الأحد 2 تمّوز 2017

الأحد 2 تمّوز 2017

02 تموز 2017
 
الأحد 2 تمّوز 2017 
 
العدد 27
 
الأحد الرابع بعد العنصرة
 
اللَّحن الثالث الإيوثينا الرابعة
 
* 2: وضع ثوب والدة الإله في فلاشرنس، * 3: الشّهيد ياقوت، أناطوليوس رئيس أساقفة القسطنطينيّة،* 4: القدّيس أندراوس الأورشليميّ (كريت)، أندره روبلاف، * 5: البارّ أثناسيوس الآثوسيّ، لمباذوس العجائبيّ،* 6: سيسوي الكبير (ساسين)، * 7: البارّ توما الميلونيّ، الشّهيدة كرياكي، * 8: العظيم في الشهداء بروكوبيوس، الشّهيد أنستاسيوس. *
 
الشهادة (للمسيح)
كمالها الإستشهاد له بالدم (martyre).
 
لن تكون بدافع الحقد والاِنتقام بل تخفي وراءها محبّة الأعداء. كيف نشهد للمسيح أمام عالم معاند؟ يكون ذلك عن طريق موقف هادئ يَتقبّل مثل هذه المعاكسات بوداعة ومحبّة لمقاومينا. ما هو الدافع لمثل هذا الموقف؟ إنّه إيماننا بأنّ المسيح قد مات وغلب الموت بقيامته.
 
هناك فيما بيننا، من جهة، إنسان يتآكله الضلال الباطل و، من جهة أخرى، إنسان آخر يتوق إلى الحياة الأزليّة. يبقى الخبر الجديد المعزّي أنّ المسيح قد قام من بين الأموات وغلب الخطيئة والشرّ والموت. وهو القادر، من ثمّ، أن يقيمنا معه ويمنحنا الحياة الأزليّة من جديد، تلك الحياة التي فقدناها بالسقوط. سبيلنا إذاً أن نحبّ وهكذا نحيا. الموت لم يعد أمامنا بل بات وراءنا.
 
القداسة اليوم تمرّ عبر طريق التوبة، عبر طريق التواضع والاِنسحاق. المسيح نفسه قد افتقر من أجلنا.
 
هكذا نشهد للفرح الحقيقيّ، الفرح القياميّ، الفرح النابع من قلب منكسر أمام الله وأمام الآخرين.
 
هل أظهرنا بذلك خدمة للآخر مَجّانيّة وبدون مقابل؟ جهادنا يدوم حتّى الموت بدون أن ننتظر ظفراً نهائيّاً. هذا لأنّ الملكوت هو في المسيح الآتي ثانية خارج الزمن والتاريخ مقيماً إيّانا نهائيّاً وحاملاً ثمار جهادنا من أجله. تُرى كيف نقبل على أنفسنا مثل هذا الإنسان المتألّم والفرح بآنٍ واحد؟! تبقى هذه شهادتنا أمام اليائسين المكتئبين المسحوقين والباكين. نشهد عن طريق قداستنا، عن طريق فرحنا، لا عن طريق السلطة العالميّة وإنجاز المؤسّسات الفاخرة. الإنسان أمام الموت، أمام فقدان المحبّة في العالم، كيف لا يتوق إلى الحياة، إلى الحبّ، إلى الفرح الحقيقيّ؟!
 
وحده الإنسان المصلّي يستطيع أن يشهد للكلمة المتجسّد، الكلمة الذي صار وجهاً صامتاً فيه العبادة الحقّ، الحضور المنتبه إلى الآخر، فيه الحياة والرّجاء والجمال.
 
ما صلاة اسم يسوع سوى صرخة داخليّة، نشيد حبّ أبديّ يستنير به قلبنا وينير الآخرين: الشّهادة بأنّ الله محبّة تتحدّى الآخرين ولا تُغيظ أحداً: هذه هي محبّة الأعداء. الشّهادة هي محبّة فوق كلّ شيء وقبل كلّ شيء، شركة وصال مع الآخرين يعرف عن طريقها الواحدُ في حياته أن يتكلّم مع المتألِّم، يعرف أن يعزّيه بالماء الحيّ الفائض من جوفه.
 
+ أفرام
مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
 
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثالث
 
لتفرحِ السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربَّ صنعَ عِزًّا بساعدِه، ووطِئَ الموتَ بالموتِ، وصارَ بكرَ الأموات، وأَنقدنا من جوفِ الجحيم، ومنح العالمَ الرحمةَ العُظمى.
 
طروباريَّة وضع ثوب والدة الإله باللَّحن الثامن
 
يا والدةَ الإله الدائمةَ البتوليّة وسترَ البشر، لقد وهبتِ لمدينتكِ ثوبَكِ وزَّنار جسدكِ الطاهر وشاحاً حريزاً، اللّذين بمولدِك الذي بغير زرعٍ استمرَّا بغير فساد، لأنْ بك تتجدَّد الطبيعة والزمان. فلذلك نبتهل إليكِ أن تمنحي السلامةَ لمدينتكِ، ولنفوسنا الرّحمةَ العظمى.
 
قنداق وضع ثوب والدة الإله باللَّحن الرابع
 
أيّتها النقيّة المنعَم عليها، إنّ ثوبَكِ الموقَّرَ الذي به انحجب جسدُكِ الطاهر، قد منحتهِ لجميع المؤمنين سربالاً عادمَ الفساد، وستراً لكلّ البشر. فنحن نعيِّد لوضعهِ بشوقٍ، ونصرخ نحوكِ يا نقيّةُ بخوف هاتفين: السلامُ عليكِ أيّتها البتول فخرُ المسيحيّين.
 
 
الرِّسالَة
عب 9 :1-7
 
تُعظِّمُ نفسيَ الربَّ لأنَّه نظرَ إلى تواضُعِ أَمَتِهِ
 
يا إخوةُ، إنَّ العهدَ الأوّلَ كانت لهُ أيضًا فرائضُ العبادَةِ والقُدسُ العالميُّ. لأنَّهُ نُصِبَ المَسكِنُ الأوّلُ الذي يُقالُ لهُ القُدسُ وكانت فيهِ المنارَةُ والمائدَةُ وخبزُ التقدمة. وكانَ وراءَ الحجابِ الثاني المسِكنُ الذي يقالُ لهُ قُدسُ الأقداس، وفيهِ مستوقَدُ البَخُورِ من الذهبِ وتابوتُ العهدِ المغشَّى من كلِّ جهةٍ بالذهبِ الذي فيه قِسطُ المنِّ منَ الذهبِ وعصا هرونَ التي أفرخَتْ ولوْحا العهد، ومن فَوقهِ كارُوبا المجد المظلِّلانِ الغِطاءَ. وليسَ هنا مَقامُ الكلامِ في ذلكَ تفصيلاً. وحيثُ كان ذلكَ مُهيَّأً هكذا فالكهنةُ يدخلُون الى المسكِنِ الأوّلِ كلَّ حينٍ فيتمُّونَ الخِدمة، وأمَّا الثاني فإنَّما يدخلُه رئيسُ الكهنةِ وحدَهُ مرَّةً في السنةِ، ليسَ بلا دمٍ يقرِّبُهُ عن نفسه وعن جهالاتِ الشعب.
 
 
الإنجيل
متّى 8: 5-13 (متّى 4)
 
في ذلك الزمان دخل يسوع كفرناحومَ، فدنا إليهِ قائدُ مِائةٍ وطلب إليهِ قائلاً: يا سيِّدُ، غُلامي مطروحٌ في البيت مفلوجاً يتعذَّب جدًّا! فقال له يسوع: أنا آتي وأَشْفيهِ. فأجاب قائدُ المِائة قائلاً: يا ربُّ، لستُ مستحِقًّا أن تدخُلَ تحتَ سقفي، ولكنْ قُلْ كلِمةً لا غيرَ فيبرأَ فتايَ. فإنّي أنا إنسانٌ تحت سلطانٍ ولي جندٌ تحت يدي، أقولُ لهذا اذهبْ فيذهَبُ وللآخرَ اِئتِ فيأتي ولعَبْدي إعمَل هذا فيعْملُ. فلَّما سمع يسوعُ تعجَّب وقال للَّذين يتبعونهُ: الحقَّ أقول لكم، إنّي لم أجِدْ إيماناً بمقدارِ هذا ولا في اسرائيل. أقول لكم إنَّ كثيرين سيأتون مِنَ المشارقِ والمغاربِ ويتَّكِئُون معَ إبراهيمَ وإِسحقَ ويعقوبَ في ملكوت السماوات، وأمَّا بنو الملكوت فيُلقَون في الظلمةٍ البَرَّانيَّةِ. هناك يكونُ البكاءُ وصَريفُ الأسنان. ثمَّ قال يسوع لقائد المِائة اِذهَبْ وليكُنْ لك كما آمنتَ. فشُفيَ فتاه في تلك الساعة.
 
في الإنجيل
 
قَلبَ يسوع المقاييس، فقائد المِائة، الذي يأتي إليه الناس واليهود بخاصّة، قد أتى إلى يسوع منسحقًا ليقول له لست مستحقًّا... ولكن أثق بأنّ كلمةً منك تشفي غلامي....
 
إيمان راسخ... وتواضع سحيق... يخفيان في طيّاتهما حبًّا عميقًا للفتى المريض... وهو، على الأرجح، عبد عنده ولكنّه جعله فتاه لأجل محبّته له.
 
إيمان لدرجة الثقة والاِعتراف بأنّ الربّ يسوع هو الوحيد القادر على الشفاء... إيمان مرتكز على التواضع وممتدّ بالكلّيّة إلى كلمة الربّ الفاعلة والمخلّصة... "آمِن بالربّ يسوع فتخلص أنتَ وأهل بيتك" (أع 16: 31).
 
تواضع لدرجة اِنسحاق القلب والاِستسلام الكامل لمشيئة الربّ... تواضع لا يحجبه مقام أو مركز أو رتبة... "القلب المتخشّع والمتواضع لا يرذله الله" (مز 50/51: 17).
 
محبّة لدرجة صار معها العبد ابنًا والغريب قريبًا... محبّة جعلت القويّ منسحقًا... والقائد متواضعًا... "ليس لأحد حبّ أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبّائه" (يو 15: 13). محبّة جعلت المريض معافًى... والمستحيل ناجزًا... محبّة نابعة من الذي أحبّنا أوّلاً وبذل نفسه لأجلنا... "لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة" (يو 3: 16).
 
ومتى اجتمع الثلاثة، الحبّ والإيمان والتواضع، حصل التحوّل من المرض إلى الصحّة، من الموت إلى الحياة، بكلمة من ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح طبيب النفوس والأجساد.
 
الويل لنا إن لم يكن لدينا مثل هذا الإيمان... ومثل هذا التواضع... ومثل هذا الحبّ... إذ، عندئذ، سنخسر الملكوت، ولن يشفع فينا انتماؤنا الظاهر لجماعة "الملكوت"، وسيعطى لأمّة أخرى يقول الربّ...
 
الخلاص يحصُل فقط بالاِلتصاق بالربّ والحفاظ على الإيمان به، وإبقاء شعلة المحبّة ملتهبة في قلوبنا، خاضعين بعضُنا لبعض وعاملين إرادته... من دون أن نتأثّر بما يجري حولنا من دنس ونجاسة... أن نتحلّى بجرأة "قائد المِائة" في رفض ما يمنعنا عن المحبّة... مهما كانت المغريات وما أكثرها... أن نكون مؤثّرين في الآخرين وغير متأثِّرين بهم... وإلّا اخرجوا من وسطهم، إذا كان إيمانكم سيتزعزع، يقول الرّبّ.
 
"أنتم هيكل الله الحيّ، كما قال الله: إنّي سأسكن فيهم وأسير بينهم، وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا، يقول الربّ. ولا تمسّوا نجسًا فأقبلَكم، وأكونَ لكم أبًا، وأنتم تكونون لي بنين وبنات، يقول الرّبّ القادر على كلّ شيء" (2 كورنثوس 6 : 17-18).
 
في الزّواج والحبّ
الطريقةُ الكلاسيكيّةُ في طرح موضوع الحبّ هي، ببساطة، أن يسأل المرء: ما هو الحبّ؟ عالَجَ الموضوع عدد كبير من الفلاسفة اليونانيّين القدماء، من أهمّهم أفلاطون، وأيضاً علماء النفس. ولكن لم يقدّم أحدٌ منهم جواباً واضحاً. الحبُّ ليس فكرة ولا شيئًا ولا عاطفة ما ولا مشاعر جيّاشة. الحبّ شخصٌ والحريُّ بنا أن نسأل مَن هو الحبّ؟ الجوابُ يعطينا إيّاه الكتاب المقدَّس في عهدَيه القديم والجديد. الله خلق العالم لأنَّهُ الحبُّ وخلق الإنسان وميّزه إذ جعله على صورته ومثاله لأنَّهُ الحبُّ. أعطى الإنسان الحرّيّة ولم يتدخّل في قراراته لأنّه الحبّ.
 
سقط الإنسان وبدأ يؤدِّبه ويهيّئه ويعطيه فرصاً لأنَّهُ الحبّ. تجسَّدتِ الألوهةُ لأنّها الحبّ وبسط يسوع نفسه على الصليبِ لأنَّهُ الحبّ، وقام ليقيم معه البشريّةَ جمعاء لأنّه الحبّ. هذا إذاً هو الحبُّ.