الأحد 21 آب 2022
17 آب 2022
الأحد 21 آب 2022
العدد 34
الأحد العاشر بعد العنصرة
اللحن الأول، الإيوثينا العاشرة
أعياد الأسبوع:
21: الرّسول تدّاوس، الشُّهداء باسي وأولادها، 22: الشّهيد أغاثونيكس ورفقته، 23: وداع عيد الرقاد، الشّهيد لوبّس، 24: الشّهيد في الكهنة أفتيشيس، قزما الإيتولي، 25: عودة جسد برثلماوس الرّسول، الرّسول تيطس، 26: الشّهيدان أدريانوس ونتاليا ورفقتهما، 27: البارّ بيمن، الشّهيد فانوريوس.
أن تكون مريميّاً
"كانت مريم تحفظ كلمة الربّ وتتأمّلها في قلبها" (لوقا 2: 19). Méditation spirituelle
أن تكون مريميًّا هو أن تكون طاهراً. الإنسان الطاهر لا يتقبّل في ذاته إلاّ الزرعَ الإلهيّ، سواءٌ كان عازباً أم متزوّجاً.
الطهارة أمومةٌ حقيقيّة، عطاءٌ روحيٌّ يَلِدُ المسيحَ الإلهَ في قلوبِ الآخَرِين: العذراءُ مريمُ هي والدةُ الإله. "الذين لا من لحم ودم ولكن من الله ولدوا" (يو 1: 13).
• رقاد العذراء:
أن تكون مريميّاً هو أن ترقدَ مثلها في الربّ، أي أن تموت في سلام.
الموتُ مشاركةٌ في الطبيعة الإنسانيّة المعطوبة. العذراء مريم أخذت هذه الطبيعة الهشّة، لكنّها حافظت حتّى المماتِ على طهارةِ نفسِها وجسدِها. نحن بِدَورِنا علينا أن نحافظَ قَدْرَ استطاعتِنا على عفّةِ الجسدِ والنفس، ونسعى للعيشِ حتّى المماتِ في رُوحِ توبةٍ وأمانةٍ لله، تكفيراً عن خطايانا.
في صلاة الغروب نرتّل: "إنّ ينبوعَ الحياة قد وُضعت في قبر، واللحدَ صارَ سُلّماً مصعدةً إلى السماء". كلُّ مَن مات في المسيح يصبحُ قبرُه سُلّماً مصعدةً إلى السماء.
هذا يعني أنّ مريم "الشفيعة الحارّة، السلّم المصعدة من الأرض إلى السماء" والدة الإله قد تمجّدت جسداً وروحاً عند رقادها.
هذا هو المعنى الرئيسيّ الذي نستطيع أن نستخلصَه من رقادها المقدّس وبهذا تصبح العذراء والدة الإله مثالاً لكلّ واحد منّا نحن المؤمنين عند موته، وفي آخر حياته على الأرض.
هذا كلّه يكشف عن تطوّر وغاية كلّ طبيعة بشريّة تبقى أمينة لله خالقها.
العالم اليوم جائعٌ إلى المحبّة، إلى التوبة والسلام، جائعٌ إلى اللطف والتواضع.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللحن الأوّل
إنّ الحجر لمّا خُتم من اليهود، وجسدَك الطاهر حُفِظَ من الجند، قُمتَ في اليوم الثالث أيّها المخلِّص، مانحاً العالم الحياة. لذلك، قوّات السماوات هتفوا إليك يا واهب الحياة: المجد لقيامتك أيّها المسيح، المجد لملكك، المجد لتدبيرك يا محبّ البشر وحدك.
طروباريّة رقاد سيِّدتنا والدة الإله باللحن الأوّل
في ميلادِكِ حَفِظتِ البَتوليَّةَ وصُنتِها. وفي رُقادِكِ ما أهمَلتِ العالم. وتركتِهِ يا والدةَ الإله. لأنَّكِ انتقَلتِ إلى الحياة. بما أنَّكِ أمُّ الحياة. فبشفاعاتِكِ أنقِذي مِنَ الموتِ نفوسَنا.
قنداق رقاد سيِّدتنا والدة الإله الرابع
إِنَّ والِدَةَ الإِلهِ الَّتي لا تَغفَلُ في الشَّفاعَاتِ، وَالرَّجاءَ غَيرَ المَردُودِ في النَّجَدَات، لَم يَضْبُطْها قَبرٌ وَلا مَوتٌ. لَكِنْ بِما أَنَّها أُمُّ الحَياة، نَقَلَها إِلى الحَياةِ الَّذي حَلَّ في مُستَودَعِها الدَّائِمِ البَتُولِيَّة.
الرسالة:
1 كو 4: 9-16
لتكُنْ يا ربُّ رحمتُكَ علينا
ابتهجوا أيُّها الصدِّيقون بالرّبّ
يا إخوةُ، إنّ الله قد أبرزَنا نحنُ الرسلَ آخِرِي الناسِ كأنّنا مجعولونَ للموت. لأنّا قد صِرنا مَشهداً للعالم والملائكةِ والبشر. نحنُ جهّالٌ من أجلِ المسيحِ، أمّا أنتمُ فحكماءُ في المسيح. نحنُ ضُعَفاء، وأنتم أقوياءُ. أنتم مُكرّمون، ونحن مُهانون. وإلى هذه الساعةِ نحنُ نجوعُ ونَعطَشُ ونَعْرَى ونُلطَمُ، ولا قرارَ لنا، ونَتعَبُ عامِلين. نُشتمُ فَنُبارِك. نُضطَهدُ فنحتمل. يُشنّعُ علينا فَنَتضَرّع. قد صِرنا كأقذارِ العالم وكأوساخٍ يستخبِثُها الجميعُ إلى الآن. ولستُ لأخجِلَكُم أكتبُ هذا، وإنّما أعِظُكُم كأولادي الأحبّاءِ. لأنّه ولو كانَ لكم ربوةٌ منَ المُرشدينَ في المسيح فليسَ لكم آباءٌ كثيرون. لأني أنا وَلَدْتكم في المسيحِ يسوعَ بالإنجيل. فأطلبُ إليكم أن تكونوا مقتَدِينَ بي.
الإنجيل:
متى 17: 14-23 (متى 10)
في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ إنسانٌ، فجثا لهُ وقال: يا ربُّ ارحمِ ابني فانّهُ يُعذّبُ في رؤوسِ الأهِلّةِ، ويتألّم شديداً لأنّهُ يقعُ كثيراً في النار وكثيراً في الماءِ، وقد قدّمتُهُ لتلاميذِك فلم يستطيعوا أنْ يَشْفوهُ. فأجاب يسوع وقال: أيُّها الجيلُ غيرُ المؤمنِ، الأعوجُ، إلى متى أحتملُكم. هلّم بهِ إليّ إلى ههنا. وانتهرهُ يسوعُ، فخرجَ منهُ الشيطانُ وشُفي الغلامُ من تلكَ الساعة. حينئذٍ دنا التلاميذُ إلى يسوعَ على انفرادٍ وقالوا: لماذا لم نستطِعْ نحن أنْ نُخرِجَهُ؟ فقال لهم يسوع: لِعَدمِ إيمانِكم. فإنّي الحقّ أقولُ لكم: لو كانَ لكم إيمانٌ مثلَ حبّةِ الخردلِ لكنتمُ تقولون لهذا الجبلِ انتقِلْ من ههنا إلى هناك فينتقِلُ ولا يتعذّرُ عليكم شيءٌ، وهذا الجِنس لا يخرجُ إلاّ بالصلاة والصوم. وإذ كانوا يتردّدون في الجليل قال لهم يسوع إنّ ابنَ البشر مزمعٌ أن يُسلَّمَ إلى أيدي الناس، فيقتلونهُ وفي اليوم الثالث يقوم.
في الرسالة
في رسالة اليوم يخبرنا بولس الرسول عن الظروف الصعبة والأوضاع القاسية التي كان يعيشها مع بقيّة الرسل، ويصفُ مقدار المعاناة والظلم والإهانة التي سمح الله أن يواجهوها "إنّ الله أبرزنا نحن الرسل آخرين، كأنّنا محكومٌ علينا بالموت، نحن بلا كرامة، نجوع ونعطش ونَعرى ونُلكَم، ليسَ لنا إقامة، نتعب عاملين بأيدينا، نُشتَم، نُضطَهَد، يُفتَرى علينا، صرنا كأقذار العالم، ووسخ كل شيء إلى الآن".
عجيبٌ هو ذاك الوضعُ المُزْري الذي كان يعيشُ فيه الرسل! وكأنّهم كانوا يواجهون الموت!
إنّهُ يذكِّرنا ببعضٍ مِمّا يُعاني منه الناسُ في هذه الأيّام الصعبة، وفي الوقت ذاته يُظهِر لنا كيف واجهوا بإيجابيّةٍ تلك الأوضاع، محتملينَ الفقرَ والجوعَ والعطشَ والتشريد، ومباركينَ الربّ، ومبشِّرين به وواعظين، إذ يقول: كنّا "نعِظ، ونبارِك، ونحتمِل".
لم يتذمّروا مطلقاً، لأنّهم آمنوا أنّ "آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا" (رو8: 18).
ولأنّهم أحبُّوا الربّ يسوع المسيح أكثر من هذا العالم، بعدَ أن أدركوا أنّ "محبّة العالم عداوةٌ لله" (يع4: 4)، فسلكوا بحسَبِ ما قاله الرسول يوحنّا الإنجيليّ في رسالته الأولى: "لا تحبُّوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحبّ أحدٌ العالم فليست فيه محبّةُ الآب. لأنّ كلّ ما في العالم، شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظُّم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته، وأمّا الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو2: 15-17).
هذا يعطينا تعزيةً وشجاعةً في مواجهة معاناتنا الحاضرة، فنتصرّف كما فعلوا هم، أي نَحتمِل الشدّة والضيق، ونبارك الربّ على كلِّ شيء، قائلين كما قال القدّيسُ يوحنّا الذهبيّ الفم عندما أسلمَ الرّوح: "المجد لله على كلِّ شيء"، وكأيّوب الصدّيق عندما خسِرَ كلّ شيء: "الربُّ أعطى والربُّ أخذ، فليكنِ اسمُ الربِّ مباركاً" (أيو1: 21). هذا إن فعلناه يكونُ عظةً بليغةً، أهمّ من كلِّ عظات المنابر، ومن كلِّ الكلام.
لكنّ القدرةَ على الاحتمال ليست في مقدور كلِّ الناس، لأنّ الاحتمال يأتي من الثقة والإيمان بالله، لذلك إذا أردنا أن نزيد قدرتنا على الاحتمال، علينا أن نثق بمحبّة الله من ناحية، وبحكمته وقدرته من ناحية أخرى، فهو الضابط الكلّ ولا شيء يحصل من دون سماحه، وفي الوقت عينه هو الأبُ السماوي الحقيقيٌ لنا، الذي يحبُّنا ويتحنّنُ علينا أكثر من محبّة وحنان الأمّ لرضيعها، فقد قال الربُّ في الكتاب المقدّس: "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟! حتّى هؤلاء ينسينَ، وأنا لا أنساك. هوذا على كفِّي نقشتُك" (أش49: 15-16).
هذه الثقة وهذا الشعور بحنانِ الله وعنايته، يأتيانِ من معاشرتنا له، من خلال الصلاة وقراءة الكتاب المقدّس يوميّاً، عندها سنكتشف ليس فقط محبّة الله التي دفعته إلى أن يُصلَب عنّا ولأجلنا، بل أيضاً نُبلَهُ الذي دفعه كي يبرِّرُ لصالبيه المجرمين فعلتَهم ويجدَ عذراً لهم، حين قال: "يا أبتاه اغفر لهم لأنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو23: 34).
فإذا كان هذا هو تصرُّف إلهنا مع هؤلاء القتلة، فكم بالأحرى يتصرّف بحنوٍّ مع أبنائه وأحبّائه الذين نحن منهم؟! وكم علينا بالتالي أن نتعلّق بهذا الإله الرائع؟! ونحتملَ كلّ ضيقٍ وكلّ شيءٍ لمجد الله.
لِمَ لا يستجيبُ اللهُ صلواتي
وردَ في سِفرِ يعقوب: "وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ" (يع 5:1)
هناك عاملانِ يؤثّرانِ في استجابة الله صلواتِنا: حكمةُ الله من جهة، واستعداد الإنسان من جهة ثانية.
من جهتِه، يُريدُ الله للإنسانِ كُلّ ما هو خير، لأنّه كلّيّ الرحمة والمحبّة والصلاح. وفي هذا يقول الرسولُ يعقوب أخو الربّ: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ (يع 17:1). لا بل هو يشتاقُ أن يعطيَنا سُؤلَ قلبِنا: "إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا" (يو 24:16)
ولكنّ اللهَ هو الذي يحدّد الزمان الذي فيه يستجيب، والطريقةَ التي يعطي بها. ولا يمكن للإنسانِ أن يُرغمَ الله على فعلِ شيءٍ لا يريدُه.
أمّا من جهةِ استعداد الإنسان، فينبغي أن يمتلك الإنسانُ ثقةً مطلقةً بالله: "إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ، فكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ" (مر 23:9)؛ وأن يمتلك التواضع:
" يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً" (يع 6:4)؛ وأن يَثِقَ في الله وفي قدرتِه وحكمتِه أكثرَ مِمّا يَثِقُ بقدرتِه الشخصيّة وحكمتِه:
"وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِر" (أف 20:3)؛ وأن يُمارسَ أعمالَ الرحمة: صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ الله" (أع 4:10).
عليكَ إذًا أن تعودَ إلى نفسِكَ قبلَ أن تُعاتبَ الله. لأنّ سببَ عدمِ استجابةِ صَلاتِكَ لا علاقةَ لَهُ باللهِ السخيّ والمعطاء والرحيم. عليكَ أن تسألَ نفسَكَ عن العوائقِ الموجودةِ فيك، وفي سُلُوكِكَ وفي خطاياك.
ومن جهةٍ ثانية، مهما بلغَت فضيلتُكَ ومهما تعاظمَ بِرُّك، يبقى للّه أن يقرّرَ ما يعطيكَ ومتى يعطيك وكيف يعطيك. هو يعرفُ ما هو مناسبٌ لك أو لسواك، وهو الذي يقرّر. أمّا أنتَ أيّها الإنسان، فعليكَ أن تقبلَ بقرارِه الله وألّا تتمرّدَ عليه، لأنّ في تمرّدِكَ جحودًا ونقصَ إيمان، وكبرياءَ وأنانية.
شخصيّة والدة الإله
ربّما تساءل بعض الناس إذا كانت العذراء "إناء مختاراً" وحسب، وإذا كان كلُّ شيء يأتي من الله، فما هو دورها الشخصيّ في خلاص العالم؟
والحقيقة أنّ الله يحترم حرّية كلّ إنسان، حتّى الإنسان الخاطئ، إنسان السقوط والفساد. ولذا فإنه لم يرد أن يخلّص العالم من دون موافقة العالم بنفسه.
والعذراء مريم وافقت بملء إرادتها على أن تشترك في العمل الخلاصيّ الذي يشمل العالمَ كلَّه. وقولها: "أنا أمة للربّ، فليكن لي كما قلت" (لو 1: 38) لم يعبّر عن موافقتها الخاصّة وحسب، بل عن موافقة العالم بأسره. وقد صار فمُها فمَ الخليقة بأسرها، وأداة خلاص العالم في آن.
العذراء مريم هي تقدمة من العالم كلّه لله. ففي شخص والدة الإله أعطت البشريّة أنقى تقدماتها لله. فقبلها الله وجعلها إناءً ومكانًا لولادته، وأمّ الجنس البشريّ والعالم أجمع.
وهذا ما يعنيه قول الرّب لتلميذه الحبيب يوحنّا: "هذه أمّك" (يو 19: 27).
ويقول الدمشقيّ: "فإنّه بعد موافقة العذراء القدّيسة، حلّ عليها الروح القدس وفقاً لكلام الرّب الذي قاله للملاك، فطهّرها ووهبها قوّة لقبول الإله الكلمة، وقوّة لولادته. وعندئذ نزلت عليها، كما الظل، حكمة الله العلّي المتأقنمة وقوّته، أي ابن الله الذي هو من جوهر الآب، وكأنّه بذرة إلهيّة.
وخلق لنفسه جسداً بنفس ناطقة وعقليّة، فصار جسده أفضل ممثّل لجنسنا... أنظر أمثال 9: 1، يو 10: 18). إنّها بالحقيقة والدة الإله..... لا لأنّ طبيعة الكلمة الإلهيّة أتت منها، بل لأنّ الكلمة الإله نفسه، المولود من الآب أزلياً وخارج الزمن والذي هو مع الآب والروح بلا بداية ولا دهور، حلّ في أحشائها في الأيّام الأخيرة لأجل خلاصنا، وتجسّد منها بلا تغيير.
فالعذراء القدّيسة لم تلد إنساناً وحسب، بل إلهاً حقيقيّاً، غير خياليّ، إنّما في جسد..... فاتّخذ منها جسداً يماثل جسدنا تماماً وأعطاه وجوداً في شخصه. لقد ولد ابن الله من أحشائها في جسد. فهو ليس إنساناً حاملاً الله، بل إلهٌ في جسد. وهو ليس نبيّاً يُمسح مسحاً، بل حضورٌ كاملٌ لمن يقيم المسحة.
والخلاصة أنّ من يقيم المسحة صار إنساناً. والله هو الذي مُسح، لا بتغيير في طبيعته، إنّما بالإتحاد الأقنوميّ" .