الجمعة 25 كانون الأول 2020

الجمعة 25 كانون الأول 2020

25 كانون الأول 2020
العدد 52

ميلادُ ربِّنَا والِهنَا ومخلِّصنَا يسوعَ المسيحِ بالجَسَدِ


رسالة الميلاد

لقد افتقدنا مخلّصنا من العلى، من مشرق المشارق، فنحن الذين في الظلمة والظلال قد وجدنا الحق، لأن الربَّ قد وُلد من البتول.

ها الميلاد قد أتى مرّة أخرى إلينا في هذه السنة: تجسّدٌ آخر في مغارة قلوبنا. النعمة الميلادية كامنة في أن يولد المسيحُ على الدوام فينا أكثر فأكثر.

قد تهيّأت العذراء مريم طويلاً إلى أن أصبحت والدةَ الإله. لنا أن نتمثّل بها حتّى نصبح بدورنا والدين المسيحَ لهذا العالم الشقيّ.

لقد عاشت العذراء مريم في الخفية effacement اليوم الإنسانُ المؤمن يعيش في مثل هذا النسيان. له فرصة سانحة من الله لكي يتعرّى من كلّ خطيئة عائشاً في الشقاء. عسى أن يأتي إليه الطفلُ الإلهيّ ويُحييه من جديد.

نعم إنّها فرصة مناسبة لكي ندخل في صحراء كلمة الله المقدّسة بعيداً عن ضوضاء هذا الوباء الكورونيّ المستشري في العالم.

نحن في حجر صحيّ. هل يفتقدنا الربّ يسوع ويملأنا فرحَ الملائكة فنحيا حياة جديدة؟!

لنا رجاءٌ كبير وإيمان به لا يتزعزع، ليس هو أبداً إيماناً باللقاحات المقترحة والموعود بها. طبعاً لا نستطيع أن نتخلّى عن واجباتنا وخدماتنا لهذا الشعب الذي نحبّه والذي يعاني كثيراً في هذه الأيّام. لكن لا تقلق فوق اللّزوم، الربّ يسوع القادم إلينا دائماً لن يتركنا.

الإنسان العبد الأمين لمعلّمه، له انتباهٌ داخليّ متواصل، عن طريق الصلاة الحارّة، ينتظر مجيئه الدائم فإذا افتقده من العلى، يقوم ويخدمه: صحوة داخليّة صادقة هذا ما نرنو إليه. في هذا العيد الإلهيّ المطلّ. المشكلة ليست في الاهتمامات التي لا بدّ منها occupations بل هي في أن تقلق بمرارة Préoccupations.

أرجوكم، أيّها الأبناء الأحبّاء، باسم ربّنا ومخلّصنا يسوع الآتي إلينا بالجسد، أن لا تيأسوا. استقبلوه بفرح، بإيمان، بطمأنينة في قلوبكم "الربّ قريب" وقريبٌ جدّاً.

"تعالَ أيّها الربّ يسوع... أنا آتي سريعاً" لا تخف! (رؤيا 22: 20).

+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما


طروبارية الميلاد باللّحن الرابع

ميلادُكَ أيُّها المسيحُ إلهُنَا قد أَطْلَعَ نورَ المعرفةِ في العالم، لأنَّ السَّاجِدِين للكواكبِ به تَعَلَّمُوا من الكوكبِ السُّجودَ لكَ يا شمسَ العدل، وأن يعرِفُوا أَنَّكَ من مشارِقِ العُلُوِّ أَتَيْت، يا رَبُّ المجدُ لك.


قنداق الميلاد باللّحن الثالث

اليومَ البتول تَلِدُ الفائِقَ الجوهَر، والأرضُ تُقَرِّبُ المغارة لِمَن هو غيرُ مقتَرَبٍ إليه، الملائكةُ مع الرُّعاةِ يمجِّدُون، والمجوسُ مع الكوكبِ في الطَّريقِ يسيرون، لأنَّه قد وُلِدَ من أَجْلِنَا صَبِيٌّ جديدٌ وهو الإلهُ الَّذي قبلَ الدُّهور.


الرِّسَالة

غلا 4: 4-7

كلُّ أهلِ الأرْضِ يَسْجُدُونَ لكَ ويُرتِّلونَ لكَ
هلِّلُوا للهِ يا جميعَ أَهْلِ الأرْضِ

يا إخوةُ، لمَّا حانَ مِلءُ الزَّمان، أَرْسَلَ اللهُ ابنَهُ مَوْلُودًا من امرأةٍ، مَوْلُودًا تحتَ النَّاموس، لِيَفْتَدِيَ الَّذينَ تحتَ النَّاموس، لِنَنَالَ التَّبَنِّي. وبما أنَّكم أبناءٌ أرسَلَ اللهُ روحَ ابنِهِ إلى قلوبِكُم صارِخًا "أَبَّا" أَيُّها الآب. فَلَسْتَ بَعْدُ عبدًا بل أنتَ ابنٌ، وإنْ كُنْتَ ابنًا، فَأَنْتَ وَارِثٌ للهِ بيسوعَ المسيح.


الإنجيل

متَّى 2: 1-12

لمَّا وُلِدَ يسوعُ في بيتَ لحمَ اليهوديَّة في أيَّام هيرودس الملك، إذا مجوسٌ قد أَقْبَلُوا من المَشْرِقِ إلى أورشليم قائلين: أين المولودُ ملكُ اليهود؟. فإنَّنا رأينا نجمَهُ في المَشْرِقِ فوافَيْنَا لنسجدَ له. فلمَّا سمعَ هيرودسُ الملكُ اضطَرَبَ هو وكلُّ أورشليم معه. وجَمَعَ كلَّ رؤساءِ الكهنةِ وكتبةِ الشَّعبِ واستَخْبَرَهُم أين يولَدُ المسيح. فقالوا له في بيتَ لحمَ اليهوديَّة، لأنَّه هكذا قد كُتِبَ بالنَّبِيِّ: وأنتِ يا بيتَ لحمُ أرضَ يهوذا، لستِ بِصُغْرَى في رؤساءِ يهوذا لأنَّه منكِ يخرجُ المدبِّرُ الَّذي يرعى شعبي إسرائيل. حينئذٍ دعا هيرودسُ المجوسَ سِرًّا وتحقَّقَ منهم زمانَ النَّجم الَّذي ظهرَ. ثمّ أرسلَهُم إلى بيتَ لحمَ قائِلًا: اِنطلِقُوا وابحَثُوا عن الصَّبيِّ بتدقيقٍ، ومتى وجدتُمُوه فأَخْبِرُونِي لكي آتِيَ أنا أيضًا وأَسْجُدَ له. فلمَّا سمعوا من الملكِ ذهبوا، فإذا النَّجمُ الَّذي كانوا رَأَوْهُ في المَشْرِقِ يتقدَّمُهُم حتَّى جاءَ ووقفَ فوقَ الموضِعِ الَّذي كانَ فيه الصَّبيّ. فلمَّا رَأَوا النَّجم فرحُوا فَرَحًا عظيمًا جدًّا وأَتَوْا إلى البيت فوجدُوا الصَّبِيَّ مع أمِّه فَخَرُّوا ساجِدِينَ له، وفتحُوا كنوزَهُم وقدَّمُوا له هدايا من ذَهَبٍ ولُباَنٍ ومُرٍّ. ثُمَّ أُوحِيَ إليهم في الحُلْمِ أنْ لا يرجِعُوا إلى هيرودس، فانصرفُوا في طريقٍ أُخْرَى إلى بلادِهِم.


في الإنجيل

لا يُمكن فهم هذا النصّ الإنجيليّ إلّا بالرجوع إلى الإشارات التي استعان بها من العهد القديم. فنذكر أوّلاً أنّ متّى يطبّق على المجوس النبوءة الواردة في الإصحاح 60 من أشعياء، عن اهتداء الشعوب الوثنيّة ومواكبها القادمة للسجود في أورشليم، ومن جملة هذه الشعوب شعب شبأ: "كلّهم من شبأ يأتون حاملين ذهباً ولباناً، يبشرون بتسابيح الربّ" (أشعيا 60: 6).

فمتّى رأى في المجوس صورة الوثنيّين الذين قدموا للسجود للمسيح، الملك المولود. علمًا أنّ "المجوسيّ" لم تكن تعني في العهد الجديد كهنة الفرس، ولا أناس من الأمم بالضرورة، بل كانت تستعمل لتعني الذين يرصدون الكواكب والنجوم ليقرأوا "الطالع" من خلالها، وقد يكون هؤلاء مِنَ اليهود، كَـ بَرْيشوع المجوسيّ (أعمال 13: 6).

ونعرف من النصوص التي اكتشفت في قمران أنّه كان ثمّة اهتمام ببرج الملك المشيح المنتظر. لذا قد يكون في أساس حكاية المجوس أنّ بعض اليهود المهتمّين بالفلك لقراءة الطالع قد رصدوا، ما هو في حسبانهم، نجم المسيح الطالع، ولكن متّى جعل منهم نموذج الأمم الذين يأتون للسجود في أورشليم. وقد كان بإمكان النجم أن يهديهم مباشرة إلى مكان المسيح المولود، ولكن بذلك يُطاح بدورهم الأساس وهو أن يعلنوا في أورشليم بشارة ولادة المسيح.

أن يكون هيرودس قد "اضطرب / تزلزل" لولادة ما حسبه مَلِكًا مُنافِسًا، فهذا أمر طبيعيّ. ولكن لا يوجد أيّ سبب لاضطراب أورشليم. بل بالعكس، إنّ نبأ ولادة المسيح، في جوّ ذلك الزمن، كان من شأنه أن يثير الفرح. ولكنّ متّى يُسقط هنا على ردود الفعل المتعلّقة بِبُشرى ولادة المسيح، تلك اللاحقة المتعلّقة ببشرى الملكوت وبشرى قيامة المسيح.

فجماعاتٌ مِنَ الأُمَمِ هم الّذين آمنوا بأنّ يسوع هو المسيح الربّ الذي أقامه الله من بين الأموات بعد أن قدّم ذاته على الصليب فداءً للعالم، فيما قِلّةٌ غزيرةٌ مِنَ اليهود فقط آمنت بأنّ يسوع هو المسيح المخلّص. ورواية ولادة يسوع في إنجيل متّى تعكس هذه الوقائع، مشكِّلةً صورةً مُسبَقة عمّا سيحصل.

تبقى ملاحظتان: الأولى: أنّ متّى أضاف المرّ إلى هدايا الأمم الآتية للسجود للمسيح. ولذا أظهر أنّه يرى في هذه الهدايا إشارات إلى أنّ يسوع المولود هو ملك (ذهب) وإله (لبان/بخور) ومتألّم (المرّ/الحنوط).

والثانية: أنّ متّى أورد في روايته تفصيلاً، على الطريقة الميدراشيّة الشائعة في تلك الأيّام، بأنّ النجم، لم يكن مؤشِّرًا على ولادة المسيح فحسب، بل قد قاد المجوس في الطريق سائراً أمامهم حتّى أوصلهم إلى مكان ولادة المسيح، وفي ذلك إشارة إلى أنّ الله هو الذي قاد المجوس ليأتوا إلى أورشليم ويقوموا بالدور الذي قاموا به.


عيد الميلاد والكورونا

يأتي الاحتفال هذه السنة بعيد الميلاد المجيد ونحن نواجه جائحةً تتحدّى مسيرة حياتنا، وتعترض لقاءاتنا الفرحة وبهرجتنا الاحتفاليّة، وسط تخبّط اقتصاديّ ومعيشيّ وأمنيّ، وعدم استقرارٍ سياسيّ تعيشُه بلادُنا. وإذ نسترجع مشهد ميلاد الطفل يسوع في مذود بسيط، في مكان منعزل تضيئُه نجمة سماويّة، وفي أرض موحشة لا يمرّ فيها سوى رعاة وذئاب تائهين في الوعر، وفي هدوء الليل وبرودته، بدون حطب التدفئة، ويوسف البارّ يتفكّر بهذه الأمور.

فإنّ مشهد عائلاتنا اليوم يشبه هذا المنظر: وحيدون ومتباعدون، وبسبب القلّة المعيشيّة قلقون، وبدون تدفئة أو ضوء لمبة قابعون. وكَبَشَرٍ، نتأرجحُ أحيانًا بين فكرٍ مُظلِمٍ يائسٍ غاضب، وبين آخَرَ مستسلمٍ عاجزٍ مُهمِل. لكنّ بشارة العيد تصدح بآذاننا:

"الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا" (متى 4: 16)، والطفل المولود هو عِمّانوئيل، أي الله معنا. الله الربّ ظهر لنا. سرٌّ عجيبٌ مستغربٌ! يظهر في الجسد ليخلّصنا، يتنازل متواضعًا من أجلنا لينتشلنا من الموت إلى الحياة، وليرفعنا من اليأس إلى الرجاء واهبًا إيّانا فرح الخلاص.

زمن الميلاد يعلن لنا أنّ الله يفتقد شعبه. يبادر ويأتي من العلاء لكي يرعانا ويهدينا على طريق البِرّ والسلام والمسرّة. مبادرته لافتقادنا، نحن شعبه، تعني أنّ الله يتفهّم ألمنا وتعبنا وقلقنا البشري، ويتحنّن علينا، ويضمّد جراحاتنا ويشفينا، ويخلّصنا. ولكن كيف يستمرّ هذا الافتقاد اليوم؟

يقول القديس يوحنّا الذهبيّ الفم إنّ المسيحيين في العالم هم جسد الربّ يسوع المسيح العامل بالمحبّة، هم عيون وآذان وأيدي وأرجل هذا الجسد.

هم نور لا يوضع تحت المكيال، نور يضيء من النور الحقيقيّ. وهم بنور المسيح هذا يفتقدُ بعضُهم بَعضًا والآخرين، يخدمون عائلاتهم، يضحّون لأولادهم، يطعمون الجياع ويسقون العطشان، ويُؤوون النازح والمهجّر والغريب، ويزورون المريض والمسنّ ويعتنون به وبحاجاته، ويتعاطفون مع الحزين الذي يتألّم من حبيب فقده، ويتعهّدون الإنسان الذي يعاني من مشاكل اجتماعيّة أو نفسيّة، ومصائب الناس اليوم كثيرة ومتنوّعة.

كم هو عالمنا اليوم شديد الحاجة إلى مبادرة افتقاد في زمن جائحة كورونا، أي أن يكون المسيحيّون خميرة جيّدة في هذا العالم القاسي، مظهرين وجه الربّ يسوع الحاضن، "أبو المراحم".

أن يلتفت الإنسان نحو أهل بيته وجاره. "إذا جاري بخير فأنا أيضًا بخير". إذا كان جاري يتألّم ومكسور الخاطر، يئنّ تحت وطأة الفقر وجهل تدبير أمور عائلته، فكيف أستطيع أن أعيّد متناسيًا معاناة جاري؟ العيد افتقاد ورحمة. ألَمْ يُوصِنا الربُّ بمحبّة القريب؟

إلّا أنّ هذا لا يتمّ إلا بالقضاء على فيروس آخر يفتك فينا منذ القدم. كورونا يمكن أن يقتل جسدًا بدون مناعة. تأتي جائحة كورونا لتكشف عن وجود فيروس آخر متغلّل في البشر: إنّه فيروس الأنانيةِ والتكبّر الذي يُودي بالنفس البشريّة إلى الهلاك. إنّه يسبّب لنا الخوف والاضطراب النفسيّ: الخوف من نقصان مخزوننا الماديّ، الخوف من ضياع مستقبلنا، الخوف من مؤامرات قد تُحاك ضدّنا، الخوف من الأنا!

يعلّمنا الميلاد أنّنا لا نستطيع أن نفتقد الآخرين ونحن مصابون بفيروس الأنا. في الميلاد نفهم سرّ الافتقاد الحسن الذي يقتضي محاربة فيروس الأنا. في الميلاد ندرك أنّ الله يحبّنا، فإذ ونحن بعد خطأة، أحبّنا حتى موت الصليب، وأعطانا كلّ شيء وأصعدنا إليه (رومية 5: 8).

إنّه يطلب منّا أن نبادله المحبّة بالتوبة. لعلّ هذا الوقت التي ننحرم فيه من ملذّات الدنيا- زمن كورونا- فرصة متاحة للرجوع إلى الذّات. لذا، إنّه زمن التوبة بامتياز. فمن يفتقد على صورة المسيح، يكون في صورة المسيح الذي "أخلى ذاته متّخذًا صورة عبد" (فيليبي 2: 7). إخلاء الذّات يبدأ بالاعتراف بالخطايا والتوبة.

وإذا حَسُن استعدادنا للعيد وجعلنا من أعماقنا مذودًا طاهرًا، ننال نعمةً، فيكون حضورنا في عائلتنا أوّلًا، مع زوجنا أو زوجتنا، مع أولادنا وأهلنا، ومع جارنا المحتاج، مضحّيًا وباذلًا، فتكون أعمال المحبّة قناةً لهذه النعمة... لأنّ الرحمة تفتقد والمحبّة تشفي. عندئذ، يشعر الآخر بأنّ الله يفتقده بواسطتنا، حاضنًا له في ألمه وفي عَوَزِه.

"إنّه وقتٌ يَعمَل فيه الربّ" (مزمور 118: 126). عالمنا المـُنهك يعطش ويجوع، ليس فقط للطعام والشراب، ولكن أولًا لنعمة الله. العالم يقبع باردًا في وحدته، وحده وجه الربّ الدافئ المطلّ عليه ينعشه. كيف ينال النعمة ويشعر بالدفء؟ عندما يلتفت إليه إنسان يصلّي ويلمس الآخر بحبّ نقي، بتقدير واهتمام، بصدق واحترام. إنّه افتقاد ميلاديّ لا يحجبه شيء، حتى لو كان للمصلّي كِمامة وقائيّة تغطّي وجهه. هكذا نَختبر اليوم سرّ التجسّد الإلهيّ العظيم، ونَظهر نحن جسدَ المسيح الحيّ المستعصي عليه أيّ وباء، فيتمجّد المسيح بميلاده أيضًا فينا.


ميلاد الرجاء

عالم اليوم يتخبّط في أجواء الأوبئة والصراعات الدّوليّة والعالميّة والمصالح المدمِّرة، وبنمطٍ ممنهج. الشعب المطالبُ بحريّة المصير، حَكَم عليه أقرانُه، وبخيانتهم لقضيَّته العادلة، بالعزلة والاستعباد.

الوطن الحبيب نُهب شعبُه، وبات السوادُ الأكبر من هذا الأخير يرزح تحت وطأة الفقر والعوز وضيقةٍ لم يشهد لها مثيل. الشبيبةُ فقدت الأملَ بمستقبلها سالكةً إلى المجهول في قوارب الموت علّها تجد فيه الحياة.

الكلّ في أرجاء الكون أصبح يهذي بنفس التساؤلات: إلى متى؟ وماذا بعد؟
هذا الميلاد يأتينا ليس كأيّ ميلاد آخر. أجواؤه مقيَّدة، فرحُه ملبَّد، هداياه مغلفةٌ بالخوف والاضطراب وخشية من مرض مميت. "الشعب السالك في ظلال الموت أبصر نورًا عظيمًا".

في ظلِّ كلِّ هذه الأجواء تنقل الكنيسة نورَ الرجاء الآتي من مذودِ إلهٍ محبٍّ، ترك عرشَه السّماوي ليكون طفلاً بدون منزلٍ ولا مأوى ولا مُعين، مشاركًا حياة الناس ومعاناتهم بأدقِّ تفاصيلها.

عيد ميلاد الربّ يسوع يعيدُنا إلى أصالة إيماننا بالإله المتجسّد، الذي أوضح لنا أنَّ وراء كلِّ عتمةٍ، ولو كانت بمقدار ظلمَةِ الموت، خيطٌ من نور، فكيف إذا نورُ خالق النورِ نفسه يسطع ببهائه؟

مَن كان يظنُّ أنَّ الطفلَ، قاطن المغارة المظلمة، الباردة، سيحمل للعالم نورًا لا يضاهيه نورٌ، ودفئًا يغمرك بالحنوِّ واللطف والأمان؟ هكذا هو هو، أمس واليوم وغدًا، قدرته ومحبّته للبشر قادرة أن تغيّر موازين الكون، لأنه "حيث يشاء الإله يُغلَبُ نظامُ الطبيعة"، الطفل الإلهي دمّرَ بوجوده بيننا قدرة اليأس، وغلب بنورِ قيامته ظلام الجحيم، فلن يدوم الشرُّ بوجوده ولن تضعف قوّتُنا ولا وحدتُنا من أجل الخير، ذلك لأنّ ربَّ المجد قائمٌ بيننا، وبهذا يكون لنا به رجاء.


أخبارنا

قدّاس عيد الميلاد.

تحتفل رعايا الأبرشيّة كلّها بعيد الميلاد المجيد ويترأس راعي الأبرشيّة القدّاس الإلهيّ في كنيسة الميلاد في رعيّة مجدليا يوم الجمعة الواقع فيه 25 كانون الأول 2020 تبتدئ صلاة السحر الساعة الثامنة والنصف صباحاً ويليها القدّاس الإلهيّ.

ويعايد سيادتُه كلَّ أبناءِ الأبرشيّة:
ميلاد مجيد.