الأحد ٢٤ كانون الثاني ٢٠٢١
24 كانون الثاني 2021
الأحد ٢٤ كانون الثاني ٢٠٢١
العدد ٤
الأحد (١٤) من لوقا
اللحن الثامن، الإيوثينا الحادي عشر
أعياد الأسبوع:
24: (الأعمى) البارّة كْساني وخادمتها، الشَّهيد بابيلا الأنطاكي ورفقته. 25: غريغوريوس الثاولوغوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، 26: البارّ كسينُفوندُس مع زوجته ماريّا وولدَيه أركاديوس ويوحنّا. 27: نقل جسد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم، القدِّيسة ماركياني. 28: البارّ أفرام السريانيّ، البارّ بلاديوس. 29: نقل بقايا الشّهيد في الكهنة إغناطيوس المتوشّح بالله. 30: الأقمار الثلاثة وأمّهاتهم: آميليا- نونة- أنثوسة.
بالإستهلاك الهلاك التغيّرُ المناخيُّ وانتشارُ الأوبئة حقيقتانِ للخطرِ المحدقِ بنا، نقومُ نحن البشرُ بتجاهلِهما.
نحن، أبناءَ القرنِ الحادي والعشرين، أَطلَقنا العِنانَ لأنفسِنا بالإسرافِ في الاستهلاك، وجعلنا هذا الأمرَ إدماناً أكثرَ مِن أيِّ وقتٍ في تاريخِ البشريّة. فإذا نظرنا إلى
كيفيّةِ عيشِنا، يظهرُ لنا بوضوحٍ أنّنا عالقونَ بإدمانِنا هذا إلى حَدِّ عدمِ قدرتِنا على ملاحظةِ أنَّ عالَمَنا أصبحَ على حافّةِ الهاوية.
لقد حذّرنا العلماءُ منذُ سنينَ من الاستخدامِ المُفرِطِ للوقودِ الأُحفُوريّ ، لِما له من تأثيراتٍ سلبيّةٍ على كوكبِنا. فالتغيّرُ المناخيُّ هو أحدُ نتائجه. نعم، نحن ننظرُ إلى الحقيقةِ العلميّةِ في بعضِ الأحيانِ بشكلٍ إنتقائيّ، بحيثُ نجدُ طرقاً عدّةً لِنُكرانِ ما لا يمكنُ المفرُّ مِنه، واضعين رُؤوسَنا كالنّعامةِ في الرّمال.
لقد علّمَنا الآباءُ القدّيسونَ والكتاباتُ المقدّسةُ أنّ الله يريدُ من الإنسان أن يستغلَّ الأرضَ ومواردَها. أمّا نحن اليومَ فقد وضعنا أولويّاتِنا في مكانٍ آخرَ على حسابِ الأرضِ ومواردِها، وذلك كلُّه بسببِ غرورِنا وكبريائنا.
المرضُ العُضالُ والأوبئة تفتكُ بنا، لأنّنا نجعلُ من أنفسِنا آلهةً على الأرض. نتصرّفُ بمواردِها بشكلٍ سيّئءٍ, كأنّها ملكٌ لنا أبديٌّ وكأنّنا نحن مَن قمنا بخلقِها. نظنُّ أنّنا سلالةُ المتقدّمِينَ تكنولوجيًّا وعلميًّا نستطيعُ القيامَ بكلِّ ما هو مستحيل. فانظرُوا كيفَ واجَهَ العلماءُ والعلمُ جائحةَ كورونا "بالدّهشة". كوكبُنا الّذي هو مِن خَلقِ الله يتقيَّؤنا لأنّنا نهملُ رسالةَ الله الواضحةِ ودعوتَه للتوبةِ عن خطايانا. وخطايانا هي: العبثُ بخليقتِهِ بشكلٍ رهيب، الاِستهلاكُ المُفرِط، والطّمع. هذه الأمورُ تَقُودُنا لِنَنسى أنَّ الله قد مسحَنا لنكون ضيوفاً خفيفي الظّلِّ على الأرض.
لقد عبدنا آلهةً غريبةً: الأجهزةَ الخلويّةَ الذّكيّة، الإنترنت، الشّراهة، المال... في حينِ أنّنا نهملُ دعوةَ خالقِنا لوضعِ قلوبِنا وعقولِنا في تصرّفِه.
نعم يا إخوةُ لقد تخطّينا الخطوطَ الحمراءَ بمعدّلاتٍ غيرِ مسبوقة، فيجبُ أن نضعَ حدًّا لطريقةِ عَيشِنا السّيّئةَ هذه، وأن نكونَ أدواتِ الله لخدمةِ مجدِهِ على الأرض.
• * ** *
طروبارية القيامة باللحن الثامن
انحدرت مِن العلوِّ يا متحنِّن، وقًبِلْتَ الدَّفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام، لكي تُعتقنا مِن الآلام. فيا حياتَنا وقيامتَنا، يا ربُّ المجدُ لك.
قنداق دخول السيد إلى الهيكل باللحن الأول
يا مَن بمولدِكَ أيّها المسيحُ الإلهُ للمستودع البتولِّيِّ قدَّسْتَ وليّدَيْ سمعانَ كما لاقَ باركتْ، ولنا الآن أدركْتَ وخلَّصتَ، إحفظ رعيَّتَكَ بسلام في الحروب، وأيِّد المؤمنينَ الذين أحببْتهم، بما أنّكَ وحدَكَ محبٌّ البشر.
الرسالة:
1 تيمو 15: 1- 17 (31 بعد العنصرة)
خلّص يا ربُّ شعبَكَ وبارِك ميراثك إليك يا ربُّ أصرُخُ الهي
يا ولَدَي تيموثاوُسَ صادِقةٌ هي الكَلِمةُ وجديرةٌ بكلِ قَبولٍ، أنَّ المسيحَ يسوعَ إنَّما جاءَ إلى العالم ليُخلِّصَ الخطأةَ الذينَ أوَّلُهم أنا. لكنّي لأجلِ هذا رُحِمتُ، ليُظهِرَ يسوعُ المسيحُ فيَّ أنا أوّلاً كلَّ أناةٍ، مثالاً للذينَ سيؤمِنون بهِ للحياةِ الأبديَّة. فَلِمَلِكِ الدُّهورِ الذي لا يَعروهُ فسادٌ ولا يُرى، اللهِ الحكيمِ وحدَهُ الكرامةُ والمجدُ إلى دهر الدهور. آمين.
الإنجيل:
لو 18 : 35-43
في ذلك الزمان فيما يسوع بالقربِ من أريحا كان أعمى جالِساً على الطريق يستعطي، فلمَّا سَمِعَ الجَمعَ مجتازاً سَألَ ما هذا، فأُخبِرَ بأنَّ يسوعَ الناصريَّ عابر،ٌ فصرخ قائلاً يا يسوع ابنَ داودَ ارحمني فزجرهُ المتقدِّمون لِيسكتَ فازداد صراخاً يا ابنَ داودَ ارحمني. فوقف يسوعُ وأمر أنْ يُقدَّمَ إليه، فلمَّا قرُب سألهُ ماذا تريد أن أصنَعَ لك. فقال يا ربُّ أن أُبصِر، فقال لهُ يسوع أَبصِرْ، إيمانك قد خلَّصك. وفي الحال أبصَرَ وتبعَهُ وهو يمجّد الله، وجميع الشعبِ إذ رأَوا سبَّحوا الله.
في الإنجيل
- النُّقطَةُ الأُولى الّتي نَقِفُ عندَها في هذا النصّ أنَّ هذا الإنسانَ أعمى بالكُلِّيّة، ولم يَكُن بِمَقدُورِه أن يرى يسوعَ ولا الجَمعَ المُجتازَ مِن تلكَ الطّريق. لذلك يقولُ متّى كاتبُ هذا الإنجيل إنّ الأعمى "سَمِعَ الجَمْعَ مُجتازًا"، فاستفسرَ عن سَبَبِ هذه الجَلَبة، فأُخبِرَ بأنَّ يسوعَ الناصريَّ مُجتاز.
- النقطة ُالثانية هي إيمانُه ونشاطُهُ وَثَباتُه. هذا ما تجلّى في صُراخِه "يا ابنَ داودَ ارحَمني". هذه الصّرخةُ تُشيرُ، مِن جهةٍ، إلى أنّه كان يعرفُ أقوالَ الأنبياء الّذين سبقوا فأعلنوا أنّ مخلِّصَ العالَمِ مُزمِعٌ أن يُولَدَ مِن بيتِ داودَ وَمِن عشيرتِه. وَمِن جهةٍ ثانية، تُشيرُ هذه الصرخةُ إلى عُمقِ إيمانِه وحرارتِه ونشاطِه، إذْ داومَ على الصُّراخ ولم يَكُفَّ عن ذلك رغمَ توبيخِ النّاسِ لَهُ وانتهارِهِم إيّاه لِيَسكُت.
- والنّقطةُ الثالثةُ هِيَ أنَّ اشتراكَ إرادةِ الإنسانِ معَ نِعمةِ اللهِ يؤدّي إلى كُلِّ عملٍ صالح. فالإنسانُ لا يستطيعُ وحدَهُ أن يَخرُجَ مِن ظَلامِ خطاياه.. لا يستطيعُ ذلكَ بِقوّتِه الذاتيّة، ولذلك هو بحاجةٍ إلى مُساعدةِ الربّ. ولهذا السَّبَبِ وَقَفَ الرَّبُّ يَسُوعُ عن سَيرِه وأمرَ أن يُؤتى بالرَّجُلِ الأعمى إليه، وسألَه أمامَ الجَمْع: "ماذا تُريد أن أصنعَ لك؟"؛ وذلك لكي يُظهِرَ إيمانَه العظيم، الّذي جعلَهُ مستحقًّا لِتَدَخُّلِ الرَّبِّ ومَنحِهِ النِّعمةَ الّتي طَلبَها.
- النقطةُ الرّابعة هي أنّ إعادةَ البَصَرِ لِلعُميانِ اعتُبِرَتْ مِن جُملةِ البَراهِينِ على أُلُوهَةِ الرَّبِّ يَسُوع؛ لأنّه مَن يقدرُ أن يُعِيدَ البَصَرَ إلى الأعمى، وَبِمُجَرَّدِ كَلِمة، إلّا اللهُ وَحدَه؟! فعندما قالَ لَهُ الرَّبُّ "أَبْصِرْ" قالَها بِصَوتِ إلهٍ كُلِّيِّ القُدرة، خَلَقَ كُلَّ شيءٍ مُنذُ البَدءِ بِكَلِمة. فعندما خلقَ النُّورَ، مَثَلًا، قال "لِيَكُنْ نُورٌ" (تك 3:1) وفي الحالِ كانَ نُور.
- في الخِتام، نُلاحِظُ أنَّ العمى الّذي أُصِيبَ بِهِ هذا الإنسانُ كانَ جسدِيًّا، وأمّا نحنُ فقد أُصِبنا بالعمى الرُّوحيّ، وأظلمَتْ بَصائرُ نُفُوسِنا بسببِ الخطايا الّتي نقترفُها بإرادتِنا. هُوَ كانَ لا يستطيعُ أن ينظرَ الأرضيّات، وأمّا نحنُ فلا نستطيعُ أن نُبصِرَ السّماويّات. هُوَ اهتمَّ ونَشَطَ واشتاقَ إلى نعمةِ اللهِ الّتي تستطيعُ أن تُبرئَه، وأمّا نَحنُ فلا نهتمَّ بشأن غُفرانِ خطايانا، ولا نَشتاقُ ولا نُصَلِّي صارِخِينَ بحرارة طالبِينَ الرّحمةَ مِنَ الرّبّ.
يحدِّدُ الرسولُ بولسُ الإيمانَ بِقَولِه:" وأمّا الإيمانُ فهو الثقةُ بما يُرجى، والإيقانُ بأُمورٍ لا تُرى" (عب 1:11). وهذا هُوَ النُّورُ الذي كان يملكُه هذا الأعمى. وكُلٌّ منّا بحاجة لمثل هذا الايمان، للثقة والرجاء. فلْنَتَشبَّهْ بهِ، وَلْنضَعْ رجاءنا وثقتنا بالرّبِّ يسوع لكي نجتاز هذه الأيّام الصعبة صارخين :" تعالَ أيّها الرّبُّ يسوع، وارحمنا ". آمين
من فمِ القدّيسين لخلاص النفس
خوف الله
إنّ مخافة الله موجودة عندما تحبُّه من كلّ قلبك، وتحارب بكلّ ما لديك من قوّة حتّى لا تجرحَهُ أو تضايقَه، ليس فقط بأفعالك إنّما بكلِّ كلمة صادرة من شفتيك، وأيضًا تحاول بأفكارك إرضائه بكل ما تفعله أو تقوله. هذا هو خوف الله أي عدم فعل أي شيء يزعج أبانا الذي يحبّنا أو يسيء إليه.
(منقول بتصرّف)
محبّة المسيح للقدّيس بورفيريوس الرّائي:
يجب أن تملأ روحك بالمسيح، بالحبّ الإلهيّ، بفرح المسيح الذي سوف يشفيك من كلّ علةٍ، روحيّةً كانت أم جسديّة. عندما نحبّ المسيح، تهدأ أهواؤنا السّاقطة من تلقاء نفسها، وتفقد قوّتها أمام قوّة هذا الحبّ. عند الفجر، عندما تستنير غرفتُنا من ضوء الشمس، يضمحلّ الظلام تلقائيّاً، إذ لا يمكن لهُ أن يبقى.
الكنيسة للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم:
كم وكم عدد الذين حاربوا الكنيسة من وقت لآخر! أولئك هلكوا، أمّا هي فقد صعدت إلى السماء!
هذه هي عظمتها … يقاتلونها وتفوز! يتآمرون عليها وتنتصر! يُهينونها وهي تبدو أكثر إشراقا!
تتلقّى ضرباتٍ وبدلًا من أن تهتزَّ تصمدُ قوية! تهتزّ، لكنّها لا تغرق! تمرّ في عواصف الشّتاء، لكنها لا تَغرق!
تُحارب، لكنّها لا تنحني أبدًا.
السعادة، للقدّيس باسيليوس الكبير
السعادة عندما تفرح وترضى على ما لديك ولا تقلق من أجله، ولا تحزن أبداً على كلّ ما تحلم به أنّه يجب أن تحصل عليه.
عِشْ كُلَّ يوم ببساطةٍ، وشكرٍ دون القلق بشأن المستقبل.
لا تتخيل غير الموجود، ولكن احرص على الاِستفادة من الحاضر.
كُنْ رصينًا وحكيمًا ومجتهدًا ومُدبّراً لحياتكَ، انتبه لنفسك.
كرِّس حياتَك بثقةٍ لِذاك الذي يعتني بك وأعطاك من حبِّه، ومنح لك الوجود أنت الآتي من العدم إلى الوجود.
الخلافات بين الناس، للقدّيس مرقس الناسك.
لا تحاول حلَّ مشكلةٍ ما صعبةٍ بواسطة القتال أو الخلاف، بَلْ بالوسائل التي يفرضها النّاموس الروحيّ، أي بالصبر والصلاة وبساطة الرجاء.
"مع الله أنت دائمًا قويّ“، للقدّيس سمعان اللاهوتيّ الجديد:
دعونا لا نتظاهر بضعفنا، دعونا لا نتحجّج بضعفنا باستحضار عادة الخطيئة فينا وأهوائنا التي لا تُقهر.
لا شيء مستحيل عند مَن يؤمن بالربّ حقًا - ”للمؤمن أنت قويٌّ دائمًا" - لأنّه بواسطة الله القدير، كلُّ شيء ممكن: "مع الله أنت دائمًا قويّ“.
لذلك دعونا نصلّي باستمرار، طالبين بإيمان عميق رحمته: "يا ربُّ ارحَمْ! يا ربّ ارحم! “
علامة الصليب، للقدّيس سمعان اللاهوتيّ الجديد:
المسيحيّون، الذين يؤمنون بالمسيح، يرسمون أنفسهم بعلامة الصليب، ليس بازدراءٍ وبدون انتباه، إنّما بكل صحوٍ، بوعيٍ، بخوف الربّ وبكلِّ خشوع.
باختصار، وَوَفْقًا للمصطلح المقدَّس، إنّ كلّ شخص يَسِمُ نفسهُ بعلامة الصليب بورع، يتلقّى القوّةَ والمعونة من الله ...