الأحد 5 كانون الأول 2021
02 كانون الأول 2021
الأحد 5 كانون الأول 2021
العدد 49
الأحد 24 بعد العنصرة
اللحن السابع الإيوثينا الثانية
* 5: سابا المتقدّس المتوشّح بالله، الشّهيد أنستاسيوس، * 6: نيقولاوس العجائبيّ أسقُف ميرالكيا،
* 7: أمبروسيوس أسقُف ميلان، عمّون أسقف نيطريا، * 8: البارّ بَتابيوس المصريّ، * 9: حَبَلُ القدّيسة حنّة جدّةِ الإله، تذكارُ التجديدات، حنّةُ أمّ صموئيل النبيّ، * 10: مينا الرّخيم الصوت، أرموجانُس وأفغرافُس، * 11: البارّ دانيال العموديّ، لوقا العموديّ، الشّهيد بَرسابا. *
السلوك بحسب ناموس المسيح
تأتي القراءة الرسائليّة اليوم في سياق الحديث عن الحياة بحسب الروح في الإصحاح الخامس من الرسالة إلى أهل غلاطية.
وبما أنّ الناموس بأكمله يُكمَلُ بوصيّة واحدة، وهي "أحبب قريبك كنفسك" (غل ٥: ١٤)، لا حاجة للوصايا في "ناموس المسيح" (غل ٦: ٢)، إذ تختصرها كلّها وصيّة المحبّة. لذا يبدأ المقطع المحدّد لهذا الأحد بتعداد الثمار الروحيّة بدلاً من الوصايا.
والثمار تبيّن أصالة الشجرة الطيّبة. فالإنسان الذي يحيا بالروح يُظهر ثمارًا روحيّة تمدحها كلّ النواميس والشرائع: مَحَبّة فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَة تَعَفُّفٌ (غل ٥: ٢٢-٢٣).
تنبع هذه الفضائل من التمرّس بمحبّة الله والقريب. وليست طاعة المسيح سوى الخضوع لناموسه الذي يكتمل بوصيّة واحدة هي المحبّة.
يجبُ ألّا ينحصرَ تفكّرُنا في المحبّة بالصعيد النظريّ والفكريّ، بل علينا أن نجعل من محبّة المسيح قدوةً في حياتنا الروحيّة نسير بحسبها.
غاية القول، إنّ الذي يسلك بحسب الروح لا تحكمه وصايا جسدانيّة (أنظر غل ٥: ١٨، عب ٧: ١٦)، وذلك لأنّ شمس البرّ تُونِعُ فيه الفضائلَ بقوّة الحياة الأبديّة التي نلناها بواسطة عطيّة الروح القدس. لا يليق ناموس الحرف بعد الآن بالإنسان الذي يحيا روحيًّا، ولا تصلح الوصايا الجسدانيّة لتحكم من يسلك بحسب الروح أيضًا. فإنّ الحرف قد زال حين صَلَبَ المسيحيُّ الجسدَ مع الأهواء والشهوات (غل ٥: ٢٤)، ونال من روح الله الحياة الجديدة التي جوهرُها روحيّ (٥: ٢٥).
مات جسد الخطيئة في المعموديّة، فلمَ الوصايا الجسدانيّة.
زال الحرف حين أشرقت الشمس العقليّة الروحيّة.
وعلى نقيض الثمار الروحيّة تأتي ثمارُ الحياةِ بحسب الجسد، لأنّها متجذّرة في العُجب والحسد واستفزاز الآخرين (غل ٥: ٢٦)، وسبق للرسول بولس أن عدّد أعمال الجسد المتجذّرة في انتقاء المحبّة كالآتي:
"زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَد قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ".
هكذا، يُدرك الإنسان من الأعمال التي يقوم بها والثمار التي يأتي بها إن كان شجرةً طيّبة أو سيّئة، أي إن كان يستقي من ينبوع المحبّة أو من المتكبّر القتّال.
أمّا نحن، فإنّنا مدعوّون لأن نطبّق ناموس المسيح، ولأن نحيا بالروح ونحكم بحسب الروح. وهذا يتطلّب تواضعًا لا كبرياء، ومحبّة لا قساوة وخصامًا. هكذا يقدر الروحيّون أن يحكموا في مختلف الأمور (غل ٦: ١)، لأنّهم يضعون نُصبَ أَعيُنِهم الربَّ يسوعَ المسيحَ الذي أَحبَّ الجميعَ واحتملَ كلَّ شيءٍ من أجلنا.
ففي محبّة الإخوة الضعفاء خضوعٌ لناموس المسيح (غل ٦: ٢).
لا يكون المسيح ربًّا لنا وإلهًا، إلا حين يسودُ هو على حياتنا، وحين يوجّه ناموسُه – أي محبّتُه – كلَّ لحظةٍ مِن حياتِنا، وكلَّ قرارٍ نتّخذُه، وكلَّ ردّةِ فعلٍ نقومُ بها.
فالذين للمسيحِ يسوعَ هُمُ الذين بمحبّتِهم للإخوة يُظهرون خضوعَهم للسيّد.
الأرشمندريت يعقوب خليل
عميد معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي
طروبارية القيامة باللّحن السابع
حطمتَ بصليبِكَ الموتَ وفتحتَ للّصِّ الفردوس، وحوّلتَ نَوحَ حاملاتِ الطيب، وأمرتَ رُسُلَكَ أن يكرزوا بأنّكَ قد قُمتَ أيّها المسيحُ الإله، مانحاً العالَمَ الرحمةَ العُظمى.
طروبارية القدّيس سابا باللّحن الثامن
للبريّةِ غيرِ المثمرة بمجاري دُموعِكَ أمرعتَ، وبالتّنهداتِ التي من الأعماق أثمرتَ بأتعابك إلى مئة ضعف، فصرتَ كوكباً للمسكونة متلألئاً بالعجائب، يا أبانا البارَّ سابا، فتشفَّعْ إلى المسيحِ الإله أن يخلِّصَ نفوسَنا.
قنداق تقدمة الميلاد باللّحن الثالث
اليومَ العذراء تأتي إلى المغارة لِتَلِدَ الكلمةَ الذي قبلَ الدُّهور ولادةً لا تُفسَّر ولا يُنطَقُ بها. فافرَحي أيّتها المسكونةُ إذا سَمِعْتِ، ومَجِّدِي معَ الملائكةِ والرُّعاة الذي سيَظهرُ بمشيئتِه طفلاً جديداً، الإلهَ الذي قبل الدهور.
الرِّسَالة
غلا 5: 22-26، 6: 1-2
يفتخر الأبرار بالمجد
رنّموا للربِّ ترنيمةً جديدة
يا إخوةُ، إنّ ثمرَ الروحِ هو المحبّةُ والفرحُ والسلامُ وطولُ الأناةِ واللطفُ والصلاحُ والإيمانُ والوداعَةُ والعفَاف. وهذهِ ليسَ ناموسٌ ضِدّها، والذينَ للمسيح صلبوا أجسادَهم مع الآلامِ والشَهوات. فإن كنّا نعيشُ بالروحِ فلنسلُكْ بالروحِ أيضاً ولا نكُنْ ذوي عُجبٍ ولا نُغاضِبْ ولا نَحسُدْ بعضُنا بعضًا. يا إخوةُ، إذا أُخِذَ أحدٌ في زلّةٍ فأصلِحوا أنتم الروحيّينَ مثلَ هذا بروحِ الوداعة. وتبصّرْ أنتَ لنفسِكَ لئلاّ تُجرّبَ أنتَ أيضاً. إحمِلوا بعضُكم أثقالَ بعضٍ وهكذا أتِمُّوا ناموسَ المسيح.
الإنجيل
لو 13: 10-17 (لوقا 10)
في ذلك الزمان، كان يسوع يعلّم في أحد المجامع يومَ السبت، وإذا بامرأةٍ بها روحُ مرضٍ منذ ثماني عَشْرَةَ سنةً، وكانت منحنيةً لا تستطيعُ أن تنتصبَ البتّة. فلمّا رآها يسوع دعاها وقال لها: إنّك مُطْلَقةٌ من مرضِك. ووضع يدَيه عليها، وفي الحال استقامَتْ ومجّدتِ الله. فأجاب رئيسُ المجمع وهو مُغْتاظٌ لإبراءِ يسوعَ في السبتِ وقال للجميع: هي ستّةُ ايّام ينبغي العملُ فيها. ففيها تأتون وتَسْتشْفون لا في يوم السبتِ. فأجاب الربُّ وقال: يا مُرائي، أليس كلُّ واحدٍ منكم يَحُلُّ ثورَهُ أو حمارَهُ في السبتِ مِنَ المِذْوَدِ وينطلِقُ بهِ فيسقيه؟ وهذه ابنةُ ابراهيمَ التي رَبَطها الشيطانُ منذ ثماني عَشْرَةَ سنةً، أمَا كان ينبغي أنْ تُطلَقَ مِن هذا الرباط يومَ السبت؟ ولمّا قال هذا خَزِيَ كلُّ مَن كان يُقاومهُ، وفرح الجمْعُ بجميعُ الأمور المجيدةِ التي كانت تَصدُرُ منهُ.
في الإنجيل
مرضان روحيان أحدهما ظاهر... والثاني غير ظاهر...
"إمرأة بها روح مرض، ربطها الشيطان، فأصبحت منحنية لا تستطيع أن تنتصب البتّة"، لم تكن تستطيع النظر إلى السماء، بل نظرُها متّجهٌ صوبَ الأرض، وقد تكون نفسها متّجهةً أيضًا إلى الأرضيّات والاهتمامات الارضيّة... رآها يسوع ورأى مثابرتها على القدوم إلى المجمع للصلاة وسماع كلام الأنبياء والناموس، رغم انحنائها، دون أن تيأس، رأى كيف أنّها وَضعَتْ رجاءها على الله...
لذلك دعاها يسوع وأطلقها من مرضها بكلمة من فمه، ولم يكتفِ بشفائها بالكلام ولكن أيضا يضع يديه عليها، شافيًا ايّاها نفسًا وجسدًا، فاستقامت ومجّدت الله.
أمّا المرض الثاني فهو قساوة القلب، وهو أصعبُ مرضٍ روحيٍّ، ويكادُ يكونُ غيرَ قابلٍ للشفاء. فالقاسي القلب لا يؤمن حتّى ولو رأى أعجوبةً أمام عينيه، لأن الشيطان أعمى عينيه الروحيّتَين كما قال إشعياء النبي قديما "أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ولا يفهموا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم" (يوحنا 12: 40). صاحب هذا النوع من المرض الروحيّ هو مُراءٍ، كما وصفه الربُّ يسوع، أي تصرّفاتُه لا تنسجم مع التزامِه، وسلوكُه لا ينسجم مع كلمة الله، وهذا ما حصل مع رئيس المجمع الذي قال كلاماً حرفيًّا عن السبت لم يكن مناسبًا، لأنّ الله قال على لسان موسى: "احفظ يوم السبت وقدِّسه" (خروج8:20 ). أمّا هو فاستعمل كلام الله في غير مكانه، (لأنّه اغتاظ لإبراء يسوع في السبت، بدل أن يسرّ لشفائها ويفرح ويمجّد الله).
ينبّهُنا بولس الرسول "الحرف يقتل ولكنّ الروح يحيي" (2كو 3: 6). وقد حذّر يسوع تلاميذه مرارًا من الرياء (خمير الفرّيسيّين)، بكونه أخطر عدوّ للملكوت، لأنّ الخطايا الظاهرة يُمكن تداركها والتوبة عنها، أمّا الرياء فيتسلّل إلى حياة الرعاة والمؤمنين، ويُشعل فيهم الحماسة نحو الخدمة والعبادة، لكن دون الشوق إلى الالتقاء مع المسيح نفسه، فيرتفع الإنسان بذاتيّته وأنانيّته تحت ستار الإيمان والخدمة، ويظهر عمله لامعًا بينما في الحقيقة هو فارغ.
الأولى شفاها الربُّ يوم السبت وأراحها من مرضها فمجّدت الله، لأنّ يوم السبت هو يوم الراحة وتمجيد الله... أراحها عندما رأى تواضُعَ قلبِها ومُثابرتَها على الصلاةِ ورجاءَها بالله...أي استعدادَها لتمجيد الله.
أمّا الثاني فمن يشفيه من الرياء وقساوة القلب؟ لا شفاء إن لم يتخشّعِ القلبُ ويتواضَعْ وينسحقْ... "القلب المتخشِّعُ والمتواضع لا يرذله الله" (مز 50: 17)
فلننتبِهْ يا أحبّاءُ لئلّا نَظهرَ مُرائين عن غير معرفة وتكونَ قلوبُنا قاسية، ونحن في مسيرة صوم الميلاد، بل لنستعدَّ بانسحاق قلوبنا وجعلها مغارة متواضعة، ليولد المسيح فيها فيشفينا بنعمته الالهية من انحنائنا نحو الشهوات الأرضيّة، ويرفعَنا مستقيمين إلى تمجيده، آمين.
الــوصـايا
يتفرّد لوقا الإنجيليّ بذكر هذه المعجزة عن باقي الإنجيليّين، إضافة إلى معجزة شفاء الرجل المصاب بالاستسقاء (لو 14، 1 – 6). قام المسيح بمعجزات تتخطّى بأعدادها المعجزات التي أوردها الإنجيليّون: "فمضى من مكان إلى آخر يعمل الخير ويُبرئ جميع الذين استولى عليهم إبليس، لأن الله كان معه" (أع 10، 38)، وفي هذه المعجزة يقول الربّ عن المرأة المنحنية أنّ" الشيطان ربطها".
المرض في العهد الجديد، بعامّة، يرتبط بالخطيئة. هذا لا يعني أنّ كلّ خطيئة يرتكبها الإنسان يعاقَب عليها تلقائيًّا بمرض مواز لها، بل أنّ الخطيئة السائدة في العالم بعد السقوط أوجدت حالة مرَضيّة تميّزت بالفساد والمرض والموت. لذا اعتُبِر المريض أسيرًا للشيطان نفسيًّا وجسديًّا، لأجل ذلك يقول لوقا عنها إنّ "بها روح مرض" لا إنّها مريضة. إضافةً إلى ذلك قال لها يسوع:
"إنّك مطلقة من مرضك" ولم يقل لها: شُفيت من مرضك. بمعنى أنّي حللتك من رباط الشيطان. الفعل المستخدم هنا بالهلّينيّة يشير إلى فكّ الرباط والعقد. هنا يتبيّن لنا أنّ لكلّ معجزة بعدَين، بعدًا حسّيًّا منظورًا وبعدًا خلاصيًّا غير محسوس.
هنا يتلاقى البعد الحسّيّ، انتصاب المرأة، مع البعد غير الحسّيّ، تحرّرها من قيود إبليس، وكأنّ انحناءها ليس نتيجة مرض
جسديّ وحسب بل نتيجة أسرٍ شيطانيّ مارسه إبليس على الجنس البشريّ بعامّةٍ وجاءَ يسوعُ ليحرّره منه. لذا مجّدت الله بعد انتصابها.
عادة في روايات المعجزات التي أجراها يسوع في السبوت، كان النقاش بين يسوع والفرّيسيّين يسبق المعجزة. هنا النقاش يلي المعجزة، لأنّ هذا النقاش المؤجّل هو مركز الثقل في هذه المعجزة.
يفتتح يسوع هذا النقاش لأنّ الفرّيسيّ لم يوجّه غضبه إلى يسوع مباشرة لعدم حفظه السبت بل إليه عَبْر الجمع: "ستّة أيّام ينبغي العمل فيعا ففيها تأتون وتستشفون لا في يوم السيت".
إن أردنا أن ندرك أبعادَ سُلوكِ يسوعَ هُنا بُغيةَ استِلهامِ سُلوكٍ لنا، في زمننا ومكاننا، شبيهٍ بسلوك يسوع، علينا أن نتعرّف إلى أهميّة وصيّة حفظ السبت وتحديدًا في زمن السيطرة الفرّيسيّة خلال حقبة نشاط يسوع الخلاصيّ. في سفر الخروج. ( 8:20،10(
"اذكر يوم السبت لتقدّسه. في ستّة أيّام تَعملُ وتَصنعُ أعمالَك، واليومُ السابعُ سبتٌ للربّ إلهِك، لا تَصنعُ فيه عملًا لك أنت وابنُك وابنتُك وعبدُك وأَمَتُكَ وبهيمتُكَ ونَزِيلُكَ الذي في داخل أبوابك".
عقاب مخالفة هذه الوصيّة الموت (عدد 15،32-36). حفظ السبت هو الوصيّة الأعظم، زمن يسوع، التي يتمايز بها الشعب اليهوديّ عن باقي الشعوب، مخالفتُها تُعادِلُ زوالَ هويّتِه الإثنيّة.
نقرأُ في التلمود: "تقديس السبت يساوي حفظ كلّ باقي الوصايا"، "إذا حفظ إسرائيل، كما يجب، سبتًا واحدًا، سيأتي مباشرةً مسّيا".
ضمن هذه الأجواء خالف يسوع، في نظر رئيس المجمع، وصيّة حفظ السبت. ما خالفه يسوع ليس الوصيّة بل الفهم الخاطئ المتحجّر اللاإنسانيّ للوصيّة، هو لم يُبطل الوصايا بل أعطاها بُعدَها الحقيقيّ الخلاصيّ وحرّرها من أبعادها الاستعباديّة إذ ضمّنها محبّته للبشر.
فَضحَ يسوعُ رِياءَ الفرّيسيّ وتَناقُضَهُ مع ما أَفتى به هو في هذا الشأن. إذِ ابتكر الفرّيسيّون استثناءات لحفظ السبت تمثّلت بالسماح بتقديم الطعام والماء للحيوانات يوم السبت حتّى لا تموت: "يا مرائي من منكم لا يحلّ ثوره أو حماره في السبت من المذود وينطلق به فيسقيَه؟" وفي معجزة الرجل المصاب بالاستسقاء يقول: "مَن منكم يقعُ ابنُه أو ثَورُه في البئر يوم السبت فلا ينتشلُه منها لحينه؟" (لو 14، 5).
الغاية القصوى عند المسيح هي تحرير الإنسان من عبوديّة الخطيئة ومن كلّ أشكال العبوديّة ليقيمه منتصبًا ممجِّدًا الله. لا يحقّ لنا أن نضع أيّ وصيّة أو قانون أو تقليد أو أيديولوجيّة، مهما سَمَتْ، عَقَبةً في وجه هذه الغاية القصوى.
كم نحن اليوم بحاجةٍ إلى أن نقرأ الكتاب بعيون يسوع المسيح الذي خالف أكبر وصيّة، في نظر متديّني عصره، لينبّهنا نحن أتباعَه ألا نقع في فخّ عبادة الوصايا بل أن نتمسّك بها وسيلةً لِتَلَمُّسِ محبّةِ الله لنا ولإخوتنا، ونبلغَ، عَبْرَها، حرّيةَ أبناءِ الله.
الوصايا مصابيحُ تنيرُ دربَنا لنسلك في طريق التحرّر من الخطيئة ونبلغ القداسة.
فَلْنَحْذَرْ مِن أن نوجّهها إلى هدفٍ آخر أو أن نطفئها ونتفلّتَ منها لنبرّر خطايانا فنضلّ الطريق. الوصايا لا تَبطُلُ بل تَكمُلُ بمحبّةِ المسيحِ لِتَبلُغَ غايتَها الأخيرة.