الأحد 11 حزيران 2017

الأحد 11 حزيران 2017

11 حزيران 2017


الأحد 11 حزيران 2017 
العدد  24

أحد جميع القدّيسين

 

اللَّحن الثامن الإيوثينا الأولى

* 11: الرّسولان برثلماوس أحد الـ 12 وبرنابا أحد الـ 70، أيقونة بواجب الإستئهال، * 12: بدء صوم الرّسل، البارّ أنوفريوس المصريّ، بطرس الآثوسيّ، * 13: الشّهيدة أكيلينا، * 14: النبيّ أليشع، ميثوديوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة، * 15: النبيّ عاموص، البارّ إيرونيمس، * 16: تيخن أسقف أماثوس، * 17: الشّهداء إيسفروس ورفقته، الشّهداء مانوئيل وصابل وإسماعيل. *

 

طريق القداسة 
 نقرأ اليوم ثلاث مجموعات من أقوال الربّ يسوع منتقاة من الإنجيل بحسب متّى. فيها يدلّنا المسيح على الطريق المؤدّي إلى الكمال، التي سلكها عبر التاريخ مريدو القداسة.

بَدء الطريق هو الاعتراف بالربّ يسوع قدّام الناس، وعدم إنكاره. فكما تعلّم شعب الله، من الناموس في العهد القديم، أنّ الربّ إلههم واحد هو، وله وحده السيادة والخضوع والعبادة، يطلب الربّ يسوع من شعب العهد الجديد المقدّس لله الاعتراف بربوبيّته وسيادته. فهو إله العهدَين القديم والجديد معًا، وهو معطي الناموس القديم ومشرّع العهد الجديد. يتمّ الاعتراف بالربّ يسوع أمام الناس بالقول والعمل، وفحواه شهادة حسنة بأنّ يسوع المسيح هو الربّ الذي يملك علينا وله وحده نخضع. ويكون اعترافنا كاملاً عندما تتكامل الشهادة بجرأة علانيةً مع كلّ تفصيلٍ في حياة الإنسان. فأنت تشهد للربّ يسوع فعلاً عندما تخضع لمشيئته، وحين تنسجم حياتك مع أقواله. وإن لم تفعل تنكر ربوبيّة المسيح وسيادته على حياتك. إذا اعترفت به من دون خجل او تلكّؤ، تنال اعتراف ابن الله بك أمام الآب، وهذا معناه تأكيد المسيح أنّك من خاصّته التي يحبّها ويرعاها.

 

ثم ينقلنا الربّ، في تعليمه، إلى محطّة متقدّمة في طريق القداسة، وهي محبّته أكثر من أيّ شخصٍ آخر على الأرض. وفي العهد القديم أتت وصيّة محبّة الله من كلّ القلب ومن كلّ النفس وبكلّ قوّة مباشرةً بعد وصيّة الاعتراف بربوبيّته. وقد أكّد الربّ يسوع، في مكان آخر، أوّليّة وصيّة محبّة الله. أمّا الآن، وقد عرفنا الله الذي عرفنا وأحبنا وأتى إلينا، فمحبّتنا تتوجّه إليه، إلى المسيح يسوع مخلّصنا الذي حضر إلينا وهو معنا دائمًا. من لا يحبّني أكثر من أيّ شيء لا يستحقّني، يقول الربّ. وكيف لنا أن نستحقّ محبتّه القصوى لنا، التي جاءتنا بالغفران والمصالحة مع أبيه السماويّ، من دون أن نحبّه محبّة لا متناهية.

 

ثم يطلعنا الربّ يسوع على مرحلة أكثر تقدّمًا على طريق الكمال والقداسة، وهي أن نحمل صليبنا ونتبعه. واتّباعه يعني أن نكون تلاميذه ونتعلّم منه، وهذا يكون بحملنا صليبنا. يشكّل حمل الصليب، انطلاقًا من محبّة الله والقريب، جوهر تعليم المسيح ومنتهى طريق الكمال. والقصد من ذلك، بحسب تعليم العهد الجديد، هو الشهادة الكاملة للمسيح بالقول والعمل معًا: بالاعتراف به ولو كلّف ذلك بذل الذات من أجله، وبالموت عن الخطيئة وأهوائها وشهواتها. فالصليب يختصر كلّ وصايا الناموس القديم، وهو ناموس المسيح. إنّ الدعوة إلى حمل الصليب هي دعوة إلى السلوك في الكمال وبلا عيب أمام الله.

 

حين سأل بطرسُ معلّمه عن مكافأة الرسل الذين تركوا كلّ شيء وتبعوه، أجابه المسيح بأنّ من أصبح تلميذًا له، في تجديد الولادة، سيجلس معه في مجده. والسؤال الأهمّ هنا هو عن معنى عبارة "إعادة الولادة"، أو "تجديد الخلق". هل يتوجّب علينا فهمها بالمعنى الزمنيّ، أي عندما أنجز المسيح تجديد الخليقة؟ أم إنّها تخبر عن كيفيّة اتّباع المسيح، كمصطلح يشير إلى المعموديّة كما هو معناها في الحالة الوحيدة الأخرى التي ترد فيها في العهد الجديد (أنظر تيطس ٣: ٥)؟ بما أنّ معموديّة المؤمن بالمسيح يسوع، التي هي حمل الصليب وراءه، لا تنفصل عن عمل المسيح الخلاصيّ، في تجسده وموته وقيامته، يمكننا القول إنّ “إعادة الولادة، أو تجديدها” تحمل، في الوقت عينه، إشارة إلى تجديد الخليقة بالمسيح يسوع وإلى حياة المؤمن الجديدة بعد المعموديّة.


 يتغيّر المؤمن بعد أن يتجدّد في المسيح يسوع، وتتغيّر أولويّاته. يغدو المسيح وحده غايته وأولويّة حياته من دون سواه. اعترافنا بالمسيح ربًّا يجب أن يقترن بمحبّته محبّة لامتناهية، تقودنا إلى ترك كلّ شيء، للتتلمذ على أقواله وأفعاله وحفظها والعمل بحسبها، لكي تكون لنا الحياة. هذا ما فعله أولئك المغبوطون الذين سلكوا طريق الكمال وتقدّسوا بنعمة المسيح.

الأرشمندريت يعقوب خليل
 معهد القدّيس يوحنّا الدمشقيّ
 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّامِن

إِنْحَدَرْتَ منَ العُلُوِّ يا مُتَحَنِّن، وقَبِلْتَ الدَّفْنَ ذا الثَّلاثَةِ الأيَّام لكي تُعْتِقَنَا من الآلام. فيا حياتَنَا وقيامَتَنَا، يا رَبُّ، المجدُ لك.
 

طروباريَّة أحد جميع القدِّيسين باللَّحن الرّابع

أيُّها المسيحُ الإله، إِنَّ كنيسَتَكَ، إذ قد تزيَّنَتْ بدماءِ شُهَدائِكَ الَّذين في كلِّ العالم، كأنَّها ببرفِيرَةٍ وأُرْجُوَان، فهي بهم تهتِفُ إليكَ صارِخَة: أَرْسِلْ رأفَتَكَ لشعبِكَ، وٱمْنَحِ السَّلامَ لكنيسَتِك، ولنفوسِنَا الرَّحمةَ العُظْمَى.
 

قنداق أحد جميع القدِّيسين باللَّحن الرّابع

أيُّها الرَّبُّ البارِئُ كلَّ الخليقةِ ومُبدِعُها، لكَ تُقَرِّبُ المسكونَةُ كبواكيرِ الطَّبيعة الشُّهَدَاءَ اللاَّبِسِي اللاَّهوت. فبتوسُّلاتِهِم اِحْفَظْ كنيسَتَكَ بسلامَةٍ تَامَّة لأَجْلِ والِدَةِ الإله، أيُّها الجَزِيلُ الرَّحْمَة.
 

الرِّسالَة
(عب 11: 33-40، 12: 1-22)

عَجِيبٌ هو اللهُ في قدِّيسيه
 في المجامِعِ بَارِكُوا الله

يا إخوة، إنَّ القدِّيسينَ أَجمَعِين بالإيمانِ قَهَرُوا الممالِكَ وعَمِلُوا البِرَّ ونَالُوا المواعِدَ وسَدُّوا أَفْوَاهَ الأُسُود، وأَطْفَأُوا حِدَّةَ النَّارِ ونَجَوْا من حَدِّ السَّيْفِ وتَقَوَّوْا من ضُعْفٍ، وصارُوا أَشِدَّاءَ في الحربِ وكَسَرُوا مُعَسْكَرَاتِ الأجانِب. وأَخَذَتْ نساءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بالقِيامة. وعُذِّبَ آخَرُونَ بتوتيرِ الأعضاءِ والضَّرْبِ، ولم يَقْبَلُوا بالنَّجَاةِ ليَحْصُلُوا على قيامةٍ أفضل. وآخَرُونَ ذَاقُوا الهُزْءَ والجَلْدَ والقُيُودَ أيضًا والسِّجن. ورُجِمُوا ونُشِرُوا وٱمْتُحِنُوا وماتُوا بِحَدِّ السَّيْف. وسَاحُوا في جُلُودِ غَنَمٍ ومَعْزٍ وهُمْ مُعْوَزُون مُضَايَقُونَ مجَهُودُون، ولم يَكُنِ العالمُ مُسْتَحِقًّا لهم. فكانوا تائِهِينَ في البراري والجبالِ والمغاوِرِ وكهوفِ الأرض. فهؤلاءِ كلُّهُم، مَشْهُودًا لهم بالإيمانِ، لم يَنَالُوا الموعِد، لأنَّ اللهَ سبَقَ فنظَرَ لنا شيئًا أَفْضَلَ: أنْ لا يُكْمَلُوا بدُونِنَا. فنحن أيضًا، إذ يُحْدِقُ بنا مثلُ هذه السَّحابَةِ من الشُّهُودِ، فلْنُلْقِ عنَّا كُلَّ ثِقَلٍ والخطيئةَ المحيطَةَ بسهولةٍ بنا. ولْنُسَابِقْ بالصَّبْرِ في الجِهادِ الَّذي أمامَنَا، ناظِرِين إلى رئيسِ الإيمانِ ومكمِّلِهِ يسوع.

 

الإنجيل
متّى 10: 32-33 و37 و19: 27-30 (متى 11)

قال الربُّ لتلاميذِه: كلُّ مَنْ يعترفُ بي قدَّامَ الناسِ أعترفُ أنا بهِ قدَّامَ أبي الذي في السماوات. ومَن يُنكرْني قدَّام الناس أُنكرْهُ أنا قدَّامَ أبي الذي في السماوات. مَن أحبَّ أباً أو أمّاً أكثرَ منّي فلا يستحقُّني. ومن أحبّ ابناً أو بنتاً أكثر منّي فلا يستحقُّني. ومَن لا يأخذْ صليبهُ ويتبعْني لا يستحقَّني. فأجابَ بطرسُ وقال لهُ: هوذا نحنُ قد تركنا كلَّ شيءٍ وتبعناك فماذا يكونُ لنا؟ فقال لهم يسوع: الحقَّ أقولُ لكم، إنَّكم، أنتمُ الذين تبعتموني في جيل التجديد، متى جلس ابنُ البشر على كرسيّ مجدِهِ، تجلِسون أنتم أيضاً على اثَنْي عَشَرَ كرسيًّا تَدينونَ أسباط إسرائيلَ الاِثني عَشَرَ. وكلُّ من ترك بيوتاً أو إخوةً أو أخواتٍ أو أباً أو أمّاً أو امرأةً أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي يأخُذُ مائَة ضِعْفٍ ويرثُ الحياة الأبديّة. وكثيرون أوَّلون يكونون آخِرِين وآخِرُون يكونون أوَّلين.

 

في الإنجيل
"من يعترف بي قدّام الناس أعترف أنا أيضاً به قدّام أبي الذي في السّموات".

 الإعتراف بالمسيح عنوان لامع يبرز إثرَ العيد العظيم الذي عيّدناه الأحد الفائت، أي عيد العنصرة، عيد تأسيس الكنيسة المقدّسة. وكأنّ الكنيسة تذكّرنا بأنّ الأمر البارز الذي يُطلب مِمَّن يؤمن بالمسيح أن يفعله هو الإعتراف به "قدّام الناس"، إذ بهذا يتمّم المؤمن عمل الرّوح القدس الذي يشهد للمسيح، وبسكنى الرّوح القدس فينا في العنصرة ننطلق نحن أنفسنا إلى هذه الشهادة له.

 

واليوم نعيّد لتذكار "جميع القدّيسين" مباشرة بعد عيد العنصرة، وأيضاً يُصادف التذكار الجامع للرّسل، لنتذكّر أنّهم كانوا جميعاً أمناء لهذه الشهادة "حتّى الدّم"، هذا الدّم الذي صار زينة لكنيسة المسيح التي ترتِّل: "إنّ كنيستك، إذ قد تزيّنت بدماء شهدائك الذين في العالم".. وقد حقّقوا هذه الشّهادة أوّلاً بحفظِهِم وصايا الربّ وصنعِهِم مشيئتَه، وثانياً بطلبِهِم اقتناء البرّ والفضيلة في حياتهم، وهذا تمثّلاً بالربّ نفسه الذي قال قبل أن يُصلب: "لتكن لا مشيئتي بل مشيئتُك (قاصداً الآب)"، وأيضاً: "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني". وبالتالي، فإنّ شهادة هؤلاء القدّيسين جميعاً (المعروفين وحتّى المجهولين) صارت نموذجاً يُقتدى به، وهذا ما أكّده الرّسول بولس في خاتمة رسالة اليوم، إذ قال: "لأنّي أنا ولدتكم بالإنجيل في المسيح يسوع، فأطلب إليكم أن تكونوا مقتدين بي".

 

وهذا الاقتداء، كيف يكون؟ على أيّة صورة يجب أن يكون؟

 

إنجيل اليوم نفسه يطلب إلينا أنّ "من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني". فحمل الصّليب هو الخطوة الأولى في كنيسة المسيح لكي نكون مشاركين هؤلاء القدّيسين جميعاً في اعتراف واحد بالمسيح. ولكي لا تكثر التفاسير حول معنى حمل هذا الصليب وكيفيّته، فإنّ الرسول بولس أعطانا أيضاً أمثلة واضحة عن هذا الصليب.



 هذا أقلّ ما عاناه الرّسول، وهذا ما جعله واثقاً، أكثر فأكثر، بأنّه إنّما يحيا وفق الإنجيل واقتداءً بالربّ يسوع المسيح نفسه الذي كان النموذج الأوّل لكلّ هذه الأمور.
 فلذلك، إن أراد كلّ منّا أن يحيا بحسب إنجيل ربّنا يسوع المسيح الذي وُلد به عند معموديّته، فعليه أن يدرك أنّ أمامه جهاداً هذا مقداره وهذه نوعيّته.

 

هل نعمل بتعب في كنيسة ربّنا؟ وما أكثر الأعمال فيها، خاصّة الإهتمام بأنفسنا أوّلاً من جهة الإلتزام بالصّلوات ولنموّنا الروحيّ، وثانياً من جهة مشاركتنا بعضنا البعض لاحتياجاتنا وهمومنا كافّة انطلاقاً من كوننا أعضاءً لجسد المسيح الواحد.



 إن شُتِمنا لأجل المسيح- وجهات الشتم لا تُعدّ ولا تُحصى- هل نبارك؟ وفي ذلك خزي للشيطان المخاصم نفسه، أم قد صرنا كأكثر العالم نلتمس حجّة للمخاصمة.

هل فينا قدرة أو نيّة لاحتمال الاضطهاد لأجل المسيح أو لأجل كوننا مسيحيّين؟ أم صرنا نفضّل تجنّب ذكر كوننا مسيحيّين ونؤمن بالمسيح، خوفاً من اضطهاد ما، أو إزعاج ما، أو إحراج ما؟ في بَدء عيشنا المسيحيّ، علينا أن ندرك مع الرسول بولس أنّنا "مجعولون للموت" أي الموت عن كلّ أمجاد "هذا الدهر الحاضر الخدّاع"، لكي نقدر، بنعمة الرّوح، على حمل الصليب واتّباع المسيح. فبهذا الصليب تكون حياتنا شهادة واعترافًا بالمسيح، ويكون موتنا قيامة لنا، وننضّم إلى هذه السحابة "من الشهود" المحيطة بنا، ونحظى بالحياة في فرح التنعّم بالمشاركة مع من هو وحده "نور العالم"، له المجد إلى الأبد، آمين.


 

الشُّموع 
 يتساءل المؤمنون عن السبب الذي يدعونا لأن نضيء شمعة أو قنديل زيت أمام أيقونة السيّد أو السيّدة أو أحد القدّيسين في منازلنا، أو عن سبب إضاءتنا الشموع في الكنيسة. العادة الغالبة في بلادنا هي إضاءة الشموع وليس القناديل، لكنّ الكلام ينطبق على الإثنين. يورد القدّيس نقولا فاليميروفيتش ثمانية أسباب:

أوّلاً: لأنّ المسيح قال: "أنا نور العالم" (يوحنّا 12:88). الشّمعة تذكّرنا بإيماننا بأنّ المسيح ينير نفوسنا.

 

ثانياً: لتذكيرنا بإشعاع القدّيس صاحب الأيقونة التي نضيء الشمعة أمامها، لأن القدّيسين هم أبناء النّور (يوحنّا 36:12 ولوقا 8:16).

 

ثالثاً: كتأنيب على أعمالنا المُظلِمة وأفكارنا الشرّيرة وشهواتنا. ولكي نُدعى إلى طريق النّور الإنجيليّ حتّى نتمّ، بحرارة أكبر، وصيّة المخلّص: "فليضئ نوركم أمام الناس، حتى يروا أعمالكم الحسنة" (متّى 16:5).

 

رابعاً: كتضحية صغيرة للربّ الذي أسلم نفسه كُلِّيًّا كضحيّة من أجلنا، وكإشارة صغيرة إلى امتناننا الكبير ومحبّتنا المشعّة للّذي منه نسأل الحياة والصحّة والخلاص وكلّ ما يمكن أن تمنحه المحبّة الإلهيّة غير المتناهية.

 

خامساً: لضرب قوى الشرّ التي تحاربنا، حتّى خلال الصّلاة، مبعِدةً فكرنا عن الخالق، كونها تحبّ الظلمة وترتجف من النّور، خاصّةً نور الربّ ونور الذي يرضونه.

 سادساً: حرصًا منّا على إنكار الذات، إذ كما يخضع الزيت والشمع لإرادتنا، هكذا ينبغي لِنفوسنا أن تحترق بشعلة المحبّة في كلّ آلامنا خاضعين لمشيئة الربّ.


 سابعاً: لتعليمنا أنّه، كما أنّ الشمعة لا تشتعل بدون يدنا، كذلك قلبنا، أيّ نورنا الداخليّ، لا يضيء بدون نور النعمة الإلهيّة المقدّس، حتّى ولو كان مليئاً بالفضائل التي هي، في مطلق الأحوال، مادّة قابلة للاشتعال، لكنّ النار التي توقدها لا تأتي إلاّ من الله.

 

ثامناً: لتذكيرنا بأنّ خالق العالم خلق النّور أوّلاً ومن ثمّ كلّ الأشياء الأخرى بالترتيب: "وقال الله ليكن نور فكان نور" (تكوين 3:1). وهكذا ينبغي أن تكون الأمور في بَدء حياتنا الروحيّة، حتّى، قبل كلّ شيء، يلمع في داخلنا نور المسيح. ومن ثمّ، من هذا النّور يتولّد كلّ عمل صالح، ويرتفع وينمو فينا.

 

من المفيد لكلّ مؤمن أن يفهم ما الذي يفعله فلا تعود ممارساته وليدة العادة بل تكون عملاً طوعيّاً يقوم به ليتقدّس. فبالنسبة لكثيرين إضاءة الشمعة، عند دخولهم إلى الكنيسة، هي جزء من عمليّة الدخول، وقد تكون عادتهم أن يضيئوا أكثر من شمعة، لكنّ الأمر هو نفسه، إذ التقدمة واحدة والمتقبّل واحد. ما يطلبه الربّ هو القلب المتخشّع والمتواضع. عسى أن ينيرنا نور المسيح فيستقيمَ إيماننا ومعه ممارساتنا وعبادتنا.