقّقَ كلّ ذلك بواسطة قيامته من بين الأموات. لذلك ومن تلك اللحظة بدأ المسيحُ يَعِظُ ويقول: "توبوا لأنّه قد اقترب ملكوتُ السموات" (متى17:4). 

أي أن نصبح من سكان ذلك الملكوت السماويّ غالبين الخطيئة والموت الروحيّ ورباطات الشيطان.

كلّ هذا يتمّ إذا سبقَتْه التوبةُ وطلبُ الغفران الصادقُ من الله على كلّ خطايانا اليوميّة، بالقول أو بالفعل، أو على كلّ سيّئاتنا المخجلة التي تودي بنا للخطيئة، أو على كلّ ما يُفرِحُ الشيطانَ ويُحزِنُ الله. 

فلنطلب المسامحة من الله على كل خطايانا وتجاوزاتنا لوصاياه، وَلْنُقَرِّرِ العودة إليه لنكون بِقُربه، هو ينتظرُنا بفرح لكي نعود إليه. وعندما نفعل ذلك سيُلبِسُنا ثوبَ الخلاص ويجعلُنا ساكنِينَ ملكوتَه ونكون شعبه المختار.

أحبّائي، يبدأ تعليمُ المسيح: "توبوا لأنّه قد اقترب ملكوتُ السموات"، وهو يتوجّه بالكلام لنا جميعاً. فلا نتأخَّرْ في اتّخاذِ طريقِ العودة إليه وطلبِ العفو تائبين عن خطايانا، وهو كأبٍ رحيمٍ ينتظر عودتنا ليمنحنا غفران الخطايا ومحبّته وبركته. وليس شيء أعظم من العيش تحت بركة ومحبّة الله.

شرح أيقونة الظهور الإلهيّ 

إذا تأمّلنا في أيقونة الظهورِ الإلهيّ (الغطاس)، نرى يسوعَ ويوحنّا المعمدان بالإضافة إلى العناصر التالية: الحمامة -المياه - السمك - الملائكة.

يُصَوَّرُ الربُّ يسوعُ وافقًا في مجرى الماء، عاريًا، وقد برزت عضلاتُ بطنه. فالعُريُ يُذكّرُ بحالةِ الإنسانِ في الفردوسِ قبلَ السُّقوط. وبروزُ عضلاتِ البطن، يُمهِّدُ لِمشهدِ الآلامِ والصَّلب. وكذلك قطعة القماش الملفوفة حولَ خصره ترمزُ إلى الكَفَنِ الذي سيُلَفُّ به عند موتِه.

نرى الربَّ يسوعَ يُبارِكُ المياه بِيَدِه اليُمنى، وهذا يعني أنّه هو المقدِّس، يُشيرُ إلى المياه كأنّه يدعو آدمَ إلى الاِغتسالِ معه فيها، ليتطهّرَ مِن خطاياه.

يوحنّا المعمدانُ يُلامسُ هامةَ الربِّ يسوعَ بِرِعدة، لأنّه يُدرِكُ أنّ الأجدر به أن يعتمدَ مِن يسوعَ لا أن يُعمِّدَه.

مجرى النهر يبدو على شكل كهف، كصورةٍ مسبَقةٍ للقبر، سوفَ نراها بشكلٍ أوضح في أيقونةِ النّزولِ إلى الجحيم، كما سبقَ أن رأيناها في أيقونةِ الميلاد. وفي هذا تعليمٌ مَفادُه أنّ هذا الذي رأيناه طفلًا في مغارةِ بيتَ لحم، واليومَ نراهُ رجلًا يقتبلُ المعموديّةَ من يوحنّا في نهر الأردُنّ، هو الفادي الذي سيموتُ من أجلِ خلاصِنا.

السّمكُ في مياه النهرِ يرمزُ إلى الناسِ الذين سيُلَبُّونَ دعوةَ المسيح، وسيدخلونَ معه في القبر لكي ينهضوا معه. وكلمةُ "سمكة" في اللغةِ اليونانيّة تتألّف من خمسةِ أحرُفٍ هي الأحرفُ الأُولى مِن عبارة: "يسوع المسيح ابن الله المخلّص". السّمكةُ هيَ الرمزُ المسيحيُّ الأقدم.

الحمامةُ في هذه الأيقونة هي الروحُ القدس الذي ظهر في حادثةِ معموديّة الربّ على شكل حمامة. ولكنْ ليس هذا وحسْب، بل تذكّرُنا بالحمامةِ التي في أيّام نوح بشّرت بانتهاء الطوفان وظهور اليابسة. وإذا عُدنا في التاريخ المقدّس أكثر، نرى أنّ "روح اللهِ يَرِفُّ على وجهِ المياه" (تك 1:1).

تنحدرُ الحمامةُ من السماء، ويقولُ النصُّ إنّ صوتَ الآبِ سُمِعَ من السماء يقول: هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سُرِرتُ". لذلك، نرى اللونَ الذهبيَّ في القسم الأعلى من الأيقونة حيثُ الحمامةُ، وحيث السماءُ مفتوحةٌ لِتُشيرَ إلى البَرَكةِ الآتيةِ من اللهِ الآب. هذا اللونُ الذهبيُّ هو لونُ المجد، أي لونُ السَّماء، مسكنِ الله.

يبدو الملائكةُ في أيقونةِ الظهورِ الإلهيّ مستعدّينَ للخدمة، لأنّ الربَّ يسوعَ، مباشرةً بعد خروجِه من مياهِ الأردنّ، سيذهب إلى البرّيّةِ ليصومَ أربعينَ يومًا وأربعينَ ليلةً وينتصرَ على تجاربِ إبليس. هناكَ سوفُ يقومُ الملائكةُ بخدمتِه.

نرى في العادةِ أربعًا من الملائكة: ثلاثةً منهم ينظرونَ إلى المسيح، وواحدًا خلفهم منفردًا عنهم يحدّقُ إلى السماء. أحدُ الثلاثةِ يرتدي الأرجوانَ رمزًا للمحبّةِ الإلهيّةِ للناس؛ وآخَرُ يرتدي الذهبيّ رمزًا للمجدِ الإلهيّ؛ والثالثُ يرتدي الأحمر رمزًا للموتِ الفدائيّ. 

أمّا الملاكُ المنفردُ عن رفاقِه والمحدِّقُ أبدًا بالسماء، فيرتدي اللونَ الأخضر، دلالةً على تجدُّدِ الحياة، وهو يمثّلُ ملائكةَ التسبيح، الذين لا ينفكّون يرنّمونَ لربّ المجد.

العبور إلى أرض الميعاد 

في بداية السّنة الجديدة، يتطلّع البعضُ بأملٍ ورجاء أن تَحمل هذه السّنة الخير والبركة على كلِّ العالم بشكلٍ عامّ، وعلى أبناء الشعب اللبنانيّ بشكلٍ خاصّ، لِما عاناه ويعانيه مِن بُؤسٍ وفَقرٍ واضطرابات. ولسان حالهم اليوم " قد تناهى الليل واقترب النهار" (رو 12:13). 

مرحلة المخاض التي يعيشها الوطن علّها تكون مثمرةً بوطنٍ جديد مبنيّ على الوعي واحترام الإنسان والقِيَم الأخلاقية، وبهذا ينظر القارئ إلى المسؤولين عن قيادة هذا الوطن وسياسته، ويتطلّع إلى قادة الطوائف ومسؤولي المؤسّسات إلى أن يخرجوا من قوقعة التسلّط والتنظير، أو من إلقاء التّبعات على الآخرين، إلى أفعال تُنتج مخرجًا فعليًّا من هُوّة الجحيم الذي يعيش فيه الشعب، مِمّا زاد الرغبة عند أولادنا بترك هذه البلاد إلى أيّ بلدٍ آخر، محتملاً مخاطر الفشل بمستقبل يتحقّق.

أبناء الوطن العاملون بكدٍّ وتعب، الساعون للقمة العيش، أو لحياة بسيطة هادئة، قد أُعدموا كلَّ رؤية مستقبليّة لحياتهم، وربّما لمستقبل كلِّ جيلٍ آتٍ بعدهم، بسبب عدم ثقتهم بمن يقود قطار الحياة، مع أنَّ الكثيرين منهم على صورة قادته يسلك كخراف.

المسيحيّ في خِضَمِّ هذه الأجواء البائسة كلِّها، والأزمات المتتابعة، يتلقّى لطمات الحياة القاسية، يتألّم لِما يَطالُه ويَطالُ الآخَرِين مِن ضِيق، لذا يتطلّع إلى "حمل الله، حامل خطايا العالم" ليرفع إليه ضيق الناس كلّهم دون تمييز، يتألّم لواقعه الذي يحتاج إلى نفض الغبار عن الكثير من مخلّفات التبعيّة السياسيّة والطائفيّة، ليستلهم من ربّ الكلّ السبيل القويم في معالجة الواقع أو المساهمة بذلك.

قال الربّ لتلاميذه: "إنّكم في العالم ستكونون في ضيق" لكونهم سيكونون سالكين بعكس روح العالم. لأنَّ كلُّ تغيير يأتي أوّلاً من تطويع الذات للكلمة الإلهيّة والتمرّس عليها والعمل بها، فثمار البِّر لا تأتي إلا بالتوبة، أي أن تكون نقيًّا في قلبك، كريمًا بطبعك وفي محيطك، أمينًا في عملك، لا تقيس الأمور بميزانَين وتسلك بالمحاباة، بعيدًا عن النميمة والعداوة، معلنًا الحقَّ بجرأةٍ على غرارِ القدّيس يوحنّا المعمدان الذي قال" أعدّوا طريقَ الرّب واجعلوا سُبُله قويمة " ...استقامة حياتنا السبيل الوحيد لإنقاذ عائلاتنا ووطننا"، فنحقّق من ههنا، بإرادة صلبة، مجتمعًا كما نرجو وما سنملكه في الحياة المقبلة" (القدّيس باسيليوس الكبير)