الأحد 21 أيّار 2017
21 أيار 2017
الأحد 21 أيّار 2017
العدد 21
أحد الأعمى
اللَّحن الخامس الإيوثينا الثامنة
* 21: أحد الأعمى، قسطنطين وهيلانة المعادلان الرُسل، * 22: الشّهيد باسيليوس، * 23: ميخائيل المعترف، مريم التي لكلاوبا حاملة الطّيب، سوسنَّا، الشّهيدة ماركياني، 24: وداع الفصح، البارّ سمعان الذي في الجبل العجيب، * 25: خميس الصّعود المقدّس، العثور على هامة السابق ثالثاً، * 26: الرّسول كربُس أحد السّبعين، يعقوب بن حلفى، * 27: الشّهيد في الكهنة ألاذيوس، يوحنّا الروسيّ.
تأمّلات قياميّة
يقول القدّيس سمعان اللاهوتيّ الحديث، في مقالته الشهيرة عن القيامة(1)، إنّ قيامة المسيح هي قيامتنا نحن من قبر الخطيئة بالتوبة والتواضع. إنّ المسيح يُنهضنا من جحيم نفسنا لكي نرى مجد سرّ قيامته. هذا يعني أنّنا، في كلّ وقت نغلب فيه الخطيئة، نعبر من الموت إلى الحياة. الخطيئة هي الموت الروحيّ. نحن لا نقول: إذ قد آمنّا بقيامة المسيح بل نقول "إذ قد رأينا قيامة المسيح"، نراها بعين قلبنا بنعمة الروح القدس وقوّته.
يقول الربّ يسوع في الإنجيل: "ملكوت السماوات في داخلكم" (لوقا 17: 21)، أي أن كلّ إنسان مسيحيّ معمّد باسم الآب والابن والروح القدس يتمتّع في داخله بقوّة إلهيّة ما هي إلاّ نعمة الروح القدس التي هي أيضًا، بحسب تعبير الآباء، "قوّة إلهيّة غير مخلوقة". (énergie divine non créée). هذه الطاقة تأتينا بفضل قيامة المسيح وغلبته على الخطيئة والشرّ والموت، وبفضل إرساله نعمة الروح القدس في يوم العنصرة، هذه النعمة ذاتها التي انسكبت على التلاميذ والتي نأخذها في أوان المعموديّة كما يقول القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم.
حياة جديدة في المسيح القائم، إن شئنا بملء حرّيّتنا، نحياها في الأسرار الإلهيّة، وبخاصّة في سرّ الأفخارستيّا، إذ نتناول جسدَ المسيح القائم من بين الأموات
والغالب الموت. نذكّر، هنا، بأنّ الكاهن، عند مناولته الأسرار، يقول: "يناول فلان جسد الربّ يسوع ودمه لمغفرة خطاياه وحياة أبديّة". هكذا نتذوّق مسبقاً فرح ملكوت السموات ونحن نرتّل "ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ". هذه هي حياة المسيحيّين الأرثوذكسيّين، نرتضيها بملء حرّيّتنا باشتراكنا في الذبيحة الإلهيّة، ونعيشها ونمارسها أيضًا في حياتنا اليوميّة بفرح، بصبر، بتواضع ومحبّة شهادة للمسيح القائم في عائلتنا، في المهنة وحتّى في السياسة، وفي علاقتنا مع الآخر مهما كانت ديانته وجنسه وطائفته، بخاصّة إذا كان إنساناً محتاجاً إلينا.
يقول الرسول بولس: "ليس ملكوت السموات أكلاً وشراباً بل هو برّ وسلامٌ وفرح في الروح القدس" (رومية 14: 17).
علينا، إذاً، أن ننبذ في حياتنا اليومية محبّة اللذّة الشهوانيّة Phililidonie وكذلك أنانيّتنا égo؛ عندها تفعل فينا نعمة الروح القدس، نتحمّل بعضنا بعضًا ونحيا هذه الحياة الجديدة بفرح ومحبّة وسلام (2).
(1) راجع هذه المقالة في كتاب أناجيل الآحاد دير مار مخايل نهر بسكنتا.
(2) راجع أيضًا كتاب مقالات في المعرفة للقدّيس ذياذوخس فوتيكيس إصدار دير الحرف.
+أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجدْ للكلمة المساوي للآبِ والرّوح في الأزليّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراءِ لخلاصِنا؛ لأنّه سُرَّ بالجسدِ أن يعلوَ على الصليبِ ويحتملَ الموت، ويُنهضَ الموتى بقيامتِه المجيدة.
طروباريَّة القدّيسين قسطنطين وهيلانة باللَّحن الثامن
يا ربّ، إنّ قسطنطين الذي هو رسولك في الملوك، لمّا شاهد رسم صليبك في السماءِ عياناً، وبمثابة بولس، قَبِلَ الدعوة ليس من البشر، وأودع بيدك المدينة المتملّكَة، فأنقذها بالسلامة كلَّ حين، بشفاعات والدة الإله يا محبّ البشر وحدك.
قنداق الفصح باللَّحن الثّامن
ولَئِن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله. وللنسوةِ حاملاتِ الطيبِ قلتَ افرحنَ، ولِرسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.
الرِّسالَة
أع 26: 1، 12-20
إلى كلّ الأرض خرج صوتهُ، السماوات تذيع مجد الله
في تلك الأيَّام قال الملكُ أَغريبّا لبولسَ: "مأذونٌ لكَ أن تتكلم عن نفسِك". فحينئذٍ بسط بولسُ يدَهُ وطفق يحتجُّ: لمَّا انطلقتُ، وأنا على ذلك، إلى دِمشقَ بِسُلطانٍ وتوكيل من رؤساء الكهنة، رأيتُ في نصفِ النهار على الطريق أيُّها الملكُ نوراً من السماءِ يفوقُ الشمس لمعانًا قد أبرق حولي وحولَ السائرين معي، فسقَطنا جميعُنا على الأرض. وسمعِتُ صوتاً يكلّمُني ويقولُ باللغة العبرانيّةِ شاولُ شاول لِمَ تضطهدُني؟ إنّه لَصعبٌ عليك ان ترفِسَ مَناخِس. فقلتُ: مَن أنت يا ربُّ. فقال الربُّ: أنا يسوع الذي أنتَ تضطهدهُ. ولكن قُم وقِف على قدميك، فإنّي لهذا تراءيتُ لكَ لأنتخبَك خادماً وشاهداً بما رأيتَ وبما سأتراءى لكَ فيه. وأنا أنجّيك من الشعب ومن الأممِ الذين أنا مُرسِلُك الآن إليهم، لتفتحَ عيونَهم فيرجعوا من الظلمةِ إلى النور ومن سُلطان الشيطان إلى الله حتّى ينالوا مغفرة الخطايا وحظًّا بين المقدَّسين بالإيمان الذي بي. فمن ثمّ أيّها الملكُ أَغريبّا لم أكن مُعاصياً للرؤيا السماويّة بل بشَّرتُ أوّلاً الذين في دمشق وأورشليم وأرضِ اليهوديّة كُلّها، ثمَّ الأممَ أيضًا، بأن يتوبوا ويرجعوا إلى الله عاملين أعمالاً تليق بالتوبة.
الإنجيل
يو 9: 1-38
في ذلك الزمان، فيما يسوعُ مجتازٌ رأى إنساناً أعمى منذ مولده، فسأله تلاميذه قائلين: يا ربّ، مَن أخطأ أهذا أم أبواه حتى وُلد أعمى؟ أجاب يسوع: لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمالُ اللهِ فيه. ينبغي لي أن أعمل أعمالَ الذي أرسلني ما دام نهار؛ يأتي ليلٌ حين لا يستطيع أحدٌ أن يعمل. ما دمتُ في العالمِ فأنا نورُ العالم. قال هذا وتفل على الأرض وصنع من تفلته طيناً وطلى بالطين عينَي الأعمى وقال له: إذهب واغتسل في بركة سِلوام(الذي تفسيرهُ المرسَل)، فمضى واغتسل وعَاد بصيراً. فالجيرانُ والذين كانوا يرَونه من قبلُ أنّه أعمى قالوا: أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي؟ فقال بعضُهم: هذا هو، وآخَرون قالوا: إنّه يشبهه. وأمّا هو فكان يقول: إنّي أنا هو. فقالوا له: كيف انفتحت عيناك؟ أجاب ذلك وقال: إنسانٌ يُقال له يسوع صنع طيناً وطلى عينيّ وقال ليَ اذهب إلى بركة سِلوامَ واغتسل، فمضيت واغتسلت فأبصرت. فقالوا له: أين ذاك؟ فقال لهم: لا أعلم. فأتَوا به، أي بالذي كان قبلاً أعمى، إلى الفرّيسيّين. وكان حين صنع يسوعُ الطينَ وفتح عينيه يومُ سبت. فسأله الفرّيسيّون أيضاً كيف أبصر، فقال لهم: جعل على عينيَّ طيناً ثمّ اغتسلتُ فأنا الآن أُبصر. فقال قومٌ من الفرّيسيّين: هذا الإنسانُ ليس من الله لأنّه لا يحفظ السبت. آخَرون قالوا: كيف يقدر إنسانٌ خاطىءٌ أن يعمل مثل هذه الآيات؟ فوقع بينهم شِقاقٌ. فقالوا أيضاً للأعمى: ماذا تقول أنتَ عنه من حيث إنّه فتح عينَيك؟ فقال: إنّه نبيّ. ولم يصدّقِ اليهودُ عنه أنّه كان أعمى فأبصر حتّى دعَوا أبوي الذي أبصر وسألوهما قائلين: أهذا هو ابنُكُما الذي تقولان إنّه وُلد أعمى، فكيف أبصر الآن؟ أجابهم أبواه وقالا: نحن نعلم أنّ هذا وَلَدُنا وأنّه وُلد أعمى، وأمّا كيف أبصر الآن فلا نعلم، أو مَن فتح عينيه فنحن لا نعلم، هو كامل السنّ فاسألوه فهو يتكلّم عن نفسه. قال أبواه هذا لأنّهما كانا يخافان من اليهود لأنّ اليهود كانوا قد تعاهدوا أنّه، إنِ اعترف أحدٌ بأنّه المسيحُّ، يُخرَجُ من المجمع. فلذلك قال أبواه هو كامل السنّ فاسألوه. فدعَوا ثانية الاِنسانَ الذي كان أعمى وقالوا له: أَعطِ مجداً لله فإنّا نعلمُ أنّ هذا الانسانَ خاطئ. فأجاب ذلك وقال: أخاطئٌ هو لا أعلم، إنّما أعلم شيئاً واحداً، أنّي كنتُ أعمى والآن أنا أُبصر. فقالوا له أيضاً: ماذا صنع بك؟ كيف فتح عينَيك؟ أجابهم: قد أخبرتُكم فلم تسمعوا، فماذا تريدون أن تسمعوا أيضاً؟ ألعلّكم أنتم أيضاً تريدون أن تصيروا له تلاميذ؟ فشتموه وقالوا له: أنتَ تلميذُ ذاك، وأمّا نحن فإنّا تلاميذُ موسى، ونحن نعلم أنّ الله قد كلّم موسى. فأمّا هذا فلا نعلم مِن أين هو. أجاب الرجلُ وقال لهم: إنّ في هذا عَجبًا أنّكم ما تعلمون من أين هو وقد فتح عينَيّ، ونحن نعلم أنّ الله لا يسمعُ للخطأة، ولكنْ، إذا أحدٌ اتّقى الله وعمل مشيئته، فله يستجيب. منذ الدهر لم يُسمَع أنّ أحدًا فتح عينَي مولودٍ أعمى. فلو لم يكن هذا من الله لم يقدرْ أن يفعلَ شيئاً. أجابوه وقالوا له: إنّكَ في الخطايا قد وُلدتَ بجُملتك، أفأنتَ تعلِّمُنا؟ فأخرَجوه خارجاً. وسمعَ يسوعُ أنّهم أخرجوه خارجاً، فوجده وقال: أتؤمن أنتَ بابن الله؟ فأجاب ذاك وقال: فمَن هو يا سيّدُ لأؤمنَ به؟ فقال له يسوع: قد رأيتَه، والذي يتكلّم معكَ هوَ هو. فقال: قد آمنتُ يا ربُّ وسجد له.
في الإنجيل
لقد خلق الله الإنسان على صورته ومثاله. ولمّا انتهى من تكوين العالم وأعطاه ملء وجوده بأن يكون الإنسان ملكاً عليه وسيّداً (على الكون)، استراح في اليوم السابع من كلّ أعماله إذ أخذت الخليقة كمالها في اليوم السادس. ولكنّ عناية الله بالكون لم تتوقّف في يوم أو ساعة أو في وقت ما. وها هو اليوم، أي الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس (الإبن)، وقد اتّخذ جسداً، ما زال يعتني بالكون ويتمّم عمل أبيه وهو خلاص الإنسان حتّى يصل إلى الكمال بالله ويحقّق فيه صورته التّي خلقه عليها.
وكيف له، إذا ما رأى الإنسان غارقاً في الأفكار الباطلة، أن يسرع لينتشله منها؟! لم يكن الأعمى من وقع في الأفكار الخاطئة إنّما اليهود المخالفون الشريعة. كيف للإنسان المخلوق على صورة الراعي الصالح، بدل أن يسعى لمداواة وإبراء الخليقة المريضة من جراء الخطيئة، أن يجهد لكي يزيد على مآسيها سوءاً متذرّعاً بأنّه يعرف الله وهو بعيد كلّ البعد عن معرفته؟
نقول إنّنا نحن أولاد الله وبأفعالنا نظهر أنّنا لسنا كذلك. إذا رأينا أخانا واقعاً، بدل أن ننتشله من السقطة نزيد عليه الأضعاف، وهكذا نكون من حزب اليهود جاحدي الإنسان الذين يتصرّفون عكس ما يقولون. يزعمون أنّهم تلاميذ موسى ولكنّهم يتصرّفون عكس ما فعل موسى الذي سعى لخلاص شعب الله من عبوديّة فرعون. وما أدراهم؟ فرُبّما كان خلاص الشعب يوم السبت.
لننتبه يا إخوة من مخاطر الأفكار المتعالية والبعيدة عن فكر الله لئلّا نصير فريسة لها، فنغدو على خلاف مثال الرّاعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف المريضة. وكثيرون من البشر، في أيّامنا، يشوّهون صورته الملكيّة فيحوّلونه من مخلّص للإنسانيّة إلى مُهلِك لها سواء كان من منظّمات أو حركات أو أيّ شيء آخر، حتى لو من الكنيسة نفسها. فلا يليق بنا إلّا أن نتمثّل براعينا الوحيد ومخلّصنا يسوع المسيح له المجد إلى أبد الدّهور آمين.
القيامة وملكوت الله
منذ يوم الفصح وحتّى وداعه عشيّة ذكرى الصعود الإلهيّ، تذخر طقوسنا بتعابير تعبّر عن الجِدّة التي أتى بها هذا الحدث العظيم، ليس فقط لنا نحن المؤمنين بل للعالم أجمع. يمكن اختصار هذا التعليم الذي أورثتنا إيّاه الطقوس بأنّنا دخلنا بعد القيامة زمنًا جديدًا هو زمن المصالحة، زمن الأبناء والخروج من العبوديّة كما جاء عند بولس الرسول، عهد الروح عوضًا عن عهد الناموس كما جاء عند يوحنّا الإنجيليّ. وما الكنيسة، في منظومة الجِدّة هذه، إلا الفسحة المعطاة للمؤمنين لتذوّق مفاعيل هذه الجدّة كأبناءٍ للملكوت.
يقول الربّ: "ملكوت الله في قلوبكم"! وهذه دعوة لنا لنصبح قياميّين بالفعل كجماعة وكأفراد، فتلتمع الجِدّة التي ننشدها في القيامة في أفعالنا، وفي فكرنا، وفي علاقاتنا مع الآخرين. فلا يمكن أن يحصل التناقض بين ملكوت يسكن قلوبنا وملكوت تكون الكنيسة هي سياقه. كلّ تناقض، على الصعيد الشخصيّ أو الصعيد الجماعيّ، مع هذه الجِدّة هو إنكار فعليّ للقيامة وهو حاجز فعليّ نقيمه نحن بأيدينا دون إيصال البشارة إلى العالم. والسؤال الذي لا بدّ من أن يتحدّانا: من نحن إن لم نكن شهودًا للقيامة؟ وبالتالي ما الذي يعوق هذه الشهادة؟
يمكن أن نجيب عن هذا السؤال بشكل نظريّ ونبقى في العموميّات. في هذا المجال، لا بدّ من أن نلفت إلى أمر حضاريّ هامّ: لقد ورث عالم اليوم مقولات من الحضور المسيحيّ لقرون؛ هذا الحضور الذي أدّى دورًا هامًّا في تطوير ثقافات محلّيّة وما لبث أن أثّر في جعل مجموعة من الأخلاقيّات التي نادت بها المسيحيّة ثابتًا حضاريًّا يرعى الشأن المجتمعيّ إلى حدّ كبير كناموس عصريّ. لذلك فالسؤال أعلاه يتحدّانا بشكل آخر: بماذا نختلف نحن عن غيرنا ممّن لهم "أخلاقٌ حميدة"؟ سأتوقّف عند أمور ثلاثة وكلّها نتاج المحبّة التي تجاوزت الناموس: الشجاعة، والمحاسبة، والرحمة.
الشجاعة، وهي الشجاعة في المصارحة التي يتمتّع بها المؤمن في ثلاثة اتّجاهات. الشجاعة كي ينظر إلى نفسه بواقعيّة وتواضع، فيفحص أفعاله وأفكاره على ضوء الإنجيل وليس على ضوء الأخلاق فقط، لتكون المحبّة مرجعه فلا يقع في تجربة الاكتفاء "بحفظ الوصايا" لأنّ القيامة ألغت هذه وحافظت على تلك. والشجاعة في أن نقبل بأن يصارحنا الغير في ما يراه عندنا من خطأ يجرح جسد المسيح ويتنافى مع حضور الملكوت في قلوبنا. ليست هذه الشجاعة تدريبًا على التواضع فقط (وهو أوّل الفضائل بالنسبة ليوحنّا السلّميّ)، بل أيضًا في استعدادنا لكي نقبل فكر غيرنا وملاحظاته لأنّه لا أحد منّا يحتكر "فكر المسيح". وأخيرًا هناك الشجاعة في أن نصارح الغير بما نعتقده خطأً عنده. تقضي المحبّة بأن لا نحجم عن ذلك باسم الحياء أو الخفر أو حتّى المحبة. فالفكر القياميّ يقضي بأن لا يعلو شيء على أمانتنا للمسيح وإلّا نكون قد أعدنا أنفسنا إلى عهد اللحميّة التي تحرّرنا منها بموت المسيح من أجل خطايانا.
لقد أعطانا الربّ يسوع مثالاً هامًّا عن المحاسبة في مثل الوزنات. فالمحاسبة عمل محبّة أساسًا لأنّها تأتي نتيجة ثقة أعطاها ربّ العمل لأُجرائه. وتجدر الإشارة إلى أمرين: بعكس أهل هذا الدهر، لا تقوم المحاسبة على الكمّ بل على الفكر النوعيّ الذي يرافق العمل. مشكلة من لم ينتج هي في فكره وليس في إنتاجه. والأمر الثاني هو في حتميّة المحاسبة لأنها أمر طبيعيّ في عيش الملكوت في داخلنا. المحاسبة وحدها تسمح لنا بأن نربّي أنفسنا على تسليط الأضواء على ما يشدّنا إلى منطق هذا الدهر، فتساعدنا الجماعة والإخوة، في محاسبتهم لنا، بالمضي قدمًا في نموّنا في المسيح. ما لم نقبل بالخضوع للمحاسبة، مهما كان موقعنا الكنسيّ، نكون قد رفضنا النعمة المعطاة لنا والتي تظهر بعمل الروح القدس فينا جميعًا.
رفض المحاسبة هو رفض لفاعليّة الروح لأنّ المحاسبة في الجماعة ليست محاسبة وضعيّة، كما عند أهل هذا الدهر، بل هي محاسبة بروح المحبّة لروح الخدمة.
أمّا المسامحة فهي التعبير الأقصى عن مفاعيل المحبّة المكمّلة لمفاعيل الشجاعة والمحاسبة. العهد الجديد مليء بأمثلة تظهر فيها مسامحة السيّد للأشخاص كنتيجة طبيعيّة لرحمته التي تأتي بعد الاعتراف بالخطأ أو بالتقصير. أمّا نشيد المحبّة الذي جاء على لسان بولس الرسول، فهو ليس إلّا تعبيرًا عن هذا التماسك بين هذه المستويات الثلاثة. فالمسامحة تساهل وتراجع عن المحبّة إن لم تستند إلى الشجاعة والمحاسبة، وتصبح المسامحة ضعفًا وارتهانًا للّحميّة إذا لم تكن شجاعة وتضع إصبعها على الجرح. أمّا إذا استغنينا عن المسامحة فستتحكّم لحميّتنا بقراراتنا، ونصبح كأهل هذا الدهر، وهو أمر لا يتماشى والفكر القياميّ. لذلك، بالمحبّة فقط نتجنّب خطر هذين الوجهين للعملة الواحدة.
المسيح قام!
أخبــارنــا
محاضرة بعنوان "المثليّة الجنسيّة: مرضًا وعلاجًا".
ببركة سيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) وحضوره يدعوكم المركز الرّعائيّ للتراث الآبائيّ الأرثوذكسيّ إلى سماع محاضرة بعنوان "المثليّة الجنسيّة، مرضًا وعلاجًا، من الناحيتين الطبّيّة والروحيّة"، يلقيها الدكتور الطبيب واللاهوتيّ عدنان طرابلسي، وذلك يوم السبت في 27 أيّار 2017 في المبنى الملاصق للمطرانيّة، الساعة 6.00 مساءً. يسبق اللّقاء صلاة الغروب في كنيسة ميلاد السيّدة في المطرانيّة الساعة 5.00 مساءً.
إنّ المثليّة الجنسيّة أصبحت معترفًا بها في معظم دول الغرب، وقد بدأ التداول بتشريعها في لبنان. ماذا يخبرنا الدكتور عدنان عن هذه الظاهرة من الناحية الطبّيّة؟ وما هو رأي الكنيسة بها؟
الدعوة عامّة
غداء خيريّ لبناء مقرّ للمطرانيّة
يتشرّف صاحب السيادة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) مطران طرابلس والكورة وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس، وبالتعاون مع لجنة دير مار متر- كوسبا، بدعوتكم لمشاركته الغذاء الخيريّ الأوّل والذي يعود ريعه لبناء مقرّ للمطرانيّة في الكورة .
الزمان: الأحد الواقع فيه 4 حزيران 2017 الساعة الواحدة بعد الظهر .
المكان: مطعم الشاطر حسن- راسمسقا- الكورة.
حضوركم يشرّفنا