الأحد 8 آب 2021
04 آب 2021
الأحد 8 آب 2021
العدد 32
الأحد السابع بعد العنصرة
اللحن السادس الإيوثينا السابعة
* 8: إميليانوس المعترف أسقُف كيزيكوس، * 9: الرَّسول متّيّاس، البارّ بْسوبي، * 10: الشَّهيد لَفرنديوس رئيس الشَّمامسة، * 11: الشَّهيد آفبلُس الشمَّاس، نيفن بطريرك القسطنطينيَّة، * 12: الشَّهيدان فوتيوس وأنيكيتس، * 13: وداع التجلّي، نقل عظام مكسيموس المعترف، دوروثاوس أسقُف غزَّة وتلميذه دوسيثاوس، تيخن زادونسكي، * 14: تقدمة عيد الرُّقاد، النبيّ ميخا. *
مريم
كانت مريم تسمع كلامَ الربّ يسوع وتعمل به. هذا ما وردَ في خَبَرِ مريم ومرتا أختَي لعازر، عندما جلست مريمُ عند قدمَي يسوع تسمع كلامه (لوقا 10: 39).
وأيضًا عندما ظهر الملاكُ جبرائيل لمريم العذراء وبشَّرَها، كان جوابُها الأخيرُ له التالي: "أنا أَمةٌ الربّ ليكن لي حسب قولك" (لوقا 1: 38).
وأخيراً وليس آخراً نستنبط رأيَ يسوع في هذا الموضوع كلّه من خلال موقفه عندما كانت أمُّه وإخوتُه يطلبونه: "أُمّي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمةَ الله ويعملون بها" (لوقا 8: 21) راجع أيضًا (لوقا 2: 19).
إذًا، مريم هي مِثالٌ لنا كما أنّ الربَّ يسوع أراد أن يكون مثالاً لتلاميذه عندما غسل أرجلهم (يوحنا 13: 15).
هذا هو سرُّ مريم العظيم Son grand mystère هذا ما جعلها سلّماً، شفيعةً حارّةً تُصعِدُ الإنسانَ من الأرض إلى السماء.
كُلُّ ذلك يعلّمُنا نحن أيضًا أن نسمعَ قبلَ كُلِّ شيءٍ وفوقَ كلِّ شيءٍ كلامَ يسوع المسيح وأن نعملَ به، لا أن نعملَ إرادتَنا الخاصّةَ الأنانيّة.
ماذا يعني أن نعمل إرادةَ الله؟!
يعني أن نتقيّدَ بكلماته الواردة في الإنجيل، ألا نتّبع فقط معتقداتنا، رغباتنا وأهواءنا. هذا يعني أيضًا أن نُصغي إلى ما تُملي علينا الكنيسةُ، تقليدُ آبائنا القدّيسين، كلُّ ما أوصاه الروحُ القدس للكنيسة عبر القرون، كيف عاش وفهم الإنجيل آباؤنا في التاريخ.
كان الشهداء القدّيسون يقولون: علينا بالأحرى أن نطيعَ الله لا أن نخضعَ لأوامر الناس وعباداتهم.
لا بُدَّ مِنَ الإشارةِ أيضًا إلى أنّ علينا في كثير من الأحيان أن نُصغيَ إلى صوتِ ضميرِنا بعد صلاةٍ حارّةٍ واستنارةٍ قلبيّةٍ واستشارةٍ روحيّةٍ عند الضرورة.
في الخلاصة علينا على غرار والدة الإله العذراء مريم أنْ نتمّم مشيئة الله وهكذا نصبحُ مشتركين في سرّ الأُمومة الإلهيّ الذي من خلاله لم نَعُدْ نعيشُ نحن بل المسيحُ هو الذي يعيشُ فينا.
عندها كما أنّ العذراء مريم ولدت المسيحَ مخلِّصًا للعالم، كذلك نصبحُ بِدَورِنا حاملِينَ المسيحَ ومُشارِكين في نقل هذا النور الخلاصيّ للعالم كلّه.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروبارية القيامة باللّحن السادس
إنَّ القوّاتِ الملائكيّةَ ظهروا على قبرك الموَقر، والحرّاس صاروا كالأموات، ومريمَ وقفت عندَ القبر طالبةً جسدَك الطاهر، فسَبْيتَ الجحيمَ ولم تُجرَّب منها، وصادفتَ البتول مانحاً الحياة، فيا من قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.
قنداق التجلي باللّحن السابع
تجلَّيتَ أيُّها المسيحُ الإلهِ في الجبل، وحسبما وسِعَ تلاميذَكَ شاهدُوا مجدَك، حتّى عندما يُعايِنُونكَ مصلوبًا، يَفطَنوا أنَّ آلامَك طوعًا باختيارِك، ويَكرِزُوا للعالمِ أنَّكَ أنتَ بالحقيقةِ شُعاعُ الآب.
الرِّسَالة
رو 15: 1-7
خلّص يا ربُّ شعبَكَ وبارك ميراثك،
إليكَ يا ربُّ أصرُخُ إلهي
يا إخوةُ، يجبُ علينا نحنُ الأقوياءَ أن نحتَمِلَ وَهَن الضُّعَفاءِ ولا نُرضِيَ أنفسَنا. فليُرض كلُّ واحدٍ منَّا قريبَهُ للخيرِ لأجلِ البُنيان. فإنَّ المسيحَ لم يُرضِ نفسَه ولكن كما كُتِبَ تعييراتُ معيّريكَ وقعَت عليَّ. لأنَّ كلَّ ما كُتِبَ من قبلُ إنَّما كُتِبَ لتعليمِنا، ليكونَ لنا الرجاءُ بالصبرِ وبتعزية الكُتب. وليُعطِكُم إلهُ الصبرِ والتعزِيةِ أن تكونوا متَّفِقي الآراءِ في ما بينَكم بحسَبِ المسيحِ يسوع، حتى إنَّكم بنفسٍ واحدةٍ وفمٍ واحدٍ تمجِّدون اللهَ أبا ربِنا يسوعَ المسيح. من أجلِ ذلك فليتَّخذ بعضُكم بعضًا كما اتَّخذكم المسيحُ لمجدِ الله.
الإنجيل
متى 9: 27-35 (متى 7)
في ذلك الزمان، فيما يسوع مجتازٌ تبعهُ أعميانِ يَصيحان ويقولان ارحمنا يا ابنَ داوُد. فلَّما دخل البيتَ دنا اليهِ الأعميانِ فقال لهما يسوع: هل تؤمنانِ أنّي أقدِرُ أن أفعَلَ ذلك؟ فقالا لهُ: نعم يا ربُّ، حينئذٍ لمس أعينَهما قائلاً: كإيمانِكُما فليكُنْ لَكُما. فانفتحت أعينُهما. فانتَهرَهما يسوعُ قائلاً: أنظُرا لا يَعلَمْ أحدٌ. فلَّما خرجا شَهَراهُ في تلك الأرضِ كلّها. وبعد خروجهما قدَّموا اليهِ أخرسَ بهِ شيطانٌ، فلمَّا أُخرِجَ الشيطانُ تكلَّم الأخرسُ. فتعجَّب الجموع قائلين لم يَظهَرْ قطُّ مثلُ هذا في إسرائيل. أمَّا الفريسيون فقالوا إنَّهُ برئيسِ الشياطين يُخرج الشياطين. وكان يسوع يطوف المُدنَ كلَّها والقرى يعلِمُ في مجامِعِهم ويكرِزُ ببشارة الملكوتِ ويَشْفي كلَّ مَرَضٍ وكلَّ ضُعفٍ في الشعب.
في الإنجيل
يحدّثنا الرسول متى في إنجيل هذا الأحد المبارك عن معجزتَين صنعهما الربُّ يسوع، طبيب النفوس والأجساد، وفيهما تظهر محبّتُه للإنسان الذي خلقه على صورته ومثاله والذي افتداه بدمه الكريم.
المعجزة الأولى: فتح أعين أعميَين: إنّ الربّ يسوع هو نور العالم: "أنا هو نور العالم، من يتبعني لا يمشي في الظلام"، كما أنّه ينبوع الحياة. وهو، بمنحه البصر للعميان، أظهر أنّه هو نفسه الذي في البدء أمر بأن يشرق من الظلمة نور.
وما يجب ملاحظته هنا أنّ الذين تسمح إرادة الله بأن يُحرموا من البصر الجسديّ قد تسمح لهم نعمة الله بأن تستنير عيون أذهانهم (أف 1: 18) وبكلام آخر، يمكن أن يكونوا عميان البصر ولكن ليسوا عميان البصيرة، لكي يدركوا عظائم الله التي أُخفيت عن الحكماء والفهماء.
المهمّ في الموضوع، أن يصرخ كلّ واحٍد منا "إرحمنا يا ابن داود" كما صرخ الأعميان في هذا الإنجيل، وعندها تنسكب علينا رحمات الله لأنه هو القائل:
"اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم". طلب الرحمة هو بيت القصيد، وهذا ما تبنّته كنيستنا المقدّسة من خلال التشديد على صلاة يسوع: "ربّي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ".
المعجزة الثانية: شفاء أخرس مجنون: حالة هذا الإنسان كانت سيّئة جداً، لأنّه كان تحت سلطان الشيطان الذي أعجزه عن الكلام. وقد تمّ شفاؤه فجأة: "فلمّا أُخرج الشيطان تكلّم الأخرس".
إنّ الشفاء الذي يعطيه المسيح يستأصل الداء من أساسه، ويقضي على النتيجة بالقضاء على السبب. فقد انفتحت شفتا الأخرس بتحطيم قوّة الشيطان على النفس والجسد.
أمّا النتيجة فكانت أنّ كثيرين تعجّبوا، والفريسيّين جدّفوا بأن قالوا إنّه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين. وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على الخبث والضلال والعداوة في أقصى درجاتها.
يبقى أن نطرح السؤال الذي طرحه الربّ يسوع على الأعميَين، على أنفسنا:
"هل تؤمنان أنّي أقدرُ أن أفعل ذلك؟" وإذا كان الجواب: نعم، نؤمن يا ربّ، فإنه سوف يكون لنا كإيماننا، مهما طلبنا، وسنحظى بالنعم والبركات الروحيّة من لدن أبي الأنوار، طبيب النفوس والأجساد الذي له المجد من الآن وإلى دهر الداهرين، آمين.
نقمتي في هذه الحياة
نقمتي في هذه الحياة التي نعيشها هي على كوننا نعيش الكذب أوّلاً مع ذواتنا قبل الآخرين!
نقمتي من كذبة هذه الحياة أنّي وأنا إنسانٌ مسيحيّ، وأدّعي أنني إنسانٌ مُلتزم، لم أصِل بعدُ إلى حياة توبةٍ صادقةٍ في حياتي!! نقمتي على ذاتي لأنّي أعرف الطريقَ وأُخفقُ في كلِّ مرةٍ في سلوكَها بثباتٍ وعزمٍ غير متزعزع!
نقمتي من كذبة هذه الحياة هي على المراوغة أوّلاً، وعلى ضعف الإنسان ثانياً، عبثاً هذا الإنسان لا يجلب لذاتهِ سوى المآسي والألم لأخيه الإنسان، نقمتي على ذاتي لأنّي أودّ الخلاص وليس من مُنقذ!
نقمتي أنّني أمدّ يديّ إليك ربّي وأنسى أنّ الخلاص هو منكَ، وأنّك أنتَ البداية والنهاية، وأنّك أنت هو الألف والياء، وأنّك كلّ شيء في حياتنا!!
ربّاه اعتبرها صرخةً من إنسانٍ يئسَ الحياة التي يعيشها، ليس بالمعنى السّلبيّ للكلمة، إذ لا يأسَ في المسيحيّة!! يئستُ من محاولاتي الفاشلةِ في أن أكونَ كلّي لكَ، وفي أن يكونَ الجميع تحت كنفكَ. أتألّمُ على كنيسةٍ اقتنيتَها بدمك الكريم، والتي ستبقى رغم ضُعفنا البشريّ!!
ربّاه، تغاضَ عن مآسينا ومعاصينا وآلامنا الكثيرة، وشرورنا التي لا تُحصى!!!
كُلّ هذا لأنّي وأنا الضّعيف المُثقَل بخطايا هذا العمر الفاني، أطلب منك وأضرع لكَ ربّاه بكلّ محبة، متكلّمًا عن أهلي وكنيستي ومَن نحبُّهم ومَن لا نحبّهم، قائلاً بصوتٍ موجوعٍ وعينين مُثقلتَيْن بدموعٍ لم تنسكب بعد:
لا خلاصَ لإنسانِ اليوم، وبخاصةٍ المسيحيّ، إلاّ إن التجأَ إلى إيمانهِ بكلِّ ثقةٍ حتّى تعملَ فينا نعمةُ الربّ. ألا ترونَ مصائبَ العالمِ اليوم؟! كُلّها نتيجةُ جحودِ الإنسانِ وكبريائهِ وبُعده ِعن نبعِ الحياة ومصدرها!!
عبثًا يبحث الإنسان اليوم عن خلاصٍ بذكائهِ الشخصي من دون اللّجوء إلى مَن أوجد له هذا الذّكاء!
مصيبتنا في وطننا المجروح هي أنّهم يتحكّمون بعقولِنا، ولا يتّضعون. يرمون المسؤولية على بعضهم البعض من دون البحث في خلاص جدّي ونهائيّ!! لِيرحلوا جميعهم بشرف لأنّ التاريخَ لن يرحمَهم. كم من حكّامٍ طغاةٍ تركوا كلّ شيء وانضمّوا إلى جيل آبائهم!
أدعوكم إلى وقفةِ ضميرٍ مع توبةٍ صادقة، كلّ شيءٍ في هذه الحياة آيِلٌ إلى الفناء، فالأموال التي جمعتموها سوف يأكُلها السُّوس لأنّكم لم تُطعموا الفقراء منها. سوف تبكون وتولولونَ من جرّاءِ لهيبِ النارِ لأنّ الله يكرهُ الظلمَ ويُقاضي الظّالم! سوف تطلبون من يُرطّب أفواهكم هناك ولن تجدوا!! شعبُ المشرقِ بعامّةٍ هو شعبٌ تعيسٌ يبحث عن إلهٍ لكي يعبدهُ وليس لنا سوى إله واحد نعبدهُ وإيّاهُ نترجّى!
شعبٌ تعيس من وراءِ حكّامٍ جهلة قتلة، جائعة للدم والقتل والضغينة!!
عتبي على كنيستي التي يجب عليها أن تتكلّمَ كلمةَ الحقِّ وليس هناك آخر.
صحيح أنّنا نخضع لحُكّامنا الأرضيّين، لكنّ الله فوق الجميع ومن هنا ننطلق.
الكنيسة لا تحمي القتلة الظلَمة، الكنيسة تنطقُ بكلامِ الإنجيلِ وترفضُ الظلمَ، وتدعو إلى الإيمانِ وتصرخُ بصوتٍ نبويٍّ كصرخةِ ملاك الصحراء داعيةً إلى التوبةِ لأنّ ملكوتَ الله قريبٌ.
الكنيسةُ مع شعبِها تُصلّي لكي يرفعَ الرّب عنّا الظُّلم.
الكنيسة لا تحكمُ بروحِ العالم.
الكنيسة اليوم عليها أن تُشابه أهل نينوى بالتوبة.
الكنيسة تُنادي بناموسِ المحبةِ والمساواة والتمسّكِ بالمبادئِ الإنجيليةِ ومدِّ اليد للشرفاء لكي يقوموا بقيادةٍ حكيمةٍ منتزعة عنها كلّ مبادئ التقسيم والفئويّة.
هلمّوا نركضُ شغفًا ووعيًا، ولنتواتَر على المناولة المقدّسةِ باعترافٍ وتوبةٍ لا مثيل لهما لأنّها هي الحياة التي سُلبت منّا وليس من حياةٍ أخرى سواها!!