الأحد 25 تشرين الأول 2020
25 تشرين الأول 2020
العدد 43
الأحد 20 بعد العنصرة
اللَّحن الثالث الإيوثينا التاسعة
* 25: الشَّهيدان مركيانوس ومرتيريوس، تابيثا الرَّحيمة التي أقامها بطرس، * 26: العظيم في الشُّهداء ديمتريوس المفيض الطيب، * 27: الزلزلة العظيمة، الشَّهيد نسطر، بروكلا امرأة بيلاطس، * 28: الشُّهداء ترنتيوس ونيونيلا وأولادهما، استفانوس السابويّ، * 29: الشّهيدة أنستاسيا الروميّة، البارّ أبراميوس ومريم ابنة أخيه، * 30: الشَّهيدان زينوبيوس وزينوبيا أخته، الرَّسول كلاوبا، * 31: الرَّسول سطاشيس ورفقته. *
"من العبودية للشيطان إلى التلمذة للمسيح"
يَروي لنا النصّ الإنجيليّ اليوم حادثة إخراج الشياطين من رجل كورة الجرجسيّين (لوقا 8: 27- 39) . بعد أن أظهر الربّ يسوع سلطانه على الطبيعة، يُظهِرُ الآن سلطانه على سائر الخليقة بما فيها الشيطان والأرواح النجسة.
تقع كورة الجرجسيّين ضمن "المدن العشر"، وغالبيّة سكَانها من الوثنيّين، وكان منهم من يربّون الخنازير.
وحالما نزل يسوع من القارب استقبله "رجل من المدينة به شياطين منذ زمان طويل"، ويصف لنا الإنجيليّ لوقا الحالة المزرية التي كان عليها ذلك الممسوس، الأمر الّذي يُبيّن ماذا يُمكن أن يفعل الشيطان بالإنسان "تاج مخلوقات الله".
لقد استحال هذا الإنسان إلى كائن غير اجتماعيّ، غير قابل للعيش بين البشر ومخالطتهم. لقد كان عُرياناً ويسكن القبور، وكان يُربط بالسلاسل والقيود على مثال الحيوانات المفترسة للحدّ من حركته ومنعِه، تاليًا، مِن إلحاقِ الضّرر بنفسه أو بالآخَرين. ومع ذلك كان "يقطع الربط أو السلاسل".
لقد كان تحت تأثير الشياطين. يَذكرُ الإنجيليّ أنّ الشيطان " كان قد اختطفه منذ زمان طويل" وأيضاً كان "يُساق من الشيطان إلى البراري".
هذا الرجل الممسوس عندما رأى يسوع: "صاح وخرَّ له وقال بصوتٍ عظيم: "ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلِّي. أطلب إليك ألاّ تُعذبني".
لقد تكلّم الشيطان من خلاله، معترفًا بأنّ يسوع هو ابن الله العليّ. لم يصدّق الشيطان سابقاً في التجربة على الجبل أنّ يسوع هو ابن الله، لذلك كان يستهلّ كلَّ تجربةٍ
بالقَول: "إن كنت ابن الله". أمّا الآن، فبعد أن رأى المعجزات التي صنعها الربّ يسوع، اعترف به أنّه هو "ابن الله العليّ". ولكنّ كبرياء الشيطان تمنعه من الإيمان به.
يعرف الشيطان أن "تجسّد الربّ يسوع كانت بداية النهاية لسلطة الشيطان". لم يكُن الشيطان يتوقّع أنّ درجة الحُبّ سوف تقود الربّ يسوع للموت على الصليب من أجل خلاص البشريّة. لذلك يصرخ بولس الرسول عند موت الربّ يسوع وقيامته " أين شوكتك يا موت، أين غلبتك يا جحيم؟"
يسأل الربّ يسوع عن اسم الشيطان وليس عن اسم الرجل الممسوس "ما اسمك"، وفي هذا دلالة على سلطان الربّ يسوع وقوّته. فالقويّ هو من يسأل الضعيف والرئيس يسأل المرؤوس عن اسمه ورتبته.
فقال "لجيون " وكانت هذه اللفظة تُشير إلى الفرقة الرومانيّة المؤلّفة من ستّة آلاف رَجل.
ليس المهمّ هنا العدد الدقيق للشيطان، ولكنّه يدلّ على الكثرة إذ يقول: "لأنّ شياطين كثيرين كانوا قد دخلوا فيه". هذا يدلّ على الحالة المأسويّة التي كان يعيشها هذا الرجل الممسوس.
من الواضح إذاً في هذه المعجزة أنّ هذا الرجل لم يعانِ مِن مَرَضٍ عقليّ، بل مِن مَسٍّ شيطانيّ.
من بعد أن أظهر الربّ يسوع رفقاً وحناناً لوضع هذا الإنسان "خليقة الله " "أمر الروح النجِس أن يخرج منه".
فتوسّل الشيطان طالباً أن يأذن لهم بالدخول في قطيع الخنازير، فأذَن لهم". إنّ سماح الربّ يسوع للشيطان بالدخول في الخنازير لا يعني مُطلقاً الخضوع لرغبتهم بل على العكس أراد أوّلاً أن
يرفق بالإنسان الممسوس ويُحرَّره من سلطان الشيطان وثانياً أن يُري الجموع مقدار شرّ الشيطان حتّى مع الحيوانات غير العاقلة، ومدى الدمار والهلاك الذي يسببّه.
وعلى الفور ظهرت نتائج دخول الشيطان في الخنازير: "وثب القطيع عن الجرف إلى البحيرة فاختنق".
لقد أثارت هذه الحادثة الرعب في قلوب الرعاة فطلبوا منه أن "ينصرف عنهم لأنّه اعتراهم خوف عظيم". لم يكن هذا الخوف بسبب شعورهم بعدم استحقاقهم لحضور الربّ يسوع بينهم ولشعورهم بحياة الخطيئة والنجاسة التي يعيشونها بل كان بسبب المعاناة من خسارة أخرى في ممتلكاتهم ورزقهم.
لم يطلبوا منه أن "ينصرف عنهم" من منطلق التواضع أو لأنّهم اعتبروا أنفسهم غير مستحقّين لحضور المسيح بينهم، ولكن بدافع عدم الثقة والخوف من خسارة أخرى على مثال خسارة الخنازير ولئلّا يتسبّب بقاؤه بينهم في المزيد من الخسارة.
قبل أن ينصرف الربّ يسوع طلب الرجل الذي خرجت منه الشياطين أن يكون معه، أي أن يُرافقه ويُصبح في عداد التلاميذ القريبين منه.
ولكنّ للربّ يسوع موقفًا مُختلفًا إذ: "صرفه قائلاً ارجع إلى بيتك وحدِّث بما صنع الله إليك".
لقد أراد منه أن يُبشِّر بعظائم الله. لم يقُل له "حدِّث بما صنعتُ إليك" بل بما صنع الله إليك وفي هذا أوّلاً اعترافٌ بأنّ المسيح هو الله وثانياً فإنّ الربّ يسوع يُعطينا مثالاً في التواضع ويُعلّمنا أن ننسب كلّ إنجازاتنا إلى الله.
وهذا ما صنعه هذا الرجل إذ "ذهب وهو يُنادي في المدينة كلّها بما صنع إليه يسوع" لقد أدرك في عمق نفسه أنّ يسوع هو الله، المخلِّص. آمين.
+ باسيليوس
متروبوليت أوستراليا، نيوزيلندا والفيلبّين
طروباريّة القيامة باللّحن الثالث
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزًّا بساعِده، ووطِئ الموتَ بالموتِ، وصار بكرَ الأموات، وأنقذنا من جوفِ الجحيم، ومنح العالم الرحمةَ العُظمى.
القنداق باللّحن الرابع
يا شفيعَةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المردودة، لا تُعرضي عَنْ أصواتِ طلباتِنا نَحْنُ الخَطأة، بَلْ تدارَكينا بالمعونةِ بما أنَّكِ صالِحَة، نَحنُ الصارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعَةِ وأسَرعي في الطلْبَةِ يا والدَة الإلهِ، المُتشَفِّعَةَ دائماً بمكرَّميك.
الرِّسَالة
غلا 1: 11-19
رتِّلوا لإلهنا رتِّلوا
يا جميعَ الأمم صفِّقوا بالأيادي
يا إخوة، أُعلِمُكم أنَّ الإنجيلَ الذي بشَّرتُ بهِ ليسَ بحسبِ الإنسانِ، لأنّي لم أتسلَّمْه أو أتعلَّمْهُ من إنسان بل بإعلان يسوعَ المسيح. فإنَّكم قد سمعُتم بسيرتي قديماً في مِلَّةِ اليهودِ أنّي كنتُ أضطَهِدُ كنيسةً اللهِ بإفراطٍ وأدمّرها. وأزيدُ تقدُّماً في مِلَّةِ اليهودِ على كثيرين من أترابي في جِنسي بكوُني أوفرَ منهم غَيرةً على تقليدات آبائي. فلمَّا ارتضَى الله الذي أفرزني من جوفِ أمي ودعاني بنعمتِه أنْ يُعلِن ابنَهُ فيَّ لأُبشّرَ بهِ بينَ الأممِ، لِساعتي لم أُصغِ إلى لحمٍ ودمٍ ولا صَعِدْتُ إلى أورشليمَ إلى الرسلِ الذينَ قبلي، بل انطَلَقتُ إلى ديار العرب، وبعد ذلك رَجعَتُ إلى دِمشق. ثمَّ إنّي بعدَ ثلاثِ سنينَ صَعِدتُ إلى أورشليمَ لأزورَ بطرس فأقمتُ عندَه خمسةَ عَشَرَ يوماً، ولم أرَ غيرَهُ من الرسلِ سوى يعقوبَ أخي الربّ.
الإنجيل
لو 8: 27-39 (لوقا 6)
في ذلك الزمان، أتى يسوعُ إلى كورَةِ الجِرجِسييّنَ، فاستقبَلهُ رجُلٌ منَ المَدينَةِ بِه شياطينُ مُنذُ زَمانٍ طويلِ، ولم يكن يلبَسُ ثوباً ولا يأوِي إلى بَيتٍ بل إلى القبور. فلمّا رأى يسوعَ صاحَ وخرَّ وقالَ بِصوتٍ عظيم: ما لي ولكَ يا يسوعُ ابْنَ اللهِ العليّ. أطلُبُ إليكَ ألاّ تُعَذّبَني. فَإنَّهُ أمَرَ الروحَ النَجِسَ أن يَخرُجَ منَ الإنسانِ لأنَّهُ كانَ قد اختطفَهُ مُنذُ زَمانٍ طويلٍ، وكانَ يُربَطُ بسلاسِلَ ويُحْبَسُ بِقُيودٍ فيقطعُ الرُّبطَ وتسوقه الشياطين إلى البراري. فسألَهُ يسوعُ قائلاً: ما اسمُك؟ فقالَ: لجيَون، لأنَّ شياطينَ كثيرينَ كانوا قد دَخلوا فيهِ وطلبوا إليهِ أن لا يأمُرَهُم بالذهابِ إلى الهاوية.
وكانَ هُناكَ قَطيعُ خنازيرَ كثيرةٍ ترعَى في الجبلِ، فَطَلَبوا إليهِ أن يأذنَ لهم بالدخولِ فيها فأذِن لهم. فخَرَج الشياطينُ من الإنسانِ ودخَلوا في الخنازير، فوَثبَ القطيعُ عَن الجُرْفِ إلى البُحَيرةِ فاختنقَ. فلمَّا رأى الرُّعاةُ ما حَدَثَ هَرَبوا فأخبَروا في المدينةِ وفي الحقول، فخرجوا ليَروا ما حَدَث، وأتوا إلى يسوعَ فوَجدوا الإنسَانَ الذي خَرَجَتِ مِنهُ الشياطينُ جَالِساً عندَ قدَمَي يسوعَ لابِساً صحيحَ العقل فَخافوا. وأخبَرَهُم الناظِرونَ أيضاً كيْف أُبْرِئَ المجنونُ. فسألَهُ جمِيعُ جُمهورِ كُورَةِ الجرجسِيّينَ أن ينصَرِفَ عَنهم لأنَّهُ اعتَراهم خوفُ عَظيم. فدَخَلَ السفينةَ ورَجَعَ، فسَألَهُ الرجُلُ الذي خرَجَت مِنه الشياطينُ أن يكونَ مَعَهُ. فَصَرَفهُ يسوعُ قائلاً: ارجع إلى بيتِكَ وحَدِّث بما صَنعَ الله إليك. فذهَبَ وهُوَ ينادي في المدينة كُلِّها بما صَنعَ إليه يَسوع.
في الإنجيل
نرى في المقطع الإنجيليّ المخصَّصِ لهذا اليوم أمرَين متناقضَين: نكران الجميل والشكر.
فأَهْلُ المدينة أظهروا نكرانهم للجميل لمّا طلبوا من الطبيب أن يبتعد عنهم، بدل أن يلتمسوا ألّا يفارقهم أو أن يقضي مدّة من الزمن عندهم. وأبدى المجنون الذي شُفي شكره للطبيب السماويّ ومحبّته،
مريداً أن يكرّس نفسه لخدمته وأن يتبعه أينما ذهب. لقد طلب الجرجسيّون من السيّد أن يبتعد عنهم مؤثرين أن يشقوا مع الشياطين عوضًا عن الغبطة مع الله. كثيرون من الخطأة يفضّلون الاِنغماس في اللذائذ على القرب من الله. فكلّ من يُغلب بشهواته يُمسي مأوًى للأرواح الشرّيرة التي تعذّب نفس الخاطئ وتحرمها من نعمة الله.
إنّ السيّد يرغب في إنقاذ الجميع، لكنّ الخاطئ يخاف من ترك آثامه فيتحوّل عن السيّد ويتكاسل عن المجيء إلى الكنيسة، ويفكّر بالأباطيل العالميّة أثناء الصلاة، ولا يُبقي في قلبه تعاليمها ولا يفكّر بخطاياه ولا بالتخلّص منها. وبهذا ينكر جميل السيّد.
وهذا النكران سيف يَبتُر الإحسان ويهلك ممارسيه. أمّا الذي خرجت منه الشياطين فطلب أن يكون مع المسيح، فكان بذلك شكوراً ومعترفاً للجميل.
ذهب إلى المدينة يخبّر بإحسان الربّ، فحصل على الكنوز الروحيّة لأجل شكره، واستحقّ أن يكون من المبشّرين. فالشكر حارسُ كلّ الفضائل.
يسهل اختطاف الغنى الروحيّ إذا لم يوجد حارس. يهوذا الإسخريوطيّ حصل على غنًى روحيّ عظيم كسائر الرسل، لكنّه أضاعه إذ لم يكن لديه حارس هو الشكر.
فإذا رأينا الأمثلة في الإنجيل على نكران الجميل وعلى معرفته، فلنجتهد أن نقتدي بالشكورين. ولنتعلّم أن نكون مع السيّد دائماً حتّى إذا أغوتنا الخطيئة وأرادت أن تبعدنا عنه نتذكّر نعمة الضابط الكلّ التي لا تُوصف، فنبعد الخطيئة عنّا. فلنشكر الله على رحمته، ولنسرع إليه ولا نفارقه أبداً فيحبّنا ويكون معنا كلّ أيامنا.
الخوف والخطيئة
يُسيطرُ الخوفُ على الإنسانِ في هذه الأيّام أكثر من أيّ وقتٍ مضى. خوفٌ من المرض، خوف من الألم، خوفٌ من الفقر، خوف من الجوع، خوف من الإنسان الآخر، خوف من الحاضر ومن المستقبل وتحديداً خوفٌ من الموت.
ولن نبالغَ إن أسْمينا زمننا زمنَ الخوف. منذ ان انحرفَ الإنسانُ عن المقاصد التي خلقه الله لأجلها، أعني الخلودَ وعدم الفساد، تملّكه خوفٌ من الموت ومن الفساد.
تحكّم هذا الخوفُ في مجمل سلوكه وصار همَّه الأوحد أن يتخطّى خوفَه هذا أو يتناساه عبر التصاقِه بخيرات هذا العالم المنظور وتحقيق إنجازات ظنّها طريقاً للخلود في دنياه.
كلّ همومه الأخرى وكلّ إنجازاته تتفرّع من هذا الهمّ الأوحد: الخلود، لم يتوانَ عن أيّ فعلٍ اعتقده أداة خلودٍ وانعتاقٍ من الفساد والألم.
لجأ إلى القتل، إلى سرقة خيرات الدنيا من أمام أخيه، إلى الغيرة الى اللسانِ الجارح إلى النميمة، "إنّ من يخافُ الموتَ هو عبدٌ له وسيفعلُ كلَّ شيءٍ من أجل أن لا يموت" (الذهبيّ الفم).
خوفه من الموت أعمى بصيرته ودفعَه الى الخطيئة على شاكلة خطيئة الإنسانِ الأوّل وبخطيئته ملك الموتُ عليه" فالخطيئةُ مَلَكَتْ للموت" (روم 5، 21) "وفي أجسادِكم المائتة" (روم 6، 12).
الخوف هوىً، غريزةٌ برّرها الإنسانٌ كأداةٍ للاستمرار في الحياة.
اختبر المسيح هذه الغريزة كإنسانٍ قُبَيل صَلْبِه، لكنّ خوفَه لم يجعلْه عبداً للموت.
لم يخطئ، بل أتمَّ مشيئة أبيه المحبّ البشر مقتحماً الموتَ طوعاً وواطئاً إيّاه بموته. وهكذا أصلحَ ما أفسدَه الإنسانُ الأوّلُ الذي "به دخلتْ الخطيئةُ إلى العالم وبالخطيئة دخلَ الموتُ وهكذا عبرَ الموتُ إلى كلّ البشر وبه (أي بالموت) أخطأ الجميعُ" (روم 5، 12).
فلنتيقّظ، يا إخوة، أن لا يقودَنا الخوفُ إلى الأنانية وحُبِّ الذات مهملين المحبّة التي لا تطلب منفعتها، ومغلقين أحشاءنا عن إخوتنا في الإيمان وفي الإنسانيّة.
ويحدّدُ سببَ تدبيره الخلاصيّ ثمّ يقول: "لكي يُبطلَ من كان له سلطانُ الموت أعني إبليس" (عب 2، 14).
وهنا يشيرُ إلى العجب، أي إلى أنّ الأداة التي بها أسَرَ إبليسُ الإنسانَ، بها عينها هُزِمَ، وأنّ الشيطان الذي كانَ يملكُ سلاحًا قويًّا ضدّ المسكونة، أي سلاحَ الموت، بهذا السلاحِ نفسه صرعَهُ المسيح. ألا ترى كيف فُعِّلَ الموتُ إيجابًا؟ ثمّ يقول: "ويُعْتِقُ كلَّ الذين كانوا مدّة حياتِهم خاضعين للعبوديّة مخافةً من الموت". ويقول ما سبب خوفكم؟
لماذا تخافون من أُبطلَتْ قُوَّتُه؟ لم يعدْ مرعباً بل عُطِّلَ واحتُقرَ، إنّه وضيعٌ لم يعدْ يستحقّ أيّ شيء منكم... وماذا يعني بقوله: "كلّ الذين كانوا مدّة حياتهم خاضعين للعبوديّة مخافة من الموت"؟
يعني أنّ من يخاف الموت هو عبدٌ له وسيفعل كلّ شيء من أجل أن لا يموت، أو يعني أنّ الجميع كانوا عبيداً للموت وما زالوا مأسورين له، أو يعني أنّ البشرَ قد تزاوجوا بالخوف بشكل دائم...
كما يشيرُ إلى أنّه لم يُعَطِّلْ الموت فحسب بل، عَبْرَه، أبطلَ ذلك العدو اللدود الذي يَشُنُّ، دوماً، حربَه علينا.
من لا يخفْ الموت لا يَطغَ الموت عليه من بعد... فإن كنت قادراً أن تعطيَ كلّ شيء فداءً عن نفسك وإن قررت أن تزدريها فلمن ستكون، إذن، عبداً؟ لا تخف من أحد، كن أسمى من الكلّ وأكثر حريةً منهم.
فمن يهمل ذاته كم، بالأحرى، سيحتملُ إهمال الآخرين له؟
عندما يصادفُ الشيطانُ نفساً كهذه لن يقدرَ أن يفعلَ لها شيئاً خدمةً لأهدافه. قد قيل لي، ماذا يعني أن تُهَدَّدَ بفقدانِ مالِك أو سقوطِ وطنكِ وهوانِه؟ كلّ هذه تبقى صغيرةً أمام من لا يراعي هَوانَ نفسه بحسب المغبوط بولس...
ألا ترى أنّ من يطرد عنه طغيان الموت يزيل معه قوّة الموت؟
من تمرّس بالتأمّل بالقيامة، كيف له أن يخافَ الموت؟ فلا تنتحبوا قائلين، لماذا نعاني من هذا أو ذاك؟
لأنّه هكذا يصبحُ النصرُ أكثر لمعاناً |لأنه حَلَّ الموتَ بالموت. والعجبُ الأكبر انّه انتصر عليه بما كان له (الشيطان) من قدرات...
فلا نخوننَّ النعمة المعطاة لنا، لأنّنا لم ننلْ، كما قيل، روحَ الخوف بل روحَ القوّة والمحبّة والحكمة. فلننتصب بشجاعة هازئين من الموت".
أخبـــارنــــا
رعيّة كوسبا: عيد القدّيس ديمتريوس المفيض الطيب
برعاية صاحب السيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) ولمناسبة عيد القدّيس ديمتريوس تقام صلاة الغروب العيد مساء الأحد الواقع فيه 25/10/2020 الساعة 3,30 بعد الظهر في الدير وكذلك يترأس سيادته خدمة القداس الإلهيّ في الدير نهار الإثنين الواقع فيه 26/10/2020 تبدأ الخدمة الساعة الثامنة والنصف صباحاً بصلاة السحر يليها القدّاس الإلهي.