الأحد 6 أيّار 2018
06 أيار 2018
الأحد 6 أيّار 2018
العدد 18
أحد السامريّة
اللَّحن الرّابع الإيوثينا السابعة
* 6: الصدِّيق أيّوب الكثير الجهاد، * 7: علامة الصليب التي ظهرت في أورشليم، * 8: يوحنّا اللّاهوتيّ الإنجيليّ، أرسانيوس الكبير، * 9: النبيّ إشعياء، الشّهيد خريستوفورس، * 10: الرّسول سمعان الغيور، البارّ لفرنديوس، البارّة أولمبيَّا، * 11: تذكار إنشاء القسطنطينيّة، الشّهيد موكيوس، كيرلّلس ومثوديوس المعادلان الرُّسل،
* 12: إبيفانيوس أسقف قبرص، جرمانوس رئيس أساقفة القسطنطينيَّة.
الإمرأة السامريّة
نحن أمام بئر يعقوب. امرأة من السامرة جاءت لتستقي ماءً عند الظهيرة لتروي ظمأها، فعادت تفيض ماءً حيّاً ينبع إلى حياة أبديّة. جاءها إلى البئر يسوع المسيح ينبوع الحياة، من آمن به "تجري من بطنه انهارُ ماء حيّ" (يوحنّا 7: 38).
اللقاء بين يسوع والسامريّة كان مسجّلاً عنده منذ الأزل، هذا لكي يكسر الرّبّ الخالق الحواجز بين البشر كلّهم.
هذا الماء الحيّ ما هو إلاّ عطيّة الرّوح القدس، روح الله الذي يَفرُق عن روح العالم. موضوع الاِختلاف الطائفيّ بغيض عند الله وهو أصل كلّ اللّاعدالة، كلّ الشرور، حاجز قويّ أمام أمطار محبّة الله الفائضة على كلّ الشعوب بدون تمييز.
ما الخلاف المذهبيّ سوى انشقاق للثوب الإلهيّ وتمزيق للإنسان الواحد.
محبّة الله الأزليّة لا تعرف التفريق المذهبيّ لأنّ الرّبّ يمطر نعمه على كلّ الناس بدون تفرقة.
قصّة السامريّة تخترق كلّ الحواجز لأنّها أصبحت إنسانة جديدة. لقد اعتمدت بروح الله الذي يعطيه يسوع الإله. اقتنصت بذلك ثمار الرّوح القدس أعني المحبّة، الفرح، السلام، اللّطف والوداعة.. ويضيف الرّسول: "ضدّ أمثال هذه
ليس ناموس" (غلاطية 5: 23)، أي ليس من قانون أو نظام بشريّ يقف ضدّها.
هذه هي العبادة الإلهيّة المستقيمة، هي الحياة الحقيقيّة. لا ترتبط العبادة بشخص، لا بزعيم ولا بمال أو بمصلحة بشريّة. العبادة الحقيقيّة لا ترتبط بمكان أو زمان. ترتبط بروح الله وبيسوع الإله الإنسان.
يقول يسوع للسامريّة: "يا امرأة صدّقيني... الساجدون الحقيقيّون يسجدون للآب بالرّوح والحقّ" (يوحنّا 4: 23).
الإمرأة السامريّة تعلّمنا أن نتخطّى حدود بشريّتنا الضعيفة، أن نحرّر عقلنا وقلبنا من مفاهيم سياسيّة آنيّة ومكانيّة.
القضيّة هنا مسألة استنارة إلهيّة مَن عرفها قفز إلى عالم سماويّ، أصبح إنساناً مستنيراً ومنيراً للآخرين، لا يطلب ما لنفسه، لا يعود يعيش إلّا لربّه وللآخر. يرى الله في وجه كلّ إنسان مهما كان جنسه، دينه ومذهبه.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الرّابع
إنّ تلميذاتِ الربّ تعلّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.
طروباريَّة نصف الخمسين باللَّحن الثّامن
في انتصاف العيد اِسْقِ نفسي العَطْشَى من مياهِ العبادَةِ الحسنةِ أيّها المُخَلِّص. لأنّك هتفت نحو الكلّ قائلاً: من كان عطشانَ فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا يَنبُوعَ الحياة، أيُّها المسيحُ إلهُنا المجد لك.
قنداق الفصح باللَّحن الثامن
ولَئِن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قلتَ افرحنَ، ولِرسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.
الرِّسالَة
أع 11: 19-30
ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربّ، كلَّها بحكمةٍ صَنعتَ.
باركي يا نفسي الربَّ
في تلكَ الأيّام، لمَّا تبدَّدَ الرُّسُلُ من أجلِ الضيقِ الذي حصَلَ بسببِ استِفَانُسَ، اجتازُوا إلى فِينيقِيةَ وقُبُرسَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلِّمونَ أحداً بالكلمِةِ إلاَّ اليهودَ فقط. ولكنَّ قوماً منهم كانوا قُبرُسِيِّين وقِيرِينيِّين. فهؤلاءِ، لمَّا دخَلُوا أنطاكيَةَ، أخذوا يُكلِّمونَ اليونانيّينَ مُبشِّرينَ بالربِّ يسوع، وكانت يدُ الربِّ مَعَهم، فآمنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعوا إلى الربّ. فبلغ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ التي بأُورَشليمَ، فأرسَلُوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية. فلمَّا أقبَلَ ورأى نعمَةَ الله فَرِحَ ووعَظَهم كُلَّهم بأنْ يثبُتُوا في الربِّ بعزيمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلاً صالحاً ممتَلِئاً مِنَ الروحِ القدُسِ والإيمان. وانضَمَّ إلى الربِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَّ خرَجَ بَرنابا إلى طَرسُوسَ في طلبِ شاوُل. ولمَّا وجَدَهُ أتى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدا معًا سنةً كامِلةً في هذهِ الكنيسةِ وعلَّما جَمعًا كثيراً. ودُعِيَ التلاميذُ مَسيحيّين في أنطاكِيةَ أوّلاً. وفي تلكَ الأيّامِ انحدرَ من أورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحدٌ منهم اسمُهُ أغابُوسُ فأنبأ بالروحِ أن ستكونُ مَجاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيّامِ كلوديُوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التلاميذُ، بحسَبِ ما يتَيسَّرُ لكلِّ واحدٍ منهم، أن يُرسِلوا خِدمةً إلى الإخوةِ الساكنِينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبعثوا إلى الشُيوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ.
الإنجيل
يو 4: 5-42
في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ابنِهِ. وكانَت هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوُ الساعةِ السادسة. فجاءتِ امرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقيَ ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعاماً- فقالت لهُ المرأةُ السامريّة: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنِّي وأنتَ يهوديٌّ وأنا امرأةٌ سامريَّةٌ، واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرَفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيّاً. قالت له المرأةُ: يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ؟! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضاً، وأمَّا مَن يشربُ من الماءِ الذي أنا أُعطيهِ لهُ فلن يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبُعُ إلى حياةٍ أبديّة. فقالتْ لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أَعطِني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: إذهبي وادْعِي رجُلَكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكِ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ؛ هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌّ.
آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورَشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود.
ولكن، تأتي ساعة -وهيَ الآنَ حاضِرَة- إذِ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ، لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيح، يأتي. فمَتى جاءَ ذلك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمَ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ امرأةٍ، ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ؟ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها؟ فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: أُنظروا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعلتُ. ألعلَّ هذا هُوَ المسيحُ؟! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعاماً لآكُلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحداً جاءَهُ بما يَأكُل؟! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتَمِّمَ عملَهُ.
ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعةُ أشهرٍ ثمَّ يأتي الحَصاد؟ وها أنا أقولُ لكم إرفعُوا عيونَكم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أُجرةً ويجمَعُ ثمراً لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا.
ففي هذا يَصْدُقُ القولُ: إنَّ واحداً يزرَعُ وآخرَ يحصُد. إني أرسلتُكُم لتحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخَرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريِّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلْت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدّاً من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآنَ، لأنَّا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقَةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.
في الإنجيل
التقت السامريّة بالرّبّ عند البئر فغيّر مفهومها للماء الحيّ. لم يعد الماء مادّة تُعبّأ بدلو وجرّة.
صار عندها الماء الحيّ للنفوس. بدأ الحديث بـ "نحن" و"أنتم" وانتهى به هو الألف والياء. أمران ينبغي التوقّف عندهما في إنجيل المرأة السامريّة الذي نقرؤه كلّ سنة. الأمر الأوّل هو أنّها، بطلبها التعرّف على المسيح، تعرّفت على نفسها.
ومن معرفتها لذاتها صارت تعرف المسيح. هذا ينطبق على كلّ منّا.
عندما يمسّ المسيح قلبنا وحياتنا يصير لا نبيّنا وحسب بل إلهنا. أمّا إذا أبقينا المسيح محصوراً بأحاديثنا ومناقشاتنا فلا ننتفع منه بشيء.
بمعرفتنا لأنفسنا بنور المسيح نعرف أنّ الدين ليس حرفاً ولا انتماءً مناطقياً ولا وراثة عائليّة بل هو روح محيٍ وماء حيّ نشربه فيتدفّق منّا. ولبلوغ هذه المعرفة علينا الخروج من مادّيّاتنا وتخطّي حاجتنا إليها. عندما نظرت السامريّة إلى يسوع عبر حاجتها المادّيّة رأته رجلاً يهوديًّا ولمّا انتقلت إلى معرفة الذات رأته نبيًّا أعظم من يعقوب، وصارت رسولة له "تعالَوا انظروا".
كان المسيح خصمها في المادّيّات وصار إلهها في الرّوحيّات. هذه قيامة المسيح فاعلة في البشر، تحوّلهم من مجبولين بالحاجة وبالمادّة إلى رسل منيرين "فوتيني" ناقلين للنّور وحاملين للحياة.
الأمر الثاني الذي ينبغي التوقّف عنده في إنجيل أحد السامريّة هو شكل العبادة. فعبادة الإنسان تحدّد علاقته بالله. الرّبّ يكلّمنا بالإنجيل ونحن نكلّمه بالصلاة، كما يقول آباؤنا. من هنا ضرورة أن ينتبه الإنسان إلى نقاوة صلاته.
الرّياء يحوّل الصلاة طقوسًا فارغة وحسابات مع الله. الشكليّات قد تأكل صلاتنا، بالحرف والناموس والشرائع والقوانين. كلّ هذه تحوّل الصلاة إلى مظاهر لا تنعكس بالضرورة في التقوى المباركة والأعمال الحسنة. لقد كان صعباً على السامريّة أن تقبل تحديد مكان الصلاة في هذا الجبل أو ذلك الهيكل، أمّا يسوع فأفهمها أنّ الصلاة هي بالحقّ والرّوح ولا يحدّدها المكان. هذا لأنّ للرّبّ الأرض وكلّ ما فيها ولأنّ يسوع هو الباب الذي ندخل منه إلى الهيكل الحقيقيّ الذي هو يسوع نفسه. أن تكون العبادة بالرّوح والحقّ يعني أن تكون من الرّوح القدس وتتمحور حول الحقّ الذي هو المسيح.
هنا الفرق بين العبادة الحقيقيّة والعبادة الظاهريّة. في العبادة الظاهريّة نحكي عن الحقّ ونصفه بينما في العبادة الحقيقيّة نمارسه ونعيشه وننقله إلى الآخرين.
العبادة الحقيقيّة لا يمكن أن تنحصر بالعادة بينما العبادة الظاهريّة لا تتخطّى إكرام الله بالشفاه فيما القلوب بعيدة عنه.
العبادة الظاهريّة تنحصر بتأدية الواجبات والطقوس، أي بالشكل الخارجيّ، ولا تدخل إلى الجوهر بالضرورة، كالذي يصوم عن الأكل ولا يشارك في صلوات الصّوم. قد تتحوّل العبادة الظاهريّة إلى روتين بينما العبادة الحقيقيّة مغامرة وجهاد مع الذّات في كلّ مرّة يقف فيها الإنسان للصلاة أو لتقديم مساعدة إلى محتاج أو للرّدّ على فكر مضادّ للإيمان. العبادة الحقيقيّة تزكّي الإنسان أمام الله فيصير السجود في كلّ الأمكنة ممكناً ويصير الإنسان معادلاً للرّسل منيراً كمثل فوتيني السامريّة.
إلى أين
وقال لنا الرّبّ: "إذهبوا عنّي يا ملاعين إلى النّار الأبديّة... لأَنّي جعتُ فلم تُطعموني... عَطِشْتُ فلم تسقوني... كنت غريبًا فلم تُؤوُوني... عُريانًا فلم تكسوني..."
أَين، أَين يا ربّ؟!... لأَنّكم لم تفعلوا هذا بأحد إخوتي هؤلاء الصّغار فبي لم تفعلوه"... (متّى 25: 45).
ونَزَلَ السّيفُ على الكون بكلماتِ سيّده، مقطِّعًا إربًا إربًا كلّ أَحلام البرارة الّتي ينسبها كلّ إنسان لنفسه... بأَنّه يعرف الحقَّ وأَنّه هو مالكه ولذلك يفرضه على جميع المحيطين به...
بهذا الحقِّ البشريّ الّذي يملكه الإنسان على حسب قوله وابتداعه مصداقيّة كاذبة لنفسه، ما زالت البشريّة تحيا منذ السّقوط وحتّى يومنا هذا... فينا وفي كنائسنا...
والمشكلة المأساة أَنّنا كلّنا، أَفرادًا مسؤولين عن الإيمان الحقّ وتربية الأَجيال لمسيح الرّبّ، نستخدم "أَنانا المتكبّر"، لإسقاط شهواتنا ونوايانا على الّذين حولنا والعاملين معنا...
إذًا أَين المصداقيّة؟!... أَين الحقّ؟!. أَين روح الرّبّ القدّوس، الكاتب بروحه كلمات العهد الجديد وأَفعاله وأَمثاله وتعاليمه، هذا العهد الّذي لم يقطع الوصال مع ماضي الحياة الإلهيّة في البشريّة، بل دفنها بكبرياء في ذاته هو فردًا وجماعات!!.
أَين المعلِّم؟!. أَين مباحث هذا الدّهر؟!... ويحي... ويلي... مَن يخلِّصني من جسد الموت هذا؟!...
النّاس!!. النّاس!!. كلّهم يحيون بدون ضياء النّور الإلهيّ، ليموتوا ويُميتوا حولهم مَن لا حولَ لهم ولا قوّةَ تعظُّم، إلّا بمراكزهم وسلطة أَموالهم وليِّ كلمة حقّ الإنجيل كما هو يرتؤون مع الّذين يصبّون في مصبِّهم...
والحقيقة يا ربّي؟!. وحقُّ الإنجيل يا إلهنا؟!.
سَئِمَتْ نفوسنا وأَجسادنا ودواخل ارتجاجات أَحشائنا البحثَ عنك تأتينا... تمسح دموعنا عن عيوننا وقلوبنا لنفرح بكَ...
غيَّبوك، سيّدي، على طاولات مآدبهم الفاخرة، مُعْرِضين عن رَمْيِ الفتات النّازل من موائدهم للفقراء الّذين حولهم... أَطمعوا أَخصّاءهم... ذنّبوهم وتركوهم بدون المعرفة الحقّ، أَنّ الحياة موات وموت وعفونة نوايا وهرب... هرب من وجه المسيح المعلَّق على صليب هديّته لبشريّته، حتّى يخلصوا، بافتدائه إيّاهم وقيامته بعد الضّرب واللّطم والبصاق عليه، إلى إلهه وأَبيه، على صليب مجده وقيامته... وقيامتنا معه وله...
وبعدُ، يا خلاصنا من مواتيَّتنا... ماذا بعد؟!... إلى أَين؟!... إلى خمرِ العِنَبِ المتدفّق من جنبكَ المطعون بحربة الهزء والكره ليميتوكَ، وأَنتَ الحيّ إلى الأَبد!!.
إلى التّوبة... إلى الانكسار... إلى الرّجعة إليكَ... إلى الشّهادة: أَنّنا إن حَيِينا فللرّبّ نحيا وإن متنا فللرّبّ نموت... فإن حَيِينا إذاً أو متنا فنحن للرّبّ... آمين.