الأحد 9 آب 2020
09 آب 2020
الأحد 9 آب 2020
العدد 32
الأحد التاسع بعد العنصرة
اللَّحن الثامن - الإيوثينا التاسعة
* 9: الرَّسول متيَّاس، البار بسوبي، * 10: الشَّهيد لَفرنديوس رئيس الشَّمامسة، * 11: الشَّهيد آفيلُس الشمَّاس، نيفن بطريرك القسطنطينيَّة، * 12: الشَّهيدان فوتيوس وأنيكيتس، * 13: وداع التجلي، نقل عظام مكسيموس المعترف، دوروثاوس أسقف غزَّة وتلميذه دوسيثاوس، تيخن زادونسكي، * 14: تقدمة عيد الرُّقاد، النَّبيّ ميخا،
* 15: رقاد سيّدتنا والدة الإله الفائقة القداسة. *
مشى يسوع على البحر
السيرُ على الماء يذكّرنا بعبور إسرائيل البحر الأحمر والخروج من مصر العبوديّة، واليوم يذكّرنا أيضًا بعبورنا من عبوديّة الخطيئة والموت الى حياة البرّ والقداسة. هذا كلّه حاصلٌ عندما نتكّل على الله ونؤمن أنّ يسوع المسيح هو إلهنا. قال للتلاميذ الذين ظنوّه خيالاً "ثقوا انا هو" أي أنا الله نفسه. يشير سيرُ بطرس على البحر إلى أنّ الله يمدّ يد العون حيث يستحيل العون، الشدّة تجعلنا نفقد الرجاء. وحيث ينعدم مثلُ هذا الرجاء بيسوع المسيح هناك يستحيل الخلاص.
أمّا المؤمن فهو يجترح العجائب بمعيّة الله. عندما كان بطرس يتطلّع إلى وجه يسوع استطاع أن يمشي على المياه، لكن لمّا تحوّل نظره عن عيني السيّد لخوفه من العاصفة غرق. عندها صرخ من ملءِ فؤاده "يا ربّ نجنيّ".
أنت إذا غرقتَ في بحر الحياة وهمومها تغرق. ألا نقول في القدّاس الإلهيّ "لنطرح عنّا كلَّ اهتمام دنيويّ"؟! لذلك يجب أن تكون النفسُ دائماً منشغلة بيسوع وحده، لقد صرخ بطرسُ وللوقت مدّ يسوع يده له وأمسك به. قال له "يا قليل الإيمان لماذا شككتَ؟" (متى 14: 32).
عند دخول الربّ يسوع إلى السفينة سكّن الريح. سكّن اضطرابَ التلاميذِ حضورُ الربّ. ذكرُ اسمه الحبيب في الصلاة من أعماق القلب يعيد الفرحَ والاطمئنان إلى قلب المؤمن. هنا يقرّ التلاميذ بألوهية ابن الله بيسوع المسيح: "بالحقيقة أنت ابنُ الله" (14: 34). الربّ يسوع الذي أعطى الخبزَ في البرية، الخبزَ السماويّ للجائعين إليه بالجسد والروح، هو نفسه الذي ينقذ المؤمنَ به. إنّه ابنُ الله الذي ينقذنا وينقذ العالمَ من عمق تجربة الأوبئة ومن الشرّير.
+ افرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللّحن الثامن
إنحدَرْتَ من العلوِّ يا متحنِّن، وقبلْتَ الدفنَ ذا الثلاثةِ الأيّام لكي تُعتقنا من الآلام. فيا حياتنا وقيامَتنا، يا ربّ المجد لك.
طروبارية التجلّي باللّحن السابع
لما تجلَّيتَ أيُّها المسيح الإله في الجبل أظهَرتَ مجدَك للتلاميذ حسبما استطاعوا، فاشرقْ لنا نحنُ الخَطأة نورَك الأزلي بشفاعات والدة الإله، يا مانحَ النور المجدُ لك.
قنداق التجلّي باللّحن السابع
تجلَّيت أيّها المسيحُ الإله في الجبل، وحسبما وسعَ تلاميذَك شاهدوا مجدَك، حتّى، عندما يعاينونَكَ مصلوباً، يفطنوا أن آلامَكَ طوعًا باختيارك، ويكرزوا للعالم أنّك أنتَ بالحقيقة شعاعُ الآب.
الرِّسَالة
1 كو 3: 9-17
صلُّوا وأوفوا الربَّ إلهَنا
اللهُ معروفٌ في أرضِ يهوذا
يا إخوةُ، إنَّا نحنُ عامِلُونَ معَ اللهِ وأنتُم حَرْثُ اللهِ وبِناءُ الله. أنا بحسَبِ نِعَمةِ اللهِ المُعطاةِ لي كبنَّاءٍ حكِيم وضَعْتُ الأساسَ وآخرُ يَبني عليهِ. فَلْينْظُرْ كُلُّ واحدٍ كيف يَبْني عليهِ، إذ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يضعَ أساساً غيرَ الموضُوعِ وهوَ يسوعُ المسيح، فإنْ كانَ أحدٌ يَبْني على هذا الأساسِ ذهبًا أو فِضَّةً أو حِجارةً ثَمينةً أو خشباً أو حَشيشاً أو تبناً، فإنَّ عملَ كلِّ واحدٍ سيكونُ بينًا لأنَّ يومَ الربِ سيُظهرُهُ لأنَّه يُعلّنُ بالنارِ، وستَمتَحِنُ النارُ عَمَلَ كلِ واحدٍ ما هو. فمن بقي عمَلُهُ الذي بناهُ على الأساسِ فسينالً أُجرَةً ومَن احتَرقَ عَمَلُهُ فسَيخسَرُ وسيُخلُصُ هُوَ، ولكن كمَن يَمرُّ في النار. أما تعلَمون أنَّكم هيكلُ اللهِ وأنَّ روحَ اللهِ ساكِنٌ فيكم، مَن يُفسِدْ هَيكلَ اللهِ يُفسِدهُ الله. لأنَّ هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ وَهُوَ أنتم.
الإنجيل
متى 14: 22-34 (متى 9)
في ذلك الزمان اضطَرَّ يسوعُ تلاميذَهُ أن يدخلوا السفينةَ ويسبِقوهُ إلى العَبْرِ حتى يصرِفَ الجموع. ولمَّا صرف الجموعَ صعِد وحدَهُ إلى الجبلِ ليصلّي. ولمَّا كان المساءُ كان هناك وحدَهُ، وكانتِ السفينةُ في وسَط البحر تكُدُّها الأمواجُ لأنَّ الريحَ كانت مُضادةً لها. وعند الهجَعةِ الرابعةِ من الليل مضى إليهم ماشياً على البحر، فلَّما رآه التلاميذ ماشياً على البحر اضطربوا وقالوا إنَّه خَيالٌ ومن الخوفِ صرخوا. فللوقت كلَّمهم يسوعُ قائلاً: ثِقوا أنا هو لا تخافوا. فأجابهُ بطرس قائلاً: يا ربُّ إنْ كنتَ أنتَ هو فمُرني أن آتي إليك على المياه فقال: تعالَ. فنزل بطرسُ من السفينة ومشى على المياه آتياً إلى يسوع، فلَّما رأى شِدَّةَ الريح خاف وإذْ بدأ يغرَقُ صاح قائلاً: يا ربُّ نجنّي. وللوقتِ مدَّ يسوعُ يدهُ وأمسك بهِ وقال لهُ: يا قليلَ الإيمان لماذا شككتَ؟ ولمَّا دخلا السفينةَ سكنَتِ الريح. فجاءَ الذين كانوا في السفينةِ وسجدوا لهُ قائلين: بالحقيقةِ أنت ابنُ الله. ولمَّا عبَروا جاؤوا إلى أرض جَنيّسارَتْ.
في الإنجيل
الحادثة التي سـبقت أُعجـوبـة مشـي يسـوع عـلـى سطح بحيـرة طبريا كانت حادثة إكثار الخبز، والنّاس كانوا كثيـرين وكان لا بدّ ليسوع أن يصرف الجموع، فألزم الـربّ تلاميذه أن يسبقوه إلى الضفّة الأُخرى من البحيرة وهي المسمّاة العِبر حتّى يصرف الجموع. بعد أن صرفهم صعد إلى الجبل ليصلّي.
يسوع في طبيعته البشريّة كان يُصلّي إلى الله الآب. كان دائمًا يصلّي وحده في بنوّته للآب، ليس أحد معه. كلامه للآب غير كلام الناس. لم يكن عنده حاجات يطلبها. بقي وحده في الجبل، وقد سارت السفينة حتّى أواخر الليل تقذفها الأمواج لأنّ الريح كانت مضادّة، وبحيرة طبريا كبيرة جدًّا والرياح ممكنة فيها.
التقى يسوع بالسفينة ماشيًا على البحر. ولما رآه التلاميذ لم يعرفوه فناداهم قائلاً: تشجّعوا أنا هو لا تخافوا. الطمأنينة تأتـينا من يسوع إذا كنّا في حالة اضطراب. المسيح وحده يُخرجنا من الخوف لأنّه هو السّلام.
سمع بطرس إعلان المسيح أنّه الربّ بالذات، وفهم معنى هذا القول وآمن به. لكنّه شكَّ في اختباره وحواسّه، طالبًا البرهان ليتأكّد من حقيقة ألوهيّة المسيح الماشي على الماء، فجرَّب ربّه ليأمره بالمشي إليه على الماء. قال المسيح له كلمة واحدة: «تعال». وهذه الكلمة دعوة، تخصّني وتخصّك. تعال إلى شركة المسيح، ولا تختر لنفسك هدفًا غيره، فتصبح أقوى من كلّ عناصر دنيانا.
تجاسر بطرس رغم ضعفه وشكوكه ونزل من المركب إلى البحر الهائج. وشَخَصَ مبهوتًا إلى المسيح لأنّ الماء صار تحت قدميه أرضًا صلبة يمشي عليها. لأنّ إيمانه ثبت بقوّة الخالق القدير.
وبينما هو ماشٍ على سطح البحر تذكّر الصيّاد الخبير فجأةً أنّه محاط بالخطر، فخاف ولم يعد يفكّر بالمسيح، بل تأمّل الخطر المقبل عليه. لم ينظر إلى هدف مسيره الذي هو المسيح بل إلى الموجة الهاجمة عليه، فابتدأ يغرق!
كلّ ما يصرفنا عن المسيح ويُشغل بالنا يسيطر علينا ويخرِّبنا. فلنؤمن بالمسيح وحده، ولنعتبر أنّ كلّ الناس والسلطات بالنسبة له لا شيء. فلننظر إليه ولا نحوّل أعيننا عنه مطلقًا.
لما ابتدأ بطرس يغرق، صرخ فزعًا: «ياربّ نجّني!» وعاد مرّة أخرى ينظر إلى هدفه، فلم يرَ إلّا المسيح وحده ماشيًا على الماء. فمدَّ يسوع يده، وأمسك به، فنجا. لم يترك المسيح الخائف، ولم يرفض ذلك الفاشل بالإيمان، بل أمسكه ونجَّاه قبل أن يغرق نهائيًّا، وجعل من تحته الماء صلبًا مرّةً أُخرى لتحمل المؤمن بيسوع. لقد خلّصه المسيح في اللحظة الأخيرة دون تأخير.
بعدما تخلّص بطرس القليل الإيمان وبّخه المسيح لأجل شكوكه لأنّه اتّكل على اختباراته في الصيد أكثر مما اتّكل على ربّه. لكنّ يسوع يطلب تسليمنا الكامل، لأنّه بالإيمان التامّ تنتصر قوّته فينا. فهل نستسلم لابن الله مؤمنين أنّه الربّ الحقّ؟
فتح التلاميذ الأحد عشر الآخرين آذانهم وأفواههم بذهول عندما رأوا وسمعوا هذه الحادثة. وعندما دخل يسوع سفينتهم، سكتت العاصفة فجأةً، وأحاطهم هدوء عظيم، كأنّهم دخلوا السماء. فقاموا في سفينتهم، وانحنوا عميقًا، وسجدوا للمنتصر على العناصر، واعترفوا مرتجفين: أنت بالحقيقة ابن الله. وهذه الكلمة لم تخرج من أفواههم إلّا في هذا اليوم، حيث شاهدوا معجزة الخبز، وسمعوا قول يسوع: «أنا هو». ورأوه يمشي على الماء. فاستناروا مدركين ظهور الله في ابنه بينهم.
إنّنا بقوّة المسيح نُرفع فوق مستوى العالم، ونتمكّن من أن ندوس عليه، ونُحفظ من أن نغرق ونُبتلع فيه.
كلمة صاحب السيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس)
في سيامة الكاهن المتوحّد الأب ثيوفيلوس،
في قلّاية القيامة كبسالا- الجبل المقدس.
(آثوس في 25/7/2020)
عيد القدّيس البارّ باييسيوس الآثوسيّ (شرقي)
آباءَنا القدّيسين ..أيّها الزوّار الأحبّاء! باركوا!
كيف لا نأتي إلى هنا، إلى الجبل المقدّس؟ كيف لا نستجيب لهذه الدعوة؟ إنّها لَبَركةٌ كبيرةٌ لنا، لا سيّما في هذه الظروف الصعبة. وأنا شخصيًّا غيرُ مستحقٍّ للنعمة التي تُعطيها الشرطونيّة هذه.
تُرى من نحن؟ هل نحنُ المساكينُ بالروح القدس؟
إذ من نعمة رحمته الإلهيّة سمح لنا إلهُنا الصالحُ أن نصلَ إلى هذه القلاّية المباركة ومرّةً أُخرى إلى هذا الجبل المقدّس، على الرغم من كلّ الصعوبات التي واجهَتْنا. العالمُ اليومَ يُعاني مِن هذا الوباء العالميّ، وهو بأمسّ الحاجة إلى مساعدةٍ إلهيّةٍ فعّالة. الراهب يساعد العالم أكثر من كلّ شيء عن طريق صلاته. ينفصل ويبتعد عن كلّ شيء ليتِّحد بالكلّ. لنا صلوات الآباء القدّيسين الذين عاشوا في هذا المكان المقدّس وفي هذه القلايّة تحديداً، قلاّية أبينا المغبوط الذكر، والمحبوب منّا كثيراً إسحق عطالله، وكلّ الآباء الذين نسكوا في الجبل المقدّس وتقدّسوا، حيث بصلواتهم استطعنا أن نشكر ونسبّح الله من خلال هذه الشرطونيّة التي فيها أخذ الأب المتوحّد الورع "ثيوفيلوس" النعمة العظيمة التي لسرّ الكهنوت والتي سوف تحمل له في المستقبل مواهبَ كثيرة عبر الخدمة الطاهرة لهذا السرّ، وبخاصّةٍ خدمة "سرّ الإفخارستية" أي سرّ الشكر.
بالطبع لا ننسى الشيخ المتواضع إفتيميوس الذي يجاهد بتفانٍ لكي يسير على خطوات الآباء الروحيّين، طابعاً سَيرَه بمواهبَ إلهيّةٍ ميّز بها العليُّ شخصَه، هذا لكي يُضيف على إرشاده الروحيّ صبغةً حيّة اقتبسها من سيرةٍ نُسكيّةٍ وخطوات جهادية شاهدها لدى البارّ باييسيوس الذي نعيّد له بمجد في كنيسته المقدّسة.
إنّ المغبوط الذكر الشيخ إسحق عطالله حاول بكلّ طاقته أن يربطَ ويقوّي اللحمة ما بين الكنيسة الأنطاكيّة والكنيسة اليونانيّة، وخاصّةً مع الرهبنة الأرثوذكسيّة التقليديّة الآثوسيّة. نشكر الله أوّلاً الذي أنعم علينا من فائق محبته ورحمته والذي أعطاني مساعداً الأب إسحق جريج يرافقني ويجهّز لكلّ هذه الرحلة.
كما وأنّنا نقدّم الشكر لغبطة البطريرك المسكوني "برثلماوس" ولآباء دير القدّيس بولس الاثوسيّ وشيخهم الجليل "برثانيوس" مع شكرنا الحارّ للأب "تيخن" رئيس دير "الصليب" مع أخويّته الذين كلّهم معًا ساعدوا لكي أتمّمَ اليوم هذا السرّ المقدّس.
ندعو للكاهن المتوحّد الجديد "ثيوفيلوس" بأن تنسكبَ عليه كلّ البركات والنعم الإلهية لكي يفرح دائماً بهذه الخدمة المقدّسة أمام العرش الإلهيّ الرهيب. آمين.