الأحد 26 آذار 2017
26 آذار 2017
الأحد 26 آذار 2017
العدد 13
الأحد الرابع من الصوم
اللّحن السابع الإيوثينا السابعة
* 26: أَحد يوحنا السُّلَّميّ، عيد جامع لرئيس الملائكة جبرائيل، استفانوس المعترف، * 27: الشهيدة مطلاونة التَّسالونيكيّة، النبيّ حنانيا، * 28: البارّ إيلاريون الجديد، * 29: مرقس أسقف أريثوسيون، كيرلّلس الشمّاس والَّذين معه، * 30: البارّ يوحنّا السُّلَّميّ، النبيّ يوئيل، آففولي والدة القدّيس بندلايمون، خميس القانون الكبير. * 31: الشهيد إيباتيوس أسقف غنغرة، المديح الكبير، * 1: البارَّة مريم المصريّة، الشّهيدان بارونديوس وباسيليوس. *
الروحانيّة الأرثوذكسيّة
المسيحيّة الأرثوذكسيّة تعبّر عن العقيدة الصحيحة، عن الرأي القويم، لا بل عن الحياة المسيحيّة؛ هذا كلّه يستند إلى ألوهيّة المسيح. الربّ يسوع المسيح هو أحد أقانيم الثالوث، وهو في علاقة حبّ لا متناهٍ مع الأقنومَين الآخَرَين. هذا هو المثال الإلهيّ للمحبّة في الوحدة والوحدة في المحبّة. الإنسان مخلوق على صورة الله الثالوثيّ، والله صار جسداً وحلّ بيننا فأصبح الإنسان على صورة المسيح الإله والإنسان معًا. عليه إذاً أن يتعلّم كيف يحبّ ذلك في كلّ جوانب حياته: في مهنته، في زواجه وعائلته، في علاقته مع الآخرين. الإنسان، منذ معموديّته، منذور لنكران الذات من أجل محبّة الله والآخرين. التوبة عنده هي التحوّل الدائم إلى محبّة الله والآخرين. الآخر الذي أُحبّ هو أخي أختي وليس الأنا "أناي". يجب أن نتعلّم أن ننسى ذواتنا. لهذا فالمحبّة تفترض دائماً التضحية. كلّما كانت التضحية كبيرة كانت المحبّة قويّة. أتعلّم هكذا أن أصبح قريباً لكلّ الناس، وعلى الأخصّ لكلّ آخَر محتاج. أتمثّل بالربّ يسوع الذي هو القريب الحقيقيّ لأنّه هو الذي عمل مع الكلّ الرحمة العظمى، أعني الخلاص، بآلامه بموته وقيامته. يقول الرسول بولس "الربّ قريب" ويضيف "افرحوا في الربّ كلّ حين وأقول أيضًا افرحوا" (فيلبّي 4: 4-5).
أعود وأقول إنّ الحياة الحقيقيّة لله هي العلاقة الثالوثيّة التي هي علاقة محبّة. نحن لسنا ديانة توحيديّة، نحن نعبد الإله الواحد في ثلاثة أقانيم. إلهنا
هو الثالوث، ومع كونه واحداً فهو كائن يتواصل مع الكلّ être de relation. هذه العلاقة هي أساس الحياة بالنسبة إلينا نحن المسيحيّين. هكذا تصبح "العلاقة" حجر زاوية لروحانيّتنا.
يعبّر القدّيس مكسيموس المعترف عن هذه العلاقة في الثالوث بقوله إنّه "مشهد حركة حبّ دائريّة"، هذا هو رمز الله الثالوثيّ: الواحد ثالوث uni-trinité والثالوث واحد tri-unité.
نذكّر بأنّ هذه الحركة الدائريّة الثالوثيّة تظهر في قول الله لموسى "أنا هو الكائن" On N (خروج 3: 13-14).
أو، في العبرانيّة، "أنا هو الذي هو" "أنا أكون الذي أكون". إنّي متحرّك أزليّ أُعرف بعلاقتي معكم، بعلاقتي مع الله، بعلاقة المحبّة الخالصة لله وللآخرين.
لا يوجد مثل هذه الصورة في الديانات الموحِّدة وغير الموحِّدة. من الواضح أنّه، في تقليدنا المسيحيّ الأرثوذكسيّ، بدءاً من الإنجيل، يصوَّر الربّ يسوع بأنّه "حمل الله الحامل خطايا العالم". هذا بفضل ذبيحته على الصليب وبموته عن خطيئة العالم، إذ يعبّر القدّيس باسيليوس الكبير عن ذلك بقوله، في أفشين التقدمة في قدّاسه في هذا الصوم الكبير، إنّه قد "أدان الخطيئة بجسده" وبذلك قد أفناها بالحبّ.
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
طروباريّة القيامة باللّحن السابع
حطمتَ بصليبك الموتَ وفتحتَ للّصّ الفردوس، وحوَّلتَ نوحَ حاملاتِ الطيب، وأمرتَ رسلكَ أن يكرزوا بأنّكَ قد قمتَ أيّها المسيح الإله، مانحاً العالَمَ الرحمةَ العظمى.
طروباريّة القدّيس يوحنّا السلّميّ باللّحن الثامن
للبرِّيّة غَير المُثمرة بمجاري دُموعِك أمْرعتَ. وبالتنهُّداتِ التي منَ الأعماق أثمرْتَ بأتعابك إلى مائةِ ضِعفٍ؛ فَصِـرتَ كَوكَباً للمَسْكونةِ مُتلألئاً بالعجائب يا أبانا البارَّ يوحنّا. فتشفَّع إلى المسيحِ الإله في خلاصِ نفوسِنا.
القنداق باللّحن الثامن
إنّي أنا عبدُكِ يا والدةَ الإله، أكتبُ لكِ راياتِ الغَلَبة يا جُنديَّةً محامية، وأُقَدِّمُ لكِ الشُّكرَ كمُنقِذةٍ مِنَ الشَّدائد. لكنْ، بما أنَّ لكِ العِزَّةَ التي لا تُحارَب، أَعتقيني من صُنوفِ الشَّدائد، حتّى أصرُخَ إليكِ: إفرحي يا عروسًا لا عروسَ لها.
الرِّسالة
عب 6: 13-20
الربُّ يُعطي قوّةً لشَعبه
قدِّموا للرّب يا أبناءَ الله
يا إخوة، إنَّ اللهَ لمّا وَعَدَ إبراهيمَ، إذ لم يُمكِن أن يُقسِمَ بما هُوَ أعظَمُ منهُ، أقسَمَ بنفسِهِ قائلاً: لَأُباركَنَّكَ بركةً وأُكثِّرنَّكَ تكثيراً. وذاك، إذ تَأنّى، نالَ الموعد. وإنّما الناسُ يُقسِمونَ بما هُوَ أعظَمُ منهمُ، وتنْقضي كلُّ مُشاجرةٍ بينَهم بالقَسَم للتَثْبيتِ. فَلِذلك، لمَّا شاءَ اللهُ أنْ يَزيد وَرَثةَ الموعِد بياناً لعدم تَحوُّل عزْمِهِ، توسَّط بالقسَم حتى نَحصُلَ، بأمْرين لا يتحوّلان ولا يُمكِن أن يُخِلف اللهُ فيهما، على تعزيَةٍ قوَّية نحنُ الذين التجأنا إلى التمسُّكِ بالرَّجاءِ الموضوع أمامَنا، الذي هو لنا كَمِرساةٍ للنَفْسِ أمينةٍ راسِخة تَدْخُلُ إلى داخلِ الحِجاب حيث دَخَل يسوعُ كسابقٍ لنا، وقَدْ صارَ، على رُتبةِ مليكصادَق، رئيسَ كهنةٍ إلى الأبَدِ.
الإنجيل
مر 9: 17-31
في ذلك الزمان، دنا إلى يسوع إنسانٌ وسَجدَ له قائلاً: يا مُعَلِّمُ قد أتيْتُك بابْني بِه روحٌ ْأبْكَمُ، وحيثما أخذهُ يصرَعُهُ فيُزبِدُ ويصرِفُ بأسنانه وَييبَس. وقد سألتُ تلاميذَكَ أن يُخرجوهُ فلم يَقدِروا. فأجابَهُ قائلاً: أيُّها الجيلُ غيرُ المؤمِن، إلى متى أكونُ عِندَكُم، حتّى متى أحتمِلُكُم؟ هَلمَّ بهِ إليَّ. فأتَوهُ بهِ. فلما رآهُ للوَقتِ صَرَعَهُ الروحُ فسَقَطَ على الأرض يَتَمَرَّغُ ويُزبدُ. فسأل أباهُ: منذ كَمْ مِنَ الزمان أصابَهُ هذا؟ فقالَ: مُنذُ صِباهُ، وكثيراً ما ألقاهُ في النار وفي المياهِ ليُهلِكَهُ، لكنْ إنِ استَطَعْتَ شيئاً فَتَحَنَّنْ علينا وأَغِثنا. فقال لَهُ يسوعُ: إن استَطَعْتَ أن تُؤمِنَ فكُلُّ شيءٍ مُستطاعٌ للمؤمِن. فصاحَ أبو الصّبيّ مِنْ ساعَتِه بدموع وقالَ: إنّي أُومِنُ يا سيِّدُ، فأغِث عَدَم إيماني.
فلمّا رأى يسوعُ أنَّ الجميعَ يتبادَرون إليهِ انتهَرَ الروحَ النجِسَ قائلاً لَهُ: أُّيُّها الروحُ الأبْكمُ الأصَمُّ، أنا آمُرُكَ أَنِ اخرُج مِنهُ ولا تعُدْ تَدخُلُ فيه، فصرَخَ وخبَطهُ كثيراً وخرجَ مِنهُ فصارَ كالميت، حتّى قال كثيرون إنَّه قد ماتَ. فأخذَ يسوعُ بيدِه وأنهضه فقام. ولمّا دخل بيتًا سأله تلاميذه على انفراد: لماذا لم نستطع نحن أن نُخرجه؟ فقال لهم: إنّ هذا الجنس لا يمكن أن يخرج بشيء إلّا بالصّلاة والصّوم. ولمّا خرجوا من هناك اجتازوا في الجليل ولم يُرِد أن يدري أحد، فإنّه كان يعلِّم تلاميذه ويقول لهم: إنّ ابن البشر يُسلَم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يُقتَل يقومُ في اليوم الثالث.
أحد القدّيس يوحنّا السّلّميّ
في هذا اليوم المبارك تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة للقدّيس يوحنّا السّلّميّ الذي أصبح مدرسةً لكلّ الرهبان ومعلِّمًا مختبَرًا لكلِّ المؤمنين. أدرك قدّيسنا أنّ الصراع القائم بين البشر والشرّير وأتباعه قاسٍ وعنيف، واختبر قول السيّد "إنَّ هذا الجنس لا يخرج إلّا بالصّلاة والصّوم".
الصّوم لأنّه يمنع الشيطان من السُكنى في جوف الإنسان": إعلم أنَّ الشيطان كثيرًا ما يجلس في الجوف فيجعل المرء لا يشبع ولو أكل مصر كلَّها وشرب نيلَها"، والجهاد الروحيّ بالنسبة للقدّيس أمرٌ لا بُدَّ من تذوّقه إِذ بدونه لا يمكن للمسيحيّ أن يعاين الفصح السماويّ. لأنّ عقل الصوّام يصلّي بأفكار طاهرة.
في حوار رائع يصوِّر القدّيس هذه الفضيلة فيقول:" قُلْ لنا أيّها المتسلِّط على كلِّ البشر، من أين لك الدخول إلينا؟ وما الذي يُعتقنا من عبوديّتك؟ فيجيب الشرّير بأنَّ الأطعمة هي الباب الذي أدخل منه، وتدخل معي كلّ الشهوات والشّرور".
من هنا يشدّد القدّيس في تعليمه على القول "مَنِ اهتمَّ بمعدته وشاء، بالوقت نفسه، أن يقهر أهواءه يُشبه مَن يُطفئ حريقًا بزيت".
وليس بعيدًا عن هذا الفتى المتسلّطة عليه الشياطين أن يكون متنقّلاً بين الماء والنار.
أمّا عن الصّلاة فهي رفع القلب إلى الله. هي تُدخلنا في حوار مقدَّس مع الله، كما لو أنّنا نتحدّث معه، وتملأ قلوبنا محبّةً له، وتؤجّجها فيه، فنتقبّل علامات محبّة الله الأبويّة. والمحبّة المترسّخة فينا بنعمة الروح القدس تعطي قوّةً للصّلاة. لهذا، وإن كانت الصلاة هي قوت النفس ومنبع قوّتها، فمن يصلِّ بمحبّةٍ من أجل ظالميه يستطِعْ أن يصفع الشيطان، كما يقول القدّيس مرقس الناسك.
إنَّ محبّة الربّ يسوع للبشر تفوق تصوّرنا، وقدرته على طرد الشياطين وإبطال سلطانها على البشر أمر هيّنٌ وبسيط، ولكنَّ الصعوبة تكمن عندنا نحن البشر "الجيل غير المؤمن" الذين نشكّك لا بقدرة الله فقط بل أيضًا بحضوره بيننا.
إنّنا بتنا اليوم عاجزين، بإرادتنا، عن أن نسلك بحسب مشيئة الربّ يسوع وأن نقتدي به وبقدّيسيه الذين قاوموا إبليس بنعمة الرّوح القدس الثابتة فيهم، وبهذا الرّوح يطردون كلَّ روحٍ شرّير.
لنُصلِّ إلى الربّ المحبّ البشر أن يجودَ علينا بالمساعدة، وأن يسكب نعمة روحه علينا ليسند ضعفنا ويقوِّم أرجلنا لنسلك على خطاه، ولنصرخ إليه قائلين: "أؤمن يا ربّ فأعِن ضعف إيماني"، محتملين كلّ ضيق وألم لنصلَ معه إلى بَرِّ الأمان، إلى قيامته المجيدة. آمين.
مصادِرُ الإيمانِ المسيحيّ الأرثوذكسيّ
من واجب المسيحيِّ الجدّيِّ أن يبحث عن إيمانه في العمق ومن الأعماق. إنّ هذا البحث في عصرنا لَهوَ تحدٍّ كبيرٌ للأُناسِ الجدّيّين الذين يريدون اختبار الله ومعرفته. إنَّ الجهلَ خطيئةٌ والبحث إنّما يجذب الله لأنّه دليلٌ على الجدّيّةِ والحبّ. كذبةُ الأكاذيبِ أن نُقْنِعَ ذواتِنا بأنَّ دراسة الإيمانِ والبحث عنه وحتّى تعليمَه شأنٌ محصورٌ باللّاهوتيّين أو بالإكليروس أو بالمرشَّحين للولوج إلى السِّلكِ الكهنوتيّ. فهذا أمرٌ يخُصُّكَ أيضاً، أيّها القارئُ العزيزُ، فأنتَ مدعوٌّ أصلاً أن تكونَ لاهوتيّاً؛ بالمعنى الروحيّ أوَّلاً والمعنى الدِّراسيّ ثانياً والتبشيريّ ثالثاً.
لا بُدَّ، بدءًا، من أن نُعرِّف بإيجازٍ بالإيمانَ. هو كلمةٌ مشتقّةٌ من الفعل الثلاثيّ "أمن" ومعناةُ "أمَّنَ" و"ائتَمَنَ" و"آمن" وَ "سَلَّمَ" و"وضع الثقة بِـ". في اليونانيّةِ πιστεύω أي "أوكِلُ إلى" و"أصَدِّقُ" و"أُؤَمِّن"، وتقابلها في اللاتينيّةِ credo التي تحمل المعاني ذاتها. أنْ أُؤْمِن هو أن أسلِّم ذاتي وأضع ثقتي بأحدٍ جديرٍ بالثقةِ، أمينٍ، ومحبّ. الإيمانُ هو أيضاً أن يأتمنني أحدهم على شيء، فإذا كنتُ مؤمناً فأنا مدعوٌّ أن أكون جديرًا بالثقةِ أيضاً، أمينًا وقابِلاً أن أكون مؤتمَناً.
نستنتج من التعريف السّابق أنَّ الإيمان ليس نظريّاً وليس تعصّباً. هنا يجدر التعريف بكلمة "أرثوذكسيّ". الصّفة تعني "القويم الرّأي" أي المستقيم الذي لا زيغ فيه ولا مساومة ولا تنازُل. الأرثوذكسيّة هي المحافظة على تعاليم الله الواردةِ إلينا في المصادر التي سيجري الحديث عنها. أمّا المحافظة على الإيمان فلا تتمّ فقط من خلال التعبير النظريّ بل من خلال تطبيق التعليم الذي ورثناه. فالتّعليم هذا هو كاثوليكيّ καθολική διδασκαλία أي جامِعٌ أي هو دعوةٌ لجميعِ البشر إلى اعتناقه(collective and not selective)؛ والإيمانُ به باستقامةٍ يُبَرهَنُ عنهُ بالتطبيقِ السَّليمِ المستقيمِ ορθοπραξία. لذا كُلُّ إيمانٍ غيرِ مستقيمٍ هو إيمانٌ نظريٌّ عابرٌ غيرُ مطيعٍ؛ إيمانُ كبرياءٍ مرفوض.
أين لي، إذن، أن أبحث عن إيماني؟ أوَّلاً في الكنيسة وفي تقليدها. أقول في الكنيسةِ إذ أنت تنتمي إليها وعليها تعليمك ما أنت تنتمي إليه لأنّها هي المسؤولةُ الأولى عن التّعليم. أبحث عن إيماني في الكتاب المقدّس الذي هو كتاب الكنيسة الموحى من الله إذ -وباختصار- فيه يعلن الله عن نفسه للبشر ويدعوهم إلى علاقةِ حبّ معه. فالله معروفٌ في نواميسه وأحكامه. فالكتاب المقدّس هو المصدر الأوّل والبرهان الأوّل أنّ الله موجود لأنه مكتوبٌ بحبر شهود عيانٍ ومعاينين له. أبحث أيضاً عن إيماني في التقليد الشريف الذي ينقل خبرة آباء الكنيسة مع الله. فهم ذاقوه وتعمّقوا في الصلاة وثابروا على معرفة الكتب المقدّسة. لذا نجد تعليمهم في مجلّدات وكتب وبتعليهم هذا نستطيع التعمّق في تفسير الكتاب المقدّس ومعرفة التعليم الصحيح من التعاليم الباطلة. فهؤلاء الآباء لم يكتفوا بكتابة تعاليم نثريّة نظريّة، بل ذهبوا إلى التعبير عن الإيمان الحيّ المستقيم من خلال العبادة. ففي الليتورجيا نجد كلّ النصوص العباديّة الصلاتيّة التي تصلنا بالله وتعلّمنا عمق لاهوته وعلاقته بنا وعلاقتنا به. أضف إلى ذلك النصوص النسكيّة التابعة للتقليد الآبائيّ والتّي تعلّمنا السيرة المسيحيّة الحسنة، والسَّيرَ القويمَ والعملَ المستقيمَ (ορθοπραξία). وهناك سِيَر القدّيسين وكتابات الآباءِ المعاصرين وسِيَرُهم التي فيها ستكتشف ذاتك والله معاً.
لذا، فالمصادر كثيرةٌ والعمل كثيرٌ حيث لا مجال للكسلِ. إذا كنت جدّيّاً ومحبّاً لله فتعمّق في هذا الحبّ؛ استشِر كاهناً أو اختصاصيّاً أو انضمّ إلى حلقات وفرق دراسيّة تنظّمها المطرانيّات أو الحركات الشبابيّة كحركةِ الشبيبة الأرثوذكسيّة أو تَسجَّل في دورات تنشئةٍ لاهوتيّةٍ كتلك التي تقوم بها مطرانيّتنا بكلّ جدّيّةٍ من خلال "المركز الرعائيّ للتراث الآبائيّ". كما أنّ معهد اللّاهوت في جامعة البلمند يقدّم دروساً لاهوتيّة منهجيّةً عبر برنامج "الكلمة"، عبر الإنترنت، لكلّ من تَعسُر عليه متابعة دروس تنشئةٍ مباشرةٍ، إمّا بسبب الغربة أو العمل. فالعمل كثير والفعلة قليلون.