الأحد 19 تموز 2020

الأحد 19 تموز 2020

19 تموز 2020

الأحد 19 تموز 2020            
العدد 29
 
أحد آباء المجمع المسكوني الرابع 
اللَّحن الخامس الإيوثينا السادسة
 
* 19: البارَّة مكرينا أخت باسيليوس الكبير، البار ذِيُّس، * 20: النبي ايلياس التسبيتي، * 21: البارَّان سمعان المتباله ويوحنَّا رفيقه في النُّسك، * 22: مريم المجدليَّة المعادلة الرُّسل، الشَّهيدة في العذارى مركيلاَّ،  * 23: نقل عظام الشَّهيد في الكهنة فوقا أسقف سينوبي، النَّبي حزقيال، * 24: الشهيدة خريستينا، * 25: رقاد القدّيسة حنّة أمّ والدة الإله الفائقة القداسة.
 
تذكار آباء المجمع المسكونيّ الرابع 
 
تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة في الثالث عشر من تمّوز إذا وقع يوم أحد أو في الأحد الذي يلي الثالث عشر من شهر تّموز تذكار آباء المجمع المسكونيّ الرابع ال 630 المجتمعين في خلقيدونية سنة 451 م. ضدّ هرطقة (بدعة) أوطيخيوس وديوسقوروس مبتدعي هرطقة"الطبيعة الواحدة".
 
القراءة الإنجيليّة المخصّصة لهذا التذكارهي من إنجيل متّى الإصحاح ( 5: 14- 19) وهي جزء ممّا يُعرف بموعظة الرب ّعلى الجبل. 
 
يتضمّن المقطع الإنجيليّ ثلاث أفكار رئيسة: التلاميذ هم "نور العالم"؛ الربّ يسوع لم يأتِ "ليحلّ الناموس والأنبياء ولكن ليُتمّم"؛ والفكرة الثالثة هي " أنّ من يعمل ويُعلِّم يدعى عظيماً في ملكوت السموات". 
 
لقد اختارت الكنيسة هذه القراءة الإنجيليّة والتي تنطبق على حياة الآباء القدّيسين ال 630 الذين نقيم تذكارهم اليوم. لقد كانوا بالحقيقة "نور العالم". لقد أناروا المسكونة بتعاليمهم الإلهّية، وكانوا سُرُجاً موقدةً أضاءت للكنيسة الطريق نحو العقيدة الصحيحة والسليمة. 
 
نقرأ في صلاة سحر العيد "أيها الآباء المغبوطون لقد ظهرتم على الأرض بالحقيقة، كواكب للعالم، فائقة الضياء لحقيقة المسيح". 
 
لقد كانوا نوراً للعالم ليس فقط بتعاليمهم الإلهيّة ولكن أيضاً من خلال سيرة القداسة.
 
في الكتاب المقدّس يشير "النور" إلى معرفة الحق وأمّا الظلمة فتشير إلى الجهل به (عدم معرفة الإله الحقيقيّ). لهذا يقول الكتاب المقدّس إنّه من بعد معمودية الربّ يسوع وانطلاقه للكرازة تحقّقت نبوءة أشعياء النبيّ: "الشعب الجالس في ظلمةٍ أبصر نوراً عظيماً والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نورٌ" (متّى 4: 16 وأشعياء 2:9).
 
لقد أكدّ الربّ قائلاً:" أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة" (يو 12:8). ومن ثمَّ قال لتلاميذه: "أنتم نور العالم" أي أنتم ستعكسون نور المسيح في حياتكم وأعمالكم. في صلاة الغروب نرتّل طروباريّة الآباء باللحن الثامن "أنت أيّها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا مَن أسّست آباءنا القدّيسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هديتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقي،يا جزيل الرحمة المجد لك".
 
لقد اجتمع هؤلاء الآباء القديسون ال 630 في خلقيدونية لتفنيد هرطقة (بدعة) أوطيخيوس وديوسقوروس مبتدعي هرطقة "الطبيعة الواحدة" والردّ عليها.هذان علّما الضلالة بأنّ "طبيعتي المسيح الطبيعة الإلهّية والإنسانيّة، اتحدتا وصارتا بعد تأنّسه طبيعة واحدة إذ ابتعلت الطبيعة الإلهيّة الطبيعة الإنسانيّة"!!!
 
لقد أكدّ الآباء القدّيسون في هذا المجمع بوحدة شخص المسيح و"الطبيعتين في المسيح". الطبيعة الإلهيّة والطبيعة الإنسانيّة الكاملة. وفي هذا التعليم والتحديد الخلقدونيّ أعاد الآباء التشديد على دستور الإيمان الذي تمّت صياغته في المجمع المسكونيّ الأوّل والثاني، أي تمّ التشديد على أمرين هامّين في شخص الربّ يسوع:
 
الأول: وحدة الشخص في الربّ يسوع والثاني: المحافظة على كلّ طبيعة من الطبيعتين على خصائصها في وحدة الشخص.
 
لقد اعترفوا أنّه: "في المسيح أقنوم واحد مؤلّف من طبيعتين متميّزتين اللاهوت والناسوت"، واعترفوا "باتّحاد الطبيعتين اتّحاداً جوهريّاً بلا انقسام ولا انفصال ولا اختلاط". 
 
نقرأ في خدمة صلاة غروب العيد: "أيّها الكلمة المُحبّ البشر، يا من هو غير محصور ومُنزَّه عن الوصف، إنّك لمّا صِرت لحماً من أجلنا، كرز بك محفل الآباء الحكماء الموقّر، أنّك إلهٌ تامٌّ وإنسان تامٌّ، مثنىَّ بالطبائع والأفعال، ومثنىَّ بالمشيئة أيضاً، وأنّك أنت ذاتك واحدٌ بحسب الاقنوم، فلذلك إذ قد عرفناك إلهاً واحداً مع الآب والروح، فنسجد لك بإيمان مُغبّطين إياهم". (بوصوميات صلاة الغروب)
 
هذا ما ينصّ عليه دستور الإيمان الذي صاغه الآباء القدّيسون في المجامع المسكونيّة السابقة.
 
إنّ الكنيسة الأرثوذكسيّة تُكرّم آباء المجمع المسكونيّ الرابع لأنّهم كانوا أمينين على الإيمان المستقيم وصاروا "حَفَظَةً مدققين للتعليمات الرسوليّة" (ذكصا صلاة الغروب). 
 
والأهمّ من كلّ هذا أنّ كلّ ما بشّروا به وعلّموهم قد التزموه في حياتهم وسيرتهم، فهم "قد عَمِلوا بما علَّموا به" ولذلك نقيم تذكارهم اليوم كونهم "يُدعون عظماء في ملكوت السموات". 
 
"أنتم نور العالم"، قالها الربّ يسوع مُخاطباً تلاميذه في كلّ الأزمنة. أنتم ستلاشون ظلام الضلالة والخطيئة وستجعلون الحقيقة تشعّ في كلّ مكان، وسيرى العالم أعمالكم الصالحة ومن خلالها سوف يقبلون الحقيقة وينجذبون نحوها وسيمجّدون أباكم الذي في السموات.
 
إنّ التعليم ربما ليس مسؤولية الجميع وليس المطلوب من الجميع أن يدرس اللاهوت أو أن يمتلكوا موهبة التعليم، ولكن المطلوب من الجميع عَيش الإنجيل والوصايا الإلهيّة في حياتهم. فمطلوب من كلّ مسيحيّ مؤمن أن يُعلِّم من خلال حياته والتزامه عيش الإنجيل، وبهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السموات ويعكس نور المسيح في حياته كالقمر والنجوم والكواكب التي تعكس نور الشمس، المسيح الذي هو شمس العدل.
 
+ باسيليوس
متروبوليت أوستراليا، نيوزيلندا والفيلبيّن
 
طروباريّة القيامة باللّحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الإبتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصنا. لأنّه سُرَّ بالجسد أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهِضَ الموتى بقيامِته المجيدة.
 
طروباريّة الآباء باللّحن الثامن
أنتَ أيها المسيح إلهنا الفائق التسبيح، يا من أسستَ آباءَنا القديسين على الأرض كواكب لامعة، وبهم هدَيتنا جميعاً إلى الإيمان الحقيقي، يا جزيل الرحمة المجد لك.
 
القنداق باللّحن الرابع
يا شفيعة المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطة لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ اليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفعةَ دائماً بمكرِّميك.
 
الرِّسَالة 
تيطس 3: 8-15  
 
مباركٌ أنت يا ربُّ إله أبائنا،
لأنَّك عدلٌ في كلّ ما صنعتَ بنا 
 
يا ولدي تيطُسُ صادقةٌ هي الكَلِمةُ وإيَّاها أُريدُ أن تقرِّرَ حتَّى يهتمَّ الذين آمنوا باللهِ في القيام بالأعمال الحسنة. فهذه هي الأعمالُ الحسنةُ والنافعة. أما المُباحَثات الهذَيانيَّةُ والأنسابُ والخُصوُمَاتُ والمماحكاتُ الناموسيَّة فاجتنِبْها. فإنَّها غَيرُ نافعةٍ وباطلةٌ. ورجُلِ البدعَةِ بعدَ الإنذار مرَّةً وأُخرى أعرِض عنهُ، عالِماً أنَّ مَن هو كذلك قدِ اعتَسفَ وهُوَ في الخطيئةِ يَقضي بنفسهِ على نَفسِه. ومتَى أرسلتُ إليكَ أرتمِاسَ أوتِيخيكوسَ فبادِرْ أن تأتيني إلى نيكوبولِس لأنّي قد عزمتُ أن أُشتّيَ هناك. أمّا زيناسُ معلِّم الناموس وأبُلُّوسُ فاجتَهد في تشييعهما متأهّبين لئلّا يُعوزَهما شيءٌ، وليتعلَّم ذوونا أن يقوموا بالأعمال الصالِحةِ للحاجاتِ الضَّروريَّة حتَّى لا يكونوا غيرَ مثمرين. يسلّمُ عليكَ جميعُ الذين معي، سَلِّمْ على الذين يُحبُّوننا في الإيمان. النّعمةُ معكم أجمعين.
 
الإنجيل
متى 5: 14-19
 
قال الربُّ لتلاميذه: أنتم نورُ العالَم. لا يمكنُ أن تَخفْى مدينةٌ واقعةٌ على جبلٍ، ولا يُوقَد سِراجٌ ويُوضَعُ تحتَ المكيال لكِنْ على المنارة ليُضيءَ لجميع الذين في البيت. هكذا فليُضئ نورُكم قدَّام الناس ليَروا أعمالكم الصالحةَ ويُمَجدوا أباكم الذي في السماوات. لا تَظُنّوا أنّي أتيتُ لأحُلَّ الناموسَ والأنبياءَ، إنّي لم آتِ لأحُلَّ لكن لأُتممّ.
الحقَّ أقول لكم إنَّهُ إلى أن تَزولَ السماءُ والأرضُ لا يزولُ حَرْفٌ واحدٌ أو نُقطةٌ واحِدةٌ من الناموس حتى يَتمَّ الكلُّ. فكلُّ مَن يَحُلُّ واحدةً من هذه الوصايا الصغار ويُعَلّمُ الناسَ هكذا، فإنَّهُ يُدعَى صغيراً في ملكوتِ السماوات. وأمَّا الذي يعمَلُ ويُعلّم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات.
 
في الإنجيل 
 
يُقرأ هذا المقطع الإنجيليّ في هذا الأحد الذي هو أحد آباء المجمع المسكونيّ الرابع.
هو مقطع مأخوذ من العظة على الجبل. توجّه فيه الرّب يسوع لتلاميذه. 
 
بدورها اعتبرت الكنيسة أنَّ آباء المجامع المسكونيّة السبعة هم ورثة رُسل الرّب. إنهم هذا النور الذي تحدّث عنه السيّد، إنّهم العظماء الذين عَمِلوا وعَلّموا. إنّهم ليسوا فقط النور بل:"كواكب الجَلَد العقليّ، الكليّة الضياء"، هذه الكواكب التي أنارت المسكونة ووضعت أُسس الإيمان الحقّ بعد أن عصفت الرياح على مدى قرون بالكنيسة والتي كادت تزعزعها، إلاّ أنَّ الرّب الساكن فيها لا يمكن أن يسمح بذلك وهو القائل" سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها". 
 
كلُّ هرطقة ظهرت كانت زلزالاً مرعبًا ولكنّه ما قدر على التدمير بفضل قدّيسين ظهروا في كلّ حقبة من حقبة الأزمات واجتمعوا ليبيّنوا صحة الايمان القويم من خلال مجامع مسكونيّة، وفي كلّ مجمع كان يبرز قديسٌ أو أكثر يعبّر عن الإيمان القويم بتعابيرَ واضحة لا لَبْسَ فيها، وذلك بإلهام من الرّوح القدس.
 
وفي رسالة اليوم نرى أنَّ الرسول بولس يقول لتيطس: "وأما المباحثات الغبيّة... والمنازعات الناموسيّة فاجتنبها لأنّها غير نافعة وباطلة". ولكنَّ الكنيسة لا تستطيع أن تغضّ الطرف عن التعليم الخاطئ الذي يشوّه الإيمان، لأنَّ الايمان غير المستقيم يعكس حياة غير مستقيمة بعيدة عن الخلاص. 
 
وبالتالي لن يكون هناك نورٌ من قِبَل المسيحيّين لينيروا قدّام الناس بأعمال محبّة تعكس وجه ربّنا يسوع المسيح. ولن يكون بذلك تمجيدٌ للآب بحسب ما قاله الرّب يسوع في بداية الانجيل:" فليضئ نوركم قدّام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجّدوا أباكم الذي في السموات"، آمين.
 
أن يتجلّى الربّ في كنيسته 
 
سنعيّد قريبًا لتجلّي الربّ أمام تلاميذه وسنرتّل بأنّه قام بهذا العمل أمام تلاميذه ليتذكّروا مَن هو حتّى في الصلب، ويشهدوا للعالم أنّه "في الحقيقة شعاع الآب". لقد ترك لنا الربّ يسوع وصيّة أخرى قائلاً: "كونوا واحدًا كما أنا والآب واحد"، جاعلاً منّا جسده المرئيّ كما علّمنا الرسول بولس في رسائله.
 
تتفرّد المسيحيّة بين كلّ المعتقدات بأنّها أزالت الغربة بين الله والبشر ليس فقط بالتجسّد الإلهيّ، لكن أيضًا باستمراريّة هذا الحضور في العالم بواسطة الجماعة المؤمنة، أي الكنيسة. يمكن لهذا الكلام أن يبقى مجرّد تأمّل روحيّ، أو بحث لاهوتيّ، أو جدل نظريّ. لكن إن جعَلْنا من إيماننا حقيقة وجوديّة، تصبح كلّ الأمور مغايرة، وتأخذ كلّ ذكرى بُعْدًا مختلفًا.
أن نتذكّر تجلّي الربّ على الجبل يعني أوّلاً أن نأخذ العالم معنا إلى القمّة ليشاهد نور شمس من نوع آخر. لا يمكن أن تُشاهد الجماعة متجلّية وهي مغمورة، غير مُعْلِنة لماهيتها. 
 
"أنظروا كيف يحبّون بعضهم بعضًا"، كانت الشهادة الكبرى للمسيحيّين الأوّلين. فماذا تعمل كنيستنا اليوم لكيّ يُدْرِك العالم أنّها حاضرة وأنّ حضورها هو إلهيّ المنطلق، ولا يشبه أيّ حضور آخر ينبع من انتفاخ، أو من غايات ضيّقة، أو من منطلق أهل هذا الدهر؟ كيف نجعل هذا الحضور متلازمًا مع التواضع؟ 
 
أن نجرّ العالم إلى الجبل ليشاهد التجلّي هو واجب جماعيّ مُلْزِم. أمّا ممارسة التواضع فأمر يتعلّق بنموّ الأشخاص في المسيح.
 
أن نتذكّر التجلّي يعني ثانيًا أن يرى العالم على الجبل شيئًا غير مألوف، حيث يكون وجه الكنيسة ساطعًا "كالشمس" على حدّ ما جاء في الإنجيل. إذا أخذنا العالم إلى الجبل ورأى ما يراه في يوميّاته "العاديّة"، وفي حياة أهل الدنيا، سيعود من هناك فارغ اليدَيْن، ولن يتذكّر ما رأى ليشهد له باستمرار وخاصّة يوم مواجهة الصعاب والمِحَن. في هذا السياق، السؤال الأساس الذي يُطرح هو عن مظاهر التجلّي التي ستشدّ العالم لدرجة أن يتمنّى البقاء على الجبل؟ 
 
طبعًا الجواب ليس من صنعنا. الجواب كلّه فيما قاله الربّ، وفي ما شهدت له جماعات كنسيّة عظمى في قرون المسيحيّة الأولى قبل أن يصبح التماهي مع أهل الدنيا، في زمن الامبراطوريّة، مرجعًا أساسيًا للتعاطي بالشأن الكنسيّ. الجواب هو أيضًا في عمل جماعات مبشِّرة جالت العالم كلّه، أو جماعات ناشطة في المجتمع اليوم تخدم الإنسان بروح إنجيليّة صرفة.
 
لكنّ عالم اليوم، عالم تواصل وعالم تحدّيات كبرى لم يسبق أن شهد مثلها تاريخ الإنسانيّة. وإذا كنّا جادّين في أن نفعّل تجلّي المسيح، فلنتذكّر حادثة التواصل مع المرأة السامريّة ولا نتجاهل الفكر، بل نناقشه ونكشف له الحقيقة الخفيّة التي نحملها ككنز في آنية خزفيّة. ولنتذكّر أيضًا مثل السامريّ الشفوق، فلا ندع أحدًا جريحًا على حافّة الطريق؛ ومثل الابن الشاطر (أو الأب الرحوم) فلا نحكم على البشر، بل ننقل لهم، بانفتاح غير مشروط، محبّة الأب السماويّ اللامتناهيّة؛ وحادثة الهيكل فلا ندع أحدًا يتاجر بضعفاء هذا العالم الذي هو، بأجمعه، هيكل لله الحيّ، فنقبل أن نُصْلَب لأن الخلاص أتى بالصليب.
 
أن نفعِّل تجلّي المسيح هو مسؤوليّة الجماعة ككلّ، لأنّ جسد المسيح بأكمله سيسطع كالشمس إن فعلنا. فكما أنّ للأوّل مسؤوليّة القيادة، لكلّ مؤمن الدور المرتبط بموهبته. السعي نحو وحدة الجسد هذه أمانة في ضمير كلّ مؤمن، وليس لأحد أن ينزع عنه هذا الهاجس لأنّ الطاعة في الكنيسة هي للمسيح أوّلاً، وكلّما كان كلّ منّا أقرب لقلب المسيح، كان تجلّي الجماعة أسطع.
 
ألا أعطانا الله أن يتجلّى بواسطتنا في هذا العالم، فنستحقّ أن نسمع منه: "أدخل إلى فرح ربّك".