الأحد 22 آب 2021    

الأحد 22 آب 2021    

19 آب 2021

الأحد 22 آب 2021    
العدد 34
الأحد التاسع بعد العنصرة
اللحن الثامن الإيوثينا التاسعة


* 22: الشَّهيد أغاثونيكس ورفقته، * 23: وداع عيد الرُّقاد، الشَّهيد لوبُّس، * 24: الشَّهيد في الكهنة أفتيشيس، قزما الإيتولي، * 25: عودة جسد برثلماوس الرَّسول، الرسول تيطس، * 26: الشَّهيدان أدريانوس ونتاليا ورفقتهما، * 27: البارّ بِيمِن، الشَّهيد فانوريوس، * 28: البارّ موسى الحبشيّ. *


البسطاء والمساكين (1) بالروح

"طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوتَ السموات" (متى 5: 3).
"قال الربّ يسوع أحمدك (أشكرك) أيّها الآب ربّ السماء والأرض لأنّكَ أخفيتَ هذه عن الحكماءِ والفُهَماءِ وأعلنتَها للأطفال" (متى 11: 25).

أسرارُ الله، المعرفةُ الحقيقيّةُ تُكشَفُ للبُسطاء. لقد وبّخَ الربُّ المدنُ التي صُنعَتْ فيها القوّاتُ ولم تَتُبْ: "وأنتِ يا كفرناحومُ المرتفعةُ إلى السماءِ ستَهبطينَ إلى الهاوية" (متى 11: 23).

يقولُ القدّيسُ يوحنّا الذهبيُّ الفم: "هل يَفرحُ اللهُ لِهَلاكِ البعضِ الذين لم يعرفوا الحقائق؟ كلّا، لكنَّ الطريقَ المنكشفةَ للأطفالِ البُسَطاءِ تبقى الطريقَ الفُضلى... هو يَفرحُ مِن أجلِ الناسِ البُسَطاءِ الذين فَهِموا ما لم يَفهَمْه الحكماء".

المقصود بالحكماء: الكتبة والفريّسيون. لقد شجّع الربُّ تلاميذَهُ الصيّادينَ البُسَطاءَ لأنّهم استحقّوا الحقائقَ التي جَهِلَها الحكماء. البُسَطاءُ هُنا هم الذين تحرّروا مِن أنانيّتِهم ومن المجد الباطل، فاكتسبوا بساطةَ الأطفال الذين تفعل فيهم النعمةُ الإلهيّة.

بعد أن أدخلَ في تلاميذه، وفينا أيضًا نحن تلاميذه المؤمنين، حبَّ المعرفة الحقيقيّة ينادينا قائلًا: "تعالوا إليّ يا جميعَ المتعَبين (من الإهتمامات الدنيويّة، من الأحزان والخطايا). والثقيلي الأحمال وأنا أريحُكم ....تعلّموا منّي لأنّي وديعٌ ومتواضعُ القلب تجدوا راحةً لنفوسكم" (متى 11: 28-29).

كيف يستطيعُ الإنسانُ أن يتمِّمَ ذلك؟ يستطيع عن طريق التواضع وانسحاق القلب. لذلك، عندما بدأ بالتطويبات (شرعة الملكوت)، قال أوّلًا: "طوبى للمساكين بالروح" (متى 5: 3) أي الناس البُسَطاء المتواضعين، الفقراء إلى الله، الذين وحدهم يستطيعون أن يركعوا بتوبة ويصلّوا: "يا يسوع يا ابن الله ارحمني أنا الخاطئ".

(1) الفقراء الى الله.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما

طروبارية القيامة باللّحن الثامن

إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكي تُعتقنا من الآلام. فيا حياتنا وقيامَتنا، يا ربُّ المجد لك.

طروباريّة رقاد السيدة باللّحن الأوّل

في ميلادِكِ حَفِظْتِ البتوليَّة وصُنتِها. وفي رُقادِكِ ما أهْمَلتِ العِالم وترَكتِهِ يا والدة الإله. لأنَّكِ انتقلتِ إلى الحياة بما أنّكِ أُمُّ الحياة. فبِشفاعاتكِ أنقذي من الموتِ نفوسَنا.

قنداق رقاد السيدة باللّحن الرابع

إنّ والدةَ الإله التي لا تَغفُلُ في الشَّفاعات والرجاءَ غيرَ المردودِ في النَّجَدات، لم يضبُطها قبرٌ ولا موتٌ، لكنْ بما أنّها أُمُّ الحياة، نقلَها إلى الحياة الذي حلَّ في مستودعها الدائم البتوليّة.

الرِّسَالة 
1 كو 3: 9-17 
صَلُّوا وأَوفوا الربَّ إلهَنا 
اللهُ معروفٌ في أرضِ يهوذا

 
يا إخوةُ إنّا نحنُ عامِلونَ معَ الله، وأنتم حَرْثُ اللهِ وبِناءُ الله. أنا بحسَبِ نِعَمةِ اللهِ المُعطاةِ لي كبَنّاءٍ حكِيم وضَعتُ الأساسَ وآخرُ يَبني عليهِ. فَلْينظُرْ كُلُّ واحدٍ كيف يبني عليهِ، إذْ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يضعَ أساسًا غيرَ الموضوعِ وهوَ يسوعُ المسيح. فإنْ كانَ أحدٌ يبني على هذا الأساسِ ذهبًا أو فِضَّةً أو حِجارةً ثَمينةً، أو خشبًا أو حَشيشًا أو تِبنًا، فإنَّ عملَ كُلِّ واحدٍ سيكونُ بَيِّنًا لأنَّ يومَ الربِّ سيُظهِرُهُ، لأنَّه يُعلَنُ بالنارِ، وستَمتَحِنُ النارُ عَملَ كُلِّ واحدٍ ما هو. فمَن بَقِيَ عمَلُهُ الذي بناهُ على الأساسِ فسينالُ أُجرَةً، ومَن احتَرقَ عَمَلُهُ فسَيخسَرُ، وسيُخلُصُ هُوَ ولكن كمَن يَمرُّ في النار. أما تعلَمون أنَّكم هيكلُ اللهِ وأنَّ روحَ اللهِ ساكِنٌ فيكمْ. مَن يُفسِدُ هَيكلَ اللهِ يُفسِدُهُ الله. لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ وَهُوَ أنتم.

الإنجيل
متى 14: 22-34 (متى 9) 


في ذلك الزمان اضطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أن يدخلوا السفينةَ ويسبِقوهُ إلى العَبْرِ حتّى يَصرِفَ الجُموع. ولمَّا صرف الجموعَ صعِد وحدَهُ إلى الجبلِ ليصلّي. ولمَّا كان المساءُ كان هناك وحدَهُ، وكانتِ السفينةُ في وسَط البحرِ تَكُدُّها الأمواجُ لأنَّ الريحَ كانت مُضادّةً لها. وعند الهَجْعةِ الرابعةِ من الليل مضى إليهم ماشيًا على البحر، فلَمّا رآه التلاميذُ ماشيًا على البحرِ اضطَرَبوا وقالوا إنّه خَيالٌ، وَمِنَ الخوفِ صرخوا. فللوقت كلَّمهم يسوعُ قائلاً: ثِقوا أنا هو لا تخافوا. فأجابهُ بطرسُ قائلًا: يا ربُّ إنْ كنتَ أنتَ هو فمُرني أن آتيَ إليك على المياه، فقال: تعال. فَنَزَلَ بطرسُ من السفينة ومشى على المياه آتيًا إلى يسوع. فلَّما رأى شِدَّةَ الريح خاف وإذْ بدأ يغرَقُ صاح قائلاً: يا ربُّ نجنّي. وللوقتِ مدَّ يسوعُ يدهُ وأمسك بهِ وقال لهُ: يا قليلَ الإيمان لماذا شككتَ؟ ولمَّا دخلا السفينةَ سكنَتِ الريح. فجاءَ الذين كانوا في السفينةِ وسجدوا لهُ قائلين: بالحقيقةِ أنت ابنُ الله. ولمَّا عبَروا جاؤوا إلى أرض جَنيّسارَتْ.

في الرسالة 

يتكلّمُ الرسولُ بولسُ في الرسالة إلى أهل كورنثوس على العمل في الكنيسة، أي الخدمة فيها. فحوى هذه الرسالة إكليسيولوجيّ. 

فبولسُ يعالج مشكلة التبعيّاتِ في الكنيسة، والتي اختلقَها أهلُ كورنثوس لأنّهم "أناسٌ جسديّون هم أطفال في المسيح"، أي لم يبلغوا بعدُ مرحلةَ النُّضوجِ الروحيّ. 

فماذا يفيدُنا هذا الموضوع الآن؟ الناس قسمان: هناك مَن يتبعُ خدّامَ الله، وهناك مَن يتبعُ الله. رِبْحُنا أن نتبع الله، لأنّ الكنيسةَ عملُ الله. الأمرُ اللذيذُ في عملِ الله أنّه يُوكِلُ عملَه لِفَعَلةٍ. 

هؤلاء خُدّام، فمنهم من يزرع ومنهم من يسقي ومنهم من يبني. وبكلامٍ آخر، في الكنيسةِ أُناسٌ وهبهُم الله خدمةَ التعليم، وآخَرونَ إقامةَ الأسرار، وآخَرون الترتيل، وآخَرون الترجمة، وآخرون الاعتناءَ بالمرضى، وآخَرونَ البِشارة، وآخَرونَ الإرشادَ الروحيّ. فهم يعملون قَدْرَ ما وَهَبَهُمُ الله، وأمّا إعجابُنا فهو مُوَجَّهٌ صوبَ عملِهم وليس صوبَ شخصِهم. 

على سبيل المثال، إذا حَظِينا بِمُرشِدٍ ساعدَنا على سُلوكِ طريق القداسةِ بإرشاده ومِثاله في عيشِه الحياةَ الروحيّة، فنحن علينا الامتثالُ بما يقولُه ويفعلُه بالنسبة لعلاقته بالمسيح وبالله، أي أن نصير أبناءً لله، لأنّنا عَمَلُ الله بواسطة المسيح وبواسطة هذا المرشد أو الأب الروحيّ أو كاهن الرعيّة. 

فالتحزُّبُ إذًا يجب أن يكون للمسيح لا للشخص الخادم. القائد الناجح، بشكلٍ عامّ، هو الذي يُوَجِّهُ أتباعَهُ إلى الهدف ويَحرِصُ أيضًا على أن يكونَ أولئك بِدَورِهم قادةً بحسبِ ما وهبَهُم الله في مجالاتٍ مختلفة. 

والهدف هو المسيح، والربحُ هو الحياةُ الأبديّة. وَمِن بَوادِرِ الفَشَلِ هو التباهي بمن أتبع من الخدم. وبوادر النجاح في هذا الأمر هو التكرّس للمسيح وخدمته بالطاعة للذي اخترتُه مرشداً، على أمل أن يوماً ما سأستقلّ عن هذا المرشد عندما أصل الى الهدف، أي الالتصاق بالمسيح. 

فلا يَقُلْ أحدٌ هذا الكاهن أفضلُ مِن ذاك، وهذا الأبُ الروحيُّ أفضل، أو هذا المرتّلُ أو هذا القارئ أو هذا المرشد أفضلُ مِن غيرِه أو العكس، لأنّهم كُلَّهم يقومون بعملهم الذي اصطفاهم الله لإقامته، ألا وهو العمل مع المسيح بهدف نمو الكنيسة.

مشاهدة من الواقع اللّبنانيّ.!!.. 

* "من أجل ذلك، كما أنّها بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت، هكذا اجتاز الموت إلى جميع النّاس إذ جميعهم أخطأوا..." (رسالة بولس إلى أهل رومية 15 – 10).

عرف الرّجل، ربّ البيت، وهو مُلقى على الكنبة، يهتزّ كالدّالية المضروبة بالرّيح، أنّ الكاهن دخل الغرفة، فأخرج صوتًا كأنّه النّأمة الخفيفة؛ فسمعته زوجته، لكنّها كانت مشغولة بتوضيب مكان لابنها العاجز أيضًا.!!.. مرضٌ أصابه من صغره، فصار هيكلًا سامقًا كالنّخلة وجذعه من قسوة جذع الخشب ويداه مكتوعتان تعملان ولا تنبسطان...

صرخ لأمّه: ساعديني لأجلس وصديقنا الكاهن. فقالت، وهي تحمل مجرجرة الشّابّ لتعلي جلسته بمخدّة، وحتّى لا يضطرّ للهبوط إلى المقعد بجسده القاسي: "حتّى فادي تأخّرت صحّته هذه الأيّام"... الرّطوبة، يا أخيّتي... واشتعل وجه الشّابّ بالدّمع المحتقن، وأخرج ابتسامة انشدّت على شفتيه فأصابت يداه، وغاصت العين مستسلمةً...

أليس من نهاية للآلام؟!. أليس من خلاص؟!... ما غد المضروب بالأمراض والأوجاع؟. ما غد الخائف أن يصلب بالتّهجير والموت؟. ما غد الأطفال؟... كيف الخلاص من دوّامة الموت هذه، أليس من قيامة؟... كيف، وأنا الكاهن المؤتمن على قطيع المسيح، أترجم مشيئة الرّبّ لنا في هذا البلد؟!... كيف أقول للبائس والمسكين: طوباك، فأنت هيكل الإله بأوجاعك وآلامك ويأسك وفقرك وقنوطك من كلّ رحمة بشريّة وتعزية أرضيّة... كيف أقنعه أنّه ملح الأرض بالدّم المهراق من كرامته وعنفوان جسده وبيته المحروق والمهدّم ومن اللّطمة الموجّهة إلى كيانه... كيف أفهمه أنّه، ببقائه في بلاده مذلولًا ومحتَقَرًا من النّاس وعدم هجرته وقبوله تهجيره، يُحيي قيامة هذا الوطن؟!...


يا عبد، كلّ شيء قلب!!.

بالقلبِ عليكَ أن تفهم وتدرك وتحسّ وتقبل!!. وأن لا تحاسب ولا تحاكم ولا تدين!!... وأن تغفر وتغفر حتّى الدّمع، حتّى تقبيل رِجْلَي مَن يعود إليكَ تائبًا، وإلّا سقطتَ في دوّامة العنف والقتل، وأصابك دوار المال، حتّى أغرقك في بؤرة القيح الّذي يغشى عيون كلّ مَن عشق لعبة الموت في بلادنا!!...

أليست السّلطة مشتهى هؤلاء الّذين يميتونك، ليجلسوا هم على سدّة الحكم، يبدّلون أقنعتهم، لنحسب نحن أنّ القائم الآن أفضل ممَّن كان وأنّه ربّما على شدّة وحدّة ما نادى بحقّ الفقراء أنّه سيعلي الفقراء، فإذا به يعلي نفسه ومحسوبيه إلى الحكم ويبقى الفقراء حيث هم، قطيعًا متروكًا محمولًا بالوعد حتّى آخر أيّامه!!...

قصّتك، يا أخي، من قصّة الخطيئة!!!. وأنتَ حاملها في بؤرة الحياة... فاقبل واصبر وجاهد كي تسلك في رضى ربّك منتظرًا لقياه!!.

اِنْحَدَبَتْ قامته بعد أن أجلسته زوجته على الكنبة، وقال: أبونا، كنتُ رجلًا قبل التّهجير، والآن انظر ما أنا عليه!!. أصابتني شظيّة قنبلة سقطت على بيت جيراننا، فانفجر مسكنهم كالألعاب النّاريّة لأعياد الملوك والرّؤساء والأمراء والأسياد، وأُصبت أنا، فصرت شبه إنسان!!. فما معنى عيشتي بعد؟!!. ممَّن آخذ ثأري؟!. مَن يعوّض عليّ، كيف أستعيد رجولتي؟!...

"... لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه. مُحتَقَر ومخذول من النّاس، رجل أوجاع... فلم نعتدّ به" (إشعياء 53: 2 و3).

والتمعت فكرة في رأس الكاهن، ربّما تستمرّ الحرب حتّى تنحني كلّ ركبة للإله الحيّ، حتّى يُهدم كلّ منزل!!. حتّى يذلّ كلّ مَن استعلى ويتوب، كلّ مَن تاب إلى ربّه في هنيهة صدق!!. أمّا الآخرون، كلّ الآخرين، فسيبقون وكأن لا قصاص لهم في هذه الدّنيا، لأنّهم صادقوا الشّيطان وكذبوا، كذبوا حتّى المنتهى!!. فأخذوا أجرتهم هنا، على هذه الأرض!!.


أمّا أنتم، يا أيّها المتعبون والثّقيلو الأحمال، فلا تؤمنوا بعد ببشرى أحد، "بل اطلبوا أوّلًا ملكوت السّموات وبِرّه وهذه كلّها تُزاد لكم" (متّى 6: 23)...

الحياة المسيحيّة 

تُولَدُ الحياةُ المسيحيّةُ في هذا العالم، لكنّها تتطوّر وتنمو، فتصلُ إلى كمالِ نضجِها في الحياةِ المستقبلة. ويُحاولُ المسيحيُّ أن يُحقّقَ هُنا، على الأرض، كمالَ الحياةِ في المسيح، فلا يستطيع، لأنّ تحقيقَ هذه الحياةِ يحصلُ في السماءِ فقط. هذا إذا نجح في أن يمتلكَ في الحياة الحاضرةِ بِذارَ الحياةِ في المسيحِ ومبادِئَها. 

وما دامَ الإنسانُ الآنَ لا يزالُ يَحملُ الجسدَ الفاني، ويشعرُ بالانجذابِ نحوَ تلكَ الأُمورِ الباطلةِ الخاطئة، لا يمكنُ أن يُورِثَ الفسادُ الخلقيُّ عدمَ الفسادِ السماويّ. كان الرسولُ بولسُ يهربُ مِنْ هذا العالَمِ، شوقًا إلى عدمِ الفساد، وَلِيَكُونَ مَعَ المسيحِ دائمًا: "فلي رغبةٌ في الذهاب لأكونَ مَعَ المسيح" (فيلبّي1: 33). أ

ُولئكَ الَّذِينَ يَرحَلُونَ عن هذا العالَمِ بِدُونِ أن يَتَسَلَّحُوا بِالقوى الرُّوحيّةِ وَالمَشاعِرِ الضَّرُوريّةِ لِحَياةِ السَّماء، هؤلاء سَيَخْسَرُونَ الغِبطَةَ الأَبديّة، وَسَيَقطُنُونَ العالَمَ الَّذي لا يموت، أشقياءَ وَأَمواتًا رُوحيًّا، كما كانوا وَوُجِدُوا ساعةَ رَحَلُوا.

لماذا لا يتمتّعُ هؤلاءِ بالفرحِ السَّماويّ؟ لأنّهم كانوا يفتقرون إلى أبصارٍ روحيّةٍ تُمَكِّنُهُم مِنْ رُؤْيَةِ النُّورِ الرُّوحيّ، رُؤْيَةِ شَمْسِ العَدل، رُؤْيَةِ المسيحِ المُشِعِّ في كُلِّ اتّجاه. إنّ أَريجَ الرُّوحِ القُدُسِ سَيَنْسَكِبُ بِغَزارَةٍ وَغِنًى كَرِيمَين، وَسَيَملأُ الجَميعَ، ما عَدا أُولئكَ الَّذِينَ يَفتَقِرُونَ إلى المَشامِّ الرُّوحيّة. 

فَابنُ اللهِ في ذلكَ اليومِ الَّذي لا يَعرُوهُ مَساءٌ سَيَجعلُ مِنْ أَصدِقائِهِ شُرَكاءَ في الأَسرارِ الإِلهِيَّة، وَسَيُعطِيهِم كُلَّ ما سَمِعَهُ مِن أَبيه، وَسَيَكُونُ هذا الشَّرَفُ العظيمُ لأولئكَ الَّذِينَ جَعَلُوا المسيحَ صَديقًا لَهُم في حَياتِهِم على الأرضِ دُونَ غَيرِه. مَن لا يَعمَلُ على الأرض، لا يستطيعُ أن يَرتبطَ بِرِباطِ الصَّداقةِ مَعَ المَسيح، وَلا أن يَمتلكَ سَماعًا رُوحيًّا، ولا أن يُهَيِّئ لِذاتِهِ اللِّباسَ اللائقَ بالنفس.

كُلُّ هذهِ الأُمورِ ضروريّةٌ للدُّخولِ إلى خِدْرِ المَسيحِ الكُلِّيِّ الضِّياء. في مَعْمَلِ الحياةِ يَستطيعُ المَسيحيُّ أَنْ يُحَقِّقَ هذهِ الأُمُور. أَمّا الَّذي يَرْحَلُ بِدُونِ هذهِ التَّجهيزات، فلا نَصِيبَ لَهُ في الاشتراكِ في الحياةِ غيرِ الفانية.

 تَذَكَّرُوا العَذارى الخمسَ الجاهِلات. تَذَكَّرُوا الَّذي دُعِيَ إلى العُرس. لَم يَتَمَكَّنُوا مِنْ أَن يَحصَلُوا لا على الزَّيتِ وَلا على اللِّباس، فَبَقُوا خارجًا، لأَنهم لم يَسْتَعِدُّوا في حِينِه.

نقولا كاباسيلاس